المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل استطاعت مدرسة اوسلو تشويه ثقافة جيل من الفتحاويين والشباب الفلسطيني



سميح خلف
17/04/2008, 11:59 PM
هل استطاعت مدرسة اوسلو تشويه ثقافة جيل من الفتحاويين والشباب الفلسطيني

هل صناع اتفاقية اوسلو وراسمي طريقها استطاعوا تشويه ثقافة الفتحاويين بل الشباب الفلسطيني كله ، وهل تلك الاتفاقية هي السبب في وجود مناخات التطرف والتشرذم في الساحة الفلسطينية ، وهل هي سببا في ظهور التطرف الاعمى او الولاء الاعمى للفصيل قبل الوطن، وهل تم تناسي ان الفصيل هو وسيلة للوصول للتحرير واسترداد الحقوق ، وهل اصبحت مشوهات الثقافة تفرض نفسها على ممارسة الاجيال الشابة من فتح، وهل العجز الثقافي وضعف الحجة لدى الكثيرين منهم يجعلهم يمارسون العربدة اللفظية والشتائم والسقوط الادبي في مواجهة الاخرين حتى لو كانوا مناضلين حافظوا على اخلاقيات الانطلاقة ومبادئها امام اخلاقيات مدرسة اوسلو وفرضياتها الاخلاقية والمزاجية، هل من مؤثرات اوسلو عقم في قراءة الواقع وافتقار لاسس المقارنة بين الواقع السلوكي وما يجب ان يكون لحركة تحرر ابتعدت كثيرا وبشكل مغاير على ماوضعته منذ انطلاقتها كاسس واليات تقود ميكانزم الصراع مع الصهيونية ومشروعها على الارض الفلسطينية والارض العربية،وهل قضية اغتيال ابو عمار وعدم الجدية في طرح توجه ضاغط من الاطر لفتح الملف والوصول للجهات للجهات المنفذة والمساعدة في عملية الاغتيال ووضع السم هي ايضا من ثقافة مدرسة اوسلو.

واخيرا هل اوسلو ومقدماتها وشخوصها هم سبب رئيسي في انهيارات البيت الفتحاوي على الصعيد التنظيمي والتعبوي والسياسي والامني.

قبل الاجتهاد في الاجابة على هذه الأسئلة والتساؤلات العديدة ، يجب أن توجه تلك الأسئلة ضمن ورقة عمل للإخوة في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الحركي بلجانه المختلفة كل حسب اختصاصه ،وما يهمنا هنا لجنة التعبئة الفكرية والإعلام التي عليها واجب المحافظة الفكرية والتعبوية والثقافية للكادر الحركي .

أسئلة يجب الوقوف عليها من الأخ رئيس اللجة التحضيرية للمؤتمر العام الحركي وللإخوة مؤدي البرامج وخاصة البرنامج السياسي والتنظيمي والأمني فيما يخص قضية اغتيال قائد حركة فتح ومنظمة التحرير أبو عمار ، فأي حركة لا تستطيع الوقوف على مصائبها وعلى الاختراقات التي فيها لن تستطيع تقويم نفسها ولن تستطيع القفز للأمام لإنقاذ ما يمكن انقاذه من تهتك برمجي وثقافي أصاب هذه الحركة التي كان من المفترض أن تواصل برنامجها التحرري مستلهمة خطواتها من الأحداث والمبادئ والمنطلقات والنظام الأساسي .

أوسلو مدرسة قادت حركة التحرر الفلسطيني من حركة رائدة في ميدان حركات التحرر العربية والدولية وقائدة في الساحة الفلسطينية وجامعة للطموحات الفلسطينية ، مدرسة جعلت من حركة فتح حركة مضادة لحركة التاريخ وحركة الطموح الفلسطيني ، تسألون كيف ذلك ؟ ، وللإجابة على هذا يجب الرجوع إلى ما طرح من أسئلة في بداية المقال .

منذ بداية الثمانينات أو أواخر السبعينات تعرضت البنية الثقافية والتعبوية الفتحاوية بشكل خاص والبنية الثقافية الفلسطينية إلى غزو فكري سياسي أمني أثر على منظور الكادر للصراع ودور حركة التحرر الوطني من هذا الصراع وفلسف الصراع حيث أصبح يسير في طريق المنظور الأمني الذي يوفر الأمن للكيان الصهيوني واستثناء قاعدة الأمن والحقوق الفلسطينية وبناء على ذلك كان أثرا ً كبيرا ً أن تعرضت الأطر الفتحاوية إلى تفريغ ثقافي وتفريغ تعبوي كان نتاجه ظهور ثقافة الاستزلام ومراكز القوى على حساب ثقافة الوطن وثقافة الحركة .

