المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة إلى الأعماق - الجزء 6 - نزار ب الزين



نزار ب. الزين
08/11/2007, 06:51 AM
رحلة إلى الأعماق
قصة من الخيال العلمي في حلقات
الجزء السادس
نزار ب. الزين*
*****
أبطال القصة :
د.عبد الله من المغرب تخصص ألكترونيات و برمجة و هندسة الحاسوب
د. هشام من سورية تخصص معادن و سبائك معدنية
د. مجدي من مصر تخصص جيولوجيا و طبقات الأرض و علم الزلازل و البراكين
د. حمود من الإمارات العربية المتحدة /أمارة دبي تخصص كيمياء ، فرع النفط و الصناعات النفطية
د. رياض فلسطيني يعيش في الأردن تخصص ميكانيك و محركات ثقيلة .
*****
يعلق الدكتور عبد الله و قد تملكه الحزن :
- نفس المدينة يتم غزوها بنفس الأسلوب الوحشي بفارق زمني قدره حوالي ثمانية قرون ، و هذا ما يؤكد النظرية التي تقول " أن التاريخ يعيد نفسه " .
ثم يوجه سؤاله لجمنا :
- ما هي ابشع الحروب البشرية برأيك ، و ما هي أفظع المجازر ؟
يجيبه جِمنا على الفور :
= إنها الحرب العالمية الثانية و التي كانت حصيلتها ست ملايين قتيل و أضعاف ذلك من الجرحى و المعوقين عدا الدمار الذي لحق بعشرات المدن و البلدات و القرى عبر العالم ، أما أبشع مجزرة فهي مجزرة هيرشيما التي احترق فيها خلال عشر دقائق أكثر من سبعين ألف نسمة قتلوا في الحال بينما أصيب أضعافهم بالحروق و المضاعفات الإشعاعية .
ثم أضاف بصوت أعلى و بتوكيد على كل كلمة :
= و الأدهى و الذي لم ينتبه إليه أحد من علمائكم أن الكرة الأرضية تزحزحت قليلا عن مدارها مقتربة حوالي عشرة آلاف كيلومتر من الشمس بتأثير رد فعل قوة تفجير قنبلتي اليابان النوويتين و ما تبعهما من تجارب نووية ، تصادف أكثرها في النصف الآسيوي من الكرة الأرضية ؛ و على الرغم بأن هذه النقلة لا تشكل إلا نسبة بسيطة من المسافة بين الأرض و الشمس ، إلا أنها مقترنة بظاهرة الدفيئة ، فهي كافية لما نشاهده من تغيرات مناخية خطيرة .
و لعلمكم فقد كان فوق السطح في اليابان حوالي أربعة آلاف فرد من شعبنا ، فقدوا قدرتهم على الإستنساخ بتأثير الإشعاع النووي !
يتساءل الدكتور رياض :
- و لكنك يا أخ جِمنا ، لم تذكر حتى الآن سوى الجانب السيء من مسيرة البشرية التاريخية ، فهل من المعقول أن للإنسانية وجها واحدا ، هو هذا الوجه القبيح ؟
إن للإنسانية جانبها الإيجابي أيضا ، فهناك الأنبياء و الأولياء الصالحين و القديسون ، الذين نذروا أنفسهم من أجل تقدم البشر و نقل أخلاقياتهم نحو الأفضل ؛ و هناك المخترعون و المكتشفون الذين لهم الفضل الأكبر في تطور الإنسانية و تقدمها ، و على المستوى الفردي ، هناك أمهات يتفانين من أجل رعاية أولادهت و توفير حياة كريمة لهم ، و هناك أغنياء كرماء بذلوا و يبذلون من أموالهم لمساعدة الفقراء و هناك جمعيات إنسانية يديرها أشخاص نذروا أنفسهم للتخفيف من آلام البشر .
فليست الإنسانية كلها حروبا و توحشا ، ألا ترى ذلك معي يا سيدي ؟
يبتسم جِمنا و هو يجيبه :
= نعم هناك إيجابيات قليلة تضيعها السلبيات الكثيرة ...
و سأعرض لكم لقطة عن مجتمع كان و لا زال مثاليا ينعم بالسلام الدائم منذ آلاف السنين ، و لكنه نأى بنفسه عن الآخرين ، بسبب نزعتهم العدوانية ، و آثر أن تبقى حضارته الرائعة طي الكتمان و أحاط وجوده بالسرية التامة تحسبا ؛ ذلك هو مجتمع " أتلنتيا " .
