المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وكنت أنت واقفاً !



أحمد الأقطش
29/05/2007, 06:02 AM
فوق سلمك الحديدي تقف ، لتغوص عيناك في الكتاب الذي سحبته للتوّ .
ــ الغدا يا بابا !
عبارة اعتدت سماعها كل يوم ، وهي اعتادت لا مبالاتك .
أن تتصفح كتاباً وأنت واقف على السلم فهذا ليس غريباً ، أما أن تقوم بقراءته وأنت هكذا فهو ما يزعج زوجتك دائماً .
ــ الغدا يا بابا !
زوجتك ــ التي تحبها جداً ــ لم تكن تعلم أنك مثقف إلى هذا الحد ؛ فحينما أخبرتها في آخر مقابلة قبل الزواج أن لديك مكتبة ، لم تتصور أبداً كمّ الكتب التي يعج بها عالمك الفوضوي ! إضافة إلى ذلك السلم الحديدي الذي لم تنتبه إلى وقوفك عليه في بادئ الأمر .
الأمر لم يكن هكذا تماماً ، فهي اعتادت ــ في مقابل الامتناع عن انتقادك ــ أن تقرأ المجلات التي تحضرها لها . هي تعلم أنها في الحقيقة لم تكن تقرأ ، فقط كانت تشاهد الصور .
ــ الغدا يا بابا !
محاولاتك المستمرة لإسكاتها غير مجدية ، بالرغم من أنها تكلفك الكثير . السينما ؟ لا ، هذا أمر بسيط . لكن أن تأخذها هي وابنتكما كل جمعة في رحلة ، ثم تتناولان العشاء في أحد المطاعم الفخمة كل يومين تقريباً ، ثم تدعو أهلها كثيراً على الغداء .. وبعد كل هذا يظلّ انتقادها لك متواصلاً ، فذلك شيء يدعو إلى الضيق بالفعل !
الجميع يعرف أنك تعذرها ، وأنك لم تنتقدها يوماً ما . لكن الأسبوع الذي قضيته في الإسكندرية جعلك تعرف مذاق الحياة دون صياحها المعتاد وانتقاداتها المزعجة . حينها استعدتَ نشاطك القديم ، وعاودت الكتابة مرة أخرى .
هكذا يستغرقك الأمر دائماً فتشرد ، وتظل ممسكاً بالكتاب لفترة طويلة دون أن تقلب الصفحة . تضحك ؟ لا عجب ألا تتذكر مما قرأت إلا عدة عبارات متفرقة !
ــ الغدا يا بابا !
تلقي بنظرة خلفك ، فتتذكر ساعة الحائط التي كسرتها زوجتك . منذ ذلك الحين لم تعد تعرف قيمة الوقت . لا شك أنك تعذرها فيما فعلت ، فقد كانت حالتها تسمح بأكثر من ذلك ! يومها كانت عند والدها وكان عليك أن تذهب لإحضارها .
ــ ح استناك .
كررت لك هذه العبارة كثيراً قبل أن تغلق الباب وراءها ، وكنت أنت واقفاً .. على سلمك الحديدي هذا . كم من الوقت مرّ قبل أن تجدها واقفة أمامك في الحجرة ؟ لست تدري !
ــ إيه يا أستاذ ، أفضل مستنياك ده كله ؟ وأنا أقول معلش ، يمكن المواصلات أخرته . وسعادتك مش في بالك أصلاً . لاطعني هناك وعمّال تقرا في الزفت ده !!
ــ سهيت والله يا حبيــ ...
ــ سهيت ؟ والساعة اللي متعلقة دي إيه لازمتها ؟ إذا كانت متعلقة وبتدق كل ساعة وإنت مش هنا خالص ، فأحسن إنها تتكسر وتترمى في الزبالة !
ووسط اضطرابك الذي سيطر عليك ، اندفعَت تحطم الساعة بكعب حذائها !
لا أعرف كيف استطعت ــ بالرغم من لا مبالاتك ــ أن تطلقها ! نعم إن هذا مؤلم بالنسبة لك ، ولم تستطع أن تتخلص من هذه الذكرى أبداً . أنت تحبها كثيراً ، ومع ذلك صرخت في وجهها لأول مرة ، ثم تركت لها المنزل وانصرفت .
بيدك المرتعشة وأنت تفتح الباب أرسلت نظراتك الفزعة . كانت في صدرك رغبة شديدة في أن تفتح الباب فتجدها لا زالت في المنزل ، لكنها كانت قد رحلت يومها .
ــ الغدا يا بابا !
الآن .. وبعد مرور كل هذه السنوات على رحيلها ، لا زلت تعيش لا مبالاتك ، ولا زلت تبتاع كتباً ، ولا زلت تقرأ وأنت واقف على سلمك الحديدي ، غير مبالٍ بصياح ابنتك المتكرر . فقط .. تنظر إلى صورة زفافكما التي وجدتها في قلب ذلك الكتاب !

