المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو بطرس بخاري



إبراهيم محمد إبراهيم
25/10/2007, 09:58 AM
بطرس بخاري


مولده :


اسمه " سيد أحمد شاه بخاري " ، وتخلصه " بطرس " . هاجر أجداده من " كشمـير " إلى " بيشاور " . ولد في الأول من أكتوبر عام 1898م ، ووالده هو " سيد أسد الله شاه بخاري " ، وكان شاعراً .

توفيت والدة " بطرس " وكان عمره إذ ذاك ثمانيـة أعوام ، وكان له أخوان ، أحدهما أكبر منه وهو " سيد محمد شاه رفعت " ، والآخر أصغر منه بثـلاث سنـوات وهـو " سيد ذو الفقـار شـاه بخاري " (1) . وبعد وفاة والدة " بطرس " تزوج والده للمرة الثانية بغرض القيام على أمر الأولاد ، وتربيتهم تربية جيدة ، وقامت زوجة الأب بدورها خير قيام ، فعملت على توفير سبل التعليم للأولاد ، واجتهدت في تربيتهم ، وإدخال السرور إلى نفوسهم على عكس ما هو مشاع عن امرأة الأب .




تعليمه :

بدأ " بطرس بخاري " تعليمه على ما هو رائج بين مسلمي شبه القارة الهندية في عصره ، فدرس القرآن الكريم وتعلم قراءته في البيت ، كما درس الكتب الدينية ، والكتب الأولية في الأدب ، واللغة الفارسية ، وخاصة " البوستان " و " الكلستان " ، وأظهر نبوغاً كبيراً في تعليمه هذا (2) .

حصل " بطرس " على الثانوية عام 1913م ، ثم على الشهادة المتوسطة عـام 1914م من الكليـة الإسلاميـة ، والتحق بعدها بالكليـة الحكومية بمدينة " لاهور " عام 1916م ، وحصل على الليسانس عام 1917م ، ثم التحق بعد ذلك بالماجستير في العلوم ، واختار التخصص في " الفيزياء " ، لكن هذا التخصص لم يتوافق مع ميوله التي اكتسبها من البيئة الأدبية التي أحاطت به من خلال اهتمام أبيه وحرصه على أن يحضر في الأمسيات الشعرية التي كان يعقدها هو في بيته أو يشارك فيها عن آخرين ، ولذا غير " بطرس " هذا التخصص إلى تخصص الأدب الإنجليزي وسط تعجب الجميع (3) .

حياته العملية :
سافر " بطرس بخاري " بعد إكمال تعليمه في بلاده إلى " إنجلترا " عام
1925م (4) ، وهناك التحق بكلية " أمانويل " بـ " جامعة كيمبردج " ، ودرس اللغة والأدب الإنجليزي ، وحصل على شهادة " Tripos " بالدرجة الأولى ، واختير كباحث قديم في " كلية أمانويل " هذه ، وكان من أساتذته هناك " مرزا محمد سعيد دهلوي " و البروفيسر Lewis " والبروفيسير " Bennet " والبروفيسير " Till Yard " والبروفيسير " Artharoviouch " . وبعد عودته إلى وطنه عام 1926م عمل أستاذاً للأدب الإنجليزي بـ " الكلية الحكومية " بـ " لاهور " (5) ، ثم عمل أستاذاً للأدب الإنجليزي بكلية " التدريب : Training College " . وفي عام 1931م / 1932م تولى منصب رئيس لجنة الكتب بإقليم " البنجاب " ، وفي عـام 1937م رشحته " الكلية الحكومية " للعمل كمراقب عام لإذاعـة " عموم الهند " ، وفي نفس الوقت رشحت " الجامعة الإسلامية " بمدينة " علي كرهـ " البروفيسير " رشيد أحمد صديقي " للمنصب نفسه (6) ، وتم اختيار " بطرس بخاري " للمنصب (7) .