و تنتصب الشاشة المائية و يبدأ العرض :
نساء و رجال ، في غاية الجمال ؛ طول فارع يعادل 150% من الطول المتوسط للبشر ، شعر يميل إلى الحمرة ، عيون واسعة عسلية اللون ، ، الرجال منهم يرتدون ثيابا بيضاء مكونة من قطعتين ، سروال قصير و قميص ( نصف كم ) مزين بزخارف هندسية يتوسط بينهما حزام جلدي مزخرف ، و في أقدامهم نعالا خفيفة ترتفع إلى ما فوق الكاحل مزينة بزخارف شبيهة بزخارف الحزام ، أما النساء فقد ارتدين ملابس زاهية الألوان بلا أكمام ، و طويلة تكاد تلامس الأرض ، و قد زينوا صدورهن بعقود اللؤلؤ و المرجان.
يصيح الدكتور عبد الله على حين غرة :
- ألم اقل لكم أنني لم أكن أحلم ؟!!!
يجيبه الدكتور حمود بصوت متلجلج انبهارا و دهشة :
- لك الحق .. لك الحق .. لك الحق و الله ... لقد بدأت أتذكر ، نعم لقد كنا هناك !!...
و لا يلبث أعضاء المجموعة أن تعود إليهم جميعا ذاكرة ساعتي الزمن المفقود ...
ثم يؤكد لهم جِمنا :
= نعم كنتم هناك ، و قد استخدموا معكم أشعة محو الذاكرة ، لكي لا تشوا بوجودهم لعالم سطح الأرض المضطرب ، و أنا بدوري ، أرجوكم ألا تفعلوا ، بل إني على ثقة أنكم لن تفعلوا ، خشية دمار هذه الحضارة الإنسانية المثلى ، أما عنا فتحدثوا ما شئتم ، فلن يصدقكم سوى الجهلة و أنصاف المتعلمين..
ثم يفاجؤون بظهورهم على الشاشة و هم يسيرون الهوينى بين أفراد شعب أتلنتيا ، الذين أخذوا يلوحون لهم مرحبين ...
ثم بظهورهم في قاعة فسيحة توسطتها طاولة رخامية بيضاوية الشكل ، التف حولها أربعة رجال و ست نساء هم أعضاء مجلس وزراء أتلنتيا ، إضافة لمجموعة العلماء العرب .
و مع وضوح كامل للصورة و الصوت ، تنهض إحدى الوزيرات لتلقي كلمتها ، فتقول : " في الحقيقة ، بلدنا ينقصه الذكور ، و عدد سكاننا في تناقص ، فنحن نرحب بكل ذكر يحضر لزيارتنا ، لقد بلغت نسبة الإناث 76% من مجموع السكان ، و هذا يهدد شعبنا العظيم بالانقراض . فعلامَ عودتكم إلى السطح ؟ و شعوبه لم تتمكن حتى الآن من التغلب على نزعتها الحيوانية ، شعوب لا زالت متناحرة متحاربة يفترس قويها ضعيفها ، شعوب تملك من وسائل التدمير أكثر من تملكهم لوسائل التعمير! "
فيتصدى لها الدكتور هشام قائلا : " لهذا السبب اتحدنا نحن الخمسة ، و هدفنا الإسهام في تطوير العلوم و المعارف البشرية ، لكي يصبح للناس جميعا مصادر رخيصة للطاقة ، مصادر جديدة للمياه العذبة ، مصادر جديدة للمعادن ، لنحقق في النهاية ما يكفي كل البشر من الغذاء و الكساء و البيوت المريحة و المواصلات السهلة ، و نعتقد جازمين ، أنه إذا تحقق كل ذلك فإن الصراعات سوف تنتهي و أن العدالة سوف تسود ؛ أما إن بقينا في ضيافتكم - كما تطلبون – فإن كل جهودنا ستذهب أدراج الرياح " .
يعلق جٍِمنا قائلا و موجها كلامه للدكتور رياض : " هذا بالضبط ما يجعلني متحمسا لمساعدتكم بكل ما أملك من إمكانيات - بصفتي رئيسا لفريق العلماء الذي أقوده - فأهدافكم نبيلة و تستحق الإحترام " .
