المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقوق المهاجرين حقوق إنسانية



الدكتور أسعد الدندشلي
03/02/2008, 07:39 AM
حقوق المهاجرين حقوق إنسانية

يعيش شخص واحد من أصل 35 خارج البلد الذي وُلد فيه. والعديد من أولئك هم عمال مهاجرون أو أفراد عائلاتهم. وتتراوح أسباب الهجرة بين الحاجة للهروب من واقع الفقر والإجحاف والنـزاع، والرغبة في الحصول على عمل وفرص تعليمية أفضل، أو حتى الرغبة في العيش في بيئة أنظف أو مناخ أفضل. وغالباً ما يهاجر الناس لعدد من هذه الأسباب وفي ظروف معقدة أحياناً.
ويمكن للعمال المهاجرين أن يواجهوا مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان عندما يسافرون وكذلك عندما يصلون إلى البلد المقصود، قد تتفاقم بسبب وضعهم كأجانب. ويعيش العديد من المهاجرين تحت تهديد التوقيف والاعتقال التعسفي وغير القانوني في أوضاع سيئة. كذلك يعانون من عدم دفع أجورهم ومصادرة وثائق هويتهم.
وتستخدم بعض الدول الاعتقال لفترات طويلة أو غير محدودة كطريقة لردع الهجرة غير المصرح بها، وهي بذلك تنتهك حقوق الناس. وفي ماليزيا، يواجه المهاجرون غير النظاميين المشتبه بهم المضايقة والاعتقال بصورة منتظمة في أوضاع تتسم بالاكتظاظ وتفتقر إلى المرافق الصحية. ويتعرض بعضهم للانتهاكات الجسدية والشتائم من مسؤولي الهجرة والاعتقال.
وأفادت التقارير إلى أن سجاد حسين واني، وهو مواطن باكستاني يدرس في ماليزيا، تعرض للتعذيب أثناء اعتقاله في مركز سيبانغ للاعتقال الكائن بالقرب من كوالالمبور طوال أكثر من خمسة أسابيع. وقد اعتُقل بسبب عدم حيازته إذناً للبقاء في البلاد. وفي الواقع كان في البلاد بموجب تأشيرة طالب صالحة، واعتُقل - كما يبدو - عندما طلبت صديقته السابقة من السلطات توقيفه.
وبحسب ما ورد تعرض للضرب وأُحرقت أجزاء من جسده. بما في ذلك أعضاؤه التناسلية بالسجائر. واحتُجز بدون تهمة إلى أن جُلب في النهاية للمثول أمام المحكمة، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث قضى القاضي أن اعتقاله غير قانوني وأمر بالإفراج عنه فوراً.
وفي ماليزيا، يتفاقم الوضع الخطر الذي يعيشه العمال المهاجرون بفعل المداهمات الدورية التي تجري لتوقيف المهاجرين غير النظاميين المشتبه بهم، من جانب الجهاز المسلح المدني المعروف بريلا (جهاز المتطوعين الشعبي).
وقد أنشأت الحكومة الجهاز "للمساعدة في الحفاظ على الأمن في البلاد ورفاه شعبها". وأعضاؤه غير مدربين، ولا يخضعون لتحريات أمنية عند تعيينهم ولا يخضعون للمساءلة أمام أية آلية للمراقبة بغية الإشراف على أدائهم.
ومع ذلك تتمتع هذه المجموعة بصلاحيات واسعة لإيقاف أي شخص يُفترض بأنه إرهابي، أو شخص غير مرغوب فيه، أو "مهاجر غير شرعي" واستجوابه وإلقاء القبض عليه. وخلال المداهمات، ورد أن جهاز المتطوعين الشعبي أقدم على توجيه اللكمات والركلات إلى المهاجرين وإتلاف أمتعتهم، بما فيها وثائق هوياتهم. وغالباً ما يتخلف أفراده عن التدقيق الصحيح في وثائق الهوية خلال عمليات التوقيف.
ويعيش حوالي 230,000 مهاجر غير نظامي في كوريا الجنوبية في ظل التهديد الدائم بالتوقيف والاعتقال والإعادة القسرية. وفي الوقت ذاته، يمكن لأصحاب العمل مصادرة وثائق هوية العمال المهاجرين النظاميين والاحتفاظ بها. وبدون إثبات هويتهم، يمكن أن تعتقلهم السلطات. وتجري حالياً مراجعة لقانون الهجرة المعمول به في البلاد لمنح قوات الأمن سلطة لتفتيش العمال المهاجرين أو منازلهم أو لاعتقالهم بدون مذكرات اعتقال.
