المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آراء إسرائيلية فى مستقبل الصراع بين حماس وإسرائيل



عمرو زكريا خليل
09/12/2007, 11:35 AM
مستقبل الصراع بين حماس والكيان الصهيوني
[ 29/09/2007 - 11:28 ص ]

تزايدت مؤخرا التهديدات الإسرائيلية بتصعيد العمل العسكري على قطاع غزة على ألسنة صناع القرار بالمؤسستين السياسية والعسكرية كانت آخرها لوزير الدفاع إيهود براك الذي حذر من "تعاظم الخطر" الصادر عن غزة مهددا بمعالجته، إلا أن عددا من الخبراء والمحللين الإسرائيليين يؤكدون على وجود عوائق متنوعة تحول دون خروج إسرائيل بحملة اجتياح واسعة للقطاع، ويشيرون إلى أن مصلحة كل من إسرائيل وحماس تقضي بعدم تدهور الأوضاع نحو انفجار كبير كل لحساباته الإستراتيجية غير أنهم لم يستبعدوا وقوعه في كل يوم، فكيف تنظر إلى مستقبل الصراع بين إسرائيل وقطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس وماهي أشكال ومواعيد التصعيد المتوقع؟

فيما يلي آراء بعض المحللين والمراقبين في إسرائيل:

1- ناحوم بارنيع، معلق بارز في" يديعوت أحرونوت"

خمسة أسباب تعيق الاجتياح الآن: "يوما عن يوم تتحول "عز الدين القسام" لجيش نظامي يعد نحو 20 ألف جندي يتدرب قادته في إيران وسوريا ولبنان ولذلك نحن أمام خطر إيراني لا فلسطيني كما يؤكد قادة إسرائيليون، وما تعلمه حزب الله في لبنان بغضون سنوات أنجزه الفلسطينيون في شهور. واضح أنهم نجحوا بتطوير عملية إطلاق الصواريخ التي بوسعها أن تهدد مدينتي أسدود وعسقلان وحازوا على مواد متفجرة من نوع متقدم وأكثر فاعلية يمكن تخزينه لمدة طويلة، إن الحرب الجارية بين إسرائيل وحماس على الجدار والشريط العازل الذي تحاول الأولى بناءه هو مقدمة للحرب التي ستقد بين الطرفين.

وفي قيادة الجيش في منطقة الجنوب باتوا على قناعة أن الحرب الكبرى حتمية وهم يعتبرون أن نجاحاتهم في حماية الحدود مع غزة تمنح المستوى السياسي هامش مناورة وتحول دون انفجار الموقف مبكرا وقبل الأوان، من الناحية الإحصائية ربما يكون محتملا أن يقتل ستة جنود وستة مواطنون إسرائيليون منذ إخلاء غزة لكن صواريخ القسام حولت حياة الإسرائيليين في النقب الغربي لكابوس، أما الثمن المعنوي فهو باهظ ولا يجوز التسليم بذلك.

في الاسبوع المنصرم أصاب صاروخ روضة أطفال مغلقة في مدينة سديروت ولو كانت ممتلئة بالأولاد لوقفت حكومة إسرائيل أمام خيار واحد يتمثل بالخروج في حملة عسكرية قاسية كما حصل في عملية الجدار الواقي عام 2002 عقب عملية انتحارية قتلت العشرات في مدينة نتانيا، تنقسم قيادة الجيش بين مؤيد لاجتياح غزة وبين متحفظ منها ولكل طرف أسبابه الجدية حيث يعتقد قائد لواء الجنوب في الجيش الجنرال جالنت ونائبه تشيكو تمير أنه لا مناص من عملية واسعة ومبكرة وتطلعان لا لاحتلال القطاع بل السيطرة على احتلال رفح ومحور صلاح الدين- محور تهريب السلاح الذي سيجعل من غزة دولة إرهاب عظمى خلال سنة سنتين.

