محمد فؤاد منصور
19/12/2007, 12:34 PM
سقوط الثور الأبيض!!
..............................
بقلم:دكتور/محمد فؤاد منصور/الأسكندرية
m_mansour47@hotmail.com
].................................................. .
"فى مثل هذا اليوم منذ عام كامل كتبت هذا المقال لأنشره على أحد مواقع الرأى وقد رأيت أن أعيد نشره هاهنا بعد مرور عام كامل على نزول الستار على أكبر مأساة شهدتها منطقتنا العربية فهل تغيرمماجاء به شئ؟."
أخيراً تمت فصول المأساة الأسوا فى تاريخنا المعاصر والتى سيتوقف عندها التاريخ طويلاً,أخيراً تم تنفيذ حكم الأعدام فى صدام حسين , الرجل الذى ظل حتى وقت قريب ولأكثر من عشرين سنة مضت حديث القريب والبعيد بما كان يملكه من ترسانة عسكرية جعلت من جيشه الخامس أو السادس فى موازين القوة العالمية والذى نصّب نفسه حامياً للحمى وحارساً للبوابة الشرقية لبلاد العرب ولكنه أندفع وراء مغامرات غير محسوبة أو ربما تم إغراءه بالإندفاع فى هذا الطريق ليجد نفسه فى نهاية الأمر وقد فقد عرشه وجيشه بل و حياته ذاتها فى توقيت مشحون بدلالات لاتخفى على أحد كأنما المقصود أن يتم ضرب العنفوان العربى الذىكان يمثله صدام بل توجيه الإهانات للعالم الإسلامى بأسره حين تم إعدامه مع فجر أول أيام عيد الأضحى المبارك وكأنما قد تم إختيار التوقيت بقصد لتحقيق أكبر قدر من التأثير فى العالمين العربى والإسلامى.
المشكلة أن العراق بدون صدام أسوأ عشرات المرات منه فى وجوده على رأس الأمبراطورية التى بناها على القهر والديكتاتورية وتكميم الأفواه وفى ظل هذه المعطيات جميعها نما العراق وأزدهر وكدّس القوة والثروة وفى المقابل فقد المواطن الحرية !
ربما كانت لصدام حسين أخطاء فادحة , نعم.. أساء تقدير الموقف ودفع بنفسه وببلاده إلى مغامرات غير محسوبة ولكن يظل مايحدث فى العراق الآن يجلب الحزن والأسى على العراق العريق وعلى ماأصاب عاصمة العباسيين العتيدة التى تعودت منذ قديم أن يجلس على سدة الحكم بها حكام أقوياء يكونون ملء السمع والبصر ومازال الكون يردد صدى صيحة "الحجاج بن يوسف" الشهيرة" أنا أبن جلا وطلاّع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونى" ,مايزال التاريخ يحكى لنا بفخر رسالة هارون الرشيد الغاضبة للأمبراطور الرومى "نقفور" رداً على إمتناعه عن دفع الجزية" أما بعد فجوابى عليك تراه عيناك ولاتسمعه أذناك " ذاك كان طراز حكام العراق فى عهوده الذهبية فهل كان صدام إستثناءً من القاعدة ؟!
إن جانباً مهماً من فلسفة ا لمواجهة فى ظل إنكسار العرب والمسلمين هوعدم السماح بأى شكل بالحديث عن العنفوان أوالكبرياء العربى أو الإسلامى الذى يمثله حكام من ذلك الطراز.
إن الحكم الذى صدر بحق صدام وماآل إليه حال العراق بعد إنكساره يجعلنا نتساءل, هل كان وجود صدام فى العراق ضرورياً لتقدمه ونمائه؟! هل نحن شعوب لايصلح لها ولايصلحها إلا ديكتاتور فظ غليظ القلب كى يقهرها على العمل والإنتاج والبناء؟! فإذا أتيح لنا قدر من الديمقراطية والحرية أضعنا الوقت فى الكلام وتبادل الإتهامات والإمساك برقاب بعضنا البعض؟! هل نحن شعوب لاتفرق بين الحرية والفوضى ؟!
تلك كانت تساؤلات جادة و مهمة وليس على صحتها دليل سوى مايجرى الآن على أرض العراق.!