وفي عام 1940م عمل " بطرس بخاري " مديراً عاماً لشبكة إذاعة " عموم الهند " في أنحاء البلاد كلها ، وابتعثته حكومة الهند إلى " أفغانستان " وهو في هذا المنصب . هذا وقد استقال " بطرس " من منصبه هذا بسبب الظروف السياسية في تلك الفترة ، ثم تولى عمادة " الكلية الحكومية " بـ " لاهور " للمرة الأولى في أوائل عام 1937م ، وتولاها للمرة الثانية عام 1940م ، وارتقت الكلية في عهده كثيراً ، فأسس وهو في العمادة جمعية أدبية باسم " اردو مجلس " كان يشارك فيها كبار الشخصيات الأدبية في البلاد وعلى رأسهم " فيض أحمد فيض " (8) و " ن . م . راشد " (9) جنباً إلى جنب مع طلاب وأساتذة الكلية (10) .
وفي عام 1948م سافر " بطرس بخاري " إلى " لندن " كممثل للحكومة الباكستانيـة في المفاوضـات التي دارت حـول تقسيـم ممتلكات المكتب الهندي " India Office " بـ " بريطانيا " . ثم سافر عام 1948م إلى المكسيك كرئيس للوفد الباكستاني المشارك في " مؤتمر الإذاعات " ، كما شارك عام 1949م في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة كممثل لباكستان ، ورافق السيد " لياقت علي خان " رئيس وزراء باكستان (11) في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية وكندا عام 1950م ، وكانت مهمته تتركز في إعداد الخطابات والكلمات التي سيلقيها رئيس الوزراء في المحافل التي سيحضرها خلال الزيارة .
وفي عام 1952م عين مندوباً دائماً لباكستان في الأمم المتحدة ، وظل بهذا المنصب حتى عام 1954م (12) .
وفاته :
عاش " بطرس بخاري " حياة حافلة بالحركة والنشاط والجد والاجتهاد بالرغم من أنه كان يعاني من مرض القلب ، ولن الجهد الكبير الذي كان يبذله في كل منصب يتولاه ، وفي كل سفر يقوم به أثر كثيراً على صحته ، وفاجأته الأزمات القلبية من حين لآخر ، وكانت أول أزمة قلبية تفاجئه في التاسع عشر من أغسطس عام 1953م ، وكان إذ ذاك يعمل بالأمم المتحدة ، وظل يعاني من المرض حتى توفي بالسكتة القلبية في الخامس عشر من ديسمبر عام 1958م بمدينـة " نيويـورك " ، وبها دفن ، فرثتـه الأوساط الأدبية والسياسية والصحفية (13) .
آثاره :
لم يكن " بطرس بخاري " غزير التأليف والتصنيف ، وربما كان ذلك بسبب حياته الحافلة بأحداثها والمناصب العديدة والهامة التي تولاها ، ولكنه مع ذلك ترك لنا العديد من الإبداعات التي تضعه في مصاف الأدباء الكبار ، ومن أهم هذه الإبداعات :
1 – مضامين بطرس " ، وهي مجموعة من المقالات الفكاهية .
2 – مقدمات بطرس ، وهي مجموعة من المقدمات التي كتبها لكتب من تأليف غيره .
3 – متفرقــات بطــرس ، وهــي مجموعــة من المقالات المتفرقة التي كتبها " بطرس " ونشرت في أماكن متفرقة ، وبتواريخ مختلفة .
4 – رحلات بطرس ، وقد دونها بطرس في شكل خطابات إلى أصدقائه وهي :
أ – رحلة إنجلترا " سفر انكلستان " ، وأرسلها إلى صديقه " إمتياز عي تاج " في 10 سبتمبر عام 1926م .
ب – أسواق وحواري المكسيك " ميكسيكو كـ كوجه وبازار " ، وأرسلها إلى وزير الداخلية في عصره صديقه " خواجه شهاب الدين " عام 1949م من المكسيك التي كان قد سافر إليها لحضور مؤتمر " البث الإذاعي " الدولي في العام نفسه .
5 – أشعار بطرس ، وهي عبارة عن بعض الغزليات والمنظومات القليلة التي كتبها من وقت لآخر .
