المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!



جورج حداد
12/04/2008, 10:08 AM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


جورج حداد*


في وقت سابق، حينما كان الجنرال ميشال عون لا يزال منفيا في باريس، حمل همومه الشخصية والتيارية و"اللبنانية"، وذهب الى واشنطن، وقام بدوره في استصدار "قانون محاكمة سوريا" من قبل الكونغرس الاميركي؛ ومنذ ذلك الحين، بالاخص، اكد ميشال عون انه ليس "صديقا وفيا" فقط لفرنسا، التي انقذته في حينه من الهجوم السوري على قصر بعبدا، ومنحته الحماية واللجوء الى باريس، بل و"صديقا وفيا" للسياسة الاميركية ايضا التي تسعى الى ايجاد افضل السبل لاحاطة اسرائيل بـ"طوق امني" صديق!!

وحينذاك كان "الرفيق" وليد جنبلاط لا يزال يستقبل كضيف معزز مكرم في قصر الرئاسة في دمشق، وكزائر استثنائي في عنجر تلك الايام؛ وكان يزايد ـ ولو كلاميا ـ على السيد حسن نصرالله بالوقوف ضد المخططات الاميركية للمنطقة، وبالاخص ضد اسرائيل، وكان يقوم برحلاته المكوكية "المتعبة" بين المختارة ودمشق وعمان، للقاء مع ممثلي الطائفة الدرزية الكريمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف اتخاذ موقف موحد ضد الاحتلال الاسرائيلي، وضد تجنيد الدروز في الجيش الاسرائيلي وضد التجنيس الاسرائيلي لدروز الجولان المحتل؛

الان يجري اتهام الجنرال ميشال عون بأنه هو "اداة سورية" لعرقلة "الحل الوطني" في لبنان، ولاستمرار الازمة الدستورية حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؛

وطبعا ان هذا الاتهام يشمل الشخصية الشيعية الابرز بعد السيد حسن نصرالله، ونعني به الاستاذ نبيه بري، رئيس حركة امل ورئيس مجلس النواب اللبناني، الذي لا يقل "صداقة" لفرنسا واميركا عن الجنرال ميشال عون؛

والآن يدعي معسكر "الموالاة" في لبنان، بأن "المعارضة"، وعلى رأسها شخصيات مثل الجنرال ميشال عون والاستاذ نبيه بري، ناهيك عن "حزب الله"، هي التي تعرقل الحل الوطني، من اجل فرض مكتسبات للمعارضة لا تستحقها، ولا يمكن ان يرضى بها معسكر الموالاة؛

ولكن ارباب الموالاة يعرفون تماما انهم لا يقولون الحقيقة، وانهم لا يفعلون سوى التستير على الدور الاميركي في تعطيل "الحل الوطني" المأمول، بقصد كسب وقت ليس وقتهم، اي ليس وقتا للموالاة؛

فيما مضى، قال الجنرال ميشال عون ما معناه " الاميركيون جاؤوا بالسوريين، والاميركيون يخرجونهم". وبالفعل هذا ما حدث، وإن بثمن غال هو التضحية بالرئيس الاسبق رفيق الحريري وعدد من الشهداء الاخرين.

والان، لو شاء الاميركيون تمرير "الحل الوطني"، لاستطاعوا بكل سهولة السماح لما سمي "المبادرة العربية" او "المبادرة الفرنسية" ان تمر. فمن كان سيعترض لو تم تحريك بعض احجار الشطرنج، في اطار الموالاة او المعارضة، على طريقة "الحركة الاستقلالية" لدولة الرئيس ميشال المر مؤخرا في اطار التيار العوني؟ ومن كان سيعترض على وزير بزيادة او وزير بالناقص للمعارضة او للموالاة، لو وافق الاميركيون على مبدأ الحكومة الائتلافية المسماة مجازا، حتى لا نقول "تجليطا"، حكومة "الوحدة الوطنية"؟

فلماذا يماطل الاميركيون، ويدوخوا معهم اركان الموالاة وبعض اركان المعارضة، وجميع الملوك والرؤساء والامراء والحكام العرب، الذين لم يعد لديهم اي شغل سوى مسألة اشغال المقعد الشاغر في الرئاسة اللبنانية؟! وبتعبير ادق: ما هو الوقت الذي يريد الاميركيون ان يربحوه؟!

طبعا من السخف، الذي ما بعده سخف، ان يعتقد احد ان الاميركيين يريدون مزيدا من الوقت للبحث في مواصفات رئيس الجمهورية اللبنانية العتيد، او تركيبة الوزارة اللبنانية العتيدة، او صيغة قانون الانتخابات النيابية اللبنانية العتيدة!

ولكن الجواب عن السؤال عن هذا الوقت الضائع، او الوقت الثمين للاميركيين وحليفتهم الستراتيجية اسرائيل، ليس أحجية، بل يوجد في تقرير فينوغراد حول نتائج الحرب الاخيرة، حرب تموز ـ اب 2006 بين المقاومة واسرائيل.

فالسادة: دولة الرئيس فؤاد السنيورة، ومعالي الزعيم وليد بك جنبلاط، والحكيم الحكيم سمير جعجع، يؤكدون ان لبنان هزم في تلك الحرب، لانه قدم تضحيات جسام في ارواح المدنيين وفي الممتلكات الخاصة والعامة والبنية التحتية والاقتصاد الوطني؛ مما هو حقائق لا يمكن لاحد نكرانها، وهو ما استدعى في حينه ذرف الدموع العزيزة لدولة الرئيس.

ولكن تقرير فينوغراد جاء ليقول شيئا آخر: ان ميزان الربح والخسارة في الحرب، لا يقاس بدموع هذا الرئيس او ذاك الزعيم، ولا بالخسائر الانسانية والمادية للمدنيين والبنية التحتية، بل بمدى تحقيق الاهداف الستراتيجية للحرب. وعلى هذا الصعيد يقر تقرير فينوغراد ان اسرائيل هي التي خسرت حرب تموز ـ اب 2006، لاول مرة في تاريخ الحروب الاسرائيلية ـ العربية.

وكون اسرائيل لا تستطيع، كـ"شعب" وكمجتمع وكدولة وكجيش، ان تحتمل خسارة حرب، لان مفاعيل ذلك ستؤول حتما، وهي بدأت تؤول، الى تفكيك كل المشروع الاسرائيلي الذي خطط له منذ نهاية القرن التاسع عشر، اي منذ قرار تصفية "الرجل المريض"، اي الامبراطورية العثمانية على ايدي الدول الامبريالية، فهذا يعني بكل بساطة ان اسرائيل ـ ولكي تستعيد "توازنها الوجودي" ـ تخطط لحرب جديدة اشرس واشد فتكا وتدميرا من حرب تموز ـ اب 2006!

والمناورات العسكرية الاخيرة التي قامت بها اسرائيل تعطينا فكرة عن طبيعة الحرب القادمة. فقد تمحورت تلك الحرب على "مقاومة" الاسلحة الكيماوية والجرثومية والصاروخية وما اشبه. وهذا يعني ان اسرائيل لن تتورع في المعركة القادمة، بل هي تتحضر على قدم وساق لخوض حرب من هذا النوع، اي تطبيق نسخة مكررة ومضاعفة عن الحرب الاميركية ضد افغانستان وضد العراق، التي استخدمت فيها قنابل من وزن 7 اطنان وما فوق، وقنابل حرارية "ذكية"، وقنابل معززة باليورانيوم المنضب (جاء في الانباء مؤخرا، على لسان احد القادة السابقين للجيش العراقي السابق، انه خلال معركة مطار بغداد في نيسان 2003، القى الاميركيون،باسم "الدمقراطية"، قنبلة واحدة ابادت نصف القوات العراقية المحتشدة في المطار حيث كان الجنود يسقطون جثثا متفحمة بدون ان تتأثر ثيابهم او تحترق. وقد القى الاميركيون على العراق المظلوم، طبعا باسم "الدمقراطية" ايضا، مئات الوف اطنان اليورانيوم المنضب، مما يجعل الاراضي العراقية غير صالحة للسكن السليم لمئات الوف السنين).

ان الخطر الذي يتهدد لبنان اليوم هو اكبر بكثير من ان تتسع له ادمغة تجار "السياسة اللبنانية".

ومثلما كذب جماعة "الموالاة" على انفسهم، قبل ان يكذبوا على اي كان، بالادعاء ان سبب حرب تموز ـ اب 2006 كان هو خطف الجنديين الاسرائيليين من قبل حزب الله، لاجل المبادلة بالاسرى اللبنانيين والعرب؛ فإنهم يكذبون على انفسهم اولا، الان ايضا، حينما يدّعون ان "حماية" لبنان من اسرائيل تكون فقط في "عدم التحرش بها". ان هذه الحجة البالية تشبه تماما حجة ان الحرب العالمية الاولى اندلعت سنة 1914 بسبب اغتيال ارشيدوق النمسا في سرايفو، او ان عدوان اسرائيل على لبنان سنة 1982 وقع بسبب محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن حينذاك.

ان العدوان الاسرائيلي على لبنان ليس مسألة ان يكون او لا يكون العدوان، بل مسألة: متى وكيف سيكون!

وهنا يصبح من الضروري طرح السؤال المنطقي: وهل يستعد لبنان للحرب الحتمية القادمة، كما تستعد اسرائيل؟

بعد انتفاضة 1958 ضد كميل شمعون وحلف بغداد، طرح المرحوم صائب سلام شعارين "كيانيين"، لا يزالان يترددان الى اليوم في اجواء السياسة اللبنانية وهما: "لا غالب ولا مغلوب" و"لبنان، لا لبنانان".

وكان المقصود بذلك: الجانب الطائفي، والجانب السياسي والزعاماتي والحزبي المرتبط او غير المرتبط بالطائفية.

ويمكن القول الان ان المعارضة، والقسم الحريص فعلا على التركيبة اللبنانية من معسكر الموالاة، يعملان وان بصعوبة لتطبيق شعاري صائب سلام الشهيرين.

ولكن بمعزل عن المفهوم الطائفي، والسياسي، والطائفي ـ السياسي، ففي مواجهة خطر العدوان الاسرائيلي، يبدو فعلا انه اصبح يوجد لدينا لبنانان:

1 ـ لبنان الاول، لبنان المقاومة، على الطريقة الفيتنامية (اثناء حرب الفيتنام كان الاميركيون يصبون حممهم ويقصفون كل شيء يتحرك فوق الارض الفيتنامية؛ ولكنه كان يوجد بالفعل "فيتنام ثانية" تحت الارض: ملاجئ وانفاق؛ هي التي قاومت الاميركيين وفرضت عليهم الاعتراف بالهزيمة. وبهذا الصدد يقول احد الخبراء الستراتيجيين ان الاميركيين كانوا يحلقون على علو 40 الف قدم ويقصفون كل شيء وخصوصا كل شيء يتحرك، ولكن من هذا العلو الشاهق لم يكن بامكانهم ان يروا ويصيبوا "العدو" تحت الارض). لقد ذهل الاسرائيليون في حرب تموز ـ اب 2006، وهذا ما اثبته تقرير فينوغراد، من انهم لم يستطيعوا ان "يرصدوا" لا مواقع مقاتلي المقاومة الذين كانوا يفاجئون الجيش الاسرائيلي من حيث لا يدري، ولا مواقع ومنصات الصواريخ التي استمرت تقصف اسرائيل يوميا بالرغم من كل آلة الرصد الاميركية ـ الاسرائيلية الهائلة. والان، اذا تركنا جانبا النظام السوري المهلهل والمخلخل، وعملنا عملية جمع بسيطة بين "التكنولوجيا الروسية" + القدرات والامكانيات و"الصلوات" الايرانية + الاستعدادات الجهادية للمقاومة الوطنية الاسلامية وغير الاسلامية في لبنان، الا يمكننا الاستنتاج ان المقاومة، او لبنان المقاومة، تقوم بالاستعداد ايضا للمعركة القادمة، مثل اسرائيل واكثر؟ وفي هذه الحالة من يستطيع ان يخمن ماذا يجري في "بطون" الجبال اللبنانية، من مجاهل الجنوب حتى مجاهل عكار، وفي السلسلة الغربية والسلسلة الشرقية على السواء، هذا ناهيك عن السواحل وتضاريسها من الناقورة الى العبدة؟؟! ان اسرائيل تهدد وجود لبنان؛ والاساطيل والقواعد الاميركية في الخليج تهدد وجود ايران؛ والحلف الاطلسي وصل الى جورجيا واوكرانيا ويهدد وجود روسيا؛ فهل يعقل ان السيد حسن نصرالله، والرئيس الايراني احمدي نجاد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيكتفون بستراتيجية "الدموع السنيورية"؟؛ أليس من المنطقي جدا ان نفكر ان "بطون" الجبال والسواحل اللبنانية تخبئ لاسرائيل وللاساطيل الاميركية وربما لتركيا "مفاجآت سارة" جدا للبنتاغون الاميركي ولوزارة الحرب الاسرائيلية، تقتضي لاحقا تشكيل "لجنة فينوغراد" جديدة مشتركة: اميركية، اطلسية، اسرائيلية؟

2 ـ بالمقابل، لدينا لبنان الثاني: لبنان ـ الدولة، العضو المؤسس في الامم المتحدة، والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية.

ماذا يفعل هذا اللبنان الثاني، لمواجهة الخطر الاسرائيلي القادم والداهم؟

ـ انه يفعل اي شيء، وكل شيء، الا الاستعداد لمواجهة الخطر القادم!

وهنا ايضا يخطئ تماما "حسنو النية" من "اللبنانيين"، من امثال سمير فرنجية، وخاصة البطريركية المارونية وانصارها، بأن سلبية "لبنان ـ الدولة" حيال اسرائيل، ستعفي هذا اللبنان من العقاب.

لا نقصد هنا ما سيتعرض له المدنيون اللبنانيون من قتل وتدمير وتشريد. فـ"الدولة اللبنانية" اثبتت بامتياز ان آخر همها مصير المواطنين اللبنانيين.

ما نقصده على وجه التحديد هو مصير "الدولة اللبنانية" ذاتها.

لا شك ان السيدة الجميلة غونداليزا رايس، والجنتلمان الاميركي جورج بوش، لا ينيان يصرحان بأنهما يدعمان بقاء السنيورة في الحكم والحكومة. ولكن هذا شيء، وبقاء لبنان ـ الدولة شيء آخر.

وكي نكون صادقين مع انفسنا علينا الاعتراف ان الاميركيين، وطبعا اسرائيل، والدول الاستعمارية الاوروبية (التي يعود لها "فضل" ايجاد "دولة لبنان الكبير" بموجب اتفاقية سايكس ـ بيكو) ليست راضية عن "لبنان ـ الدولة"، اي لبنان الثاني، ايضا.

وعلينا ان نعرف طبعا: لماذا؟

في الماضي القريب، بعد تأسيس اسرائيل، قال احد "الآباء المؤسسين"، دايفيد بن غوريون، انه واثق "ان لبنان سيكون ثاني دولة عربية توقع معاهدة سلام وتعترف باسرائيل" ولكن ـ دائما يوجد ولكن ـ يقول بن غوريون "أعطوني الدولة الاولى".

وفي هذا الصدد ينبغي القول ان "بيت القصيد" في اتفاقية سايكس ـ بيكو هو "وعد بلفور"، اي التضحية بفلسطين لاجل قيام "وطن قومي يهودي" هو "اسرائيل".

اي عمليا: ان الاعتراف "العالمي" بأي دولة عربية، يعني ان "من واجب" هذه "الدولة العربية" ان تعترف باسرائيل.

فماذا اعطتنا "التجربة" على ارض الواقع؟

ـ لنأخذ، على الاقل، ما كان يسمى: دول الطوق.

ـ لقد اعترفت مصر وطبّعت، طبعا مصر ـ الدولة، لا مصر ـ الشعب المظلوم، الذي تضاعف ظلمه، بكل المقاييس، بعد "كامب دايفيد" و"التطبيع".

ـ واعترف النظام الهاشمي الاردني، الذي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لـ"الثورة العربية الكبرى" بقيادة الشريف حسين بن علي رحمه الله.

ـ ووقع النظام "الثوري" السوري اتفاقية فصل القوات في الجولان المحتل، وهو يمنع ـ تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات السورية ـ اي مقاومة مسلحة لاحتلال اراضي "الدولة السورية" السايكس ـ بيكوية، وينادي بأن هدفه هو الوصول الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل.

ـ وحتى منظمة التحرير الفلسطينية وقعت "اتفاقية اوسلو"، التي ذهب ويذهب ضحيتها الى الان الوف والوف الشهداء الفلسطينيين، بمن فيهم الرئيس ياسر عرفات نفسه؛ والرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس يذوب شوقا للتفاهم الفلسطيني ـ الاسرائيلي، برعاية اميركية، حتى لو لم يبق في فلسطين فلسطيني واحد غيره.

اما لبنان ـ الدولة، فقد شذ عن هذه القاعدة. كيف؟ ولماذا؟ تلك هي المعضلة، التي تحاول الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية ان تجدا لها "حلا".

ـ سنة 1920، بعد سحق الجيش العربي في ميسلون، جمع المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو "وجوه الصحارة" اللبنانية في مقره في "قصر الصنوبر" ببيروت واعلن "دولة لبنان الكبير" (متصرفية جبل لبنان + الاقضية الاربعة) وقال لهم بالفم الملآن: "ان الفتية الفرنسيين الذين قدموا ارواحهم في سهل ميسلون هم "عرّابو" استقلالكم". ومنذ ذلك الحين سمى بعض اللبنانيين فرنسا "الام الحنون"، التي صار لبنان بالنسبة لها "الابن المدلل".

ـ وفي 1946، حينما اضطرت فرنسا للجلاء عن لبنان وسوريا، "تنازلت" عن "القاعدة البحرية" (base navalle) الشهيرة في بيروت لـ"حزب الكتائب اللبنانية" بقيادة الشيخ بيار الجميل (والد الرئيسين: بشير وامين). وتحولت "الباز نافال" الفرنسية الى "البيت المركزي" للكتائب اللبنانية، وفي حرب السنتين الى "المجلس الحربي" الشهير، وبعد الاجتياح الاسرائيلي تحول هذا "المجلس الحربي" الى مقر للمخابرات الاسرائيلية ـ الموساد، قبل ان ينتقل المقر الى "اوتيل الاسكندر" في محلة الاشرفية.

ـ وفي 1953 (وكان اليهود اللبنانيون لا يزالون موجودين في لبنان بكثافة، اي لم يكونوا بعد قد تلقوا الاوامر بالمغادرة الى اسرائيل)، وخلال اول انتخابات نيابية في العهد المشؤوم لكميل شمعون، فاز اول نائب "كتائبي" هو جوزف شادر، باصوات يهود حي وادي ابو جميل، حيث صب الى جانبه ثلاثة الاف صوت يهودي. وقد اعترف الياس ربابي (عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب) في مذكراته بالاتصالات الكتائبية ـ الاسرائيلية، والدعم المالي والسياسي (والخافي اعظم) الذي تلقاه حزب الكتائب من اسرائيل، اعتبارا لما كان وسيكون! ومنذ ذلك الحين تحول حزب الكتائب الى رقم طائفي صعب (موال للغرب واسرائيل) في المعادلة الكيانية اللبنانية.

ـ وبالرغم من "مسيحيته" (اليوضاسية!)، كان حزب الكتائب ينادي دائما بالحياد في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وكان الشيخ بيار الجميل يرفع شعار "لبنان قوته في ضعفه". ولكن بعد يأس الجماهير الفلسطينية المشردة، من الانظمة العربية، وخصوصا بعد هزيمة حزيران 1967، وظهور العمل الفدائي بقوة، كشر حزب الكتائب، والى جانبه تنظيم "نمور" كميل شمعون، عن انيابهم الاسرائيلية، واخذوا يتدربون بكثافة ويتلقون الاموال والاسلحة من ايران الشاه والسعودية والاردن، و"سرا" من اسرائيل (يقول كثير من المعلومات الصحفية ان كميات كبيرة من الاسلحة السوفياتية وغيرها التي غنمها الجيش الاسرائيلي في حرب 1967 قد وصلت بسحر ساحر الى ايدي الكتائب والشمعونيين)، وبالتعاون مع الطابور الخامس الموالي للغرب الاستعماري واسرائيل، داخل اجهزة السلطة اللبنانية، بدأ ما يسمى "اليمين اللبناني" المناوشات العسكرية، التي تطورت الى ما يسمى "الحرب اللبنانية" في 1975، ضد المقاومة الفلسطينية وحليفتها القوى الوطنية اللبنانية.

ـ ولكن التطورات الدرامية للحرب اللبنانية كانت ستقود حتما الى هزيمة ساحقة لحزب الكتائب وحلفائه، والى انتصار الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الشهيد كمال جنبلاط. فأسرع الاميركيون، ومعهم ضمنا الاسرائيليين، لعقد صفقة سرية مع النظام الدكتاتوري السوري (لم تتضح الى اليوم كل حذافيرها؛ والايام كفيلة بكشفها) وادخاله الى لبنان، استنادا الى قاعدة "الكحل احسن من العمى". وكانت اولى "الانجازات القومية!" للنظام السوري في لبنان المساهمة في اسقاط مخيم تل الزعتر الفلسطيني، واحياء حاجين وشرشبوك والمسلخ والكرنتينا وبرج حمود والنبعة في ما كان يسمى "بيروت الشرقية" و"الشرقية"، ومحاصرة القوات الوطنية المشتركة في صنين وانقاذ الكتائب وحلفائهم من الهزيمة المحققة في معركة المتن. وكل ذلك تحت الشعار الكاذب الذي اطلقه الرئيس السوري الراحل (بطل "الدفاع" عن الجولان في حزيران 1967) حافظ الاسد، ونعني به شعار "الدفاع عن المسيحيين!". كأنما المسيحيون هم فقط الخونة وعملاء اسرائيل: الكتائب والشمعونيون واضرابهم. ولاحقا قام النظام السوري بالتصفية الجسدية لكمال جنبلاط، واشترك، مع الاجهزة الليبية وبعض الاطراف الفلسطينية وربما الايرانية ايضا، في المؤامرة الاميركية ـ الاسرائيلية لـ"تغييب" الامام موسى الصدر، بهدف اضعاف روح المقاومة والنضال لدى الجماهير الوطنية اللبنانية، ولا سيما الجماهير الشعبية الشيعية التي كانت تعاني الامرين من النظام الرأسمالي ـ الطائفي اللبناني ومن قيام اسرائيل في 1948. وطوال حوالى الثلاثين سنة حول النظام الدكتاتوري السوري لبنان الى مغارة علي بابا والاربعين حرامي، والى غابة "الداخل اليها مفقود والخارج مولود". ولكن كل ذلك لم يستطع ان يخمد الروح الوطنية والكفاحية لدى الجماهير الشعبية اللبنانية والفلسطينية في لبنان.

ـ وفي 1978 "اضطرت" اسرائيل لاحتلال ما يسمى "الشريط الحدودي" في لبنان الجنوبي. وشكلت "دولة سعد حداد" التي تحولت فيما بعد الى "دولة لحد" وجيشها المرتبط مباشرة باسرائيل (مع ان عناصره "الجيشية" السابقة ظلوا يتلقون معاشاتهم من "اليرزة") المسمى "جيش لبنان الجنوبي". ولكن كل ذلك لم يؤد الى كسر شوكة الجماهير الوطنية اللبنانية والفلسطينية والجنوبيين والشيعة خصوصا؛ بل على العكس، فإن ضاحية بيروت الجنوبية (التي كانت تعد حوالى مليون انسان) ومنطقة البقاع الشرقي وغيرها، ناهيك عن المخيمات الفلسطينية، اصبحت تغلي كالبركان.

ـ وفي صيف 1982 "اضطرت"، مرة اخرى، اسرائيل لاجتياج لبنان واحتلال عاصمته بيروت نفسها. وصعد أريئيل شارون بشحمه ولحمه الى قصر بعبدا، وازاح رئيس الحرس الضابط رفيق الحسن من مقعده، وجلس مكانه بكل عنجهية، ليأخذ صورة تذكارية. ثم جاؤوا ببشير، ابن حليفهم "التاريخي" بيار الجميل، وفرضوه بقوة الدبابات الاسرائيلية رئيسا للجمهورية اللبنانية. وذهب "الرئيس المنتخب!" بشير الجميل صاغرا الى اسرائيل، واجتمع بمناحيم بيغن، الذي طلب منه (تحقيقا لـ"نبوءة" دايفيد بن غوريون) توقيع معاهدة سلام بين لبنان واسرائيل، على غرار معاهدة كامب دايفيد. ولكن في العجلة من امره (والعجلة من الشيطان!) فإن مناحيم بيغن نسي او تناسى ان لبنان ليس بلدا عربيا دكتاتوريا، يكفي فيه ان يأتي ضابط او زعيم ميليشيا او شيخ عشيرة الى كرسي الرئاسة او المملكة حتى يصبح الحاكم بأمره؛ بل هو "بلد دمقراطي" يتنعم بـ"الدمقراطية الطائفية التوافقية" ولا يستطيع ان يحلق الا بـ"جناحيه" (المسيحي ـ المسلم)، ومن ثم من الضروري الحصول على توقيع القيادات الاسلامية على اتفاقية "السلام" مع اسرائيل، الى جانب توقيع عائلة الجميل (باسم المسيحيين!!). طبعا خاب امل مناحيم بيغن. ولكن خيبة امل بشير الجميل كانت اكبر. فقد عاد الى لبنان يحمل هما اكبر منه، وهو هم تحقيق نبوءة بن غوريون في توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل. ولكن التاريخ الاسود لبشير الجميل، في ذبح عشرات الوف المسلمين اللبنانيين على الهوية... خدمة لاميركا واسرائيل، اصبح يشكل عبئا عليه في اقناع القيادات "الاسلامية" بوضع تواقيعها الى جانب توقيعه على معاهدة السلام مع اسرائيل. وفتح هذا الفشل للرئيس المنتخب بشير الجميل الطريق امام تصفيته جسديا، والمجيء بمن هو اقدر على توقيع الاتفاق مع اسرائيل.

ـ فجاء (ما حدا غريب) الابن الثاني لبيار الجميل، المحامي المكيافيلي والسياسي المحنك والجريء في نفس الوقت (الذي لم يتوان يوما من صفع رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رشيد الصلح في مجلس النواب بالذات) الى رئاسة الجمهورية، بمهمة رئيسية هي توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، حتى يمكن لبقية "قطار السلام العربي"، الذي توقف في المحطة اللبنانية، ان يتابع المسير. ونظمت "طاولة ثلاثية" وعقدت محادثات اسرائيلية ـ لبنانية برعاية اميركية، نتج عنها "اتفاق 17 ايار 1983" المشهور، للسلام بين لبنان واسرائيل، ونجح امين الجميل في الحصول على توقيع رئيس الوزراء المسلم شفيق الوزان، كما وفي الحصول على تصديق مجلس النواب اللبناني على الاتفاق، بمن فيه من "نواب الامة" المسلمين. ولم يعارض الاتفاق سوى النائبين الوطنيين زاهر الخطيب (مسلم) ونجاح واكيم (مسيحي). ولكن "الداهية السياسي" امين الجميل تريث في توقيع الاتفاق بصفته رئيسا للجمهورية، حتى لا يعطي الاسرائيليين "صكا ممنوعا من الصرف". ذلك ان الشارع الوطني كان يغلي، وعمليات المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي كانت قد بدأت واخذت تتوسع، وفي اواخر 1983 تم تفجير مقر المارينز حيث سقط حوالى 250 عنصرا من القوات الاميركية المدللة، وتفجير مقر القيادة الفرنسية حيث سقط عشرات الجنود والضباط الفرنسيين. وفي 6 شباط 1984 انشق الجيش اللبناني ذاته على نفسه، وعادت دورة العنف الى لبنان. وفي 5/3/1984 اضطر امين الجميل لان يلغي "اتفاق 17 ايار".

ـ وهكذا تحطمت تماما "نبوءة" دايفيد بن غوريون، واصبح من الواضح انه لا لبنان الاول (لبنان المقاومة)، بل ايضا لبنان الثاني (لبنان الدولة)، بين جميع دول سايكس ـ بيكو العربية (عربية جدا!!)، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية (وطنية جدا! وفلسطينية جدا جدا!!) يسير بعكس السير، على طريقة "مكرها اخاك لا بطل".

ـ وكانت الطامة الكبرى، بالنسبة للمخططات الاميركية ـ الاسرائيلية للمنطقة، انه ـ بعد التحرير في 25 ايار 2000 ـ حاول رفيق الحريري، بما كان يمثل من مصالح طبقية، مالية وسياسية كبرى، سعودية ولبنانية وعربية واسلامية، ان يجد "معادلة تفاهم" مع حزب الله على قاعدة التوفيق بين معركة التحرير والمصالح الرأسمالية التي تعمل وتغطي نشاطاتها المشروعة وغير المشروعة تحت شعار "التنمية". فضربت الاجهزة الاميركية ـ الاسرائيلية، وشركاؤها المكشوفين والسريين اللبنانيين والسوريين والعرب، ضربتها بإزاحة هذا الاحتمال المزعج، عن طريق التصفية الشخصية لرفيق الحريري.

ـ ومرة اخرى "اضطرت" اسرائيل للتدخل العسكري المباشر، في حرب تموز ـ اب 2006، لتصحيح مسار "قطار السلام العربي"، عن طريق تحطيم لبنان الاول (لبنان المقاومة) واجبار لبنان الثاني (لبنان الدولة) على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل.

ولكن العدوان فشل فشل ذريعا، واعترفت اسرائيل ذاتها بالهزيمة، وشكلت ـ لاول مرة في تاريخها ـ لجنة تحقيق في اسباب الفشل والهزيمة هي لجنة فينوغراد التي سبق واشرنا اليها.

والان فإن لبنان هو ابعد ما يكون عن تحقيق "نبوءة" بن غوريون، ليس فقط لان اسرائيل تدرك الان ان كل "اراضيها" اصبحت مهددة بالمقاومة وفدائييها وصواريخها، بل ولان لبنان الدولة ايضا يبتعد اكثر فأكثر عن احتمال القبول باتفاقية السلام مع اسرائيل. حتى السيدة المحترمة ستريدا سمير جعجع تصرح ان "لبنان سيكون آخر دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل". تصوروا ان لبنان الدولة سيوقع مثل هذه المعاهدة بعد الصومال وجزر القمر، وربما ـ بل والاكيد ـ انه لن يوقع حتى حينذاك.

ماذا تبقى لاميركا واسرائيل ان تفعلاه مع "العقدة" اللبنانية، التي تهدد بافشال كل مخططات "الشرق الاوسط الكبير الجديد" التي سبق واعلن عنها جورج بوش؟

ـ جواب ترجيحي: "العقدة" التي لا يمكن حلها... من الافضل ان يتم كسرها.

وهذا هو الارجح: اي ان الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، ومعهما حلفاؤهما السريين والمكشوفين العرب، سيعملون ـ تحت الشعارات الاميركية المنادية بـ"الفوضى البناءة" او "اللااستقرار البناء" ـ على فتح الدفاتر القديمة، وتقسيم لبنان الى دويلات صغيرة (اسهل على "الهضم")، مثل:

1 ـ جمهورية سمير جعجع نصف ربع عشر المسيحية (المارونية) وعاصمتها (اي مغارة صالحة في وادي قاديشا).

2 ـ امارة وليد بك جنبلاط نصف ربع عشر الدرزية وعاصمتها خيمة مضروبة فوق اطلال قصر المختارة.

3 ـ مملكة سوليدار المالية وعاصمتها بناء سوبر عصري، يربض على مدخله جمل وناقة من الربع الخالي، فوق مزبلة النورماندي.

ولكن حتى لو افترضنا المستحيل ونجح مخطط التقسيم الطائفي للبنان، فمن المشكوك فيه ان يجرؤ احد على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، لانه صار من الواضح تماما ـ في لبنان ـ ان الذي يوقع على معاهدة سلام مع اسرائيل، لن يفيد اسرائيل، لانه ليس في يده ان يضمن السلام لاسرائيل، بل كل ما سيفعله هو انه سيحكم على نفسه بالاعدام، السياسي اولا.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

*كاتب لبناني مستقل

محمد جمال نوير
12/04/2008, 11:21 AM
سلمت يمينك
تشخيص رائع، وتحليل دقيق، وتحديد مواقف سليم للغاية. لعل الناس يقرأون فيستفيدون، ويفهمون فيتعظون، ويعملون فيفيدون.
وفقك الله
محمد جمال نوير

طه خضر
12/04/2008, 11:45 AM
الحالة لبنانيّة فقط يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها؛ ففيها من التناقضات والعجائب التي تجعل الحليم حيرانا، ومثال ذلك أن تجد من كان بالأمس جزارا ومجرم حرب يتبوأ منصبا رفيعا ويتحدث في المحافل الدولية ويستمع الكل له ويثني على آرائه، ولن أحتاج هنا إلى سرد كل الأسماء؛ فبمجرد أن تذكر الريس أمين الجميل ودوره في ترتيب مذابح صبرا وشاتيلا الانتقاميّة وكذلك زوجة أخيه المقتول صولانج الجميل وألحق بهم سمير جعجع ووليد بيك جنبلاط وميشيل عون ونبيه برّي قائد حرب المخيمات الثانية وتختم كل هذا الكم بـ إيلي حبيقة قائد المذبحة الاوّل وغيرهم من الشخصيات الشيعيّة والسنيّة والدرزيّة والمارونيّة ولن نستثني منها حتى السلطات الروحيّة يتقدمها الأب نعمان والبطرك الماروني وهما من قالا لصلاح خلف وحرفيا كما ورد في مذكراته " فلسطيني بلا هويّة" أنهما مكلفان بذبح وقتل وتشريد الفلسطينين، ما أن تقطع بكلّ ذلك حتى تجزم بتعقـّد الحالة اللبنانيّة وجمعها لكل ما هو متناقض ومنفصم وتقف أمامها حيرانا تضرب أخماسا بأسداس ولا تملك من أمرك إلا أن تقول : كان الله في عون عامة الناس على ما ابتلاهم به!!



يثبـّت التحليل القيّم إلى حين لتحصل الفائدة وتعمّ!

Dr. Schaker S. Schubaer
12/04/2008, 11:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (01): الوعي اللبناني شرط لعدم الوقوع في المصيدة

أود أن أشكر أخي الكريم الأستاذ جورج حداد على هذه المداخلة القيمة. وأود أن أقول إن الاتجاه الصهيوأمريكي، سيحاول تنفيذ مخططاته مرة وأخرى، وكل مرة يستفيد من أخطائه. لكن وعى الشعب اللبناني الشقيق، هو الذي يمنع سقوط هذا البلد الشقيق في الشباك التي تنصب له.

إدارة الرئيس بوش، وقعت على وجها في مطب العراق، فقد حولت أمريكا من دولة واحدة عظمى منفردة تقود العالم، إلى دولة كبرى مثخنة الجراح. لذا فلا تريد أن تدخل مطباً آخر. وربما ندم الرئيس بوش على سيره في هذا الاتجاه، لكن اسرائيل سعيدة بالنتائج، ولا يهمها أن تضحي بنصف الأمريكيين، فالأمريكيين ليسوا سوى جوييم وهم خلقوا لخدمة اليهود. وهي تحاول أن تورط أمريكا في المستنقع الإيراني واللبناني بأي ثمن. خاصة بعد أن وضح أطراف السباق إلى الرئاسة الأمريكية، وهم لن يكونوا على مستوى بوش في العدوانية والإنغلاقية، لذا فإسرائيل تحاول جاهدة توريط إدارة بوش قبل رحيلها.

أكرر شكري العميق لشخصكم الكريم وأتمنى أن تداخلوا باستمرار على واتا، فالأمة بحاجة إلى كتابات بأفق واسع ورؤية شاملة كما هو الحال في مداخلتك.

وبالله التوفيق،،،

جورج حداد
12/04/2008, 05:50 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (01): الوعي اللبناني شرط لعدم الوقوع في المصيدة

أود أن أشكر أخي الكريم الأستاذ جورج حداد على هذه المداخلة القيمة. وأود أن أقول إن الاتجاه الصهيوأمريكي، سيحاول تنفيذ مخططاته مرة وأخرى، وكل مرة يستفيد من أخطائه. لكن وعى الشعب اللبناني الشقيق، هو الذي يمنع سقوط هذا البلد الشقيق في الشباك التي تنصب له.

إدارة الرئيس بوش، وقعت على وجها في مطب العراق، فقد حولت أمريكا من دولة واحدة عظمى منفردة تقود العالم، إلى دولة كبرى مثخنة الجراح. لذا فلا تريد أن تدخل مطباً آخر. وربما ندم الرئيس بوش على سيره في هذا الاتجاه، لكن اسرائيل سعيدة بالنتائج، ولا يهمها أن تضحي بنصف الأمريكيين، فالأمريكيين ليسوا سوى جوييم وهم خلقوا لخدمة اليهود. وهي تحاول أن تورط أمريكا في المستنقع الإيراني واللبناني بأي ثمن. خاصة بعد أن وضح أطراف السباق إلى الرئاسة الأمريكية، وهم لن يكونوا على مستوى بوش في العدوانية والإنغلاقية، لذا فإسرائيل تحاول جاهدة توريط إدارة بوش قبل رحيلها.

أكرر شكري العميق لشخصكم الكريم وأتمنى أن تداخلوا باستمرار على واتا، فالأمة بحاجة إلى كتابات بأفق واسع ورؤية شاملة كما هو الحال في مداخلتك.

وبالله التوفيق،،،




جورج حداد:
اشكر جميع الاخوة على تقويمهم الايجابي للموضوع المنشور، واتمنى اكثر الدخول في صلب الموضوع بحد ذاته ومناقشته ونقده، لان موضوع التفريق او التمييز بين الحالة الدولوية والحالة الشعبية في لبنان او في اي قطر عربي سايكس ـ بيكوي آخر، هو موضوع مصيري بالنسبة للحضور التاريخي للامة العربية

محمدمحمد رشيد
12/04/2008, 08:59 PM
تم تعديل الرسالة في ادناه كان هناك خطأ في الارسال حدث نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وهو امر اعتدنا عليه وعايشناه منذ خمس سنوات
اشكركم

د. فائد اليوسفي
12/04/2008, 11:03 PM
تحليل رائع ولكنى ارى سياسة بشار الاسد واضحة لا تقبل اللبس وهى سياسة المقاومة كما اعلنها بعد القرار 1059 . وهو سياسى محنك بفكر جديد متقد مختلف تماما عن الزعماء الخرفين فى الامة الذين اكل الدهر عليهم وشرب.
شكر للسيد جورج حداد على الإيجاز الوافى.

محمدمحمد رشيد
13/04/2008, 02:44 AM
الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم
تحية طيبة
اود ان اعرب لجنابك عن تقديري لمقالكم مع وجود ملاحظات لدي على ما ورد فيها, اود ان ابين لكم اني كنت في لبنان لغاية عام 1975 طالبا في احدى الجامعات وكانت تلك الفترة تعتبر بدايات الحرب الاهلية ولامست بعض الاحداث وصار لي مخزون من الذكريات مع المتابعة اللآحقة يعينني احيانا لفهم جزء مما حصل ويحصل , بودي ان ابدي ملاحظاتي على ما تطرق له جنابك في المقال لترابط الاحداث في المنطقة وحتى اصحح بعضا من التحليلات والآراء التي امتلكها اذا كانت خاطئة او بعيدة عن الحقيقة من خلال اجاباتكم ذلك ان بعض ما ورد في ادناه مستل من مقالة كتبتها وساقوم بنشرها تخص انعكاس الاوضاع في المنطقة على ما يحصل في العراق:
1- تطرقتم الى الحرب الاخيرة في لبنان وبينتم ان السبب الرئيس لها لم يكن خطف الجنديين الاسرائليين, وعلى ما اذكر في لقاء مع الجزيرة اثناء العدوان الاسرائيلي او بعده مباشرة قال حسن نصر الله ما معناه انه لو كان يعرف ان رد الفعل الاسرائيلي على خطف الجنود سيكون بهذا الحجم لما اقدم على ذلك وهو بذلك يعزو سبب الحرب الى فعل الاختطاف الذي قامت منظمته بتنفيذه, وبعد ان ذهب غبار المعركة واستقرت الامور على النتائج التي خلفتها الحرب ودخلت قوات الامم المتحدة كعازل بين لبنان واسرائيل, كان المطلوب ايجاد تخريج مقبول لتبرير الاثار التي خلفتها , تلغي هذا التصريح من ذهن المواطن اللبناني والعربي الذي وقف مع حزب الله, ويديم في ذاكرتهم مفهوم الحزب المقاوم ، ليخرج علينا حسن نصر الله او احد مساعديه ( لا اذكر ) بعد فترة ويقولوا ما معناه انهم افشلوا هجوما اسرائيليا لضرب المقاومة اللبنانية كان مخططا له ان ينفذ في بداية خريف ذلك العام من خلال العملية الاستباقية التي قاموا بها بخطفهم الجنود لجر اسرائيل لحرب قبل استكمالها الاستعدادات اللوجستية والعملياتية لخوضها. ومن ثم بدأ التنظير الايديولوجي والسياسي لهذه الحرب على اساس انها افشلت مشروع الشرق اوسط الكبير الذي كانت الولايات المتحدة تعد العدة لتنفيذه, في حين اني لا اريد ان ادخل في موضوع اعتبر نفسي قد حشرته, فالمتتبع للاحداث وحقائقها الموضوعية يعرف ان التكاليف البشرية والمادية التي تدفعها الولايات المتحدة يوميا ومنذ خمس سنوات نتيجة غزوها للعراق والتي تسببت بها المقاومة العراقية الوطنية هي المسألة الوحيدة والرئيسية في افشال تنفيذ الولايات المتحدة لمخططها والتي تحاول جاهدة ان تخرج من المستنقع الذي تورطت به مع محاولة المحافظة على المتبقي من مصالحها, وهو ما تعكسه الوفود الامريكية التي صارت لقائتها فقرة دائمة في اجندة المسؤليين الحكومين في المنطقة كما فتحت ثغرة لايران لتساوم مع الشيطان الاكبر على حجم مصالحها وابعاد هذه المصالح.
2- تطرقت جنابك للحلف الاستراتيجي بين حزب الله واحمدي نجاد وروسيا مع تغييب الموقف السوري الذي بتصوري هو الركن الاساس في معادلة الجغرافية السياسية التي تحكم هذا التحالف والتي يعتمد عليها حزب الله وايران في التمويل التسليحي باقل تقدير اذا اسقطنا الحلف والموقف السياسي والتي ساعود لهذه النقطة لاحقا, كما ان لي ملاحظة حول موقف الدب الروسي الذي بدأ يستفيق بعد فترة من السبات الذي اصابه نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية, فمن الواضح انه يسعى لتحدي برامج الولايات المتحدة التي تؤثر على منظومة امنه القومي ومصالحه, غير انه باعتقادي لايختار مناطق تحدي يعتبرها رخوة مثل لبنان معروفة حدود التحالف والصراع فيها وتغيرات رياحها، رغم مظهرها الذي يوحي بانها خاصرة ضعيفة , فلبنان موضوع لايخص سوريا ولا ايران ولا حزب الله و لا امريكا فقط فهو يخص اسرائيل واوربا والخليج والنفط, ومن الممكن ان يكون موضوعه اداة من ادوات الضغط الا ان نتائج استخدامها غير مضمونة, وقد تكون الموازنة حرجة لمصالح روسيا وقد تميل ضدها اذا اعتمدت ان تكون حليفا استراتيجيا لحزب الله وايران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة واوربا ودول الخليج العربي وحتى سوريا وليكون لبنان منطقة اختبار القوة مع كل هؤلاء في حين ان روسيا لديها اولويات بعيدة بمسافة كبيرة عن موضوع لبنان تشمل مشاكل دول الطوق حولها والبحر الاسود واوربا والدرع الصاروخي وديمومة علاقتها مع المنظومة الرسمية العربية المتخمة بالنفط, فالدب الروسي كما الجميع تدرب في سيرك العلاقات الدولية ليناور وليحاور وليكون شعاره كما الجميع (( ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح دائمة )) حيث سقطت ادعاءات الايدولوجيا لتحل محلها نوايا المصالح.
3- كما ان البراغماتية الايرانية ستكون نقطة ضعف في هذا التحالف حيث ان ايران رغم ردائها الايدولوجي الا ان سياسة المصالح ومصالحها السياسية هي التي تحكم منطلقاتها وتضبط تحركاتها, وذلك ليس بالخفي على روسيا واية دولة في المنطقة, ومثل ذلك موقفها من احتلال العراق وافغانستان والذي كان منطقة الاختبار للنوايا الايرانية في تحالفها السري والمعلن مع المشروع الامريكي لاحتلال واسقاط تلك الدولتين من خلال التسهيلات التي لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها وكذلك من خلال ادواتها المتمثلة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي وخصوصا في العراق التي سلمتها الولايات المتحدة السلطة فيه بعد احتلاله.

4- كما ان لبنان التي صورت جغرافيتها في مقالتك وكانها اكبر من فيتنام بما يؤهلها لان تكون جزءا من استراتيجية الردع الهجومي وليس المتوازن الذي يمكن ان تستخدمه روسيا وايران وفي اقله ايران في مواجهة الولايات المتحدة من خلال حزب الله, يصطدم بمحددات المساحة الجغرافية رغم خدمة التضاريس مما يجعل العمل العسكري على اساس حرب العصابات له تكاليفه العالية في المدى الطويل مقابل هجوم مستمر ومستديم يأخذ شكل الضربات الاستباقية والوقائية المركزة او حتى مسك الارض، مع محدد آخر يواجه قوى حرب العصابات والذي يكون مهما وحيويا لتحركها ومناورتها وهو الحاضنة الشعبية والتي لاتمتد على كل الارض اللبنانية, فهناك الكثير من الشكوك لدى الكثير من اللبنانيين حول نوايا حزب الله والتي يعكسها تشكيله الطائفي المحدد والمبرمج وارتباطه المنصوص في دستوره بولاية الفقيه في ايران والذي يعني كمحصلة يقرأها أي انسان بسيط تنفيذه لما هو معلن وغير معلن من اهداف ايران في المنطقة ونواياها مما يحدد من حجم الدعم الذي سيجده حزب الله من الكثير من القوى الشعبية اللبنانية مضافا لذلك كله لغة التخوين والاتهام التي اتسم بها الخطاب السياسي للحزب بعد الحرب اتجاه الكثير من التيارات والتي فسرت على اساس طائفي , كما ان تجربة حرب تموز لم تطور تكتيكات حزب الله واستراتيجته العسكرية فقط بل في الجانب المقابل فقد حاول العدو الاسرائيلي ان يستفيد من هذه التجربة ليطور استراتيجيته وتكتيكاته في اية مواجهة قادمة ستحصل. وما اتفق معك عليه, فان مواجهة قادمة ستحصل ان رغب بها المناهضين لحزب الله ام لم يرغبوا, فاسرائيل لاتعمل بنوايا الآخرين ولا بتحقيق مصالحهم ولكنها تعمل وفق ما يحقق حدود امنها ومصالحها, فالاسترايجية الاسرائيلية تقوم على عسكرة الدولة بكل مفاصلها كما انها تقوم على مفهوم استخدام وتطوير قدرتها الهجومية للردع, وحيث انها تعتبر نفسها قد خسرت حرب تموز لذا فهي تسعى لاستخدام قدرتها العسكرية بغرض الردع والسيطرة من اجل تأكيد هيمنتها وادارة التفاوض وفق ما يحقق مصالحها, وبالتالي فانها ستخوض حربا قادمة الا اذا كانت هناك اتفاقات يتم البحث في تفاصيلها بين الولايات المتحدة وايران على ارض العراق تؤجل المواجهة القادمة او تلغيها والتي ستكون بأي حال من الاحوال على حساب سوريا ودول المنطقة جميعها ان كانت مواجهة او تأجيل او اتفاق.
5- سيدي الدكتور المحترم انت اقرب مني الى الاحداث في لبنان وبالتأكيد فأنت عايشتها بكل تفاصيلها الا ان ما اثرته حول موسى الصدر ومؤامرة تغييبه التي كانت احد اسباب اضعاف المقاومة اللبنانية والذي اشركت في تنفيذها سوريا وليبيا وبعض اطراف المقاومة اللبنانية وربما الايرانية ولا اعرف ان فسح لك المجال لقلت العراق واسرائيل والولايات المتحدة ( اعتذر سيدي عن هذا التعليق الأخير ) غير اني اود ان توضح لي ما علاقة اختفاء موسى الصدر باضعاف المقاومة, ذلك ان موضوع مجيئه من ايران الى لبنان لم يرتبط بموضوع المقاومة بصورة مباشرة, ففي الفترة التي تواجد فيها في لبنان ولحين اختفاءه كان الشاه هو الذي يحكم ايران ولم تكن الحركة الشيعية تتحرك وفق المنطلقات الموجودة حاليا من تصدير الثورة الى ولاية الفقيه وغيرها التي صاغها الخميني ووجدت برامجها التنفيذية عند استلامه للسلطة في ايران وبعد اختفاء موسى الصدر، وان وجود موسى الصدر كان له اهداف اخرى انت اعرف مني بها ومنها هو تجميع الطائفة الشيعية وجعلهم كتلة موحدة باطار تيار ومرجعية واحدة في استحقاقات تقاسم السلطة في لبنان او في الصراع العسكري الذي كان دائرا هناك حيث وكما اتذكر اشرف على تأسيس ميليشيا شيعية سميت على ما اذكر (ابناء علي او اولاد علي والتي كانت نواة تأسيس حركة امل وبعدها حزب الله) والتي بعد تطورها صادرت القرار السياسي للطائفة الشيعية في لبنان لتحول الطائفة الى حزب سياسي وبدل ان يتوزع ابناء الطائفة الشيعية على الاحزاب السياسية كحال اهل السنة في لبنان تم تجميعهم في اطار سياسي مثل الاحزاب المسيحية, ولم يكن ذلك الموضوع بعيد عن توجهات الشاه الذي كان يعتبر ايران هي المدافعة عن مصالح الشيعة في العالم وكانت وريثته حكومة الاسلام السياسي الشيعي الذي استلم الحكم في ايران بعد الشاه ولكن بشعارات مختلفة واهداف اكثر اتساعا.
6-اختصرت ياسيدي فترة خطرة عاشها لبنان لتحرق اكثر المراحل خطورة ولتترك الكثير من التفاصيل النوعية والحاكمة والتي حددت ملامح ما وصل اليه لبنان في الوقت الحاضر ومنها الدور السوري في اسقاط اتفاق 17 ايار والذي الغيته ولم تتطرق له, ثم تداعيات اتفاق الطائف والمعادلة السياسية التي جاءت بالمرحوم رفيق الحريري الذي كان على خلاف مع حزب الله في الكثير من المفاصل ومن ثم التحالف الوثيق بين ايران وممثلها حزب الله وسوريا رغم اختلاف درجات التأثير والتبادل في هذا التحالف بين الاب والابن حيث كانت القيادة التي تحكم في ايران تتحرك في المنطقة من خلال القيادة التي تحكم في سوريا لتنعكس الصورة نوعا ما بعد غياب الاب ومجئ الابن ومن ثم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وقيامها بتسليم السلطة في العراق لحلفاء ايران, وقدر لايران من خلال التغيرات التي حصلت بسبب هذا الاحتلال وانهيار منظومة الامن القومي العربي بعد غياب العراق احد اركانه الرئيسيين والوضع في سوريا ان تكون لاعبا رئيسيا في المنطقة بحيث باتت سوريا تتحرك احيانا من خلال الموقف الايراني حتى على مستوى علاقتها بالمنظومة العربية واصبحت احيانا ظلا له, فايران تحاول بالضغط السياسي او الاقتصادي او بالاقناع ضبط الايقاع السياسي السوري بما يحقق مصالحها مستغلة عدة اشياء ومنها ولسخرية الاقدار موضوع المحكمة الدولية لتكون ورقة ضغط ايرانية على سوريا اكثر منها ورقة ضغط امريكية على سوريا.والسبب في ذلك وفق ما اعتقده يعود الى معرفة ايران للكثير من خفايا واسرار الاغتيال والتي قد تسربها لتحرج سوريا اذا تضاربت بينهما المواقف واختلفت الاهداف.
ان كل التحرك الايراني في المنطقة (وفقا لقناعاتي) ان كان بصورة مباشرة او من خلال ادواتها وحلفاءها هو جزء من وهم القوة الذي يتحكم بالعقلية الدينية المسيطرة على ايران في الوقت الحاضر والتي تسعى من خلاله الى ضم جزء من العراق والتحكم بالباقي منه والسيطرة على الخليج ومد نفوذ امنها القومي الى مناطق متعددة ساعية لتحقيق فكرة انشاء حكومة عالمية لها ادواتها وحلفاءها.وذلك موضوع آخر يمكن ان ترى خيوطه وخطوطه من خلال كتابات الذين ينفذون اجندتها ويعملون على ترويج افكارها.ان هذا الوهم سيقود ايران ال مناطق قد تتمنى ان لاتصل اليها فهي ان كانت قادرة على ضبط مواقف وتحركات حلفائها وادواتها وردع اعدائها لبعض الوقت الا انها لن تستطيع ذلك كل الوقت وهو ما نلاحظه من حالات الصراع بين ادواتها في العراق وحالة الرفض المتنامي من قبل الكثير من القوى في جنوب العراق التي كانت تشيع انهم حاضنتها الشعبية وانها اي ايران حاضنتهم الطائفية.
اخيرا استاذنا الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم لا استطيع ان افهم هجومك على النظام السوري اهو من موقفها الايديولوجي ام من تكتيكاتها السياسية والتي لاتبتعد كثيرا عن مواقف ايران وهي جزء وحسب ما يعلن من المنظومة التي يعمل في اطارها حزب الله ويؤدي دوره في لبنان, ام لان ايران بتصورك دولة عظمى لها الحق ان تعقد تحالفاتها وتتحرك وفق مصالحها فعلينا الترويج لمواقفها ودعمها وان المنظومة العربية وبضمنهم سوريا هم دول هامشية رمتها عوامل الجغرافية و الاحداث لان تكون من ضمن دول الطوق لاسرائيل الا ان دورها ودورهم مهما يكن فهو دور انهزامي تابع ولا يمكن ان يكون مستقلا او وطنيا يبحث عن مصالح شعبه وهذا ما فهمته من نظرتك الى كل الوضع السياسي في وطننا العربي , واود هنا ان ادخل في منطقة لم تتطرق لها من قريب او بعيد في مقالتك في حين ان قضايا المنطقة وحسب ما اراه هناك الكثير من الاشياء تربط فيما بينها وهو موضوع العراق فقد كانت ايران وادواتها من الاحزاب التابعة لها تتهم النظام الوطني في العراق بتبعيته وعمالته للولايات المتحدة اضافة الى انه نظام دكتاتوري مارس القهر على الشعب ومخترع المقابر الجماعية, وانظر ياسيدي حال العراق بعد الاحتلال وبعد ان استلم ادوات ايران السلطة في العراق, اعدم الرئيس الراحل صدام حسين (بتوافق امريكي ايراني) بسبب احالة 148 شخصا الـى المحكمة وتم اعدام بعضهم اثر محاولة اغتياله وكانت محاولة الاغتيال بتحريض ايراني من قبل تنظيم تابع لايران حيث هرب بعض المشاركين في محاولة الاغتيال الى ايران ( وفق ماجاء في الاعلام الايراني عشية محاولة الاغتيال) وكان العراق في حالة حرب مع ايران. والآن الملايين بين قتلى وارامل وايتام ومشردين ولاجئين ومعارك بين ميليشيات ايران على المصالح والنفوذ الا اننا لاندين ولانذكر افعال ايران بل نراها قائدة لمنظومة الصراع الاممي مع الولايات المتحدة, ياسيدي نحن جاهزون ان ننتقد وندين المنظومة العربية على اختلاف توجهاتها ولكننا نزين ما يفعله الآخرون حتى لو كان ثمن فعلهم ملايين القتلى من انفسنا.
اعتذر سيدي عن الاطالة .
واخيرا الا يمكن ان تطربنا مغنية حينا في يوم من الايام.
شكرا لسعة صدرك
تحياتي اخ لك من بغداد.