لم تهتم قيادة حركة فتح في بناء الكادر كما يجب أن يكون لحركة تحرر وطني تقود صراعا ً مع العدو الصهيوني وبرمجياته المختلفة والمتقدمة

تطور هذا التهتك الثقافي في تناسب وفي تناغم مع اضمحلال الاهتمام بالنظام والتنظيم والتعبئة الفكرية المبنية على قاعدة وأسس انطلاقة الثورة واسس الصراع .

تراكمات كانت لا يمكن أن تنتج إلا أوسلو وثقافة أوسلو ومدرسة أوسلو التي تبدع في طرح المبررات في حين أن المبررات في قضايا حركات التحرر وأطروحاتها تعتبر عملا ً تنازليا ً وخيانيا ً .

ثقافة أوسلو التي أعطت جانب انشطاري لفلسطينيي الداخل والخارج ،بل عملية غزو ثقافي وتمثيلي لما يسمى ' انتخابات ديمقراطية ' تمثل الجزء لا الكل لتفرض نفسها على واقع العمل السياسي والأمني لتتحدث باسم الكل في مغالطة كبيرة لحركة التنظيم والأطر والنهج .

ثقافة أوسلو التي جعلت من المؤسسة الجامعة للشعب الفلسطيني وهي منظمة التحرير هي عبارة عن منشيت عريض يتم التسويق من خلاله لبرنامج يتمادى في تقديم التنازلات التاريخية للعدو العدو الصهيوني وكما هو الحال أصبحت حركة فتح هي فقط منشيت عريض يدافع عن هذا المنشيت بدون دعائم أساسية تعبوية وثقافية صحيحة ، مجموعة تفتقر لمبدأ المقارنة والقياس بين البرنامج المطروح وبين ما يجب أن تكون عليه حركة التحرر من التزام وطول نفس ومرحلية قادرة على تطوير الجانب التعبوي والصمودي على طريق تحديد الأهداف .

على الجانب السلوكي لفتحاويين الشباب الذين يفتقرون للتجربة ودراسة التاريخ لهذه الحركة والدراسة المتعمقة للمعاني العظمية الذي وضعها المؤسسين وخاصة الشهداء ، لو لوحظ مدى تعاملهم مع الحدث ومع النقد ومع التجربة ومن خلال دراسة لمجموعة تزيد عن مئة من المعلقين مما يسموا أنفسهم 'حامي الحمى لفتح ' نجد أن هؤلاء قد تحولوا من بناء صحيح كان يمكن بنائه لكادر يأخذ موقعه في بناء حركي لحركة تحرر وطني إلى أبواق تمارس الرذيلة الأدبية واللفظية تجاه الآخرين في أسلوب تعبوي بغيض يستهدف استغلال الطاقات للدفاع عن برنامج أوسلو ومنفذيه وهذا أسلوب برمجي غبيث تديره مدرسة أوسلو مبني على التغرير والالتزام بالعصبوية التنظيمية العمياء وجعل هذا عملا ً أساسيا ً كوجود سياسي وأمني وإعلامي يقف أمام تجربة المدرسة الحركية الأساسية المحافظة .

منذ يومين قمت بنشر مقال بعنوان ' لماذا اختارالفتحاويون الراية الصفراء ، فكثير من الردود كانت تنم عن فراغ ثقافي وسياسي تجاه المنطق التحليلي وليس التاريخي ، فالتاريخي كما صبت جميع التعليقات فإن الراية الصفراء قادها صلاح الدين لتحرير القدس والراية الصفراء هي خيارات شبيبة حركة فتح في مرحلة ما ، وهنا لم أجهل هذه الحقائق بقدر أنني وضعت همزات ومناطق توقف على كل جملة في هذه المقالة لأدعو هل هناك جانب مقارنة بين الراية التي رفعها صلاح الدين والراية التي يرفعها تيار أوسلو باسم حركة فتح لا مجال للمقارنة وهل هناك جانب من المقارنة بين راية حزب الله الذي انتصر فيها على إسرائيل وبين الراية الصفراء التي من خلالها يتم التفاوض مع أولمرت والتي من خلالها أيضا ً تعطي مجال للعدو الصهيوني لمزيد من التمدد الاستيطاني واستمرار لعمليات الاجتياح والتصفية لكوادر المقاومة في كل من الضفة الغربية وغزة ، هل يمكن في هذه المرحلة مقارنة الراية الصفراء بهذه المقاييس المطروحة من قبل المعلقين ، هذا متجه لمحورية ثقافة أوسلو التي تسعى للخلط التحليلي للظواهر وآخرين يقولون عن ممارسة تيار أوسلو في ملاحقة رجال المقاومة في الضفة الغربية من كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس والقسام وأبو علي مصطفى أنها عمليات لتطبيق الأمن وهو في الحقيقة تطبيق لتفاهمات دايتون ورؤية بلير الأمنية الاقتصادية وهذا أيضا ً متجه أخر لثقافة أوسلو وتفريغ الكادر من بؤرة الاعداد الصحيح لمفهوم الكادر وواجباته في الدفاع عن حركة التحرر أمام البرامج الأخرى .