6 – بطرس والأمم المتحدة ، وهي مجموعة من الخطب والتقارير التي كتبها أثناء عمله بالأمم المتحدة .
7 – قصص ومسرحيات بطرس : وهي مجموعة من القصص القصيرة والمسرحيات ورواية مختصرة واحدة .
8 – مقالات عن شخصيات ، وهي مجموعة من المقالات كتبها بطرس عن شخصيات أدبية معروفة .
9 – رسائل بطرس ، وهو مجموعة من الخطابات ذات الأهمية الأدبية والتي أرسلها إلى أصدقائه ومعارفه .
10 – تقارير بطرس ، وهي مجموعة من التقارير التي كتبها بطرس أثناء عمله في الأمم المتحدة ، وضمتها الأعمال الكاملة لبطرس سابقة الذكر (14) .

شخصيته وثقافته :

تفتحت عيون " بطرس بخاري " على بيئة أدبية تمثلت أول الأمر في أبيه الذي كان شاعراً ، وأخيه الذي كان يكتب الشعر هو الآخر ، ثم في الأمسيات الشعرية التي كانت تعقد بشكل شيه يومي ، وكان يحضرها الأب والأبناء معاً ، ولذا مال " بطرس " إلى الشعر منذ طفولته ، وكتب بعضاً منه ، وإن رآه لا يستحق الاحتفاظ به فأضاعه ، أو معظمه (15) .
وتضم شخصية بطرس جوانب عديدة يمكن تناولها ، فهو أستاذ محبوب لتلاميذ وطلابه ، وسياسي محنك ، وإداريّ ناجح ، ومتحدث بارع ، وأديب رفيع المستوى ، ومترجم حاذق .
لقد كان " بطرس بخـاري " يتمتع بصفات جعلت شخصيته محبوبة ومقبولة ، فقد كان ضحوكاً يميل بطبعه إلى الفكاهة والمراح ، خفيف الظل ، خدوماً بطبعه يحرص على الوقوف بجانب أصدقائه ومعارفه ، واسع الصدر يمتلئ حيوية ونشاطاً ، حلو الحديث ، أبعد ما يكـون عن العبوس ، يحب السفر والتجوال ، ويعشق العزف على الناي والمسرح ، لا يكل من العمل ، ذا همة عالية ومقدرة كبيرة على مواجهة المشاكل رغم اعتلال صحته لمرض ألمّ به في القلب ، كما كان يتمتع بذاكرة قوية وذكاء كبير وقوة في الحفظ عجيبة ، وكان يحفظ أشعاراً كثيرة من الأردية والإنجليزية ، وكان قلقاً بطبعه ، وعلى قدر كبير من الحساسية ، وكان يكره النمطية ، ويميل إلى التجديد والتغيير ، وأبعد ما يكون عن التسرع في اتخاذ القرارات مهما كانت بسيطة ، كما كان صاحب مبادئ يعتز بها ، ويكره الإخلال بالنظام ويلتزم به .
كان " بطرس بخاري " يجيد الأردية والفارسية والبشتو والإنجليزية والفرنسية إجادة تامة ، وكانت له مقدرة كبيرة على كتابة المقالات باللغتين الأرديـة والإنجليزيـة ، فنشر عدة مقالات وهو طالب باللغة الإنجليزية في مجلة " الكلية الحكومية " المعروفة باسم " راوي " ، وكذلك في " المجلة المدنية والعسكرية الإنجليزية " ، ولم يكن يكتبها باسمه الحقيقي ، وإنما باسم أستاذه الإنجليزي " بترو اتكسن " ، بينما نشر مقالات عديدة في المجلات الأرديـة ، وعلى رأسها مجلة " كهكشان : المجرّة " ، وكان يكتبها باسم " بطرس" ، وهو الشكل الأردي لـ " بترو " ، وهو الاسم الذي اتخذه لنفسه تخلصاً لنفسه فيما بعد.