ويرى المؤيدون أن هناك فرصة تتمثل بمعاداة الرئيس عباس لحركة حماس ومقاطعتها دوليا قبل أن يصاب ربما أبو مازن بالذهول ويعود لطاولة الحوار معها ما سيكبل يدي إسرائيل. ويقر أولئك بأن مثل هذه العملية مكلفة للإسرائيليين وللفلسطينيين لكنهم ينوهون إلى أن البديل أكثر فظاعة وإصابة جنوب البلاد بالشلل والحالة الآن تشبه ما شهده الشريط الحدود مع لبنان في الفترة 2000-2006 والوقت يمر ولا يخدم إسرائيل وكل إرجاء للعملية يزيد حجم الخسائر وسيأتي يوم تسأل فيه لجنة تحقيق على غرار فينوغراد: لماذا رأيتم حماس تتسلح وتتعاظم ولم تفعلوا شيئا؟

لا يسارع رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود براك لاتخاذ قرار وعلى أجندتهم توجد مواضيع أكثر إلحاحا أولها سوريا فطالما لم تهدأ الأجواء معها لن يبادرا لفتح جبهة ثانية. أما العائق الثاني فيتعلق باللقاء الإقليمي الذي سيعقد في الولايات المتحدة برعاية الرئيس جورج بوش في الخريف القادم فأي عملية واسعة في غزة تصعب على الرئيس عباس في مسعاه لتثبيت نظام حكمه الذي يعتبر هدفا مركزيا بالنسبة لأولمرت. كما أنها تفشل مساعي توني بلير لخلق أفق اقتصادي جديد للفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويتعلق العائق الثالث بمصر حيث لم تفقد إسرائيل والولايات المتحدة الأمل بأن تستجيب القاهرة لطلبهما بإغلاق الحدود مع غزة بشكل تام لمنع تهريب السلاح، أما العائق الرابع فمرتبط بالخوف من أن الاجتياح سيؤدي لاستهداف سديروت بسيل من الصواريخ ويتسبب بإفراغها من سكانها مع افتتاح السنة الدراسية الجديدة، وهناك عائق خامس، عسكري حيث أن عملية احتلال رفح ومنطقتها تتطلب تركيز قوات عسكرية كبيرة وربما قوات الاحتياط بعكس الضفة حيث تنجح القوات بالدخول والخروج بسرعة. وفي الأجواء تلوح مخاطر التورط لكن الشعور السائد في وزارة الدفاع وداخل الجيش أنه لن يكون مناص من الاجتياح. فالمعضلة حول التوقيت فقط.

2- شلومو بروم، باحث في معهد لدراسات الأمن القومي

لا مجال بالمنظور القريب أن تفاوض إسرائيل حركة حماس وهي ماضية في سياستها بتقديم الدعم للرئيس عباس وحكومة سلام فياض في الضفة الغربية ومواصلة خنق حماس في غزة. ويقضي المنطق الماثل خلف هذه الإستراتيجية بأن يقارن الفلسطينيون بين نجاح السلطة في الضفة وبين فشل حماس في غزة ودفعهم لاستخلاص العبر المرجوة، لكن هناك مشاكل صعبة ترافق هذا التوجه أهمها الخوف من أن تتوصل حماس لاستنتاج بضرورة الرد بعنف وتصعيده. لم أفاجئ حينما أعلن رئيس الشاباك بأن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أصدر تعليماته بتنفيذ عمليات عسكرية داخل إسرائيل تنطلق من الضفة الغربية وهذا أمر متوقع.

ويعني كل ذلك أنه في حال تواصلت أعمال العنف فأن الأوضاع ستشهد تصعيدا على شكل عمليات واسعة. العمليات المحدودة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في غزة ستتسع لكنني لست متأكدا من أنها ستبلغ بحجمها عملية "الجدار الواقي" لأن أوضاع غزة مختلفة فالناشطون هناك أكثر عددا وسلاحا وتدربا. كما لا توجد لإسرائيل رغبة ببسط احتلالها مجددا على غزة ولذلك سنشهد عمليات أكبر مما كان حتى الآن منذ إخلاء غزة ولكن ليس اجتياحا واسعا حتى لو نفذت عملية تخريبية في العمق الإسرائيلي خاصة أن هذه ستنطلق من الضفة. وربما تبادر إسرائيل لعملية تهدف لبتر قطاع غزة عن الأراضي المصرية في محاولة لتقليص تهريب السلاح.لا شك أن مؤتمر السلام في الخريف القادم يؤّثر على مستقبل العلاقات مع حماس فهذا التاريخ يفتح شهيتها لتفجيره بواسطة عملية داخل إسرائيل في حال مضى الغرب والسلطة الفلسطينية بمقاطعتها وهذا ربما يستعجل عندئذ عملية إسرائيلية واسعة النطاق في القطاع. في المقابل فإن لإسرائيل مصلحة معاكسة تقضي بالمحافظة على الاستقرار ضمانا لنجاح المؤتمر في نوفمبر/تشرين ثاني المقبل ولذلك لا أرى تصعيدا إسرائيليا في الشهرين القادمين.