زاهية بنت البحر
29/05/2007, 01:57 PM
بارك الله بك أخي المكرم أحمد .رصدت حالة واقعية للكثيرين من الناس الذين تسرقهم أعمالهم أو هواياتهم من حياتهم الخاصة، فينسون أنفسهم ومن حولهم ،حتى الأصوات التي تصل آذانهم لاتتفاعل مع أحاسيسهم في غالب الأحيان ،فتكون نهايتهم اجترار الندم ألمًا على مافرطوا في حقوق غيرهم وأنفسهم ولكن في وقت لاينفع فيه الندم ، ومنهم والله من لايشعر بشيء حتى النهاية ويموت وهو يمارس هوايته التي تعود عليها كتابة أو تمثيلا أو رياضة أو أي عملٍ آخر..أخشى أن يكون هذا النت يشكل جانبًا آخر من السلم الحديدي وهنا الطامة الكبرى لتورط الكثيرين فيه ..حماك الله مبدعًا شاعرًا وقاصًا مبدعا..
أختك
بنت البحر

ريمه الخاني
29/05/2007, 03:06 PM
نعم انها تمت بصله ما لقصتي
حالة خاصة
اتمنى ان تمر بها....
قصة واقعية تماما...
تسرقنا احلامنا وهواياتنا من امور هي اولى ان نعتني بها....
تحية وتقدير لقلمك
( واهمس في اذنك لاتكثر من العامية)

أحمد الأقطش
29/05/2007, 03:06 PM
بارك الله بك أخي المكرم أحمد .رصدت حالة واقعية للكثيرين من الناس الذين تسرقهم أعمالهم أو هواياتهم من حياتهم الخاصة، فينسون أنفسهم ومن حولهم ،حتى الأصوات التي تصل آذانهم لاتتفاعل مع أحاسيسهم في غالب الأحيان ،فتكون نهايتهم اجترار الندم ألمًا على مافرطوا في حقوق غيرهم وأنفسهم ولكن في وقت لاينفع فيه الندم ، ومنهم والله من لايشعر بشيء حتى النهاية ويموت وهو يمارس هوايته التي تعود عليها كتابة أو تمثيلا أو رياضة أو أي عملٍ آخر..أخشى أن يكون هذا النت يشكل جانبًا آخر من السلم الحديدي وهنا الطامة الكبرى لتورط الكثيرين فيه ..حماك الله مبدعًا شاعرًا وقاصًا مبدعا..
أختك
بنت البحر

سيدتي الزاهية الرقيقة ،
سعدت بمرورك واهتمامك ، فهذه هي أول قصة أنشرها هنا.
وتعليقك الثاقب سيدتي أضاف لي الكثير ، فأرجو أن أكون قد وفقت في اقتناص هذه الحالة ..
فلك مني كل الإكبار والمودة وحماك الله زاهيةً متألقة :fl:

أحمد الأقطش
29/05/2007, 03:23 PM
نعم انها تمت بصله ما لقصتي
حالة خاصة
اتمنى ان تمر بها....
قصة واقعية تماما...
تسرقنا احلامنا وهواياتنا من امور هي اولى ان نعتني بها....
تحية وتقدير لقلمك
( واهمس في اذنك لاتكثر من العامية)

سيدتي العزيزة ريما ،
حقاً .. لمست بنفسي أوجه التشابه العجيبة بين قصّـتينا بعد قراءة (حالة خاصة) : فبغض النظر عن الفكرة المركزية للنص ، والتي اختلف خطها الدرامي في كلا النصّـين ، تتواجد نفس الشخوص الثلاثة !
أشكرك على مرورك وعلى هذه اللفتة الطيبة ..
وأذني كلها ملكك يا سيدتي فاهمسي كما تشائين :)

ريمه الخاني
29/05/2007, 03:27 PM
اشكرك جدا جدا
لاطرائك الذي اتمنى ان استحقه
سعيدة بقرائتك

