المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطبيعة والإنسان في حوار بيئوي ساخن



عبدالقادربوميدونة
01/08/2007, 02:41 PM
الإنسان للطبيعة : تظنين نفسك صاحبة فضل كبيرعلي، وقد تناسيت أني ومنذ آلاف السنين – أنا من عَمَرَك وحافظ على أديمك مخضرا.. وعلى غاباتك كثيفة مزدهرة.. وكان بإمكاني أن أقضي عليك نهائيا، بفضل ما أوتيت من مخترعات ومبتكرات لم تتوفرلأحد من قبلي، لولا خوفي من الله، واستجابة لأمره، وهوالذي استخلفني فيك، وجعلني مكرما.. وحملني في برك وبحرك!!
الطبيعة: ذلك صحيح، ولكنك قد غفلت شيئا آخر مهما جدا، لم تتذكره، أولم تشأ ذكره.. قبل أن تدخل هذه المزايدة السخيفة علي، آلا وهو: أنك مخلوق من ترابي..أي أني أنا الأصل وأنت الفرع..فبمَ تفاخرأو تزايد إذن؟!!
الإنسان: تقولين مخلوق من ترابك! ومن أخبرك بذلك ؟.
الطبيعة: ذلك يعلمه الكبيروالصغير، أتنكرأم تتغابى؟!!
الإنسان: صحيح قد خلقني الله من صلصال كالفخار..ولكن أي صلصال وأي فخارأوتراب تقصدين؟!! هل هو ترابك الدنيوي هذا ؟! أم تعنين ترابا آخر، لا يعلمه إلا الله!!
الطبيعة: ذلك أمرخطير.. ولا أستطيع فهمه، وهو بطبيعة الحال يتجاوزني.. ولا يمكن الجزم فيه، المهم عندي هو أنك أنت مني وأنا لست منك..
الإنسان: تعالي نبسط الأمورولا نعقدها ، أنا هو من غرس فيك كثيرا من الأشجار، ومهد فيك السهول وزرع الحقول وأنشأ جنان النخيل.. وأخرج من باطنك مياها دافقة.. وجعلها جارية منسابة على سطحك، ليشرب منها كل طائر وكل دابة..وذلك بفضل عمليات الحفرالتي قمت بها عبر تجاربي العديدة..لأقهرك وأطوعك لخدمتي ولأجعلك تمدينني عنوة بكل خيراتك..
الطبيعة: تتكلم عن المياه..؟ المياه كانت وما تزال جارية دفاقة منذ الأزل، في ينابيع وأنهار، منهمرة في شلالات ووديان.. بينما أنت لم تتعد فيما بذلته من جهد سوى أن قمت بتوجيهها وتنظيم عملية إخراجها من باطني..ولم تستفد منها فقط، بل عمدت إلى تبذير الجزء الأكبرمنها ولوثت المتبقي.. وجعلت السحب التي تحمل الودق تضطرب في رحلاتها.. وصارت لا تعرف اتجاها محددا لها.. فحرمت مناطق كثيرة من الغيث النافع.. وأغرقت أخرى في بحور من الفيضانات.. وذلك كله بسبب ما نفثته وما تزال تنفثه مصانعك ومعاملك من غازات سامة ضايقتني وأبخرة مضرة أهلكتني.. وها أنت تفاخر وتزايد علي، وكأنك بريء براءة الذئب من دم يوسف.
الإنسان: أوتعرفين سيدنا يوسف عليه السلام؟
الطبيعة: طبعا أعرفه..أليس هو من قام إخوته برميه في الجب بباطني، وقد احتفظت به معززا مكرما حتى أخرحه السيارة منكم.. ثم صاربعد ذلك القوي الأمين على خزائني؟
الإنسان: ذلك صحيح.. ولكن أين تريدينني أن أنشيء مصانعي وأقيم معاملي التي لولاها لبقيت البشرية جمعاء حبيسة تخلفها الاقتصادي، تتخبط في مآسي الفقروتعمه في ظلمات الجهل وتعاني من مصائب المرض ؟!
فلولا ذكائي الخارق وديناميكيتي في الاكتشافات والاختراعات ما تطورنا كل هذا التطور المذهل.. فقد أنشأنا عبرالعالم 40 ألف سد، أكبرها بدولة البرازيل التي تضم رئة العالم ..غابات الأمازون.
ومن جهة ثانية.. لا بد أن تعرفي أن هناك أناسا طيبين في كل مكان وفي كل زمان.. فأنا وكل سكان الجهة الجنوبية منك، ما نزال نحافظ على ثرواتك البيئية ولم نمسها بسوء، اللهم إلا حينما نقلع بعض الشجيرات الهرمة التي نستدفيء بحطبها، أو نستعين بها لتشييد منازلنا ..
الطبيعة: وماذا عن سكان الجهة الشمالية من العالم؟
الإنسان: في الجهة الشمالية من كوكبنا قد اكتسحوا مساحات واسعة منك، وشيدوا عليها مدنا عملاقة، وشقوا عليها طرقات اسفلتية استهلكت ملايين الهكتارات الخصبة، ناهيك عن تلك الغازات السامة المنبعثة من مصانعهم والتي ثقبت طبقة الأوزون وهددت القطب الشمالي بذوبان ثلوحه المتجمدة..وعن تلك الحرائق التي ما يزالون يتسببون في نشوبها واندلاعها، والتي أصبحت تحرق من غاباتك في كل دقيقة 28 هكتارا عبر العالم.
ثم آلا تعلمين أيضا أن 15 % من النباتات الأوروبية قد انقرضت منذ مئة سنة، مع أن أول من بدأ بناء السدود في العالم هم قدماء المصريين.. وأن20 % من كهرباء العالم تنتجها السدود التي أنشأناها؟ وأن 40% من كوارثك التي تسمى طبيعية قد تسببت فيها الفيضانات التي نجمت عن تلك الأسباب