زهرة زيراوي
13/04/2008, 09:51 PM
الدكتور جورج حداد
ما أروع دوركم في تعرية الإبادات التي يقوم بها ما يتخفى تحت اسم " الديمقراطية " ، الديمقراطية السحر الغامض العجيب الذي أباد الهنود الحمر ، و سقى بلاد النهرين دما و أنبت جماجم للموتى . ما زلت أذكر أني قرأت يوما بمجلة الناقد للشاعر أنسي الحاج : أمريكا بصدد إنتاج ما يسيطر على انفعالات البشر ، و يثير فيهم مشاعر غامضة
ثم يتساءل الشاعر : هل بإمكان أمريكا السيطرة على ردود الفعل الخفي للعقل البشري الذي لم يعرف العلم من إمكانياته لغاية الآن إلا النزر القليل ؟؟؟ .. أليس هذا فعلا ما تواجهه أمريكا الآن برغم آلات الدمار الرهيبة التي ابتدعها العلماء ؟؟؟
الذي نجهله هو أن أمريكا لا تخوض حربها على صعيد الآلة الحربية من قنابل و النووي المنضد ، بل هي تجيش ما لا يخطر على بال .
ما زلت أذكر جانبا من هذا التجييش عندما أغراها نفط ما بين النهرين ، فتحدث بعض المنجمين آنذاك عن ما رأوه في ثنايا الغيب ، و أن فلسطين ستشهد ميلادها و استقلالها عام " 2005 " ، ذهبت رياح الألفين و الخمسة ، و جاءت حرب إسرائيل للبنان عام " 2006 " فأشاع منجم آخر بأن نهاية العام ستشهد اغتيال حسن نصر الله
ما الذي تحقق من النبوءات المأجورة ؟؟؟؟.....
النص الإبداعي بدوره يحضر هذا المشهد فصاحب الخيميائي " باولو كويلو في روايته الجبل الخامس الترجمة العربية شركة المطبوعات للتوزيع و النشر / بيروت لبنان / إنه يستحضر التوراة ، مجتزأ من إصحاح يستعيد مجد إسرائيل:

" ثم أضاف الملاك : من اليوم و حتى ترجع إلى البلاد التي غادرتها لن تمنح لك أي
معجزة
ـ و متى أستطيع الرجوع ؟
ــ الرب بحاجة إليك لتعيد بناء إسرائيل ، لن تطأ أرضها من جديد ،
إلا عندما تتعلم إعادة بنائها
وصمت الملاك "
و الكاتب جيلبير سينويه في عمله الروائي " أيام و ليال " أو " ضحكة سارة " ، دار ورد للطباعة و النشر هو بدوره يستحضر الإنجيل و التاريخ العثماني ، من التاريخ العثماني :
" اكتشف ريكاردو كم كان جبن القوى الغربية كبيرا ، و كم كان صمتها أمام انهيار الشعب اليوناني مصما .
مما لا شك فيه أن فينيزيلوس قد لعب دورا عظيما في معركة الإستقلال تلك . أربعة قرون من التوركوكراتيا . حكم الأتراك
، اربعمائة عام و المسلمون يحكمون المسيحيين الأرثوذكس. و الشهداء كثيرون بحيث أن دماءهم ما تزال تسيل على رمال الشاطئ ."
ومن الإنجيل نقرأ :
" وصله صوت الكاهن من المنبر :
" و قالوا له أين سارة امرأتك . فقال هاهي في الخيمة . فقال إني أرجع إليك
نحو زمان الحياة
و يكون لسارة امرأتك ابن . و كانت سارة سامعة في باب الخيمة و هو وراءها
ــ ... ــ فضحكت سارة في باطنها قائلة : أبعد فنائي يكون لي تنعم و سيدي قد
شاخ ... " إلخ ...

لسنا ضد استحضار الكتب المقدسة و لا التاريخ الإنساني عامة ، لكن ما يصيب بالدهشة حقا هو لو أن أديبا مسلما عربيا كان ، أو غير عربي فعل ذالك . ألا ينعته أبناء جلدته من الأدباء بالتخلف و الرجعية . أليس هذا ما سيحدث حتما ؟؟؟
و لنحاول أن نمعن النظر في دور الأديب العربي المسلم ، و هو يرى كيف يزج بمعتقده في حروب دنيئة و ذالك بالصور المسيئة للنبي و للإسلام من حين لآخر ، و كيف أن هذا الكاتب يرى أن الحداثة " المتصهينة " ستجعله مثارا للضحك ، لو أنه وظف في كتاباته ذلك
أصبح هو المدافع عن هذا الشرك الذي ألقي إليه أكثر من الغربي ، فبات الأمر و كأنه لا يعنيه لا من قريب و لا من بعيد .
أذكر في موضوع الحداثة و أنا أجري حوارا مع الفنان المغربي حسن لكلاوي و الذي دخلت بشموخ أعماله الفنية إلى البيت الأبيض . أسأله عن الحداثة ، فيعقب قائلا : أنا لست لقيطا لدي تراث تجمع عبر السنين و دوري هو البحث فيه لإستنهاضه ، و إعادة الحياة إليه .
و أذكر أيضا لقاء جمعني بالبروفسور جاك هنري كراند عميد قسم الدراسات الشرقية في حفل تكريم للشاعر الكبير محمود درويش بجامعة لوفان البلجيكية و ذالك منذ عشر سنوات تقريبا ، قد دار الحديث بيني و بينه في نهاية حفل التكريم عن الصراعات و العداء باسم الدين من أجل مصالح اقتصادية و أنه آن الآوان لحوار ديني متسامح و أن علينا أن نسعى لذالك
و أن نبحث عن السبل التي تجمعنا لا ما يفرقنا ، و فد حملت يومها الرسالة لاتحاد الكتاب ببلدي ، كانت صبوتهم غير هذا مع الأسف .

يبقى أن أتساءل : أما آن أن نستيقظ من هذا النوم العميق ؟؟؟ و هل سيرحمنا تاريخنا المصلوب أمام أعيننا ؟؟؟
أليس في القرآن كما في سائر الكتب السماوية ما يدفع بنا نحو المصير المشترك
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
ما معنى التقوى يا أمريكا و يا شعوب العالم أجمع ؟؟ افتحوا معاجمكم إن التبس الأمر عليكم
ما أود أن أشير إليه في الأخير هو أنه يحرم علينا كمسلمين فنانين و أدباء أن نتناول الأنبياء بسوء هذا شرط الإيمان في عقيدتنا ، لكن ممكن أن تتجه الجهود نحو كتابة مسؤولة و فرشاة لونية كما فعلت لوحة الجرنيكا لبيكاسو. لا عقدة عندنا أن نتعلم من الغرب . فقد سبق أن كانت دار الحكمة معلما ، و أيضا الحلقات العلمية بالأندلس رائدة . و اسمحوا لي في هذا التجاور الذي أحدثته " الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب " مشكــــــــــورة
أن أمدكم بهذا الموقع للفنان النحاة الصحبي اشتيوي عاكفا في محترفه على قضايا أمته ، يعدها شهادة للتاريخ و كيف يصهر الحديد ليجعل منه سجونا رهيبة تخلد معتقلات : أبو غريب / و كوانتانامو أيضا آه ياعراق و منحوتة عيسى عليه السلام و هو يحمل جلجلته
يقول عن هذه المنحوتة الأخيرة :
أود أن أوجهها إلى قداسة البابا بإيطاليا هدية مني آملا منه قبولها مع رسالة إلى قداسته مفادهــــــــــــــــــــــا :
: أني مسلم لذا فإن الصلب هنا الذي أعنيه هو صلب معنوي تعرض له كل الأنبياء فلتحملنا قداستك المباركــــة نحو حوار حضاري نتجاور فيه في هذا الكون الذي هو ملكوت الله العظيم .
www.sahbisculptor.com

زهرة زيراوي
13/04/2008, 09:51 PM
الدكتور جورج حداد
ما أروع دوركم في تعرية الإبادات التي يقوم بها ما يتخفى تحت اسم " الديمقراطية " ، الديمقراطية السحر الغامض العجيب الذي أباد الهنود الحمر ، و سقى بلاد النهرين دما و أنبت جماجم للموتى . ما زلت أذكر أني قرأت يوما بمجلة الناقد للشاعر أنسي الحاج : أمريكا بصدد إنتاج ما يسيطر على انفعالات البشر ، و يثير فيهم مشاعر غامضة
ثم يتساءل الشاعر : هل بإمكان أمريكا السيطرة على ردود الفعل الخفي للعقل البشري الذي لم يعرف العلم من إمكانياته لغاية الآن إلا النزر القليل ؟؟؟ .. أليس هذا فعلا ما تواجهه أمريكا الآن برغم آلات الدمار الرهيبة التي ابتدعها العلماء ؟؟؟
الذي نجهله هو أن أمريكا لا تخوض حربها على صعيد الآلة الحربية من قنابل و النووي المنضد ، بل هي تجيش ما لا يخطر على بال .
ما زلت أذكر جانبا من هذا التجييش عندما أغراها نفط ما بين النهرين ، فتحدث بعض المنجمين آنذاك عن ما رأوه في ثنايا الغيب ، و أن فلسطين ستشهد ميلادها و استقلالها عام " 2005 " ، ذهبت رياح الألفين و الخمسة ، و جاءت حرب إسرائيل للبنان عام " 2006 " فأشاع منجم آخر بأن نهاية العام ستشهد اغتيال حسن نصر الله
ما الذي تحقق من النبوءات المأجورة ؟؟؟؟.....
النص الإبداعي بدوره يحضر هذا المشهد فصاحب الخيميائي " باولو كويلو في روايته الجبل الخامس الترجمة العربية شركة المطبوعات للتوزيع و النشر / بيروت لبنان / إنه يستحضر التوراة ، مجتزأ من إصحاح يستعيد مجد إسرائيل:

" ثم أضاف الملاك : من اليوم و حتى ترجع إلى البلاد التي غادرتها لن تمنح لك أي
معجزة
ـ و متى أستطيع الرجوع ؟
ــ الرب بحاجة إليك لتعيد بناء إسرائيل ، لن تطأ أرضها من جديد ،
إلا عندما تتعلم إعادة بنائها
وصمت الملاك "
و الكاتب جيلبير سينويه في عمله الروائي " أيام و ليال " أو " ضحكة سارة " ، دار ورد للطباعة و النشر هو بدوره يستحضر الإنجيل و التاريخ العثماني ، من التاريخ العثماني :
" اكتشف ريكاردو كم كان جبن القوى الغربية كبيرا ، و كم كان صمتها أمام انهيار الشعب اليوناني مصما .
مما لا شك فيه أن فينيزيلوس قد لعب دورا عظيما في معركة الإستقلال تلك . أربعة قرون من التوركوكراتيا . حكم الأتراك
، اربعمائة عام و المسلمون يحكمون المسيحيين الأرثوذكس. و الشهداء كثيرون بحيث أن دماءهم ما تزال تسيل على رمال الشاطئ ."
ومن الإنجيل نقرأ :
" وصله صوت الكاهن من المنبر :
" و قالوا له أين سارة امرأتك . فقال هاهي في الخيمة . فقال إني أرجع إليك
نحو زمان الحياة
و يكون لسارة امرأتك ابن . و كانت سارة سامعة في باب الخيمة و هو وراءها
ــ ... ــ فضحكت سارة في باطنها قائلة : أبعد فنائي يكون لي تنعم و سيدي قد
شاخ ... " إلخ ...

لسنا ضد استحضار الكتب المقدسة و لا التاريخ الإنساني عامة ، لكن ما يصيب بالدهشة حقا هو لو أن أديبا مسلما عربيا كان ، أو غير عربي فعل ذالك . ألا ينعته أبناء جلدته من الأدباء بالتخلف و الرجعية . أليس هذا ما سيحدث حتما ؟؟؟
و لنحاول أن نمعن النظر في دور الأديب العربي المسلم ، و هو يرى كيف يزج بمعتقده في حروب دنيئة و ذالك بالصور المسيئة للنبي و للإسلام من حين لآخر ، و كيف أن هذا الكاتب يرى أن الحداثة " المتصهينة " ستجعله مثارا للضحك ، لو أنه وظف في كتاباته ذلك
أصبح هو المدافع عن هذا الشرك الذي ألقي إليه أكثر من الغربي ، فبات الأمر و كأنه لا يعنيه لا من قريب و لا من بعيد .
أذكر في موضوع الحداثة و أنا أجري حوارا مع الفنان المغربي حسن لكلاوي و الذي دخلت بشموخ أعماله الفنية إلى البيت الأبيض . أسأله عن الحداثة ، فيعقب قائلا : أنا لست لقيطا لدي تراث تجمع عبر السنين و دوري هو البحث فيه لإستنهاضه ، و إعادة الحياة إليه .
و أذكر أيضا لقاء جمعني بالبروفسور جاك هنري كراند عميد قسم الدراسات الشرقية في حفل تكريم للشاعر الكبير محمود درويش بجامعة لوفان البلجيكية و ذالك منذ عشر سنوات تقريبا ، قد دار الحديث بيني و بينه في نهاية حفل التكريم عن الصراعات و العداء باسم الدين من أجل مصالح اقتصادية و أنه آن الآوان لحوار ديني متسامح و أن علينا أن نسعى لذالك
و أن نبحث عن السبل التي تجمعنا لا ما يفرقنا ، و فد حملت يومها الرسالة لاتحاد الكتاب ببلدي ، كانت صبوتهم غير هذا مع الأسف .

يبقى أن أتساءل : أما آن أن نستيقظ من هذا النوم العميق ؟؟؟ و هل سيرحمنا تاريخنا المصلوب أمام أعيننا ؟؟؟
أليس في القرآن كما في سائر الكتب السماوية ما يدفع بنا نحو المصير المشترك
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
ما معنى التقوى يا أمريكا و يا شعوب العالم أجمع ؟؟ افتحوا معاجمكم إن التبس الأمر عليكم
ما أود أن أشير إليه في الأخير هو أنه يحرم علينا كمسلمين فنانين و أدباء أن نتناول الأنبياء بسوء هذا شرط الإيمان في عقيدتنا ، لكن ممكن أن تتجه الجهود نحو كتابة مسؤولة و فرشاة لونية كما فعلت لوحة الجرنيكا لبيكاسو. لا عقدة عندنا أن نتعلم من الغرب . فقد سبق أن كانت دار الحكمة معلما ، و أيضا الحلقات العلمية بالأندلس رائدة . و اسمحوا لي في هذا التجاور الذي أحدثته " الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب " مشكــــــــــورة
أن أمدكم بهذا الموقع للفنان النحاة الصحبي اشتيوي عاكفا في محترفه على قضايا أمته ، يعدها شهادة للتاريخ و كيف يصهر الحديد ليجعل منه سجونا رهيبة تخلد معتقلات : أبو غريب / و كوانتانامو أيضا آه ياعراق و منحوتة عيسى عليه السلام و هو يحمل جلجلته
يقول عن هذه المنحوتة الأخيرة :
أود أن أوجهها إلى قداسة البابا بإيطاليا هدية مني آملا منه قبولها مع رسالة إلى قداسته مفادهــــــــــــــــــــــا :
: أني مسلم لذا فإن الصلب هنا الذي أعنيه هو صلب معنوي تعرض له كل الأنبياء فلتحملنا قداستك المباركــــة نحو حوار حضاري نتجاور فيه في هذا الكون الذي هو ملكوت الله العظيم .
www.sahbisculptor.com

زهرة زيراوي
13/04/2008, 09:51 PM
الدكتور جورج حداد
ما أروع دوركم في تعرية الإبادات التي يقوم بها ما يتخفى تحت اسم " الديمقراطية " ، الديمقراطية السحر الغامض العجيب الذي أباد الهنود الحمر ، و سقى بلاد النهرين دما و أنبت جماجم للموتى . ما زلت أذكر أني قرأت يوما بمجلة الناقد للشاعر أنسي الحاج : أمريكا بصدد إنتاج ما يسيطر على انفعالات البشر ، و يثير فيهم مشاعر غامضة
ثم يتساءل الشاعر : هل بإمكان أمريكا السيطرة على ردود الفعل الخفي للعقل البشري الذي لم يعرف العلم من إمكانياته لغاية الآن إلا النزر القليل ؟؟؟ .. أليس هذا فعلا ما تواجهه أمريكا الآن برغم آلات الدمار الرهيبة التي ابتدعها العلماء ؟؟؟
الذي نجهله هو أن أمريكا لا تخوض حربها على صعيد الآلة الحربية من قنابل و النووي المنضد ، بل هي تجيش ما لا يخطر على بال .
ما زلت أذكر جانبا من هذا التجييش عندما أغراها نفط ما بين النهرين ، فتحدث بعض المنجمين آنذاك عن ما رأوه في ثنايا الغيب ، و أن فلسطين ستشهد ميلادها و استقلالها عام " 2005 " ، ذهبت رياح الألفين و الخمسة ، و جاءت حرب إسرائيل للبنان عام " 2006 " فأشاع منجم آخر بأن نهاية العام ستشهد اغتيال حسن نصر الله
ما الذي تحقق من النبوءات المأجورة ؟؟؟؟.....
النص الإبداعي بدوره يحضر هذا المشهد فصاحب الخيميائي " باولو كويلو في روايته الجبل الخامس الترجمة العربية شركة المطبوعات للتوزيع و النشر / بيروت لبنان / إنه يستحضر التوراة ، مجتزأ من إصحاح يستعيد مجد إسرائيل:

" ثم أضاف الملاك : من اليوم و حتى ترجع إلى البلاد التي غادرتها لن تمنح لك أي
معجزة
ـ و متى أستطيع الرجوع ؟
ــ الرب بحاجة إليك لتعيد بناء إسرائيل ، لن تطأ أرضها من جديد ،
إلا عندما تتعلم إعادة بنائها
وصمت الملاك "
و الكاتب جيلبير سينويه في عمله الروائي " أيام و ليال " أو " ضحكة سارة " ، دار ورد للطباعة و النشر هو بدوره يستحضر الإنجيل و التاريخ العثماني ، من التاريخ العثماني :
" اكتشف ريكاردو كم كان جبن القوى الغربية كبيرا ، و كم كان صمتها أمام انهيار الشعب اليوناني مصما .
مما لا شك فيه أن فينيزيلوس قد لعب دورا عظيما في معركة الإستقلال تلك . أربعة قرون من التوركوكراتيا . حكم الأتراك
، اربعمائة عام و المسلمون يحكمون المسيحيين الأرثوذكس. و الشهداء كثيرون بحيث أن دماءهم ما تزال تسيل على رمال الشاطئ ."
ومن الإنجيل نقرأ :
" وصله صوت الكاهن من المنبر :
" و قالوا له أين سارة امرأتك . فقال هاهي في الخيمة . فقال إني أرجع إليك
نحو زمان الحياة
و يكون لسارة امرأتك ابن . و كانت سارة سامعة في باب الخيمة و هو وراءها
ــ ... ــ فضحكت سارة في باطنها قائلة : أبعد فنائي يكون لي تنعم و سيدي قد
شاخ ... " إلخ ...

لسنا ضد استحضار الكتب المقدسة و لا التاريخ الإنساني عامة ، لكن ما يصيب بالدهشة حقا هو لو أن أديبا مسلما عربيا كان ، أو غير عربي فعل ذالك . ألا ينعته أبناء جلدته من الأدباء بالتخلف و الرجعية . أليس هذا ما سيحدث حتما ؟؟؟
و لنحاول أن نمعن النظر في دور الأديب العربي المسلم ، و هو يرى كيف يزج بمعتقده في حروب دنيئة و ذالك بالصور المسيئة للنبي و للإسلام من حين لآخر ، و كيف أن هذا الكاتب يرى أن الحداثة " المتصهينة " ستجعله مثارا للضحك ، لو أنه وظف في كتاباته ذلك
أصبح هو المدافع عن هذا الشرك الذي ألقي إليه أكثر من الغربي ، فبات الأمر و كأنه لا يعنيه لا من قريب و لا من بعيد .
أذكر في موضوع الحداثة و أنا أجري حوارا مع الفنان المغربي حسن لكلاوي و الذي دخلت بشموخ أعماله الفنية إلى البيت الأبيض . أسأله عن الحداثة ، فيعقب قائلا : أنا لست لقيطا لدي تراث تجمع عبر السنين و دوري هو البحث فيه لإستنهاضه ، و إعادة الحياة إليه .
و أذكر أيضا لقاء جمعني بالبروفسور جاك هنري كراند عميد قسم الدراسات الشرقية في حفل تكريم للشاعر الكبير محمود درويش بجامعة لوفان البلجيكية و ذالك منذ عشر سنوات تقريبا ، قد دار الحديث بيني و بينه في نهاية حفل التكريم عن الصراعات و العداء باسم الدين من أجل مصالح اقتصادية و أنه آن الآوان لحوار ديني متسامح و أن علينا أن نسعى لذالك
و أن نبحث عن السبل التي تجمعنا لا ما يفرقنا ، و فد حملت يومها الرسالة لاتحاد الكتاب ببلدي ، كانت صبوتهم غير هذا مع الأسف .

يبقى أن أتساءل : أما آن أن نستيقظ من هذا النوم العميق ؟؟؟ و هل سيرحمنا تاريخنا المصلوب أمام أعيننا ؟؟؟
أليس في القرآن كما في سائر الكتب السماوية ما يدفع بنا نحو المصير المشترك
" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
ما معنى التقوى يا أمريكا و يا شعوب العالم أجمع ؟؟ افتحوا معاجمكم إن التبس الأمر عليكم
ما أود أن أشير إليه في الأخير هو أنه يحرم علينا كمسلمين فنانين و أدباء أن نتناول الأنبياء بسوء هذا شرط الإيمان في عقيدتنا ، لكن ممكن أن تتجه الجهود نحو كتابة مسؤولة و فرشاة لونية كما فعلت لوحة الجرنيكا لبيكاسو. لا عقدة عندنا أن نتعلم من الغرب . فقد سبق أن كانت دار الحكمة معلما ، و أيضا الحلقات العلمية بالأندلس رائدة . و اسمحوا لي في هذا التجاور الذي أحدثته " الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب " مشكــــــــــورة
أن أمدكم بهذا الموقع للفنان النحاة الصحبي اشتيوي عاكفا في محترفه على قضايا أمته ، يعدها شهادة للتاريخ و كيف يصهر الحديد ليجعل منه سجونا رهيبة تخلد معتقلات : أبو غريب / و كوانتانامو أيضا آه ياعراق و منحوتة عيسى عليه السلام و هو يحمل جلجلته
يقول عن هذه المنحوتة الأخيرة :
أود أن أوجهها إلى قداسة البابا بإيطاليا هدية مني آملا منه قبولها مع رسالة إلى قداسته مفادهــــــــــــــــــــــا :
: أني مسلم لذا فإن الصلب هنا الذي أعنيه هو صلب معنوي تعرض له كل الأنبياء فلتحملنا قداستك المباركــــة نحو حوار حضاري نتجاور فيه في هذا الكون الذي هو ملكوت الله العظيم .
www.sahbisculptor.com

جورج حداد
15/04/2008, 12:50 PM
تحليل رائع ولكنى ارى سياسة بشار الاسد واضحة لا تقبل اللبس وهى سياسة المقاومة كما اعلنها بعد القرار 1059 . وهو سياسى محنك بفكر جديد متقد مختلف تماما عن الزعماء الخرفين فى الامة الذين اكل الدهر عليهم وشرب.
شكر للسيد جورج حداد على الإيجاز الوافى.

رد جورج حداد:
1 ـ ان دعم النظام السوري للمقاومة في لبنان، ولبعض فصائل المقاومة الفلسطينية لا يخرج عن تاكتيك "الاحتواء" واستخدام هذا الدعم كورقة ضغط في المساومة مع اسرائيل للحصول على شروط افضل للنظام السوري في سعيه الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل، من جهة، وفي الوقت نفسه كورقة تأثير وضغط على اطراف المقاومة في خدمة عملية "السلام العادل والشامل"، من جهة ثانية، ولتسهيل عمليات ضرب المقاومة عند اللزوم (اغتيال القائد الفلسطيني جهاد جبريل، والقائد اللبناني عماد مغنية، وغيرهما؛... في احضان المخابرات السورية)؛ ولو كان النظام السوري ـ كنظام ـ مخلصا في انتهاج سياسة المقاومة لكان شرع منذ اربعين سنة، او ثلاثين، او عشرين، او منذ عشر سنوات؛ او لشرع اليوم، في اطلاق القوى الوطنية والقومية الكامنة في سوريا لاجل الشروع في المقاومة الشعبية لتحرير الجولان المحتل؛ ان تمسك النظام السوري بحماية الاحتلال الاسرائيلي للجولان، هو رسالة واضحة جدا للعدو، بأن كل دعم النظام السوري، الكلامي او اللوجستي الجزئي، للمقاومة "غير السورية" و"خارج الارض السورية" لا يخرج عن البازار السياسي مع اميركا واسرائيل.

جورج حداد
15/04/2008, 12:50 PM
تحليل رائع ولكنى ارى سياسة بشار الاسد واضحة لا تقبل اللبس وهى سياسة المقاومة كما اعلنها بعد القرار 1059 . وهو سياسى محنك بفكر جديد متقد مختلف تماما عن الزعماء الخرفين فى الامة الذين اكل الدهر عليهم وشرب.
شكر للسيد جورج حداد على الإيجاز الوافى.

رد جورج حداد:
1 ـ ان دعم النظام السوري للمقاومة في لبنان، ولبعض فصائل المقاومة الفلسطينية لا يخرج عن تاكتيك "الاحتواء" واستخدام هذا الدعم كورقة ضغط في المساومة مع اسرائيل للحصول على شروط افضل للنظام السوري في سعيه الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل، من جهة، وفي الوقت نفسه كورقة تأثير وضغط على اطراف المقاومة في خدمة عملية "السلام العادل والشامل"، من جهة ثانية، ولتسهيل عمليات ضرب المقاومة عند اللزوم (اغتيال القائد الفلسطيني جهاد جبريل، والقائد اللبناني عماد مغنية، وغيرهما؛... في احضان المخابرات السورية)؛ ولو كان النظام السوري ـ كنظام ـ مخلصا في انتهاج سياسة المقاومة لكان شرع منذ اربعين سنة، او ثلاثين، او عشرين، او منذ عشر سنوات؛ او لشرع اليوم، في اطلاق القوى الوطنية والقومية الكامنة في سوريا لاجل الشروع في المقاومة الشعبية لتحرير الجولان المحتل؛ ان تمسك النظام السوري بحماية الاحتلال الاسرائيلي للجولان، هو رسالة واضحة جدا للعدو، بأن كل دعم النظام السوري، الكلامي او اللوجستي الجزئي، للمقاومة "غير السورية" و"خارج الارض السورية" لا يخرج عن البازار السياسي مع اميركا واسرائيل.

جورج حداد
15/04/2008, 12:50 PM
تحليل رائع ولكنى ارى سياسة بشار الاسد واضحة لا تقبل اللبس وهى سياسة المقاومة كما اعلنها بعد القرار 1059 . وهو سياسى محنك بفكر جديد متقد مختلف تماما عن الزعماء الخرفين فى الامة الذين اكل الدهر عليهم وشرب.
شكر للسيد جورج حداد على الإيجاز الوافى.

رد جورج حداد:
1 ـ ان دعم النظام السوري للمقاومة في لبنان، ولبعض فصائل المقاومة الفلسطينية لا يخرج عن تاكتيك "الاحتواء" واستخدام هذا الدعم كورقة ضغط في المساومة مع اسرائيل للحصول على شروط افضل للنظام السوري في سعيه الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل، من جهة، وفي الوقت نفسه كورقة تأثير وضغط على اطراف المقاومة في خدمة عملية "السلام العادل والشامل"، من جهة ثانية، ولتسهيل عمليات ضرب المقاومة عند اللزوم (اغتيال القائد الفلسطيني جهاد جبريل، والقائد اللبناني عماد مغنية، وغيرهما؛... في احضان المخابرات السورية)؛ ولو كان النظام السوري ـ كنظام ـ مخلصا في انتهاج سياسة المقاومة لكان شرع منذ اربعين سنة، او ثلاثين، او عشرين، او منذ عشر سنوات؛ او لشرع اليوم، في اطلاق القوى الوطنية والقومية الكامنة في سوريا لاجل الشروع في المقاومة الشعبية لتحرير الجولان المحتل؛ ان تمسك النظام السوري بحماية الاحتلال الاسرائيلي للجولان، هو رسالة واضحة جدا للعدو، بأن كل دعم النظام السوري، الكلامي او اللوجستي الجزئي، للمقاومة "غير السورية" و"خارج الارض السورية" لا يخرج عن البازار السياسي مع اميركا واسرائيل.

جورج حداد
15/04/2008, 12:53 PM
الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم
تحية طيبة
اود ان اعرب لجنابك عن تقديري لمقالكم مع وجود ملاحظات لدي على ما ورد فيها, اود ان ابين لكم اني كنت في لبنان لغاية عام 1975 طالبا في احدى الجامعات وكانت تلك الفترة تعتبر بدايات الحرب الاهلية ولامست بعض الاحداث وصار لي مخزون من الذكريات مع المتابعة اللآحقة يعينني احيانا لفهم جزء مما حصل ويحصل , بودي ان ابدي ملاحظاتي على ما تطرق له جنابك في المقال لترابط الاحداث في المنطقة وحتى اصحح بعضا من التحليلات والآراء التي امتلكها اذا كانت خاطئة او بعيدة عن الحقيقة من خلال اجاباتكم ذلك ان بعض ما ورد في ادناه مستل من مقالة كتبتها وساقوم بنشرها تخص انعكاس الاوضاع في المنطقة على ما يحصل في العراق:
1- تطرقتم الى الحرب الاخيرة في لبنان وبينتم ان السبب الرئيس لها لم يكن خطف الجنديين الاسرائليين, وعلى ما اذكر في لقاء مع الجزيرة اثناء العدوان الاسرائيلي او بعده مباشرة قال حسن نصر الله ما معناه انه لو كان يعرف ان رد الفعل الاسرائيلي على خطف الجنود سيكون بهذا الحجم لما اقدم على ذلك وهو بذلك يعزو سبب الحرب الى فعل الاختطاف الذي قامت منظمته بتنفيذه, وبعد ان ذهب غبار المعركة واستقرت الامور على النتائج التي خلفتها الحرب ودخلت قوات الامم المتحدة كعازل بين لبنان واسرائيل, كان المطلوب ايجاد تخريج مقبول لتبرير الاثار التي خلفتها , تلغي هذا التصريح من ذهن المواطن اللبناني والعربي الذي وقف مع حزب الله, ويديم في ذاكرتهم مفهوم الحزب المقاوم ، ليخرج علينا حسن نصر الله او احد مساعديه ( لا اذكر ) بعد فترة ويقولوا ما معناه انهم افشلوا هجوما اسرائيليا لضرب المقاومة اللبنانية كان مخططا له ان ينفذ في بداية خريف ذلك العام من خلال العملية الاستباقية التي قاموا بها بخطفهم الجنود لجر اسرائيل لحرب قبل استكمالها الاستعدادات اللوجستية والعملياتية لخوضها. ومن ثم بدأ التنظير الايديولوجي والسياسي لهذه الحرب على اساس انها افشلت مشروع الشرق اوسط الكبير الذي كانت الولايات المتحدة تعد العدة لتنفيذه, في حين اني لا اريد ان ادخل في موضوع اعتبر نفسي قد حشرته, فالمتتبع للاحداث وحقائقها الموضوعية يعرف ان التكاليف البشرية والمادية التي تدفعها الولايات المتحدة يوميا ومنذ خمس سنوات نتيجة غزوها للعراق والتي تسببت بها المقاومة العراقية الوطنية هي المسألة الوحيدة والرئيسية في افشال تنفيذ الولايات المتحدة لمخططها والتي تحاول جاهدة ان تخرج من المستنقع الذي تورطت به مع محاولة المحافظة على المتبقي من مصالحها, وهو ما تعكسه الوفود الامريكية التي صارت لقائتها فقرة دائمة في اجندة المسؤليين الحكومين في المنطقة كما فتحت ثغرة لايران لتساوم مع الشيطان الاكبر على حجم مصالحها وابعاد هذه المصالح.
2- تطرقت جنابك للحلف الاستراتيجي بين حزب الله واحمدي نجاد وروسيا مع تغييب الموقف السوري الذي بتصوري هو الركن الاساس في معادلة الجغرافية السياسية التي تحكم هذا التحالف والتي يعتمد عليها حزب الله وايران في التمويل التسليحي باقل تقدير اذا اسقطنا الحلف والموقف السياسي والتي ساعود لهذه النقطة لاحقا, كما ان لي ملاحظة حول موقف الدب الروسي الذي بدأ يستفيق بعد فترة من السبات الذي اصابه نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية, فمن الواضح انه يسعى لتحدي برامج الولايات المتحدة التي تؤثر على منظومة امنه القومي ومصالحه, غير انه باعتقادي لايختار مناطق تحدي يعتبرها رخوة مثل لبنان معروفة حدود التحالف والصراع فيها وتغيرات رياحها، رغم مظهرها الذي يوحي بانها خاصرة ضعيفة , فلبنان موضوع لايخص سوريا ولا ايران ولا حزب الله و لا امريكا فقط فهو يخص اسرائيل واوربا والخليج والنفط, ومن الممكن ان يكون موضوعه اداة من ادوات الضغط الا ان نتائج استخدامها غير مضمونة, وقد تكون الموازنة حرجة لمصالح روسيا وقد تميل ضدها اذا اعتمدت ان تكون حليفا استراتيجيا لحزب الله وايران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة واوربا ودول الخليج العربي وحتى سوريا وليكون لبنان منطقة اختبار القوة مع كل هؤلاء في حين ان روسيا لديها اولويات بعيدة بمسافة كبيرة عن موضوع لبنان تشمل مشاكل دول الطوق حولها والبحر الاسود واوربا والدرع الصاروخي وديمومة علاقتها مع المنظومة الرسمية العربية المتخمة بالنفط, فالدب الروسي كما الجميع تدرب في سيرك العلاقات الدولية ليناور وليحاور وليكون شعاره كما الجميع (( ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح دائمة )) حيث سقطت ادعاءات الايدولوجيا لتحل محلها نوايا المصالح.
3- كما ان البراغماتية الايرانية ستكون نقطة ضعف في هذا التحالف حيث ان ايران رغم ردائها الايدولوجي الا ان سياسة المصالح ومصالحها السياسية هي التي تحكم منطلقاتها وتضبط تحركاتها, وذلك ليس بالخفي على روسيا واية دولة في المنطقة, ومثل ذلك موقفها من احتلال العراق وافغانستان والذي كان منطقة الاختبار للنوايا الايرانية في تحالفها السري والمعلن مع المشروع الامريكي لاحتلال واسقاط تلك الدولتين من خلال التسهيلات التي لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها وكذلك من خلال ادواتها المتمثلة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي وخصوصا في العراق التي سلمتها الولايات المتحدة السلطة فيه بعد احتلاله.

4- كما ان لبنان التي صورت جغرافيتها في مقالتك وكانها اكبر من فيتنام بما يؤهلها لان تكون جزءا من استراتيجية الردع الهجومي وليس المتوازن الذي يمكن ان تستخدمه روسيا وايران وفي اقله ايران في مواجهة الولايات المتحدة من خلال حزب الله, يصطدم بمحددات المساحة الجغرافية رغم خدمة التضاريس مما يجعل العمل العسكري على اساس حرب العصابات له تكاليفه العالية في المدى الطويل مقابل هجوم مستمر ومستديم يأخذ شكل الضربات الاستباقية والوقائية المركزة او حتى مسك الارض، مع محدد آخر يواجه قوى حرب العصابات والذي يكون مهما وحيويا لتحركها ومناورتها وهو الحاضنة الشعبية والتي لاتمتد على كل الارض اللبنانية, فهناك الكثير من الشكوك لدى الكثير من اللبنانيين حول نوايا حزب الله والتي يعكسها تشكيله الطائفي المحدد والمبرمج وارتباطه المنصوص في دستوره بولاية الفقيه في ايران والذي يعني كمحصلة يقرأها أي انسان بسيط تنفيذه لما هو معلن وغير معلن من اهداف ايران في المنطقة ونواياها مما يحدد من حجم الدعم الذي سيجده حزب الله من الكثير من القوى الشعبية اللبنانية مضافا لذلك كله لغة التخوين والاتهام التي اتسم بها الخطاب السياسي للحزب بعد الحرب اتجاه الكثير من التيارات والتي فسرت على اساس طائفي , كما ان تجربة حرب تموز لم تطور تكتيكات حزب الله واستراتيجته العسكرية فقط بل في الجانب المقابل فقد حاول العدو الاسرائيلي ان يستفيد من هذه التجربة ليطور استراتيجيته وتكتيكاته في اية مواجهة قادمة ستحصل. وما اتفق معك عليه, فان مواجهة قادمة ستحصل ان رغب بها المناهضين لحزب الله ام لم يرغبوا, فاسرائيل لاتعمل بنوايا الآخرين ولا بتحقيق مصالحهم ولكنها تعمل وفق ما يحقق حدود امنها ومصالحها, فالاسترايجية الاسرائيلية تقوم على عسكرة الدولة بكل مفاصلها كما انها تقوم على مفهوم استخدام وتطوير قدرتها الهجومية للردع, وحيث انها تعتبر نفسها قد خسرت حرب تموز لذا فهي تسعى لاستخدام قدرتها العسكرية بغرض الردع والسيطرة من اجل تأكيد هيمنتها وادارة التفاوض وفق ما يحقق مصالحها, وبالتالي فانها ستخوض حربا قادمة الا اذا كانت هناك اتفاقات يتم البحث في تفاصيلها بين الولايات المتحدة وايران على ارض العراق تؤجل المواجهة القادمة او تلغيها والتي ستكون بأي حال من الاحوال على حساب سوريا ودول المنطقة جميعها ان كانت مواجهة او تأجيل او اتفاق.
5- سيدي الدكتور المحترم انت اقرب مني الى الاحداث في لبنان وبالتأكيد فأنت عايشتها بكل تفاصيلها الا ان ما اثرته حول موسى الصدر ومؤامرة تغييبه التي كانت احد اسباب اضعاف المقاومة اللبنانية والذي اشركت في تنفيذها سوريا وليبيا وبعض اطراف المقاومة اللبنانية وربما الايرانية ولا اعرف ان فسح لك المجال لقلت العراق واسرائيل والولايات المتحدة ( اعتذر سيدي عن هذا التعليق الأخير ) غير اني اود ان توضح لي ما علاقة اختفاء موسى الصدر باضعاف المقاومة, ذلك ان موضوع مجيئه من ايران الى لبنان لم يرتبط بموضوع المقاومة بصورة مباشرة, ففي الفترة التي تواجد فيها في لبنان ولحين اختفاءه كان الشاه هو الذي يحكم ايران ولم تكن الحركة الشيعية تتحرك وفق المنطلقات الموجودة حاليا من تصدير الثورة الى ولاية الفقيه وغيرها التي صاغها الخميني ووجدت برامجها التنفيذية عند استلامه للسلطة في ايران وبعد اختفاء موسى الصدر، وان وجود موسى الصدر كان له اهداف اخرى انت اعرف مني بها ومنها هو تجميع الطائفة الشيعية وجعلهم كتلة موحدة باطار تيار ومرجعية واحدة في استحقاقات تقاسم السلطة في لبنان او في الصراع العسكري الذي كان دائرا هناك حيث وكما اتذكر اشرف على تأسيس ميليشيا شيعية سميت على ما اذكر (ابناء علي او اولاد علي والتي كانت نواة تأسيس حركة امل وبعدها حزب الله) والتي بعد تطورها صادرت القرار السياسي للطائفة الشيعية في لبنان لتحول الطائفة الى حزب سياسي وبدل ان يتوزع ابناء الطائفة الشيعية على الاحزاب السياسية كحال اهل السنة في لبنان تم تجميعهم في اطار سياسي مثل الاحزاب المسيحية, ولم يكن ذلك الموضوع بعيد عن توجهات الشاه الذي كان يعتبر ايران هي المدافعة عن مصالح الشيعة في العالم وكانت وريثته حكومة الاسلام السياسي الشيعي الذي استلم الحكم في ايران بعد الشاه ولكن بشعارات مختلفة واهداف اكثر اتساعا.
6-اختصرت ياسيدي فترة خطرة عاشها لبنان لتحرق اكثر المراحل خطورة ولتترك الكثير من التفاصيل النوعية والحاكمة والتي حددت ملامح ما وصل اليه لبنان في الوقت الحاضر ومنها الدور السوري في اسقاط اتفاق 17 ايار والذي الغيته ولم تتطرق له, ثم تداعيات اتفاق الطائف والمعادلة السياسية التي جاءت بالمرحوم رفيق الحريري الذي كان على خلاف مع حزب الله في الكثير من المفاصل ومن ثم التحالف الوثيق بين ايران وممثلها حزب الله وسوريا رغم اختلاف درجات التأثير والتبادل في هذا التحالف بين الاب والابن حيث كانت القيادة التي تحكم في ايران تتحرك في المنطقة من خلال القيادة التي تحكم في سوريا لتنعكس الصورة نوعا ما بعد غياب الاب ومجئ الابن ومن ثم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وقيامها بتسليم السلطة في العراق لحلفاء ايران, وقدر لايران من خلال التغيرات التي حصلت بسبب هذا الاحتلال وانهيار منظومة الامن القومي العربي بعد غياب العراق احد اركانه الرئيسيين والوضع في سوريا ان تكون لاعبا رئيسيا في المنطقة بحيث باتت سوريا تتحرك احيانا من خلال الموقف الايراني حتى على مستوى علاقتها بالمنظومة العربية واصبحت احيانا ظلا له, فايران تحاول بالضغط السياسي او الاقتصادي او بالاقناع ضبط الايقاع السياسي السوري بما يحقق مصالحها مستغلة عدة اشياء ومنها ولسخرية الاقدار موضوع المحكمة الدولية لتكون ورقة ضغط ايرانية على سوريا وليس ورقة ضغط امريكية على سوريا.والسبب في ذلك وفق ما اعتقده يعود الى معرفة ايران للكثير من خفايا واسرار الاغتيال والتي قد تسربها لتحرج سوريا اذا تضاربت بينهما المواقف واختلفت الاهداف.
ان كل التحرك الايراني في المنطقة (وفقا لقناعاتي) ان كان بصورة مباشرة او من خلال ادواتها وحلفاءها هو جزء من وهم القوة الذي يتحكم بالعقلية الدينية المسيطرة على ايران في الوقت الحاضر والتي تسعى من خلاله الى ضم جزء من العراق والتحكم بالباقي منه والسيطرة على الخليج ومد نفوذ امنها القومي الى مناطق متعددة ساعية لتحقيق فكرة انشاء حكومة عالمية لها ادواتها وحلفاءها.وذلك موضوع آخر يمكن ان ترى خيوطه وخطوطه من خلال كتابات الذين ينفذون اجندتها ويعملون على ترويج افكارها.ان هذا الوهم سيقود ايران ال مناطق قد تتمنى ان لاتصل اليها فهي ان كانت قادرة على ضبط مواقف وتحركات حلفائها وادواتها وردع اعدائها لبعض الوقت الا انها لن تستطيع ذلك كل الوقت وهو ما نلاحظه من حالات الصراع بين ادواتها في العراق وحالة الرفض المتنامي من قبل الكثير من القوى في جنوب العراق التي كانت تشيع انهم حاضنتها الشعبية وانها اي ايران حاضنتهم الطائفية.
اخيرا استاذنا الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم لا استطيع ان افهم هجومك على النظام السوري اهو من موقفها الايديولوجي ام من تكتيكاتها السياسية والتي لاتبتعد كثيرا عن مواقف ايران وهي جزء وحسب ما يعلن من المنظومة التي يعمل في اطارها حزب الله ويؤدي دوره في لبنان, ام لان ايران بتصورك دولة عظمى لها الحق ان تعقد تحالفاتها وتتحرك وفق مصالحها فعلينا الترويج لمواقفها ودعمها وان المنظومة العربية وبضمنهم سوريا هم دول هامشية رمتها عوامل الجغرافية و الاحداث لان تكون من ضمن دول الطوق لاسرائيل الا ان دورها ودورهم مهما يكن فهو دور انهزامي تابع ولا يمكن ان يكون مستقلا او وطنيا يبحث عن مصالح شعبه وهذا ما فهمته من نظرتك الى كل الوضع السياسي في وطننا العربي , واود هنا ان ادخل في منطقة لم تتطرق لها من قريب او بعيد في مقالتك في حين ان قضايا المنطقة وحسب ما اراه هناك الكثير من الاشياء تربط فيما بينها وهو موضوع العراق فقد كانت ايران وادواتها من الاحزاب التابعة لها تتهم النظام الوطني في العراق بتبعيته وعمالته للولايات المتحدة اضافة الى انه نظام دكتاتوري مارس القهر على الشعب ومخترع المقابر الجماعية, وانظر ياسيدي حال العراق بعد الاحتلال وبعد ان استلم ادوات ايران السلطة في العراق, اعدم الرئيس الراحل صدام حسين (بتوافق امريكي ايراني) بسبب احالة 148 شخصا الـى المحكمة وتم اعدام بعضهم اثر محاولة اغتياله وكانوا محاولة الاغتيال بتحريض ايراني من قبل تنظيم تابع لايران حيث هرب بعض المشاركين في محاولة الاغتيال الى ايران ( حسب ماجاء في الاعلام الايراني عشية محاولة الاغتيال) وكان العراق في حالة حرب مع ايران. والآن الملايين بين قتلى وارامل وايتام ومشردين ولاجئين ومعارك بين ميليشيات ايران على المصالح والنفوذ الا اننا لاندين ولانذكر افعال ايران بل نراها قائدة لمنظومة الصراع الاممي مع الولايات المتحدة, ياسيدي نحن جاهزون ان ننتقد وندين المنظومة العربية على اختلاف توجهاتها ولكننا نزين ما يفعله الآخرون حتى لو كان ثمن فعلهم ملايين القتلى من انفسنا.
اعتذر سيدي عن الاطالة .
واخيرا الا يمكن ان تطربنا مغنية حينا في يوم من الايام.
شكرا لسعة صدرك
تحياتي اخ لك من بغداد.