منذ تم إسقاط نظام صدام تشرذم العراقيون وصاروا مجموعات متناحرة متقاتلة لايجمعها تقريباً سوى الإنتماء لهذه البقعة المتأججة من العالم والمقسمة فعلياً بين سنة وشيعة وأكراد وتركمان وآشوريين وكل منها له طموحاته وتطلعاته ورغبته فى السيطرة على الآخرين.
قدر العراق منذ قديم أنه دولة مفصلية محكومة بجغرافيا بالغة التعقيد وسط ثقافات متباينة فهى حارسة لحدود العالم العربى من الناحية الشرقية وتقف فى مواجهة الحضارة الفارسية التى لم تنس يوماً سيادتها للعالم القديم وعلى الرغم من أن الإسلام صهر جميع الشعوب الداخلة فيه فى بوتقة الإسلام إلا أن الخلافات القديمة كانت دائماً تطل برأسها بين الحين والحين ولعلنا جميعاً نذكر إختيار صدام لأسم القادسية لحربه ضد إيران وكأنما كان يؤكد أن الصراع لم يكن غير صراع قوميات فكان بذلك الإختيار يلمح إلى القادسية الأولى التى قادها "سعد بن أبى وقاص" لنشر الإسلام ولتأكيد غلبة الحضارة العربية على جارتها الفارسية.
وقدر العراق بل قدر كل الحكومات التى لاتعرف الديمقراطية بنمطها الغربى ولاالشورى بنمطها الإسلامى قدر تلك الحكومات ان يكون لها أعداء وأن تضرب بيد من حديد من أجل أن تحقق ماتراه فى مصلحة شعوبها فلماذا أعتبر الغرب صدام حسين إستثناءً من القاعدة؟!
إنه يوم حزين بحق لابد أن نستخلص منه العبر فالتضحية بالثور الأبيض فى يوم عيد الأضحى ينبغى أن نتوقف عنده طويلاً قبل أن نستأنف مسيرتنا على طريق يكتنفه الظلام.دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية [/size] m_mansour47@hotmail.com
..............................
بقلم:دكتور/محمد فؤاد منصور/الأسكندرية
m_mansour47@hotmail.com
].................................................. .
"فى مثل هذا اليوم منذ عام كامل كتبت هذا المقال لأنشره على أحد مواقع الرأى وقد رأيت أن أعيد نشره هاهنا بعد مرور عام كامل على نزول الستار على أكبر مأساة شهدتها منطقتنا العربية فهل تغيرمماجاء به شئ؟."
أخيراً تمت فصول المأساة الأسوا فى تاريخنا المعاصر والتى سيتوقف عندها التاريخ طويلاً,أخيراً تم تنفيذ حكم الأعدام فى صدام حسين , الرجل الذى ظل حتى وقت قريب ولأكثر من عشرين سنة مضت حديث القريب والبعيد بما كان يملكه من ترسانة عسكرية جعلت من جيشه الخامس أو السادس فى موازين القوة العالمية والذى نصّب نفسه حامياً للحمى وحارساً للبوابة الشرقية لبلاد العرب ولكنه أندفع وراء مغامرات غير محسوبة أو ربما تم إغراءه بالإندفاع فى هذا الطريق ليجد نفسه فى نهاية الأمر وقد فقد عرشه وجيشه بل و حياته ذاتها فى توقيت مشحون بدلالات لاتخفى على أحد كأنما المقصود أن يتم ضرب العنفوان العربى الذىكان يمثله صدام بل توجيه الإهانات للعالم الإسلامى بأسره حين تم إعدامه مع فجر أول أيام عيد الأضحى المبارك وكأنما قد تم إختيار التوقيت بقصد لتحقيق أكبر قدر من التأثير فى العالمين العربى والإسلامى.
المشكلة أن العراق بدون صدام أسوأ عشرات المرات منه فى وجوده على رأس الأمبراطورية التى بناها على القهر والديكتاتورية وتكميم الأفواه وفى ظل هذه المعطيات جميعها نما العراق وأزدهر وكدّس القوة والثروة وفى المقابل فقد المواطن الحرية !
