المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسين الاعظمي في ذكرى مرور75عاما على الموسيقى العرابية 6



حسين اسماعيل الاعظمي
05/08/2007, 04:45 PM
اخوتي ,
اصدقائي ,
اعــزتي ,
الكـــرام ..
الى كل الاخوة والاصدقاء من المتابعين والمطلعين على كل الاخبار في أي مجال من خلال الخدمات الكبيرة التي يقدمها اخوتنا في كل الشبكات الالكترونية من مجلات وصحف وجرائد .. اسمحوا لي ان اكتب لكم واطلعكم على مشاركتي في المنتدى العلمي في ذكرى مرور 75 عاما على اول مؤتمر للموسيقى العربية اقيم في القاهرة عام 1932 .. واليكم ما كتبت , مقسما اياه على شكل حلقات متتالية

اخوكم your,s
مطرب المقام العراقي singer of Iraqi maqam
حسين اسماعيل الاعظمي hussain ismail al aadhamy
عمان amman jordan
00962795820112 gabel al hussain
الاردن , عمان , جبل الحسين b.x 922144
, ص ب 922144 hussain_alaadhamy@yahoo.com



المقام العراقي في خمس وسبعين عاما




الحلقة (6)













ملاحظة / هوامش الفصل الثالث موجودة في نهاية الفصل , وليس في كل حلقة من حلقاته

الفصل الثالث

اثر تسجيلات القبانجي المقامية طيلة "75"عاما
---------------------------------------------
ان احدى الوسائل للنظر الى ظاهرة ادائية امتازت برومانسيتها التعبيرية منذ تسجيلات محمد القبانجي في القاهرة 1932 هو اخذها على انها اهتمام اوسع مدى بالمشكلات التي كانت قد غفل عنها كبار مغنينا السابقين رغم واقعية الأسباب ... اذا ما استمرت هذه الظاهرة – والمفروض ان تستمر- فانها قد تخفف من شعور العزلة والريبة والقلق من قضية حفظ وحماية هذا التراث الغناسيقي الذي يسيطر على المهتمين بشؤون المقام العراقي او التراث الغناسيقي بشكل عام في الزمن الراهن …
ان حسنات او سيئات ظاهرة ادائية فنية تكنيكية 1* كهذه تهمنا فقط بمقدار ما يبدو من تأثيرها على مؤدينا المعاصرين من الجيل الحاضر ، خاصة وان فرص تطور الثقافة اصبحت اوسع بكثير … واذا كان هناك اثار سلبية لهذا الاتجاه الجمالي – كما يعبر عنها المعارضون التقليديون – في الأداء والتعبير والفن .! تبدو هذه الآثار بانها تنطوي على إتجاه نحو المحافظة على الأساليب القديمة او نحو إنماء تسهيلات تكنيكية على حساب الموهبة والتعبير والأصالة 2* الأدائية …
ان مثل هذا التفكير هو الذي يؤدي الى الإستنتاجات المار ذكرها ، أي أن مؤدينا المعاصرين في الأداء المقامي الذين يُفترض أن معظمهم قد تعلموا الكثير وادركوا النواحي الفنية في الغناء والموسيقى خلال حقبة تعتبر كثيفة جدا في قياس جودة التسجيلات المقامية التي ظهرت منتصف القرن العشرين , او في حقبة انتصاف القرن العشرين ..
لقد كان من نتائج هذه الحقبة الإبداعية كأمر مسلَّم به هي ان الفنان المؤدي المقامي قد فهم وأدرك تقنيات أدائه حتى تسنى له ان يبدع ويترك لنا آثارا جليلة وكبيرة وعندما تصل عملية الأداء الى هذا المستوى ليصبح الأمر الأدائي لا واعياً تماماً على وجه التقريب ، فان المعرفة التي تكون قد اصبحت جزء من الفــــنان المؤدي نفسه تعمل على تكييف ذلك ..