كان " بطرس " كما ذكرنا مثقفاً يعشق القراءة ويحرص عليها ، ولذا فقد كان يقتني مكتبة رائعة تضم آلاف الكتب القيمة أردية وفارسية وإنجليزية ، وكان أكثر أصدقائه – بطبيعة الحال – من الأدباء والشعراء والمهتمين بهذا المجال عمومـاً ، ونذكـر من هؤلاء الأديب الكبير " صديق سالك " (16) ، والشاعر الكبير " فيض أحمد فيض " ، والأديب الكبير " إمتياز علي تاج " ، والأديب الكبير " صوفي غلام تبسم " .
هذا وكان " بطرس بخاري " لا يتهاون في حقوقـه ، ولا يدعها تضيع منه ، ويبذل قصارى جهده للحصول عليها . ذات مرة خلا منصب رئيس قسم اللغة الأردية بالكلية الحكومية والذي كان يعمل به أستاذاً ، وكان من حقه أم يتولى هذا هو رئاسة القسم ، ولكن تم تعيين أحد الأساتذة الإنجليز بدلاً منه ، فاحتج على ذلك بشدة أمام عميد الكلية ، ولما لم يحصل على حقه صعّد احتجاجه إلى مدير التعليم ، ثم إلى حاكم الإقليم ، وهكذا إلى أن استطاع الحصول على حقه رغم كون هذه القيادات كلها من الإنجليز ، ورغم ميلهم إلى تعيين واحد من بني جلدتهم ، كما أنهم هم المحتلون للبلاد (17) .
هذا كما كان " بطرس " يشعر تماماً بمكانته ، ويفخر بتفوقه . بقي أن نقول أنه كان طويل القامة ، غزير شعر الحاجبين ، أبيض مشرب بحمرة ، عيناه واسعتان ، ووجهه مستطيل ، ويبدو من شكله أفغانياً أو إيرانياً ، وكان يحب النفاسة والهندام الجميل (18) .

مضامين بطرس
كانت شخصية " بطرس بخاري " ، وما وهبه الله من مقدرة على التكيف مع واقع الحياة ، وفطرة سليمة مقبلة عليها وراء وجود هذا العمل الأدبي المتميز في عصره ، والمتميز حتى في عصرنا هذا ، فلقد كانت الظروف التي تعيشها شبه القارة الهندو باكستانية في الفترة التي كتب فيها " بطرس " مقالاته هذه ظروفاً أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها لم تكن تساعد مطلقاً على خلق مثل هذا العمل الأدبي الفكاهي ، بل على العكس من ذلك ، كانت تهيئ جواً مناسباً للأعمال الأدبية الساخرة ، حيث تعيش البلاد وأهلها حياة غير طبيعية في ظل احتلال يسومها سوء العذاب . هذا من جانب ، ومن جانب آخر يعيش الناس حالة من الصراع الداخلي – كما سبق أن أشرنا – بين مدنية وافدة مادية مكتسحة هي المدنية الغربية ، وحضارة متراجعة مهزومة هي الحضارة الشرقية ، وهو ما خلق اتجاهات غير معتدلة ، بعضها يرفض هذه المدنية الجديدة بكل ما فيها ، ووسيلته الأدبية في هذا هي السخرية من مخالفيه ، بينما البعض الآخر يلجأ إليها ويلوذ بها ، ويرفض حضارته ويتبرأ منها ، ووسيلته الأدبية في ذلك هي أيضاً السخرية من مخالفيه . أما الاتجاه المعتدل فيظل كامناً غير واضح ، وإلى هذا الاتجاه ينتمي " بطرس بخاري " الذي أحب الحياة بكل صعوباتها ، واستمتع بكل إفرازاتها ، وذلك كله لسعة صدره ونظرته الشاملة للأمور ، ولذلك نقول أن المستوى الذي وصل " بطرس " بفن الفكاهة إليه لم يكن نتيجة تدرج تاريخي لهذا الفن أو حلقـة في سلسلة تطوره ، وإنما كان ثمرة مزاجه هو ، وطبعه الخاص به ، ولذا كان هذا المستوى مثالياً ، وظل لفترة طويلة غير قابل للمنافسة ، وأصبحت هذه المجموعة من المقالات تعد _ بحق _ أفضل عمل فكاهي أردي حتى يومنا هذا .
