المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناورة فكرية حول فلسفة العلوم (الحلقة الثالثة)



المرابط لخديم
16/04/2014, 03:00 PM
كتب الدكتور محمد لمين ولد عبد الله,

اشكر الاستاذ علي مجهوده الكبير في تبسيط هذه النظرية الجديدة بل والثورية في أصل اللغة
وهي مشقة لم يكن استاذنا ليتجشها لولا اهتمامه النبيل بتوصيل الجديد فيالمعرفة إلي عقولنا (الآسنة منذ عقود)، حسب وجهة نظره التي اشاطره فيها الي حد بعيد.

واعترف أنه وفق إلي حد بعيد في توضيح النظرية علي الأقل بالنسبة لي، وهو توضيح لم يكن الاستاذ ليوفق فيه لولا وضوح النظرية بالنسبة له.
فمعروف انه بقدرما ماتكون النظرية واضحة في ذهن الاستاذ، بقدرما يكونالاستاذ متمكنا من توضيحها للتلميذ. من هنا سأسحب اتهامي للأستاذ باعتماده علي طريقة (قطع-لصق)، واعترف بأنه كان تسرعا مني وتجاوزا في حقه.(علي الاقل فيما يخص استخدام نظرية العلامة محمد عنبر في تقصي أصل كلمة(حب
* * *
ولكنني وفي خضم الركاكة والرداءد والتهافت الذي يطبع انتاجنا الثقافي هذه الايام ، سأحتفظ بقاعدة(المتهم مذنب حتي تثبت براءته) المقلوبة، في انتظار أن يكف هؤلاء (المتثيقفون) عن تكرار المفاهيم النظرياتالعلمية، علي طريقة الببغاء، دون تأصيل لها في سياقها الفكري الفلسفي الذي ولدت وتوالدت في أحضانه!
وفي انتظار أن تحصل قطيعة حقيقة مع الاسلوب المحظريالقديم (كرر ، احفظ)الذي لم يعد قادرا علي مواكبة الكثافة النظرية للفكر الحديث،سأحتفظ بأسلوب التشكيك والتجريح ، بالنص والتصريح -وليس بالاشارة والتلميح -في قراءتي النقدية لكل ماتقع عليه يدي من كتابات ، حتي يكف ذوي العقول المحظرية المحدودة عن التطاول علي الفكر الانساني الوافد علي ثقافتنا المحدودة، وبدون استئذان ، في كثافة لا تعرف الحدود!
* * *

لعله، وحسب مالاحظت من الهوامش التي اعتمدها الأستاذ لا يمكن فهم نظرية العلامة عنبر في اللغة في اطارها المعرفي الفلسفي العام.
وكما يتضح منعنوان كتابه الشئ في ذاته ، يبدو ان للعلامة عنبر فلسفته الشمولية في المعرفة. واعتقد ان هذا هو اصل المشكلة : مشكلة الفلاسفة..
فهولاء لا يهمهم ان تتطابق نتائجهم الشمولية مع الواقع بقدر ما ما يهم ان تتناغم هذه النتائج مع نفسها داخل العقل في نسق فلسفي (عقلي) متناغم ومتناسق!
لذلك سنجد ان العلامة الفيلسوف(او الفيلسوف العلامة) يحاول جر اللغة جرا لتنسجم داخل نسقه الفلسفي المعرفي الشمولي، فلا تكون اللغة إلا ككل شئ : خاضعة للفلسفته الجدلية.
وهي فلسفة لم يأت العلامة فيها بالجديد فقد سبقه اليها (ايمانويل كانت) وأسس لها في الفكرالحديث ، من خلال كتابه المعروف (تناقضات العقل الخالص ) وظهرت في الترسندتا الهيغليه كما اعتمدها كارل ماركس في قراءة المجتمع والتاريخ!
ولست اظن عنبركان ليؤلف كتابه (الشئ في ذاته ) لو لم يقرأ المنطق اليوناني والفلسفة الكانتية ، رغم احتقاره كغيره من رواد الاصولية للفكر الغربي!
ومعروف أن هذا التيار بخطه(الحنبلي الاشعري الغزالي) ، كان دائما العدو اللدود للفلسفة والعقل،الداعي الي العمل الحرفي بالنص الديني . واهتمام الأصوليين المتأخرين ،مثلهم في ذلك مثل المتقدمين، لا يعدو كونه محاولة لتجاوز الفلسفة من خلال اثبات تهافتها من الداخل. أي أن تفلسفهم ليس بحثا عن الحقيقة بقدرما هو محاولة لاثبات نيتهم المبيتة باستحالة الوصول الي الحقيقة عن طريق العقل !
وهو مايجعلهم يسقطون في براثن الشكوكية واللاأدرية وبهذا لا يكمن ان يكون فهم للنصوص الدينية سوي فهما حرفيا ، لا يختلف عن فهم العامة في شئ!
فلماذا كل هذا التفلسف اذا؟؟؟؟؟
لقد مثل هؤلاء وطوالقرون ابشع مثال علي انتحار العقل الاسلامي الذي يرفض التصالح مع ذاته.
ان القارئ المتعن لكتابات السيد قطبيشعر طوال القراءة بأن الشيخ رحمه الله ، يحاول انيقيم حجة علي العقل البشري وليس المساهمة في تطويره، وقد وجد الشيخ فرصة مواتيةلذلك عندما ظهر كتاب (الانسان ذلك المجهول)...ليحقر ماشاء له التحقير المعرفةالبشرية ويكفرها ماشاء له التكفير!
ولست أدري لماذا نتجاهل اليوم حقيقة أنفكر السيد قطب هو الاساس النظري الذي يرتكز عليه الفكر السلفي التكفيري الذي أصبحنافجأة نتبرأ من أبنائنا الذي وقعوا في فخه ، لنفتح معهم الحوار من داخل السجون.......
* * *
من هنا أوجه دعوتي للاستاذ ، ان لا يترك هؤلاءالشكوكيون الظلاميون ، بأساليبهم الكلامية العتيقة، يوهمونه بوجود صراع بين العقلالبشري والوحي الالهي بدعوي أن هناك صراع سياسي بين الحضارة الاسلامية والحضارةالغربية باعتبارها مكمن ازدهار العقل، وأن يتذكر ((أن العقل هو أحسن الأشياء قسمةبين الناس...)
وأن يجد في نفسه الشجاعة الادبية لقراءة (كانت) من خلال مولفات(كانت) وليس من خلال مولفات العلامة (عنبر) لمجرد أن (عنبر) يحمللقب (علامة) وكانت يحمل لقب (فيلسوف....
أقول هذا لأنني أشتم رائحةالصراع الديني والإيديولوجي في كتابات الاستاذ ، وهو ما ينقص في قيمتها الفكرية،
وآخر مايحتاجه الدين الاسلامي هو وضعه في موقف دفاع امام الفكرالكوني ....