الطبيعة: ها أنت تعترف أن الإنسان قد أجرم في حقي، على الرغم من كوني قد حملته على أديمي حيا واستضفته في باطني ميتا، وعوضا عن أن يقوم بإستصلاح أراضي المتصحرة.. وتعميرمساحاتي القاحلة.. راح يخربها ويفسد فيها، ولم يدرك بعد أنه إن استمرعلى هذا الوضع اللامعقول في تصرفاته فسوف أتحول إلى الأسوِء وأغير مهامي.. وساعتها تندلع شرارة ثوراتي الكامنة في براكيني وزلازلي وفيضاناتي.. وأنضم إلى بقية الكواكب الجرداء الجدباء السابحة في الكون الفسيح... لذلك فقد أضحى من واجبي القول - وبملء فوهات براكيني وهديرأنهاري وحفيف أشجاري ولمعان برقي ومخاوف رعدي- أنه قد أعذرمن أنذر..

عبدالقادربوميدونة
الجزائر

عبد الحميد الغرباوي
07/08/2007, 01:17 PM
العزيز عبد القادر،
يبدو ، و بعد هذا النص الثاني عن البيئة أنك من أنصارها، و المدافعين عنها...
أعني بالبيئة الطبيعة، المحيط، و الجلي الواضح أنك تحسن الكتابة في هذه التيمة الحساسة...
تأثر طبقة الأوزون، تمزقها حتى، تلوث البحار، موت حيوانات ، انقراض بعضها، النباتات البيولوجية، الاستنساخ.. مواضيع تغري بالكتابة فيها و عنها...
استمرارك في هذا النوع من الكتابة، مفيد لكل شرائح المجتمع، و تجميعها في كتاب سيكون أفيد...و بيني و بينك، يمكن أن يقرر في المدارس أو تتبناه جمعيات دولية و تترجمه إلى لغات...و قد تجني منه أرباح خلاف مجموعة قصصية تتحدث عن هموم و آلام الذات أو تعري و تفضح بعض السلوكات المؤثرة في نفسية الإنسان، أو تطرح أماني و أحلام شخوصها..مثل هذه المجاميع لا يجني منها أصحابها ماديا ( دراهم، فلوس) شيئا...
بقيت إشارة لا بد من طرحها في هذا المقام، و هنا، في منتدى القصة القصيرة، أنت تلاحظ أن جل كتاب و كاتبات القصة لم يتفاعلوا مع النص السابق و هذا النص بالشكل المطلوب و هم معذورون..فالتعليق و المناقشة ستجر الجميع إلى طرح أفكار علمية و الخوض في أمور تقنية المجال هنا لا يسعها...لذا أرجوك ألا تزعل..
و فكر مليا في منبر يهتم بأمور البيئة، فنصوص قيمة كهذه يجب أن يكون لها منبر خاص بها...
مودتي

