المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسالك المستغربين ......قلة فى درايــة، ورمىٌ فى عماية



NAJJAR
05/09/2007, 11:51 AM
مَـسـَـــالــكُ الـمُـسْـتَغـْـربـيــن
قلـَّـــةٌ فى درايَـة، و رَمْـىٌ في عَـمايَـة

♥ يقول المولي عزَّ و جَلّ: "...مَا لَهُـمْ بِه مِنْ علْم إِنْ هُمْ إلا يَظُنـَّـون"(الجاثية/24) ويقول:" وما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن وانّ الظن لا يغني من الحق شيئاً "(النجم/28) صدق الله العظيم. هكذا حال المستغربين، الذين يعدلون بالدين الكامل فكرَ التائهين الخاسرين، من المغضوب عليهم والضالّـين، ويَجْعلُون لله أنداداً و هُم يَعلمون. فيـُرَقـّـعُـونَ ثوبَ الإسلام الجديد، برقعات بالية متهتكة من الثقافة الغربية دون أن يألوا جُهْداً حتى بالتعرف إليها ونَـقْـد الغَـثّ منها عن الثمين. و هُم يعظّمون فلاسفة الإفك والبهتان، من ملحدي أميركا ومشركي أوربا واليونان ومن مجوسِ الهندِ وإيران، ومن البوذيين الصُّـفرِ من أدنى التَّـبْت إلى أقصى الصين واليابان. ويرفعونهم فوق كلام الله وكلام من دان له الثـَّـقلان. فحريٌُّ بكُلّ مُسلم أن يدفع عن دينه بعلم وألا ينصره نصرةَ الصديق الجاهل، الذى يغضُّ الطَرْفَ عن كلّ أصناف الفساد، وعن الكاسيات العاريات المفسدات لقلوب الزُّهَّـاد، ولا يغضبه غيرُ حَلْق اللحية – على إثْمه - وإسبال الإزار، فيصيرَ فكرُ المسلمين وآدابُـهُم، كالمستجيرِ منَ الرَّمْضَاء بالنار.
♥ ومما سَلَكَ التائهون، وسار على ضلالهمُ الواهمون، بلا حقيقة أو بُرهان، بل إن ضلالَ فكرِهم قد بان للعيان، وصَمَّ بُهتانُهُم السَّمعَ والآذان. كان مَذهبُ (الحداثييّن)، أو هكذا يزعُمُون. والواقع أنَّ الحديث فى العلوم أو الآداب، هو ما له أصلٌ قديم طَرَأَ عليه تجديد وتحديث، وهو ما لا ينطبق هنا على واقع (الحداثة) والذى لا نجدُ لهُ من أصل فى موروثاتنا الثقافية، سوى تهويمات غير متسقة لا تبنى أساساً لمعرفة سواء أعتبرت معرفة متدنيةً أم معرفةً سامية. وهذه التهويمات هى سقطاتٌ فكرية إنحلاليَّةٌ لمن عرف عنهم الشذوذ والإنحراف من الزنادقةً (الفارسيين واليهود) أمثال بشار بن بُرد (بن يرجوخ العقيلى بالولاء)، الضَّرير الذى قال" الأرضُ مظلمةٌ والنار مشرقةٌ، والنّاَرُ معبودة مذ كانت النار" وكان يفضل طبيعة النار على طبيعة الطين ويصوّبُ رأىً إبليس فى تكبُّره عن السُّجود لآدم حين أمًرًهُ اللَّهُ تعالى. أو أبى نوَّاس (الحسن بن هانىء الفارسى) الذى ما ذُكرَ المُجُونُ إلا ورديفُهُ أبو نواَّس الذى له أشعارٌ فى الشذوذ والزندقة ممزوجةٌ بالعسل (الزُّهد). والظاهر أن الزندقة ليست من الأصول العربية ولكنها إكتسبت شهرتنا لميل المؤرخين الغربيين إلى الدَّسّ علي الإسلام وخلق الإتهامات الباطلة تجاهه، مما حدا بهم إلى الدفاع عن الزنادقة وتشويه صورة الخلفاء الذين قاتلوهم وقتلوا منهم الكثيرين، مثل المهدى (الذى أوصى إبنه الهادى بتتبعهم) والخليفة هارون الرشيد.
♥ ولمَّا أن أعياهم البحث عن أصول عربية للحداثة فى محاولة لكَفر الأصول الغربية المعروفة لها مثل بودلير (نبى الحداثة الغربية) السادىّ، أحد حثالة الحى اللاتينى والذى بدأ شبابه بالفسوق والمجون وانتهى بإدمان المخدرات والخمر، والذى منعت فرنسا(رغم إنحلالها) نشر بعض قصائده عندما حاول نشرها فى باريس سنة 1957، ورامبو الذى دعا إلى هدم الثوابت وتقديس العقل، وتابعه فى ذلك الهدم وثقافة الإنتهاك مالارميه وبول فاليرى. ثم وصات الحداثة(الغربية) إلى محطة اليهودى الأميركى عزرا باوند، وصاحب قصيدة الأرض الخراب التى يقدثها الحاثيون المستغربون وتدرسُها الجامعات كأساس لفهم الأدب الإنجليزى المتدنى توماس إليوت.
♥وفى الحداثة باللغة العربية فإنَّ نبى الحداثة المكذوب فى أرض العرب هو أدونيس: واسمه الحقيقي على أحمد سعيد أسبر ولد بقرية قصابين بسوريا عام 1930م. اختار لنفسه اسم أدونيس وهي رمز لإله الخصب عند اليونان قديماً .. ومعتقده القديم مذهب النصيرية ثم صار شيوعياً ثم تأمرك وصار لا دينيا ومن كبار الزنادقة.. أسس مجلة مواقف عام 1968م. وهو الذى يقول متفاخراً بوضاعة نفسه: " إنَّ مبدأ الحداثة هو الصراع بين النظام القائم على السًّلفية (الأصولية الإسلامية) والرًّغبةَ العاملة لتغيير هذا النظام..".وهذه الثقافة المبنية على الإنتهاك لا حدود لتعدياتها، فكلما أضرم شيطان الفكرة عقولهم تولدت خزعبلات جديدة ولا يكون على مدعى الثقافة هنا سوى أن يصبها فى قالب لغوى غامض، بحيث يوحى غموض الألفاظ إلى القارىء العادى بقصر فهمه فما يكون منه سوى حفظ بعض المصطلحات المفتعلة مثل " البراكسيس" التى هى مأخوذة عن "البراكتيس" فى الإنجليزية، بمعنى "الممارسة"، ومصطلحات صيغت بالعربية (بعضها يفتقر إلى الفصاحة. ولما شكلت اللغة العربية عقبة أمام المتحدثين باسم الحداثة المزعومة، كانت هناك هجمة شرسة على اللغة العربية وأساليب الإبداع فيها ونقد ثوابتها الفكرية والدعوة إلى هدم تلك الثوابت على غرار ما حدث للخطاب الثقافى الغربى، فتردى به إلى مستوى " الأرض الخراب" التى تعج بالغموض والرمزية، والتى أغلقت باب الإبداع فى الأدب الغربى وحولته إلى ارموز والأساطير وأوجدت فيه عوامل التردي والركاكة.
فهل هذا ما نريده للغتنا العربية وهل هذا هو ما سنعلمه لأبنائنا؟ سؤالٌ إلى كلّ ذي قلم: إن أى كلمة تخطها، لا تدرى أتكون بداية لسنة حسنة لك أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة، أم سنة سيئة عليك وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. فاللهَ اللهَ يا كُتَّابَ العربية.