ابراهيم عبد المعطى داود
29/05/2007, 10:56 PM
المبدع / أحمد الأقطش
مرحبا بك أخى العزيز 000ومرحبا بنصك البديع الجميل الذى حرك مشاعرنا ومس أوتار قلوبنا
فكلنا عشنا للقراءه والكتاب 000وكلنا نظر أولادنا نفس نظرة الطفله الصغيره ( الغدا يابابا )
فنرجوا من فلزات أكبادنا 00وقواريرنا أن يتحملونا 000
لل خالص مودتى
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

أحمد الأقطش
30/05/2007, 01:55 AM
المبدع / أحمد الأقطش
مرحبا بك أخى العزيز 000ومرحبا بنصك البديع الجميل الذى حرك مشاعرنا ومس أوتار قلوبنا
فكلنا عشنا للقراءه والكتاب 000وكلنا نظر أولادنا نفس نظرة الطفله الصغيره ( الغدا يابابا )
فنرجوا من فلزات أكبادنا 00وقواريرنا أن يتحملونا 000
لل خالص مودتى
ابراهيم عبد المعطى ابراهيم

سيدي الفاضل إبراهيم ،،
سلمك الله ، وكم أسعدني مرورك وقراءتك لنصي المتواضع
فلك مني كل مودة وتقدير ، وأرجو أن أكون نزيلاً خفيفاً عليكم

عبد الفتاح غنيم
30/05/2007, 10:30 PM
][®][^][®][اخى العزيز احمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انت مبدع0 كلماتك رسمت صوره واضحة المعالم هى صوره واحده ولكنها مليئه بالصراع الداخلى
ورغم ان المنظر واحد الا ان فيه الكثير من الحركه
واسمح لى بهذا التساؤل 00هل اشباع الهوايه يستحق بان نضحى بمن نحب؟
فى انتظار المزيد من ابداعاتك تحياتى][®][^][®][

أحمد الأقطش
31/05/2007, 02:05 PM
][®][^][®][اخى العزيز احمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انت مبدع0 كلماتك رسمت صوره واضحة المعالم هى صوره واحده ولكنها مليئه بالصراع الداخلى
ورغم ان المنظر واحد الا ان فيه الكثير من الحركه
واسمح لى بهذا التساؤل 00هل اشباع الهوايه يستحق بان نضحى بمن نحب؟
فى انتظار المزيد من ابداعاتك تحياتى][®][^][®][

سعدت بمرورك الكريم سيدي عبد الفتاح
وتساؤلك معضل ، وهذا هو مشكلة هذا النص . وهي نفس الحيرة التي تعترينا فننقسم ما بيننا وبين أنفسنا .. دون الوصول إلى إجابة قاطعة .

مودتي الخالصة وامتناني العميق

محمد فؤاد منصور
15/06/2007, 12:30 AM
الأخ الأستاذ أحمد
لاأكتمك سراً حين أقول إن هذه القصة قد أستوقفتنى منذ اللحظة الأولى وكنت أرغب أن أعلق عليها ولكننى كنت دائماً أؤجل التعليق لوقت آخر أكون فيه فى حالة ذهنية تسمح بأن أعبر عما جاش بصدرى حين قرأتها.
القصة تعتمد أسلوب المونولوج الداخلى أو تيار الوعى وهو مايسمح للكاتب بأن يعبر عن دخيلة نفسه بصدق ولهذا جاء النص مشحوناً بشجن جميل يمس أوتار القلب وقد أضافت المحطات القاطعة للتيار من خلال دعوة الأبنة المتكررة للعمل مذاقاً خاصاً .
قصة تعتبر نموذج جميل للقص الذى يشد القارئ حتى النهاية وقد أضافت اللغة الدارجة إلى العمل لوناً من الصدق الذى قد لاتقوم به الفصحى فى هذا المقام.
أهنئك ولك تحياتى.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

أحمد الأقطش
25/06/2007, 05:37 PM
سيدي العزيز صاحب القلم الرشيق د. محمد فؤاد منصور

كم أسعدني مرورك وقراءتك لقصتي المتواضعة ، فلك مني خالص الامتنان

وتقبل مودتي وتقديري :fl:

عبد العزيز غوردو
05/07/2007, 05:02 PM
أخي أحمد، اسمح لي أن أهمس في أذنك... وليبق حديث الليل سرا بيننا:

كلنا نقف على ذات السلم الحديدي، لم نترجل عنه بعد...