وكان من نتائج هذه الحقبة الإبداعية ايضا , التي بدأت منذ تسجيلات القبانجي تقريبا , كأمر ظهر جلياً , ظاهرة الصراع الفني الجمالي بين الطريقة الرشيدية التي كانت في ذروة كلاسيكيتها 3* والطريقة القبانجية القادمة ومضامينها الجديدة ، وكان من نتائج هذا الصراع ، أُفول الطريقة الرشيدية وسطوع نجم الطريقة القبانجية التي بشّرت بقيم جمالية جديدة وقيم فنية متطورة ومفاهيم أدائية تستحق الإهتمام والتقدير ، وكان من هذه النتائج أيضاً ظهور مؤدين مقاميين استفادوا من هذا الصراع ولو بشكل عفوي , في تنويع اساليب ادائهم بشيء من الخصوصية المستقاة أصلاً من هاتين الطريقتين والطرق القديمة الأخرى مثل المغني عبد الهادي البــــياتي والمغني مجيد رشيد والمغني يونس يوسف ..
من زاوية اخرى فان هذه الأساليب تعتبر إبداعاً يسجله التاريخ للمؤدين الذين تميزوا باسلوب ادائهم المستقى …! وان من اهم الملاحظات الملموسة ان مقدرة المؤدي في التركيز على موضوعه الأدائي هي دليل إبداعه …
ان الخطأ التقليدي للأداء المقامي الذي إستمرَّ لقرون كثيرة مضت ، كان يبدو دائما إفتقاراً للاهتمام بالتكنيك الأوَّلي للفن ، وهذا كما نعرفه عن تاريخ الأداء المقامي لتلك القرون التي مضت ، يمثل تقييداً بالغاً للمؤدين في التقليد الطبيعي.
بهذه الحصيلة من الحديث عن الإبداع الأدائي وبهذا المعنى ، يعد المؤدي المقامي منذ تسجيلات القاهرة المقامية القبانجية ثائراً متمرداً على القيود القديمة التي اصبحت عديمة الجدوى في زمننا المعاصر ، آخذاً بمبدأ التجربة سواء في الشكل او المضمون … ان ذلك الخطأ التقليدي الذي اشرنا اليه عكَسَ الأتجاه البديهي الذي بتنا نعتبره مثالاً للأداء المقامي في العراق … وسيكون هنالك دوماً أسفٌ لضياع فترة الصِّبا وحيويتها ..‍‍
على كل حال , نحن لا نقول ان النضج والبلوغ ليسا سوى اول علامات الإتكال ، إلا أن هذا لا يعتبر انحلالاً .. بل انه تجميع للقوى التي لم تستغل حتى تلك الحقبة التي سبقت مؤتمر القاهرة عام 1932 … ومع ذلك فإنه يبدو من المرجَّح الآن كرؤية مستقبلية لحال الأداء المقامي والمقام العراقي بشكله ومضمونه بأننا سنضطر في يومٍ ما وبشكل يستمرالى تطور اداء المقام العراقي ليدنو بصورة مستمرة من اذواق وجماليات العصر4* ومتلقيه ليكون على تماس دائم مع الواقع 5* والمستقبل 6*…
ويجب ان لا ننسى بان المؤدين السابقين قد وطّدوا انفسهم كمؤدي عصرهم البارزين دون شك . وان الأسباب الداعية الى الملاحظات النقدية هذه حول نتاجاتهم وخط سيرها الفني ، هو ان تلك الظروف سواء السياسية او الإجتماعية او الإقتصادية او … او.....الخ التي مرَّ بها بلدنا العراق اكثر إزعاجا لأي مواطن عراقي وعربي عندما يطلع عليها … وهي بالتالي اسباب ثقافية استسلم لها اكثر معاصريها من المؤدين