وفي الوقت ذاته، يواجه العمال المهاجرون الاعتقال لأنهم يحاولون تحسين أوضاع عملهم. وقد اعتُقل ثلاثة من كبار المسؤولين في نقابة العمال المهاجرين، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وطُردوا بدون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة في 13 ديسمبر/كانون الأول – وتقوم نقابة العمال المهاجرين بحملة ضد مسودة التغييرات في القانون. وبرغم أن السبب "الرسمي" الذي سيق لتوقيف كاجيمان خابونغ وراجو كومار غورونغ وعبد البشر م. منير الزمان كان عدم حيازتهم وثائق تجيز بقاءهم في كوريا الجنوبية، إلا أن منظمة العفو الدولية تعتقد أنهم محتجزون كسجناء رأي بسبب ممارستهم لحقوقهم في العمل.
ويحمي دستور كوريا الجنوبية الحق في الانتساب إلى نقابة عمال معترف بها قانونياً. وفي فبراير/شباط 2007 أكد الحكم الصادر عن محكمة سول العليا حق جميع العمال المهاجرين، ومن ضمنهم أولئك الذين ليس لديهم وضع نظامي، في الانضمام إلى نقابات عمال مصرًَّح بها، لكن ورد أن وزير العمل قدَّم استئنافاً ضد هذا الحكم.
ويقترن الاعتقال التعسفي والجماعي للعمال المهاجرين بالتهديد بالطرد، وبخاصة أنه قد لا يتم منح الحق في الطعن بقرار اعتقالهم أو قرار طردهم. فعلى سبيل المثال، يستهدف موظفو الهجرة بصورة منتظمة الهاييتيين الذين يعيشون ويعملون في الجمهورية الدومينيكية بعمليات التفتيش على الهوية وقد ينتهي بهم الأمر إلى الاعتقال حيث يمكن أن يتعرضوا لسوء المعاملة وأحياناً للطرد الجماعي بدون اتباع الإجراءات القانونية المرعية.
وأحياناً، يرفض مسؤولو الهجرة الدومينيكان الاعتراف بالوثائق الصالحة في الحقيقة. وهذه مشكلة واسعة النطاق لدرجة أنها تؤثر أيضاً على آلاف الأطفال الدومينيكان المنحدرين من أصل هاييتي الذين برغم كونهم مواطنين دومينيكان يُعاملون كمهاجرين غير نظاميين.
وكانت ماتيلد (ليس اسمها الحقيقي) البالغة من العمر ثماني سنوات ضمن ستة أطفال اعتقلهم موظفو الهجرة في شوارع سانتو دومينغو (عاصمة الجمهورية الدومينيكية) في 4 يناير/كانون الثاني 2006. وقد تعرضت للضرب المبرح على أيدي موظف في الهجرة لدرجة أن الدم سال من فمها. واحتُجزت في مركز الاعتقال في فاكاسيونال دي هينا الذي يقع خارج سانتو دومينغو؛ حيث ورد أن موظفي الهجرة وجهوا إليها الشتائم والتهديدات. وأُفرج عن ماتيلد في اليوم التالي عندما أبرز ناشط لحقوق الإنسان دليلاً على جنسيتها الدومينيكية لمكتب الهجرة.
وتسعى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم (اتفاقية العمال المهاجرين) إلى تعزيز حقوق العمال المهاجرين وحمايتها. وبوصفها إحدى المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، يتمثل غرضها في تقديم اعتراف محدد بالحقوق الإنسانية لجميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم. ومن جملة الحقوق العديدة التي تحميها الاتفاقية حق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم في الحرية والأمن الشخصي وحمايتهم من التوقيف أو الاعتقال التعسفي.
وبمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين، تهيب منظمة العفو الدولية بجميع الدول التي لم تُصدِّق على الاتفاقية أن تبادر إلى التصديق عليها. وتدعو المنظمة بشكل خاص، حكومات ماليزيا وكوريا الجنوبية والجمهورية الدومينيكية إلى أن تفعل ذلك. كذلك تدعو المنظمة الدول التي صدَّقت على الاتفاقية إلى تنفيذ نصوصها ودمجها في قانونها المحلي.
المصادر: منظمة العفو الدولية