رد جورج حداد:
اطلعت بكل تقدير واحترام على رد الاستاذ محمد محمد رشيد، في موقع "واتا"، على مقالي "هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!"؛ وفيما يلي بعض النقاط التوضيحية كرد على الرد:
1 ـ سبب الحرب يبقى خارج الذريعة لاشعال الحرب. وايا كان الرأي في تصريح السيد حسن نصرالله، بأنه لو كان يعلم ان اسرائيل ستضرب لبنان بهذه الوحشية لما كان حزب الله قام بعملية خطف الجنديين، فإن هذا التصريح لا يعني ان حزب الله "يعترف" بأن خطف الجنديين كان السبب في اشعال الحرب، او ان حزب الله لم يكن سيقوم بعملية خطف اخرى في ظروف اخرى، او ان الحرب لم تكن ستندلع لهذه الذريعة او تلك. بل ان "اعتراف" السيد حسن نصرالله، ان الحزب ينبغي عليه في المستقبل ان يأخذ بعين الاعتبار اكثر فأكثر "الحرب البسيكولوجية" (لنتذكر "الدموع" العزيزة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة) حتى في موضوع الذرائع التي يمكن ان تتذرع بها اسرائيل الان وفي المستقبل. فيما مضى، حينما اراد هتلر القضاء نهائيا على بقايا الدمقراطية في المانيا، قامت النازية بمسرحية احاق الراخستاغ (البرلمان) الالماني واتهام الشيوعيين واعتقال ومحاكمة غيورغي ديميتروف ورفاقه في محاكمة لايبزغ الشهيرة. طبعا على حزب الله ليس فقط ان يستعد استعدادا كافيا للحرب، بل وان يستعد ايضا لتحضير "المسرح الحربي" المناسب، اخذا بالاعتبار "الحرب البسيكولوجية" خصوصا بوجود "طابور خامس" اسرائيلي طويل، لبناني وعربي.
2 ـ ان عملية خطف الجنديين كانت فعلا وواقعا ذريعة، وها ان اسرائيل قد "نسيتهما" الان تماما؛ والتقارير الغربية والاسرائيلية هي التي كشفت ان اسرائيل كانت تستعد للحرب قبل خطف الجنديين. وقد اكد تقرير فينوغراد هذه الحقيقة، ولازم المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية على فشلها في الحرب التي كانت تستعد لها على قدم وساق. و"الطابور الخامس" الاسرائيلي في لبنان كان على علم تام بالاستعداد الاسرائيلي لاجتياح لبنان وضرب حوب الله. وليس من الصدفة ابدا ان الاشهر والاسابيع والايام التي سبقت الحرب شهدت حملة "لبنانية" غير مسبوقة تطالب بنزع سلاح حزب الله وتصفية المقاومة باعتبارها "ميليشيا".
3 ـ اعتقد ان الاستاذ محمد رشيد هو على حق تماما بوجود تحالف ستراتيجي، وان ضمني، بين المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله والنظام الاسلامي الايراني وروسيا البوتينية. وفي تقديري ان بواكير هذا التحالف بدأت تظهر في لبنان في مطلع الثمانينات، بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال بيروت واخراج منظمة التحرير الفلسطينية وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا. ففي تلك السنوات الصعبة كانت ـ ايضا ـ تدور رحى الحرب ضد السوفيات في افغانستان، التي كانت تشارك فيها التيارات الاسلامية، السنية، المرتبطة بالسعودية وغيرها، والشيعية، المرتبطة بايران. وكان يساهم في هذه الحرب اسلاميون سنة فلسطينيون، مثل الدكتور عبدالله عزام، واسلاميون شيعة لبنانيون. وبطبيعةالحال كانت الامور بالنسبة للاسلاميين الفلسطينيين واللبنانيين تختلف عما بالنسبة لغيرهم، لان فلسطين تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولبنان كان يواجه الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة الاميركية ـ الاطلسية (قوات المارينز والقوات متعددة الجنسية التي نزلت في لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي)، وقد وجد ذلك انعكاسه في قيام المخابرات الاميركية والاسرائيلية والباكستانية في اغتيال عبدالله عزام في 1989 في باكستان. ومن المرجح، والمنطقي جدا، انه حينذاك، وبالرغم من النزاعات الاسلامية ـ السوفياتية والشيوعية، فإن الاسلاميين الشيعة في لبنان بدأوا "يلتقون" مع السوفيات على قاعدة "عدو عدوك صديقك". وهناك شائعات (ولا دخان بلا نار) بأن عمليات نسف مقر المارينز ومقر القيادة الفرنسية ومقر السفارة الاميركية في بيروت وخطف عدد من الاجانب على اساس كونهم عملاء للمخابرات الاميركية او غيرها، في الثمانينات، انما كانت تتم بالتنسيق مع المخابرات السوفياتية (من هذه "الاشاعات" انه في اللحظة التي تم فيها تفجير مقر السفارة الاميركية في نيسان 1983 كان يعقد فيها اجتماع اقليمي لمسؤولي المخابرات الاميركية في الشرق الاوسط ـ فهل ان تزامن التفجير مع الاجتماع هو صدفة؟ وهل معرفة موعد الاجتماع هو ضمن قدرات "حزب الله" في تلك المرحلة المبكرة؟).
4 ـ اما لجهة دور النظام السوري في هذا التحالف الستراتيجي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي"، فلا اعتقد بأي شكل انه كان او يمكن ان يكون رئيسيا، ولهذا فالتاحالف هو ـ برأيي المتواضع ـ "تحالف ثلاثي" وليس "رباعيا"، ودور النظام السوري هو دور ملتبس واشكالي و"ملغوم"، لان هذا النظام كل همه هو المحافظة على نفسه حتى ولو على جثة سوريا كلها والشعب السوري كله، وهو طبعا غير حريص لا على تحرير لبنان ولا على تحرير فلسطين؛ ولو كان حريصاعلى التحرير، فلماذا لا يبدأ بالجولان، بل يمنع اي عمل مقاومة في الجولان تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات. ولكن النظام السوري هو مضطر لمسايرة التوجهات الوطنية والقومية الصادقة في الجيش العربي السوري وفي سوريا عامة، واللعب عليها وتضليلها وتخديرها وقيادتها نحو اليأس والاستسلام والهزيمة، ولهذا فهو ـ اي النظام السوري ـ يلعب على جميع الحبال في وقت واحد (مثله في ذلك مثل القيادة البرجوازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقود الشعب الفلسطيني المظلوم بطرق ملتوية وألعبانية ليس الى "تحرير" فلسطين، بل الى تفتيت الشعب الفلسطيني والتسليم التدريجي لفلسطين الى اسرائيل). والروس لم يعودوا يثقوا بالنظام السوري، الذي كلفهم كثيرا وكثيرا جدا في الماضي؛ حيث كانوا يقدمون له، وبشكل شبه مجاني او حتى مجاني، افضل الاسلحة الحديثة وما لا يحصى من المساعدات، وكل ذلك ذهب ادراج الرياح. واذا كان الروس سيقدمون شيئا الان الى سوريا، فبسبب دخول "العامل الايراني"، وبسبب وجود التحالف الستراتيجي الثلاثي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي". ومن المنطقي جدا ان يفكر المرء الان بأن الايرانيين، مثلما اصبح لديهم "ميزانية للمقاومة في لبنان" (وهذا امر طبيعي جدا من دولة اسلامية شقيقة، وكان يتوجب على الانظمة العربية الغنية القيام بذلك، وليس فقط دفع مئات المليارات للانظمة "المسالمة" و"التسووية" في مصر والاردن وسوريا)، فإنه قد يكون اصبح لديهم ايضا "ميزانية للتحضير للمقاومة في سوريا" بالتنسيق مع بعض الاوساط الوطنية في الجيش العربي السوري، بموافقة او بعدم موافقة قيادة النظام السوري. وفي هذه الحالة فإن الدعم التكنولوجي العسكري الروسي المتطور سيأخذ ابعادا جديدة، ستفاجئ كثيرا، وكثيرا جدا، جهابذة الستراتيجية الاميركية ـ الصهيونية، التي ستجد نفسها على عتبة الانهيار التام لكل ما بنته خلال اكثر من مائة سنة على ارض فلسطين المظلومة والمغتصبة.
5 ـ انا مع الاستاذ محمد رشيد تماما بأن لبنان بلد صغير وضعيف بالمقاييس الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية الخ. وروسيا ليست في وارد ان تبني ستراتيجيتها الدولية فقط بناء للتحالف مع "حزب الله" حتى لو كان "حزب الله" كل لبنان، وهو ليس كذلك، للاسف. ولكن من جهة اخرى فإن لبنان، بموقعه في خط المواجهة الاهم مع اسرائيل (التجمع السكاني الاسرائيلي الاساسي هو في شمال فلسطين المحتلة، مما يجعل "الخطر اللبناني" على اسرائيل، في حال توفر المقاتلين الصادقين والاسلحة المناسبة، يوازي "الخطر الاسرائيلي" على لبنان؛ كان الجولان يشكل اكبر خطر على اسرائيل، مقابل حد ادنى من الخطر الاسرائيلي على سوريا، ولكن النظام السوري سلم الجولان بدون قتال في حزيران 1967 وقدم الاسلحة الروسية "هدية كرم عربي" للاسرائيليين، ولكنه "كرم عربي" على حساب الروس!). وبكلمات اخرى، فإذا توفرت شروط سياسية وستراتيجية معينة، فإن لبنان ـ حتى لبنان الصغير الضعيف ـ يمكن ان يشكل نقطة ارتكاز لتهديد وجود اسرائيل، ولتهديد كل الوجود الاميركي في المنطقة. قديما قال عالم الفيزياء الشهير نيوتن، في شرح آلية عمل العتلة (او ما نسميه بالعامية: المخل) انه اذا كان لديه "نقطة ارتكاز" خارج الكرة الارضية، فإنه بامكانه ان يزيحها من مكانها. وأبسط انسان يعرف الكلمة المأثورة عن "بيضة القبان" التي "توازن" القناطير المقنطرة وهي لا تتجاوز قبضة اليد.
6 ـ وطبعا ان روسيا لا تضع مصالحها التجارية والاقتصادية الخ مع لبنان في كفة، ومع اوروبا واميركا والصين واليابان الخ في كفة. ولكن اذا استطاعت روسيا، بالتحالف مع ايران و"حزب الله" (جزء من لبنان المشاكس) ان تجبر اسرائيل واميركا وحلف الاطلسي على الركوع عند اقدام المقاتلين اللبنانيين الابطال وطلب المغفرة والامان لليهود "المساكين!!!" الذين بدأت ترتعد فرائصهم منذ الان، واذا ارتفع سعر برميل النفط كي يصبح 500 او الف يورو، واذا اصبح سعر صرف اليورو يساوي 50 او 100 دولار، اين ستصبح اميركا والطغمة المالية اليهودية العالمية التي حاولت اذلال وتجويع روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتحويلها الى دولة عالمثالثية؟ ان روسيا تمتلك من الطاقات الطبيعية والبشرية و"الروح الهجومية" ما يجعلها قادرة على ان تصبح مركز تقاطع خطوط الطول وخطوط العرض للكرة الارضية. ولحسن حظ البشرية عامة، وبالرغم من انهيار النظام الاشتراكي على يد الستالينيين والنيوستالينيين الخونة، فإن الشعب الروسي العظيم تجري في دمائه مبادئ "الثورة الاشتراكية"، كما تجري في دماء الفرنسيين مبادئ "الثورة الفرنسية". ولهذا فإن روسيا، وهي تنهض باقتصادها الوطني وبدولتها العظمى من جديد، فإنها لن تستطيع ان تتحول الى استعمار وامبريالية، بل ستكون عامل تقويض للامبريالية والصهيونية في العالم. ولحسن حظ الشعوب العربية والاسلامية خاصة ان الشعب الروسي كان عبر التاريخ الصديق الوفي لهذه الشعوب، في النضال المشترك ضد اليهود (الروس هم الذين قضوا على اول دولة يهودية في التاريخ ما بعد الميلادي، وهي مملكة الخزر في القرن العاشر) وضد التتار، وضد الصليبيين، وضد نابوليون، وضد العثمانيين، وضد كل اطياف الاستعمار الاوربي الغربي والاميركي والصهونية العالمية واسرائيل.
7 ـ ليس لبنان هو الخاصرة الرخوة لروسيا، بل الشيشان. وفي الشيشان تضرب اميركا وتركيا والصهيونية، طبعا بمشاركة بعض "الاسلاميين!!!" المزيفين الاغبياء. اما لبنان، في مواجهته المصيرية مع اسرائيل، فهو يشكل ـ وهذا من المفارقات الكبرى على المسرح السياسي الدولي ـ "نقطة ضعف" و"خسارة" لاميركا على وجه الخصوص، اذا ما قدر، لا سمح الله، ان تنتصر عليه اسرائيل. لانه ـ باستثناء معسكر "المقاومة" في لبنان ـ فإن القوى السياسية ـ الطائفية جميعا في لبنان، من البطريركية المارونية الى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ومن سمير جعجع وبطرس حرب ووليد جنبلاط الى ميشال عون وميشال المر ونبيه بري، هم اصدقاء حقيقيون لاميركا. وفي المواجهة بين لبنان واسرائيل، فإن اميركا هي خاسرة خاسرة، كيفما كانت نتائج المعارك القادمة. ونظرا لان لبنان الدولة هو "الابن المدلل" لفرنسا والفاتيكان وايطاليا واوربا الغربية، فإن احتمال خسارته على يد اسرائيل، الحليف الستراتيجي لاميركا، سيزرع شرخا كبيرا جدا بين اميركا واوربا الغربية. وما اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الشيخ رفيق الحريري الا مظهر ونتيجة للصراع الاميركي ـ الاوروبي الغربي على لبنان ـ البوابة المالية التقليدية للعرب على الغرب، وللغرب على العرب.
8 ـ اما بالنسبة لاسرائيل فهي فعلا الخاصرة الرخوة لاميركا والصهيونية العالمية، بل هي مصيدة حقيقية لهما في الحسابات الستراتيجية الدولية. فالدولة الاسرائيلية، بالرغم من انها وقعت "معاهدة سلام" مع كل من الجمهورية العربية المصرية والمملكة الاردنية الهاشمية، وبالرغم من اتفاق فصل القوات بينها وبين الجمهورية العربية السورية، الا ان هذه الاتفاقات هي ذات مفعول سلبي: اي انها تقضي بعدم مهاجمة اسرائيل لاي من هذه الدول، وبالعكس. ولكن مصر والاردن وسوريا ليست، مجتمعة او منفردة، مدى حيويا ستراتيجيا لاسرائيل، اي ان الجيش الاسرائيلي لا يستطيع "الانسحاب" الى اي من هذه الدول او اقامة قواعد دفاعية او هجومية فيها، والا انقلبت اللعبة كلها رأسا على عقب. اي ان اسرائيل لا تزال واقعيا محاصرة من كل الجهات باستثناء البحر (المفتوح للاساطيل الاميركية والغربية والمفتوح ايضا للدبب الروسية التي يمكن ان تتحول بقدرة قادر الى حيتان واسماك قرش "ايرانية" و"شيعية" و"فلسطينية" وغيرها). اما لبنان (لبنان المقاومة ولبنان الدولة) فإن لديه المدى الستراتيجي العربي والاسلامي كله، بالرغم من المواقف الحالية لمختلف الانظمة، بدءا من النظام السوري الذي لن يستطيع ان يقف حجر عثرة في وجه التلاحم بين الجماهير الشعبية اللبنانية العربية والجماهير الشعبية السورية العربية. واذا ما ترافقت المعركة، وهو الارجح، مع انتفاضة الجماهير الشعبية الفلسطينية في الضفة والقطاع وفي "داخل اسرائيل"، فأين سيكون المفر بالنسبة للعصابات الصهيونية، وبالنسبة لكل عملاء اسرائيل على الارض العربية؟ فيما مضى حينما كانت قوات القائد القرطاجني العظيم هنيبعل تحوم حول روما، قام قائد روماني شاب هو "سيبيون الافريقي" بالانتقال بجيشه الى الشاطئ الافريقي مستدرجا هنيبعل الى معركة زاما التي هزم فيها هنيبعل على يد الرومان وحلفائهم من الامازيغ الذين طعنوا هنيبعل في ظهره بعشرة آلاف فارس مما لم يكن يخطر في بال هنيبعل. والان حينما يحوم الحلف الاطلسي حول حدود روسيا، فإن بوتين يستدرج الاميركان والاطلسي والصهيونية العالمية الى معركة في اسرائيل، معتمدا على "الحلف الثلاثي" مع ايران وحزب الله، وكذلك على "امازيغه" داخل اسرائيل بالذات (يقول الكثير من المعلومات ان اكثر من 30% من المليون يهودي روسي الذين هاجروا الى اسرائيل بعد التسعينات ليسوا يهودا بل هم روس مسيحيون ارثوذكس، حصلوا على افادات بأنهم يهود كي يهاجروا، وهؤلاء يشكلون "طابورا خامسا" حقيقيا للكا جي بي والمخابرات العسكرية الروسية داخل اسرائيل، واسرائيل لم تعد تستطيع ان "تتخلص" منهم).
9 ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران على نظام الشاه القديم، واغلاقها السفارة الاسرائيلية وتحويلها الى سفارة فلسطينية، ادركت اميركا والصهيونية العالمية الخطر الداهم، فدفع النظام الدكتاتوري العراقي السابق لشن الحرب على ايران، وتكاتفت دول الخليج النفطية ـ الاسلامية (وعلى رأسها السعودية) لمساعدة صدام بمئات مليارات الدولارات لمتابعة تلك الحرب بهدف القضاء على الثورة الاسلامية كهدف اعلى، او استنزاف العاق وايران معا، كهدف ادنى. وبعد سقوط النظام الدكتاتوري الغبي والغاشم لصدام حسين، اصبح من الواضح ان "دور ايران" اصبح قريبا جدا. ولهذا فإن الثورة الاسلامية في ايران لن تستطيع ـ لو ارادت ـ ان تتوقف في منتصف الطريق. فلو ارادت ايران الاسلامية "مهادنة" اميركا واسرائيل، فإن اميركا واسرائيل والانظمة "العربية" الحليفة لاميركا لن تستطيع ان "تتعايش" مع "الثورة الاسلامية" مهما بدأت "مهادنة" و"خامدة"، لان الغبي من يعيش على فوهة بركان خامد لا يعرف في اي ساعة ينفجر من جديد. وكان من الطبيعي والمنطقي جدا ان تمسك الثورة الاسلامية الايرانية بالحلقة الستراتيجية الاقليمية الرئيسية، ونعني بها حلقة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، نقطة الضعف الرئيسية في الستراتيجية الاميركية في المنطقة. واذا كانت علاقة ايران مع حزب الله او المقاومة الفلسطينية تجد غطاءها في البعد الايديولوجي المذهبي الشيعي او الديني الاسلامي، فإن العلاقة التحالفية مع روسيا تجد تفسيرها في التقاء المصالح الستراتيجية العليا للعرب والايرانيين والروس في مواجهة مخطط الهيمنة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية على العالم. بعض السخفاء او البلهاء، وطبعا جميع العملاء، يسمون هذه السياسة الايرانية "تصديرا للثورة"! اي تصدير للثورة هو هذا اذا دعمت ايران او روسيا او فينزويلا او كوبا او اي بلد اخر القضية العربية. ان وعد بلفور قد صدر قبل اكثر من ستين سنة من الثورة الاسلامية في ايران. وان احد عناصر اشعال الثورة الاسلامية في ايران كان على وجه التحديد القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الاسرائيلي. وبهذا الصدد يمكن القول انه، مثلما ان العرب هم الذين "صدروا" قديما "الاسلام" الى ايران، فإن العرب ايضا هم الذين "صدروا" حديثا "الثورة الاسلامية" الى ايران. وليس العكس. ومثلما "صدر" الفرنسيون فيما مضى مبادئ ثورتهم، ومثلما "صدر" الشيوعيون الروس مبادئ ثورتهم، فإنه ليس "من العار" بل من دواعي الافتخار ان يعمل الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون والعرب الاحرار جميعا على تصدير مبادئ ثورتهم ضد الاحتلال والاستعمار، ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. واذا كانت ايران، كدولة وكشعب وكمجتمع، تجد مصلحتها في تبني القضية العربية، فهل يمكن ان يكون ذلك مصدر خوف وغيظ لغير الجهلة، من جهة، وعملاء الامبريالية والصهيونية، من جهة اخرى. ان التحالف الثلاثي (حزب الله ـ ايران ـ روسيا) هو فرصة تاريخية لجميع الدول العربية، مجتمعة ومنفردة، كي تخرج من دائرة "الصفر المكعب" في الستراتيجية الكونية، وكي تتحول الى الرقم الاصعب في جميع معادلات السياسة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الدولية.
10 ـ اعترف تماما انني في مقالي موضوع المناقشة، لم اتطرق، وليس في امكاني، الى الكثير الكثير من القضايا المتشابكة التي طرحت او هي مطروحة الان على الساحة اللبنانية؛ وكان كل همي في المقال ان ابين نقطة رئيسية وهي انه بامكان المؤامرة الامبريالية ـ الصهيونية ـ "العربية!!!" ان تقضي، من الداخل او من الخارج، على لبنان ـ الدولة، اذا استطاعت ان تقضي عليه، ولكنها لن تستطيع بأية حال ان تقضي على لبنان ـ الشعب، لبنان المقاومة.
تصويب: تفضل الاستاذ محمد رشيد باطلاق لقب "دكتور" علي. كان من دواعي اعتزازي لو كنت كذلك. ولكنني بالواقع لا احمل اي لقب علمي، لسبب بسيط هو انني لم انجز دراستي الثانوية ذاتها، وخرجت (او طردت لاسباب سياسية) من المدرسة سنة 1952 وتحولت الى عامل مطبعة، منضد احرف، وعملت بهذه المهنة حتى سنة 1969. وانا اعتز بانتمائي للطبقة العاملة العربية. وقد علمني عملي في المطبعة حب القراءة، وهو ما ساعدني على فهم الحياة اكثر وفهم الواقع العربي المرير اكثر.

جورج حداد
15/04/2008, 12:53 PM
الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم
تحية طيبة
اود ان اعرب لجنابك عن تقديري لمقالكم مع وجود ملاحظات لدي على ما ورد فيها, اود ان ابين لكم اني كنت في لبنان لغاية عام 1975 طالبا في احدى الجامعات وكانت تلك الفترة تعتبر بدايات الحرب الاهلية ولامست بعض الاحداث وصار لي مخزون من الذكريات مع المتابعة اللآحقة يعينني احيانا لفهم جزء مما حصل ويحصل , بودي ان ابدي ملاحظاتي على ما تطرق له جنابك في المقال لترابط الاحداث في المنطقة وحتى اصحح بعضا من التحليلات والآراء التي امتلكها اذا كانت خاطئة او بعيدة عن الحقيقة من خلال اجاباتكم ذلك ان بعض ما ورد في ادناه مستل من مقالة كتبتها وساقوم بنشرها تخص انعكاس الاوضاع في المنطقة على ما يحصل في العراق:
1- تطرقتم الى الحرب الاخيرة في لبنان وبينتم ان السبب الرئيس لها لم يكن خطف الجنديين الاسرائليين, وعلى ما اذكر في لقاء مع الجزيرة اثناء العدوان الاسرائيلي او بعده مباشرة قال حسن نصر الله ما معناه انه لو كان يعرف ان رد الفعل الاسرائيلي على خطف الجنود سيكون بهذا الحجم لما اقدم على ذلك وهو بذلك يعزو سبب الحرب الى فعل الاختطاف الذي قامت منظمته بتنفيذه, وبعد ان ذهب غبار المعركة واستقرت الامور على النتائج التي خلفتها الحرب ودخلت قوات الامم المتحدة كعازل بين لبنان واسرائيل, كان المطلوب ايجاد تخريج مقبول لتبرير الاثار التي خلفتها , تلغي هذا التصريح من ذهن المواطن اللبناني والعربي الذي وقف مع حزب الله, ويديم في ذاكرتهم مفهوم الحزب المقاوم ، ليخرج علينا حسن نصر الله او احد مساعديه ( لا اذكر ) بعد فترة ويقولوا ما معناه انهم افشلوا هجوما اسرائيليا لضرب المقاومة اللبنانية كان مخططا له ان ينفذ في بداية خريف ذلك العام من خلال العملية الاستباقية التي قاموا بها بخطفهم الجنود لجر اسرائيل لحرب قبل استكمالها الاستعدادات اللوجستية والعملياتية لخوضها. ومن ثم بدأ التنظير الايديولوجي والسياسي لهذه الحرب على اساس انها افشلت مشروع الشرق اوسط الكبير الذي كانت الولايات المتحدة تعد العدة لتنفيذه, في حين اني لا اريد ان ادخل في موضوع اعتبر نفسي قد حشرته, فالمتتبع للاحداث وحقائقها الموضوعية يعرف ان التكاليف البشرية والمادية التي تدفعها الولايات المتحدة يوميا ومنذ خمس سنوات نتيجة غزوها للعراق والتي تسببت بها المقاومة العراقية الوطنية هي المسألة الوحيدة والرئيسية في افشال تنفيذ الولايات المتحدة لمخططها والتي تحاول جاهدة ان تخرج من المستنقع الذي تورطت به مع محاولة المحافظة على المتبقي من مصالحها, وهو ما تعكسه الوفود الامريكية التي صارت لقائتها فقرة دائمة في اجندة المسؤليين الحكومين في المنطقة كما فتحت ثغرة لايران لتساوم مع الشيطان الاكبر على حجم مصالحها وابعاد هذه المصالح.
2- تطرقت جنابك للحلف الاستراتيجي بين حزب الله واحمدي نجاد وروسيا مع تغييب الموقف السوري الذي بتصوري هو الركن الاساس في معادلة الجغرافية السياسية التي تحكم هذا التحالف والتي يعتمد عليها حزب الله وايران في التمويل التسليحي باقل تقدير اذا اسقطنا الحلف والموقف السياسي والتي ساعود لهذه النقطة لاحقا, كما ان لي ملاحظة حول موقف الدب الروسي الذي بدأ يستفيق بعد فترة من السبات الذي اصابه نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية, فمن الواضح انه يسعى لتحدي برامج الولايات المتحدة التي تؤثر على منظومة امنه القومي ومصالحه, غير انه باعتقادي لايختار مناطق تحدي يعتبرها رخوة مثل لبنان معروفة حدود التحالف والصراع فيها وتغيرات رياحها، رغم مظهرها الذي يوحي بانها خاصرة ضعيفة , فلبنان موضوع لايخص سوريا ولا ايران ولا حزب الله و لا امريكا فقط فهو يخص اسرائيل واوربا والخليج والنفط, ومن الممكن ان يكون موضوعه اداة من ادوات الضغط الا ان نتائج استخدامها غير مضمونة, وقد تكون الموازنة حرجة لمصالح روسيا وقد تميل ضدها اذا اعتمدت ان تكون حليفا استراتيجيا لحزب الله وايران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة واوربا ودول الخليج العربي وحتى سوريا وليكون لبنان منطقة اختبار القوة مع كل هؤلاء في حين ان روسيا لديها اولويات بعيدة بمسافة كبيرة عن موضوع لبنان تشمل مشاكل دول الطوق حولها والبحر الاسود واوربا والدرع الصاروخي وديمومة علاقتها مع المنظومة الرسمية العربية المتخمة بالنفط, فالدب الروسي كما الجميع تدرب في سيرك العلاقات الدولية ليناور وليحاور وليكون شعاره كما الجميع (( ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح دائمة )) حيث سقطت ادعاءات الايدولوجيا لتحل محلها نوايا المصالح.
3- كما ان البراغماتية الايرانية ستكون نقطة ضعف في هذا التحالف حيث ان ايران رغم ردائها الايدولوجي الا ان سياسة المصالح ومصالحها السياسية هي التي تحكم منطلقاتها وتضبط تحركاتها, وذلك ليس بالخفي على روسيا واية دولة في المنطقة, ومثل ذلك موقفها من احتلال العراق وافغانستان والذي كان منطقة الاختبار للنوايا الايرانية في تحالفها السري والمعلن مع المشروع الامريكي لاحتلال واسقاط تلك الدولتين من خلال التسهيلات التي لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها وكذلك من خلال ادواتها المتمثلة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي وخصوصا في العراق التي سلمتها الولايات المتحدة السلطة فيه بعد احتلاله.

4- كما ان لبنان التي صورت جغرافيتها في مقالتك وكانها اكبر من فيتنام بما يؤهلها لان تكون جزءا من استراتيجية الردع الهجومي وليس المتوازن الذي يمكن ان تستخدمه روسيا وايران وفي اقله ايران في مواجهة الولايات المتحدة من خلال حزب الله, يصطدم بمحددات المساحة الجغرافية رغم خدمة التضاريس مما يجعل العمل العسكري على اساس حرب العصابات له تكاليفه العالية في المدى الطويل مقابل هجوم مستمر ومستديم يأخذ شكل الضربات الاستباقية والوقائية المركزة او حتى مسك الارض، مع محدد آخر يواجه قوى حرب العصابات والذي يكون مهما وحيويا لتحركها ومناورتها وهو الحاضنة الشعبية والتي لاتمتد على كل الارض اللبنانية, فهناك الكثير من الشكوك لدى الكثير من اللبنانيين حول نوايا حزب الله والتي يعكسها تشكيله الطائفي المحدد والمبرمج وارتباطه المنصوص في دستوره بولاية الفقيه في ايران والذي يعني كمحصلة يقرأها أي انسان بسيط تنفيذه لما هو معلن وغير معلن من اهداف ايران في المنطقة ونواياها مما يحدد من حجم الدعم الذي سيجده حزب الله من الكثير من القوى الشعبية اللبنانية مضافا لذلك كله لغة التخوين والاتهام التي اتسم بها الخطاب السياسي للحزب بعد الحرب اتجاه الكثير من التيارات والتي فسرت على اساس طائفي , كما ان تجربة حرب تموز لم تطور تكتيكات حزب الله واستراتيجته العسكرية فقط بل في الجانب المقابل فقد حاول العدو الاسرائيلي ان يستفيد من هذه التجربة ليطور استراتيجيته وتكتيكاته في اية مواجهة قادمة ستحصل. وما اتفق معك عليه, فان مواجهة قادمة ستحصل ان رغب بها المناهضين لحزب الله ام لم يرغبوا, فاسرائيل لاتعمل بنوايا الآخرين ولا بتحقيق مصالحهم ولكنها تعمل وفق ما يحقق حدود امنها ومصالحها, فالاسترايجية الاسرائيلية تقوم على عسكرة الدولة بكل مفاصلها كما انها تقوم على مفهوم استخدام وتطوير قدرتها الهجومية للردع, وحيث انها تعتبر نفسها قد خسرت حرب تموز لذا فهي تسعى لاستخدام قدرتها العسكرية بغرض الردع والسيطرة من اجل تأكيد هيمنتها وادارة التفاوض وفق ما يحقق مصالحها, وبالتالي فانها ستخوض حربا قادمة الا اذا كانت هناك اتفاقات يتم البحث في تفاصيلها بين الولايات المتحدة وايران على ارض العراق تؤجل المواجهة القادمة او تلغيها والتي ستكون بأي حال من الاحوال على حساب سوريا ودول المنطقة جميعها ان كانت مواجهة او تأجيل او اتفاق.
5- سيدي الدكتور المحترم انت اقرب مني الى الاحداث في لبنان وبالتأكيد فأنت عايشتها بكل تفاصيلها الا ان ما اثرته حول موسى الصدر ومؤامرة تغييبه التي كانت احد اسباب اضعاف المقاومة اللبنانية والذي اشركت في تنفيذها سوريا وليبيا وبعض اطراف المقاومة اللبنانية وربما الايرانية ولا اعرف ان فسح لك المجال لقلت العراق واسرائيل والولايات المتحدة ( اعتذر سيدي عن هذا التعليق الأخير ) غير اني اود ان توضح لي ما علاقة اختفاء موسى الصدر باضعاف المقاومة, ذلك ان موضوع مجيئه من ايران الى لبنان لم يرتبط بموضوع المقاومة بصورة مباشرة, ففي الفترة التي تواجد فيها في لبنان ولحين اختفاءه كان الشاه هو الذي يحكم ايران ولم تكن الحركة الشيعية تتحرك وفق المنطلقات الموجودة حاليا من تصدير الثورة الى ولاية الفقيه وغيرها التي صاغها الخميني ووجدت برامجها التنفيذية عند استلامه للسلطة في ايران وبعد اختفاء موسى الصدر، وان وجود موسى الصدر كان له اهداف اخرى انت اعرف مني بها ومنها هو تجميع الطائفة الشيعية وجعلهم كتلة موحدة باطار تيار ومرجعية واحدة في استحقاقات تقاسم السلطة في لبنان او في الصراع العسكري الذي كان دائرا هناك حيث وكما اتذكر اشرف على تأسيس ميليشيا شيعية سميت على ما اذكر (ابناء علي او اولاد علي والتي كانت نواة تأسيس حركة امل وبعدها حزب الله) والتي بعد تطورها صادرت القرار السياسي للطائفة الشيعية في لبنان لتحول الطائفة الى حزب سياسي وبدل ان يتوزع ابناء الطائفة الشيعية على الاحزاب السياسية كحال اهل السنة في لبنان تم تجميعهم في اطار سياسي مثل الاحزاب المسيحية, ولم يكن ذلك الموضوع بعيد عن توجهات الشاه الذي كان يعتبر ايران هي المدافعة عن مصالح الشيعة في العالم وكانت وريثته حكومة الاسلام السياسي الشيعي الذي استلم الحكم في ايران بعد الشاه ولكن بشعارات مختلفة واهداف اكثر اتساعا.
6-اختصرت ياسيدي فترة خطرة عاشها لبنان لتحرق اكثر المراحل خطورة ولتترك الكثير من التفاصيل النوعية والحاكمة والتي حددت ملامح ما وصل اليه لبنان في الوقت الحاضر ومنها الدور السوري في اسقاط اتفاق 17 ايار والذي الغيته ولم تتطرق له, ثم تداعيات اتفاق الطائف والمعادلة السياسية التي جاءت بالمرحوم رفيق الحريري الذي كان على خلاف مع حزب الله في الكثير من المفاصل ومن ثم التحالف الوثيق بين ايران وممثلها حزب الله وسوريا رغم اختلاف درجات التأثير والتبادل في هذا التحالف بين الاب والابن حيث كانت القيادة التي تحكم في ايران تتحرك في المنطقة من خلال القيادة التي تحكم في سوريا لتنعكس الصورة نوعا ما بعد غياب الاب ومجئ الابن ومن ثم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وقيامها بتسليم السلطة في العراق لحلفاء ايران, وقدر لايران من خلال التغيرات التي حصلت بسبب هذا الاحتلال وانهيار منظومة الامن القومي العربي بعد غياب العراق احد اركانه الرئيسيين والوضع في سوريا ان تكون لاعبا رئيسيا في المنطقة بحيث باتت سوريا تتحرك احيانا من خلال الموقف الايراني حتى على مستوى علاقتها بالمنظومة العربية واصبحت احيانا ظلا له, فايران تحاول بالضغط السياسي او الاقتصادي او بالاقناع ضبط الايقاع السياسي السوري بما يحقق مصالحها مستغلة عدة اشياء ومنها ولسخرية الاقدار موضوع المحكمة الدولية لتكون ورقة ضغط ايرانية على سوريا وليس ورقة ضغط امريكية على سوريا.والسبب في ذلك وفق ما اعتقده يعود الى معرفة ايران للكثير من خفايا واسرار الاغتيال والتي قد تسربها لتحرج سوريا اذا تضاربت بينهما المواقف واختلفت الاهداف.
ان كل التحرك الايراني في المنطقة (وفقا لقناعاتي) ان كان بصورة مباشرة او من خلال ادواتها وحلفاءها هو جزء من وهم القوة الذي يتحكم بالعقلية الدينية المسيطرة على ايران في الوقت الحاضر والتي تسعى من خلاله الى ضم جزء من العراق والتحكم بالباقي منه والسيطرة على الخليج ومد نفوذ امنها القومي الى مناطق متعددة ساعية لتحقيق فكرة انشاء حكومة عالمية لها ادواتها وحلفاءها.وذلك موضوع آخر يمكن ان ترى خيوطه وخطوطه من خلال كتابات الذين ينفذون اجندتها ويعملون على ترويج افكارها.ان هذا الوهم سيقود ايران ال مناطق قد تتمنى ان لاتصل اليها فهي ان كانت قادرة على ضبط مواقف وتحركات حلفائها وادواتها وردع اعدائها لبعض الوقت الا انها لن تستطيع ذلك كل الوقت وهو ما نلاحظه من حالات الصراع بين ادواتها في العراق وحالة الرفض المتنامي من قبل الكثير من القوى في جنوب العراق التي كانت تشيع انهم حاضنتها الشعبية وانها اي ايران حاضنتهم الطائفية.
اخيرا استاذنا الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم لا استطيع ان افهم هجومك على النظام السوري اهو من موقفها الايديولوجي ام من تكتيكاتها السياسية والتي لاتبتعد كثيرا عن مواقف ايران وهي جزء وحسب ما يعلن من المنظومة التي يعمل في اطارها حزب الله ويؤدي دوره في لبنان, ام لان ايران بتصورك دولة عظمى لها الحق ان تعقد تحالفاتها وتتحرك وفق مصالحها فعلينا الترويج لمواقفها ودعمها وان المنظومة العربية وبضمنهم سوريا هم دول هامشية رمتها عوامل الجغرافية و الاحداث لان تكون من ضمن دول الطوق لاسرائيل الا ان دورها ودورهم مهما يكن فهو دور انهزامي تابع ولا يمكن ان يكون مستقلا او وطنيا يبحث عن مصالح شعبه وهذا ما فهمته من نظرتك الى كل الوضع السياسي في وطننا العربي , واود هنا ان ادخل في منطقة لم تتطرق لها من قريب او بعيد في مقالتك في حين ان قضايا المنطقة وحسب ما اراه هناك الكثير من الاشياء تربط فيما بينها وهو موضوع العراق فقد كانت ايران وادواتها من الاحزاب التابعة لها تتهم النظام الوطني في العراق بتبعيته وعمالته للولايات المتحدة اضافة الى انه نظام دكتاتوري مارس القهر على الشعب ومخترع المقابر الجماعية, وانظر ياسيدي حال العراق بعد الاحتلال وبعد ان استلم ادوات ايران السلطة في العراق, اعدم الرئيس الراحل صدام حسين (بتوافق امريكي ايراني) بسبب احالة 148 شخصا الـى المحكمة وتم اعدام بعضهم اثر محاولة اغتياله وكانوا محاولة الاغتيال بتحريض ايراني من قبل تنظيم تابع لايران حيث هرب بعض المشاركين في محاولة الاغتيال الى ايران ( حسب ماجاء في الاعلام الايراني عشية محاولة الاغتيال) وكان العراق في حالة حرب مع ايران. والآن الملايين بين قتلى وارامل وايتام ومشردين ولاجئين ومعارك بين ميليشيات ايران على المصالح والنفوذ الا اننا لاندين ولانذكر افعال ايران بل نراها قائدة لمنظومة الصراع الاممي مع الولايات المتحدة, ياسيدي نحن جاهزون ان ننتقد وندين المنظومة العربية على اختلاف توجهاتها ولكننا نزين ما يفعله الآخرون حتى لو كان ثمن فعلهم ملايين القتلى من انفسنا.
اعتذر سيدي عن الاطالة .
واخيرا الا يمكن ان تطربنا مغنية حينا في يوم من الايام.
شكرا لسعة صدرك
تحياتي اخ لك من بغداد.