برنامج أوسلو الذي سوف وأهمل ولم يكترث موضوعيا ً ولم يكترث من الناحية القانونية والأمنية لوضع الحقائق في نصابها أمام الفتحاويين والشعب الفلسطيني عن عملية كيفية اغتيال أبو جهاد وروافدها وكيفية اغتيال أبو اياد وروافدها وعملية اغتيال أبو عمار وروافدها ، أي من الكوادر الحركية من قيادات الصف الأول أو الثاني أو الثالث استطاع من خلال عمل ممنهج رسمته الحركة لمعرفة العناصر المباشرة وغير المباشرة التي نفذت تلك العمليات ضد قادتها ، فهل هناك شيء ينفي أن هناك أيدي متعاونة أدت إلى مثل تلك النتائج وأي حركة في التاريخ يقتل قادتها ولا تعقد مؤتمر لها لدراسة الموقف ودراسة المؤثرات ودراسة الأهداف من هذه الاغتيالات ، أعتقد حركة لا تضع نصب عينيها هذه المقومات لا يمكن أن تنتصر ولا يمكن أن تتبوأ موقع القيادة والطليعة بقيادتها بهذا النهج وهذا أيضا ً ضمن فلسفة أوسلو وأطروحاتها وخطها السياسي والأمني .

ومن هنا نؤكد بدلا ً من الاختلاف عن البرنامج السياسي فهناك مالا يدعو للاختلاف فأي طرح يخرج عن كون حركة فتح حركة تحرر وطني فهو فكر وثقافة غازية وبرنامج غازى الأطر وغازى الكينونة الفلسطينية ولا مجال أن نسميه خلاف بين الأصل والغزو ، والغزو لم يكن يوما ً له أصول تحررية بل أصول قمعية لها سمات الاغتصاب والقهر والجهل التعبوي والجهل الثقافي، ومن هنا نؤكد أيضا ً على أن قضية أبو عمار يجب أن يكون لها موضع المحورية في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الحركي والمؤتمر العام وهي الفيصل بين أن تكون حركة فتح حركة تحرر وطني أو تكون حركة آل مصيرها أن تكون حركة مضادة لجميع إرادات حركات التحرر بجميع منابعها الأيديولوجية والفكرية .

المشكلة التي يجب أن تكون أيضا ً امام المؤتمر أمام المؤثر الثقافي ومؤثرات الفساد المرافقة لثقافة أوسلو يجب التحديد بالضبط هل حركة فتح حزب أم حركة تحرر وطني ومن خلال تجربة أوسلو فأن حركة فتح وأطرها المختلفة ومؤسساتها لم تصل على الأقل منذ عقدين لا إلى حزب ولا إلى حركة تحرر بل أتت في مكونات أسئلة طرحتها في بداية المقال فالحزب له برنامج ثابت وله ميكانزم ثابت تحركه ديمومة الالتزام بالبرنامج الثقافي والسياسي والأمني والحركة يحكمها برنامجها الإئتلافي الذي يتلاقى عليه الجميع في مرحلة التحرير ولا يجوز الانسلاخ أو الانحراف على ما أعد من برامج وأهداف ومبادئ ومنطلقات دفعت بهذه الحركة إلى موقع الريادة والصدارة في الساحة الفلسطينية والعربية .

إذا أين أوسلو وثقافتها من أخطر ما وجهه الشباب الفلسطيني والثقافة الفلسطينية وأخطر ما واجهته حركات التحرر من فرض مغالطات فكرية وثقافية لبناء جيل فارغ ومشوه في رؤيته للصراع مع العدو الصهيوني فأصبح الدفاع عن مبدأ تجميد الاستيطان عملا ً ثقافيا ً وسياسيا ً مهما ً وأصبح الدفاع عن نهج التفاوض أسلوب ثقافي مهم وأصبحت محاولة الإقناع بأن فلسطين هي 60 % من راضي الضفة وغزة عملا ً مهما ً ،وأصبح العمل الثقافي مكرسا ً فقط لتحويل الصراع من خلال المناكفات وطرح المغالطات من صراع مع البرنامج الصهيوني إلى صراع حول أهمية العودة لمناطق فراغ ملئها الآخرين تركتها حركة فتح وفي النهاية خدمة لتيار أوسلو وبرنامجه .

وسؤال أخير من الذي زرع فرضيات الصراع في الساحة الفلسطينية ؟ ، أليس هو برنامج أوسلو وأين كان الآخرين قبل هذا البرنامج ومن هنا تبدأ الإجابة عن كل المشوهات الثقافية والسياسية للذين يعتبرون أنفسهم حامي الحمى للحركة وفي الحقيقة أنهم حامي الحمى لتيار أوسلو .

بقلم / م .سميح خلف