3- عاموس هارئيل، المحلل العسكري في "هآرتس"

"استبعد شن حملة إسرائيلية واسعة على غزة بالمنظور القريب بسبب عدم وجود مصلحة للطرفين بانفجار الموقف. حماس معنية بالمحافظة على المقاومة على نار هادئة وتحاشي مجابهة كبيرة لرغبتها في تثبيت حكمها في القطاع وعرقلة المساعي السلمية المبذولة من قبل الرئيس عباس وإسرائيل، كما أن الصدام الكبير من شأنه أن يؤدي لتحطيم الحركة سيما وأن الوقت يمضي لصالحها ونتائج استطلاعات الرأي تظهر كل يوم انحسار قوة عباس وحركة فتح. صحيح أن غزة مبعث قلق لكن الوضع الراهن مختلف عما كان عشية "الجدار الواقي" عام 2002. وفي سديروت ليس دقيقا أن السكان لا ينامون الليل خوفا من القسّام ولا شك أن هناك ضريبة شفوية. اعتقد أن الصدام مع حماس وارد بعد عام أو عامين ولكن ليس بالشهور القريبة إلا إذا وقعت عملية كبيرة كسقوط صاروخ قسّام في أحد رياض الأطفال تتسبب بعدد كبير من الضحايا. لا تنسى أنه بخلاف الفترة السابقة فإن تل أبيب بعيدة عن التوترات ولا تستشعر بأثر الإرهاب. وفي حال تنفيذ عملية في العمق الإسرائيلي فإن إسرائيل سترد باجتياح قلقيلية أو مدينة أخرى في الضفة دون أن تضطر لاحتلال غزة، وثمة اعتبارات عسكرية أيضا فالقطاع مكان مزدحم سكانيا وفيه مجموعات مسلحة تتقن حرب العصابات واجتياحه سيظهر إسرائيل بصورة مريعة كما أن الاجتياح لن يضمن وقف صواريخ القسّام.

كذلك لابد من إعداد الرأي العام العالمي والإسرائيلي لعملية واسعة وهذا غير ممكن اليوم بعكس الوضع عشية عملية خطف الجنديين في يوليو/تموز 2006 ولا شك أن الإسرائيليين اليوم لا يثقون بقدرة الحكومة الحالية . وقد اتهمت هذه الحكومة من قبل لجنة التحقيق، فينوغراد، بالاستعجال في شن الحرب على لبنان وهذه واحدة من دروسها واليوم لا يوجد إجماع قومي مؤيد لشّن حملة واسعة على غزة ربما تكون موطة بتقديم خسائر بشرية باهظة، إسرائيل قلقة أكثر من التهديد السوري فالوضع لم يهدأ بعد ويمكن أن يشتعل في الجولان وليس بمقدور إسرائيل فتح جبهتين بنفس الوقت. لهذا كله لا أرى حملة إسرائيلية واسعة قريبا إلا إذا وقعت عملية تخريبية ضخمة لكنني أتوقعها بعد سنة سنتين.

3- شلومو أفنيري، صحفي وناشط من أجل السلام

لا توجد لإسرائيل اليوم أي مصلحة لإنهاء حكم حماس في قطاع غزة بالعكس لم يحصل، أن شعرت طيلة العقود الأربعة الماضية بالارتياح والسرور كما في هذه الأيام إزاء انقسام الحركة الوطنية الفلسطينية وتناحر قطبيها. الحالة الفلسطينية الراهنة تشكل "شهر عسل" بالنسبة للاحتلال لأن استمرار الانقسام أضعف مقاومته. وهو يتمنى تكريسها، لقد توقفت مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية بينما لا تولي إسرائيل اهتماما كبيرا في الواقع للمقاومة في غزة فسقوط صواريخ القسّام لا يزعج الحكومة كثيرا طالما لم يقع حدث درامي.

كما أن الجيش غير معني باجتياح القطاع كونه منوطا بتسديد ثمن باهظ ويتسبب بمقتل جنود كثر وهو لا يفضل خوض معارك في مناطق مأهولة بالسكان ولذلك أتوقع أن تستمر الحالة الراهنة التي يعتمد فيها الاحتلال على التصفيات من الجو أو استخدام النار عن بعد رغم نتائجه المأساوية كقتل الأطفال كما حصل نهاية الأسبوع.