رد جورج حداد:
اطلعت بكل تقدير واحترام على رد الاستاذ محمد محمد رشيد، في موقع "واتا"، على مقالي "هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!"؛ وفيما يلي بعض النقاط التوضيحية كرد على الرد:
1 ـ سبب الحرب يبقى خارج الذريعة لاشعال الحرب. وايا كان الرأي في تصريح السيد حسن نصرالله، بأنه لو كان يعلم ان اسرائيل ستضرب لبنان بهذه الوحشية لما كان حزب الله قام بعملية خطف الجنديين، فإن هذا التصريح لا يعني ان حزب الله "يعترف" بأن خطف الجنديين كان السبب في اشعال الحرب، او ان حزب الله لم يكن سيقوم بعملية خطف اخرى في ظروف اخرى، او ان الحرب لم تكن ستندلع لهذه الذريعة او تلك. بل ان "اعتراف" السيد حسن نصرالله، ان الحزب ينبغي عليه في المستقبل ان يأخذ بعين الاعتبار اكثر فأكثر "الحرب البسيكولوجية" (لنتذكر "الدموع" العزيزة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة) حتى في موضوع الذرائع التي يمكن ان تتذرع بها اسرائيل الان وفي المستقبل. فيما مضى، حينما اراد هتلر القضاء نهائيا على بقايا الدمقراطية في المانيا، قامت النازية بمسرحية احاق الراخستاغ (البرلمان) الالماني واتهام الشيوعيين واعتقال ومحاكمة غيورغي ديميتروف ورفاقه في محاكمة لايبزغ الشهيرة. طبعا على حزب الله ليس فقط ان يستعد استعدادا كافيا للحرب، بل وان يستعد ايضا لتحضير "المسرح الحربي" المناسب، اخذا بالاعتبار "الحرب البسيكولوجية" خصوصا بوجود "طابور خامس" اسرائيلي طويل، لبناني وعربي.
2 ـ ان عملية خطف الجنديين كانت فعلا وواقعا ذريعة، وها ان اسرائيل قد "نسيتهما" الان تماما؛ والتقارير الغربية والاسرائيلية هي التي كشفت ان اسرائيل كانت تستعد للحرب قبل خطف الجنديين. وقد اكد تقرير فينوغراد هذه الحقيقة، ولازم المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية على فشلها في الحرب التي كانت تستعد لها على قدم وساق. و"الطابور الخامس" الاسرائيلي في لبنان كان على علم تام بالاستعداد الاسرائيلي لاجتياح لبنان وضرب حوب الله. وليس من الصدفة ابدا ان الاشهر والاسابيع والايام التي سبقت الحرب شهدت حملة "لبنانية" غير مسبوقة تطالب بنزع سلاح حزب الله وتصفية المقاومة باعتبارها "ميليشيا".
3 ـ اعتقد ان الاستاذ محمد رشيد هو على حق تماما بوجود تحالف ستراتيجي، وان ضمني، بين المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله والنظام الاسلامي الايراني وروسيا البوتينية. وفي تقديري ان بواكير هذا التحالف بدأت تظهر في لبنان في مطلع الثمانينات، بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال بيروت واخراج منظمة التحرير الفلسطينية وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا. ففي تلك السنوات الصعبة كانت ـ ايضا ـ تدور رحى الحرب ضد السوفيات في افغانستان، التي كانت تشارك فيها التيارات الاسلامية، السنية، المرتبطة بالسعودية وغيرها، والشيعية، المرتبطة بايران. وكان يساهم في هذه الحرب اسلاميون سنة فلسطينيون، مثل الدكتور عبدالله عزام، واسلاميون شيعة لبنانيون. وبطبيعةالحال كانت الامور بالنسبة للاسلاميين الفلسطينيين واللبنانيين تختلف عما بالنسبة لغيرهم، لان فلسطين تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولبنان كان يواجه الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة الاميركية ـ الاطلسية (قوات المارينز والقوات متعددة الجنسية التي نزلت في لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي)، وقد وجد ذلك انعكاسه في قيام المخابرات الاميركية والاسرائيلية والباكستانية في اغتيال عبدالله عزام في 1989 في باكستان. ومن المرجح، والمنطقي جدا، انه حينذاك، وبالرغم من النزاعات الاسلامية ـ السوفياتية والشيوعية، فإن الاسلاميين الشيعة في لبنان بدأوا "يلتقون" مع السوفيات على قاعدة "عدو عدوك صديقك". وهناك شائعات (ولا دخان بلا نار) بأن عمليات نسف مقر المارينز ومقر القيادة الفرنسية ومقر السفارة الاميركية في بيروت وخطف عدد من الاجانب على اساس كونهم عملاء للمخابرات الاميركية او غيرها، في الثمانينات، انما كانت تتم بالتنسيق مع المخابرات السوفياتية (من هذه "الاشاعات" انه في اللحظة التي تم فيها تفجير مقر السفارة الاميركية في نيسان 1983 كان يعقد فيها اجتماع اقليمي لمسؤولي المخابرات الاميركية في الشرق الاوسط ـ فهل ان تزامن التفجير مع الاجتماع هو صدفة؟ وهل معرفة موعد الاجتماع هو ضمن قدرات "حزب الله" في تلك المرحلة المبكرة؟).
4 ـ اما لجهة دور النظام السوري في هذا التحالف الستراتيجي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي"، فلا اعتقد بأي شكل انه كان او يمكن ان يكون رئيسيا، ولهذا فالتاحالف هو ـ برأيي المتواضع ـ "تحالف ثلاثي" وليس "رباعيا"، ودور النظام السوري هو دور ملتبس واشكالي و"ملغوم"، لان هذا النظام كل همه هو المحافظة على نفسه حتى ولو على جثة سوريا كلها والشعب السوري كله، وهو طبعا غير حريص لا على تحرير لبنان ولا على تحرير فلسطين؛ ولو كان حريصاعلى التحرير، فلماذا لا يبدأ بالجولان، بل يمنع اي عمل مقاومة في الجولان تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات. ولكن النظام السوري هو مضطر لمسايرة التوجهات الوطنية والقومية الصادقة في الجيش العربي السوري وفي سوريا عامة، واللعب عليها وتضليلها وتخديرها وقيادتها نحو اليأس والاستسلام والهزيمة، ولهذا فهو ـ اي النظام السوري ـ يلعب على جميع الحبال في وقت واحد (مثله في ذلك مثل القيادة البرجوازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقود الشعب الفلسطيني المظلوم بطرق ملتوية وألعبانية ليس الى "تحرير" فلسطين، بل الى تفتيت الشعب الفلسطيني والتسليم التدريجي لفلسطين الى اسرائيل). والروس لم يعودوا يثقوا بالنظام السوري، الذي كلفهم كثيرا وكثيرا جدا في الماضي؛ حيث كانوا يقدمون له، وبشكل شبه مجاني او حتى مجاني، افضل الاسلحة الحديثة وما لا يحصى من المساعدات، وكل ذلك ذهب ادراج الرياح. واذا كان الروس سيقدمون شيئا الان الى سوريا، فبسبب دخول "العامل الايراني"، وبسبب وجود التحالف الستراتيجي الثلاثي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي". ومن المنطقي جدا ان يفكر المرء الان بأن الايرانيين، مثلما اصبح لديهم "ميزانية للمقاومة في لبنان" (وهذا امر طبيعي جدا من دولة اسلامية شقيقة، وكان يتوجب على الانظمة العربية الغنية القيام بذلك، وليس فقط دفع مئات المليارات للانظمة "المسالمة" و"التسووية" في مصر والاردن وسوريا)، فإنه قد يكون اصبح لديهم ايضا "ميزانية للتحضير للمقاومة في سوريا" بالتنسيق مع بعض الاوساط الوطنية في الجيش العربي السوري، بموافقة او بعدم موافقة قيادة النظام السوري. وفي هذه الحالة فإن الدعم التكنولوجي العسكري الروسي المتطور سيأخذ ابعادا جديدة، ستفاجئ كثيرا، وكثيرا جدا، جهابذة الستراتيجية الاميركية ـ الصهيونية، التي ستجد نفسها على عتبة الانهيار التام لكل ما بنته خلال اكثر من مائة سنة على ارض فلسطين المظلومة والمغتصبة.
5 ـ انا مع الاستاذ محمد رشيد تماما بأن لبنان بلد صغير وضعيف بالمقاييس الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية الخ. وروسيا ليست في وارد ان تبني ستراتيجيتها الدولية فقط بناء للتحالف مع "حزب الله" حتى لو كان "حزب الله" كل لبنان، وهو ليس كذلك، للاسف. ولكن من جهة اخرى فإن لبنان، بموقعه في خط المواجهة الاهم مع اسرائيل (التجمع السكاني الاسرائيلي الاساسي هو في شمال فلسطين المحتلة، مما يجعل "الخطر اللبناني" على اسرائيل، في حال توفر المقاتلين الصادقين والاسلحة المناسبة، يوازي "الخطر الاسرائيلي" على لبنان؛ كان الجولان يشكل اكبر خطر على اسرائيل، مقابل حد ادنى من الخطر الاسرائيلي على سوريا، ولكن النظام السوري سلم الجولان بدون قتال في حزيران 1967 وقدم الاسلحة الروسية "هدية كرم عربي" للاسرائيليين، ولكنه "كرم عربي" على حساب الروس!). وبكلمات اخرى، فإذا توفرت شروط سياسية وستراتيجية معينة، فإن لبنان ـ حتى لبنان الصغير الضعيف ـ يمكن ان يشكل نقطة ارتكاز لتهديد وجود اسرائيل، ولتهديد كل الوجود الاميركي في المنطقة. قديما قال عالم الفيزياء الشهير نيوتن، في شرح آلية عمل العتلة (او ما نسميه بالعامية: المخل) انه اذا كان لديه "نقطة ارتكاز" خارج الكرة الارضية، فإنه بامكانه ان يزيحها من مكانها. وأبسط انسان يعرف الكلمة المأثورة عن "بيضة القبان" التي "توازن" القناطير المقنطرة وهي لا تتجاوز قبضة اليد.
6 ـ وطبعا ان روسيا لا تضع مصالحها التجارية والاقتصادية الخ مع لبنان في كفة، ومع اوروبا واميركا والصين واليابان الخ في كفة. ولكن اذا استطاعت روسيا، بالتحالف مع ايران و"حزب الله" (جزء من لبنان المشاكس) ان تجبر اسرائيل واميركا وحلف الاطلسي على الركوع عند اقدام المقاتلين اللبنانيين الابطال وطلب المغفرة والامان لليهود "المساكين!!!" الذين بدأت ترتعد فرائصهم منذ الان، واذا ارتفع سعر برميل النفط كي يصبح 500 او الف يورو، واذا اصبح سعر صرف اليورو يساوي 50 او 100 دولار، اين ستصبح اميركا والطغمة المالية اليهودية العالمية التي حاولت اذلال وتجويع روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتحويلها الى دولة عالمثالثية؟ ان روسيا تمتلك من الطاقات الطبيعية والبشرية و"الروح الهجومية" ما يجعلها قادرة على ان تصبح مركز تقاطع خطوط الطول وخطوط العرض للكرة الارضية. ولحسن حظ البشرية عامة، وبالرغم من انهيار النظام الاشتراكي على يد الستالينيين والنيوستالينيين الخونة، فإن الشعب الروسي العظيم تجري في دمائه مبادئ "الثورة الاشتراكية"، كما تجري في دماء الفرنسيين مبادئ "الثورة الفرنسية". ولهذا فإن روسيا، وهي تنهض باقتصادها الوطني وبدولتها العظمى من جديد، فإنها لن تستطيع ان تتحول الى استعمار وامبريالية، بل ستكون عامل تقويض للامبريالية والصهيونية في العالم. ولحسن حظ الشعوب العربية والاسلامية خاصة ان الشعب الروسي كان عبر التاريخ الصديق الوفي لهذه الشعوب، في النضال المشترك ضد اليهود (الروس هم الذين قضوا على اول دولة يهودية في التاريخ ما بعد الميلادي، وهي مملكة الخزر في القرن العاشر) وضد التتار، وضد الصليبيين، وضد نابوليون، وضد العثمانيين، وضد كل اطياف الاستعمار الاوربي الغربي والاميركي والصهونية العالمية واسرائيل.
7 ـ ليس لبنان هو الخاصرة الرخوة لروسيا، بل الشيشان. وفي الشيشان تضرب اميركا وتركيا والصهيونية، طبعا بمشاركة بعض "الاسلاميين!!!" المزيفين الاغبياء. اما لبنان، في مواجهته المصيرية مع اسرائيل، فهو يشكل ـ وهذا من المفارقات الكبرى على المسرح السياسي الدولي ـ "نقطة ضعف" و"خسارة" لاميركا على وجه الخصوص، اذا ما قدر، لا سمح الله، ان تنتصر عليه اسرائيل. لانه ـ باستثناء معسكر "المقاومة" في لبنان ـ فإن القوى السياسية ـ الطائفية جميعا في لبنان، من البطريركية المارونية الى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ومن سمير جعجع وبطرس حرب ووليد جنبلاط الى ميشال عون وميشال المر ونبيه بري، هم اصدقاء حقيقيون لاميركا. وفي المواجهة بين لبنان واسرائيل، فإن اميركا هي خاسرة خاسرة، كيفما كانت نتائج المعارك القادمة. ونظرا لان لبنان الدولة هو "الابن المدلل" لفرنسا والفاتيكان وايطاليا واوربا الغربية، فإن احتمال خسارته على يد اسرائيل، الحليف الستراتيجي لاميركا، سيزرع شرخا كبيرا جدا بين اميركا واوربا الغربية. وما اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الشيخ رفيق الحريري الا مظهر ونتيجة للصراع الاميركي ـ الاوروبي الغربي على لبنان ـ البوابة المالية التقليدية للعرب على الغرب، وللغرب على العرب.
8 ـ اما بالنسبة لاسرائيل فهي فعلا الخاصرة الرخوة لاميركا والصهيونية العالمية، بل هي مصيدة حقيقية لهما في الحسابات الستراتيجية الدولية. فالدولة الاسرائيلية، بالرغم من انها وقعت "معاهدة سلام" مع كل من الجمهورية العربية المصرية والمملكة الاردنية الهاشمية، وبالرغم من اتفاق فصل القوات بينها وبين الجمهورية العربية السورية، الا ان هذه الاتفاقات هي ذات مفعول سلبي: اي انها تقضي بعدم مهاجمة اسرائيل لاي من هذه الدول، وبالعكس. ولكن مصر والاردن وسوريا ليست، مجتمعة او منفردة، مدى حيويا ستراتيجيا لاسرائيل، اي ان الجيش الاسرائيلي لا يستطيع "الانسحاب" الى اي من هذه الدول او اقامة قواعد دفاعية او هجومية فيها، والا انقلبت اللعبة كلها رأسا على عقب. اي ان اسرائيل لا تزال واقعيا محاصرة من كل الجهات باستثناء البحر (المفتوح للاساطيل الاميركية والغربية والمفتوح ايضا للدبب الروسية التي يمكن ان تتحول بقدرة قادر الى حيتان واسماك قرش "ايرانية" و"شيعية" و"فلسطينية" وغيرها). اما لبنان (لبنان المقاومة ولبنان الدولة) فإن لديه المدى الستراتيجي العربي والاسلامي كله، بالرغم من المواقف الحالية لمختلف الانظمة، بدءا من النظام السوري الذي لن يستطيع ان يقف حجر عثرة في وجه التلاحم بين الجماهير الشعبية اللبنانية العربية والجماهير الشعبية السورية العربية. واذا ما ترافقت المعركة، وهو الارجح، مع انتفاضة الجماهير الشعبية الفلسطينية في الضفة والقطاع وفي "داخل اسرائيل"، فأين سيكون المفر بالنسبة للعصابات الصهيونية، وبالنسبة لكل عملاء اسرائيل على الارض العربية؟ فيما مضى حينما كانت قوات القائد القرطاجني العظيم هنيبعل تحوم حول روما، قام قائد روماني شاب هو "سيبيون الافريقي" بالانتقال بجيشه الى الشاطئ الافريقي مستدرجا هنيبعل الى معركة زاما التي هزم فيها هنيبعل على يد الرومان وحلفائهم من الامازيغ الذين طعنوا هنيبعل في ظهره بعشرة آلاف فارس مما لم يكن يخطر في بال هنيبعل. والان حينما يحوم الحلف الاطلسي حول حدود روسيا، فإن بوتين يستدرج الاميركان والاطلسي والصهيونية العالمية الى معركة في اسرائيل، معتمدا على "الحلف الثلاثي" مع ايران وحزب الله، وكذلك على "امازيغه" داخل اسرائيل بالذات (يقول الكثير من المعلومات ان اكثر من 30% من المليون يهودي روسي الذين هاجروا الى اسرائيل بعد التسعينات ليسوا يهودا بل هم روس مسيحيون ارثوذكس، حصلوا على افادات بأنهم يهود كي يهاجروا، وهؤلاء يشكلون "طابورا خامسا" حقيقيا للكا جي بي والمخابرات العسكرية الروسية داخل اسرائيل، واسرائيل لم تعد تستطيع ان "تتخلص" منهم).
9 ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران على نظام الشاه القديم، واغلاقها السفارة الاسرائيلية وتحويلها الى سفارة فلسطينية، ادركت اميركا والصهيونية العالمية الخطر الداهم، فدفع النظام الدكتاتوري العراقي السابق لشن الحرب على ايران، وتكاتفت دول الخليج النفطية ـ الاسلامية (وعلى رأسها السعودية) لمساعدة صدام بمئات مليارات الدولارات لمتابعة تلك الحرب بهدف القضاء على الثورة الاسلامية كهدف اعلى، او استنزاف العاق وايران معا، كهدف ادنى. وبعد سقوط النظام الدكتاتوري الغبي والغاشم لصدام حسين، اصبح من الواضح ان "دور ايران" اصبح قريبا جدا. ولهذا فإن الثورة الاسلامية في ايران لن تستطيع ـ لو ارادت ـ ان تتوقف في منتصف الطريق. فلو ارادت ايران الاسلامية "مهادنة" اميركا واسرائيل، فإن اميركا واسرائيل والانظمة "العربية" الحليفة لاميركا لن تستطيع ان "تتعايش" مع "الثورة الاسلامية" مهما بدأت "مهادنة" و"خامدة"، لان الغبي من يعيش على فوهة بركان خامد لا يعرف في اي ساعة ينفجر من جديد. وكان من الطبيعي والمنطقي جدا ان تمسك الثورة الاسلامية الايرانية بالحلقة الستراتيجية الاقليمية الرئيسية، ونعني بها حلقة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، نقطة الضعف الرئيسية في الستراتيجية الاميركية في المنطقة. واذا كانت علاقة ايران مع حزب الله او المقاومة الفلسطينية تجد غطاءها في البعد الايديولوجي المذهبي الشيعي او الديني الاسلامي، فإن العلاقة التحالفية مع روسيا تجد تفسيرها في التقاء المصالح الستراتيجية العليا للعرب والايرانيين والروس في مواجهة مخطط الهيمنة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية على العالم. بعض السخفاء او البلهاء، وطبعا جميع العملاء، يسمون هذه السياسة الايرانية "تصديرا للثورة"! اي تصدير للثورة هو هذا اذا دعمت ايران او روسيا او فينزويلا او كوبا او اي بلد اخر القضية العربية. ان وعد بلفور قد صدر قبل اكثر من ستين سنة من الثورة الاسلامية في ايران. وان احد عناصر اشعال الثورة الاسلامية في ايران كان على وجه التحديد القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الاسرائيلي. وبهذا الصدد يمكن القول انه، مثلما ان العرب هم الذين "صدروا" قديما "الاسلام" الى ايران، فإن العرب ايضا هم الذين "صدروا" حديثا "الثورة الاسلامية" الى ايران. وليس العكس. ومثلما "صدر" الفرنسيون فيما مضى مبادئ ثورتهم، ومثلما "صدر" الشيوعيون الروس مبادئ ثورتهم، فإنه ليس "من العار" بل من دواعي الافتخار ان يعمل الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون والعرب الاحرار جميعا على تصدير مبادئ ثورتهم ضد الاحتلال والاستعمار، ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. واذا كانت ايران، كدولة وكشعب وكمجتمع، تجد مصلحتها في تبني القضية العربية، فهل يمكن ان يكون ذلك مصدر خوف وغيظ لغير الجهلة، من جهة، وعملاء الامبريالية والصهيونية، من جهة اخرى. ان التحالف الثلاثي (حزب الله ـ ايران ـ روسيا) هو فرصة تاريخية لجميع الدول العربية، مجتمعة ومنفردة، كي تخرج من دائرة "الصفر المكعب" في الستراتيجية الكونية، وكي تتحول الى الرقم الاصعب في جميع معادلات السياسة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الدولية.
10 ـ اعترف تماما انني في مقالي موضوع المناقشة، لم اتطرق، وليس في امكاني، الى الكثير الكثير من القضايا المتشابكة التي طرحت او هي مطروحة الان على الساحة اللبنانية؛ وكان كل همي في المقال ان ابين نقطة رئيسية وهي انه بامكان المؤامرة الامبريالية ـ الصهيونية ـ "العربية!!!" ان تقضي، من الداخل او من الخارج، على لبنان ـ الدولة، اذا استطاعت ان تقضي عليه، ولكنها لن تستطيع بأية حال ان تقضي على لبنان ـ الشعب، لبنان المقاومة.
تصويب: تفضل الاستاذ محمد رشيد باطلاق لقب "دكتور" علي. كان من دواعي اعتزازي لو كنت كذلك. ولكنني بالواقع لا احمل اي لقب علمي، لسبب بسيط هو انني لم انجز دراستي الثانوية ذاتها، وخرجت (او طردت لاسباب سياسية) من المدرسة سنة 1952 وتحولت الى عامل مطبعة، منضد احرف، وعملت بهذه المهنة حتى سنة 1969. وانا اعتز بانتمائي للطبقة العاملة العربية. وقد علمني عملي في المطبعة حب القراءة، وهو ما ساعدني على فهم الحياة اكثر وفهم الواقع العربي المرير اكثر.

جورج حداد
15/04/2008, 12:53 PM
الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم
تحية طيبة
اود ان اعرب لجنابك عن تقديري لمقالكم مع وجود ملاحظات لدي على ما ورد فيها, اود ان ابين لكم اني كنت في لبنان لغاية عام 1975 طالبا في احدى الجامعات وكانت تلك الفترة تعتبر بدايات الحرب الاهلية ولامست بعض الاحداث وصار لي مخزون من الذكريات مع المتابعة اللآحقة يعينني احيانا لفهم جزء مما حصل ويحصل , بودي ان ابدي ملاحظاتي على ما تطرق له جنابك في المقال لترابط الاحداث في المنطقة وحتى اصحح بعضا من التحليلات والآراء التي امتلكها اذا كانت خاطئة او بعيدة عن الحقيقة من خلال اجاباتكم ذلك ان بعض ما ورد في ادناه مستل من مقالة كتبتها وساقوم بنشرها تخص انعكاس الاوضاع في المنطقة على ما يحصل في العراق:
1- تطرقتم الى الحرب الاخيرة في لبنان وبينتم ان السبب الرئيس لها لم يكن خطف الجنديين الاسرائليين, وعلى ما اذكر في لقاء مع الجزيرة اثناء العدوان الاسرائيلي او بعده مباشرة قال حسن نصر الله ما معناه انه لو كان يعرف ان رد الفعل الاسرائيلي على خطف الجنود سيكون بهذا الحجم لما اقدم على ذلك وهو بذلك يعزو سبب الحرب الى فعل الاختطاف الذي قامت منظمته بتنفيذه, وبعد ان ذهب غبار المعركة واستقرت الامور على النتائج التي خلفتها الحرب ودخلت قوات الامم المتحدة كعازل بين لبنان واسرائيل, كان المطلوب ايجاد تخريج مقبول لتبرير الاثار التي خلفتها , تلغي هذا التصريح من ذهن المواطن اللبناني والعربي الذي وقف مع حزب الله, ويديم في ذاكرتهم مفهوم الحزب المقاوم ، ليخرج علينا حسن نصر الله او احد مساعديه ( لا اذكر ) بعد فترة ويقولوا ما معناه انهم افشلوا هجوما اسرائيليا لضرب المقاومة اللبنانية كان مخططا له ان ينفذ في بداية خريف ذلك العام من خلال العملية الاستباقية التي قاموا بها بخطفهم الجنود لجر اسرائيل لحرب قبل استكمالها الاستعدادات اللوجستية والعملياتية لخوضها. ومن ثم بدأ التنظير الايديولوجي والسياسي لهذه الحرب على اساس انها افشلت مشروع الشرق اوسط الكبير الذي كانت الولايات المتحدة تعد العدة لتنفيذه, في حين اني لا اريد ان ادخل في موضوع اعتبر نفسي قد حشرته, فالمتتبع للاحداث وحقائقها الموضوعية يعرف ان التكاليف البشرية والمادية التي تدفعها الولايات المتحدة يوميا ومنذ خمس سنوات نتيجة غزوها للعراق والتي تسببت بها المقاومة العراقية الوطنية هي المسألة الوحيدة والرئيسية في افشال تنفيذ الولايات المتحدة لمخططها والتي تحاول جاهدة ان تخرج من المستنقع الذي تورطت به مع محاولة المحافظة على المتبقي من مصالحها, وهو ما تعكسه الوفود الامريكية التي صارت لقائتها فقرة دائمة في اجندة المسؤليين الحكومين في المنطقة كما فتحت ثغرة لايران لتساوم مع الشيطان الاكبر على حجم مصالحها وابعاد هذه المصالح.
2- تطرقت جنابك للحلف الاستراتيجي بين حزب الله واحمدي نجاد وروسيا مع تغييب الموقف السوري الذي بتصوري هو الركن الاساس في معادلة الجغرافية السياسية التي تحكم هذا التحالف والتي يعتمد عليها حزب الله وايران في التمويل التسليحي باقل تقدير اذا اسقطنا الحلف والموقف السياسي والتي ساعود لهذه النقطة لاحقا, كما ان لي ملاحظة حول موقف الدب الروسي الذي بدأ يستفيق بعد فترة من السبات الذي اصابه نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية, فمن الواضح انه يسعى لتحدي برامج الولايات المتحدة التي تؤثر على منظومة امنه القومي ومصالحه, غير انه باعتقادي لايختار مناطق تحدي يعتبرها رخوة مثل لبنان معروفة حدود التحالف والصراع فيها وتغيرات رياحها، رغم مظهرها الذي يوحي بانها خاصرة ضعيفة , فلبنان موضوع لايخص سوريا ولا ايران ولا حزب الله و لا امريكا فقط فهو يخص اسرائيل واوربا والخليج والنفط, ومن الممكن ان يكون موضوعه اداة من ادوات الضغط الا ان نتائج استخدامها غير مضمونة, وقد تكون الموازنة حرجة لمصالح روسيا وقد تميل ضدها اذا اعتمدت ان تكون حليفا استراتيجيا لحزب الله وايران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة واوربا ودول الخليج العربي وحتى سوريا وليكون لبنان منطقة اختبار القوة مع كل هؤلاء في حين ان روسيا لديها اولويات بعيدة بمسافة كبيرة عن موضوع لبنان تشمل مشاكل دول الطوق حولها والبحر الاسود واوربا والدرع الصاروخي وديمومة علاقتها مع المنظومة الرسمية العربية المتخمة بالنفط, فالدب الروسي كما الجميع تدرب في سيرك العلاقات الدولية ليناور وليحاور وليكون شعاره كما الجميع (( ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح دائمة )) حيث سقطت ادعاءات الايدولوجيا لتحل محلها نوايا المصالح.
3- كما ان البراغماتية الايرانية ستكون نقطة ضعف في هذا التحالف حيث ان ايران رغم ردائها الايدولوجي الا ان سياسة المصالح ومصالحها السياسية هي التي تحكم منطلقاتها وتضبط تحركاتها, وذلك ليس بالخفي على روسيا واية دولة في المنطقة, ومثل ذلك موقفها من احتلال العراق وافغانستان والذي كان منطقة الاختبار للنوايا الايرانية في تحالفها السري والمعلن مع المشروع الامريكي لاحتلال واسقاط تلك الدولتين من خلال التسهيلات التي لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها وكذلك من خلال ادواتها المتمثلة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي وخصوصا في العراق التي سلمتها الولايات المتحدة السلطة فيه بعد احتلاله.

4- كما ان لبنان التي صورت جغرافيتها في مقالتك وكانها اكبر من فيتنام بما يؤهلها لان تكون جزءا من استراتيجية الردع الهجومي وليس المتوازن الذي يمكن ان تستخدمه روسيا وايران وفي اقله ايران في مواجهة الولايات المتحدة من خلال حزب الله, يصطدم بمحددات المساحة الجغرافية رغم خدمة التضاريس مما يجعل العمل العسكري على اساس حرب العصابات له تكاليفه العالية في المدى الطويل مقابل هجوم مستمر ومستديم يأخذ شكل الضربات الاستباقية والوقائية المركزة او حتى مسك الارض، مع محدد آخر يواجه قوى حرب العصابات والذي يكون مهما وحيويا لتحركها ومناورتها وهو الحاضنة الشعبية والتي لاتمتد على كل الارض اللبنانية, فهناك الكثير من الشكوك لدى الكثير من اللبنانيين حول نوايا حزب الله والتي يعكسها تشكيله الطائفي المحدد والمبرمج وارتباطه المنصوص في دستوره بولاية الفقيه في ايران والذي يعني كمحصلة يقرأها أي انسان بسيط تنفيذه لما هو معلن وغير معلن من اهداف ايران في المنطقة ونواياها مما يحدد من حجم الدعم الذي سيجده حزب الله من الكثير من القوى الشعبية اللبنانية مضافا لذلك كله لغة التخوين والاتهام التي اتسم بها الخطاب السياسي للحزب بعد الحرب اتجاه الكثير من التيارات والتي فسرت على اساس طائفي , كما ان تجربة حرب تموز لم تطور تكتيكات حزب الله واستراتيجته العسكرية فقط بل في الجانب المقابل فقد حاول العدو الاسرائيلي ان يستفيد من هذه التجربة ليطور استراتيجيته وتكتيكاته في اية مواجهة قادمة ستحصل. وما اتفق معك عليه, فان مواجهة قادمة ستحصل ان رغب بها المناهضين لحزب الله ام لم يرغبوا, فاسرائيل لاتعمل بنوايا الآخرين ولا بتحقيق مصالحهم ولكنها تعمل وفق ما يحقق حدود امنها ومصالحها, فالاسترايجية الاسرائيلية تقوم على عسكرة الدولة بكل مفاصلها كما انها تقوم على مفهوم استخدام وتطوير قدرتها الهجومية للردع, وحيث انها تعتبر نفسها قد خسرت حرب تموز لذا فهي تسعى لاستخدام قدرتها العسكرية بغرض الردع والسيطرة من اجل تأكيد هيمنتها وادارة التفاوض وفق ما يحقق مصالحها, وبالتالي فانها ستخوض حربا قادمة الا اذا كانت هناك اتفاقات يتم البحث في تفاصيلها بين الولايات المتحدة وايران على ارض العراق تؤجل المواجهة القادمة او تلغيها والتي ستكون بأي حال من الاحوال على حساب سوريا ودول المنطقة جميعها ان كانت مواجهة او تأجيل او اتفاق.
5- سيدي الدكتور المحترم انت اقرب مني الى الاحداث في لبنان وبالتأكيد فأنت عايشتها بكل تفاصيلها الا ان ما اثرته حول موسى الصدر ومؤامرة تغييبه التي كانت احد اسباب اضعاف المقاومة اللبنانية والذي اشركت في تنفيذها سوريا وليبيا وبعض اطراف المقاومة اللبنانية وربما الايرانية ولا اعرف ان فسح لك المجال لقلت العراق واسرائيل والولايات المتحدة ( اعتذر سيدي عن هذا التعليق الأخير ) غير اني اود ان توضح لي ما علاقة اختفاء موسى الصدر باضعاف المقاومة, ذلك ان موضوع مجيئه من ايران الى لبنان لم يرتبط بموضوع المقاومة بصورة مباشرة, ففي الفترة التي تواجد فيها في لبنان ولحين اختفاءه كان الشاه هو الذي يحكم ايران ولم تكن الحركة الشيعية تتحرك وفق المنطلقات الموجودة حاليا من تصدير الثورة الى ولاية الفقيه وغيرها التي صاغها الخميني ووجدت برامجها التنفيذية عند استلامه للسلطة في ايران وبعد اختفاء موسى الصدر، وان وجود موسى الصدر كان له اهداف اخرى انت اعرف مني بها ومنها هو تجميع الطائفة الشيعية وجعلهم كتلة موحدة باطار تيار ومرجعية واحدة في استحقاقات تقاسم السلطة في لبنان او في الصراع العسكري الذي كان دائرا هناك حيث وكما اتذكر اشرف على تأسيس ميليشيا شيعية سميت على ما اذكر (ابناء علي او اولاد علي والتي كانت نواة تأسيس حركة امل وبعدها حزب الله) والتي بعد تطورها صادرت القرار السياسي للطائفة الشيعية في لبنان لتحول الطائفة الى حزب سياسي وبدل ان يتوزع ابناء الطائفة الشيعية على الاحزاب السياسية كحال اهل السنة في لبنان تم تجميعهم في اطار سياسي مثل الاحزاب المسيحية, ولم يكن ذلك الموضوع بعيد عن توجهات الشاه الذي كان يعتبر ايران هي المدافعة عن مصالح الشيعة في العالم وكانت وريثته حكومة الاسلام السياسي الشيعي الذي استلم الحكم في ايران بعد الشاه ولكن بشعارات مختلفة واهداف اكثر اتساعا.
6-اختصرت ياسيدي فترة خطرة عاشها لبنان لتحرق اكثر المراحل خطورة ولتترك الكثير من التفاصيل النوعية والحاكمة والتي حددت ملامح ما وصل اليه لبنان في الوقت الحاضر ومنها الدور السوري في اسقاط اتفاق 17 ايار والذي الغيته ولم تتطرق له, ثم تداعيات اتفاق الطائف والمعادلة السياسية التي جاءت بالمرحوم رفيق الحريري الذي كان على خلاف مع حزب الله في الكثير من المفاصل ومن ثم التحالف الوثيق بين ايران وممثلها حزب الله وسوريا رغم اختلاف درجات التأثير والتبادل في هذا التحالف بين الاب والابن حيث كانت القيادة التي تحكم في ايران تتحرك في المنطقة من خلال القيادة التي تحكم في سوريا لتنعكس الصورة نوعا ما بعد غياب الاب ومجئ الابن ومن ثم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وقيامها بتسليم السلطة في العراق لحلفاء ايران, وقدر لايران من خلال التغيرات التي حصلت بسبب هذا الاحتلال وانهيار منظومة الامن القومي العربي بعد غياب العراق احد اركانه الرئيسيين والوضع في سوريا ان تكون لاعبا رئيسيا في المنطقة بحيث باتت سوريا تتحرك احيانا من خلال الموقف الايراني حتى على مستوى علاقتها بالمنظومة العربية واصبحت احيانا ظلا له, فايران تحاول بالضغط السياسي او الاقتصادي او بالاقناع ضبط الايقاع السياسي السوري بما يحقق مصالحها مستغلة عدة اشياء ومنها ولسخرية الاقدار موضوع المحكمة الدولية لتكون ورقة ضغط ايرانية على سوريا وليس ورقة ضغط امريكية على سوريا.والسبب في ذلك وفق ما اعتقده يعود الى معرفة ايران للكثير من خفايا واسرار الاغتيال والتي قد تسربها لتحرج سوريا اذا تضاربت بينهما المواقف واختلفت الاهداف.
ان كل التحرك الايراني في المنطقة (وفقا لقناعاتي) ان كان بصورة مباشرة او من خلال ادواتها وحلفاءها هو جزء من وهم القوة الذي يتحكم بالعقلية الدينية المسيطرة على ايران في الوقت الحاضر والتي تسعى من خلاله الى ضم جزء من العراق والتحكم بالباقي منه والسيطرة على الخليج ومد نفوذ امنها القومي الى مناطق متعددة ساعية لتحقيق فكرة انشاء حكومة عالمية لها ادواتها وحلفاءها.وذلك موضوع آخر يمكن ان ترى خيوطه وخطوطه من خلال كتابات الذين ينفذون اجندتها ويعملون على ترويج افكارها.ان هذا الوهم سيقود ايران ال مناطق قد تتمنى ان لاتصل اليها فهي ان كانت قادرة على ضبط مواقف وتحركات حلفائها وادواتها وردع اعدائها لبعض الوقت الا انها لن تستطيع ذلك كل الوقت وهو ما نلاحظه من حالات الصراع بين ادواتها في العراق وحالة الرفض المتنامي من قبل الكثير من القوى في جنوب العراق التي كانت تشيع انهم حاضنتها الشعبية وانها اي ايران حاضنتهم الطائفية.
اخيرا استاذنا الدكتور الفاضل جورج حداد المحترم لا استطيع ان افهم هجومك على النظام السوري اهو من موقفها الايديولوجي ام من تكتيكاتها السياسية والتي لاتبتعد كثيرا عن مواقف ايران وهي جزء وحسب ما يعلن من المنظومة التي يعمل في اطارها حزب الله ويؤدي دوره في لبنان, ام لان ايران بتصورك دولة عظمى لها الحق ان تعقد تحالفاتها وتتحرك وفق مصالحها فعلينا الترويج لمواقفها ودعمها وان المنظومة العربية وبضمنهم سوريا هم دول هامشية رمتها عوامل الجغرافية و الاحداث لان تكون من ضمن دول الطوق لاسرائيل الا ان دورها ودورهم مهما يكن فهو دور انهزامي تابع ولا يمكن ان يكون مستقلا او وطنيا يبحث عن مصالح شعبه وهذا ما فهمته من نظرتك الى كل الوضع السياسي في وطننا العربي , واود هنا ان ادخل في منطقة لم تتطرق لها من قريب او بعيد في مقالتك في حين ان قضايا المنطقة وحسب ما اراه هناك الكثير من الاشياء تربط فيما بينها وهو موضوع العراق فقد كانت ايران وادواتها من الاحزاب التابعة لها تتهم النظام الوطني في العراق بتبعيته وعمالته للولايات المتحدة اضافة الى انه نظام دكتاتوري مارس القهر على الشعب ومخترع المقابر الجماعية, وانظر ياسيدي حال العراق بعد الاحتلال وبعد ان استلم ادوات ايران السلطة في العراق, اعدم الرئيس الراحل صدام حسين (بتوافق امريكي ايراني) بسبب احالة 148 شخصا الـى المحكمة وتم اعدام بعضهم اثر محاولة اغتياله وكانوا محاولة الاغتيال بتحريض ايراني من قبل تنظيم تابع لايران حيث هرب بعض المشاركين في محاولة الاغتيال الى ايران ( حسب ماجاء في الاعلام الايراني عشية محاولة الاغتيال) وكان العراق في حالة حرب مع ايران. والآن الملايين بين قتلى وارامل وايتام ومشردين ولاجئين ومعارك بين ميليشيات ايران على المصالح والنفوذ الا اننا لاندين ولانذكر افعال ايران بل نراها قائدة لمنظومة الصراع الاممي مع الولايات المتحدة, ياسيدي نحن جاهزون ان ننتقد وندين المنظومة العربية على اختلاف توجهاتها ولكننا نزين ما يفعله الآخرون حتى لو كان ثمن فعلهم ملايين القتلى من انفسنا.
اعتذر سيدي عن الاطالة .
واخيرا الا يمكن ان تطربنا مغنية حينا في يوم من الايام.
شكرا لسعة صدرك
تحياتي اخ لك من بغداد.



رد جورج حداد:
اطلعت بكل تقدير واحترام على رد الاستاذ محمد محمد رشيد، في موقع "واتا"، على مقالي "هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!"؛ وفيما يلي بعض النقاط التوضيحية كرد على الرد:
1 ـ سبب الحرب يبقى خارج الذريعة لاشعال الحرب. وايا كان الرأي في تصريح السيد حسن نصرالله، بأنه لو كان يعلم ان اسرائيل ستضرب لبنان بهذه الوحشية لما كان حزب الله قام بعملية خطف الجنديين، فإن هذا التصريح لا يعني ان حزب الله "يعترف" بأن خطف الجنديين كان السبب في اشعال الحرب، او ان حزب الله لم يكن سيقوم بعملية خطف اخرى في ظروف اخرى، او ان الحرب لم تكن ستندلع لهذه الذريعة او تلك. بل ان "اعتراف" السيد حسن نصرالله، ان الحزب ينبغي عليه في المستقبل ان يأخذ بعين الاعتبار اكثر فأكثر "الحرب البسيكولوجية" (لنتذكر "الدموع" العزيزة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة) حتى في موضوع الذرائع التي يمكن ان تتذرع بها اسرائيل الان وفي المستقبل. فيما مضى، حينما اراد هتلر القضاء نهائيا على بقايا الدمقراطية في المانيا، قامت النازية بمسرحية احاق الراخستاغ (البرلمان) الالماني واتهام الشيوعيين واعتقال ومحاكمة غيورغي ديميتروف ورفاقه في محاكمة لايبزغ الشهيرة. طبعا على حزب الله ليس فقط ان يستعد استعدادا كافيا للحرب، بل وان يستعد ايضا لتحضير "المسرح الحربي" المناسب، اخذا بالاعتبار "الحرب البسيكولوجية" خصوصا بوجود "طابور خامس" اسرائيلي طويل، لبناني وعربي.
2 ـ ان عملية خطف الجنديين كانت فعلا وواقعا ذريعة، وها ان اسرائيل قد "نسيتهما" الان تماما؛ والتقارير الغربية والاسرائيلية هي التي كشفت ان اسرائيل كانت تستعد للحرب قبل خطف الجنديين. وقد اكد تقرير فينوغراد هذه الحقيقة، ولازم المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية على فشلها في الحرب التي كانت تستعد لها على قدم وساق. و"الطابور الخامس" الاسرائيلي في لبنان كان على علم تام بالاستعداد الاسرائيلي لاجتياح لبنان وضرب حوب الله. وليس من الصدفة ابدا ان الاشهر والاسابيع والايام التي سبقت الحرب شهدت حملة "لبنانية" غير مسبوقة تطالب بنزع سلاح حزب الله وتصفية المقاومة باعتبارها "ميليشيا".
3 ـ اعتقد ان الاستاذ محمد رشيد هو على حق تماما بوجود تحالف ستراتيجي، وان ضمني، بين المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله والنظام الاسلامي الايراني وروسيا البوتينية. وفي تقديري ان بواكير هذا التحالف بدأت تظهر في لبنان في مطلع الثمانينات، بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال بيروت واخراج منظمة التحرير الفلسطينية وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا. ففي تلك السنوات الصعبة كانت ـ ايضا ـ تدور رحى الحرب ضد السوفيات في افغانستان، التي كانت تشارك فيها التيارات الاسلامية، السنية، المرتبطة بالسعودية وغيرها، والشيعية، المرتبطة بايران. وكان يساهم في هذه الحرب اسلاميون سنة فلسطينيون، مثل الدكتور عبدالله عزام، واسلاميون شيعة لبنانيون. وبطبيعةالحال كانت الامور بالنسبة للاسلاميين الفلسطينيين واللبنانيين تختلف عما بالنسبة لغيرهم، لان فلسطين تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولبنان كان يواجه الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة الاميركية ـ الاطلسية (قوات المارينز والقوات متعددة الجنسية التي نزلت في لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي)، وقد وجد ذلك انعكاسه في قيام المخابرات الاميركية والاسرائيلية والباكستانية في اغتيال عبدالله عزام في 1989 في باكستان. ومن المرجح، والمنطقي جدا، انه حينذاك، وبالرغم من النزاعات الاسلامية ـ السوفياتية والشيوعية، فإن الاسلاميين الشيعة في لبنان بدأوا "يلتقون" مع السوفيات على قاعدة "عدو عدوك صديقك". وهناك شائعات (ولا دخان بلا نار) بأن عمليات نسف مقر المارينز ومقر القيادة الفرنسية ومقر السفارة الاميركية في بيروت وخطف عدد من الاجانب على اساس كونهم عملاء للمخابرات الاميركية او غيرها، في الثمانينات، انما كانت تتم بالتنسيق مع المخابرات السوفياتية (من هذه "الاشاعات" انه في اللحظة التي تم فيها تفجير مقر السفارة الاميركية في نيسان 1983 كان يعقد فيها اجتماع اقليمي لمسؤولي المخابرات الاميركية في الشرق الاوسط ـ فهل ان تزامن التفجير مع الاجتماع هو صدفة؟ وهل معرفة موعد الاجتماع هو ضمن قدرات "حزب الله" في تلك المرحلة المبكرة؟).
4 ـ اما لجهة دور النظام السوري في هذا التحالف الستراتيجي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي"، فلا اعتقد بأي شكل انه كان او يمكن ان يكون رئيسيا، ولهذا فالتاحالف هو ـ برأيي المتواضع ـ "تحالف ثلاثي" وليس "رباعيا"، ودور النظام السوري هو دور ملتبس واشكالي و"ملغوم"، لان هذا النظام كل همه هو المحافظة على نفسه حتى ولو على جثة سوريا كلها والشعب السوري كله، وهو طبعا غير حريص لا على تحرير لبنان ولا على تحرير فلسطين؛ ولو كان حريصاعلى التحرير، فلماذا لا يبدأ بالجولان، بل يمنع اي عمل مقاومة في الجولان تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات. ولكن النظام السوري هو مضطر لمسايرة التوجهات الوطنية والقومية الصادقة في الجيش العربي السوري وفي سوريا عامة، واللعب عليها وتضليلها وتخديرها وقيادتها نحو اليأس والاستسلام والهزيمة، ولهذا فهو ـ اي النظام السوري ـ يلعب على جميع الحبال في وقت واحد (مثله في ذلك مثل القيادة البرجوازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقود الشعب الفلسطيني المظلوم بطرق ملتوية وألعبانية ليس الى "تحرير" فلسطين، بل الى تفتيت الشعب الفلسطيني والتسليم التدريجي لفلسطين الى اسرائيل). والروس لم يعودوا يثقوا بالنظام السوري، الذي كلفهم كثيرا وكثيرا جدا في الماضي؛ حيث كانوا يقدمون له، وبشكل شبه مجاني او حتى مجاني، افضل الاسلحة الحديثة وما لا يحصى من المساعدات، وكل ذلك ذهب ادراج الرياح. واذا كان الروس سيقدمون شيئا الان الى سوريا، فبسبب دخول "العامل الايراني"، وبسبب وجود التحالف الستراتيجي الثلاثي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي". ومن المنطقي جدا ان يفكر المرء الان بأن الايرانيين، مثلما اصبح لديهم "ميزانية للمقاومة في لبنان" (وهذا امر طبيعي جدا من دولة اسلامية شقيقة، وكان يتوجب على الانظمة العربية الغنية القيام بذلك، وليس فقط دفع مئات المليارات للانظمة "المسالمة" و"التسووية" في مصر والاردن وسوريا)، فإنه قد يكون اصبح لديهم ايضا "ميزانية للتحضير للمقاومة في سوريا" بالتنسيق مع بعض الاوساط الوطنية في الجيش العربي السوري، بموافقة او بعدم موافقة قيادة النظام السوري. وفي هذه الحالة فإن الدعم التكنولوجي العسكري الروسي المتطور سيأخذ ابعادا جديدة، ستفاجئ كثيرا، وكثيرا جدا، جهابذة الستراتيجية الاميركية ـ الصهيونية، التي ستجد نفسها على عتبة الانهيار التام لكل ما بنته خلال اكثر من مائة سنة على ارض فلسطين المظلومة والمغتصبة.
5 ـ انا مع الاستاذ محمد رشيد تماما بأن لبنان بلد صغير وضعيف بالمقاييس الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية الخ. وروسيا ليست في وارد ان تبني ستراتيجيتها الدولية فقط بناء للتحالف مع "حزب الله" حتى لو كان "حزب الله" كل لبنان، وهو ليس كذلك، للاسف. ولكن من جهة اخرى فإن لبنان، بموقعه في خط المواجهة الاهم مع اسرائيل (التجمع السكاني الاسرائيلي الاساسي هو في شمال فلسطين المحتلة، مما يجعل "الخطر اللبناني" على اسرائيل، في حال توفر المقاتلين الصادقين والاسلحة المناسبة، يوازي "الخطر الاسرائيلي" على لبنان؛ كان الجولان يشكل اكبر خطر على اسرائيل، مقابل حد ادنى من الخطر الاسرائيلي على سوريا، ولكن النظام السوري سلم الجولان بدون قتال في حزيران 1967 وقدم الاسلحة الروسية "هدية كرم عربي" للاسرائيليين، ولكنه "كرم عربي" على حساب الروس!). وبكلمات اخرى، فإذا توفرت شروط سياسية وستراتيجية معينة، فإن لبنان ـ حتى لبنان الصغير الضعيف ـ يمكن ان يشكل نقطة ارتكاز لتهديد وجود اسرائيل، ولتهديد كل الوجود الاميركي في المنطقة. قديما قال عالم الفيزياء الشهير نيوتن، في شرح آلية عمل العتلة (او ما نسميه بالعامية: المخل) انه اذا كان لديه "نقطة ارتكاز" خارج الكرة الارضية، فإنه بامكانه ان يزيحها من مكانها. وأبسط انسان يعرف الكلمة المأثورة عن "بيضة القبان" التي "توازن" القناطير المقنطرة وهي لا تتجاوز قبضة اليد.
6 ـ وطبعا ان روسيا لا تضع مصالحها التجارية والاقتصادية الخ مع لبنان في كفة، ومع اوروبا واميركا والصين واليابان الخ في كفة. ولكن اذا استطاعت روسيا، بالتحالف مع ايران و"حزب الله" (جزء من لبنان المشاكس) ان تجبر اسرائيل واميركا وحلف الاطلسي على الركوع عند اقدام المقاتلين اللبنانيين الابطال وطلب المغفرة والامان لليهود "المساكين!!!" الذين بدأت ترتعد فرائصهم منذ الان، واذا ارتفع سعر برميل النفط كي يصبح 500 او الف يورو، واذا اصبح سعر صرف اليورو يساوي 50 او 100 دولار، اين ستصبح اميركا والطغمة المالية اليهودية العالمية التي حاولت اذلال وتجويع روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتحويلها الى دولة عالمثالثية؟ ان روسيا تمتلك من الطاقات الطبيعية والبشرية و"الروح الهجومية" ما يجعلها قادرة على ان تصبح مركز تقاطع خطوط الطول وخطوط العرض للكرة الارضية. ولحسن حظ البشرية عامة، وبالرغم من انهيار النظام الاشتراكي على يد الستالينيين والنيوستالينيين الخونة، فإن الشعب الروسي العظيم تجري في دمائه مبادئ "الثورة الاشتراكية"، كما تجري في دماء الفرنسيين مبادئ "الثورة الفرنسية". ولهذا فإن روسيا، وهي تنهض باقتصادها الوطني وبدولتها العظمى من جديد، فإنها لن تستطيع ان تتحول الى استعمار وامبريالية، بل ستكون عامل تقويض للامبريالية والصهيونية في العالم. ولحسن حظ الشعوب العربية والاسلامية خاصة ان الشعب الروسي كان عبر التاريخ الصديق الوفي لهذه الشعوب، في النضال المشترك ضد اليهود (الروس هم الذين قضوا على اول دولة يهودية في التاريخ ما بعد الميلادي، وهي مملكة الخزر في القرن العاشر) وضد التتار، وضد الصليبيين، وضد نابوليون، وضد العثمانيين، وضد كل اطياف الاستعمار الاوربي الغربي والاميركي والصهونية العالمية واسرائيل.
7 ـ ليس لبنان هو الخاصرة الرخوة لروسيا، بل الشيشان. وفي الشيشان تضرب اميركا وتركيا والصهيونية، طبعا بمشاركة بعض "الاسلاميين!!!" المزيفين الاغبياء. اما لبنان، في مواجهته المصيرية مع اسرائيل، فهو يشكل ـ وهذا من المفارقات الكبرى على المسرح السياسي الدولي ـ "نقطة ضعف" و"خسارة" لاميركا على وجه الخصوص، اذا ما قدر، لا سمح الله، ان تنتصر عليه اسرائيل. لانه ـ باستثناء معسكر "المقاومة" في لبنان ـ فإن القوى السياسية ـ الطائفية جميعا في لبنان، من البطريركية المارونية الى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ومن سمير جعجع وبطرس حرب ووليد جنبلاط الى ميشال عون وميشال المر ونبيه بري، هم اصدقاء حقيقيون لاميركا. وفي المواجهة بين لبنان واسرائيل، فإن اميركا هي خاسرة خاسرة، كيفما كانت نتائج المعارك القادمة. ونظرا لان لبنان الدولة هو "الابن المدلل" لفرنسا والفاتيكان وايطاليا واوربا الغربية، فإن احتمال خسارته على يد اسرائيل، الحليف الستراتيجي لاميركا، سيزرع شرخا كبيرا جدا بين اميركا واوربا الغربية. وما اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الشيخ رفيق الحريري الا مظهر ونتيجة للصراع الاميركي ـ الاوروبي الغربي على لبنان ـ البوابة المالية التقليدية للعرب على الغرب، وللغرب على العرب.
8 ـ اما بالنسبة لاسرائيل فهي فعلا الخاصرة الرخوة لاميركا والصهيونية العالمية، بل هي مصيدة حقيقية لهما في الحسابات الستراتيجية الدولية. فالدولة الاسرائيلية، بالرغم من انها وقعت "معاهدة سلام" مع كل من الجمهورية العربية المصرية والمملكة الاردنية الهاشمية، وبالرغم من اتفاق فصل القوات بينها وبين الجمهورية العربية السورية، الا ان هذه الاتفاقات هي ذات مفعول سلبي: اي انها تقضي بعدم مهاجمة اسرائيل لاي من هذه الدول، وبالعكس. ولكن مصر والاردن وسوريا ليست، مجتمعة او منفردة، مدى حيويا ستراتيجيا لاسرائيل، اي ان الجيش الاسرائيلي لا يستطيع "الانسحاب" الى اي من هذه الدول او اقامة قواعد دفاعية او هجومية فيها، والا انقلبت اللعبة كلها رأسا على عقب. اي ان اسرائيل لا تزال واقعيا محاصرة من كل الجهات باستثناء البحر (المفتوح للاساطيل الاميركية والغربية والمفتوح ايضا للدبب الروسية التي يمكن ان تتحول بقدرة قادر الى حيتان واسماك قرش "ايرانية" و"شيعية" و"فلسطينية" وغيرها). اما لبنان (لبنان المقاومة ولبنان الدولة) فإن لديه المدى الستراتيجي العربي والاسلامي كله، بالرغم من المواقف الحالية لمختلف الانظمة، بدءا من النظام السوري الذي لن يستطيع ان يقف حجر عثرة في وجه التلاحم بين الجماهير الشعبية اللبنانية العربية والجماهير الشعبية السورية العربية. واذا ما ترافقت المعركة، وهو الارجح، مع انتفاضة الجماهير الشعبية الفلسطينية في الضفة والقطاع وفي "داخل اسرائيل"، فأين سيكون المفر بالنسبة للعصابات الصهيونية، وبالنسبة لكل عملاء اسرائيل على الارض العربية؟ فيما مضى حينما كانت قوات القائد القرطاجني العظيم هنيبعل تحوم حول روما، قام قائد روماني شاب هو "سيبيون الافريقي" بالانتقال بجيشه الى الشاطئ الافريقي مستدرجا هنيبعل الى معركة زاما التي هزم فيها هنيبعل على يد الرومان وحلفائهم من الامازيغ الذين طعنوا هنيبعل في ظهره بعشرة آلاف فارس مما لم يكن يخطر في بال هنيبعل. والان حينما يحوم الحلف الاطلسي حول حدود روسيا، فإن بوتين يستدرج الاميركان والاطلسي والصهيونية العالمية الى معركة في اسرائيل، معتمدا على "الحلف الثلاثي" مع ايران وحزب الله، وكذلك على "امازيغه" داخل اسرائيل بالذات (يقول الكثير من المعلومات ان اكثر من 30% من المليون يهودي روسي الذين هاجروا الى اسرائيل بعد التسعينات ليسوا يهودا بل هم روس مسيحيون ارثوذكس، حصلوا على افادات بأنهم يهود كي يهاجروا، وهؤلاء يشكلون "طابورا خامسا" حقيقيا للكا جي بي والمخابرات العسكرية الروسية داخل اسرائيل، واسرائيل لم تعد تستطيع ان "تتخلص" منهم).
9 ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران على نظام الشاه القديم، واغلاقها السفارة الاسرائيلية وتحويلها الى سفارة فلسطينية، ادركت اميركا والصهيونية العالمية الخطر الداهم، فدفع النظام الدكتاتوري العراقي السابق لشن الحرب على ايران، وتكاتفت دول الخليج النفطية ـ الاسلامية (وعلى رأسها السعودية) لمساعدة صدام بمئات مليارات الدولارات لمتابعة تلك الحرب بهدف القضاء على الثورة الاسلامية كهدف اعلى، او استنزاف العاق وايران معا، كهدف ادنى. وبعد سقوط النظام الدكتاتوري الغبي والغاشم لصدام حسين، اصبح من الواضح ان "دور ايران" اصبح قريبا جدا. ولهذا فإن الثورة الاسلامية في ايران لن تستطيع ـ لو ارادت ـ ان تتوقف في منتصف الطريق. فلو ارادت ايران الاسلامية "مهادنة" اميركا واسرائيل، فإن اميركا واسرائيل والانظمة "العربية" الحليفة لاميركا لن تستطيع ان "تتعايش" مع "الثورة الاسلامية" مهما بدأت "مهادنة" و"خامدة"، لان الغبي من يعيش على فوهة بركان خامد لا يعرف في اي ساعة ينفجر من جديد. وكان من الطبيعي والمنطقي جدا ان تمسك الثورة الاسلامية الايرانية بالحلقة الستراتيجية الاقليمية الرئيسية، ونعني بها حلقة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، نقطة الضعف الرئيسية في الستراتيجية الاميركية في المنطقة. واذا كانت علاقة ايران مع حزب الله او المقاومة الفلسطينية تجد غطاءها في البعد الايديولوجي المذهبي الشيعي او الديني الاسلامي، فإن العلاقة التحالفية مع روسيا تجد تفسيرها في التقاء المصالح الستراتيجية العليا للعرب والايرانيين والروس في مواجهة مخطط الهيمنة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية على العالم. بعض السخفاء او البلهاء، وطبعا جميع العملاء، يسمون هذه السياسة الايرانية "تصديرا للثورة"! اي تصدير للثورة هو هذا اذا دعمت ايران او روسيا او فينزويلا او كوبا او اي بلد اخر القضية العربية. ان وعد بلفور قد صدر قبل اكثر من ستين سنة من الثورة الاسلامية في ايران. وان احد عناصر اشعال الثورة الاسلامية في ايران كان على وجه التحديد القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الاسرائيلي. وبهذا الصدد يمكن القول انه، مثلما ان العرب هم الذين "صدروا" قديما "الاسلام" الى ايران، فإن العرب ايضا هم الذين "صدروا" حديثا "الثورة الاسلامية" الى ايران. وليس العكس. ومثلما "صدر" الفرنسيون فيما مضى مبادئ ثورتهم، ومثلما "صدر" الشيوعيون الروس مبادئ ثورتهم، فإنه ليس "من العار" بل من دواعي الافتخار ان يعمل الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون والعرب الاحرار جميعا على تصدير مبادئ ثورتهم ضد الاحتلال والاستعمار، ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. واذا كانت ايران، كدولة وكشعب وكمجتمع، تجد مصلحتها في تبني القضية العربية، فهل يمكن ان يكون ذلك مصدر خوف وغيظ لغير الجهلة، من جهة، وعملاء الامبريالية والصهيونية، من جهة اخرى. ان التحالف الثلاثي (حزب الله ـ ايران ـ روسيا) هو فرصة تاريخية لجميع الدول العربية، مجتمعة ومنفردة، كي تخرج من دائرة "الصفر المكعب" في الستراتيجية الكونية، وكي تتحول الى الرقم الاصعب في جميع معادلات السياسة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الدولية.
10 ـ اعترف تماما انني في مقالي موضوع المناقشة، لم اتطرق، وليس في امكاني، الى الكثير الكثير من القضايا المتشابكة التي طرحت او هي مطروحة الان على الساحة اللبنانية؛ وكان كل همي في المقال ان ابين نقطة رئيسية وهي انه بامكان المؤامرة الامبريالية ـ الصهيونية ـ "العربية!!!" ان تقضي، من الداخل او من الخارج، على لبنان ـ الدولة، اذا استطاعت ان تقضي عليه، ولكنها لن تستطيع بأية حال ان تقضي على لبنان ـ الشعب، لبنان المقاومة.
تصويب: تفضل الاستاذ محمد رشيد باطلاق لقب "دكتور" علي. كان من دواعي اعتزازي لو كنت كذلك. ولكنني بالواقع لا احمل اي لقب علمي، لسبب بسيط هو انني لم انجز دراستي الثانوية ذاتها، وخرجت (او طردت لاسباب سياسية) من المدرسة سنة 1952 وتحولت الى عامل مطبعة، منضد احرف، وعملت بهذه المهنة حتى سنة 1969. وانا اعتز بانتمائي للطبقة العاملة العربية. وقد علمني عملي في المطبعة حب القراءة، وهو ما ساعدني على فهم الحياة اكثر وفهم الواقع العربي المرير اكثر.