عبدالقادربوميدونة
07/08/2007, 04:21 PM
الأستاد عبدالحميد الغرباوي المحترم تحية حارة وبعد :
- هدا بالضبط ما كنت أنتظره من سيادتكم.. وهده النصيحة التي تفضلتم بإسدائها هي الكنز المفقود لدي.. فشكرا جزيلا.. وسأعمل بمضمونها إن شاء الله.
- لي ملاحظة بسيطة أود أن أضعها بين أيديكم.. وأرجو أن تحظى بالقبول وتتلخص في التساؤل التالي:
ما عدد المطبوعات والمنشورات عبر العالم اليوم التي تتناول بالبحث والتقصي والتحقيق في مجال البيئة وحمايتها وبكل اللغات ؟ أليست هي قضية الساعة..؟ بعد قضايا السياسة والمعلوماتية.. لمادا لا تخصص "واتا الحضارية " الحبيبة منتدى خاصا بالبيئة وهي الخطر الداهم الدي يهدد الكون كله ؟ فإن فعلتم فانتظروا مئات الآلاف للكتابة فيه وبكل لغات العالم..ومعدرة مع كامل احترامي وتقديري لمؤطري ومسيري ومشرفي ومراقبي "واتا" الكوكب ولشخصكم الكريم ...
عبدالقادر بوميدونة

عبد الحميد الغرباوي
07/08/2007, 04:39 PM
الأستاذ عبدالحميد الغرباوي المحترم تحية حارة وبعد :
- هذا بالضبط ما كنت أنتظره من سيادتكم.. وهذه النصيحة التي تفضلتم بإسدائها هي الكنز المفقود لدي.. فشكرا جزيلا.. وسأعمل بمضمونها إن شاء الله.
- لي ملاحظة بسيطة أود أن أضعها بين أيديكم.. وأرجو أن تحظى بالقبول وتتلخص في التساؤل التالي:
ما عدد المطبوعات والمنشورات عبر العالم اليوم التي تتناول بالبحث والتقصي والتحقيق في مجال البيئة وحمايتها وبكل اللغات ؟ أليست هي قضية الساعة..؟ بعد قضايا السياسة والمعلوماتية.. لمادا لا تخصص "واتا الحضارية " الحبيبة منتدى خاصا بالبيئة وهي الخطر الداهم الدي يهدد الكون كله ؟ فإن فعلتم فانتظروا مئات الآلاف للكتابة فيه وبكل لغات العالم..ومعدرة مع كامل احترامي وتقديري لمؤطري ومسيري ومشرفي ومراقبي "واتا" الكوكب ولشخصكم الكريم ...
عبدالقادر بوميدونة
لاجدال في أن البيئة و حمايتها هي قضية الساعة..و احنضار البيئة هو احتضار لكل اسباب الحياة و لكل نشاط حياتي، و أكيد أن الأدباء سينقرضون مع من سينقرض جراء تسمم البيئة ( قليل من الدعابة)...
أما في ما يخص منتدى خاص بالبيئة فأمره سهل، لكن الصعب هو تشغيله و تحريكه...ما جدوى عشرات المنتديات التي يعمها السكون المميت من كل الجهات الأربع... سأتصل بأخي بسام مدير المنتديات، و أنقل لك رده في الموضوع..
مودتي