من ناحية اخرى ، فإننا نلاحظ ، ان المؤدين الشباب او الأكثرية الساحقة منهم ، الذين ظهروا في النصف الثاني من القرن العشرين ، قد امتازوا في عدم رغبتهم في التحرر من الشكل المقامي الصارم ايضا ، كمعظم سابقيهم ، حيث يبدو لنا ، بان هذا الجيل المعاصر قد أفزعته واستثارته النماذج التي سبقته وثبّطت من عزيمته … ويبدو لنا ، فيما يتعلق الأمر بناظم الغزالي او يوسف عمر او حسن خيوكة او عبدالرحمن العزاوي رغم ابداعاتهم التي تستحق الذكر والتقدير ولكنها في الحقيقة استمرار لابداعات اسلافهم القلائل وتطويراً لها ، فكانت محاولات فنية تقنية ادائية اكثر منها ثورة جديدة على أولئك الأسلاف , او هي تطويراً حقيقياً للثورة القبانجية في الابداع والتغيير بعد تسجيلاته الشهيرة عام 1932 في القاهرة , حيث رافقته فرقة موسيقية تكونت من آلات موسيقية عراقية وعربية من خلال عازفيها المتميزين وهم , عزوري هارون على آلة العود ويوسف زعرور الصغير على آلة القانون ويوسف بتو على آلة السنطور وصالح شميل على آلة الجوزة وابراهيم صالح على آلة الرق ويهودا موشي على آلة الطبلة 7*, بعد ان كان غناء المقام العراقي مقــــــتصرا على فرقة الجالغي البغدادي 8*, وبذلك يكون القبانجي رائدا في خلط هذه الالات الموسيقـــــية في عمل غنائي موحد..
بصورة عامة , يبدو لنا ان هناك املاً كبيراً في ان يتجه الأداء المقامي ومؤدوه نحو علمية الأداء وجماليته العاطفية العصرية ، كما هو الحال بصورة اوضح من غيره عند المؤدي ناظم الغزالي الذي يعتبر منعطفاً كبيراً جداً في إضفاء نواحي ادائية جمالية وفنية في روح الأداء المقامي ، وسنبقى ننتظر من المؤدين اللاحقين نتاجات ادائية مقامية اقوى واكثر اصالة . سواء في بغداد او المحافظات الشمالية برمتها..
ان النصف الثاني لم يخلُ من محاولات ادائية في مثل هذه الإختبارات ، فلو إستمعنا الى مقام المدمي (سلّمه حجاز) لعبد الرحمن العزاوي ونفس المقام من يوسف عمر وناظم الغزالي ، نجد ان كلاً منهم قد حاول ان يدفع بتقنية الأداء الى حدٍ يبزُّ به معاصريه ، كذلك نرى ان الإسلوب الخفي الذي يعبر عن شخصية كلٍ منهم كان واضحا ، ويبدو لنا ايضا ان كلاً من هؤلاء المؤدين وحتى غيرهم إستقوا ادائهم من خبرتهم الخاصة للتعبير عن شخصياتهم ، فعبد الرحمن العزاوي يؤدي منطلقا من كونه مؤديا تقليديا معبرا عن الروح الدينية والدنيوية في مسارات لحن هذا المقام .. ويوسف عمر يؤدي من كونه يتميز بالتقليدية الواقعية المتميزة بالسهولة والوضوح وناظم الغزالي يؤدي من كونه ابداعيا في رؤية معاصرة ، فهذه الإتجاهات الجمالية الفنية التي تميِّز كل مؤدٍ منهم ، تندمج في الحقيقة مع الإسلوب الخفي الذي يعبر عن شخصية كل منهم ، لذلك لوْ عدنا الى موضوع الأكثرية من مؤدي النصف الثاني وتميُّزهم بتقليدية الأداء العفوي ، فإنه يبدو لنا بأن القلة القليلة منهم ، هم الذين يسيرون في وجهة التطوير والخلق والإبداع ، ومحاولة انتشال الأداء المقامي ومؤديه من الأصرار في ادائهم العفوي التقليدي الذين امتلكوه بالفطرة . ومن ثم دعم هذا الموضوع بالعلم والثقافة الموسيقية والمعرفة …