محمد المنصور الشقحاء
15/04/2008, 05:14 PM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


لاوجه للمقارنة بين القائم في لبنان والقضية الفلسطينية
لبنان اليوم في سوق النخاسة بسبب تجار ساسته الباحثين عن فوائد ماديه من مستأجيرهم من خارج الحدود
وولاة امرهم ماديا ومعنويا لفتح دكاكين البخث عن مقعد في الحكومة00!

واهم مثال على هذا السباق الانتحاري 00!
هاهم ممثلي الشعب في مجلس النواب اللبناني لايناقشون اغلاق المجلس 00؟

والمجلس حسب الدستور هو من:

1 ـــ يعين رئيس الجمهورية
2 ـــ يوافق على تعيين رئيس الوزراء
3 ــــ يناقش منح الحكومة الثقة

المتداول اليوم في لبنان توزيع المقاعد الطائفي 0 والبحث عن حل خارجي
وهاهو الرئيس عمر كرامي الذي استقال بعد اغتيال الحريري يتهم ويسوف
وهاهو الرئيس نبيه بري يقاطع الحكومة ولايثق في نواب الشعب ويبحث عن حل خارجي
المواطن اللبناني اليوم رهينة السياسي والأحزاب الموجهة من الخارج
والوطن اللبناني يدمر
الرئيس ميشال عون روج للمقبرة الجماعية للتدمير ونجح هاهي الجرافات تدمر الطريق 00!
رئيس الجمهورية اللبنانية المنهي المده قاتل حتى يكمل سنوات التمديد الدستوريه وغادر القصر الجمهوري بسلام00!!
وهاهو مجلس الوزراء يتولى مهمة رئيس الجمهورية وفق الدستور00؟
وهاهم وزراء جماعة امل ووزراء حزب الله المستقيلون يمارسون اعمالهم في وزاراتهم ويعطلون القرارات الادارية000!!

ما يحدث في لبنان صراع تجار سلطة ووكلاء اعمال سفارات 0 تجاوزناها عربيا فلم بعد هناك تقدمي ورجعي 00!
كلنا في خندق واحد

فهل يعي ساسة لبنان حاجة لبنان لهم00؟

محمد المنصور الشقحاء
15/04/2008, 05:14 PM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


لاوجه للمقارنة بين القائم في لبنان والقضية الفلسطينية
لبنان اليوم في سوق النخاسة بسبب تجار ساسته الباحثين عن فوائد ماديه من مستأجيرهم من خارج الحدود
وولاة امرهم ماديا ومعنويا لفتح دكاكين البخث عن مقعد في الحكومة00!

واهم مثال على هذا السباق الانتحاري 00!
هاهم ممثلي الشعب في مجلس النواب اللبناني لايناقشون اغلاق المجلس 00؟

والمجلس حسب الدستور هو من:

1 ـــ يعين رئيس الجمهورية
2 ـــ يوافق على تعيين رئيس الوزراء
3 ــــ يناقش منح الحكومة الثقة

المتداول اليوم في لبنان توزيع المقاعد الطائفي 0 والبحث عن حل خارجي
وهاهو الرئيس عمر كرامي الذي استقال بعد اغتيال الحريري يتهم ويسوف
وهاهو الرئيس نبيه بري يقاطع الحكومة ولايثق في نواب الشعب ويبحث عن حل خارجي
المواطن اللبناني اليوم رهينة السياسي والأحزاب الموجهة من الخارج
والوطن اللبناني يدمر
الرئيس ميشال عون روج للمقبرة الجماعية للتدمير ونجح هاهي الجرافات تدمر الطريق 00!
رئيس الجمهورية اللبنانية المنهي المده قاتل حتى يكمل سنوات التمديد الدستوريه وغادر القصر الجمهوري بسلام00!!
وهاهو مجلس الوزراء يتولى مهمة رئيس الجمهورية وفق الدستور00؟
وهاهم وزراء جماعة امل ووزراء حزب الله المستقيلون يمارسون اعمالهم في وزاراتهم ويعطلون القرارات الادارية000!!

ما يحدث في لبنان صراع تجار سلطة ووكلاء اعمال سفارات 0 تجاوزناها عربيا فلم بعد هناك تقدمي ورجعي 00!
كلنا في خندق واحد

فهل يعي ساسة لبنان حاجة لبنان لهم00؟

محمد المنصور الشقحاء
15/04/2008, 05:14 PM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


لاوجه للمقارنة بين القائم في لبنان والقضية الفلسطينية
لبنان اليوم في سوق النخاسة بسبب تجار ساسته الباحثين عن فوائد ماديه من مستأجيرهم من خارج الحدود
وولاة امرهم ماديا ومعنويا لفتح دكاكين البخث عن مقعد في الحكومة00!

واهم مثال على هذا السباق الانتحاري 00!
هاهم ممثلي الشعب في مجلس النواب اللبناني لايناقشون اغلاق المجلس 00؟

والمجلس حسب الدستور هو من:

1 ـــ يعين رئيس الجمهورية
2 ـــ يوافق على تعيين رئيس الوزراء
3 ــــ يناقش منح الحكومة الثقة

المتداول اليوم في لبنان توزيع المقاعد الطائفي 0 والبحث عن حل خارجي
وهاهو الرئيس عمر كرامي الذي استقال بعد اغتيال الحريري يتهم ويسوف
وهاهو الرئيس نبيه بري يقاطع الحكومة ولايثق في نواب الشعب ويبحث عن حل خارجي
المواطن اللبناني اليوم رهينة السياسي والأحزاب الموجهة من الخارج
والوطن اللبناني يدمر
الرئيس ميشال عون روج للمقبرة الجماعية للتدمير ونجح هاهي الجرافات تدمر الطريق 00!
رئيس الجمهورية اللبنانية المنهي المده قاتل حتى يكمل سنوات التمديد الدستوريه وغادر القصر الجمهوري بسلام00!!
وهاهو مجلس الوزراء يتولى مهمة رئيس الجمهورية وفق الدستور00؟
وهاهم وزراء جماعة امل ووزراء حزب الله المستقيلون يمارسون اعمالهم في وزاراتهم ويعطلون القرارات الادارية000!!

ما يحدث في لبنان صراع تجار سلطة ووكلاء اعمال سفارات 0 تجاوزناها عربيا فلم بعد هناك تقدمي ورجعي 00!
كلنا في خندق واحد

فهل يعي ساسة لبنان حاجة لبنان لهم00؟

طه خضر
15/04/2008, 06:04 PM
يظهر الأستاذ الفاضل جورج حداد ميلا كبيرا وتعويلا لا حد له على النظام الإيراني، ومقابل كل ذلك يضع البيض كله في سلة تحالف حزب الله وإيران وروسيا والمقاومة الفلسطينيّة ويراهن على ذلك، .. لقد أظهرت التجربة المريرة أن الدب الروسي لا يُعوّل عليه البتـّة، خصوصا إن عرفنا أن أحد أهم أسباب نكسة عام 1967 هو دور الاستخبارات السوفيتيّة المزدوج والتي ضخـّمت من الأمور وصنعت ولعبت على الحبلين بمعنى الكلمة؛ فأوهمت الرئيس المصري جمال عبد الناصر وأغرته بدعم ٍ لا محدود ٍ في حال شن حربا على الكيان الصهيوني، وفعلت العكس مع الكيان الصهيونيّ الذي كان وعن طريق الاستخبارات السوفيتيّة في صورة الاستعدادات المصريّة كاملة مع كما لا بأس به من التهويل، لتندلع الحرب ويحصل ما حصل ولنعلم بعد ذلك أن الكرملين لم يكن غرضه من كل ذلك إلا تجربة قوة السلاح السوفيتيّ واختبار تقنيّته مقابل السلاح الأمريكي بيد الصهاينة!!!

إن الدب الروسي قد مارس ذات يوم ولا زال يمارس دور من يبحث لنفسه عن موطئ قدم، ولا يتصور نفسه بأي حال ٍ من الأحوال خارج إطار اللعبة التي تكلـّم عنها ذات يوم "مايلز كوبلاند " في كتابه الشهير " لعبة الأمم " وكل من قرأ هذا الكتاب يتذكر شرط اللعبة الأساسي وهو أن تبقى نفسك داخل اللعبة ولا تخرج منها البتـّة مهما تعاظمت خسائرك، لأن الخروج منها يعني شيئا واحدا فقط، ألا وهو الإقصاء والانزواء إلى الأبد، وهذا ما مارسته روسيا حاليا والاتحاد السوفيتي سابقا بحذافيره ولم تحد عنه البتــّة؛ فروسيا وبالرجوع إلى كل ذلك ليست معنيّة بتحالفات من هذا الطراز بقدر ما هي معنيّة بالتقرب من أوروبا وأمريكا والغرب بشكل ٍ عام ٍ خدمة لمصالحها الحيويّة وبالدرجة الأولى والتي باتت لا تراها إلا عبر أنابيب الغاز التي ستمتد من روسيا لتنافس الأوبك وتغطي كل أوروبا، وثانيا عبر البحث عن موطئ قدم لها بجانب العملاق الأمريكي الذي بدأ بالترهـّل والانكماش، والذي قطعت روسيا عبر ما جرى لحلف وارسو والاتحاد السوفيتي الذي تحوّل من دولة عظمى إلى شحاذة عظمى أن هذه المصالح لن تتحقق إلا عبر اتفاقيات سرّية وإن كانت عرفيّة وشفويّة لتقاسم المصالح مع أمريكا وأوروبا وإيجاد موطئ قدم لها وسط هذا الكم المفتوح من أسواق ٍ تقاسمها الغرب وأمريكا ردحا من الزمن والاتحاد السوفيتي في شغل شاغل بثورة لن تتحق وشعوب لا ترضى إلا أن تكون محكومة بالحديد والنار، ولم يكن ليتحقق لها ذلك إلا بعد أن غسلت يديها مما كانت تسميه بالسلام العالمي وثورة البروليتاريا وما إلى ذلك من مؤازرة لفقراء العالم مما لا يجلب بين أردانه إلا الفقر والعوز وقلة الحيلة ناهيك عن الانفاق اللامحدود على دول وكيانات ودكتاتوريات لا تؤمن إلا بتأليه الفرد وعبادته من دون الله!

هذا بخصوص إعطاء روسيا حجما أكبر من حجمها في المنطقة، وتصويرها بصورة المحرر المنتظر، أو من سيرجح كفة قضيتنا وكأن ما عانيناه من الاتحاد السوفيتي السابق ومكائده ودسائسه وعمالته المزدوجة لم يكن ليعلمنا، .. ولي عودة لاستعراض الدور الإيراني الذي يُعوّل عليه الأستاذ جورج حداد عبر التحالف مع حزب الله والمقاومة الفلسطينيّة!!


تحياتي الطيبات ..

طه خضر
15/04/2008, 06:04 PM
يظهر الأستاذ الفاضل جورج حداد ميلا كبيرا وتعويلا لا حد له على النظام الإيراني، ومقابل كل ذلك يضع البيض كله في سلة تحالف حزب الله وإيران وروسيا والمقاومة الفلسطينيّة ويراهن على ذلك، .. لقد أظهرت التجربة المريرة أن الدب الروسي لا يُعوّل عليه البتـّة، خصوصا إن عرفنا أن أحد أهم أسباب نكسة عام 1967 هو دور الاستخبارات السوفيتيّة المزدوج والتي ضخـّمت من الأمور وصنعت ولعبت على الحبلين بمعنى الكلمة؛ فأوهمت الرئيس المصري جمال عبد الناصر وأغرته بدعم ٍ لا محدود ٍ في حال شن حربا على الكيان الصهيوني، وفعلت العكس مع الكيان الصهيونيّ الذي كان وعن طريق الاستخبارات السوفيتيّة في صورة الاستعدادات المصريّة كاملة مع كما لا بأس به من التهويل، لتندلع الحرب ويحصل ما حصل ولنعلم بعد ذلك أن الكرملين لم يكن غرضه من كل ذلك إلا تجربة قوة السلاح السوفيتيّ واختبار تقنيّته مقابل السلاح الأمريكي بيد الصهاينة!!!

إن الدب الروسي قد مارس ذات يوم ولا زال يمارس دور من يبحث لنفسه عن موطئ قدم، ولا يتصور نفسه بأي حال ٍ من الأحوال خارج إطار اللعبة التي تكلـّم عنها ذات يوم "مايلز كوبلاند " في كتابه الشهير " لعبة الأمم " وكل من قرأ هذا الكتاب يتذكر شرط اللعبة الأساسي وهو أن تبقى نفسك داخل اللعبة ولا تخرج منها البتـّة مهما تعاظمت خسائرك، لأن الخروج منها يعني شيئا واحدا فقط، ألا وهو الإقصاء والانزواء إلى الأبد، وهذا ما مارسته روسيا حاليا والاتحاد السوفيتي سابقا بحذافيره ولم تحد عنه البتــّة؛ فروسيا وبالرجوع إلى كل ذلك ليست معنيّة بتحالفات من هذا الطراز بقدر ما هي معنيّة بالتقرب من أوروبا وأمريكا والغرب بشكل ٍ عام ٍ خدمة لمصالحها الحيويّة وبالدرجة الأولى والتي باتت لا تراها إلا عبر أنابيب الغاز التي ستمتد من روسيا لتنافس الأوبك وتغطي كل أوروبا، وثانيا عبر البحث عن موطئ قدم لها بجانب العملاق الأمريكي الذي بدأ بالترهـّل والانكماش، والذي قطعت روسيا عبر ما جرى لحلف وارسو والاتحاد السوفيتي الذي تحوّل من دولة عظمى إلى شحاذة عظمى أن هذه المصالح لن تتحقق إلا عبر اتفاقيات سرّية وإن كانت عرفيّة وشفويّة لتقاسم المصالح مع أمريكا وأوروبا وإيجاد موطئ قدم لها وسط هذا الكم المفتوح من أسواق ٍ تقاسمها الغرب وأمريكا ردحا من الزمن والاتحاد السوفيتي في شغل شاغل بثورة لن تتحق وشعوب لا ترضى إلا أن تكون محكومة بالحديد والنار، ولم يكن ليتحقق لها ذلك إلا بعد أن غسلت يديها مما كانت تسميه بالسلام العالمي وثورة البروليتاريا وما إلى ذلك من مؤازرة لفقراء العالم مما لا يجلب بين أردانه إلا الفقر والعوز وقلة الحيلة ناهيك عن الانفاق اللامحدود على دول وكيانات ودكتاتوريات لا تؤمن إلا بتأليه الفرد وعبادته من دون الله!

هذا بخصوص إعطاء روسيا حجما أكبر من حجمها في المنطقة، وتصويرها بصورة المحرر المنتظر، أو من سيرجح كفة قضيتنا وكأن ما عانيناه من الاتحاد السوفيتي السابق ومكائده ودسائسه وعمالته المزدوجة لم يكن ليعلمنا، .. ولي عودة لاستعراض الدور الإيراني الذي يُعوّل عليه الأستاذ جورج حداد عبر التحالف مع حزب الله والمقاومة الفلسطينيّة!!


تحياتي الطيبات ..

مها دحام
15/04/2008, 08:25 PM
الأستاذ الفاضل جورج حداد ،،،

أولا لا داعي لشتم الشيهد البطل صدام حسين رحمه الله فينبغي أحترام أراء الأخرين ونظرتهم له كما ينبغي احترام أراؤكم

بالنسبة للأدعاءات ان ما يسمى( بالثورة الأيرانية) الفارسية هو أنها الحارس الوحيد للقضية الفلسطينية فهذا كله كذب وأسطوانه مشروخة فأي شخص يستيطع ان يعي لم هذه الدوله الفارسية تقوم بالظاهر بمناصرة القضية الفلسطينية . أين كانت هذه الدوله الفارسية عندما أعلن القائد رحمه الله بأنه مستعد ان يمر الجيش الأيراني من العراق لتحرير فلسطين !!!!!!!!!!!!! ألم تعلم أن ما يسمى بأسرائيل كانت تزود الدجال الخميني بالأسلحة ضد العراق ألم تعلم أن رفسنجاني هو الذي يقود العلاقات السرية منذ قيام ما يسمى بثورتهم لحد الأن مع الولايات المتحدة . ألم تقرأ ما نشرته الصحف الغربية قبل خمسة أيام عن اللقاءات السرية بين هذه الدوله الفارسيه والولايات المتحدة منذ خمس سنوات !!!! وماذا تسمي زيارة ما يسمى بأحمد نجاد الى العراق بحماية أمريكية !!!! لا أعرف لم التعاطف مع هذه الدوله الفارسية والتي أعلنت انه لولاها لما أحتل العراق

مها دحام
15/04/2008, 08:25 PM
الأستاذ الفاضل جورج حداد ،،،

أولا لا داعي لشتم الشيهد البطل صدام حسين رحمه الله فينبغي أحترام أراء الأخرين ونظرتهم له كما ينبغي احترام أراؤكم

بالنسبة للأدعاءات ان ما يسمى( بالثورة الأيرانية) الفارسية هو أنها الحارس الوحيد للقضية الفلسطينية فهذا كله كذب وأسطوانه مشروخة فأي شخص يستيطع ان يعي لم هذه الدوله الفارسية تقوم بالظاهر بمناصرة القضية الفلسطينية . أين كانت هذه الدوله الفارسية عندما أعلن القائد رحمه الله بأنه مستعد ان يمر الجيش الأيراني من العراق لتحرير فلسطين !!!!!!!!!!!!! ألم تعلم أن ما يسمى بأسرائيل كانت تزود الدجال الخميني بالأسلحة ضد العراق ألم تعلم أن رفسنجاني هو الذي يقود العلاقات السرية منذ قيام ما يسمى بثورتهم لحد الأن مع الولايات المتحدة . ألم تقرأ ما نشرته الصحف الغربية قبل خمسة أيام عن اللقاءات السرية بين هذه الدوله الفارسيه والولايات المتحدة منذ خمس سنوات !!!! وماذا تسمي زيارة ما يسمى بأحمد نجاد الى العراق بحماية أمريكية !!!! لا أعرف لم التعاطف مع هذه الدوله الفارسية والتي أعلنت انه لولاها لما أحتل العراق

محمدمحمد رشيد
16/04/2008, 10:19 AM
ايران وحزب الله مع روسيا تحالف االمتناقضات

الاستاذ جورج حداد المحترم
قرأت ردكم على ملاحظاتي وانا اشكركم على ما تقدمت به وهذا لايعفي ان ابين لكم انكم لم تلامسون ملاحظاتي مما خلق انطباعا لدي انكم لم تقرأو كل ما كتبته او انك قرأت ما يتطابق مع رؤيتك وقناعاتك فقط واسمح لي بأن اقول ذلك.
سيدي
ان مرحلة المثالية الثورية المستندة على قوى ثورية نقية لم تتحقق عبر تاريخنا الانساني الا فيما ندر ولفترات قصيرة في عمر الانسانية, وفي عصرنا الحديث بعد الثورة الصناعية انتهت مثالية الثورة الفرنسية الى مقصلة صارت عنوانا لها وتدحرجت رؤوس منظريها وقادتها, ولاحقا فأن المثالية الثورية وفق التحليل الماركسي استمدت بناءها الفكري من الديالكتيك المادي المرتبط بالصراع الطبقي, لتنتهي بظروف قريبة من مثالية الثورة الفرنسية, فمثالية التجربة السوفيتية انتهت بوفاة لنين الذي لم يحقق شروط بناء مجتمع اشتراكي تكون قاعدة التوزيع فيه من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته , ولتتهم الحقبة الستالينية بالنسبة لمن يدافعون عن مثالية الفكر الماركسي بأنها النتيجة غير المثالية لرؤيا مثالية سابقة, وبتقديري فأن الحقبة اللينينية هي من ولدت الحقبة الستالينية وهما الاثنان نتاج تكلفة بناء الدولة وتطور قوانين عملها وشروط ادارتها وفق هيكلها المؤسسي لتأخذهم بمسافة بعيدة عن فلسفة المنظرين واحلام المفكرين, وهو ما ينسحب على التجربة الماوية الصينية والكوبية والفيتنامية والكمبودية وغيرها وحتى الفلسطينية مع اختلاف معطيات التحليل والمنطلقات الفكرية التي تحكمت بها وادارتها, عدا بعض الرموز التي بقيت في افكار واحلام الثوريين لانها كانت التطابق بين المثالية والمنهج وانتهت لان تكون فكرة وحلم مر في الحياة كجيفارا. كم ان هناك من غلفوا انفسهم بدعوى المثالية الثورية المستندة الى كم من التأريخ والخطاب الديني شكلوه وفق رؤيتهم ان بالاضافة او التغيير او حتى التزييف ليسكنوا في افكار البسطاء الذين كانوا ادواتهم وليحققوا حلم الدولة ولينزعوا عن انفسهم في اول مواجهة ما كان يدعوه شرعية الثورة ومثاليتها ولتكون ولاية الفقيه ديكتاتورية تتحكم بكل مفاصل حياة من تحكمهم .
مقدمة سقتها لاني شعرت ان على ان اقول شيئا في زحمة الاحلام التي وردت في مداخلتك وساقدم في ادناه بعض الملاحظات وليس جميعها:

1- ان اسقاطات التاريخ لاعتمادها ادلة لايمكن ان تصح الا عند استخدامها بظرفها ولايمكن استنساخ شواهدها الا في اماكن حدوثها وان لانحمل الاحداث اكثر مما تحتمل, كان كارل ماركس يبشر بثورته التي ستحصل في الدول الصناعية الراسمالية على اعتبار ان الشروط الموضوعية لقيام الدولة الاشتراكية لن تصح الا في الدول الصناعية نتيجة تطور الطبيعي لقوى الانتاج حسب تحليله والذي يؤدي الى التصادم والصراع بين القوى الرأسمالية المستغلة وبين الطبقة العاملة المستغلة والنتيجه الحتمية المستندة على الحتمية التأريخية التي بشر بها هو انتصار الطبقة العاملة وتحقيق الدولة الاشتراكية, ومن مفارقات القدر او عدم القراءة الصحيحة وحيث يتم التقدير فتضحك الاقدار فأن كل الدول التي تحققت فيها التجارب الاشتراكية في القرن الماضي وفق الرؤية الماركسية كانت قوى الانتاج فيها متخلفة ومعظمها لا تتوفر فيه قاعدة صناعية حتى بابسط اشكالها لتحقق شروط الصراع الطبقي الذي استند عليه ماركس في بناء نظريته. وكانت التجارب التي تحققت في معظمها ونتيجة تخلخل البناء النظري هو الملايين من القتلى وتشويه التطور والبناء الاجتماعي. وهذا لاينسحب على اصحاب البناء النظري الاشتراكي الماركسي فقط ولكن تم اضافة برنامج جديد لحياتنا المعاصرة وهو البناء الديني ذو البرنامج السياسي والذي يأخذ في تشكيلته بعدا طائفيا ويريد ان يحقق نظريته في ادارة المجتمع بغض النظر عن تكاليف التصادم الذي يمكن ان يتحقق مع غيره من القوى التي لاتسير على منهجه وهو ما حصل في ايران ويتم البناء له في العراق. انا لا ادين الفكر الاشتراكي والذي مصادره الفكرية متعددة ولا اصحاب الرؤية الاسلامية ذات المنهج الحقيقي والوسطي ولكني ادين اسلوب التطبيق الذي يعتمد القوالب الجاهزة اراد من نفوذوها تحقيق رؤيتهم بالقوة وبالضد من طبيعة ودرجة تطور القوى الاجتماعية التي يحكموها. لذا فان اسقاطات التأريخ ونظريات التصادم والصراع والاحكام المسبقة المبنية على فرضيات تستند على شواهد تأريخية او رؤى غيبية حتى لو لبست ثوب التحليل المادي او الديني الذي لايستمد شرعيته من مفاهيم التسامح ومنطق الحوار والمعرفة الصحيحة للقوى الاجتماعية وتكويناتها ودرجة تطورها ستقودنا الى نتائج خاطئة يكون تكاليفها حياة مئات الآلاف وربما الملايين من البشر اذا استلمت هذه القوى السلطة في بلدا ما لتحقيق رؤيتها وهم يحققون بسلوكهم السياسي المستند الى التصفية الجسدية لمعارضيهم جزء من نبؤة ونظرية مالثوس في السكان لاعادة التوازن بين الموارد البشرية والموارد الطبيعية وهي من اكثر النظريات الامبريالية خطورة على المجتمعات.

2- في مداخلتي السابقة انطلقت من الافكار التي تضمنها مقالك حيث انك راهنت في مقالتك على الحلف الذي تعول عليه بين حزب الله وايران وروسيا في حين ان ردي في مداخلتي السابقة كان ان هذا الحلف صعب تحقيقه ولاسباب قدمتها في تلك المداخلة ولم اكن من دعى او انظّر لمثل هذا الحلف بل جنابك من كان يقوم بهذا الدور فلا تتهمني بمثل ذلك وكما اوردته في النقطة ( 3 ) من مداخلتك. كما اني لم اضع سوريا او اقترحها ضمن هذا الحلف وانما استفسرت عن كيفية استقامته اذا اسقطنا سوريا لانها بتصوري - - اقتباس من مداخلتي -- (تمثل ركنا اساس في معادلة الجغرافيا السياسية التي تحكم هذا التحالف والتي يعتمد عليها حزب الله وايران في التمويل التسليحي باقل تقدير اذا اسقطنا الحلف والموقف السياسي) وحيث انك لاتعتبر سوريا من ضمن منظومة الرد الثوري المثالي القادمة لتدمير الامبريالية العالمية وانما تعتبر الثلاثي الموعود بالرد هم حزب الله وايران وروسيا, وانا لا ادافع عن سوريا فهناك من هم خير مني يتصدون ليلعبوا هذا الدور وانما اناقش افكارك, كانت الحيرة تنتابني اذا اسقطنا سوريا فكيف يصل السلاح المتطور الى حزب الله الذي سيدمر وينهي اسرائيل بالتعاون مع المهاجرين الروس ( كمــا تقول ) الذين سيكونون حصان طروادة داخل اسرائيل بحيث تقع دولة اسرائيل بين فكي الكماشة التي ستنهيها, (( وساورد ما فهمته من مداخلتك ضمن السيناريو الذي افترضه لما سيحصل مستندا على تحليلك )) ستقع حرب بين الجهة الاولى اسرائيل ومعها او خلفها حلفائها التأريخيين كالولايات المتحدة ومنظومة الدول الاوربية وتركيا واتصور انك اضفت الى القائمة كل الدول العربية ومنها سوريا والطابور الخامس في لبنان( والذي لاينضوي او يتحالف في منهجه السياسي والطائفي مع حزب الله والذي يقدر بنسبة 60-65% من الشعب اللباني والذي على حزب الله تصفيتهم لانهم يصنفون في خانة الاعداء)) واحيانا كل العالم عدا بعض دول امريكا اللآتينية والجهة الثانية المقابلة حلف ايران وروسيا وحزب الله وبعض دول امريكا اللآتينية التي ستطلق البرقيات واليهود الروس او الروس المسيحيون الارثذوكس والذيــن استقبلتهم اسرائيل على اساس كونهم يهود ( كما ذكرت في مداخلتك ) ويشكلون 30% من سكان اسرائيل وهم جميعهم وكلاء وعملاء المخابرات الروسية التي ستامرهم بالتحرك لنصرة حزب الله, وان السلاح الروسي الايراني لن يصل لحزب الله عبر سوريا لانها جزء من المنظومة البرجوازية البالية ذات الافكار العربية الاسلامية المتخلفة التي تحكم الفضاء العربي باتجاهه الطائفي والمتحالفة مع اسرائيل وامريكا, وانما السلاح الذي سيجهز به السلاح لحزب الله سيصل لها من البحر الابيض المتوسط المعبد لاستقبال الاسطول الروسي القادم بقيادة مشتركة مع ايران لتحرير الارض العربية وانهاء اسرائيل والانظمة العربية الفاسدة جميعها بلا استثناء ليبدأ العصر الروسي الايراني في العالم عصر الدولة العالمية وهو حسب ما افهمه من خلال الادبيات الايرانية وادبيات حزب الله عصر المهدي المنتظر اذا لم اكن مخطئأ ( انتهى السيانريو الافتراضي الذي فهمته من مقالتك وجنابك يبشر به).
ياسيدي اليس الموضوع واسعا اكثر من اللآزم لان نستوعبه ثم لنهضمه. وانا لا اريد ان ادخل في جدل حول كيف تمكن هؤلاء الروس المسيحيون الارثذكوس من ادعاء انهم يهود واين كان الكنيس اليهودي الروسي منهم ليكشف ادعائهم واين المؤسسات الامنية الاسرائيلية منهم, واسرائيل دولة عسكرية امنية في التعريف. واسئلة اخرى كثيرة في هذا الموضوع ثم ما هذا العشق والانبطاح في احضان ايران وفق نظرية المنقذ المهدوية الا تتعارض وتتصادم مع التحليل الماركسي اللينيني المادي للتأريخ الذي تتغذى افكار جنابك منه.

3- انا لم اقل ان لبنان هو الخاصرة الرخوة لروسيا اتمنى ان تقرا الموضوع مرة اخرى وارجوك انا اعرف ما اكتبه واقتبس هنا مما قلته في مداخلتي:
(((كما ان لي ملاحظة حول موقف الدب الروسي الذي بدأ يستفيق بعد فترة من السبات الذي اصابه نتيجة تفكك المنظومة الاشتراكية, فمن الواضح انه يسعى لتحدي برامج الولايات المتحدة التي تؤثر على منظومة امنه القومي ومصالحه, غير انه باعتقادي لايختار مناطق تحدي يعتبرها رخوة مثل لبنان معروفة حدود التحالف والصراع فيها وتغيرات رياحها، رغم مظهرها الذي يوحي بانها خاصرة ضعيفة , فلبنان موضوع لايخص سوريا ولا ايران ولا حزب الله و لا امريكا فقط فهو يخص اسرائيل واوربا والخليج والنفط, ومن الممكن ان يكون موضوعه اداة من ادوات الضغط الا ان نتائج استخدامها غير مضمونة, وقد تكون الموازنة حرجة لمصالح روسيا وقد تميل ضدها اذا اعتمدت ان تكون حليفا استراتيجيا لحزب الله وايران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة واوربا ودول الخليج العربي وحتى سوريا وليكون لبنان منطقة اختبار القوة مع كل هؤلاء في حين ان روسيا لديها اولويات بعيدة بمسافة كبيرة عن موضوع لبنان تشمل مشاكل دول الطوق حولها والبحر الاسود واوربا والدرع الصاروخي وديمومة علاقتها مع المنظومة الرسمية العربية المتخمة بالنفط, فالدب الروسي كما الجميع تدرب في سيرك العلاقات الدولية ليناور وليحاور وليكون شعاره كما الجميع (( ليس هناك عداوات دائمة ولا صداقات دائمة وانما هناك مصالح دائمة )) حيث سقطت ادعاءات الايدولوجيا لتحل محلها نوايا المصالح.
3- كما ان البراغماتية الايرانية ستكون نقطة ضعف في هذا التحالف حيث ان ايران رغم ردائها الايدولوجي الا ان سياسة المصالح ومصالحها السياسية هي التي تحكم منطلقاتها وتضبط تحركاتها, وذلك ليس بالخفي على روسيا واية دولة في المنطقة, ومثل ذلك موقفها من احتلال العراق وافغانستان والذي كان منطقة الاختبار للنوايا الايرانية في تحالفها السري والمعلن مع المشروع الامريكي لاحتلال واسقاط تلك الدولتين من خلال التسهيلات التي لم يتم الكشف عن كل تفاصيلها وكذلك من خلال ادواتها المتمثلة في احزاب الاسلام السياسي الشيعي وخصوصا في العراق التي سلمتها الولايات المتحدة السلطة فيه بعد احتلاله.)
وشتان بين ما قلته انا وما عنيته انت .
4- ياسيدي اتمنى ان لاتتناول حرب ايران على العراق التي استمرت ثماني سنوات ان لم تمتلك معلومات وافية وكافية عن الموضوع ونحن في مكان نقاش علمي وليس منبر دعاية فقد ذكرت ان السعودية وانظمة الخليج العربي العربية ساعدت ما تسميه بالنظام الدكتاتوري في العراق وانا اسميه النظام الوطني الذي كان يحكم العراق قبل الاحتلال, ساعدته واثناء العدوان الايراني بمئات الملايين من الدولارات. من اين استقيت هذه المعلومة الخطيرة, هل تعلم ياسيدي ان احد اسباب دخول العراق الى الكويت بالاضافة الى موضوع سعر النفط الذي انخفض بسبب الاغراق النفطي للاسواق الذي حصل في حينها من قبل الكويت ولاسباب اخرى ومنها هو مطالبة الكويت للعراق وهو خارج من حرب مدتها ثماني سنوات وعليه مديونية عاليه جزء منها للاتحاد السوفيتي عن تجهيزات اسلحة طالبت الكويت العراق بسداد قرض بمقدار 15 مليار دولار كان العراق قد اقترضه من الكويت اثناء الحرب وكانت المطالبة بالدفع فورا في حين ان العراق وقف متصديا لبرنامج الخميني بتصدير احلامه المريضة الى المنطقة ولاعتدءات ايران المتكررة ومنها بدأت حرب الثماني سنوات, وكانت الكويت مرشحة للتغلغل والدخول الايراني في حينها بعد ان تقوم ايران باحتلال العراق عبر ما سماه تصدير الثورة. فاين مئات الملايين من الدولارات التي تذكرها وحسب ما تدعي قدمتها دول الخليج للعراق اتقوا الله فيما تذكرون.

5- وبخصوص الوضع الاقتصادي المنهار للولايات المتحدة الامريكية ... اتعرف اسبابه ياسيدي عسى ان تكون اطلعت على التقارير الاقتصادية فقد قدرت خسائر الولايات المتحدة نتيجة غزوها للعراق بحوالي 3 ترليون دولار ووصل الدين الحكومي الامريكي الى 9 ترليون دولار وان ارتفاع اسعار النفط احد اسبابه الرئيسية هو الوضع السئ للولايات المتحدة في العراق , و المعروف ان الوضع السئ لامريكا في العراق كان بسبب المقاومة العراقية والمعروفة توجهاتها وليس بسبب ايران ووكلاءها وحلفائها من قوى الاسلام السياسي الشيعي الذين سلمتهم امريكا السلطة في العراق.

6- في مداخلتي , اذكر لك الملايين من العراقيين الذين قتلوا وهجروا وترملوا وتيتموا على يد المليشيات وقوى الاسلام السياسي الشيعي التابعة لايران والتي سلمتها الحكم في العراق الولايات المتحدة, الشيطان الاكبر حسب الادبيات الايرانية والدولة الامبريالية الاكبر في العالم حسب الادبيات الثورية والحليفة الاستراتيجية لاسرائيل بكافة الادبيات ان كانت يمينية او يسارية او اسلامية, وانت تذكر لي تصدير الثورة فهنيئا لكم ايها العرب الثورة القادمة من ايران التي ستمحيكم من الوجود حتى يحكمنا الولي الفقيه. ثم هناك موضوع عصي علي فهمه وهو كيف يصدر العراقيون ادوات وحلفاء ايران الثورة ضد الولايات المتحدة اذا كانت الولايات المتحدة هي التي سلمتهم السلطة في العراق وهم جميعهم يتبعون الولي الفقيه. الا يحق ان نستعمل منطقك ونفترض ان حلفاء ايران الذين استلموا السلطة في العراق بارادة امريكية اذا نفذوا توجيه الولي الفقيه فعليهم ان يصدروا الثورة الى انفسهم اولا لينتحروا قبل ان يصدروها الى الآخرين حتى يتحقق شرط النقاء الثوري ام ان ما يصح على الآخرين لايصح على حلفاء ووكلاء الولي الفقيه لانهم وكلاء المعصمومين فهم معصومون بالنيابة العامة ومغفور ما تقدم من ذنبهم وما تأخر لانهم جنود مسجلون في جيش التحرير الآلهي.

اشكرك ياسيدي لانك اتحت اقول واكتب اشياء واوضح آراء ما كنت لاتناولها لو لا ما طرحته من افكار .
واخيرا فان اسم حضرتك ذكرني باثنين احبهم لانه مشتق منهم وكنت اتمنى عليك ... لو ...
وهم جورج حاوي الشاعر والفيلسوف اللبناني النبيل والثوري المثالي الذي انتحر عندما دخل العدو الاسرائيلي الى بيروت والثاني وديع حداد المناضل والثائر العربي الفلسطيني الذي اغتالته الموساد الاسرائيلي ودفن في بغداد كما طلب لان في العراق كان حكما وطنيا بالفعل لا بالشعارات ولأنه حكم وطني قامت امريكا بغزوه لاسقاطه واعود واكرر وبعد ان احتلته امريكا سلمته الى وكلاء وعملاء ايران التابعين للولي الفقيه.
ذكر عسى ان تنفع الذكرى.
هذه بعض من ملاحظاتي على مداخلتك سيدي
اخ لك من بغداد المحتلة من قبل محتلين, غازي امريكي واستيطاني ايراني.

د. محمد اسحق الريفي
16/04/2008, 12:57 PM
الأستاذ الكريم جورج حداد،

سعدت كثيرا بقراءة مقالتك الرائعة التي تضمنت تشخيصا واضحا للمشهد السياسي اللبناني. وأكثر ما أعجبني في مقالتك الرائعة أنها أبرزت جوانب يجهلها كثير من الناس حول دور بعض الدول "العربية" في خدمة الأجندات الصهيوأمريكية في لبنان، وهو ذات الدور الذي تشهده الساحة الفلسطينية، إنه الدور الخياني السري لتلك الأنظمة "العربية" المشهود عليها بالتواطؤ والخيانة.

أسأل الله أن يكون لبنان المقاومة سببا في إنهاك المشروع الصيهوني والمخططات الأمريكية وبداية زوال الحقبة السيكوسبيكية.

بارك الله فيك

جورج حداد
17/04/2008, 06:36 PM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


لاوجه للمقارنة بين القائم في لبنان والقضية الفلسطينية
لبنان اليوم في سوق النخاسة بسبب تجار ساسته الباحثين عن فوائد ماديه من مستأجيرهم من خارج الحدود
وولاة امرهم ماديا ومعنويا لفتح دكاكين البخث عن مقعد في الحكومة00!

واهم مثال على هذا السباق الانتحاري 00!
هاهم ممثلي الشعب في مجلس النواب اللبناني لايناقشون اغلاق المجلس 00؟

والمجلس حسب الدستور هو من:

1 ـــ يعين رئيس الجمهورية
2 ـــ يوافق على تعيين رئيس الوزراء
3 ــــ يناقش منح الحكومة الثقة

المتداول اليوم في لبنان توزيع المقاعد الطائفي 0 والبحث عن حل خارجي
وهاهو الرئيس عمر كرامي الذي استقال بعد اغتيال الحريري يتهم ويسوف
وهاهو الرئيس نبيه بري يقاطع الحكومة ولايثق في نواب الشعب ويبحث عن حل خارجي
المواطن اللبناني اليوم رهينة السياسي والأحزاب الموجهة من الخارج
والوطن اللبناني يدمر
الرئيس ميشال عون روج للمقبرة الجماعية للتدمير ونجح هاهي الجرافات تدمر الطريق 00!
رئيس الجمهورية اللبنانية المنهي المده قاتل حتى يكمل سنوات التمديد الدستوريه وغادر القصر الجمهوري بسلام00!!
وهاهو مجلس الوزراء يتولى مهمة رئيس الجمهورية وفق الدستور00؟
وهاهم وزراء جماعة امل ووزراء حزب الله المستقيلون يمارسون اعمالهم في وزاراتهم ويعطلون القرارات الادارية000!!

ما يحدث في لبنان صراع تجار سلطة ووكلاء اعمال سفارات 0 تجاوزناها عربيا فلم بعد هناك تقدمي ورجعي 00!
كلنا في خندق واحد

فهل يعي ساسة لبنان حاجة لبنان لهم00؟



رد جورج حداد
الاستاذ محمد المنصور الشقحاء المحترم
انه لامر جيد ان تلموا كل هذا الالمام بتفاصيل الازمة اللبنانية الراهنة، وهذا برهان على حسكم القومي الصادق؛
وانطلاقا من ذلك اسمحوا لي بلفت نظركم الى بعض الوقائع التاريخية "اللبنانية" ومنها:
ـ1ـ ان نشوء اسرائيل في 1948 قذف الى قلب لبنان اكثر من ربع مليون مهجر ممن يسمون "لاجئين فلسطينيين".
ـ2ـ وبسبب قطع دورة الحياة الطبيعية في العلاقات التاريخية بين جنوب لبنان وشمال فلسطين وفلسطين عامة، فإن نشوء اسرائيل كدولة استعمارية مغتصبة ومعادية قذف في قلب بيروت اكثر من مليون مواطن شيعي جنوبي، مهجرين في "بلدهم"، هم الذين شكلوا، الى جانب اللاجئين الفلسطينيين والارمن والاكراد والسريان، ما كان يسمى "حزام البؤس" في بيروت ـ عاصمة بلد "الاشعاع والنور". وقد "احتكر" الشيعة في بيروت، لعشرات السنين، ما يسمى "العمل الاسود": بيع الصحف في الطرقات، العتالة، تنظيف الشوارع، "شغل الفاعل" في اعمال البناء الشاقة... ولكن هؤلاء الناس الشرفاء والشجعان الذين كانوا يشقون في "العمل الاسود" لاعالة عائلاتهم، كانوا يرسلون اولادهم كي يتعلموا في الثانويات وفي الجامعة اللبنانية (جامعة الفقراء) التي اضطرت الدولة اللبنانية لاقرارها وانشائها بعد مظاهرات عارمة سنة 1952. وبعد جيل او جيلين، فإن "ابو علي" و"ابو حسن" و"ابو حسين" الذين كانوا ينظفون زبالة الموسرين في بيروت، ولا احد يهتم بهم او يسمع لشكواهم، تخرج ابناؤهم وبناتهم من الجامعة؛ وهذا الجيل الجديد، المتعلم، الصاعد والواعد لم يكن ليرضى بأن يعيش "مواطنا درجة عاشرة" في ارضه وبلده، وبعلمه ادرك طبيعة المأساة وارتباطاتها القومية والعالمية، فرفع هامته ورفع الصوت عاليا ورفع البندقية، ضد الظلم والاستبداد الداخلي والخارجي، ضد الامبريالية والرجعية العربية والاقطاع والرأسمال الاحتكاري الاجنبي وبالدرجة الاولى ضد اسرائيل.
لقد ادركت غالبية الاجيال الجديدة في لبنان، بعد نكبة فلسطين، ان "المصيبة الوطنية" والشعبية في لبنان لا تنفصل عن "المصيبة الفلسطينية" و"المصيبة الوطنية" والشعبية في كل بلد عربي مصطنع من تقسيمات سايكس ـ بيكو، التي ما وجدت الا لتمزيق الصف الشعبي العربي وتمريغ تاريخ الامة العربية في رغام الطائفية والمذهبية والرجعية والصهيونية والاستعمار.
ومن الوهم ان يعتقد احد انه عاد في الامكان، او في الاصل كان في الامكان الفصل بين "الازمة اللبنانية" و"القضية الفلسطينية" و"الازمة العربية العامة".
اما الازمة "الدستورية" و"الرئاسية" و"الوزارية" و"البرلمانية" في لبنان، فما هي الا الطفح، والشكل الخارجي للازمة الوجودية الاساسية "للكيان اللبناني" المصطنع، كأي "كيان عربي!!" آخر. ويمكن تلخيص هذه الازمة الوجودية بما يلي:
ـ ان لبنان، اي جماهير الشعب اللبناني العربي، لم يعد من الممكن ان يحكم كما في السابق من قبل "اصدقاء اسرائيل" وعملاء الرأسمال الاحتكاري والاقطاع السياسي والرجعية العربية والاستعمار والامبريالية.
ـ وان المقاومة الوطنية الاسلامية وغير الاسلامية، والقوى الوطنية الدمقراطية، في لبنان، غير قادرة ـ بقواها الخاصة، ولوحدها ـ ان تقضي على اسرائيل وعلى الدكتاتوريات العربية التقليدية والمودرن.
وفيما بين هاتين الاستحالتين، فإن "الازمة اللبنانية" بكل اشكالها، بما في ذلك المصادمات الكبرى مع اسرائيل، ستستمر الى ان يخلق الله امرا كان مفعولا.
اما اي حل سطحي "دستوري" و"طائفي" و"عشائري"، على غرار "اتفاق الطائف"، فلن يكون اكثر من جرعة مخدر يضر ولا ينفع، لأنه لم يعد "يأخذ مفعوله" في الجسم اللبناني.

محمدمحمد رشيد
18/04/2008, 11:47 AM
السادة المشرفون المحترمون
سبق ان طلبت منكم تزويدي على عنواني البريدي بمداخلتين قمتم بحذهما لعدم وجود نسخة منهما لدي وحتى طلبي هذا تم حذفه ولم اتلق اي رد بخصوص الموضوع اتمنى ان يكون المانع خيرا
امكانية تلبية طلبي او عدمه مع المبررات
دمتم

طه خضر
18/04/2008, 11:57 AM
السادة المشرفون المحترمون
سبق ان طلبت منكم تزويدي على عنواني البريدي بمداخلتين قمتم بحذهما لعدم وجود نسخة منهما لدي وحتى طلبي هذا تم حذفه ولم اتلق اي رد بخصوص الموضوع اتمنى ان يكون المانع خيرا
امكانية تلبية طلبي او عدمه مع المبررات
دمتم

الفاضل محمد محمد رشيد ..

لا يوجد في هذا الموضوع إشارة إلى أن هناك مشاركة محذوفة لك! والمشاركات المحذوفة على كل حال تظهر للمشرف ويتحكم بها؛ أتمنى مراسلتي على الخاص وأن تكون أكثر تحديدا لأتمكن من خدمتك!

جورج حداد
19/04/2008, 09:51 PM
يظهر الأستاذ الفاضل جورج حداد ميلا كبيرا وتعويلا لا حد له على النظام الإيراني، ومقابل كل ذلك يضع البيض كله في سلة تحالف حزب الله وإيران وروسيا والمقاومة الفلسطينيّة ويراهن على ذلك، .. لقد أظهرت التجربة المريرة أن الدب الروسي لا يُعوّل عليه البتـّة، خصوصا إن عرفنا أن أحد أهم أسباب نكسة عام 1967 هو دور الاستخبارات السوفيتيّة المزدوج والتي ضخـّمت من الأمور وصنعت ولعبت على الحبلين بمعنى الكلمة؛ فأوهمت الرئيس المصري جمال عبد الناصر وأغرته بدعم ٍ لا محدود ٍ في حال شن حربا على الكيان الصهيوني، وفعلت العكس مع الكيان الصهيونيّ الذي كان وعن طريق الاستخبارات السوفيتيّة في صورة الاستعدادات المصريّة كاملة مع كما لا بأس به من التهويل، لتندلع الحرب ويحصل ما حصل ولنعلم بعد ذلك أن الكرملين لم يكن غرضه من كل ذلك إلا تجربة قوة السلاح السوفيتيّ واختبار تقنيّته مقابل السلاح الأمريكي بيد الصهاينة!!!

إن الدب الروسي قد مارس ذات يوم ولا زال يمارس دور من يبحث لنفسه عن موطئ قدم، ولا يتصور نفسه بأي حال ٍ من الأحوال خارج إطار اللعبة التي تكلـّم عنها ذات يوم "مايلز كوبلاند " في كتابه الشهير " لعبة الأمم " وكل من قرأ هذا الكتاب يتذكر شرط اللعبة الأساسي وهو أن تبقى نفسك داخل اللعبة ولا تخرج منها البتـّة مهما تعاظمت خسائرك، لأن الخروج منها يعني شيئا واحدا فقط، ألا وهو الإقصاء والانزواء إلى الأبد، وهذا ما مارسته روسيا حاليا والاتحاد السوفيتي سابقا بحذافيره ولم تحد عنه البتــّة؛ فروسيا وبالرجوع إلى كل ذلك ليست معنيّة بتحالفات من هذا الطراز بقدر ما هي معنيّة بالتقرب من أوروبا وأمريكا والغرب بشكل ٍ عام ٍ خدمة لمصالحها الحيويّة وبالدرجة الأولى والتي باتت لا تراها إلا عبر أنابيب الغاز التي ستمتد من روسيا لتنافس الأوبك وتغطي كل أوروبا، وثانيا عبر البحث عن موطئ قدم لها بجانب العملاق الأمريكي الذي بدأ بالترهـّل والانكماش، والذي قطعت روسيا عبر ما جرى لحلف وارسو والاتحاد السوفيتي الذي تحوّل من دولة عظمى إلى شحاذة عظمى أن هذه المصالح لن تتحقق إلا عبر اتفاقيات سرّية وإن كانت عرفيّة وشفويّة لتقاسم المصالح مع أمريكا وأوروبا وإيجاد موطئ قدم لها وسط هذا الكم المفتوح من أسواق ٍ تقاسمها الغرب وأمريكا ردحا من الزمن والاتحاد السوفيتي في شغل شاغل بثورة لن تتحق وشعوب لا ترضى إلا أن تكون محكومة بالحديد والنار، ولم يكن ليتحقق لها ذلك إلا بعد أن غسلت يديها مما كانت تسميه بالسلام العالمي وثورة البروليتاريا وما إلى ذلك من مؤازرة لفقراء العالم مما لا يجلب بين أردانه إلا الفقر والعوز وقلة الحيلة ناهيك عن الانفاق اللامحدود على دول وكيانات ودكتاتوريات لا تؤمن إلا بتأليه الفرد وعبادته من دون الله!

هذا بخصوص إعطاء روسيا حجما أكبر من حجمها في المنطقة، وتصويرها بصورة المحرر المنتظر، أو من سيرجح كفة قضيتنا وكأن ما عانيناه من الاتحاد السوفيتي السابق ومكائده ودسائسه وعمالته المزدوجة لم يكن ليعلمنا، .. ولي عودة لاستعراض الدور الإيراني الذي يُعوّل عليه الأستاذ جورج حداد عبر التحالف مع حزب الله والمقاومة الفلسطينيّة!!