وهذه المقالات – كما سبق أن ذكرنا – هي أفضل ما كتب " بطرس بخاري " ، والسبب الأساسي في شهرته على الساحة الأدبية . والكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات الفكاهية يبلغ عددها أحد عشر مقالاً بالإضافة إلى المقدمة كتبها وهو في التعليم ، وتزيد عدد الصفحات التي تحيط بها هذه المقالات عن المائة صفحة ، ونشر معظمها ما بين عامي 1920م / 1921م ، في أوقات مختلفة في مجلة " راوي " ، وطبعت لأول مرة في شكل كتاب عام 1934م (19) .
هذا وقد استفاد " بطرس بخاري " في مقالاته بأكثر الوسائل الفعالة في خلق فكاهة رفيعة المستوى مثل اختيار موضوعات بعينها ، وخلق المواقف المضحكة ، والموازنة بين شيئين ليظهر المفارقـة بينهما فيكون ذلك باعثاً على إثارة الضحك ، وكذلك اللعب بالألفاظ ، واختراع شخصيات لها من السمات والصفات ما يجعل القارئ يضحك لمجرد تصورها ، وكذا " التحريف " الفكاهي المهذب للنصوص الأدبية المعروفة ، ثم توظيف اللغة بشكل يبعث على الضحك . هذا وسوف نتحدث عن هذا كله بشكل أكثر تفصيلاً .
موضوع المقالات :
وتتميز موضوعات المقالات بالتنوع والشمولية ، وتعكس جوانب عديدة في الحياة ، فتتحدث عن عالم الطلاب ، والمرحلة الفكرية والعمرية التي يعيشونها ويمرون بها ، كما تعكس الحياة العائلية ومشاكلها وأحداثها الشيقة ، وكذلك الصداقات والأصدقاء ، وأيضاً سوء إدارة البلدية ، ومنافقة الزعماء السياسيين وعد كفاءتهم . هذا ويعرض " بطرس " لكل تفاصيل الموضوعات التي يطرحها ، والقصة أو الحدث الذي يرويه ، ويوظف هذه التفاصيل لخدمة الهدف من وراء حكاية الحدث ، وهذه هي الميزة التي تميز بها " بطرس " عن غيره ، فهو يقدم لنا ما يحدث في الحياة من أمور يومية بأسلوب بسيط ولغة شيقة ، بحيث يشعر القارئ أنه يعيش نفس التجربة ، وذلك بدلاً من أن يقدم أحداثاً بعيدة عن الواقع أو من نسج الخيال .
1 – السكن في المدينة الجامعية " هوستل مين برهنا " ، ونشر في مجلة " نقوش " العدد الخاص ببطرس ، ويعرض فيه " بصيغة المتكلم " لطالب من أبناء القرى ينتمي إلى أسرة محافظة لم يتعلم كثير من أفرادها ، وتتوقع من هذا الطالب تفوقاً تفخر به ، بينما الولد لا يهتم بهذا الأمر كثيراً ، ولذا يحصل على الثانوية بعد معاناة كبيرة ، وتقرر أن يذهب إلى المدينة " وهي هنا لاهور " للالتحاق بالجامعة واستكمال التعليم ، وتتفجر الطموحات لدى الطالب الذي يحلم بالاستمتاع بالحرية في المدينة ، خاصة وأنه سمع كثيراً عن هذه الحرية ، ويأمل أن يسكن في المدينة الجامعية ، ولكن أهله يرفضون تلبية رغبته هذه لما سمعوه من بعض متعلمي الجيل السابق عن مساوئ السكن في المدن الجامعية ، ويظل الطالب طيلة فترة الدراسة في محاولات مستمرة ومستميتة لكي يحصل على موافقة أبيه ، وهو في هذه الأثناء يرسب سنة بعد أخرى فيفقد ثقة أبيه فيه ، ولكنه في كل مرة يؤكد لأبيه أن سبب رسوبه هو عدم سكنـه في المدينة الجامعية ، وفي نهاية الأمر عندما يوافق أبوه على تلبية رغبته هذه بداية من العام الجديد ، بعد أن يخبره الابن بأنه سيرسب كالعادة ، إذ به ينجح ، وكانت السنـة النهائية ، فيتخرج وفي نفسه حسرة لعدم سكنه في المدينة الجامعية .
