المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أميــــــــــــــركــــــــــا .... الرجـــل المــريـض (2)



NAJJAR
04/06/2007, 01:32 PM
أميــركـا... الرجــل المريـــض (2)
عندما قاربت نجم الأمة التركية من الأفول، أطلق عليها الغرب الحاقد وصف الرجل المريض، وها هي الأيام تدور
إنه رجل مريضٌ للغاية، لا يكاد يخطو خطوة واحدة دون أن ينكفئ على وجهه، ليس هناك من طبيبٍ نافعٍ ولا دواءٍ دافع. يعيش فى أوهام الخلود، وهو قاب قوسين أو أدنى من مفارقة الوجود. والكل ينتظر رحيله، وهو لا يزال يمنى نفسه بعالمٍ جديد، يؤتى فيه صحةً من حديد. لكن عظامه المتهالكة قد نخر فيها السوس، ولم يتبق له من دنياه سوى انتظار النهاية، والكل يرجوا له موتاً هادئاً سريعاً، وجنازةٍ عابرة لا يذكرها التاريخ. وكيف لا وقد ارتكب فى صباه كل حماقات التاريخ، ودنس العالم بكل أنواع القذارة، وقد آن للعالم أن يغتسل، ويستقبل أطفاله عالمهم الجديد، ولا عزاء فى الرجل المريض.
الزيت والنار...يشعلان حروب الدولار:
إنه مهندس السياسة الأميركية خلال(1969:1977) ،
ذلك الجرماني الأصـل هنـري كيسـنجر Henry
Kissinger ، الذى رسم لها البنـية التحتية وخـط
لها آفاق التطور وحدود المخـاطرة. هو صــاحب
نظرية هيمنة الدولار الأميركي Dollar Hegemony والذي
تمكن تحت وحشيـة التهـديدات التى اتخـذت كافة
الأشكال المباشرة وغير المباشرة، أن يرغم أهم دول
النفط فى العالم أن تتقاضى عائدات النفط بالدولار الأميركي وهو ما أنقذ الاقتصاد الأميركي من الانهيار التام بعد خسائر حرب فيتنام المذلة والتي تفاقمت آثارها مع بداية السبعينات. حيث أدت تكاليف حرب فيتنام إلى وقوع أميركا فى هاوية المديونية التى لم تخرج منها حتى اليوم، وعجزت عن إن تحافظ على الغطاء الذهبي للدولار مما دفك الرئيس الأميركي نيكسون إلى فض هذه العلاقة سنة 1971.

ومنذ ذلك اليوم والدولار الأميركي هو من قبيل ال Fiat Money أو ما يعرف بالنقود الورقية غير المغطاة. وهى نقود لا توجد لها ضمانات،وبعد أن كان صاحب الدولار يمكنه أن يبدله فى اى وقت بالذهب، أصبح لا يمكنه أن يفعل ذلك وكتب على الدولار "نحن نثق فى الرب In God we trust" فى تلاعب واضح بدلاً من كلمة الذهب "Gold" ، وما المشكلة إلا فى حذف حرف " L" الذى غير التاريخ. ومنذ ذلك اليوم، وأميركا تستغل العالم بإصدارها أوراقاً مقابل السلع والخدمات.

ومن المثير فى هذه القضية أن الفيدرالية الأميركية قد امتنعت منذ مارس 2006 عن نشر أية معلومات أو إحصاءات تخص إصدار العملة الدولارية المغبونة وهو ما يؤكد أن بوادر البركان قد بدأت تظهر وأن انفجاره سيكون مدوياً وسيخسر كل من يدخر أمواله بالدولار الأميركي كل ثروته فى لحظات، وسيشبه ذلك المارك الألماني بعيد الحرب العالمية الثانية حين اضطرت الحكومة إلى إصدار مارك جديد يساوى مليون مارك قديم وهو ما ضاعت بسببه ثروات الكثيرين دون سابق إنذار. وهناك إسلاميون وسطيون اليوم يؤكدون بعدم شرعية التعامل بالدولار خاصة فيما يتعلق بأداء الزكاة. وهو ما يهدد الوجود الكامل للدولار فى 57 دولة إسلامية على الأقل.