تحياتي الطيبات ..



رد جورج حداد:

أشكر الاستاذ طه خضر على رده الصريح والشامل (فيما يتعلق بالامور التي طرحها) مما يدل على ثقافة سياسية عميقة. واستميحه عذرا ان ارد عليه بما يلي:
1 ـ من الواضح تماما ان الاستاذ طه له موقف سلبي مسبق من روسيا (والاتحاد السوفياتي قبلا) ومن ايران؛ وهو يناقش العلاقة الخارجية للعرب بشكل عام، تجريدي، اي انه يضع اميركا وروسيا واوربا والغرب عموما وايران على قدم المساواة، كدول خارجية، ويبني احكامه عليها بناء على مواقف مسبقة او افكار مسبقة، بعضها من اجتهاده او تفسيره لاحداث سابقة، وبعضها تحت تأثير افكار مأخوذة من كتب غربية مثل كتاب "لعبة الامم" لـ"مايلز كوبلاند" الذي اشار اليه.
2 ـ ومع كل احترامي للصدقية والقناعة الذاتية اللتين يعبر عنهما في كتابته، فلا يسعني الا ان ألفت نظره الى بعض الحقائق التي ينبغي ان ننطلق منها:
أ ـ ان تاريخنا القديم والمتوسط والحديث والمعاصر هو مليء بالاحداث الجسام، وبالمصادمات الكبرى، وبالمآسي، وهو مخضب بالدماء. وكل منا مجروح، بهذا الشكل او ذاك. وفي مطلع القرن العشرين، عشية وغداة انهيار السلطنة العثمانية الغاشمة، كان لسان حال أمتنا يقول: اما آن لهذا الليل ان ينجلي؟! ـ ولكن ما جرى هو كما قال العظيم امين الريحاني، بوجه دي مارتيل المفوض السامي الفرنسي في لبنان سنة 1919: "خلصنا من استعمار البشلك، فوقعنا في استعمار الفرنك، خلصنا من استعمار السوط، فوقعنا في استعمار المدفع، خلصنا من استبداد عبدالحميد، فوقعنا في استبداد دي مارتيل". وهذا الواقع المرير والاليم يجعلنا عاطفيين وانفعاليين فوق المعتاد، واحيانا كما يقال "ننفخ على اللبن، لانه كوانا الحليب" ونخاف من جرة الحبل لما لسعتنا الحيات. ولكن ضراوة المعركة، وجسامة التضحيات، ومسؤولياتنا تجاه الاجيال الصاعدة والقادمة، تقتضي منا ان نفكر بعقل بارد وقلب حام، وليس العكس. انطلاقا من ذلك، لنضع الايديولوجيا الفكرية والدينية والنزعات الشوفينية والافكار المسبقة جانبا، في علاقاتنا الخارجية، ولنفكر بطريقة براغماتية، بحثا عن الحلفاء الثابتين، اذا وجدوا، وحلفاء المصالح الموقتين الذين يجب ان نوجدهم اذا لم يكونوا موجودين. بناء على هذا المبدأ، انا اقول ما يلي:
اولا ـ ان اليهودية العالمية (اليهودية المنظمة كيهودية، أي كعصابة مالية ـ اجرامية ـ اتنية (مثل المافيا الايطالية "الصقلية") تتستر بـ"دين" مزيف، وليس اي مخلوق يهودي كان) هي عدو ثابت للعرب وللروس منذ الوف السنين (اليهود القدماء هم الذين احتالوا على سكان مصر الاحرار وحولوهم الى عبيد لفرعون، وقد هربوا من مصر ليس من فرعون بل من "المصريين" (راجع التوراة)، هذا ناهيك عما يسمى "وعد الرب" و"ارض الميعاد" والدعوة الى قتل وابادة العرب عن بكرة ابيهم (راجع التوراة)؛ واليهود العرب (العبرانيين) الذين كانوا ايام الدولة العربية ـ الاسلامية، يمسكون التجارة من الاندلس حتى حدود الصين، هم الذين كانوا وراء صنع "مملكة الخزر اليهودية" التي كانت تخدمهم "تجاريا" (في إتل عاصمة مملكة الخزر كان يوجد حي "اسلامي" بقيادة شخص تركي، وكان التجار "المسلمون" (او: اليهود ـ ج.ح.) يأتون الى هذا الحي بدون ان يراجعوا احدا ـ راجع "رسالة (رحلة) ابن فضلان")، وكانت مملكة الخزر اليهودية تغزو بلاد البلغار والروس (قبل ان تنشأ لهم دولة) وتسبي نساءهم وتحتفظ ببعضهن لمتعة ملك وامراء وقواد الخزر ويبيعون "بقية الغلة" لليهود العرب الذين يبيعونهن جواري الى الامراء والحكام العرب؛ وأول شيء فعلته الدولة الروسية حينما تأسست هو القضاء التام على دولة الخزر اليهودية ومنع الخزر من السكنى في محيط بحر قزوين؛ واليهود الخزر (الذين نسميهم اليوم "اليهود الغربيين"، والذين يقودون اسرائيل حاليا) لا ينسون ذلك ابدا، ولا ينسون ان مرحلة الدولة العربية الاسلامية كانت تمثل "العصر الذهبي لليهود" (راجع كتاب "اليهود، الله، التاريخ" ل ماكس دايمونت، صادر عن دار نشر "شالوم" باللغة البلغارية) وهم يحقدون على الروس (الذين حرموهم من "عصرهم الذهبي) حقدا دفينا اعمى، اكثر من حقدهم على الالمان، وحقدا "تاريخيا" يوازي او يفوق حقدهم "التاريخي" على العرب.
ثانيا ـ ان اميركا، كدولة، نشأت من اساسها كدولة معادية للعرب: فبعد فشل الحروب الصليبية، كانت اوروبا الاستعمارية تعد العدة مجددا لمعاودة غزواتها الاستعمارية، وبعد سقوط القسطنطينية في ايدي العثمانيين الذين كان يديرهم ويمولهم "ابناء عمومتهم" اليهود الخزر، وبعد سقوط الاندلس وهو ما يسميه الاسبان والغربيون "الاسترجاع" (ريكونكيستا) من يد العرب، قررت اوروبا الاستعمارية غزو الشرق العربي من جديد، ولكن "ذكرياتهم السلبية" من ايام الحروب الصليبية جعلتهم يترددون في القيام بهجوم مواجهة مباشرة. وبالرغم من ان الكنيسة كانت تنفي بشكل قاطع كروية الارض، الا ان هذا لم يمنع طرح موضوع اكتشاف هذا الاحتمال، مع اغماض عين الكنيسة عن ذلك. فكانت الرحلات الاستعمارية لماجلان وكريستوفر كولومبوس وغيرهما، لمحاولة الوصول الى الهند، باتجاه عكسي للطريق الذي سلكه الاسكندر المقدوني، ومهاجمة الشرق العربي من الخلف. اي ان رحلة كولومبوس التي "اكتشفت" اميركا "بالصدفة" لم تكن هي ذاتها "بالصدفة"، بل كان القصد منها التحضير لمهاجمة الشرق العربي من جديد. وقد التهى الغزاة بالقارة الجديدة وغناها، ولكن هدف السيطرة على الشرق العربي، كهدف بحد ذاته، وكشرط للسيطرة على العالم بأسره، ظل هو الاساس في تكوين الدولة الاميركية؛ وتاريخيا تحولت اميركا الى اكبر قاعدة خلفية للاستعمار واكبر تجمع لأسوأ القوى الاستعمارية الغربية وللعصابة اليهودية في العالم؛ وحينما بدأت تلوح لاميركا هذه الفرصة، اي فرصة الانقضاض على الشرق العربي، بعد حرب السويس وانحدار النفوذ الانكليزي والفرنسي، طرح ايزنهاور نظرية "ملء الفراغ" للحلول محل الاستعمار القديم في الشرق؛ ومثلما تم استبدال الامبراطورية العثمانية بسايكس ـ بيكو والاستعمار الاوروبي الغربي؛ بدأت ـ بعد حرب السويس ـ عملية استبدال الاستعمار الاوروي الغربي بالاستعمار الاميركي، وتحولت اسرائيل الى الذراع الطويلة لاميركا، وقد افتعلت احداث 11 ايلول2001 كذريعة "لاستكمال رحلة كولومبوس" اي مهاجمة الشرق العربي "من الخلف": افغانستان، من ثم العراق... بهدف وضع اليد على كل المنطقة العربية، ومن ثم الالتفات لضرب روسيا اذا استطاعوا، بالتعاون مع تركيا واسرائيل خصوصا ومع الحلف الاطلسي عموما. واليوم، فإن احتمال إسقاط الوطن العربي في براثن الوحش الاميركي ـ الصهيوني يعني اوتوماتيكيا اسقاط العالم الاسلامي؛ واسقاط روسيا يعني اسقاط العالم السلافي والاوروبي الشرقي والمسيحي الشرقي. واذا لم تكن روسيا موجودة الى جانب الصين، فإن الصين تسقط بدون قتال، تسقط بالتجويع، اذ خلال 3 ـ 4 سنوات تجويع يبدأ عشرات ومئات ملايين الصينيين يموتون من الجوع في الشوراع ويقبلون اقدام الوحش الاميركي كي يرسل لهم قليلا من القمح الكندي او الاوسترالي او الاوكراني. وطبعا ان الاستاذ طه خضر يعلم تماما، كما نعلم نحن والعالم اجمع، انه حينما طرح ايزنهاور نظرية "ملء الفراغ" في 1957 لم يكن يوجد لا اسامة بن لادن ولا ايمن الظواهري ولا الملا عمر ولا "القاعدة" والا "الارهاب الاسلامي" ولا احداث 11 ايلول 2001، ولم يكن احد من العرب "داس على طرف اميركا" كما يقال؛ فلماذا جاءت الاساطيل الاميركية لتحل محل الاستعمار الاوروبي الغربي؟ ـ الجواب واضح: ان الاستعمار، وخصوصا استعمار الشرق العربي كشرط لاستعمار العالم، هو "الجينة الاساسية" لتكوين الدولة الاميركية. واميركا اليوم، بيهودها، هي "روما الجديدة"،بيهودها، اي هي قاعدة "الصليبية" الجديدة في العالم (وحتى لا يخطئ البعض الفهم، فإن "الصليبية" لا تعني ابدا "المسيح المصلوب" بل تعني "صلب المسيح"، اي هي النقيض تماما والعدو الاكبر للميسح والمسيحية الحقيقية. فالصليبيون القدماء والجدد هم "مسيحيون!"، بمقدار ما ان العثمانيين (القدماء والجدد) هم "مسلمون!").
ثالثا ـ انه لمن الخطر الاكبر على وعينا الفردي والجمعي ان نصدق بنوايا حسنة كل ما يرمى لنا من مطابخ الديماغوجيا والبروباغندا الامبريالية والصهيونية، مثل اطروحة "صراع الحضارات" لهنتنغتون واطروحة "لعبة الامم" لكوبلاند. فأطروحة "صراع الحضارات" كان يراد منها امرين، متناقضين في المظهر، منسجمين في الجوهر، وهما: اما ان نصدق ان الصراع مع الامبريالية والصهيونية هو فعلا "صراع حضارات" اي بين الحضارة اليهودية ـ المسيحية من جهة، والحضارة العبية الاسلامية من جهة ثانية؛ واما ان نعارض فكرة "صراع الحضارات" بفكرة "حوار الحضارات" ونذهب الى "السلام العادل والشامل مع اسرائيل" والى القبول بـ"الدمقراطية الاميركية"؛ والواقع ان الصراع بيننا وبينهم ليس ابدا "صراع حضاري"، بل صراع حضاري من جانبنا، لانه صراع من اجل الحرية والعدالة الانسانية، وهو صراع همجي من جانبهم، لانه صراع لصوصي استعماري امبريالي رأسمالي؛ ومن ثم فنحن لا ينبغي بأي شكل ان نكون مع "الحوار" و"التطبيع" مع الامبريالية والصهيونية واسرائيل، وكل من يذهب الى الحوار والتطبيع ينبغي ان يعامل كخائن بكل ما تقتضيه معاملة الخائن، لان خيانة الارض والعرض والشعب والكرامة والوجدان الانساني ليست ـ اي الخيانة ـ وجهة نظر ورأي ورأي آخر، بل هي جريمة كبرى بحق الانسان ووجوده الكريم على وجه الارض. وكتاب "لعبة الامم" اريد منه: اولا ـ ان نضيع البوصلة ونساوي بين العدو والصديق (الامبريالية الاميركية والاتحاد السوفياتي الخ)؛ وثانيا ـ ان نزدري ونحتقر انفسنا كعرب، او كأمة عربية اعطت الحضارة (منذ ايام الفينيقيين والاشوريين والاقباط القدماء والكنعانيين الخ): الابجدية والارقام وابجديات العلوم الوضعية والحقوقية والجمالية والدينين السماويين الحقيقيين المسيحية والاسلام اللذين نقلا البشرية الى آفاق انسانية حقيقية؛ ـ ان نحتقر انفسنا بما نحن، لان عصابة اجرامية لصوصية مثل العثمانيين استطاعت ان تزيحنا من مسرح التاريخ (و"لعبة الامم" حسب كوبلاند)، وان نبقى نحن الى اليوم "خارج" هذه "اللعبة" بينما تركيا (العثمانية، فالاتاتوركية، فالاردوغانية) لا تزال فيها، وهي عضو في حلف الاطلسي ويحضرونها كي تصبح عضوا في "الاتحاد الاوروبي". فهل اذا دخلنا في "الحلف الاطلسي" تحت القيادة الاميركية، نكون دخلنا في "لعبة الامم". بئس اللعبة! وبئس اللاعبين!
ب ـ في معركتنا الكبرى للتحرر والوحدة القومية والعدالة الانسانية، لنا ولكل شعوب العالم، نحن ملزمون بتحديد معسكر الاعداء؛ وبتحديد الاصدقاء والحلفاء؛ لان المعركة ـ شئنا ام ابينا ـ هي معركة عالمية بامتياز، تماما مثلما كانت معركتنا ضد الصليبيين قديما معركة عالمية بامتياز. فلو ان المسيحيين الشرقيين (الاغريق والارمن والسلافيين والروس) لم يقفوا في حينه ضد الصليبيين بل وقفوا معهم، واجتاحوا اراضينا من وراء ايران ومن وراء تركيا ومن الشواطئ المصرية، كيف كان سيكون مصير الامة العربية؟؛ واليوم، لو ان روسيا تسعى فعلا لصداقة اميركا، على حساب العرب، فمن الصعب التفكير ماذا كان سيكون مصير الامة العربية!
ج ـ بناء على ذلك نقول:
د ـ ان العصابة اليهودية العالمية (بما فيها "الصهيونية" التي هي وجه سياسي للعصابة اليهودية العالمية، و"الماسونية" التي هي اداة وامتداد مافياوي غير يهودي للعصابة اليهودية العالمية) هي عدو تاريخي ثابت للامة العربية، منذ ان جوّع يوسف المصريين وحولهم (بحجة انقاذهم من الجوع) الى عبيد لفرعون، والى قيام الساعة.
هـ ـ ان اميركا هي، بالولادة، عدو تاريخي ثابت للامة العربية، وللانسانية جمعاء. وقد كان "اكتشاف" واستعمار اميركا وابادة عشرات ملايين "الاميركيين الاصليين" ومثلهم من الزنوج، "بسببنا!"، فنحن كنا المقصودين اولا واخيرا. واذا كانت اميركا اليوم تطلب دم 3000 اميركي بريء او غير بريء (سقطوا في 11 ايلول 2001) في دم 300 مليون عربي ودم مليار ونصف المليار مسلم، فإنه يتوجب علينا نحن ان نطلب دم كل ضحايا اميركا، من اول هندي مقتول، واول زنجي علق على شجرة، الى اخر فيتنامي واخر افغاني واخر عراقي واخر طفل ذبيح في غزة، ونطلب هذا الدم ليس من الاميركيين العاديين المساكين المصابين بالسمنة وبالامراض العصبية، الذين يتم تبليدهم وتبليههم بواسطة الاطعمة المغشوشة، بل نطلبه من العصابة الامبريالية ـ الصهيونية التي تحكم اميركا (ولا تزر وازرة وزر اخرى).
و ـ ان اوروبا التي ترتعد فرائصها من الدب الروسي، الذي سبق له وان حطم الوحش الهتلري في عقر داره ورفع العلم الاحمر بالمنجل والمطرقة (بصرف النظر عما اذا كان هذا يعجب او لا يعجب ايا كان من زاوية نظر حزبية وايديولوجية) فوق الوكر الهتلري؛ والتي ـ اي اوروبا ـ اصبحت تحسب الف حساب للوعي المتزايد والروح القتالية المتزايدة لدى الشعوب العربية والاسلامية (مستعمراتها السابقة)؛ اوروبا هذه اصبحت تنشد السلامة وتريد تأمين مصالحها "بالتي هي احسن" وبطريقة براغماتية، وهي تساير سياسة اميركا مسايرة عن اضطرار وليس عن قناعة او مصلحة اساسية؛ ولو كان لدينا دول عربية تحترم نفسها حقا، ولا تودع مساء غونزاليزا رايس، لتستقبل صباحا تسيبي ليفني؛ لكان بالامكان ان نعقد تحالفات مصلحية كبيرة مع الدول الاوروبية، تنعكس على سياستها الخارجية ايجابيا لصالحنا.
ز ـ اما روسيا فهي حليف تاريخي موضوعي للامة العربية؛ ليس اكراما لسواد عيون العرب بحد ذاتهم، بل حبا بنفسها وتعلقا بارضها وبمصيرها. فتاريخ الروسيا هو شبيه جدا بالتاريخ العربي، من حيث انها كانت دائما مطمعا للغزاة. كانت هدفا لغزو اليهود الخزر، فسحقتهم وبعثرتهم؛ وهدفا لغزو التتار فسحقتهم، وهدفا لغزو العثمانيين فحطمتهم وحولتهم الى "رجل اوروبا المريض" قبل ان يموت غير مأسوف عليه؛ وكانت هدفا للاستعمار الاوروبي الغربي (من نابوليون الى هتلر) وفي 1918 هاجمت روسيا 14 دولة استعمارية مجتمعة بقيادة ونستون تشرشل، ولكن الغزو الغربي فشل ايضا الا انه تسبب في موت عشرات ملايين الروس من الجوع، لان الروس اهملوا اراضيهم الزراعية وهبوا لحمل السلاح والقتال ضد الغزاة؛ وحتى بعد سقوط النظام السابق (الذي كان يسمى "اشتراكيا" او "شيوعيا" وهو ما يجب التوقف عنده على حدة) وازالة "الستار الحديدي" وفتح ابواب العلاقة مع الغرب، فإن الرساميل والعصابات الاميركية والغربية واليهودية اتجهت نحو تفكيك الدولة الروسية وتجويع الشعب الروسي وتسميمه بالمخدرات (خصوصا بواسطة المافيا الشيشانية؛ حيث كان الحي الشيشاني في موسكو ذاتها "دولة داخل الدولة"؛ وبعد ان ذر قرن النزاع العنيف بين الفاتيكان والمافيا الايطالية "الصقلية" التي كانت تعتمد عليها اميركا في توزيع المخدرات في اوروبا، اتجه الاميركان للاعتماد على المافيا الالبانية ـ التي شنوا لاجلها الحرب على صربيا ـ والمافيا الشيشانية؛ وكانت المافيا الشيشانية ولا زالت على علاقة تمويلية وثيقة مع المليارديرية اليهود الروس: ببريزوفسكي، خودوركوفسكي، مايكل تشورني وغيرهم)، وكان الهدف: السيطرة على الاراضي الروسية الشاسعة بخيراتها غير المحدودة، وتحويل روسيا الى مستعمرة عالمثالثية. ولكن الدب الروسي سرعان ما استيقظ من غفوته الموقتة، وبدأ "رقصته" من جديد. ويقول لنا التاريخ ان الدب الروسي حينما يرقص لا يهز وسطه كالغانية لامتاع هذا الامير الحقير او ذاك الملياردير الاحقر، بل يزلزل الارض ويشق عنان الفضاء. وروسيا اليوم هي بحاجة الى التحالف والصداقة مع الشعوب العربية والاسلامية، بمقدار حاجتنا نحن اليها واكثر، في المعركة المشتركة ضد الاعداء المشتركين: الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، وهذا بصرف النظر عن المعتقدات الدينية والمذهبية والايديولوجيا الفكرية والتيارات السياسية وطبيعة نظام الحكم في هذا البلد او ذاك. واذا كنا لا نستطيع ان نكتشف حاجة روسيا الينا مثل حاجتنا اليها واكثر، فتلك طامة كبرى على طريقة: ان كنت تدري فتلك مصيبة، وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم!. الخلاصة، انه يتوجب علينا ان نجد الاشكال الملائمة، لمصلحتنا اولا واخيرا، في العلاقات المصلحية والصداقية مع روسيا. ونحن اليوم بحاجة ماسة لهذه الصداقة، لان الاحتلال الاميركي والاسرائيلي هو في اراضينا، ولان اطفالنا ونساءنا ورجالنا هم الذين يقتلون كل يوم او يموتون بالامراض والعاهات التي تسببت بها الاسلحة الاميركية الملوثة في العراق، وشبابنا هم الذين يجري تسميمهم بالمخدرات التي تنقلها الطائرات العسكرية الاميركية من افغانستان المحتلة.
3 ـ من الضروري ان ادقق بعض المعلومات التي اورها الاستاذ طه خضر حول هزيمتنا المخجلة في حرب 1967: فهو يتهم الروس (السوفيات حينذاك) بأنهم ساعدوا في افتعال حرب 1967، لتجريب السلاح الروسي ضد السلاح الاميركي؛ وفي الوقت نفسه يتهمهم بأنهم هم الذين تسببوا بالهزيمة لانهم لم يعطوا الدول العربية المقدار الكافي من الاسلحة، ولانهم ـ اي الروس ـ كانوا يقدمون لاسرائيل المعلومات الكاملة عن الاستعدادات المصرية الخ. طبعا في هذين القولين تناقض واضح حتى بالمنطق الشكلي البسيط، لان الشيء لا يكون الشيء وضده في الوقت نفسه. فكيف يريد الروس تجريب اسلحتهم ضد السلاح الاميركي بيد اسرائيل، وكيف توصل الاستخبارات الروسية المعلومات الى الاسرائيليين، لهزيمة السلاح الروسي بيد المصريين والعرب؟؟!! انه منطق يصح فيه قول "عكرت علي المياه" او قول "الغرض مرض". ومع ذلك ينبغي الاعتراف ان موضوع السلاح الروسي، ونوعيته ومقداره، كان من المواضيع الكبرى التي جرى النقاش حولها بعد هزيمة 1967؛ وليس بدون فائدة التوقف عند هذا الموضوع: انا شخصيا كنت في ذلك الحين احد الذين شاركوا في هذا النقاش على صفحات بعض الصحف والمجلات اللبنانية، وخاصة "الكفاح العربي" التي كان يصدرها المرحوم رياض طه و"دراسات عربية" التي كان يصدرها المرحوم د. بشير الداعوق؛ ولم اكن اؤيد هذا التسليح الكمي الكبير (والمكلف جدا) للجيوش العربية المترهلة والعاجزة بما في ذلك ارسال عشرات الوف الخبراء العسكريين الروس، وكنت ادعو الى تسليح دفاعي نوعي فعال، للدفاع عن الاراضي العربية، وان تكون الجيوش العربية جيوشا دفاعية فقط في ارضها، وتسليح خفيف للمقاومة الشعبية العربية (كقوات هجومية)؛ ولكن بمعزل عن الاراء والاراء المضادة، فالواقع ان الروس قدموا كميات هائلة من الاسلحة للدول العربية حينذاك (واذا قام اليوم اي خبير عسكري مطلع باجراء مقارنة بين كمية الاسلحة لدى الجيوش العربية حينذاك، ولدى حزب الله في حرب تموز ـ اب 2006، لخرجنا باستنتاجين: الاول ـ انه ربما كان السلاح الروسي بيد العرب في 1967 "اقل" كميا ونوعيا من السلاح الاميركي بيد اسرائيل؛ والثاني ـ ان السلاح الروسي (والايراني) بيد حزب الله في حرب 2006 هو بالتأكيد "اقل" بكثير، وكثير جدا جدا، من السلاح الاميركي (والاسرائيلي) بيد اسرائيل). والسؤال التاريخي والراهن الذي يتوجب على كل منا الاجابة عليه هو: اين هو دورنا نحن؟ اين الدور العربي، في كل ما جرى ويجري؟ انه لمن الواضح انه حينما وجد من يستعمل السلاح جيدا، ولو كان قليلا جدا نسبيا، واقل من سلاح العدو، اعطى السلاح النتائج المرجوة منه واكثر. ولكن حينما كان الروس يغدقون على الانظمة العربية الدكتاتورية والفاسدة الاسلحة وغيرها من المساعدات الاقتصادية، فإن هذه المساعدات خسرها الروس ولم يربحها العرب. وبعد هذه الاطالة لا بأس من ان اخفف عن القارئ برواية هاتين الطرفتين اللتين سبق وسمعتهما من بعض العسكريين البلغار المتقاعدين الذين يقولون ان العسكريين الروس كانوا مستائين جدا من الهزيمة العربية (اي هزيمة سلاحهم وخبرائهم وحلفائهم) في حرب حزيران 1967. الطرفة الاولى: ان القيادة العسكرية الروسية تلقت يوما احتجاجا عربيا على الدبابات الروسية، لانه ليس فيها ـ اي الدبابات ـ قبضة "الارجاع الى الوراء"؛ وتريد النكتة ان تقول ان الجندي العربي كان يذهب الى المعركة وهو يفكر مسبقا بالهرب. والطرفة الثانية: ان طائرة خاصة اضطرت مرة للهبوط الاضطراري بسبب الطقس في احد المطارات العسكرية الروسية النائية؛ ونزل من الطائرة عسكري اجنبي، وقدم نفسه بأنه قائد القوات المسلحة المصرية عبدالحكيم عامر وبأنه قادم لزيارة عمل في موسكو. فاتصل الضابط مسؤول المطار بقيادته ليستفسر عن الامر؛ فقالوا له: اسأله بضعة اسئلة عسكرية لتعرف اذا كان قائدا عسكريا ام لا؟ فذهب الضابط الروسي الى المشير عامر واخذ يسأله عسكريا، وسرعان ما اسرع نحو الهاتف ليتصل بالقيادة صارخا: انه جاسوس انه جاسوس! فسألوه: لماذا؟ فقال: انه لا يفهم شيئا في العسكرية! فقالوا له: انه لا يفهم شيئا! اذن هذا هو ضيفنا نفسه، اننا نفتش عنه؛ اذهب وقدم له التحية وابعث معه سرب مرافقة وتشريف حتى يصل الى موسكو.
4 ـ تبقى "المسألة الايرانية"، وهو ما يجب التوقف عنده بدقة وحذر، حتى لا يتهمني احد بأنني فارسي مجوسي متشيع، وانا المسيحي الشرقي الغساني منذ الوف السنين. سأكتفي الان بقول ما يلي:
اولا ـ ان المقياس الاساسي الذي ينبغي ان ننطلق منه للتعامل مع ايران هو مقياس المعركة مع الاميريالية الاميركية والصهيونية العالمية.
ثانيا ـ حينما احتل الاميركيون العراق المظلوم، جاء ما يسمى "لواء بدر" المدعوم من ايران، الى العراق، وجاء عبدالعزيز الحكيم الى السلطة الجديدة، في ظل الدبابات الاميركية. وهذا امر مدان كل الادانة، برأيي الشخصي المتواضع.
ثالثا ـ حينما احتلت اسرائيل (والقوات الاميركية ومتعددة الجنسية) لبنان محاولة تحويله الى محمية اسرائيلية وقاعدة عسكرية اميركية كما هي دول الخليج، فإن ايران دعمت المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله. وحتى لا نكون جاحدين (كما جحد بعضنا سابقا بالروس وشتموهم بعد كل اما اعطونا اياه من اسلحة وشتى انواع المساعدات واحداها السد العالي)، وحتى نعطي كل صاحب حق حقه، يتوجب علينا الاعتراف ان هذا الدعم الايراني كان له دوره في الصمود البطولي للشعب اللبناني وفي تحقيق انتصار المقاومة على الجيش الاسرائيلي في حرب تموز ـ اب 2006.
رابعا ـ اذا كان "لواء بدر" وعبدالعزيز الحكيم "يرتعان" في حضن الاحتلال الاميركي، واذا كان حزب الله يقدم خيرة الشباب، وحسن نصرالله يقدم ابنه البكر، شهداء ابرار في القتال ضد اسرائيل؛ فمن علينا ان نلوم؟
قديما قيل "اهل مكة ادرى بشعابها". ان عبدالعزيز الحكيم، "الاسلامي"، وفخري كريم "الشيوعي"، والطالباني "الكردي"، وكل من يسير في ركاب الاحتلال الاميركي في العراق، وكل من يسير في ركاب اميركا واسرائيل في لبنان وفي اي زاوية من زوايا الارض العربية، يتحمل المسؤولية كاملة عن نفسه؛ وحتى لو كانت (جدلا) ايران تطلب من البعض خيانة الارض والعرض فهل هذا يخفف جريمة الخيانة. كلا!
وبالنسبة لي شخصيا، فأنا لا اعول كثيرا على النظام الايراني، بل اعول كثيرا جدا على استمرار المقاومة، ولقد استطاع حزب الله (وهذا من انجازاته الكبرى) ان "يورط" و"يجر" ايران الى موقعه المقاوم؛ و"يعطينا الله" ان نستطيع "توريط" و"جر" جميع الشعوب والدول العربية والاسلامية وروسيا الى موقع المقاومة المشتركة ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية واسرائيل.
ملاحظة: ردي هذا يحتوي ضمنا ردا على بعض ما جاء في المداخلة القيمة الثانية للاخ الاستاذ محمد محمد رشيد.

جورج حداد
21/04/2008, 11:56 PM
الأستاذ الفاضل جورج حداد ،،،

أولا لا داعي لشتم الشيهد البطل صدام حسين رحمه الله فينبغي أحترام أراء الأخرين ونظرتهم له كما ينبغي احترام أراؤكم

بالنسبة للأدعاءات ان ما يسمى( بالثورة الأيرانية) الفارسية هو أنها الحارس الوحيد للقضية الفلسطينية فهذا كله كذب وأسطوانه مشروخة فأي شخص يستيطع ان يعي لم هذه الدوله الفارسية تقوم بالظاهر بمناصرة القضية الفلسطينية . أين كانت هذه الدوله الفارسية عندما أعلن القائد رحمه الله بأنه مستعد ان يمر الجيش الأيراني من العراق لتحرير فلسطين !!!!!!!!!!!!! ألم تعلم أن ما يسمى بأسرائيل كانت تزود الدجال الخميني بالأسلحة ضد العراق ألم تعلم أن رفسنجاني هو الذي يقود العلاقات السرية منذ قيام ما يسمى بثورتهم لحد الأن مع الولايات المتحدة . ألم تقرأ ما نشرته الصحف الغربية قبل خمسة أيام عن اللقاءات السرية بين هذه الدوله الفارسيه والولايات المتحدة منذ خمس سنوات !!!! وماذا تسمي زيارة ما يسمى بأحمد نجاد الى العراق بحماية أمريكية !!!! لا أعرف لم التعاطف مع هذه الدوله الفارسية والتي أعلنت انه لولاها لما أحتل العراق





رد جورج حداد:
1 ـ انني اعلم تماما مدى قدسية الشهادة في ثقافتنا العربية ـ الاسلامية؛ وأعلم ان بعض مواطنينا العرب ولا سيما من العراقيين يعتبرون صدام حسين شهيدا؛ وآسف اذا كنت اجرح مشاعر ايا منهم، ولكنني آسف اكثر اذا كان لا يزال يوجد، بعد كل ما جرى، من يعتبر الخائن (نعم: الخائن اولا، ثم الدكتاتور) صدام حسين شهيدا؛ اذا اطلقت القوات الاسرائيلية النار وقتلت مجاهدا، فهو طبعا شهيد بار، واذا اصابت نيرانها مواطنا عاديا مسالما وسقط قتيلا، فهو ايضا شهيد بار؛ ولكن اذا اختصم افراد عصابة او اذا اختصمت عصابتان، وسقط بينهما قتلى، فهل نعتبرهم "شهداء"؟ ـ كلا! بعد ثورة تموز 1958 في العراق، في احد اهم مصادر النفط للغرب الاستعماري، جن جنون الامبريالية الاميركية التي كانت تهيئ نفسها للحلول محل الاستعمار الانكليزي والفرنسي شرقي قناة السويس؛ وجن جنونها اكثر حينما (بتكتيك خاطئ ام مصيب) هدد المرحوم عبدالكريم قاسم الكويت؛ وحينذاك كان "القومي العربي العظيم جدا: جمال عبدالناصر حسين" مشغولا (عملا بنصيحة "مستشاره اللوذعي" محمد حسنين هيكل: انتهت المعركة مع الاستعمار وبدأت المعركة مع الشيوعية!) بسحق الحركة الشيوعية والقوى الوطنية الدمقراطية في سوريا، وهو ما وجد انعكاسه السلبي جدا على العراق بشق صفوف الجبهة الوطنية السابقة، التي ـ الى جانب القوى الوطنية في الجيش ـ اطاحت بالنظام الملكي العميل؛ وبدأت النزاعات المؤسفة بين ما كان يسمى "الدمقراطيين"، وعلى رأسهم الشيوعيين، وما كان يسمى "القوميين"، وعلى رأسهم البعثيين، في العراق؛ وتحولت سوريا (ايام "الوحدة" ومخابرات عبدالناصر ـ السراج)، من جهة، والكويت، من جهة ثانية، الى مركزي تآمر ضد القوى الوطنية الدمقراطية وضد النظام الوطني الدمقراطي لعبدالكريم قاسم، في العراق. انا طبعا لا ابرئ من الاخطاء لا الشيوعيين وعبدالكريم قاسم وغيرهم من القوى الوطنية الدمقراطية العراقية، ولا كذلك البعثيين الشرفاء وغيرهم من القوى "القومية" العراقية الشريفة. فهذه القوى الشريفة لم تستطع، بكل اسف، ان تجد لغة مشتركة فيما بينها، وان تضع حدا، في الوقت المناسب، لتدهور الاوضاع فيما بينها، الذي آل في الاخير الى خط السير التدهوري المشؤوم الذي سار فيه العراق العظيم ـ المظلوم. ولكن الوقائع التاريخية تقول لنا بوضوح انه حينذاك نشأ، موضوعيا، نوع من حلف سري بين النظام الناصري و"القوميين"، من جهة، وبين النظام الكويتي والقوى الامبريالية، من جهة ثانية، للاطاحة بنظام عبدالكريم قاسم ولتصفية عبدالكريم قاسم شخصيا، ولسحق القوى الوطنية الدمقراطية العراقية، وعلى رأسها الشيوعيين العراقيين. وهنا يجب ايضا التوقف عند نقطة جوهرية وهي: انه كان من الصعب جدا، بل المستحيل، ان تسقط القوى الوطنية الدمقراطية والشيوعيون في العراق حينذاك، فيما لو اتخذوا موقعا هجوميا حقيقيا، وقام الشيوعيون بفرض "المشاركة في السلطة" على عبدالكريم قاسم، وتسليح الجماهير الشعبية العراقية للدفاع عن منجزات ثورة تموز 1958 وتطويرها. ولكن القيادة السوفياتية النيوستالينية العميلة والخائنة ضغطت على الشيوعيين العراقيين وعلى عبدالكريم قاسم لاتخاذ مواقف ومواقع دفاعية سلبية "مسالمة"؛ تماما كما فعلوا بحزب تودة ومحمد مصدق قبل ذلك، وكما فعلوا بالحزب الشيوعي الاندونيسي ومحمد سوركارنو بعد ذلك. فالقيادة السوفياتية كانت، منذ ايام الخائن الاكبر ستالين، تلتزم باتفاقات "يالطا" التي تقتضي ان يقوم "السوفيات" باستخدام نفوذهم لتفشيل اي ثورة "دمقراطية شعبية" في "مناطق النفوذ الغربية"، التي تدخل ضمنها ايران والعراق واندونيسيا. وكانت النتيجة ذبح الشيوعيين العراقيين وعبدالكريم قاسم، واستيلاء البعثيين و"القوميين" الفاشيين، المتواطئين مع المخابرات الاميركية ـ الانكليزية ـ الاسرائيلية، على السلطة في العراق ، في شباط الاسود 1963. وحسبما يعترف الشامان محمد حسنين هيكل في بعض اسهالاته الكتابية، كانت توجد اذاعة مقرها في الكويت، خلال انقلاب شباط 1963، توجه القطعان الفاشية "البعثية" و"القومية" الى مقرات وبيوت الشيوعيين لتصفيتهم الجسدية. لقد ملأ المحتلون الاميركيون وجميع كلابهم من كل الاجناس القومية والالوان السياسية العالم نباحا حول "الدمقراطية"، فلماذا لا يفضحون دور "اعدائهم البعثيين!" في انقلاب شباط 1963 وسحق القوى الدمقراطية حينذاك؟. واذا كنا نختلف مع بعض بقايا البعثيين الشرفاء والمغفلين: هل ان صدام كان عميلا ام لا، وهل يمكن اعتباره شهيدا ام لا، فلن نختلف ابدا مع اي كان ان شخصيات "شيوعية" مرموقة (في الحزب او خارج الحزب) مثل فخري كريم وحميد مجيد موسى، هم اعوان للاحتلال ويسيرون في ركابه تحت شتى الاعذار والبراقع التي لا تستر لا اقفيتهم القذرة ولا وجوههم البشعة. ولفرط "لهفة" فخري كريم على "دمقراطيته الاميركية" قام، باسم سيادة الرئيس مام جلال الطالباني، برفع دعوى قضائية ضد مجلة "الاداب" اللبنانية، احد اكبر صروح الثقافة الوطنية الدمقراطية في الشرق والعالم، والتي تتلمذ عليها اجيال واجيال، الوف والوف، من الدمقراطيين الحقيقيين العرب والاكراد والايرانيين وغيرهم. وقبل ذلك حصل فخري كريم، من "اصدقائه الجدد" على "كوبونات النفط" الخاصة بصدام حسين، ونشرها في مشارق الارض ومغاربها، بهدف واحد وحيد هو تلطيخ سمعة الكنيسة الارثوذكسية الروسية العظيمة والحزب الشيوعي الروسي ورئيس الجمهورية البلغارية وفيديل كاسترو وكل من يشكك، مجرد تشكيك، بـ"الدمقرطية الاميركية". وانا، كعضو سابق في الحزب الشيوعي اللبناني وشاركت في وقتها في تنظيم مظاهرة تضامنية مع الشيوعيين والدمقراطيين العراقيين ضد انقلاب شباط 1963 الفاشستي في العراق، اتحدى امثال فخري كريم وحميد مجيد موسى واقول لهم: طالما انكم ـ ولا فخر يا فخري ـ اصبحتم اصدقاء اميركا والنظام الكويتي، واصبحت يدكم طايلة اسرار صدام حسين والنظام البعثي الفاشستي، تفضلوا... تفضلوا... وافقأوا عين الشمس بـ"الدمقراطية" وافضحوا اسرار انقلاب شباط 1963؛ كيف تم التآمر على النظام الوطني الدمقراطي لعبدالكريم قاسم؟ كيف تم التآمر على الحزب الشيوعي العراقي؟ كيف تمت تصفية المناضلين الوطنيين والدمقراطيين الابطال امثال سلام عادل وجمال حيدري وغيرهما كثير؟ ـ لقد فضل صدام حسين ان يذهب الى القبر، آخذا معه اسرار علاقاته مع الاميركيين، حتى لا ينكشف على حقيقته كعميل، امام الشعب العراقي المظلوم، الذي حكمه صدام حسين بالحديد والنار وسحقه لمصلحة الامبريالية الاميركية واسرائيل، ولكن باسم "القومية" و"العروبة"، تماما كما فعل ستالين سابقا بالشعوب السوفياتية، التي سحقها لمصلحة الامبريالية والصهيونية، ولكن باسم "الاشتراكية" و"الشيوعية".
2 ـ بالرغم من موقفي "التاريخي" اذا صح التعبير، المعادي للنظم الدكتاتورية (خصوصا: الثورية المزيفة) العربية، من مصر ـ عبدالناصر، الى سوريا ـ الاسد، الى العراق ـ صدام، فحينما تعرض العراق للحصار الغاشم والظالم، ومن ثم للعدوان، بحجة اسقاط نظام صدام، كنت احد المعارضين للعدوان على العراق وكان رأيي ان صدام لم يعد صالحا وقادرا على تمشية مصالح الامبريالية في العراق، ولهذا تريد الامبريالية استبداله بمن هو "افضل" بالنسبة لها، اي اقل "انكشافا"، وحينما تعذر عليها ذلك اقدمت على مهاجمة العراق بحجة "الدمقراطية" الزائفة، وتحت هذه الخرقة البالية يجري الان تمزيق العراق العظيم شر تمزيق لكي يسهل السيطرة عليه وفرض اي حكم عميل، بأي واجهة كانت، التي يمكن لاحقا تغييرها، مرة وثانية وثالثة ورابعة الخ.
3 ـ طبعا انني لا أؤيد الايديولوجية الدينية المذهبية وحيدة الجانب للسلطة الايرانية الحالية، الا في حالة واحدة فقط هو دعم ـ والمشاركة في ـ المقاومة ضد اسرائيل والامبريالية الاميركية. فاولا : ان الايديولوجية الدينية في السلطة هي بحد ذاتها، وبصرف النظر عن صدق او لاصدق النوايا، تشكل خطرا على الوحدة الوطنية للشعب، حتى لو لم تؤد الى مصادمات بين المقومات الدينية لاي بلد، العراق او لبنان، او ايران، او اي بلد آخر. فبلداننا هي بلدان متعددة الاديان والمذاهب والتيارات الفكرية، واحتكار السلطة السياسية من قبل اي مذهب او دين معين يمثل تمزيقا مسبقا لوحدة الشعب والبلاد، ويفسح المجال لشتى اشكال المؤامرات الخارجية والداخلية المشبوهة. ولكن في الوقت نفسه، وحتى لو كان النظام الايراني (جدلا) نظاما دكتاتوريا دمويا فاسدا حتى النخاع الشوكي، كما كان نظام صدام حسين في العراق، فإننا لا نستطيع الا ان نرى بأم العين ان ايران هي الان مستهدفة من قبل الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، وحجة "اسلامية" نظام الحكم في ايران ليست اكثر من حجة واهية لمحاولة احتلال ايران والاستيلاء على ثرواتها الطبيعية الخ الخ. وكل من يدخل في دائرة تأييد، او حتى الصمت عن، العدوان المحتمل على ايران، (تماما مثلما كان الامر بالنسبة للعراق) يدخل في دائرة الخيانة الموضوعية او المباشرة. المناقشة السياسية والفكرية والدينية حول النظام الايراني هي شيء، وتأييد ايران ضد الامبريالية والصهيونية، او العكس، هي شيء آخر ومختلف تماما.
4 ـ ان كل حرب الخليج الاولى (بين العراق وايران) قد جرت تحت الشعار الاميركي المعروف "الاحتواء المزدوج"، اي "احتواء ايران والعراق" معا، بضربهما بعضهما ببعض، وانهاكهما معا، تمهيدا للسيطرة عليهما معا او احتلالهما واحدة بعد الاخرى لاحقا. وهذا ما تم بالنسبة للعراق وتحاول اميركا ان تستكمله بالنسبة لايران. وهنا تدخل "تفاصيل"، مثل الدعم المالي والتسليحي والمخابراتي العسكري للعراق، من قبل الدول الخليجية والدول الاوروبية والاواكس والاقمار الاصطناعية الاميركية وحتى الاسلحة الكيماوية الاميركية التي تزود بها العراق بعد زيارة رامسفيلد لصدام في 1983 الخ، وهو ما يريد الاستاذ محمد محمد رشيد وغيره نفيه، وكذلك صفقة "ايران ـ كونترا" التي خططت لها السي اي ايه والموساد وتم بموجبها تسليم اسلحة اسرائيلية لايران، وباثمانها تم تقديم اموال واسلحة اميركية لقوات الكونترا العميلة لاميركا في نيكاراغوا. لقد دفع "الحقد الدمقراطي!" لبعض الاشاوس امثال فخري كريم وحميد مجيد موسى، و"الحقد الكردي!" لاشاوس آخرين امثال البارزاني والطالباني، و"الحقد الشيعي!" لاشاوس امثال عبدالعزيز الحكيم ومحمد جلبي ونوري المالكي، لان يؤيدوا الاحتلال الاميركي للعراق ويصبحوا ادوات في يد الاحتلال. يا للوطنية الدمقراطية!!! فهل يسمح بعض العروبيين، الذين شاء لهم سوء حظهم ان يقعوا في المدرسة "الشوفينية البعثية" العروبية المزيفة، ان يقودهم "الحقد الشوفيني العربي" على ايران الى تأييد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية ضد الشعب الايراني العظيم، الذي كان ثاني اثنين في تاريخ الحضارة العربية ـ الاسلامية، والذي يقف الان في خط المواجهة الاول مع الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية؟! طبعا ان الدبلوماسية الاميركية الخبيثة تحاول القيام بشتى العلاقات والاتصالات لاستمالة اي طرف واي فئة، كي يقف الى جانبها، او حتى كي يقف على الحياد؛ على قاعدة "لا عدو دائما، ولا صديق دائما، بل مصالح دائمة". وقد نجحت الدبلوماسية والمخابرات الاميركية بشق الصفوف الفلسطينية وتحقيق اتفاق اوسلو، على حساب المقاومة والثورة الفلسطينيين. كما نجحت في فصل الزعيم الوطني اللبناني وليد جنبلاط (ابن الشهيد الكبير كمال جنبلاط) عن جسم الحركة الوطنية والمقاومة في لبنان. فهل يعني ذلك اننا يجب ان نقف مع جورج بوش وايهود اولمرت، ضد الشعب الفلسطيني المظلوم؛ وان نقف مع غونداليزا رايس وفؤاد السنيورة ضد جماهير المقاومة والحركة الوطنية في لبنان؟ اننا طبعا يجب ان نضع الف علامة استفهام، وان ننبه بشدة الى اخطار اي اتصالات اميركية ـ ايرانية، ولكن المنطلق يجب ان يكون ليس "الشماتة بالايرانيين" ومساعدة الاميركيين على تطويع ايران، بل التصدي للاميركيين وفضحهم ومساعدة الشعب الايراني على مواجهة المخاطر الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية.
5 ـ يقال ان صدام حسين سبق له واقترح او صرح انه يقبل بمرور الجيش الايراني عبر العراق لقتال اسرائيل وتحرير فلسطين. وطبعا هذه ديماغوجية رخيصة وكاذبة. ويمكن الرد عليها، على الاقل، كما يلي:
أ ـ ان النظام العراقي، كنظام سايكس ـ بيكوي، المطلوب منه دوليا ليس تحرير فلسطين، بل دعم وجود اسرائيل وتيئيس الفلسطينيين والقضاء عليهم. وهذا ما فعله النظام "العروبي" البعثي العراقي على ارض الواقع. يكفي ان نذكر هنا تجربة مجزرة ايلول الاسود 1970. في تلك الفترة الحرجة كانت قوات للجيش العراقي موجودة في الاردن، بموجب الحجة الشكلية وهي اتفاق الدفاع المشترك العربي. اما السبب الفعلي والحقيقي، فهو حماية العرش الاردني بعد هزيمة حزيران 1967 وظهور المقاومة الفلسطينية واشتداد ساعدها. وبصرف النظر عن موضوع اخطاء وانحرافات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فحينما اندلعت احداث ايلول الاسود 1970، دخلت ايضا قوات سورية الى الاردن، ونشأت فرصة تاريخية لايجاد شكل من اللقاء على الارض والتفاهم بين القوات العراقية والقوات السورية وقوات المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية في الجيش الاردني، و"الطلب" من الملك الاردني الراحل حسين الموافقة على قيام "حلف عسكري رباعي": فلسطيني ـ اردني ـ سوري ـ عراقي، بمواجهة اسرائيل. ولكن الذي حدث هو عكس ذلك تماما: تركت القوات المدرعة السورية التي دخلت الاردن، بدون حماية جوية (بفضل "عروبة" صدام حسين والبعثي الاخر حافظ الاسد)، ووقفت القوات العراقية "على الحياد"، وعمليا بالمرصاد لاي "خطر فلسطيني" يتهدد العرش الاردني، وتركت المقاومة والجماهير الفلسطينية المظلومة تذبح كالنعاج، واخيرا تراكض الملوك والشيوخ والرؤساء العرب وعلى رأسهم الزعيم "العروبي الاكبر!": جمال عبدالناصر حسين لعقد اجتماع مستعجل لـ"جامعة الدول العربية" الانكليزية في عمان، واتخاذ القرارات اللازمة لاجلاء قوات المقاومة من الاردن. وكان من "عروبة" النظامين البعثيين السوري والعراقي ان ايا منهما لم يرض باستقبال قوات المقاومة. وتم شحن المقاومين الفلسطينيين كماشية موبوءة ورميهم على الحدود السورية ـ اللبنانية. ونحن نذكر انه حينذاك قامت بعض عناصر المقاومة الفلسطينية، وتحت ضغط ضراوة المعارك والمجازر، بالانسحاب عبر النهر نحو الارض المحتلة مفضلين الموت او الاسر على ايدي الاسرائيليين، على الموت او الاسر على ايدي "الاشقاء العرب". وعلينا ان نتصور مشاعر أولئك الشباب الفلسطينيين المقاومين الذين حملوهم كالماشية في الكميونات العسكرية "الشقيقة" وعبروا بهم اراضي سوريا ـ قلب العروبة النابض! ـ والقي بهم على الارض اللبنانية! ان هذا "الفيلم الكابوسي" وحده يفسر لنا، وان كان لا يبرر ابدا، الحقد القطري الفلسطيني الذي اخذ يتعاطى به بعض عناصر المقاومة الفلسطينية مع اللبنانيين، باعتبارهم ـ اي اللبنانيين ـ "عربا!" ايضا. فإذا كانت هذه هي "عروبة!" صدام حسين (وصنوه البعثي: حافظ الاسد)، فهل ان "اسلامه!" في العلاقة مع ايران الاسلامية، كان من الممكن ان يكون افضل؟!
ب ـ ان احدى "الصفات الجوهرية" لصدام حسين كانت: الخسة والغدر. فهو كان يعتقل القائد البعثي المعروف عبدالخالق السامرائي. واتهمه ـ وهو في الاسر ـ بالتآمر عليه، وقام باعدامه. ومن "الاشاعات" التي سمعتها شخصيا عن طريقة اعدام عبدالخالق السامرائي، ان فرقة الاعدام تشكلت من "مندوب حزبي ـ بعثي" من كل من ألوية العراق الـ14 حينذاك، وتم اعدام المرحوم عبدالخالق، الذي كان يحظى باحترام حزبي ووطني كبير، ليس باطلاق النار، بل طعنا بالسكاكين. وكان هدف صدام من هذه التشكيلة الحزبية لفرقة الاعدام وهذه الطريقة للاعدام، ان يقول للبعثيين ان الحزب كله يتحمل مسؤولية اعدام عبدالخالق السامرائي وليس هو وحده. ثم قام ـ صدام ـ باعدام واغتيال العشرات من كوادر حزب البعث ذاته، ناهيك عن الشيوعيين والاكراد والشيعة، وطرد الاكراد الفيليين بمئات الالوف ثم استخدام الاسلحة الكيماوية الاميركية ضد المدنيين الاكراد، بدلا من العمل لاستمالة هؤلاء واولئك الى الجانب العربي. وحينما اختلف افراد العائلة، وفر صهرا صدام الى الاردن، ثم عادا الى العراق "بكفالة" الملك حسين، ووعد الامان من صدام، نكث بوعده وقام بتصفيتهما بشكل غادر، ليس فقط حبا بالانتقام العشائري، بل كي يدفن معهما ما يعرفان من اسرار عن مخازيه ومخازي الفاشستيين البعثيين امثاله ولا سيما عمالتهم القديمة لاميركا. فهل كان صدام حسين يعتقد ان القيادة الايرانية هي من الهبل الى درجة ان ترسل قواتها لتجتاز الاراضي العراقية، وتقع من ثم في كمين غادر بين مطرقة صدام وسندان اسرائيل؟!