2 - عندما استيقظت مبكـراً " سويريــــ جـو كل آنكهـ ميرى كهلى " ، ونشر لأول مرة في " راوي " عدد ديسمبر 1921م . ، كما نشر بعد ذلك في مجلة " بنكهريان " الشهرية ، عدد يوليـو عـام 1925م . ويعرض " بطرس " في هذا المقال لتفاصيل حياة طالب – يحمل نفس صفات الطالب الذي تحدث عنه في المقال السابق من الطموح الذي يفوق إمكانياته ونشاطه – في المدينة الجامعية ، وكيف أنه لم يستطع إجبار نفسه على الاجتهاد رغم رغبته الصادقة في ذلك ، ومحاولاته المستمرة للاستيقاظ مبكراً لكي يستذكر دروسه في الصباح الباكر والهواء المنعش ، ولكنه برغم محاولاته هذه يفشل في التغلب على كسله .
3 – الكلاب " كتــــــ " ، ونشر في مجلة " هزار داستان " الشهرية بلاهور عام 1933م . وفيه يعرض بطرس للزيادة المخيفة في عدد الكلاب الضالـة في المدينة ، وكيف أنها تسبب رعباً للرائح والغادي ، ولا ينسى أثناء حديثه هذا أن يعرض للفرق بين الكلاب " البلدي " و " كلاب أولاد الذوات " .
4 – الكتاب الأخير في الأردية " اردو كى آخرى كتاب " ، ونشر في " نقوش " عدد خاص ببطرس . وفي هذا الكتاب يقوم " بطرس " بتحريف (20) بعض فصول من كتاب " الكتـاب الأول في اللغـة الأرديـة " لمولانا " محمد حسين آزاد " (21) ، وهو كتاب تعليمي للمرحلة الابتدائية .
5 – أنا زوج " مين ايكـ ميان هون " ، ونشر في " نقوش " عدد بطرس . وفيه " يعرض " بطرس " لزوج محب للانطلاق والحرية وإن كان مخلصاً في حياته الزوجية ، وينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تذهب فيه زوجته لزيارة أهلها حتى يستطيع الاستمتاع بحياته مع أصدقائه بعيداً عن القيود التي تفرضها زوجته على دخول أصدقائه بيته ، ولذا ما أن تركب زوجته القطار في طريقها إلى بيت أهلها حتى يستدعي أصدقائه ، ويمارسون هوايتهم في لعب الورق " الكوتشينة " بفوضوية كل يوم ، وذات يوم تعود زوجته إلى البيت وهم على هذه الحال فيسقط في أيدي الزوج .
6 – شيخ " مريد بور " مريد بور كا بير " ، ونشر في " نقوش " عدد بطرس . وفيه يعرض " بطرس " لطموحات رجل تتاح له الفرصة بمحض الصدفة ليقف خطيباً سياسياً بين الناس ، وهو لا يملك من مقومات القيادة شيئاً ، ولذا ينكشف أمـره سريعـاً . وفي المقال نقد لبعض السياسيين والصحفيين بشكل خاص .
7 – مسك الختام " انجام بخير " ، ونشر في " نقوش " عدد بطرس . وفيه يعرض " بطرس " – بشكل درامي – للوضع الاقتصادي السيئ للمعلمين .
8 – عشق السينما " سينما كا عشق " ، ونشر في " نقوش " عدد بطرس . وفيه يعرض " بطرس " لرجل يرغب في مشاهدة السينما ، ولكنه لا يفضل الذهاب وحده ، بل يرغب في أن يرافقه صديقه القرب إليه ، والذي يتمتع بقدر كبير من " البرود والبطء واللامبالاة " ، مما يتسبب دائماً في التأخر عن موعد بدايـة عرض الفيلم ، وفي كل مرة يعاهد الرجل نفسه ألاّ يصطحب صديقه هذا معـه ، لكن قدميـه في كل مرة تقودانه إلى بيت صديقه ليصطحبه ، وليتأخرا – كالمعتاد – عن موعد بداية الفيلم .