تـوثيـــق
التسجيلات الصوتية في الاذاعة
العراقية بعد مؤتمر 1932

لقد كانت اولى الحفلات التي اقامها حسن خيوكة من خلال اذاعة قصر الزهور 9* منذ عام 1937 وغنى فيها تشكيلة من المقامات العراقية مثل مقام الأوج ومقام المدمي والأشعار مع الأبوذيات وغيرها ، كانت ترافقه فيها فرقة موسيقية مكونة من آلات تراثية هي الجوزة والسنطور والرق والطبــــلة والنقارة (فرقة الجالغي البغدادي) ويزاد عليها احيانا بعض الآلات العربية مثل العود والقانون والناي والكمان بالدوزان الشرقي10* لتصبح فرقة موسيقية يطلق عليها غالبا (التخت البغدادي العربي) 11*، واستمر في ذلك حتى دخوله اذاعة بغداد اوائل الأربعينات مؤديا الكثير من المقامات والحفلات على الهواء مباشرة كلما تسنح الفرصة لذلك ، شأنه في ذلك شأن بقية المؤدين المعاصرين ، حيث لم تسجل اغلب او جميع هذه الحـفلات وذهبت هباءً مع الهواء ادراج الرياح ..
ان اول بداية ليوسف عمر كانت عام 1952 في الاذاعة العراقية , حيث سجَّل مجموعة من المقامات والأغاني التراثية , واستمر بذلك بانتظام وفي هذه الحقبة قُدِّر لمعظم هذه التسجيلات سواء ليوسف عمر او لغيره ان تسجل وتوثق وتحفظ على المدى التاريخي من خلال الاذاعة العراقية ، لتطور الامكانيات التقنية لاجهزة التسجيل الصوتي , وعلى هذا الأساس فإننا نستطيع على وجه العموم ان نتابع مسيرة هذا المطرب من خلال نتاجاته المسجلة في الاذاعة او في التلفزيون بعدئذ 12*.
اما بداية المطرب الكبير ناظم الغزالي فقد كانت ضمن فرقة تمثيلية اشتهرت في بغداد على نطاق واسع في تلك الحقبة ، وهي فرقة (الزبانية) 13* المنبثقة من طلبة معهد الفنون لجميلة فرع التمثيل حيث كان الغزالي احد طلبة المعـــهد في هذا الفرع , ولم يدرس الموسيقى ..!!! حتى قدِّر له ان يجرِّب حظه في الغناء ، فنال النجاح العظيم ، الذي لم يحسب له الغزالي أي حساب .. وكانت اولى اغانيه الحديثة (وين الكه الضاع مني) التي لحنها له الفنان سمير بغدادي (وديع خوندة) وذلك بعد دخوله دار الاذاعة العراقية عام 1948… وعند تأسيس الفرقة التمثيلية (فرقة الزبانية) التي كان الغزالي احد اعضائها البارزين … قدَّموا عدة مسرحيات وتمثيليات كان يعدها ويخرجها عميد المسرح العراقي ورائده الكبير حقي الشبلي ، وعليه كانت مهمة ناظم الغزالي ثنائية في كثير من الأحيان ، فهو يمثل وهو يغني ، واستمر الحال حتى استقلاله عن الفرقة واعتماده مطربا من الدرجة الأولى في اذاعة بغداد اواخر الأربعينات … ومن حسن الطالع ان بدايته هذه عاصرت ظهور موسيقيين كبار من خريجي قسم الموسيقى في المعهد والذين قدِّر لهم ان يغيِّروا موازين الثقافة الجمالية للموسيقى في العراق امثال حسين عبد الله عازف على آله الطبلة الإيقاعية وجميل بشير وسلمان شكر ومنير بشير وخضير الشبلي وسالم حسين وغانم حداد وناظم نعيم وغيرهم الكثير ..
اما بالنسبة الى بداية عبد الرحمن العزاوي المتأخرة نسبيا , فقد كانت بعد لقائه بالخبير المقامي الشهير الحاج هاشم محمد الرجب الذي كان يرأس لجنة اختبار المطربين المقاميين للإنضمام الى الإذاعة والتلفزيون كمطربين مقاميين معتمدين في هذه الدار . الذي استمع الى العزاوي في احدى المناقب النبوية الشريفة 14* وفي هذا اللقاء تم الاتفاق على مثول العزاوي امام لجنة الاختبار في الاذاعة والتلفزيون بعد مفاتحة العزاوي للرجب بهذا الشأن , فوافقت عليه اللجنة بعد الاختبار لتسجيل بعض المقامات , فسجَّل اول مقام له وهو مقام الراشدي (سلّمه جهاركاه) مع فرقة الجالغي البغدادي المكونة من عازفي الجوزة والسنطور شعوبي ابراهيم وهاشم الرجب نفسه ,
ونستطيع ان نقول ان معظم او جميع تسجيلات عبد الرحمن العزاوي في الإذاعة والتلفزيون موجودة ومحفوظة 15*…
ولعل المشكلة الأكثر تعقيدا في موضوعنا هذا ، هي تسجيلات حسن خيوكة المقامية الأولى أي منذ دخوله اذاعة قصر الزهور 1937 وحتى بداية الخمسينات ، غير موجودة ولم يعثر على اثر لها حتى الآن ، وارجح الظن انها لم تسجَّل في وقتها ، فقد كانت حفلات اذاعية على الهواء مباشرة دون تسجيل لها ، لذلك فقد كان خيوكة يعيد غناء هذه المقامات مرَّات ومرَّات حتى سنحت الفرصة لتسجيلها وتوثيقها اواخر الأربعينات حتى بداية الستينات التي لم يكتب له القدر ان يعيش معظمها ، وتقديري الشخصي ، ان خيوكة نفسه لم يضمن ان مقاماته التي غناها خلال الحفلات الحية التي كانت تذاع للمطربين في كل اسبوع قد تم تسجيلها فعلاً على سبيل التوثيق .. لذا عكف على اعادتها مرَّات عديدة حتى سُجِّلت في دار الإذاعة العراقية .. اواخر الاربعينات ومطلع الخمسينات ..