وآخر ما يحتاجه المسلم هو شرخ بين ايمانه وعقله.
فقراء هذه الايام لا يريدون ان تفرض عليهم الايدلوجيات فرضا، وانما يريدون الوصول الي الحقيقة بأنفسهم....
يتواصل ..... محمد الامين ولد عبد الله....


حق الرد:المرابط ولد محمد لخديم


ان اعتراضك على ما يدرس في المحاظر وأضف لها محراب الجامعات العربية وكونه يصب في بوتقة التبعية والتقليد بدون تعليل لما يدرس وموقفه من تحديات العصر ..فأنا معك في هذا ..ففقهاء الشناقطة الجدد يتوهمون أنهم مجرد وارث للشناقطة الأوائل،عليهم أن يستغلوا تركتهم في خلق ملذاتهم،فإذا ما جوبهوا بتحديات العصر لجئوا إلى المباهاة بالتراث المتمثلة في صياغة العقل الموريتاني الذي أصبح يعيش بعقل متأخر عن الركب الحضاري بعدة قرون ويعيش بجسم القرن الواحد والعشرون....

وإن كانت الأحكام والفتاوى الشرعية السابقة قد أدت دورا تاريخيا معينا، فقد تعداها مد العلم والثقافة، ومن الخطأ أن نظن أن أخبار السلف هدف ثقافي يقصد لذاته كمتعة عقلية، دون أن يكون وراء ذلك مشروع إنهاض، وخطة توعية من أجل صنع الحاضر، والتأثير في الأجيال القادمة.

حسب هؤلاء السلف أنهم كانوا أمثلة مسهمة في صنع عصرهم، وتوجيه معاصريهم، من خلال اهتمامهم بالوقائع والمستجدات، مما جعلهم يسعون إلى تكييف العلوم والمعارف مع مجتمعهم وحياة أناسهم، فسايروا بذلك مختلف الأحداث، مستجيبين للبيئة وخصوصياتها فردوا على أهم الإشكالات التي وردت عليهم فكانوا كلما استفتوا عن النوازل أفتوا وأفهموا وبينوا...

فالثقافة" التي نتشبع بها ليست مجموعة معلومات وأقوال، وإنما هي أنساق من النظم التي تحدد طريقة تفكيرنا، وتعاملنا مع كل ما حولنا.

ونحن إذا نفكر في أمور سياسية، واقتصادية، لا نفكر فيهافي أمور تمس حياتنا الثقافية فحسب، وإنما نفكر بواسطة حصيلتنا الثقافية وغناها وانفتاحها، وقبل ذلك الإطار العام الذي تشكلت فيه...

إن مما أضر بفهمنا لمسألة نسبة الصواب والخطأ في الأفكار، أننا كثيرا ما ننزع الرأي من إطاره البنيوي وبيئته الثقافية والاجتماعية، فيبدو وكأنه يستمد صوابه من ذاته وقدرته على الإقناع ، واقتناع الناس به.

وهذا حرمنا من فهم المرتكزات العميقة له، ومن فهم البرمجة الثقافية التي وفرها المجتمع لصاحبه. وجعله بالتالي أسيرا لها.