مها دحام
22/04/2008, 12:31 AM
اولا يبقى شهيد بنظر الأسلام ذلك انه ختم بالشهادة وبما أنك من المدافعين عن أيران الفارسية فهلا توضح لي قول رفسنجاني لو لا أيران لما أحتل العراق!!!!!

http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=883

مها دحام
22/04/2008, 12:47 AM
كتب البروفيســــور (STEPHEN PELLETIERE) مقالا في جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 31/1/2003 تحت عنوان ( جريمة حرب أم عمل حربي). نص المقال في موقع الجريدة WWW.NYTIMES.COM/2003/01/31/OPINION/31PELL.HTML ). جاء فيه :

((لقد كان مداعاة للدهشة، بعد عدم العثور على برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية من قبل مفتشي الامم المتحدة ، استغلال الرئيس بوش، في خطابه للامة، قضية أخلاقية لتبرير غزوه للعراق، بحجة أن الدكتاتور الذي يحشد أكثر الاسلحة خطورة في العالم، لم يتوانى في استخدام الغاز ضد شعبه مخلفا آلاف القتلى من المدنيين. أن استخدام الرئيس بوش عبارة (استخدام الغاز ضد شعبه) وخاصة في حلبجة كسبب لقلب نظام حكم صدام حسين، غير مبرر وغير حقيقي. الحقيقة كما أعلمه علم اليقين، أن الاكراد تعرضوا الى هجوم بالاسلحة الكيمياوية في يوم 16/3/1988 في حلبجة، ولايمكن القول بشكل قاطع أن الاسلحة الكيمياوية العراقية هي التي قتلت الاكراد. وهذا ليس هو التحريف أو التشويه الوحيد في قصة حلبجة. أنني مطلع وأعلم جيدا،( الكلام للبروفيسور) من خلال موقعي كمحلل سياسي للمخابرات المركزية الامريكية في شؤون العراق خلال الحرب العراقية الايرانية وكبروفيسور في الكلية الحربية العسكرية الامريكية للفترة (1998-2000). ومن خلال أطلاعي على كم هائل من المعلومات السرية المصنفة التي كانت ترد من واشنطن حــول ( الخليج الفارسي)، بالاضافة الى ذلك، ترأسي للجنة عسكرية عام 1990 لبحث كيف سيقاتل العراقيون الولايات المتحدة، وشاركت في أعداد تقرير سري مفصل عن الموضوع ، والذي يحتوي على تفاصيل كثيرة عن موضوع حلبجة. ومن خلال الكم الهائل من المعلومات المتوفرة لدي عن حلبجة يمكنني الافصاح عن أنه بعد المعركة مباشرة قامت الاستخبارات العسكرية الامريكية بالتحقيق في الموضوع وقدمت تقريرا سريا للغاية و محدود التداول على أساس ( NEED-TO-KNOW BASIS)، أكدت فيه على أن الغازات التي أستخدمتها ايران هي التي قتلت الاكراد في حلبجة وليس الغازات العراقية. كما كشفت ، أن كلا الطرفين استخدما هذا السلاح في المعركة التي دارت في أطراف حلبجة، ولدى فحص وأجراء الكشوفات الطبية على الضحايا الاكراد وجد معدوا تقرير الاستخبارات العسكرية الامريكية، أن الضحايا جميعا قتلوا بعوامل كيماوية تؤثر بالدم ( A BLOOD AGENT ) وهي من مشتقات غـــــاز السيانيد SYANIDE ************D GAS ) ). وكان معروفا لدى الخبراء ان هذا الغاز استخدمه ايران مرات عدة خلال الحرب. وكان معروفا أيضا للمختصين أن العراق لم ينتج ولا يمتلك هذا النوع من الغاز ولم يستخدمه في السابق.

الحقائق بخصوص حلبجة، حجبت عن الرأي العام بشكل غير أعتيادي ومثير، ونادرا ماذكرت أو نوقشت في المقالات المنشورة في جريدة نيويورك تايمز التي تناولت الموضوع و لم يشير أي منها الى تقرير وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية الذي أكد على أن الغازات الايرانية هي التي قتلت الاكراد في حلبجة. ويختم البروفيسور ستيفان مقاله بالقول: ( أنني لاأريد أن أحسن صورة صدام حسين، وعليه أن يجيب على أسئلة كثيرة عن خروقاته لحقوق الانسان، ولكن أتهامه بأنه قصف شعبه بالغازات السامة في حلبجة، كفعل من أفعال الابادة، غير حقيقي وباطل).

هذه شهادة من عالم منصف خرج من رحم المؤسسة الامريكية ليقول الحق ولايخشى في قوله لومة لائم ولو كره الكارهون والمنافقون.

وبهذه الشهادة تسقط أخر ذريعة تذرع بها الرئيس بوش والسيد طوني بلير لغزو العراق وأحتلاله. أما التداعيات الاخرى للقضية فنتركها لأهل الحق و الانصاف ، أذا بقيً نفر يؤمن بهما.. وصح المثل العربي، لو خليت قلبت.

جورج حداد
22/04/2008, 09:17 AM
كتب البروفيســــور (STEPHEN PELLETIERE) مقالا في جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 31/1/2003 تحت عنوان ( جريمة حرب أم عمل حربي). نص المقال في موقع الجريدة WWW.NYTIMES.COM/2003/01/31/OPINION/31PELL.HTML ). جاء فيه :

((لقد كان مداعاة للدهشة، بعد عدم العثور على برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية من قبل مفتشي الامم المتحدة ، استغلال الرئيس بوش، في خطابه للامة، قضية أخلاقية لتبرير غزوه للعراق، بحجة أن الدكتاتور الذي يحشد أكثر الاسلحة خطورة في العالم، لم يتوانى في استخدام الغاز ضد شعبه مخلفا آلاف القتلى من المدنيين. أن استخدام الرئيس بوش عبارة (استخدام الغاز ضد شعبه) وخاصة في حلبجة كسبب لقلب نظام حكم صدام حسين، غير مبرر وغير حقيقي. الحقيقة كما أعلمه علم اليقين، أن الاكراد تعرضوا الى هجوم بالاسلحة الكيمياوية في يوم 16/3/1988 في حلبجة، ولايمكن القول بشكل قاطع أن الاسلحة الكيمياوية العراقية هي التي قتلت الاكراد. وهذا ليس هو التحريف أو التشويه الوحيد في قصة حلبجة. أنني مطلع وأعلم جيدا،( الكلام للبروفيسور) من خلال موقعي كمحلل سياسي للمخابرات المركزية الامريكية في شؤون العراق خلال الحرب العراقية الايرانية وكبروفيسور في الكلية الحربية العسكرية الامريكية للفترة (1998-2000). ومن خلال أطلاعي على كم هائل من المعلومات السرية المصنفة التي كانت ترد من واشنطن حــول ( الخليج الفارسي)، بالاضافة الى ذلك، ترأسي للجنة عسكرية عام 1990 لبحث كيف سيقاتل العراقيون الولايات المتحدة، وشاركت في أعداد تقرير سري مفصل عن الموضوع ، والذي يحتوي على تفاصيل كثيرة عن موضوع حلبجة. ومن خلال الكم الهائل من المعلومات المتوفرة لدي عن حلبجة يمكنني الافصاح عن أنه بعد المعركة مباشرة قامت الاستخبارات العسكرية الامريكية بالتحقيق في الموضوع وقدمت تقريرا سريا للغاية و محدود التداول على أساس ( NEED-TO-KNOW BASIS)، أكدت فيه على أن الغازات التي أستخدمتها ايران هي التي قتلت الاكراد في حلبجة وليس الغازات العراقية. كما كشفت ، أن كلا الطرفين استخدما هذا السلاح في المعركة التي دارت في أطراف حلبجة، ولدى فحص وأجراء الكشوفات الطبية على الضحايا الاكراد وجد معدوا تقرير الاستخبارات العسكرية الامريكية، أن الضحايا جميعا قتلوا بعوامل كيماوية تؤثر بالدم ( A BLOOD AGENT ) وهي من مشتقات غـــــاز السيانيد SYANIDE ************D GAS ) ). وكان معروفا لدى الخبراء ان هذا الغاز استخدمه ايران مرات عدة خلال الحرب. وكان معروفا أيضا للمختصين أن العراق لم ينتج ولا يمتلك هذا النوع من الغاز ولم يستخدمه في السابق.

الحقائق بخصوص حلبجة، حجبت عن الرأي العام بشكل غير أعتيادي ومثير، ونادرا ماذكرت أو نوقشت في المقالات المنشورة في جريدة نيويورك تايمز التي تناولت الموضوع و لم يشير أي منها الى تقرير وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية الذي أكد على أن الغازات الايرانية هي التي قتلت الاكراد في حلبجة. ويختم البروفيسور ستيفان مقاله بالقول: ( أنني لاأريد أن أحسن صورة صدام حسين، وعليه أن يجيب على أسئلة كثيرة عن خروقاته لحقوق الانسان، ولكن أتهامه بأنه قصف شعبه بالغازات السامة في حلبجة، كفعل من أفعال الابادة، غير حقيقي وباطل).

هذه شهادة من عالم منصف خرج من رحم المؤسسة الامريكية ليقول الحق ولايخشى في قوله لومة لائم ولو كره الكارهون والمنافقون.

وبهذه الشهادة تسقط أخر ذريعة تذرع بها الرئيس بوش والسيد طوني بلير لغزو العراق وأحتلاله. أما التداعيات الاخرى للقضية فنتركها لأهل الحق و الانصاف ، أذا بقيً نفر يؤمن بهما.. وصح المثل العربي، لو خليت قلبت.


كتب البروفيســــور (STEPHEN PELLETIERE) مقالا في جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 31/1/2003 تحت عنوان ( جريمة حرب أم عمل حربي). نص المقال في موقع الجريدة WWW.NYTIMES.COM/2003/01/31/OPINION/31PELL.HTML ). جاء فيه :


انتظر هذا البروفسور المزيف ـ عميل السي اي ايه، كل هذه السنوات بعد مجزرة حلبجه ليدلي بدلوه ضد ايران، اليس من الواضح ان هذا يدخل ضمن ستراتيجية "الاحتواء المزدوج" للعراق وايران على السواء، واتهام الطرفين معا بجريمة واحدة، حيث تفتقد اميركا الحجج الفعلية لتبرير العدوان على كل من العراق وايران

مها دحام
22/04/2008, 11:18 AM
بالطبع فبما أنك من المدافعين عن بلاد المجوس فلا تريد تصديق ذلك وهذا شئ يرجع لك أستاذي الفاضل ولكن الموقع الأصلي موجود مع المقالة وهذا كافي وأعترفت أمريكا أيضا بذلك . اما بالنسبة لفلسطين فأرجو عند التكلم عنها فليس بنصف الحقائق بل بأكملها ودور حركة أمل المدعومة من أيران وما قمت به ضد ألأبرياء في المخيمات وربما أيضا ستقول هذا كذب وووو... الخ فهذه وجهة نظرك اما الحقائق على الأرض تختلف

ميليشيات أمل الشيعيه تقتحم مخيمي ( نقلا عن مراسل الجزيرة)
صبرا و شاتيلا

لم يكن اقتحام قوات حركة أمل( ) الشيعية وقصفها لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلاّ حلقة من حلقات تصفية الوجود السني في لبنان، واستخدام كافة الوسائل من قبل الشيعة وتنظيماتهم وأحزابهم للقضاء على السنة وتهميشهم.
نعود بسطورنا إلى شهر مايو/ أيار من عام 1985 والمكان هو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التي لم تنس ما اقترفته العصابات اليهودية من مجازر فيها قبل أقل من ثلاثة أعوام، وخاصة في مخيمي صبرا وشاتيلا، وكأن هناك من يريد أن تبقى ذاكرة المسلمين من أبناء فلسطين مستحضرة لهذه المجازر.
المكان في عام 1982 هو نفسه المكان في عام 1985، والعمل هو ذات العمل، لكن الفرق أن الذين قاموا بقتل الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في المرة الأولى هم من اليهود، ومن تحالف معهم من النصارى المارونيين، وفي المرة الثانية، كانت المخيمات على موعد مع الشيعة من أتباع حركة أمل اللبنانية.
إن عدوان حركة أمل سنة 1985 على المخيمات الفلسطينية في لبنان التي يتبع أهلها مذهب أهل السنة تتويج لسنوات طويلة من العمل ضد السنة في لبنان، وحسبنا أن نشير إلى التصريح الشهير الذي أطلقه موسى الصدر سنة 1978 وقال فيه "لسنا في حالة حرب مع إسرائيل، والعمل الفدائي في الجنوب يحرجنا". وأخذ الصدر يتهم منظمة التحرير الفلسطينية بالعمل على قلب الأنظمة العربية، ودعا الأنظمة إلى مواجهة الخطر الفلسطيني.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلقد نقلت الصحف اللبنانية سنة 1974 بعضاً من خطب وتصريحات الصدر في مناطق متعددة من لبنان، ومن ذلك قوله:
"الثورة لم تمت في رمال كربلاء، بل تدفقت في مجرى حياة العالم الإسلامي"، وقال في موضع آخر: "وابتداء من اليوم لن نشكو ولن نبكي، فاسمنا ليس "المتاولة"، بل اسمنا "الرافضون" رجال الثأر. لقد واجه الحسين العدو ومعه سبعون رجلاً وكان العدو كثير العدد، أما اليوم فنحن نعد أكثر من سبعين، ولا يعد عدونا ربع سكان العالم"
وعلى منوال الصدر سار التلميذ نبيه بري الذي صرح في مايو سنة 1985 أن إعادة سيطرة الفلسطينيين على المخيمات المحيطة ببيروت، أيّا كان اللون الفلسطيني الغالب، يعني فصل الضاحية (إحدى معاقل الشيعة) عن بيروت مرة أخرى، وبالتالي التمهيد لإعادة التوازنات في عاصمة لبنان لغير مصلحة حركة أمل بالتأكيد.
إذاً بري يعرب عن خشيته من وجود سني يفصل بيروت عن ضاحيتها مثلما اعتبر أستاذه الصدر أن ذكرى كربلاء ما زالت حية في النفوس، أي الانتقام من السنة، الذين يزعم الشيعة أنهم قتلوا الحسين بن علي رضي الله عنهما.
بيروت تلك المدينة التي تعتبر من مدن أهل السنة المشهورة، كانت مسرحاً لعبث وتخريب الصدر وأتباعه، عندما وجّه منها نداء دعا فيه أهالي الجنوب اللبناني (الشيعة) إلى احتلال القصور في العاصمة، وبالفعل جاء الشيعة من الجنوب، واحتلوا المباني التي يملكها أهل السنة، وبالذات في ضواحي بيروت الجنوبية، وكان العمال والموظفون الشيعة القادمون من الجنوب اللبناني والبقاع والشمال يبنون منازلهم على أملاك الغير، وكان ذلك يحدث تحت سمع السلطات النصرانية المارونية وبصرها, وكان أصحاب الأراضي يطالبون الأجهزة المسؤولة بوضع حدّ لهذا العبث، ورغم ذلك تركت السلطة قطاع الطريق من الشيعة يفعلون ما يشاؤون. وعندما سأل الصحفيون نبيه بري عن الأسباب التي دفعته إلى احتلال بيروت الغربية، أجاب "بيروت الغربية عاصمة لبنان، وملك لجميع المواطنين، وليست حكراً على أهل السنة..."!
لقد كانت كل الظروف آنذاك تهيء لعدوان شيعي على المسلمين السنة، وحيث أن المخيمات الفلسطينية ثقل سني( ) فلقد كانت هدفاً مفضلاً. وتبدأ حكاية العدوان الشيعي على المخيمات بقصة مفبركة مفادها أن شاباً فلسطينياً يحمل مسدساً تبادل إطلاق النار مع عناصر من حركة أمل، الذين كانوا يشكلون دورية مسلحة.
وانطلقت في ليلة العشرين من مايو شرارة العدوان، حيث اقتحمت ميليشيات أمل مخيمي صبرا وشاتيلا، وقامت باعتقال جميع العاملين في مستشفى غزة، وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكتب أمل في أرض جلول، كما منعت القوات الشيعية الهلال والصليب الأحمر وسيارات الأجهزة الطبية من دخول المخيمات وقطعت إمدادات المياه والكهرباء عن المستشفيات الفلسطينية.
وفي فجر ذلك اليوم، بدأ مخيم صبرا يتعرض للقصف المركز من قبل عناصر أمل، بمدافع الهاون، والأسلحة المباشرة من عيار 106ملم. وفي صباح اليوم نفسه تعرض مخيم برج البراجنة لقصف عنيف بقذائف الهاون، ومع ذلك تمكن المقاتلون في المخيمات من صد العدوان.
وانطلقت حرب أمل المسعورة تحصد الرجال والنساء والأطفال، وطالت حرائقهم بعض غرف الطابقين الرابع والخامس من مستشفى المقاصد، كما أحرقوا جزءاً من دار العجزة!
واستعانت حركة أمل باللواء السادس في الجيش اللبناني المكون من أفراد من الشيعة، حيث خاض معارك شرسة ضد المسلمين السنة في بيروت الغربية.
وفي صباح اليوم التالي أي 21/ 5/ 1985، وجه اللواء السادس نداءات بواسطة مكبرات الصوت إلى سكان المخيمات تطالبهم بإخلائها تجنباً للقصف، وسارعت العائلات على الفور بالنزوح من منازلها، ولم تدم هذه الهدنة طويلاً، إذ سرعان ما عاد قصف أمل للمخيمات، وتوقف نقل الجرحى، الذين ظلوا ينزفون حتى الموت، حتى إن بعض التقارير قالت إن طفلاً من المصابين يموت كل خمس دقائق.
ولم تكن أمل الشيعية وحدها في عدوانها على المخيمات إذ سرعان ما انضمت ألوية أخرى من الجيش اللبناني الماروني ومن جيش النظام السوري النصيري إلى المعركة يجمعهم بغض أهل السنة.
واستمر حصار أمل قرابة الشهر، لم يَر فيه اللاجئون أشعة الشمس حيث خرجوا من الملاجئ بعد شهر تزكم أنوفهم رائحة الجثث المتعفنة، وليشاهدوا منازلهم المتهدمة، وكانت حصيلة العدوان كما يلي:
3100 بين قتيل وجريح، وأكثر من 15 ألف مهجر، وحوالي 90% من المنازل تهدم كليا أو جزئياً.
لقد بلغت المذابح التي ارتكبتها عناصر أمل بحق المسلمين من أهل السنة مبلغاً جعل مراسل صحيفة صنداي تايمز يقول: "إنه من الاستحالة نقل أخبار المجازر بدقة، لأن حركة أمل تمنع المصورين من دخول المخيمات، وبعضهم تلقى التهديد بالموت طعناً بالسكين". وقال المراسل أيضاً: "إنه في العادة يجري نشر أخبار المجازر بشكل واسع في الصحافة الدولية، ولكن الخوف والتهديدات وصلت إلى حد أن المصادر أصبحت تفتقر إلى أخبار المجازر، وقد جرى سحب العديد من المراسلين خوفاً عليهم من الاختطاف والقتل، ومن تبقى منهم في لبنان يجدون صعوبة وخطورة في العمل".
وذكرت صحيفة " ريبوبليكا" الإيطالية أن معاقاً فلسطينياً لا يستطيع السير، رفع يديه مستغيثاً في شاتيلا أمام عناصر أمل طالباً الرحمة، وكان الرد عليه قتله بالمسدسات.
وكشفت صحيفة صنداي تايمز عن وقوع عدد كبير من القتلى المدنيين في مخيمي صبرا وشاتيلا. ونقلت محطة BBC التلفزيونية البريطانية خبر اختفاء 1500 فلسطيني في مراكز الاستجواب التابعة لأمل، وأعربت عن اعتقادها بأن عدداً من الفلسطينيين ربما قتلوا في المستشفيات في منطقة بيروت الغربية.
وقالت إنه عثر في أحد المستشفيات على مجموعة من الجثث الفلسطينية ذبح أصحابها من الأعناق.

للاستزادة
1ـ الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ـ طبعة عام 1418هـ إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي ص 444ـ 447.
2ـ وجاء دور المجوس ـ عبد الله الغريب.
3ـ حقيقة المقاومة ـ عبد المنعم شفيق.
4ـ أمل والمخيمات الفلسطينية ـ عبد الله الغريب.
مجلة الراصد العدد السادس عشر

http://www.9q9q.net/up2/index.php?f=IiHYZxpNl

مها دحام
22/04/2008, 12:02 PM
[QUOTE
انتظر هذا البروفسور المزيف ـ عميل السي اي ايه، كل هذه السنوات بعد مجزرة حلبجه ليدلي بدلوه ضد ايران، اليس من الواضح ان هذا يدخل ضمن ستراتيجية "الاحتواء المزدوج" للعراق وايران على السواء، واتهام الطرفين معا بجريمة واحدة، حيث تفتقد اميركا الحجج الفعلية لتبرير العدوان على كل من العراق وايران[/QUOTE]


بما أن الرابط الأول لم يعمل مع انه كان موجودا . أنشر هنا هذا الرابط الثاني وهو مقال كتبة راجو تومس سنة 2002 قبل الأحتلال الأمريكي وجاء في التقرير الدراسة التي قام بها ستيفن بولتير مع ضباط من الكلية العسكرية الأمريكية عن صحة أستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة هو الذي تقول عنه مزيف أستاذي الفاضل . لم يسعفني الوقت للقيام بترجمتة .

http://www.the7thfire.com/Politics%20and%20History/GaseousLies.htm


US Army War College (USAWC) undertook a study of the use of chemical weapons by Iran and Iraq in order to better understand battlefield chemical warfare. They concluded that it was Iran and not Iraq that killed the Kurds.
by Raju Thomas
Times of India, 16 September 2002.

--------------------------------------------------------------------------------

T
he repeated American propaganda weapon to rationalise the deaths of more than one million innocent Iraqis since 1991 through economic sanctions is that Saddam Hussein used poison gas against Iranians during the Iran-Iraq war and against Iraq's own Kurdish citizens. The accusation is now being invoked to launch a full-scale American assault on Iraq. This claim of Iraq gassing its own citizens at Halabjah is suspect. First, both Iran and Iraq used chemical weapons against each other during their war. Second, at the termination of the Iran-Iraq war, professors Stephen Pelletiere and Leif Rosenberger, and Lt Colonel Douglas Johnson of the US Army War College (USAWC) undertook a study of the use of chemical weapons by Iran and Iraq in order to better understand battlefield chemical warfare. They concluded that it was Iran and not Iraq that killed the Kurds.
In the first report they wrote: "In September 1988 - a month after the war had ended...the state department abruptly, and in what many viewed as sensational manner, condemned Iraq for allegedly using chemical weapons against its Kurdish population...with the result that numerous Kurdish civilians were killed. The Iraqi government denied that any such gassing had occurred...Having looked at all the evidence that was available to us, we find it impossible to confirm the state department's claim that gas was used in this instance. To begin with there were never any victims produced. International relief organisations who examined the Kurds - in Turkey where they had gone for asylum - failed to discover any. Nor were there any found inside Iraq. The claim rests solely on testimony of the Kurds who had crossed the border into Turkey, where they were interviewed by staffers of the Senate Foreign Relations Committee."

Regarding the Halabjah incident where Iraqi soldiers were reported to have gassed their own Kurdish citizens, the USAWC investigators observed: "It appears that in seeking to punish Iraq, Congress was influenced by another incident that occurred five months earlier in another Iraq-Kurdish city, Halabjah. In March 1988, the Kurds at Halabjah were bombarded with chemical weapons, producing many deaths. Photographs of the Kurdish victims were widely disseminated in the international media. Iraq was blamed for the Halabjah attack even though it was subsequently brought out that Iran too had used chemical weapons in this operation, and it seemed likely that it was the Iranian bombardment that had actually killed the Kurds." [The Iranians thought the Kurds had fled Halabjah and that they were attacking occupying Iraqi forces. But the Iraqis had already vacated Halabjah and the Kurds had returned. Iran gassed the Kurds by accident]

In March 1991 as the massive US-led attack on Iraq ended, I was visiting the USAWC to give a lecture on South Asian security and discussed this problem with professor Pelletiere at lunch. I recall Pelletiere telling me that the USAWC investigation showed that in the Iranian mass human wave battlefield strategy, Teheran used non-persistent poison gas against Iraqi soldiers so as to be able to attack and advance into the areas vacated by Iraqis. On the other hand, Baghdad used persistent gas to halt the Iranian human wave attacks. There was a certain consistency to this pattern. However, in the Halabjah incident, the USAWC investigators discovered that the gas used that killed hundreds of Kurds was the non-persistent gas, the chemical weapon of choice of the Iranians. Note it was the Iranians who arrived at the scene first, who reported the incident to UN observers, and who took pictures of the gassed Kurdish civilians. However, Saddam Hussein's Iraq invaded and annexed Kuwait in August and the truth of the Halabjah incident became inconvenient.

I asked professor Pelletiere in March 1991, when he thought their findings would come out. I recall him telling me that it would probably take about five years after emotions over the Gulf war crisis died down. However, the USAWC report of 1990 has been dispatched into oblivion. The propaganda that Iraq gassed its own Kurdish civilians is cons-tantly invoked by the media. It was reactivated by president Clinton in December 1998 to justify the further bombing and destruction of Iraq.

Meanwhile, estimates of the number of innocents who have died in Iraq from relentless American-dictated UN sanctions range between 1-1.7 million, including more than half-a-million children. An article in The New England Journal of Medicine, assessed through a study of monthly and annual infant mortality rates in Iraq that "more than 46,900 children died between January and August 1991. UNICEF official Thomas Ekfal estimates that about 500,000 children have died in Iraq since the United Nations Security Council imposed economic sanctions on Baghdad.

If the US bombs Iraq, it is not the direct loss of Iraqi lives from "collateral damage" alone that will be the only tragedy, but the unseen and accelerated loss of lives of tens of thousands of more infants, the sick and the elderly from lack of medicine and other healthcare. Before the US bullies all countries into supporting its bombing of Iraq, major countries such as France, Germany, Russia, China, India and Indonesia should stand up in unison and say "no more [bombs]" to the sole superpower

محمد المنصور الشقحاء
22/04/2008, 05:02 PM
في الموضوع اللبناني


يقول الحكم دروزه ( فالالتزام الأخلاقي بالحقيقة العلمية مقياس رئيسي من مقاييس التقدمية، لان التقدمية تفقد معناها وتتحول إلى تقدمية شكل لا تقدمية جوهر حين تفقد القدرة على الالتزام )
وتقول بعض اجتهادات تقعيد الديمقراطية ( تعني نظرية الديمقراطية في السياسة أن السيادة مصدرها الشعب، وأنها لجميع المواطنين، لا لفرد أو طبقة أو جماعة )
والموضوع اللبناني ومن خلال تصريحات ومواقف السيد نبيه بري النائب المنتخب في منطقته والمتولي رئاسة مجلس النواب اللبناني بالتزكية الذي راقب مع اللبنانيين انسحاب القوات السورية من لبنان مع الرئيس اللبناني إميل لحود الممدد له0
لتكون المواقف المعطلة للحكومة اللبنانية المشكلة وعبر المجلس النيابي ومشاورات رئيس الجمهورية برئاسة السيد فؤاد السنيورة، ابتداء من انسحاب الوزراء التابعين لجماعة أمل ثم حزب الله والمحسوبين على رئيس الجمهورية عند مناقشة بعض المواضيع اللبنانية الصرفة ثم استقالتهم ورفض رئيس الجمهورية استقبال خطابات رئيس مجلس الوزراء لقبول الاستقالة وتعيين البديل0
ثم ما حدث من قيام عناصر عسكرية من حزب الله بتجاوز الحدود اللبنانية وخطف جنديين من قوة الدفاع الإسرائيلية واشتعال الحرب التي استمرت أكثر من شهر تم فيها تدمير كل شيء داخل لبنان وأعلن بعدها السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله النصر الالاهي0
الخطاب اللبناني القائم يذكرنا بما حدث في فلسطين عام 1914م عندما التجأت الجالية اليهودية الفلسطينية إلى الرئيس الأمريكي لمنحها حماية قنصلية أمريكا في فلسطين مع اختلاف الزمن والحالة0
لبنان استقل عام 1943م وفي عام 1975م اشتعلت الحرب الأهلية وفي عام 1990م بعد اتفاق الطائف عاد الهدوء إذا نحن نعيش ارث سياسي واجتماعي مؤثر ومتفرد بتشكله الإداري سياسيا واجتماعيا0
واليوم نجد الصراع على التعطيل والصراع على بقاء الحكومة هدف الأحزاب اللبنانية وسياسي المكاتب المصقولة على حساب الشعب اللبناني الذي يقاوم الموت بالهجرة بحثا عن المعاش0
من خلال الموضوع اللبناني أجد رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود بالتعطيل ورفض مطالب الاستقالة كان حريصا على لبنان فقاوم حتى أكمل مدته وخرج مرفوع الرأس وقد استطاع وهو يستمع للجميع أن بحرس لبنان كعسكري من العودة للوصاية السورية ويمنع السيطرة الشيعية المدعومة من إيران من اختراق العرف العام في فهم العيش المشترك الذي يعني بين المسيحيين والمسلمين وليس من خلال الدعوة للمثلثة مسيحيين ومسلمين سنه ومسلمين شيعه0
وهذا ما رشحته دوائر حزب الله وتبناه جماعة أمل من خلال نبيه بري في تفسير المبادرة العربية عشرة عشرة عشرة وتأخير اختيار رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد حتى يتم الاتفاق على أسماء الوزراء0
ولما تناقل التلفزيون صورة طاولة الحوار وشكلها الدائري المصقول والكراسي التي حولها لقادة الأجنحة والكراسي المعدة للمرافقين عرفت أن السيد نبيه بري وصل إلى الطريق المسدود وهنا أتمنى عليه وقد فشل؛ أن يتنحى بوعي عن منصب رئيس مجلس النواب فقد خان الأمانة التي أولاه إياها الناخب اللبناني وهو يعطل دور نواب الشعب في مناقشة أداء الحكومة ويغلق القاعة العامة في وجه النواب لمناقشة انتخاب رئيس الدولة0
وكنت أتمنى أن يشعر بالمسؤلية التي شعر بها السيد عمر كرامي في اغتيال الرئيس رفيق الحرير عندما فشل وزراءه في حماية مواطن لبناني فقدم استقالته وحكومته هذا التصرف يحسب لكرامي كمواطن يشعر بالوطن ويرفض السياسي المبتز من مقعد الحكم0
هنا الموضوع اللبناني يسير في طريق واحد لم يقصده السيد فؤاد السنيوره كرئيس للوزراء تولى سلطة رئيس الدولة الشاغر إنما يدفعنا لمشاهد المحطة القادمة فمن خلال الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الوزراء سوف يصدر مرسوم الانتخابات الجديد وموعدها عند انتهاء مدة المجلس الحالي وسوف يأتي مع المجلس الجديد رئيس الجمهورية والتجديد للرئيس السنيورة بوزارة جديدة لن يقف النواب ضدها ولن يعتبرها رئيسهم الجديد مبتورة إذ تحمل كل الأطياف الحريصة على لبنان الوطن0 &

مها دحام
22/04/2008, 06:04 PM
أورد هنا مقطع قمت بترجمته عن التحليل الذي أورده المفكر الأمريكي والذي ينحدر أصل أيراني وأسمه حسام دايلوأسلام حيث هرب نتيجة القمع الأيراني له ولنشطاء مثله وتم تنفيذ الأعدام لعدد منهم سنة 1981 خلال حكم الخميني

" من دوافع الدكتاتوريين الثيوقراطية والذين يحكمون أيران ويوجهون تهديداتهم المستمرة لأسرائيل هو أهتمامهم بالقضية الفلسطينية ، حيث ان هذا جزء من برامجها الأصولية التوسعية ، فأن النظام الأيراني يرغب بأن يقدم نفسه قائدا للعالم الأسلامي والشرق الأوسط ، لذلك يقوم رجال الدين بأستغلال القضايا الأقليمية والقومية والدينية بالأضافة الى أستخدام أيران الى كل من أسرائيل والولايات المتحدة كفزاعة لتبرير وتمرير نواياها السيئة في التدخل في دول الجوار ولصرف الأنتباه عن أنتشار الفقر والقمع في أيران . وداخليا تقوم بأنفاق مبالغ طائلة على القوات المسلحة للحفاظ على قبضتها الديكتاتورية .

ويسعى النظام الأيراني دائما بتصوير للمجتمع الدولي ولشعبة ان المواجهة بينه وبين أسرائيل ، حيث أتبع ملالي منظمات الدعوة هذه الأستراتيجية وكررت نفس الحجج ولفقتها ضمن القوانين والأعراف المحلية"


هذ للذين يكتبون عن ما يسمونه ( ديكاتورية) الرئيس صدام كما يقولون فبالأحرى الكتابة عن كل من كان حقا ديكتاتوريا وليس توجية الأتهام للبعض وأخفاء الحقائق عن البعض الأخر.


الرابط بالأسفل وسوف أقوم لاحقا بترجمة وبعون الله اللوبي الأيراني ودوره في الولايات المتحدة .

http://iranianlobby.com/index.php?lang=en&page=articles&mode=view&ID=47

عقاب اسماعيل بحمد المغربي
24/04/2008, 07:18 AM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


جورج حداد*


في وقت سابق، حينما كان الجنرال ميشال عون لا يزال منفيا في باريس، حمل همومه الشخصية والتيارية و"اللبنانية"، وذهب الى واشنطن، وقام بدوره في استصدار "قانون محاكمة سوريا" من قبل الكونغرس الاميركي؛ ومنذ ذلك الحين، بالاخص، اكد ميشال عون انه ليس "صديقا وفيا" فقط لفرنسا، التي انقذته في حينه من الهجوم السوري على قصر بعبدا، ومنحته الحماية واللجوء الى باريس، بل و"صديقا وفيا" للسياسة الاميركية ايضا التي تسعى الى ايجاد افضل السبل لاحاطة اسرائيل بـ"طوق امني" صديق!!

وحينذاك كان "الرفيق" وليد جنبلاط لا يزال يستقبل كضيف معزز مكرم في قصر الرئاسة في دمشق، وكزائر استثنائي في عنجر تلك الايام؛ وكان يزايد ـ ولو كلاميا ـ على السيد حسن نصرالله بالوقوف ضد المخططات الاميركية للمنطقة، وبالاخص ضد اسرائيل، وكان يقوم برحلاته المكوكية "المتعبة" بين المختارة ودمشق وعمان، للقاء مع ممثلي الطائفة الدرزية الكريمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف اتخاذ موقف موحد ضد الاحتلال الاسرائيلي، وضد تجنيد الدروز في الجيش الاسرائيلي وضد التجنيس الاسرائيلي لدروز الجولان المحتل؛

الان يجري اتهام الجنرال ميشال عون بأنه هو "اداة سورية" لعرقلة "الحل الوطني" في لبنان، ولاستمرار الازمة الدستورية حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؛

وطبعا ان هذا الاتهام يشمل الشخصية الشيعية الابرز بعد السيد حسن نصرالله، ونعني به الاستاذ نبيه بري، رئيس حركة امل ورئيس مجلس النواب اللبناني، الذي لا يقل "صداقة" لفرنسا واميركا عن الجنرال ميشال عون؛

والآن يدعي معسكر "الموالاة" في لبنان، بأن "المعارضة"، وعلى رأسها شخصيات مثل الجنرال ميشال عون والاستاذ نبيه بري، ناهيك عن "حزب الله"، هي التي تعرقل الحل الوطني، من اجل فرض مكتسبات للمعارضة لا تستحقها، ولا يمكن ان يرضى بها معسكر الموالاة؛

ولكن ارباب الموالاة يعرفون تماما انهم لا يقولون الحقيقة، وانهم لا يفعلون سوى التستير على الدور الاميركي في تعطيل "الحل الوطني" المأمول، بقصد كسب وقت ليس وقتهم، اي ليس وقتا للموالاة؛

فيما مضى، قال الجنرال ميشال عون ما معناه " الاميركيون جاؤوا بالسوريين، والاميركيون يخرجونهم". وبالفعل هذا ما حدث، وإن بثمن غال هو التضحية بالرئيس الاسبق رفيق الحريري وعدد من الشهداء الاخرين.

والان، لو شاء الاميركيون تمرير "الحل الوطني"، لاستطاعوا بكل سهولة السماح لما سمي "المبادرة العربية" او "المبادرة الفرنسية" ان تمر. فمن كان سيعترض لو تم تحريك بعض احجار الشطرنج، في اطار الموالاة او المعارضة، على طريقة "الحركة الاستقلالية" لدولة الرئيس ميشال المر مؤخرا في اطار التيار العوني؟ ومن كان سيعترض على وزير بزيادة او وزير بالناقص للمعارضة او للموالاة، لو وافق الاميركيون على مبدأ الحكومة الائتلافية المسماة مجازا، حتى لا نقول "تجليطا"، حكومة "الوحدة الوطنية"؟

فلماذا يماطل الاميركيون، ويدوخوا معهم اركان الموالاة وبعض اركان المعارضة، وجميع الملوك والرؤساء والامراء والحكام العرب، الذين لم يعد لديهم اي شغل سوى مسألة اشغال المقعد الشاغر في الرئاسة اللبنانية؟! وبتعبير ادق: ما هو الوقت الذي يريد الاميركيون ان يربحوه؟!

طبعا من السخف، الذي ما بعده سخف، ان يعتقد احد ان الاميركيين يريدون مزيدا من الوقت للبحث في مواصفات رئيس الجمهورية اللبنانية العتيد، او تركيبة الوزارة اللبنانية العتيدة، او صيغة قانون الانتخابات النيابية اللبنانية العتيدة!

ولكن الجواب عن السؤال عن هذا الوقت الضائع، او الوقت الثمين للاميركيين وحليفتهم الستراتيجية اسرائيل، ليس أحجية، بل يوجد في تقرير فينوغراد حول نتائج الحرب الاخيرة، حرب تموز ـ اب 2006 بين المقاومة واسرائيل.

فالسادة: دولة الرئيس فؤاد السنيورة، ومعالي الزعيم وليد بك جنبلاط، والحكيم الحكيم سمير جعجع، يؤكدون ان لبنان هزم في تلك الحرب، لانه قدم تضحيات جسام في ارواح المدنيين وفي الممتلكات الخاصة والعامة والبنية التحتية والاقتصاد الوطني؛ مما هو حقائق لا يمكن لاحد نكرانها، وهو ما استدعى في حينه ذرف الدموع العزيزة لدولة الرئيس.

ولكن تقرير فينوغراد جاء ليقول شيئا آخر: ان ميزان الربح والخسارة في الحرب، لا يقاس بدموع هذا الرئيس او ذاك الزعيم، ولا بالخسائر الانسانية والمادية للمدنيين والبنية التحتية، بل بمدى تحقيق الاهداف الستراتيجية للحرب. وعلى هذا الصعيد يقر تقرير فينوغراد ان اسرائيل هي التي خسرت حرب تموز ـ اب 2006، لاول مرة في تاريخ الحروب الاسرائيلية ـ العربية.

وكون اسرائيل لا تستطيع، كـ"شعب" وكمجتمع وكدولة وكجيش، ان تحتمل خسارة حرب، لان مفاعيل ذلك ستؤول حتما، وهي بدأت تؤول، الى تفكيك كل المشروع الاسرائيلي الذي خطط له منذ نهاية القرن التاسع عشر، اي منذ قرار تصفية "الرجل المريض"، اي الامبراطورية العثمانية على ايدي الدول الامبريالية، فهذا يعني بكل بساطة ان اسرائيل ـ ولكي تستعيد "توازنها الوجودي" ـ تخطط لحرب جديدة اشرس واشد فتكا وتدميرا من حرب تموز ـ اب 2006!

والمناورات العسكرية الاخيرة التي قامت بها اسرائيل تعطينا فكرة عن طبيعة الحرب القادمة. فقد تمحورت تلك الحرب على "مقاومة" الاسلحة الكيماوية والجرثومية والصاروخية وما اشبه. وهذا يعني ان اسرائيل لن تتورع في المعركة القادمة، بل هي تتحضر على قدم وساق لخوض حرب من هذا النوع، اي تطبيق نسخة مكررة ومضاعفة عن الحرب الاميركية ضد افغانستان وضد العراق، التي استخدمت فيها قنابل من وزن 7 اطنان وما فوق، وقنابل حرارية "ذكية"، وقنابل معززة باليورانيوم المنضب (جاء في الانباء مؤخرا، على لسان احد القادة السابقين للجيش العراقي السابق، انه خلال معركة مطار بغداد في نيسان 2003، القى الاميركيون،باسم "الدمقراطية"، قنبلة واحدة ابادت نصف القوات العراقية المحتشدة في المطار حيث كان الجنود يسقطون جثثا متفحمة بدون ان تتأثر ثيابهم او تحترق. وقد القى الاميركيون على العراق المظلوم، طبعا باسم "الدمقراطية" ايضا، مئات الوف اطنان اليورانيوم المنضب، مما يجعل الاراضي العراقية غير صالحة للسكن السليم لمئات الوف السنين).

ان الخطر الذي يتهدد لبنان اليوم هو اكبر بكثير من ان تتسع له ادمغة تجار "السياسة اللبنانية".

ومثلما كذب جماعة "الموالاة" على انفسهم، قبل ان يكذبوا على اي كان، بالادعاء ان سبب حرب تموز ـ اب 2006 كان هو خطف الجنديين الاسرائيليين من قبل حزب الله، لاجل المبادلة بالاسرى اللبنانيين والعرب؛ فإنهم يكذبون على انفسهم اولا، الان ايضا، حينما يدّعون ان "حماية" لبنان من اسرائيل تكون فقط في "عدم التحرش بها". ان هذه الحجة البالية تشبه تماما حجة ان الحرب العالمية الاولى اندلعت سنة 1914 بسبب اغتيال ارشيدوق النمسا في سرايفو، او ان عدوان اسرائيل على لبنان سنة 1982 وقع بسبب محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن حينذاك.

ان العدوان الاسرائيلي على لبنان ليس مسألة ان يكون او لا يكون العدوان، بل مسألة: متى وكيف سيكون!

وهنا يصبح من الضروري طرح السؤال المنطقي: وهل يستعد لبنان للحرب الحتمية القادمة، كما تستعد اسرائيل؟

بعد انتفاضة 1958 ضد كميل شمعون وحلف بغداد، طرح المرحوم صائب سلام شعارين "كيانيين"، لا يزالان يترددان الى اليوم في اجواء السياسة اللبنانية وهما: "لا غالب ولا مغلوب" و"لبنان، لا لبنانان".

وكان المقصود بذلك: الجانب الطائفي، والجانب السياسي والزعاماتي والحزبي المرتبط او غير المرتبط بالطائفية.

ويمكن القول الان ان المعارضة، والقسم الحريص فعلا على التركيبة اللبنانية من معسكر الموالاة، يعملان وان بصعوبة لتطبيق شعاري صائب سلام الشهيرين.

ولكن بمعزل عن المفهوم الطائفي، والسياسي، والطائفي ـ السياسي، ففي مواجهة خطر العدوان الاسرائيلي، يبدو فعلا انه اصبح يوجد لدينا لبنانان:

1 ـ لبنان الاول، لبنان المقاومة، على الطريقة الفيتنامية (اثناء حرب الفيتنام كان الاميركيون يصبون حممهم ويقصفون كل شيء يتحرك فوق الارض الفيتنامية؛ ولكنه كان يوجد بالفعل "فيتنام ثانية" تحت الارض: ملاجئ وانفاق؛ هي التي قاومت الاميركيين وفرضت عليهم الاعتراف بالهزيمة. وبهذا الصدد يقول احد الخبراء الستراتيجيين ان الاميركيين كانوا يحلقون على علو 40 الف قدم ويقصفون كل شيء وخصوصا كل شيء يتحرك، ولكن من هذا العلو الشاهق لم يكن بامكانهم ان يروا ويصيبوا "العدو" تحت الارض). لقد ذهل الاسرائيليون في حرب تموز ـ اب 2006، وهذا ما اثبته تقرير فينوغراد، من انهم لم يستطيعوا ان "يرصدوا" لا مواقع مقاتلي المقاومة الذين كانوا يفاجئون الجيش الاسرائيلي من حيث لا يدري، ولا مواقع ومنصات الصواريخ التي استمرت تقصف اسرائيل يوميا بالرغم من كل آلة الرصد الاميركية ـ الاسرائيلية الهائلة. والان، اذا تركنا جانبا النظام السوري المهلهل والمخلخل، وعملنا عملية جمع بسيطة بين "التكنولوجيا الروسية" + القدرات والامكانيات و"الصلوات" الايرانية + الاستعدادات الجهادية للمقاومة الوطنية الاسلامية وغير الاسلامية في لبنان، الا يمكننا الاستنتاج ان المقاومة، او لبنان المقاومة، تقوم بالاستعداد ايضا للمعركة القادمة، مثل اسرائيل واكثر؟ وفي هذه الحالة من يستطيع ان يخمن ماذا يجري في "بطون" الجبال اللبنانية، من مجاهل الجنوب حتى مجاهل عكار، وفي السلسلة الغربية والسلسلة الشرقية على السواء، هذا ناهيك عن السواحل وتضاريسها من الناقورة الى العبدة؟؟! ان اسرائيل تهدد وجود لبنان؛ والاساطيل والقواعد الاميركية في الخليج تهدد وجود ايران؛ والحلف الاطلسي وصل الى جورجيا واوكرانيا ويهدد وجود روسيا؛ فهل يعقل ان السيد حسن نصرالله، والرئيس الايراني احمدي نجاد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيكتفون بستراتيجية "الدموع السنيورية"؟؛ أليس من المنطقي جدا ان نفكر ان "بطون" الجبال والسواحل اللبنانية تخبئ لاسرائيل وللاساطيل الاميركية وربما لتركيا "مفاجآت سارة" جدا للبنتاغون الاميركي ولوزارة الحرب الاسرائيلية، تقتضي لاحقا تشكيل "لجنة فينوغراد" جديدة مشتركة: اميركية، اطلسية، اسرائيلية؟

2 ـ بالمقابل، لدينا لبنان الثاني: لبنان ـ الدولة، العضو المؤسس في الامم المتحدة، والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية.

ماذا يفعل هذا اللبنان الثاني، لمواجهة الخطر الاسرائيلي القادم والداهم؟

ـ انه يفعل اي شيء، وكل شيء، الا الاستعداد لمواجهة الخطر القادم!

وهنا ايضا يخطئ تماما "حسنو النية" من "اللبنانيين"، من امثال سمير فرنجية، وخاصة البطريركية المارونية وانصارها، بأن سلبية "لبنان ـ الدولة" حيال اسرائيل، ستعفي هذا اللبنان من العقاب.

لا نقصد هنا ما سيتعرض له المدنيون اللبنانيون من قتل وتدمير وتشريد. فـ"الدولة اللبنانية" اثبتت بامتياز ان آخر همها مصير المواطنين اللبنانيين.

ما نقصده على وجه التحديد هو مصير "الدولة اللبنانية" ذاتها.

لا شك ان السيدة الجميلة غونداليزا رايس، والجنتلمان الاميركي جورج بوش، لا ينيان يصرحان بأنهما يدعمان بقاء السنيورة في الحكم والحكومة. ولكن هذا شيء، وبقاء لبنان ـ الدولة شيء آخر.

وكي نكون صادقين مع انفسنا علينا الاعتراف ان الاميركيين، وطبعا اسرائيل، والدول الاستعمارية الاوروبية (التي يعود لها "فضل" ايجاد "دولة لبنان الكبير" بموجب اتفاقية سايكس ـ بيكو) ليست راضية عن "لبنان ـ الدولة"، اي لبنان الثاني، ايضا.

وعلينا ان نعرف طبعا: لماذا؟

في الماضي القريب، بعد تأسيس اسرائيل، قال احد "الآباء المؤسسين"، دايفيد بن غوريون، انه واثق "ان لبنان سيكون ثاني دولة عربية توقع معاهدة سلام وتعترف باسرائيل" ولكن ـ دائما يوجد ولكن ـ يقول بن غوريون "أعطوني الدولة الاولى".

وفي هذا الصدد ينبغي القول ان "بيت القصيد" في اتفاقية سايكس ـ بيكو هو "وعد بلفور"، اي التضحية بفلسطين لاجل قيام "وطن قومي يهودي" هو "اسرائيل".

اي عمليا: ان الاعتراف "العالمي" بأي دولة عربية، يعني ان "من واجب" هذه "الدولة العربية" ان تعترف باسرائيل.

فماذا اعطتنا "التجربة" على ارض الواقع؟

ـ لنأخذ، على الاقل، ما كان يسمى: دول الطوق.

ـ لقد اعترفت مصر وطبّعت، طبعا مصر ـ الدولة، لا مصر ـ الشعب المظلوم، الذي تضاعف ظلمه، بكل المقاييس، بعد "كامب دايفيد" و"التطبيع".

ـ واعترف النظام الهاشمي الاردني، الذي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لـ"الثورة العربية الكبرى" بقيادة الشريف حسين بن علي رحمه الله.