ربما كانت لصدام حسين أخطاء فادحة , نعم.. أساء تقدير الموقف ودفع بنفسه وببلاده إلى مغامرات غير محسوبة ولكن يظل مايحدث فى العراق الآن يجلب الحزن والأسى على العراق العريق وعلى ماأصاب عاصمة العباسيين العتيدة التى تعودت منذ قديم أن يجلس على سدة الحكم بها حكام أقوياء يكونون ملء السمع والبصر ومازال الكون يردد صدى صيحة "الحجاج بن يوسف" الشهيرة" أنا أبن جلا وطلاّع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونى" ,مايزال التاريخ يحكى لنا بفخر رسالة هارون الرشيد الغاضبة للأمبراطور الرومى "نقفور" رداً على إمتناعه عن دفع الجزية" أما بعد فجوابى عليك تراه عيناك ولاتسمعه أذناك " ذاك كان طراز حكام العراق فى عهوده الذهبية فهل كان صدام إستثناءً من القاعدة ؟!
إن جانباً مهماً من فلسفة ا لمواجهة فى ظل إنكسار العرب والمسلمين هوعدم السماح بأى شكل بالحديث عن العنفوان أوالكبرياء العربى أو الإسلامى الذى يمثله حكام من ذلك الطراز.
إن الحكم الذى صدر بحق صدام وماآل إليه حال العراق بعد إنكساره يجعلنا نتساءل, هل كان وجود صدام فى العراق ضرورياً لتقدمه ونمائه؟! هل نحن شعوب لايصلح لها ولايصلحها إلا ديكتاتور فظ غليظ القلب كى يقهرها على العمل والإنتاج والبناء؟! فإذا أتيح لنا قدر من الديمقراطية والحرية أضعنا الوقت فى الكلام وتبادل الإتهامات والإمساك برقاب بعضنا البعض؟! هل نحن شعوب لاتفرق بين الحرية والفوضى ؟!
تلك كانت تساؤلات جادة و مهمة وليس على صحتها دليل سوى مايجرى الآن على أرض العراق.!
منذ تم إسقاط نظام صدام تشرذم العراقيون وصاروا مجموعات متناحرة متقاتلة لايجمعها تقريباً سوى الإنتماء لهذه البقعة المتأججة من العالم والمقسمة فعلياً بين سنة وشيعة وأكراد وتركمان وآشوريين وكل منها له طموحاته وتطلعاته ورغبته فى السيطرة على الآخرين.
قدر العراق منذ قديم أنه دولة مفصلية محكومة بجغرافيا بالغة التعقيد وسط ثقافات متباينة فهى حارسة لحدود العالم العربى من الناحية الشرقية وتقف فى مواجهة الحضارة الفارسية التى لم تنس يوماً سيادتها للعالم القديم وعلى الرغم من أن الإسلام صهر جميع الشعوب الداخلة فيه فى بوتقة الإسلام إلا أن الخلافات القديمة كانت دائماً تطل برأسها بين الحين والحين ولعلنا جميعاً نذكر إختيار صدام لأسم القادسية لحربه ضد إيران وكأنما كان يؤكد أن الصراع لم يكن غير صراع قوميات فكان بذلك الإختيار يلمح إلى القادسية الأولى التى قادها "سعد بن أبى وقاص" لنشر الإسلام ولتأكيد غلبة الحضارة العربية على جارتها الفارسية.
وقدر العراق بل قدر كل الحكومات التى لاتعرف الديمقراطية بنمطها الغربى ولاالشورى بنمطها الإسلامى قدر تلك الحكومات ان يكون لها أعداء وأن تضرب بيد من حديد من أجل أن تحقق ماتراه فى مصلحة شعوبها فلماذا أعتبر الغرب صدام حسين إستثناءً من القاعدة؟!
إنه يوم حزين بحق لابد أن نستخلص منه العبر فالتضحية بالثور الأبيض فى يوم عيد الأضحى ينبغى أن نتوقف عنده طويلاً قبل أن نستأنف مسيرتنا على طريق يكتنفه الظلام.دكتور/محمد فؤاد منصور
الأسكندرية [/size] m_mansour47@hotmail.com