9 – ميبل وأنا " ميبل اور مين " ، ونشـر في مجلة " تهذيب نسوان " الأسبوعية عدد نوفمبر 1919م . وفيه يعرض " بطرس " لطالب شرقي يدرس في أوروبا ، حيث يتعرف على فتاة يرى فيها مثالاً للثقافة والاطلاع ، على اعتبار أنهما كانا يتناقشا في أمور أدبية كثيرة ، وكانت إجاباتها على أسئلته التي تعرض له أثناء المناقشة تؤكد له أنها مطلعة بشكل كبير على مستجدات الثقافة والأدب ، ويحاول هو الآخر أن يلقي في روعها ، وبشتى الطرق ، أنه مثقف مثلها ، فيتبادل معها أحدث الكتب للاطلاع ، وهو في حقيقة الأمر لا يطالع شيئاً ، لكن " مشرقيته " تأبى عليه أن تتفوق عليه أنثى أو تساويه ، وفي النهاية ينكشف أمره أمامها ، وتعرف أنه يتبادل معها الكتب دون أن يقرأ منها شيئاً ، ولكنها لا تعجب ولا تندهش ، لأنها هي الأخرى تتبادل معه الكتب دون أن تقرأ شيئاً أيضاً .
10 – في ذكرى المرحوم " مرحوم كى ياد مين " ، ونشر في مجلـة " نيرنكـ خيـال " الشهرية ، عدد فبراير ، مارس 1932م ، وربما يكون عنوان هذا المقال مأخوذاً من عنوان منظومة طويلة للعلامة " محمد إقبال " يرثي فيها والدته بعنوان " والده مرحومه كى ياد مين : في ذكرى المرحومة أمي " ، وقد لا يكون كذلك . على أية حال يعرض " بطرس " في هذا المقال لرجل يرى من الظلم له أن يبقى طيلة حياته هكذا سائراً على قدميه ، بينما يركب الآخرون سياراتهم التي تنفث غبارها وعوادمها على وجهه ، فيتناقش مع صديقه " البارد " في أمر شراء سيارة ، وهو في الحقيقة لا يملك ثمن دراجة ، ويلتقط صديقه " البارد " هذا الخيط ، ويبيعه دراجة قديمة عفا عليها الزمن عنده على أنها – مع بعض الإصلاحات البسيطة – تفي بالغرض ، وتنجيه من السير على أقدامه ، وبعد أن يشترى الرجل الدراجة يكتشف الخدعة الكبرى التي أوقعه فيها صديقه ، إذ أن الدراجة لا تصلح للاستخدام كلية ، ويفشل حتى في بيعها بأي ثمن ، فيلقي بها في البحر ، ثم يعود إلى بيته ليفكر في طريقة ينتقم بها من صديقه المخادع هذا .
11 – جغرافية لاهور " لاهور كا جغرافيه " ، ونشر في مجلة " كاروان " السنوية بلاهور عام 1934م . وفيه يتعرض " بطرس " بالنقد للإدارة المحلية لمدينة " لاهور " ولبلديتها التي لا تستطيع توفير المياه للسكان ، كما يقوم بطرس بالتحريف الضاحك في المعلومات الثابتة المعروفة عن المدينة من حيث حدودها الأربعة وشوارعها وطقسها ، منتقداً من خلال هذا الزيادة السكانية ، والامتداد العشوائي لمباني المدينة .

هوامش

1 - كان يعمل مديراً عاماً للإذاعة الباكستانية إلى أن تقاعد عام 1959م .
2 - بطرس بخاري – كليات بطرس – إعداد شيما مجيد – الجزء الأول – ص 26 – لاهور – باكستان 2003م .