الموقف الإسرائيلي هذا لن يتغير إلا في حال وقوع حدث لا يترك لإسرائيل أي مجال للبقاء بدون رد واسع كأن يسقط صاروخ على مدرسة في سديروت مثلا ويتسبب بمقتل 20 طالبا فعندها الرأي العام الإسرائيلي سيطالب بالرد".

4- العميد يوني فوجل، مركز الأبحاث للشؤون الإستراتيجية في هرتزليا

لا توجد مصلحة لإسرائيل وحماس اليوم بتدهور الأوضاع نحو تغيير الواقع فالأخيرة معنية بالحصول على شرعية عربية ودولية ولذلك فهي لن تبادر لعمليات كبيرة تستدعي رد إسرائيلي واسع إلا إذا وجدت ذاتها أمام أحداث إستراتيجية تهدد كيانها كمؤتمر السلام في الخريف الذي يعقد بالأساس للنيل منها. ولكن بمستوى الحياة اليومية تكتفي حماس بعمليات محدودة تعبر عن استمرار المقاومة كإطلاق صواريخ القسّام أو حفر الأنفاق أو محاولات التّسلل أي مقاومة على نار هادئة ولكنها غير معنية بعملية إستراتيجية كبرى تفقدها بالكامل احتمال الحصول على شرعية، غير أن قادة حماس لا تتصرف دائما بموجب معايير عقلانية سيما وأن حماس الخارج قادرة على تغيير الوضع الراهن".

هناك الكثير من الأمور تستطيع إسرائيل وحماس التحدث حولها لكن المشكلة أن حماس تعتبر من قبل أمريكا والغرب وإسرائيل كحركة إرهابية لا تعترف بالأخيرة. من جهة واحدة حماس هي عنوان في غزة لكن المشكلة أنها ترغب بالتحدث مع جهات إسرائيلية في قضايا حياتية فقط لا سياسية لصرف مشاكل يومية وتستخدم الاعتراف الإسرائيلي بها بالتالي لتعزيز شرعيتها دوليا، من جهة أخرى هناك الرئيس محمود عباس الذي ترغب جدا إسرائيل وأمريكا بدعمه لكن المشكلة أنه وحركته ضعيفان جدا وهذه معضلة كبيرة خاصة أنه كلما تلقى هذا الدعم يبدو بنظر شعبه كمتعاون أو أنطوان لحد الفلسطيني وأخشى أن يتعرض للتصفية.

رغم تهديدات براك أعتقد أنه لا أحد يعرف إلى أين نحن ذاهبون وهناك عدة خيارات عمل منها اجتياح غزة بقوة كبيرة لتوفير حل مؤقت على الأقل لكن هذه عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر للطرفين فالدخول بسيط والخروج لا يمكن معرفة طريقة إنجازها. وهناك إمكانية ألا تقوم إسرائيل بشيء كما هو اليوم لكن هذه لا تخلو من المصاعب والتهديدات في ضوء استمرار تساقط صواريخ القسّام التي تمس بمواطنين ولا تتيح حياة طبيعية في المنطقة المحيطة بغزة والسكان هناك وفي إسرائيل برمتها مؤخرا غير راضين عن هذه الحالة. ومع توالي الأيام وبقاء إسرائيل عاجزة عن حماية مواطنيها تتآكل مصداقية الحكومة الحالية ولا تستطيع أن تبقى بدون رد.

وهناك إمكانية ثالثة تتمثل بإدارة الأوضاع كما يجري اليوم من خلال محاولة استهداف مطلقي القسّام وبناء أفق سياسي كما يسعى أولمرت اليوم ولا أعرف إذا ما ستتكلل مساعيه هذه بالنجاح. الصراع الكبير والحقيقي اليوم يكمن بين حركتي حماس وفتح حول أحقية تمثيل الشعب الفلسطيني.

الوضع بمجمله معقد ولا أتوقع صداما بين إسرائيل وحماس بالمنظور القريب لغياب مصلحة بذلك لدى الطرفين لكنني لا أضمن أن لا تنشب الحرب بينهما الأسبوع القادم نتيجة تدهور مفاجئ فهذه هي حرب لبنان الثانية أفضل مثال. لا إسرائيل ولا حزب الله كانا معنيين بها غير أنها وقعت فالاعتبارات العقلانية المنطقية لا تضبط وحدها الأوضاع وهذه تبقى عرضة للانفجار ولنتخيل قيام حماس مثلا باختطاف جندي آخر وهذا وارد جدا بالنسبة لها".



عن الجزيرة نت