المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعب لا يشبه الشعوب



كاظم فنجان الحمامي
08/04/2015, 01:47 PM
شعب لا يشبه الشعوب

كاظم فنجان الحمامي

كنا خير أمة يوم كنا أمة واحدة. لكننا اليوم، وبعد تمزقنا وتشرذمنا وتفككنا وتنافرنا وتباعدنا، لم نعد مثلما كنا عليه في عصورنا الذهبية، ولم نحتفظ بمكانتنا الإنسانية السابقة. نحن شعب مزقته الطائفية، وأودت بصروحه الأخلاقية، وسقته الغمائم السود من أثداء الردى. نتأرجح بين من يقف مع هذا الطرف أو مع الطرف الآخر. نسينا أن الله أوصانا بالعدل والإحسان والإصلاح، ونسينا حكمة سيد الحكماء عندما أوصانا، بقوله: (من آمن بالله واليوم الأخر، فليقل خيراً أو يسكت).
نحن شعب لا نشبه شعوب الأرض، لا من حيث الظروف القاسية التي مرت بنا، ولا من حيث الويلات التي صبت حممها فوق رؤوسنا، ولا من حيث ماضينا المؤلم، ومستقبلنا المظلم. تحالف علينا الأعداء والأصدقاء، حتى صار من الصعب علينا التمييز بين ما يضرنا وما ينفعنا.
لا توجد دولة واحدة من الدول الست المحيطة بنا لم تتآمر علينا، ولم تحشر أنفها في شؤوننا الداخلية، فهي التي سخرت جهودها ووضعت ثقلها كله من أجل تدميرنا وتمزيقنا وبعثرتنا، وهي التي حرضت عصاباتها الإرهابية علينا، وهي التي وقفت ضدنا وناصبتنا العداء من دون سبب، حتى تحولت أرضنا إلى ساحة مفتوحة للصراعات والتنافرات والتصفيات الإقليمية. لا نعرف حتى الآن كيف ستستقر أحوالنا، ومتى نهنأ بالأمن والأمان أسوة ببقية الشعوب والأمم.
لا مكان في ديارنا لأصحاب الكفاءات، ولا لأصحاب المهارات، ولا لأصحاب الخبرات. ولا توجد فوارق كبيرة وواضحة في السلم الوظيفي بين مؤهلات الكبار وبين مؤهلات الصغار، حتى صار التهميش عنواناً واضحاً من عناوين الفرز القهري المتفق عليه في برامج المحاصصة الإدارية ضمن تقسيمات الإقطاع السياسي المتفشية في أروقة الدولة ومفاصلها المحورية.
كنا نحلم بالتغيير الذي نسمع به من وقت لآخر في مواسم الانتخابات، وكنا نتغنى بالوعود التي ضربتها لنا الأحزاب والمنظمات السياسية، لكننا اعتدنا على تلقي اللدغات نفسها من الجحور الغارقة في تطبيقات التضليل والتسويق الإعلامي المزيف، وربما كانت عبارة (الضحك على الذقون) هي العبارة المثبتة في أجندات الأحزاب التي تعاملت معنا بجفاء، من دون أن تخطو خطوة واحدة نحو التغيير.
نتعامل كل يوم مع مفردات النفاق السياسي، فالأقطار التي تتباكى علينا اليوم، هي الأقطار التي تآمرت علينا بالأمس، وهي التي تفكر الآن بكيفية الانتقام منا في المستقبل، والسياسيون المتظاهرون بالتقوى متهمون دائماً بسرقتنا، وربما تورطوا قبل غيرهم بنهب أموالنا، والتفريط بحقوقنا المسلوبة.
في بلادي لا أمل للفقراء ولا للمسحوقين والمقهورين، بينما يتربع الحرامية في أعلى المراتب الفوقية. فهم المرحب بهم، وهم الذين يتصدرون طليعة القوم في المجالس والمؤتمرات. ولهم مكانة مرموقة في مجتمعنا الذي لا يشبه المجتمعات.
والله يستر من الجايات