3 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 3 -
4 - نزل بطرس أثناء سفره هذا ، والذي كان بالبحر ، في السويس ، وزار بور سعيد ، وسجـل طرفاً من هذا في خطاب له كتبه إلى صديقه امتياز علي تاج بتاريخ 22 سبتمبر 1926م ، ولا نرى بأساً من ذكره هنا ، يقول بطرس : " كتبت لك الخطاب السابق في مدينة السويس ، وأرسلته في البريد من مدينة بور سعيد ، فقد وصلت السفينة بور سعيد في العاشرة صباحاً ، حيث ركبنا القوارب ووصلنا إلى الشاطئ . كانت مباني بور سعيد جميلة ومنمقة ، ومطابقة للمواصفات الصحية الغربية ، لكن طرز التعمير الإفريقي هو الغالب عليها , أسواقها متسعة ونظيفة ، وحوانيتها مزينة ، وكم عجبنا حين لاحظنا كثرة المقاهي ، وازدحامها حتى في أوقات لم تتجاوز العاشرة صباحاً ، حتى ظننا أن الناس هنا عاطلون عن العمل ، يجلسون بالآلاف يشربون القهوة مرتدين ملابس إنجليزية ، وعلى رؤوسهم الطرابيش أو قبعات من القش ، يشربون النرجيلة ويلعبون القمار ، وأصحاب المحلات والحوانيت يدعونك بإلحاح وتملق للشراء ، فإذا واصلت سيرك ولم تعرهم اهتماماً وجهوا إليك أقذع الشتائم ، أما المرشدين السياحيين فإنهم يسدّون الطرقات لكثرتهم ، ويحدثونك بكل جرأة عن أعمال منافية للحياء ، فإذا تجنبتهم مظهراً ضيقك مما يقولون شتموك "
انظر كليات بطرس - الجزء الأول – 406 .
5 - كليات بطرس – الجزء الأول – ص 27 -
6 - تصادف أن كان كل من بطرس بخاري ورشيد أحمد صديقي كاتباً فكاهياً ، ويعمل أستاذاً للأدب الإنجليزي أيضاً .
7 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 8 -
8 - فيض أحمد فيض ، أحد كبار شعراء الأردية في القرن العشرين ومن أكثرهم شهرة بعد إقبال ، ولد بمدينة سيالكوت " مدينة إقبال " ، وتوفي عام 1984م ، وهو أحد رواد الحركة التقدمية والتي تأسست عام 1935م .
9 - ن . م . راشد من شعراء الأردية المعروفين في القرن العشرين ، ولد عام 1910م ، وتوفي في الثمانينات من القرن المنصرم ، وله أربعة دواوين هي : 1 – ماورا 2 – ايران مين اجنبي 3 – لا = انسان 4 – كمان كا ممكن .
10 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 13
11 - لياقت علي خان هو أول رئيس وزراء لباكستان بعد قيامها .
12 - كليات بطرس – الجزء الأول - ص 27 -
13 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 14 -
14 - اعتمدت في إعداد قائمة أعمال بطرس بشكل أساسي على :
أ – ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – لاهور – باكستان 1967م .
ب – شيما مجيد - كليات بطرس لاهور – باكستان 2003م .
جـ بطرس بخاري – تنقيدي مضامين – لاهور – باكستان ، بدون .
د – بطرس بخاري – بطرس كـ خطوط – لاهور – باكستان ، بدون .
15 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 32 .
16 - كان أديباً كبيراً ، وذا منصب رفيع في الجيش الباكستاني ، وتوفي في 17 / 8 / 1988م في حادث الطائرة العسكرية سى 130 مع الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال ضياء الحق ، والتي سقطت فوق مدينة بهاولبور وبها شخصيات رفيعة المستوى كانت برفقة الرئيس .
17 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 19 .
18 - المرجع السابق – ص 22 .
19 - ريحانه يعقوب – بطرس بخاري – ص 35 .
20 - فن التحريف ( بيرودى ) هو أحد الفنون الأدبية الأردية ، ويعتمد على تحريف نص معروف بطريقة تبعث على الضحك .
21 - محمد حسين آزاد من كبار أدباء الأردية ، وله باع طويل في نشأة الشعر الأردي الحديث ، وتوفي عام 1914م .