المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صور الفضائيات تشكل حياة العرب: تديّن اكثر واباحية اكبر!



غالب ياسين
02/07/2007, 08:51 PM
التطرق إلي مسألة الصورة في الحياة اليومية هو موضوع مثير ومشوق مثل إثارة وتشويق الصور المرسلة من قبل الفضائيات المرئية، والإثارة ليست فقط جسدية بل فكرية والتشويق ليس فقط عاطفيا بل وأيضا روحيا، فنحن نعلم أنه خلال عشر سنوات الأخيرة شهد المشهد الإعلامي العربي ثورة كبيرة في مستوي عدد القنوات التلفزية الخاصة وكمية البرامج الترفيهية والتثقيفية المعروضة فيها وكذلك تنامي حجم الاستثمار المدفوع عليها وهذا كله كان علي حساب القنوات الإعلامية الرسمية وأدي إلي كسر الاحتكار المضروب علي حرية التعبير من طرف الأنظمة السياسية مما أشاع جوا من السهولة في نقل المعلومة واليسر في التواصل بين كافة أرجاء الوطن العربي علي نحو غير مسبوق بحيث صارت الحقيقة أمرا يصعب إخفائه علي أحد وصار الحدث التاريخي الراهن معروضا علي طاولة الشاشات للتحليل والتشريح، وفي كل هذا لعبت الصورة دورا مركزيا، فهي العين الثالثة القادرة علي الالتقاط والتصوير من قلب الأحداث والنقل علي الهواء ومباشرة ولكن ورغم كل هذا المنظر الجميل يبرز إشكال حول مهمة الفضائيات العربية ومصدر تمويلها ومن يتحكم فيها ويكتشف الفكر الحاذق التباسا حول حقيقة الصورة التي ترسلها إلي العالم وتبثها للمشاهدين وسبب الالتباس هو مضمون المادة المعروضة والأهداف المضمرة والغايات المخفية من هذه الصور، فهل جعلت كما أريد لها المشرفون عليها والمبرمجون أم أنها حققت غايات غير منتظرة وأثرت في أفعال الناس بطريقة غير متوقعة وغير محتسبة؟ ولكن بادئ ذي بدء ماهي الرسالة الخاصة بالفضائيات العربية؟ أو لنقل هل كانت لها رسالة محددة عندما وقع إنشاؤها أم أنها نشأت لسد الفراغ وتحقيق الحاجة دون تنظير وتأطير؟ ثم أليست الصور التي تعرضها علي النظارة هي بمثابة رؤي للتواجد في العالم ؟ ألا يتراوح وجود هذه الصور نفسها بين التقليد والتجديد وبين الاستنساخ والمحاكاة من جهة والابتكار والإنشاء من جهة أخري؟ كيف ينبغي أن ينظر إلي الصورة؟ هل هي فرصة للانتشاء بالجمال والتمتع بالحياة والإحساس بالسعادة أم أنها تصدير للموت وتكريس للعجز والانحطاط وتصدير للأوهام والسموم؟ هل نذمها أم نمدحها ؟ ماهي تأثيراتها علي الحياة اليومية؟ وكيف نحد من مخاطرها إن كانت لها تأثيرات سلبية وكنا لا نقدر علي الاستغناء عنها؟
ينبغي تفادي النظر إلي الصور بعيون باهتة محملقة متقبلة والعمل علي التسلح بالنظارة النقدية التي تتمثل مهمتها في الفرز والتقويم والتشخيص حتي يتسني لنا التمييز بين الأباطيل والحقائق وبين العلمي والإيديولوجي وبين الذاتي والموضوعي.

وعظ ومسابقات!