لكني لست أوافقك على أن كل فكر السيد قطب كان منصب على كتاب: الإنسان ذالك المجهول لكاتبه: ألكسيس كارل ....

وهذا الاتهام ليس بجديد فقد اتهم مثقفو الأصوليين سابقا بما يتهمون يه اليوم, بأنهم سذج، متأخرون وأغبياء، وذلك لاستمساكهم بالظاهر الحرفي للنصوص، علما بان وسائلهم في الدرس والتحليل والاستنتاج ومعالجة النصوص، تتفق وأفضل نتائج فلسفة اللغة التحليلية للمعاصرين في أوطانهم.

وإذا تتبعنا أصل هذه الكلمة فإننا نجدها في الديانات الأخرى وليست في الإسلام وحدهويختلف تعريفها من دين إلى آخر ففي حين يُعرفها متحرري اليهود من (الليبراليين) الكاثوليك السلفيين، والمسيحيين المطالبين باتخاذ آراء ليففر: بأنها تعصير الدين كي يتفق ومتطلبات العصر الحديث. يرى البعض الآخر أنها إحياء الدين بالرجوع إلى مصادره الأولى وهذا يمكن أن يحدث في سبيل أصولية عاقلة، تستند إلى الوحي أساسا لها، متفهمة مغزى الوحي والغاية منه، بهدف التكيف معه في العصر الحديث، أو في سبيل صحوة أصولية في مجال الأدب الملتزم، الذي يدور بالدرجة الأولى حول العودة إلى الكلمة وحدها، آخذا إياها مأخذ الجد ...

أما الاتجاه الأول، فيريد العودة إلى المصادر الأولى للعقيدة، دون التقيد بمنهجية محددة،

وأما الاتجاه الثاني، فيريد الاقتصار على النص الحرفي للمصادر، فالاتجاه الأول يريد التأويل أو التفسير الجديد للمصادر الأولى، وهذا عينه ما يرفضه الاتجاه الثاني رفضا قاطعا. هذان الضربان من الأصولية، موجودان في الإسلام على أن المصطلح (Fundamentalism)بالانجليزية ليس له مطابق في العربية لأنه مصطلح منحوت من أصل غربي لكي يطلق على ظاهرة (غربية)، وإذا عدنا إلى أصول الكلمة أدبيا فإننا نرى انه استعمل أول الأمر لتميز الأمريكيين البروتستانت في القرن 19 الذين أكدوا على عصمة الإنجيل خاصة في قصة الخلق حيث رفضوا النظرية "الفجة" التي تطورت عن نظرية دارويين في النشوء والارتقاء.

ونفس المفهومنجده عند القائلين من اليهود بالعصمة الحرفية المطلقة لتوراتهم ومنهم الحاخام شنيرزومس في نيويورك وقومه من يهود (بيت المقدس) التابعين لحركة لباويت الدينية).

إذا فوصفك لهذا الفكر أنه تكفيري وظلامي ففيه الكثير من التجوز..على الأقل إذا تعاملنا مع هذا بدون أحكام مسبقة...

إلا أنني رغم هذا كله فاني أشجعك على هذا النقد لأنه مظهر من مظاهر استيقاظ الوعي: أي وعي الوعي بذاته، وقدرته على تجاوز النماذج الشائعة، والعودة إلى الأصول والأهداف الكبرى في كل المسائل التي تحتاج إلى إعادة نظر.

ويعنى النقد كذلك أن الوعي مازال يحتفظ بطاقة التمنع على الاندماج في الموضوع، كما يعنى أنه متحرر إلى حدما من أسر البرمجة التي يهيئها الأعداء والعملاء والمنتفعون من وراء انتشار الفساد، وغياب موازين الحق والعدل. وأهمية النقد تكمن في أننا بشر نصيب ونخطئ، والجميع يعترف بذلك، لكن سلوكنا لا يترجم ذلك الاعتراف....

فالذين يمارسون النقد يلقون الكثير من المشكلات مما دفع جل الناس إلى إيثار الصمت، و تجاوزه بعضهم إلى تزيين الخطأ وتلميعه، مما جعل المشكلات تتراكم، وتفرخ، وتصبح أشبه بأوبئة مستوطنة....

إن كثيرا من الأخطاء والخطايا التي نقع فيها، ليس مصدرها الجهل، وإنما مصدرها الرغبة في تحقيق المصالح الخاصة، مما يعنى أن تكرارها هو المتوقع، نظرا لديمومة أسبابها. والذي يساعد على التخفيف من تكرارها، هو الاستمرار في نقدها بشتى الوسائل وشتى الطرق، فالأخطاء. لا تتبدى دائما للعيان، ولا تتلبس بلبوس واحد، مما يعنى ضرورة الاستمرار في كشفها ومواجهتها.

وإذا كانت كتاباتك ومداخلاتك حسب الطلب على غير العادة فأي نوع من الطلبات هذا؟

...يتواصل....