يسأله الدكتور حمود بعد أن رفع إليه آيات الشكر الجزيل لهذه الثقة الغالية ، يسأله :
- لقد لفت نظري أن علماء جمهورية أتلنتيا الفاضلة تمكنوا من اقتحام الفضاء الخارجي و أن لديهم الكثير من مختلف أنواع المركبات التي نسميها أطباقا طائرة ، و لاحظت شبها بينها و بين الأطباق الطائرة التي أحضرت المنفيين من أعماق المجرة إلى الأرض ، فما سر هذا التشابه برايك ؟
يجيبه جِمنا :
= لقد تمكنوا من الإتصال بمخلوقات الكواكب الأخرى ، و لما تأكد هؤلاء من نزعتهم السلمية و رقي حضارتهم و تقدمها ، نقلوا إليهم تقنية مقاومة الجاذبية و أرشدوهم إلى ممرات الجاذبية الكونية التي تخترق المجرة و تمكن المركبات بالتنقل بين كواكبها بسرعة تتجاوز أضعاف سرعة الضوء ....
*****
التفت الدكتور مجدي إلى أصدقائه مذكرا :
- لا تنسوا أننا على موعد مع أهلنا عن طريق الإتصال المرئي ، فما رأيكم أن نتوجه حالا إلى المركبة لهذا الغرض ، لابد أنهم في غاية الشوق لسماع أخبارنا من أفواهنا كما شوقنا إليهم .
يقاطعه جِمنا قائلا :
= بإمكاني أن أن أساعدكم بهذا الإتصال عن طريق شاشتنا المائية ، و لكن لن يروكم لأنكم محاطين بفقاعات المادة المعتمة .
فيعتذر الدكتور حمود بأنه يفضل تبادل الرؤية و الصوت مع الأهل ، فذلك أكثر حميمية بالنسبة للجميع .
*****
عندما عادوا إلى قاعة المختبر في مملكة المادة المعتمة ، كانوا متأثرين ، مطرقين برؤوسهم فقد كان اللقاء مشحونا بالعواطف الجياشة .
تقدم منهم مخلوق مشع آخر عرف بنفسه قائلا : " إسمي نمرود ، كلفني الأمير جِمنا أن أكون في خدمتكم في كل ما تسألون أو ترغبون ، فقد اضطر للمغادرة في مهمة طارئة " أجابه الدكتور حمود :
- عاجزون عن الشكر يا أخي ، في الواقع لدينا رغبة في المغادرة على متن مركبتنا ، لنكمل الهدف من رحلتنا الإستكشافية التي لم نحقق منها إلا القليل مما نصبو إليه حتى الآن ..
يجيبه نمرود مؤكدا على كل كلمة تصدر من فمه الذي لا يكاد يرى ، و بصوته الرفيع الشبيه بزقزقة عصفور :
= ماهي أهدافكم بالضبط ؟ نحن جميعا هنا طوع بنانكم ؛ و لأكون أكثر تركيزا ، ما هو اختصاص كل منكم لنساعده في مجال اختصاصه ، فقد أكد لنا رئيس فريق العلماء الأمير جِمنا قبل مغادرته ، أن أهدافكم نبيلة ، و ذات أبعاد إنسانية ، و تستحق الإحترام .
يعرِّف كل منهم باختصاصه و أهدافه ، فيجيبهم نمرود :
= مارأيكم أن تنقسموا إلى فريقين : الفريق الأول يتألف من الأساتذة : هشام ، و مجدي ، و حمود ؛ لتقارب إختصاصاتهم من حيث دراسة موارد أعماق الكرة الأرضية ، و سوف أكون شخصيا مرافقكم و مرشدكم .
أما الفريق الآخر فمن الأستاذين عبد الله و رياض ، اللذان سينحصر عملهما في المختبرات ، و سيكون في خدمتهما زميلي العالم كرزون .
و قبل أن يتم لفظ اسمه ، ظهر كرزون أمامهم مرحبا ، و معرفا بنفسه ، و واضعا نفسه رهن الإشارة .
***************
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو جمعية المترجمين العرب ( ArabWata )
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com
***************
رحلة إلى الأعماقرابط الجزء الأول :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج1=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثاني :
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج2=-نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الثالث
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج3=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الرابع
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج4=نزار-ب-الزين.htm
رابط الجزء الخامس
http://www.freearabi.com/رحلة-إلى-الأعماق=ج5=نزار-ب-الزين.htm