اهمـيــــة
النتــاجات المسجــلة
من المؤكد على كل حال ، ان يكون من كبير الخطأ اعتبار مقامات مثل مقام الدشت(سلّمه بيات حسيني) او مقام الأوج(سلّمه هزام) او مقام المدمي او الأشعار مع الأبوذيات او مقام الراشدي(سلّمه جهاركاه) او مقام الشرقي رست(سلّمه رست) او مقام الأورفه(سلّمه بيات حسيني) او مقام الهمايون(سلّمه نكريز) او مقام الأوشار(سلّمه سيكاه) التي غناها كل من المطربين الابداعيين الأربعة الكبار خيوكة وعمر والغزالي والعزاوي … من الخطأ اعتبار هذه المقامات مجرد مقامات صغيرة وبسيطة وليست كبيرة الشأن في تاريخ مسيرة كل منهم الفنية … وذلك لأن الأعمال لا تحسب لسعة حجمها او تعقيداتها بالضرورة ، بل ينظر اليها بشكل اوسع على انها كيف أُديت وكيف أُنجزت وما قيمتها الفنية وقيمة بنائها الديناميكي ومتانة العلاقات الداخلية كعمل موحد. طالما كان غناء هؤلاء المطربين المبدعين للمقامات التي سجلوها ، ناجحا في قيمها الفنية وحبكتها الديناميكية وتماسك علاقاتها كعمل موحد ، وناجحا في اظهار الأمكانيات الفردية لكل منهم في الأداء المقامي ، فان جميع اعمالهم تعتبر ناجحة وتشكل تاريخا فنيا طيبا لهم , بل تاريخا مقــــاميا منــجزا يحسب في القرن العشرين 16* ..
وبالإجمال فإننا نستطيع ان نضيف الى اعمالهم هذه ، الأعمال الكبيرة التي سجَّلوها ، مثل مقام الرست لحسن خيوكة وهو من المقامات الرئيسة والكبيرة الذي يمكن ان نعتبره افضل انجازاته الأدائية دون تردد. وبه اشتهر خيوكة واستقام ، اذ اكد من خلاله انه قادر على اداء المقامات الصغيرة والكـــبيرة بمـــستوى ناجح ذي بناء متماسك ..
وكذلك المقامات الكبيرة والرئيسة التي سجَّلها يوسف عمر التي نجح فيها ايضا ، ذلك النجاح الذي اعتبر مميزا بين معاصريه .. مثل مقامات الرست والحجاز ديوان والبيات والمنصوري(سلّمه صبا) والنوى(من النهاوند) والسيكاه و.. و
ورغم ان مقام الصَبا ليس بالمقام الكبير من حيث تفصيلاته الفولكلورية المقامية الأدائية ، بيْدَ انه سلَّم ومقام رئيسي كان قد غناه ناظم الغزالي بجمال خلاَّب بالقصـيدة الشهيرة (سمراء من قوم عيسى) في دار الاذاعة العراقية .. ثم غنى نفس هذه القصيدة في الحفلات التي اقامها بالكويت قبيل وفاته بفترة ليست طويلة باسلوب مقام الجهاركاه ..
اما المطرب عبد الرحمن العزاوي فقد ادى هو الآخر مقامات رئيسة وكبيرة بنجاح جيد في الأعم الأغلب .. منها مثلا مقامات العجم عشيران والخنبات(سلّمه يستقر على البيات مع اظهار جنس النهاوند) والحجاز ديوان والرست والسيكاه والمنصوري .