رصدتَ قصتك... فرصدتني معها...

أهنئك على الإبداع المتميز... ولا تحرمنا الجديد

معتصم الحارث الضوّي
05/07/2007, 07:34 PM
قراءة متعمقة لصراع الإدمان على القراءة مع الزواج . حالة يعيشها الكثيرون ، كان الله في عونهم .

دام قلمك المبدع الأنيق

أحمد الأقطش
01/08/2007, 11:28 PM
أخي أحمد، اسمح لي أن أهمس في أذنك... وليبق حديث الليل سرا بيننا:

كلنا نقف على ذات السلم الحديدي، لم نترجل عنه بعد...

رصدتَ قصتك... فرصدتني معها...

أهنئك على الإبداع المتميز... ولا تحرمنا الجديدـــ
سيدي المبدع العزيز عبد العزيز

أسعدني مرورك وتعليقك، فكم تتحول فينا الحالة إلى واقع أبدي!

لكل منا سلمه الحديدي الذي يسرق منه عمره وأحلامه

دام فضلك يا سيدي ولك كل التحية :fl:

عبد الحميد الغرباوي
02/08/2007, 12:14 AM
العزيز أحمد،
أو تعلم أني قرأت نصك الإبداعي هذا أكثر من مرة؟..و في كل مرة أجذب ذاتي خارج النص و بصعوبة يظل صوت الصغيرة المتكرر يتردد في قلبي " الغدا يا بابا"..
و أقول همسا:"كلنا ذاك الرجل أخي أحمد"...
و تستفزني الكتابة لأضع تعليقا، لكن لحظة الفعل، أجدني عاجزا عن خط و لو عبارة صغيرة..فأؤجل الكتابة...هكذا تفعل في بعض النصوص القوية، الناضجة فنا و فكرا و تجربة طبعا...
و الله أخي مللت حد القرف تلك القصص التي تتناول العلاقة بين الرجل و المرأة من منظور يكاد يكون مراهقا ، غير ناضج..و التي تطرح صراعا أو شكا منطلقه أسباب تافهة، واهية لا مبررا واقعيا لحدوثها..
و كما ترى، أظن أني نجحت أخيرا في أن أكتب شيئا، عسى أن أكون ضيفا خفيفا على قاص و قصة في منتهى الجمال...
مودتي

بديعة بنمراح
04/08/2007, 02:25 AM
الأخ المبدع أحمد
أتفق مع الصديق المبدع عبد الحميد ، إن الحياة الزوجية إذا كانت مبنية على المحبة و الثقة و التفاهم ، لا يمكن أن تنهار بسبب مشكل تافه .
و القراءة أخي المبدع أحمد هواية رائعة ، و إدمان ممتع ومفيد ، و الزوجة ، إذا كانت تقدر هذا و تحسه ، لا يمكن إلا ان تشجع زوجها ، و تقف بجانبه .
نفس الشيء طبعا بالنسبة للزوج.
قصة جميلة . أسجل إعجابي.

أحمد الأقطش
29/09/2007, 04:45 AM
العزيز أحمد،
أو تعلم أني قرأت نصك الإبداعي هذا أكثر من مرة؟..و في كل مرة أجذب ذاتي خارج النص و بصعوبة يظل صوت الصغيرة المتكرر يتردد في قلبي " الغدا يا بابا"..
و أقول همسا:"كلنا ذاك الرجل أخي أحمد"...
و تستفزني الكتابة لأضع تعليقا، لكن لحظة الفعل، أجدني عاجزا عن خط و لو عبارة صغيرة..فأؤجل الكتابة...هكذا تفعل في بعض النصوص القوية، الناضجة فنا و فكرا و تجربة طبعا...
و الله أخي مللت حد القرف تلك القصص التي تتناول العلاقة بين الرجل و المرأة من منظور يكاد يكون مراهقا ، غير ناضج..و التي تطرح صراعا أو شكا منطلقه أسباب تافهة، واهية لا مبررا واقعيا لحدوثها..
و كما ترى، أظن أني نجحت أخيرا في أن أكتب شيئا، عسى أن أكون ضيفا خفيفا على قاص و قصة في منتهى الجمال...
مودتيــ
سيدي الفاضل الأستاذ
عبد الحميد الغرباوي
شهادتك وسام أعتز به ..
وهي مرتبة أرجو أن أكون أهلاً لها
فلك خالص تقديري واعتزازي