ـ ووقع النظام "الثوري" السوري اتفاقية فصل القوات في الجولان المحتل، وهو يمنع ـ تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات السورية ـ اي مقاومة مسلحة لاحتلال اراضي "الدولة السورية" السايكس ـ بيكوية، وينادي بأن هدفه هو الوصول الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل.

ـ وحتى منظمة التحرير الفلسطينية وقعت "اتفاقية اوسلو"، التي ذهب ويذهب ضحيتها الى الان الوف والوف الشهداء الفلسطينيين، بمن فيهم الرئيس ياسر عرفات نفسه؛ والرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس يذوب شوقا للتفاهم الفلسطيني ـ الاسرائيلي، برعاية اميركية، حتى لو لم يبق في فلسطين فلسطيني واحد غيره.

اما لبنان ـ الدولة، فقد شذ عن هذه القاعدة. كيف؟ ولماذا؟ تلك هي المعضلة، التي تحاول الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية ان تجدا لها "حلا".

ـ سنة 1920، بعد سحق الجيش العربي في ميسلون، جمع المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو "وجوه الصحارة" اللبنانية في مقره في "قصر الصنوبر" ببيروت واعلن "دولة لبنان الكبير" (متصرفية جبل لبنان + الاقضية الاربعة) وقال لهم بالفم الملآن: "ان الفتية الفرنسيين الذين قدموا ارواحهم في سهل ميسلون هم "عرّابو" استقلالكم". ومنذ ذلك الحين سمى بعض اللبنانيين فرنسا "الام الحنون"، التي صار لبنان بالنسبة لها "الابن المدلل".

ـ وفي 1946، حينما اضطرت فرنسا للجلاء عن لبنان وسوريا، "تنازلت" عن "القاعدة البحرية" (base navalle) الشهيرة في بيروت لـ"حزب الكتائب اللبنانية" بقيادة الشيخ بيار الجميل (والد الرئيسين: بشير وامين). وتحولت "الباز نافال" الفرنسية الى "البيت المركزي" للكتائب اللبنانية، وفي حرب السنتين الى "المجلس الحربي" الشهير، وبعد الاجتياح الاسرائيلي تحول هذا "المجلس الحربي" الى مقر للمخابرات الاسرائيلية ـ الموساد، قبل ان ينتقل المقر الى "اوتيل الاسكندر" في محلة الاشرفية.

ـ وفي 1953 (وكان اليهود اللبنانيون لا يزالون موجودين في لبنان بكثافة، اي لم يكونوا بعد قد تلقوا الاوامر بالمغادرة الى اسرائيل)، وخلال اول انتخابات نيابية في العهد المشؤوم لكميل شمعون، فاز اول نائب "كتائبي" هو جوزف شادر، باصوات يهود حي وادي ابو جميل، حيث صب الى جانبه ثلاثة الاف صوت يهودي. وقد اعترف الياس ربابي (عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب) في مذكراته بالاتصالات الكتائبية ـ الاسرائيلية، والدعم المالي والسياسي (والخافي اعظم) الذي تلقاه حزب الكتائب من اسرائيل، اعتبارا لما كان وسيكون! ومنذ ذلك الحين تحول حزب الكتائب الى رقم طائفي صعب (موال للغرب واسرائيل) في المعادلة الكيانية اللبنانية.

ـ وبالرغم من "مسيحيته" (اليوضاسية!)، كان حزب الكتائب ينادي دائما بالحياد في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وكان الشيخ بيار الجميل يرفع شعار "لبنان قوته في ضعفه". ولكن بعد يأس الجماهير الفلسطينية المشردة، من الانظمة العربية، وخصوصا بعد هزيمة حزيران 1967، وظهور العمل الفدائي بقوة، كشر حزب الكتائب، والى جانبه تنظيم "نمور" كميل شمعون، عن انيابهم الاسرائيلية، واخذوا يتدربون بكثافة ويتلقون الاموال والاسلحة من ايران الشاه والسعودية والاردن، و"سرا" من اسرائيل (يقول كثير من المعلومات الصحفية ان كميات كبيرة من الاسلحة السوفياتية وغيرها التي غنمها الجيش الاسرائيلي في حرب 1967 قد وصلت بسحر ساحر الى ايدي الكتائب والشمعونيين)، وبالتعاون مع الطابور الخامس الموالي للغرب الاستعماري واسرائيل، داخل اجهزة السلطة اللبنانية، بدأ ما يسمى "اليمين اللبناني" المناوشات العسكرية، التي تطورت الى ما يسمى "الحرب اللبنانية" في 1975، ضد المقاومة الفلسطينية وحليفتها القوى الوطنية اللبنانية.

ـ ولكن التطورات الدرامية للحرب اللبنانية كانت ستقود حتما الى هزيمة ساحقة لحزب الكتائب وحلفائه، والى انتصار الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الشهيد كمال جنبلاط. فأسرع الاميركيون، ومعهم ضمنا الاسرائيليين، لعقد صفقة سرية مع النظام الدكتاتوري السوري (لم تتضح الى اليوم كل حذافيرها؛ والايام كفيلة بكشفها) وادخاله الى لبنان، استنادا الى قاعدة "الكحل احسن من العمى". وكانت اولى "الانجازات القومية!" للنظام السوري في لبنان المساهمة في اسقاط مخيم تل الزعتر الفلسطيني، واحياء حاجين وشرشبوك والمسلخ والكرنتينا وبرج حمود والنبعة في ما كان يسمى "بيروت الشرقية" و"الشرقية"، ومحاصرة القوات الوطنية المشتركة في صنين وانقاذ الكتائب وحلفائهم من الهزيمة المحققة في معركة المتن. وكل ذلك تحت الشعار الكاذب الذي اطلقه الرئيس السوري الراحل (بطل "الدفاع" عن الجولان في حزيران 1967) حافظ الاسد، ونعني به شعار "الدفاع عن المسيحيين!". كأنما المسيحيون هم فقط الخونة وعملاء اسرائيل: الكتائب والشمعونيون واضرابهم. ولاحقا قام النظام السوري بالتصفية الجسدية لكمال جنبلاط، واشترك، مع الاجهزة الليبية وبعض الاطراف الفلسطينية وربما الايرانية ايضا، في المؤامرة الاميركية ـ الاسرائيلية لـ"تغييب" الامام موسى الصدر، بهدف اضعاف روح المقاومة والنضال لدى الجماهير الوطنية اللبنانية، ولا سيما الجماهير الشعبية الشيعية التي كانت تعاني الامرين من النظام الرأسمالي ـ الطائفي اللبناني ومن قيام اسرائيل في 1948. وطوال حوالى الثلاثين سنة حول النظام الدكتاتوري السوري لبنان الى مغارة علي بابا والاربعين حرامي، والى غابة "الداخل اليها مفقود والخارج مولود". ولكن كل ذلك لم يستطع ان يخمد الروح الوطنية والكفاحية لدى الجماهير الشعبية اللبنانية والفلسطينية في لبنان.

ـ وفي 1978 "اضطرت" اسرائيل لاحتلال ما يسمى "الشريط الحدودي" في لبنان الجنوبي. وشكلت "دولة سعد حداد" التي تحولت فيما بعد الى "دولة لحد" وجيشها المرتبط مباشرة باسرائيل (مع ان عناصره "الجيشية" السابقة ظلوا يتلقون معاشاتهم من "اليرزة") المسمى "جيش لبنان الجنوبي". ولكن كل ذلك لم يؤد الى كسر شوكة الجماهير الوطنية اللبنانية والفلسطينية والجنوبيين والشيعة خصوصا؛ بل على العكس، فإن ضاحية بيروت الجنوبية (التي كانت تعد حوالى مليون انسان) ومنطقة البقاع الشرقي وغيرها، ناهيك عن المخيمات الفلسطينية، اصبحت تغلي كالبركان.

ـ وفي صيف 1982 "اضطرت"، مرة اخرى، اسرائيل لاجتياج لبنان واحتلال عاصمته بيروت نفسها. وصعد أريئيل شارون بشحمه ولحمه الى قصر بعبدا، وازاح رئيس الحرس الضابط رفيق الحسن من مقعده، وجلس مكانه بكل عنجهية، ليأخذ صورة تذكارية. ثم جاؤوا ببشير، ابن حليفهم "التاريخي" بيار الجميل، وفرضوه بقوة الدبابات الاسرائيلية رئيسا للجمهورية اللبنانية. وذهب "الرئيس المنتخب!" بشير الجميل صاغرا الى اسرائيل، واجتمع بمناحيم بيغن، الذي طلب منه (تحقيقا لـ"نبوءة" دايفيد بن غوريون) توقيع معاهدة سلام بين لبنان واسرائيل، على غرار معاهدة كامب دايفيد. ولكن في العجلة من امره (والعجلة من الشيطان!) فإن مناحيم بيغن نسي او تناسى ان لبنان ليس بلدا عربيا دكتاتوريا، يكفي فيه ان يأتي ضابط او زعيم ميليشيا او شيخ عشيرة الى كرسي الرئاسة او المملكة حتى يصبح الحاكم بأمره؛ بل هو "بلد دمقراطي" يتنعم بـ"الدمقراطية الطائفية التوافقية" ولا يستطيع ان يحلق الا بـ"جناحيه" (المسيحي ـ المسلم)، ومن ثم من الضروري الحصول على توقيع القيادات الاسلامية على اتفاقية "السلام" مع اسرائيل، الى جانب توقيع عائلة الجميل (باسم المسيحيين!!). طبعا خاب امل مناحيم بيغن. ولكن خيبة امل بشير الجميل كانت اكبر. فقد عاد الى لبنان يحمل هما اكبر منه، وهو هم تحقيق نبوءة بن غوريون في توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل. ولكن التاريخ الاسود لبشير الجميل، في ذبح عشرات الوف المسلمين اللبنانيين على الهوية... خدمة لاميركا واسرائيل، اصبح يشكل عبئا عليه في اقناع القيادات "الاسلامية" بوضع تواقيعها الى جانب توقيعه على معاهدة السلام مع اسرائيل. وفتح هذا الفشل للرئيس المنتخب بشير الجميل الطريق امام تصفيته جسديا، والمجيء بمن هو اقدر على توقيع الاتفاق مع اسرائيل.

ـ فجاء (ما حدا غريب) الابن الثاني لبيار الجميل، المحامي المكيافيلي والسياسي المحنك والجريء في نفس الوقت (الذي لم يتوان يوما من صفع رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رشيد الصلح في مجلس النواب بالذات) الى رئاسة الجمهورية، بمهمة رئيسية هي توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، حتى يمكن لبقية "قطار السلام العربي"، الذي توقف في المحطة اللبنانية، ان يتابع المسير. ونظمت "طاولة ثلاثية" وعقدت محادثات اسرائيلية ـ لبنانية برعاية اميركية، نتج عنها "اتفاق 17 ايار 1983" المشهور، للسلام بين لبنان واسرائيل، ونجح امين الجميل في الحصول على توقيع رئيس الوزراء المسلم شفيق الوزان، كما وفي الحصول على تصديق مجلس النواب اللبناني على الاتفاق، بمن فيه من "نواب الامة" المسلمين. ولم يعارض الاتفاق سوى النائبين الوطنيين زاهر الخطيب (مسلم) ونجاح واكيم (مسيحي). ولكن "الداهية السياسي" امين الجميل تريث في توقيع الاتفاق بصفته رئيسا للجمهورية، حتى لا يعطي الاسرائيليين "صكا ممنوعا من الصرف". ذلك ان الشارع الوطني كان يغلي، وعمليات المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي كانت قد بدأت واخذت تتوسع، وفي اواخر 1983 تم تفجير مقر المارينز حيث سقط حوالى 250 عنصرا من القوات الاميركية المدللة، وتفجير مقر القيادة الفرنسية حيث سقط عشرات الجنود والضباط الفرنسيين. وفي 6 شباط 1984 انشق الجيش اللبناني ذاته على نفسه، وعادت دورة العنف الى لبنان. وفي 5/3/1984 اضطر امين الجميل لان يلغي "اتفاق 17 ايار".

ـ وهكذا تحطمت تماما "نبوءة" دايفيد بن غوريون، واصبح من الواضح انه لا لبنان الاول (لبنان المقاومة)، بل ايضا لبنان الثاني (لبنان الدولة)، بين جميع دول سايكس ـ بيكو العربية (عربية جدا!!)، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية (وطنية جدا! وفلسطينية جدا جدا!!) يسير بعكس السير، على طريقة "مكرها اخاك لا بطل".

ـ وكانت الطامة الكبرى، بالنسبة للمخططات الاميركية ـ الاسرائيلية للمنطقة، انه ـ بعد التحرير في 25 ايار 2000 ـ حاول رفيق الحريري، بما كان يمثل من مصالح طبقية، مالية وسياسية كبرى، سعودية ولبنانية وعربية واسلامية، ان يجد "معادلة تفاهم" مع حزب الله على قاعدة التوفيق بين معركة التحرير والمصالح الرأسمالية التي تعمل وتغطي نشاطاتها المشروعة وغير المشروعة تحت شعار "التنمية". فضربت الاجهزة الاميركية ـ الاسرائيلية، وشركاؤها المكشوفين والسريين اللبنانيين والسوريين والعرب، ضربتها بإزاحة هذا الاحتمال المزعج، عن طريق التصفية الشخصية لرفيق الحريري.

ـ ومرة اخرى "اضطرت" اسرائيل للتدخل العسكري المباشر، في حرب تموز ـ اب 2006، لتصحيح مسار "قطار السلام العربي"، عن طريق تحطيم لبنان الاول (لبنان المقاومة) واجبار لبنان الثاني (لبنان الدولة) على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل.

ولكن العدوان فشل فشل ذريعا، واعترفت اسرائيل ذاتها بالهزيمة، وشكلت ـ لاول مرة في تاريخها ـ لجنة تحقيق في اسباب الفشل والهزيمة هي لجنة فينوغراد التي سبق واشرنا اليها.

والان فإن لبنان هو ابعد ما يكون عن تحقيق "نبوءة" بن غوريون، ليس فقط لان اسرائيل تدرك الان ان كل "اراضيها" اصبحت مهددة بالمقاومة وفدائييها وصواريخها، بل ولان لبنان الدولة ايضا يبتعد اكثر فأكثر عن احتمال القبول باتفاقية السلام مع اسرائيل. حتى السيدة المحترمة ستريدا سمير جعجع تصرح ان "لبنان سيكون آخر دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل". تصوروا ان لبنان الدولة سيوقع مثل هذه المعاهدة بعد الصومال وجزر القمر، وربما ـ بل والاكيد ـ انه لن يوقع حتى حينذاك.

ماذا تبقى لاميركا واسرائيل ان تفعلاه مع "العقدة" اللبنانية، التي تهدد بافشال كل مخططات "الشرق الاوسط الكبير الجديد" التي سبق واعلن عنها جورج بوش؟

ـ جواب ترجيحي: "العقدة" التي لا يمكن حلها... من الافضل ان يتم كسرها.

وهذا هو الارجح: اي ان الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، ومعهما حلفاؤهما السريين والمكشوفين العرب، سيعملون ـ تحت الشعارات الاميركية المنادية بـ"الفوضى البناءة" او "اللااستقرار البناء" ـ على فتح الدفاتر القديمة، وتقسيم لبنان الى دويلات صغيرة (اسهل على "الهضم")، مثل:

1 ـ جمهورية سمير جعجع نصف ربع عشر المسيحية (المارونية) وعاصمتها (اي مغارة صالحة في وادي قاديشا).

2 ـ امارة وليد بك جنبلاط نصف ربع عشر الدرزية وعاصمتها خيمة مضروبة فوق اطلال قصر المختارة.

3 ـ مملكة سوليدار المالية وعاصمتها بناء سوبر عصري، يربض على مدخله جمل وناقة من الربع الخالي، فوق مزبلة النورماندي.

ولكن حتى لو افترضنا المستحيل ونجح مخطط التقسيم الطائفي للبنان، فمن المشكوك فيه ان يجرؤ احد على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، لانه صار من الواضح تماما ـ في لبنان ـ ان الذي يوقع على معاهدة سلام مع اسرائيل، لن يفيد اسرائيل، لانه ليس في يده ان يضمن السلام لاسرائيل، بل كل ما سيفعله هو انه سيحكم على نفسه بالاعدام، السياسي اولا.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

*كاتب لبناني مستقل

:tired:
الكاتب اللبناني المستقل
اين الاستقلالية؟؟؟؟؟؟
كلامك واضح فاضح
جنرالك او لاا احد
ان يختار اللبناني وطنا خيرا من ان يختار مالا......................
مصيبة لبنان الافكار المطبوخة
***

الشاعر اللبناني
ابو شوقي

عقاب اسماعيل بحمد المغربي
24/04/2008, 07:18 AM
هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!


جورج حداد*


في وقت سابق، حينما كان الجنرال ميشال عون لا يزال منفيا في باريس، حمل همومه الشخصية والتيارية و"اللبنانية"، وذهب الى واشنطن، وقام بدوره في استصدار "قانون محاكمة سوريا" من قبل الكونغرس الاميركي؛ ومنذ ذلك الحين، بالاخص، اكد ميشال عون انه ليس "صديقا وفيا" فقط لفرنسا، التي انقذته في حينه من الهجوم السوري على قصر بعبدا، ومنحته الحماية واللجوء الى باريس، بل و"صديقا وفيا" للسياسة الاميركية ايضا التي تسعى الى ايجاد افضل السبل لاحاطة اسرائيل بـ"طوق امني" صديق!!

وحينذاك كان "الرفيق" وليد جنبلاط لا يزال يستقبل كضيف معزز مكرم في قصر الرئاسة في دمشق، وكزائر استثنائي في عنجر تلك الايام؛ وكان يزايد ـ ولو كلاميا ـ على السيد حسن نصرالله بالوقوف ضد المخططات الاميركية للمنطقة، وبالاخص ضد اسرائيل، وكان يقوم برحلاته المكوكية "المتعبة" بين المختارة ودمشق وعمان، للقاء مع ممثلي الطائفة الدرزية الكريمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف اتخاذ موقف موحد ضد الاحتلال الاسرائيلي، وضد تجنيد الدروز في الجيش الاسرائيلي وضد التجنيس الاسرائيلي لدروز الجولان المحتل؛

الان يجري اتهام الجنرال ميشال عون بأنه هو "اداة سورية" لعرقلة "الحل الوطني" في لبنان، ولاستمرار الازمة الدستورية حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؛

وطبعا ان هذا الاتهام يشمل الشخصية الشيعية الابرز بعد السيد حسن نصرالله، ونعني به الاستاذ نبيه بري، رئيس حركة امل ورئيس مجلس النواب اللبناني، الذي لا يقل "صداقة" لفرنسا واميركا عن الجنرال ميشال عون؛

والآن يدعي معسكر "الموالاة" في لبنان، بأن "المعارضة"، وعلى رأسها شخصيات مثل الجنرال ميشال عون والاستاذ نبيه بري، ناهيك عن "حزب الله"، هي التي تعرقل الحل الوطني، من اجل فرض مكتسبات للمعارضة لا تستحقها، ولا يمكن ان يرضى بها معسكر الموالاة؛

ولكن ارباب الموالاة يعرفون تماما انهم لا يقولون الحقيقة، وانهم لا يفعلون سوى التستير على الدور الاميركي في تعطيل "الحل الوطني" المأمول، بقصد كسب وقت ليس وقتهم، اي ليس وقتا للموالاة؛

فيما مضى، قال الجنرال ميشال عون ما معناه " الاميركيون جاؤوا بالسوريين، والاميركيون يخرجونهم". وبالفعل هذا ما حدث، وإن بثمن غال هو التضحية بالرئيس الاسبق رفيق الحريري وعدد من الشهداء الاخرين.

والان، لو شاء الاميركيون تمرير "الحل الوطني"، لاستطاعوا بكل سهولة السماح لما سمي "المبادرة العربية" او "المبادرة الفرنسية" ان تمر. فمن كان سيعترض لو تم تحريك بعض احجار الشطرنج، في اطار الموالاة او المعارضة، على طريقة "الحركة الاستقلالية" لدولة الرئيس ميشال المر مؤخرا في اطار التيار العوني؟ ومن كان سيعترض على وزير بزيادة او وزير بالناقص للمعارضة او للموالاة، لو وافق الاميركيون على مبدأ الحكومة الائتلافية المسماة مجازا، حتى لا نقول "تجليطا"، حكومة "الوحدة الوطنية"؟

فلماذا يماطل الاميركيون، ويدوخوا معهم اركان الموالاة وبعض اركان المعارضة، وجميع الملوك والرؤساء والامراء والحكام العرب، الذين لم يعد لديهم اي شغل سوى مسألة اشغال المقعد الشاغر في الرئاسة اللبنانية؟! وبتعبير ادق: ما هو الوقت الذي يريد الاميركيون ان يربحوه؟!

طبعا من السخف، الذي ما بعده سخف، ان يعتقد احد ان الاميركيين يريدون مزيدا من الوقت للبحث في مواصفات رئيس الجمهورية اللبنانية العتيد، او تركيبة الوزارة اللبنانية العتيدة، او صيغة قانون الانتخابات النيابية اللبنانية العتيدة!

ولكن الجواب عن السؤال عن هذا الوقت الضائع، او الوقت الثمين للاميركيين وحليفتهم الستراتيجية اسرائيل، ليس أحجية، بل يوجد في تقرير فينوغراد حول نتائج الحرب الاخيرة، حرب تموز ـ اب 2006 بين المقاومة واسرائيل.

فالسادة: دولة الرئيس فؤاد السنيورة، ومعالي الزعيم وليد بك جنبلاط، والحكيم الحكيم سمير جعجع، يؤكدون ان لبنان هزم في تلك الحرب، لانه قدم تضحيات جسام في ارواح المدنيين وفي الممتلكات الخاصة والعامة والبنية التحتية والاقتصاد الوطني؛ مما هو حقائق لا يمكن لاحد نكرانها، وهو ما استدعى في حينه ذرف الدموع العزيزة لدولة الرئيس.

ولكن تقرير فينوغراد جاء ليقول شيئا آخر: ان ميزان الربح والخسارة في الحرب، لا يقاس بدموع هذا الرئيس او ذاك الزعيم، ولا بالخسائر الانسانية والمادية للمدنيين والبنية التحتية، بل بمدى تحقيق الاهداف الستراتيجية للحرب. وعلى هذا الصعيد يقر تقرير فينوغراد ان اسرائيل هي التي خسرت حرب تموز ـ اب 2006، لاول مرة في تاريخ الحروب الاسرائيلية ـ العربية.

وكون اسرائيل لا تستطيع، كـ"شعب" وكمجتمع وكدولة وكجيش، ان تحتمل خسارة حرب، لان مفاعيل ذلك ستؤول حتما، وهي بدأت تؤول، الى تفكيك كل المشروع الاسرائيلي الذي خطط له منذ نهاية القرن التاسع عشر، اي منذ قرار تصفية "الرجل المريض"، اي الامبراطورية العثمانية على ايدي الدول الامبريالية، فهذا يعني بكل بساطة ان اسرائيل ـ ولكي تستعيد "توازنها الوجودي" ـ تخطط لحرب جديدة اشرس واشد فتكا وتدميرا من حرب تموز ـ اب 2006!

والمناورات العسكرية الاخيرة التي قامت بها اسرائيل تعطينا فكرة عن طبيعة الحرب القادمة. فقد تمحورت تلك الحرب على "مقاومة" الاسلحة الكيماوية والجرثومية والصاروخية وما اشبه. وهذا يعني ان اسرائيل لن تتورع في المعركة القادمة، بل هي تتحضر على قدم وساق لخوض حرب من هذا النوع، اي تطبيق نسخة مكررة ومضاعفة عن الحرب الاميركية ضد افغانستان وضد العراق، التي استخدمت فيها قنابل من وزن 7 اطنان وما فوق، وقنابل حرارية "ذكية"، وقنابل معززة باليورانيوم المنضب (جاء في الانباء مؤخرا، على لسان احد القادة السابقين للجيش العراقي السابق، انه خلال معركة مطار بغداد في نيسان 2003، القى الاميركيون،باسم "الدمقراطية"، قنبلة واحدة ابادت نصف القوات العراقية المحتشدة في المطار حيث كان الجنود يسقطون جثثا متفحمة بدون ان تتأثر ثيابهم او تحترق. وقد القى الاميركيون على العراق المظلوم، طبعا باسم "الدمقراطية" ايضا، مئات الوف اطنان اليورانيوم المنضب، مما يجعل الاراضي العراقية غير صالحة للسكن السليم لمئات الوف السنين).

ان الخطر الذي يتهدد لبنان اليوم هو اكبر بكثير من ان تتسع له ادمغة تجار "السياسة اللبنانية".

ومثلما كذب جماعة "الموالاة" على انفسهم، قبل ان يكذبوا على اي كان، بالادعاء ان سبب حرب تموز ـ اب 2006 كان هو خطف الجنديين الاسرائيليين من قبل حزب الله، لاجل المبادلة بالاسرى اللبنانيين والعرب؛ فإنهم يكذبون على انفسهم اولا، الان ايضا، حينما يدّعون ان "حماية" لبنان من اسرائيل تكون فقط في "عدم التحرش بها". ان هذه الحجة البالية تشبه تماما حجة ان الحرب العالمية الاولى اندلعت سنة 1914 بسبب اغتيال ارشيدوق النمسا في سرايفو، او ان عدوان اسرائيل على لبنان سنة 1982 وقع بسبب محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن حينذاك.

ان العدوان الاسرائيلي على لبنان ليس مسألة ان يكون او لا يكون العدوان، بل مسألة: متى وكيف سيكون!

وهنا يصبح من الضروري طرح السؤال المنطقي: وهل يستعد لبنان للحرب الحتمية القادمة، كما تستعد اسرائيل؟

بعد انتفاضة 1958 ضد كميل شمعون وحلف بغداد، طرح المرحوم صائب سلام شعارين "كيانيين"، لا يزالان يترددان الى اليوم في اجواء السياسة اللبنانية وهما: "لا غالب ولا مغلوب" و"لبنان، لا لبنانان".

وكان المقصود بذلك: الجانب الطائفي، والجانب السياسي والزعاماتي والحزبي المرتبط او غير المرتبط بالطائفية.

ويمكن القول الان ان المعارضة، والقسم الحريص فعلا على التركيبة اللبنانية من معسكر الموالاة، يعملان وان بصعوبة لتطبيق شعاري صائب سلام الشهيرين.

ولكن بمعزل عن المفهوم الطائفي، والسياسي، والطائفي ـ السياسي، ففي مواجهة خطر العدوان الاسرائيلي، يبدو فعلا انه اصبح يوجد لدينا لبنانان:

1 ـ لبنان الاول، لبنان المقاومة، على الطريقة الفيتنامية (اثناء حرب الفيتنام كان الاميركيون يصبون حممهم ويقصفون كل شيء يتحرك فوق الارض الفيتنامية؛ ولكنه كان يوجد بالفعل "فيتنام ثانية" تحت الارض: ملاجئ وانفاق؛ هي التي قاومت الاميركيين وفرضت عليهم الاعتراف بالهزيمة. وبهذا الصدد يقول احد الخبراء الستراتيجيين ان الاميركيين كانوا يحلقون على علو 40 الف قدم ويقصفون كل شيء وخصوصا كل شيء يتحرك، ولكن من هذا العلو الشاهق لم يكن بامكانهم ان يروا ويصيبوا "العدو" تحت الارض). لقد ذهل الاسرائيليون في حرب تموز ـ اب 2006، وهذا ما اثبته تقرير فينوغراد، من انهم لم يستطيعوا ان "يرصدوا" لا مواقع مقاتلي المقاومة الذين كانوا يفاجئون الجيش الاسرائيلي من حيث لا يدري، ولا مواقع ومنصات الصواريخ التي استمرت تقصف اسرائيل يوميا بالرغم من كل آلة الرصد الاميركية ـ الاسرائيلية الهائلة. والان، اذا تركنا جانبا النظام السوري المهلهل والمخلخل، وعملنا عملية جمع بسيطة بين "التكنولوجيا الروسية" + القدرات والامكانيات و"الصلوات" الايرانية + الاستعدادات الجهادية للمقاومة الوطنية الاسلامية وغير الاسلامية في لبنان، الا يمكننا الاستنتاج ان المقاومة، او لبنان المقاومة، تقوم بالاستعداد ايضا للمعركة القادمة، مثل اسرائيل واكثر؟ وفي هذه الحالة من يستطيع ان يخمن ماذا يجري في "بطون" الجبال اللبنانية، من مجاهل الجنوب حتى مجاهل عكار، وفي السلسلة الغربية والسلسلة الشرقية على السواء، هذا ناهيك عن السواحل وتضاريسها من الناقورة الى العبدة؟؟! ان اسرائيل تهدد وجود لبنان؛ والاساطيل والقواعد الاميركية في الخليج تهدد وجود ايران؛ والحلف الاطلسي وصل الى جورجيا واوكرانيا ويهدد وجود روسيا؛ فهل يعقل ان السيد حسن نصرالله، والرئيس الايراني احمدي نجاد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيكتفون بستراتيجية "الدموع السنيورية"؟؛ أليس من المنطقي جدا ان نفكر ان "بطون" الجبال والسواحل اللبنانية تخبئ لاسرائيل وللاساطيل الاميركية وربما لتركيا "مفاجآت سارة" جدا للبنتاغون الاميركي ولوزارة الحرب الاسرائيلية، تقتضي لاحقا تشكيل "لجنة فينوغراد" جديدة مشتركة: اميركية، اطلسية، اسرائيلية؟

2 ـ بالمقابل، لدينا لبنان الثاني: لبنان ـ الدولة، العضو المؤسس في الامم المتحدة، والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية.

ماذا يفعل هذا اللبنان الثاني، لمواجهة الخطر الاسرائيلي القادم والداهم؟

ـ انه يفعل اي شيء، وكل شيء، الا الاستعداد لمواجهة الخطر القادم!

وهنا ايضا يخطئ تماما "حسنو النية" من "اللبنانيين"، من امثال سمير فرنجية، وخاصة البطريركية المارونية وانصارها، بأن سلبية "لبنان ـ الدولة" حيال اسرائيل، ستعفي هذا اللبنان من العقاب.

لا نقصد هنا ما سيتعرض له المدنيون اللبنانيون من قتل وتدمير وتشريد. فـ"الدولة اللبنانية" اثبتت بامتياز ان آخر همها مصير المواطنين اللبنانيين.

ما نقصده على وجه التحديد هو مصير "الدولة اللبنانية" ذاتها.

لا شك ان السيدة الجميلة غونداليزا رايس، والجنتلمان الاميركي جورج بوش، لا ينيان يصرحان بأنهما يدعمان بقاء السنيورة في الحكم والحكومة. ولكن هذا شيء، وبقاء لبنان ـ الدولة شيء آخر.

وكي نكون صادقين مع انفسنا علينا الاعتراف ان الاميركيين، وطبعا اسرائيل، والدول الاستعمارية الاوروبية (التي يعود لها "فضل" ايجاد "دولة لبنان الكبير" بموجب اتفاقية سايكس ـ بيكو) ليست راضية عن "لبنان ـ الدولة"، اي لبنان الثاني، ايضا.

وعلينا ان نعرف طبعا: لماذا؟

في الماضي القريب، بعد تأسيس اسرائيل، قال احد "الآباء المؤسسين"، دايفيد بن غوريون، انه واثق "ان لبنان سيكون ثاني دولة عربية توقع معاهدة سلام وتعترف باسرائيل" ولكن ـ دائما يوجد ولكن ـ يقول بن غوريون "أعطوني الدولة الاولى".

وفي هذا الصدد ينبغي القول ان "بيت القصيد" في اتفاقية سايكس ـ بيكو هو "وعد بلفور"، اي التضحية بفلسطين لاجل قيام "وطن قومي يهودي" هو "اسرائيل".

اي عمليا: ان الاعتراف "العالمي" بأي دولة عربية، يعني ان "من واجب" هذه "الدولة العربية" ان تعترف باسرائيل.

فماذا اعطتنا "التجربة" على ارض الواقع؟

ـ لنأخذ، على الاقل، ما كان يسمى: دول الطوق.

ـ لقد اعترفت مصر وطبّعت، طبعا مصر ـ الدولة، لا مصر ـ الشعب المظلوم، الذي تضاعف ظلمه، بكل المقاييس، بعد "كامب دايفيد" و"التطبيع".

ـ واعترف النظام الهاشمي الاردني، الذي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لـ"الثورة العربية الكبرى" بقيادة الشريف حسين بن علي رحمه الله.

ـ ووقع النظام "الثوري" السوري اتفاقية فصل القوات في الجولان المحتل، وهو يمنع ـ تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات السورية ـ اي مقاومة مسلحة لاحتلال اراضي "الدولة السورية" السايكس ـ بيكوية، وينادي بأن هدفه هو الوصول الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل.

ـ وحتى منظمة التحرير الفلسطينية وقعت "اتفاقية اوسلو"، التي ذهب ويذهب ضحيتها الى الان الوف والوف الشهداء الفلسطينيين، بمن فيهم الرئيس ياسر عرفات نفسه؛ والرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس يذوب شوقا للتفاهم الفلسطيني ـ الاسرائيلي، برعاية اميركية، حتى لو لم يبق في فلسطين فلسطيني واحد غيره.

اما لبنان ـ الدولة، فقد شذ عن هذه القاعدة. كيف؟ ولماذا؟ تلك هي المعضلة، التي تحاول الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية ان تجدا لها "حلا".

ـ سنة 1920، بعد سحق الجيش العربي في ميسلون، جمع المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو "وجوه الصحارة" اللبنانية في مقره في "قصر الصنوبر" ببيروت واعلن "دولة لبنان الكبير" (متصرفية جبل لبنان + الاقضية الاربعة) وقال لهم بالفم الملآن: "ان الفتية الفرنسيين الذين قدموا ارواحهم في سهل ميسلون هم "عرّابو" استقلالكم". ومنذ ذلك الحين سمى بعض اللبنانيين فرنسا "الام الحنون"، التي صار لبنان بالنسبة لها "الابن المدلل".

ـ وفي 1946، حينما اضطرت فرنسا للجلاء عن لبنان وسوريا، "تنازلت" عن "القاعدة البحرية" (base navalle) الشهيرة في بيروت لـ"حزب الكتائب اللبنانية" بقيادة الشيخ بيار الجميل (والد الرئيسين: بشير وامين). وتحولت "الباز نافال" الفرنسية الى "البيت المركزي" للكتائب اللبنانية، وفي حرب السنتين الى "المجلس الحربي" الشهير، وبعد الاجتياح الاسرائيلي تحول هذا "المجلس الحربي" الى مقر للمخابرات الاسرائيلية ـ الموساد، قبل ان ينتقل المقر الى "اوتيل الاسكندر" في محلة الاشرفية.

ـ وفي 1953 (وكان اليهود اللبنانيون لا يزالون موجودين في لبنان بكثافة، اي لم يكونوا بعد قد تلقوا الاوامر بالمغادرة الى اسرائيل)، وخلال اول انتخابات نيابية في العهد المشؤوم لكميل شمعون، فاز اول نائب "كتائبي" هو جوزف شادر، باصوات يهود حي وادي ابو جميل، حيث صب الى جانبه ثلاثة الاف صوت يهودي. وقد اعترف الياس ربابي (عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب) في مذكراته بالاتصالات الكتائبية ـ الاسرائيلية، والدعم المالي والسياسي (والخافي اعظم) الذي تلقاه حزب الكتائب من اسرائيل، اعتبارا لما كان وسيكون! ومنذ ذلك الحين تحول حزب الكتائب الى رقم طائفي صعب (موال للغرب واسرائيل) في المعادلة الكيانية اللبنانية.

ـ وبالرغم من "مسيحيته" (اليوضاسية!)، كان حزب الكتائب ينادي دائما بالحياد في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وكان الشيخ بيار الجميل يرفع شعار "لبنان قوته في ضعفه". ولكن بعد يأس الجماهير الفلسطينية المشردة، من الانظمة العربية، وخصوصا بعد هزيمة حزيران 1967، وظهور العمل الفدائي بقوة، كشر حزب الكتائب، والى جانبه تنظيم "نمور" كميل شمعون، عن انيابهم الاسرائيلية، واخذوا يتدربون بكثافة ويتلقون الاموال والاسلحة من ايران الشاه والسعودية والاردن، و"سرا" من اسرائيل (يقول كثير من المعلومات الصحفية ان كميات كبيرة من الاسلحة السوفياتية وغيرها التي غنمها الجيش الاسرائيلي في حرب 1967 قد وصلت بسحر ساحر الى ايدي الكتائب والشمعونيين)، وبالتعاون مع الطابور الخامس الموالي للغرب الاستعماري واسرائيل، داخل اجهزة السلطة اللبنانية، بدأ ما يسمى "اليمين اللبناني" المناوشات العسكرية، التي تطورت الى ما يسمى "الحرب اللبنانية" في 1975، ضد المقاومة الفلسطينية وحليفتها القوى الوطنية اللبنانية.

ـ ولكن التطورات الدرامية للحرب اللبنانية كانت ستقود حتما الى هزيمة ساحقة لحزب الكتائب وحلفائه، والى انتصار الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الشهيد كمال جنبلاط. فأسرع الاميركيون، ومعهم ضمنا الاسرائيليين، لعقد صفقة سرية مع النظام الدكتاتوري السوري (لم تتضح الى اليوم كل حذافيرها؛ والايام كفيلة بكشفها) وادخاله الى لبنان، استنادا الى قاعدة "الكحل احسن من العمى". وكانت اولى "الانجازات القومية!" للنظام السوري في لبنان المساهمة في اسقاط مخيم تل الزعتر الفلسطيني، واحياء حاجين وشرشبوك والمسلخ والكرنتينا وبرج حمود والنبعة في ما كان يسمى "بيروت الشرقية" و"الشرقية"، ومحاصرة القوات الوطنية المشتركة في صنين وانقاذ الكتائب وحلفائهم من الهزيمة المحققة في معركة المتن. وكل ذلك تحت الشعار الكاذب الذي اطلقه الرئيس السوري الراحل (بطل "الدفاع" عن الجولان في حزيران 1967) حافظ الاسد، ونعني به شعار "الدفاع عن المسيحيين!". كأنما المسيحيون هم فقط الخونة وعملاء اسرائيل: الكتائب والشمعونيون واضرابهم. ولاحقا قام النظام السوري بالتصفية الجسدية لكمال جنبلاط، واشترك، مع الاجهزة الليبية وبعض الاطراف الفلسطينية وربما الايرانية ايضا، في المؤامرة الاميركية ـ الاسرائيلية لـ"تغييب" الامام موسى الصدر، بهدف اضعاف روح المقاومة والنضال لدى الجماهير الوطنية اللبنانية، ولا سيما الجماهير الشعبية الشيعية التي كانت تعاني الامرين من النظام الرأسمالي ـ الطائفي اللبناني ومن قيام اسرائيل في 1948. وطوال حوالى الثلاثين سنة حول النظام الدكتاتوري السوري لبنان الى مغارة علي بابا والاربعين حرامي، والى غابة "الداخل اليها مفقود والخارج مولود". ولكن كل ذلك لم يستطع ان يخمد الروح الوطنية والكفاحية لدى الجماهير الشعبية اللبنانية والفلسطينية في لبنان.

ـ وفي 1978 "اضطرت" اسرائيل لاحتلال ما يسمى "الشريط الحدودي" في لبنان الجنوبي. وشكلت "دولة سعد حداد" التي تحولت فيما بعد الى "دولة لحد" وجيشها المرتبط مباشرة باسرائيل (مع ان عناصره "الجيشية" السابقة ظلوا يتلقون معاشاتهم من "اليرزة") المسمى "جيش لبنان الجنوبي". ولكن كل ذلك لم يؤد الى كسر شوكة الجماهير الوطنية اللبنانية والفلسطينية والجنوبيين والشيعة خصوصا؛ بل على العكس، فإن ضاحية بيروت الجنوبية (التي كانت تعد حوالى مليون انسان) ومنطقة البقاع الشرقي وغيرها، ناهيك عن المخيمات الفلسطينية، اصبحت تغلي كالبركان.

ـ وفي صيف 1982 "اضطرت"، مرة اخرى، اسرائيل لاجتياج لبنان واحتلال عاصمته بيروت نفسها. وصعد أريئيل شارون بشحمه ولحمه الى قصر بعبدا، وازاح رئيس الحرس الضابط رفيق الحسن من مقعده، وجلس مكانه بكل عنجهية، ليأخذ صورة تذكارية. ثم جاؤوا ببشير، ابن حليفهم "التاريخي" بيار الجميل، وفرضوه بقوة الدبابات الاسرائيلية رئيسا للجمهورية اللبنانية. وذهب "الرئيس المنتخب!" بشير الجميل صاغرا الى اسرائيل، واجتمع بمناحيم بيغن، الذي طلب منه (تحقيقا لـ"نبوءة" دايفيد بن غوريون) توقيع معاهدة سلام بين لبنان واسرائيل، على غرار معاهدة كامب دايفيد. ولكن في العجلة من امره (والعجلة من الشيطان!) فإن مناحيم بيغن نسي او تناسى ان لبنان ليس بلدا عربيا دكتاتوريا، يكفي فيه ان يأتي ضابط او زعيم ميليشيا او شيخ عشيرة الى كرسي الرئاسة او المملكة حتى يصبح الحاكم بأمره؛ بل هو "بلد دمقراطي" يتنعم بـ"الدمقراطية الطائفية التوافقية" ولا يستطيع ان يحلق الا بـ"جناحيه" (المسيحي ـ المسلم)، ومن ثم من الضروري الحصول على توقيع القيادات الاسلامية على اتفاقية "السلام" مع اسرائيل، الى جانب توقيع عائلة الجميل (باسم المسيحيين!!). طبعا خاب امل مناحيم بيغن. ولكن خيبة امل بشير الجميل كانت اكبر. فقد عاد الى لبنان يحمل هما اكبر منه، وهو هم تحقيق نبوءة بن غوريون في توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل. ولكن التاريخ الاسود لبشير الجميل، في ذبح عشرات الوف المسلمين اللبنانيين على الهوية... خدمة لاميركا واسرائيل، اصبح يشكل عبئا عليه في اقناع القيادات "الاسلامية" بوضع تواقيعها الى جانب توقيعه على معاهدة السلام مع اسرائيل. وفتح هذا الفشل للرئيس المنتخب بشير الجميل الطريق امام تصفيته جسديا، والمجيء بمن هو اقدر على توقيع الاتفاق مع اسرائيل.

ـ فجاء (ما حدا غريب) الابن الثاني لبيار الجميل، المحامي المكيافيلي والسياسي المحنك والجريء في نفس الوقت (الذي لم يتوان يوما من صفع رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رشيد الصلح في مجلس النواب بالذات) الى رئاسة الجمهورية، بمهمة رئيسية هي توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، حتى يمكن لبقية "قطار السلام العربي"، الذي توقف في المحطة اللبنانية، ان يتابع المسير. ونظمت "طاولة ثلاثية" وعقدت محادثات اسرائيلية ـ لبنانية برعاية اميركية، نتج عنها "اتفاق 17 ايار 1983" المشهور، للسلام بين لبنان واسرائيل، ونجح امين الجميل في الحصول على توقيع رئيس الوزراء المسلم شفيق الوزان، كما وفي الحصول على تصديق مجلس النواب اللبناني على الاتفاق، بمن فيه من "نواب الامة" المسلمين. ولم يعارض الاتفاق سوى النائبين الوطنيين زاهر الخطيب (مسلم) ونجاح واكيم (مسيحي). ولكن "الداهية السياسي" امين الجميل تريث في توقيع الاتفاق بصفته رئيسا للجمهورية، حتى لا يعطي الاسرائيليين "صكا ممنوعا من الصرف". ذلك ان الشارع الوطني كان يغلي، وعمليات المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي كانت قد بدأت واخذت تتوسع، وفي اواخر 1983 تم تفجير مقر المارينز حيث سقط حوالى 250 عنصرا من القوات الاميركية المدللة، وتفجير مقر القيادة الفرنسية حيث سقط عشرات الجنود والضباط الفرنسيين. وفي 6 شباط 1984 انشق الجيش اللبناني ذاته على نفسه، وعادت دورة العنف الى لبنان. وفي 5/3/1984 اضطر امين الجميل لان يلغي "اتفاق 17 ايار".

ـ وهكذا تحطمت تماما "نبوءة" دايفيد بن غوريون، واصبح من الواضح انه لا لبنان الاول (لبنان المقاومة)، بل ايضا لبنان الثاني (لبنان الدولة)، بين جميع دول سايكس ـ بيكو العربية (عربية جدا!!)، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية (وطنية جدا! وفلسطينية جدا جدا!!) يسير بعكس السير، على طريقة "مكرها اخاك لا بطل".

ـ وكانت الطامة الكبرى، بالنسبة للمخططات الاميركية ـ الاسرائيلية للمنطقة، انه ـ بعد التحرير في 25 ايار 2000 ـ حاول رفيق الحريري، بما كان يمثل من مصالح طبقية، مالية وسياسية كبرى، سعودية ولبنانية وعربية واسلامية، ان يجد "معادلة تفاهم" مع حزب الله على قاعدة التوفيق بين معركة التحرير والمصالح الرأسمالية التي تعمل وتغطي نشاطاتها المشروعة وغير المشروعة تحت شعار "التنمية". فضربت الاجهزة الاميركية ـ الاسرائيلية، وشركاؤها المكشوفين والسريين اللبنانيين والسوريين والعرب، ضربتها بإزاحة هذا الاحتمال المزعج، عن طريق التصفية الشخصية لرفيق الحريري.

ـ ومرة اخرى "اضطرت" اسرائيل للتدخل العسكري المباشر، في حرب تموز ـ اب 2006، لتصحيح مسار "قطار السلام العربي"، عن طريق تحطيم لبنان الاول (لبنان المقاومة) واجبار لبنان الثاني (لبنان الدولة) على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل.

ولكن العدوان فشل فشل ذريعا، واعترفت اسرائيل ذاتها بالهزيمة، وشكلت ـ لاول مرة في تاريخها ـ لجنة تحقيق في اسباب الفشل والهزيمة هي لجنة فينوغراد التي سبق واشرنا اليها.

والان فإن لبنان هو ابعد ما يكون عن تحقيق "نبوءة" بن غوريون، ليس فقط لان اسرائيل تدرك الان ان كل "اراضيها" اصبحت مهددة بالمقاومة وفدائييها وصواريخها، بل ولان لبنان الدولة ايضا يبتعد اكثر فأكثر عن احتمال القبول باتفاقية السلام مع اسرائيل. حتى السيدة المحترمة ستريدا سمير جعجع تصرح ان "لبنان سيكون آخر دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل". تصوروا ان لبنان الدولة سيوقع مثل هذه المعاهدة بعد الصومال وجزر القمر، وربما ـ بل والاكيد ـ انه لن يوقع حتى حينذاك.

ماذا تبقى لاميركا واسرائيل ان تفعلاه مع "العقدة" اللبنانية، التي تهدد بافشال كل مخططات "الشرق الاوسط الكبير الجديد" التي سبق واعلن عنها جورج بوش؟

ـ جواب ترجيحي: "العقدة" التي لا يمكن حلها... من الافضل ان يتم كسرها.

وهذا هو الارجح: اي ان الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، ومعهما حلفاؤهما السريين والمكشوفين العرب، سيعملون ـ تحت الشعارات الاميركية المنادية بـ"الفوضى البناءة" او "اللااستقرار البناء" ـ على فتح الدفاتر القديمة، وتقسيم لبنان الى دويلات صغيرة (اسهل على "الهضم")، مثل:

1 ـ جمهورية سمير جعجع نصف ربع عشر المسيحية (المارونية) وعاصمتها (اي مغارة صالحة في وادي قاديشا).

2 ـ امارة وليد بك جنبلاط نصف ربع عشر الدرزية وعاصمتها خيمة مضروبة فوق اطلال قصر المختارة.

3 ـ مملكة سوليدار المالية وعاصمتها بناء سوبر عصري، يربض على مدخله جمل وناقة من الربع الخالي، فوق مزبلة النورماندي.

ولكن حتى لو افترضنا المستحيل ونجح مخطط التقسيم الطائفي للبنان، فمن المشكوك فيه ان يجرؤ احد على توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، لانه صار من الواضح تماما ـ في لبنان ـ ان الذي يوقع على معاهدة سلام مع اسرائيل، لن يفيد اسرائيل، لانه ليس في يده ان يضمن السلام لاسرائيل، بل كل ما سيفعله هو انه سيحكم على نفسه بالاعدام، السياسي اولا.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

*كاتب لبناني مستقل

:tired:
الكاتب اللبناني المستقل
اين الاستقلالية؟؟؟؟؟؟
كلامك واضح فاضح
جنرالك او لاا احد
ان يختار اللبناني وطنا خيرا من ان يختار مالا......................
مصيبة لبنان الافكار المطبوخة
***

الشاعر اللبناني
ابو شوقي

جورج حداد
16/05/2008, 08:28 PM
الكاتب اللبناني المستقل
اين الاستقلالية؟؟؟؟؟؟
كلامك واضح فاضح
جنرالك او لاا احد
ان يختار اللبناني وطنا خيرا من ان يختار مالا......................
مصيبة لبنان الافكار المطبوخة
***

الشاعر اللبناني
ابو شوقي





آسف ان يكون الاستاذ ابو شوقي فهم من مقالي انني مع الجنرال عون، لمجرد انني ذكرته في مقدمة المقال؛
ولتطمين الاستاذ ابو شوقي "اين انا"، اقول له ـ وعلى الملأ ـ انني منذ 1954 وقفت الى جانب المشروع الوطني العروبي للمعلم كمال جنبلاط، وفي 1958 صعدت الى الجبل وحملت السلاح مع المقاومة الشعبية بقيادة كمال جنبلاط؛ ولا زلت اعتبر ان المشروع الوطني العروبي لكمال جنبلاط هو المشروع الوحيد الصالح لانقاذ لبنان والامة العربية بأسرها؛ وبطبيعة الحال انني اقف ضد كل من تنكروا لمبادئ كمال جنبلاط والذين صار واحدا منهم ـ ويا لالف اسف ـ الزعيم الوطني (سابقا) وليد جنبلاط، الذي يقف الان في صف واحد مع الخونة والعملاء واللصوص امثال جعجع والجميل وشركة السوليدار

غسان التلاوي
02/01/2009, 11:29 PM
اشكر الاخوة الافاضل على ما قدموه من تحليل قد يكون صائبا واحب ان اقول انه في هذا الزمان كل شيء جائز لانه كما قيل
نحن في زمان يبتر فيه اللسان ويعلق الحق على اعمدة المشانق
وكما نعلم في اخر الزمان الحليم حيران
ولكن ندعوا الله ان يهزم اليهود واعوانهم اللهم امين