حسب شاكر عبدالحميد في كتابه عالم الصورة فان كثيرا مما تقدمه القنوات الفضائية العربية الغنائية أشبه بالمحاكاة السطحية لقنوات عالمية... يعتمد علي الإبهار البصري علي رغم فجاجة الكلمات وسطحيتها .
إن الدور المتنامي للفضائيات في الساحة العربية جاء في الحقيقة ليلبي أفق انتظار يخص المجتمعات الفتية وبالخصوص الطبقات الناشئة الكثيرة العدد خاصة في ظل الانفجار الديمغرافي المشهود وتراجع دور المؤسسة التربوية وتفشي الأمية وتغييب النخب المثقفة من الحراك الاجتماعي وقد أصبح بالنسبة لأي عربي أن يطلع ويتفرج وينمي معارفه ويشاهد مقالات الصحف وآخر الأخبار الثقافية وما تعرضه دور المسرح والسينما بمجرد أن يشتري لاقطا هوائيا وأن يضغط علي زر من الأزرار التابعة لتلفزته فيتجول في العالم بأسره ويقابل العديد من المفكرين دون أن يبذل أي جهد ودون أن يلاقيهم في الواقع، ثم إن هذه الفضائيات تتدخل في أدق تفاصيل حياته وتحدد له أكله وملبسه وشكل بيته ولون سيارته ونوع شريك حياته وتكون سبب بهجته ومسرته ونجاحه وسبب فشله وبؤسه. انه لأمر محير فعلا أن نحكم علي أي قناة فضائية بمثل هذا المعيار المزدوج وأن نظل في حالة من الاندهاش والذهول أمام هذا الكم الهائل من الصور والرموز التي يتم ضخها وإرسالها يوميا دون أن يكون لنا الوقت الكافي لفرزها وانتقائها ومن ثمة الحكم عليها، إن أشد أنواع الفكر تصميما ليبقي حسيرا فما بالك بالفكر الضعيف لدي عامة الناس المتأثر المنبهر علي الدوام، ألا تري أنه يساق إلي حيث لا يدري؟ وألا تؤثر فيه هذه الصور كما لم يؤثر فيه أي أحد من قبل؟
لاشك أن فريقا أول يري في الفضائيات العربية مصدر انتشار النزعة الإيمانية نظرا لتكاثر البرامج الدينية فيها وظهور نمط من الدعاة والوعاظ الجدد الذين تخلوا عن العمامة وعن اللغة العربية الفصحي وعوضوها بالبدلة واللهجة الدارجة وأن فريق ثانيا يري أن القنوات الغنائية وتلفزات الواقع هي سبب موجة التفسخ الأخلاقي وتكاثر موجة التقليد للغرب بسبب مسابقات ستار أكاديمي التي تحث علي الاختلاط وتشجع علي الموضة والاستهلاك والاعتناء بجمال الجسد والطبخ والرياضة.
فكيف تكون الصورة هي هذا الرقم السري الذي إما أن يؤدي إلي الإيمان والالتزام أو يؤدي إلي المجون والتفسخ؟ وهل من المشروع أن نتحدث عن صنمية الصورة بوصفها صورة سلفية؟
تنقسم الفضائيات إلي ثلاثة أنماط:
فضائيات تركز علي إرضاء القلب وطمأنة الوجدان وهي الفضائيات الدينية وهي كثيرة ومعظم تمويلها متأت من الأنظمة التقليدية التي تحصر الثقافة في إعادة إنتاج الرموز الروحية المتوارثة (إقرأ الكوثر ) .
فضائيات تركز علي تهييج الغرائز وإثارة المشاعر وهي الفضائيات الغنائية وهي كثيرة ومعظم تمويلها متأت من القطاع الخاص ومن الأنظمة التحديثية التي تتبني سياسة خارجية هادئة و تحصر الثقافة في مهادنة الدول الكبري وإعادة إنتاج ثقافتها الغربية المهيمنة (روتانا/دريم).
فضائيات تركز علي تنمية الوعي وتهذيب الذوق وهي الفضائيات النقدية وهي قليلة العدد إن لم نقل نادرة وقد يقتصر بثها في بعض الأحيان لمدة قصيرة وهي من تمويل خاص وبمجهودات فردية وتحاول كسر المحظور وتجاوز الموجود بتعرية الواقع وكشف أوضاعه المأساوية وبناء المنشود (الجزيرة/المنار).

متساوون في الخراب!