الدولار هو السبب الحقيقي لحرب العراق الكبرى!!
إن أكبر ما تعانى به الفيدرالية الأميركية من كوابيس، هو تحول رابطة الأوبك OPEC عن التعامل بالدولار الأميركي إلى عملة أخرى مثل اليورو، أو اى عملة ذهبية ولا سيما مشروع الدينار الذهبي الإسلاميIslamic Golden Diner، والذي نادت به ماليزيا ويحلم به الاقتصاديون المسلمون. ولقد قامت حرب العراق الثانية أساساً من أجل منع بقية دول الأوبك من أن تحذوا حذو العراق فى التغير من الاعتماد على الدولار إلى الاعتماد على اليورو، وذلك فى نوفمبر سنة 2000 وكان اليورو ساعتها يساوى 82 سنتاً فقط. ولقد تدنى الدولار أمام اليورو فى 2002 بنسبة 17% واليوم فإن اليورو يساوى دولارا وخمسي الدولار تقريباً (Euro = 1.36575 US Dollar)

الدولار هو السبب الحقيقي للتهديد الأميركي لإيران!!
قررت إيران أن تبيع بترولها فى بورصة خاصة فى جزيرة " كِـيش Kish " فيما أسمته Iranian Oil Bourse (IOB) وهو ما طار صواب أميركا منه.وما زاد الأمر خطورة على مستقبل العجلة الدافعة للتطرف الأميركي هو إبداء كل من الصين والهند (نصف العالم السكاني تقريباً) رغبتهما فى التفاوض المستقبلي مع البورصة الإيرانية للنفط (IOB)وفى الواقع فإن 45% من تجارة إيران تقع فى منطقة اليورو، فضلاً عن أن ثلث النفط الإيراني كذلك اليورو. كما أنه للدواعي الاقتصادية حيث تتفادى إيران التقلبات فى الأسعار الناتجة عن استخدام الدولار كوسيط للتبادل.

وهناك أيضا بائعون أسداسيون للنفط يفكرون فى التحول إلى اليورو، وعلى رأسهم روسيا وفنزويلا شافيز الغاضبة جداً من الثور الأميركي الهائج وسياسة رعاة البقر التى تتعامل بها مع دول العالم النامي. ومن الجدير بالذكر أن أحد الوزراء الفرنسيين كان قد نادى بدور أكبر اليورو فى اقتصاديات البترول، كما كانت فرنسا من أهم المعارضين للهمجية الأميركية التوشية، واعتبرتها أميركا حينها طعنة فى الظهر من حليف قديم، غير أن للمصالح الاقتصادية كلام آخر.

وفى ظل موقف كهذا فإن السياسة الإيرانية التى تتسم بالحذق والذكاء حتى الآن قد وضعت الإدارة الأميركية المترهلة فى مأزق تاريخي، سوف يجبر أميركا على التفكير ألف مرة قبل الدخول فى حرب ستكون أولى نتائجها السقوط المدوي للدولار الأميركي فضلاً عن الأعباء المالية الضخمة التى لا يتحملها اقتصاد مدين بما يقرب من خمسين تريليوناً فى منتصف هذا العام. كما أنه لا يتوقع أن تحصل أميركا على الدعم المادي والمعنوي الذى تحقق لها فى حربها على العراق، حيث تولدت لدى الأوربيين دوافع مضادة للسياسات الأميركية وأصبح هناك حساسية لدى البريطانيين بالذات تجاه التبعية المفرطة لأميركا ونتائجها. وأميركا الجريحة فى أفغانستان والدامية فى العراق، سوف تعانى من العزلة إذا ما تهورت هذه المرة. بيد أن مشكلة إيران أياً كانت تداعياتها، فهي إذا لم تسرع من خطى أميركا نحو الانهيار الإقتصادى، فإن تفادى نشوب هذه الحرب أيضاً لن يتيح لأميركا أن تتفادى السقوط، وقد بدأت تتأرجح فوق فوهة البركان.
.[/COLOR][/B][/B][/B][/CENTER][/B]