تحـول في
جمالـيات التعبيــر

لقد بات أمراً شائعاً في أية دراسة تتحدث عن اعمال ونتاجات المطربين المبدعين الذين ظهروا بعد عام 1932 خلف رائدهم ومثيرهم الاول محمد القبانجي , كخيوكة وعمر والغزالي والعزاوي , وناظم الغزالي على وجه التخصيص ، ان يشار الى اثباتات في اداءاتهم المقامية التي يبدو انها تدل على تحول واضح ، من الأساليب الغنائية التقليدية القديمة وجمالياتها التعبيرية التي يبدو انها استهلكت وباتت في حاجة الى رفدها بروح تعبيرية فنية جديدة … الى اتجاه جمالي جديد سمح ومعاصر انطلاقا من روح الابداعات المستجدة في تسجيلات محمد القبانجي عام 1932 لتقبل الأحوال التطورية والثقافية والمستجدات المعنوية في الحياة التي تسير بسرعة كبيرة ، ودقائق نقضيها في سماع مقامات معظم المؤدين الذين سبقوا الغزالي وكذلك المقامات التي غناها الغزالي او زملاؤه المبدعون خيوكة وعمر والعزاوي , لإستطعنا ان ندرك سريعا مدى الفوارق الجمالية والفنية بين هؤلاء المبدعين عن سابقيهم .. وكذلك فإنني ارى ان هذه المقامات التي غناها الغزالي مثل مقامات الحويزاوي(سلَّمه حجاز) والبهيرزاوي(سلَّمه بيات) والصَبا والحكيمي(سلَّمه هزام) وغيرها , او زملاؤه المبدعون , مثل المقامات التي اداها حسن خيوكة كالرست والدشت(سلَّمه بيات حسيني) والمخالف17* او المقامات التي اداها يوسف عمر كمقامات البيات والحجاز ديوان والمنصوري(سلَّمه صبا) او المقامات التي اداها العزاوي كمقامات الراشدي والعجم عشيران وغيرها .. يمكن اعتبارها نقطة انطلاق جمالية وذوقية قرَّبت كلاً من المقام العراقي كغناء تراثي , والجماهير الواسعة لبعضهما .. اكثر من أي وقت مضى ، وبذلك فقد استطاع هؤلاء المبدعون من المؤدين المقاميين ان يصلوا الى مستوى التعميم 18* الذوقي والجمالي والتأثيري في المجتمع , وان يجعلوا المقام العراقي غناءً جماهيريا لكل فئات الشعب الذوقية والإجتماعية على حد سواء .. ان تطورا كهذا يبدو اكثر وضوحا في تسجيلات المقامات التي سجِّلت داخل الإستوديو الإذاعي ، حيث تتسنى دقة متناهية نموذجية في هندسة التسجيل الصوتي ..
مقارنات جمالـية
لقد بُحثتْ مقارنات بين نتاجات المغنين المقاميين من الذين ظهروا بعد مؤتمر القاهرة 1932 الاربعة الكبار حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي كمغنين مبدعين من جهة , وبين نتاجات معاصريهم المقاميين من جهة اخرى ، وهناك شبه بسيط ولاريب في بعض خصوصيات الأداء فيما بين الجميع ، إلا أن المغنين الذين عاصروا خيوكة ويوسف عمر والغزالي وعبد الرحمن العزاوي ، كان معظمهم تقليديين جداً ، حتى يخيَّل عند الاستماع اليهم من قبل الجماهير انهم يصورون عقم الحياة المدنية والحديثة والمعاصرة التي امتازت بكثرة التغيُّرات والتحوُّلات في جميع الميادين , من خلال تعابيرهم واساليب عروضهم البائسة ، ان هذه المقارنات على كل حال مهما بلغت درجتها من الصحة يبدو انها اوثق فيما بين المؤدين المبدعين الأربعة الكبار, لِما يمتاز كل منهم باسلوب ادائي ابداعي خاص من حيث المبدأ ومن حيث المنحى ، ان خصوصية ابداع واسلوب كل منهم مغاير للآخر رغم استقائهم من ينابيع ادائية متشابهة , وهنا تكمن قوة ابداعهم ، لتحقيق وحدة العمل الجوهرية ، كعمل مقامي محافظ على شكله ، وقد يبدو ان حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي ، والغزالي وخيوكة على وجه التخصيص ، يعمدون الى التوسع في اضفاء التعابير الخيالية المتسمة بالجمال العاطفي الرومانسي المتأمل لتسجيلاتهم المقامية ، وتبقى الحقيقة مع ذلك ، هي انه بالرغم من كون هذا المزاج الأدائي لكل من هؤلاء المؤدين المبدعين يضيف مستوى آخر بارزا يحسب لهم كقيمة فنية الى الحصيلة العامة لنتاجات غنائية مقامية او حتى غير مقامية لكل مغن من المغنين الآخرين.