تحدث البعض عن صنمية الصورة لكونها تمارس لعبة الإغواء والعنف والترهيب والترغيب ولأنها اخترقت الحياة الإنسانية بشكل لا يمكن إيقافه، فجعلت عالم السلع والأزياء والعلامات والملتيميديا يتحكم في عالم الثقافة والاقتصاد والسياسة.أليست الصورة هي البضاعة والتسويق والاستهلاك والمجتمع ذو البعد الواحد والتنميط المهيمن علي كل شيء في المجتمع؟ ألم ينتج الإنسان هذه الأشياء وهاهو خاضع الآن لسلطتها وأصبح هو نفسه شيئا أو شبيها بالسلع والعلامات والصور التي أنتجها؟
لقد أوقعت الصورة الإنسان في الاغتراب عندما أصبح مجرد آلة راغبة تسيطر الدعاية والومضات الاشهارية علي إدراكه وتفكيره وسلوكه ولقد كرست الصورة الوعي الزائف بالزمن وحولت البشر إلي مسوخ ومستهلكي أوهام وقصرت اللذة علي المتع البصرية الخاصة بالعيون حيث سيطرت قيم السوق والابتذال علي المشهد حيث يقع استبدال العالم الواقعي بعالم افتراضي غير واقعي.
إن الصورة المتأتية من الفضائيات تتلاعب بالعقول وتقتل الأحاسيس الصادقة وتميع الثقافة وتجعل كل شيء معروض للبيع والاستهلاك وتجفف كل منابع التلقائية والعفوية وتحرم المرء من الإبداع وتخدره وتفصله عن العالم الحقيقي بحيث لم يعد يعرف الواقع إلا من خلال صورة شبحية باهتة تبقيه في حالة تنويم وتسقطه في النظرة المخدوعة وتوهمه أن حاسة الإبصار هي الحاسة الأولي وأن الملكات الأخري لم يعد لها محل من الإعراب. كما تمارس الصورة هيمنة علي المتلقي المنبهر وتمثل سلطة علي المشاهد المستهلك السلبي لأن العلاقات الاجتماعية تتم من خلال الصور وصلة الحشد بنفسه تمر عبر نمط الإنتاج والعرض والطلب بالنسبة للسلع والماركات والعلامات التي يتبادلها ويهيم بها ويجد فيها سعادته. أليست الصورة هي النظرة المراقبة المتحكمة؟ وأليست هي السلسلة المقيدة التي تنوم العقل وتقيد السلوك؟ وألا تمتلك النظرة المحدقة قوة مؤثرة في صورة الذات الخاصة بنفسها؟
إن الناس ليسوا متساوين إلا في تفرجهم علي أنفسهم في نفس البرامج ونفس صور الموت والبؤس والخراب التي ترسلها الفضائيات وإنهم قد يجدون في هذه المساواة الفارغة فرصة للعزاء والتعويض يبررون بها تفريطهم في المساواة الحقيقية. علاوة علي أن الصورة تغذي لدي الإنسان مشاعر عدوانية وتثير فيه انفعالات نرجسية تقوده إلي الانتفاخ الذاتي والإصابة بمرض جنون العظمة خاصة حينما يتباعد المرء عن صورته الحقيقية ويحيل ذاته إلي أنا متوهم ينتقيه من صور النجوم والأبطال المعروضة في المرئيات، بحيث تجعله الصورة يتوقف عن الاعتقاد في هذا العالم بل ويعتبر الأحداث التي تقع له مثل الحب والموت وكأنها أشياء لا تعنيه. لكن عندما تجسد الصورة استعراضا بالغا للقوة ومشهدا مثيرا من العري والرعب فإن الذي يحدث داخل العالم هو فقدان الأشياء معناها والذوات هويتها وتصل سيطرة الرموز علي الأضواء إلي حد التلاعب بقيم الحياة والموت.
كاتب من المغرب

حسين مصطفى مقصوص
04/03/2009, 02:25 AM
عزيزي الأستاذ غالب، أعزائي أعضاء واتا
لقد أصبت قلب الحقيقة. هناك جهود محمومة لتخريب العقول العربية. إنها حملة تستخدم أداة العصر وخاصة لشعب لا يقرأ وهي الأقنية التلفزيونية الفضائية. حملة تهدف الى نشر التعصب والشعوذة باسم الدين من ناحية والإباحية من ناحية أخرى, أي شي إلا التفكير العقلي والمنطقي الذي يبني واستبداله بالتفكير المتزمت الذي يرفض الآخر ويرتكز على النفاق والاستهلاكية الداعرة.
الإسرائيلي يقرأ سبعة كتب في السنة والاوروبي تسعة كتب، أما العربي فيقرأ ربع صفحة في السنة!!!!
إلى أي هاوية نمضي؟