المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تطوير الإسلام على الطريقة الأمريكية



Dr. Schaker S. Schubaer
19/04/2008, 09:51 PM
تطوير الإسلام على الطريقة الأمريكية
د.إبراهيم عوض

(هذا المقال مكتوب ومنشور فى عدد من المواقع المشباكية منذ عدة سنوات)

كثر الكلام فى الآونة الأخيرة عن تخطيط أمريكا وعزمها على التدخل فى حياتنا الدينية بل عن بدء هذا التدخل فعلا بُغْيَةَ تغيير "الخطاب الإسلامى" بما يتمشى مع أوضاع العصر وقيمه كما تفهم أمريكا (والغرب بوحه عام) هذه القيم، وفزع المسلمون كالعادة من مثل هذا التدخل واعترضوا عليه، وإن وقف اعتراضهم كالعادة أيضا عند حدود الكلام، الذى لا يستطيعون فى العادة أن يفعلوا شيئا غيره، إذ الأمور تجرى فى بلادهم عادة على قاعدة استبداد حكوماتهم بالأمر دون أن يكون لهم رأى يُرْجَع إليه أو يُؤْخَذ به. وأخذ مسؤولوهم كالعادة أيضا ينفون بقوة وقوع أى شىء من هذا التدخل مؤكدين أن التغيير المزمع إحداثه هو تغيير نابع من اقناعهم لما شعروا به من حاجة الخطاب الإسلامى إلى التغيير، فهم إذن حين يفعلون هذا إنما يصدرون عن رغبة فى الإصلاح تحتاجها أوضاعنا المعوجة منذ زمن طويل بغض النظر عن تصادف البدء فى هذا التغيير مع رغبة أمريكا التى تجرى فى فى ذات الاتجاه!

ومنذ فترة نبهنى أحد الأصدقاء من الصحفيين إلى كتاب صادر عن "المكتب المصرى الحديث" بالقاهرة من ترجمة د. محمد يحيى الأستاذ الأدب بجامعة القاهرة بعنوان "خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامى" قائلا إنه كتاب مهم جدا، إذ يعطينا فكرة واضحة عما تريده أمريكا من وراء رغبتها فى التدخل لتغيير مفاهيمنا الدينية. والكتاب عبارة عن دراسة وضعتها إحدى المؤسسات الأمريكية تدعو فيها إدارةَ بلادها كما يقول المترجم فى مقدمته لها "ألا تقف مكتوفة الأيدى أمام التفاعلات الاجتماعية التى تعصف داخل الوطن العربى بل تسعى للتمييز بن الطوائف المختلفة وإزكاء التباعد بينها. ليس فقط الطوائف الدينية أو العرقية، وإنما الاتجاهات السياسية التى لم تعد تتمايز بعدُ فى أُطُرٍ حزبية داخل المنظومة السياسية المتخلفة فى الوطن العربى". و"تقوم الدراسة بتحديد اتجاهات أصولية، وأخرى دينية تقليدية، وأخرى دينية إصلاحية، وأخرى حداثية، وأخرى علمانية، وتضع حدودا واضحة تبين مواقف الطوائف المختلفة من القضايا المحورية كالديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المرأة فى العمل العام وتعدد الزوجات والحدود وحقوق الأقليات فى المجتمع المسلم ومكانة الحجاب وغير ذلك".

واستباقا لما ورد فى التقرير من رأى الجهة التى أصدرته فى الموضوعات التى يع الجها أحب أن أصارح القارئ من الآن بأنهم يريدون من المسلمين التخلى التام عما يقوله دينهم بشأن الحجاب وتعدد الزوجات وتطبيق الحدود... إلخ. كما تقوم الخطة التى يدعو إليها واضعو التقرير على ضرب الطوائف الدينية الإسلامية بعضها ببعض عن طريق تقريب هذه الطائفة أو تلك فى وقت معين للانتفاع بموقفها أو رأيها الذى ترى الإدارة الأمريكية أنه يتطابق أو يقترب مما تريده فى القضية المطروحة، حتى إذا ما تم التغيير المزمع إحداثه انقلبت أمريكا عليهم وركلتهم ركلتها المعروفة، ثم استدارت لغيرهم تستعين بهم إلى أن تنال لبانتها منهم فتركلهم بدورهم بحذائها الذى لا يرحم ولا يعرف للوفاء ولا لتقدير الجميل معنى... وهكذا دَوَالَيْك!

وإن الإنسان ليتساءل : بأى معنى تتدخل أمريكا فى ديننا يحيث ترى من حقها أن تغيره وأن من واجبنا أن نصيخ لما تقول ونسمع له وننفذه دون أدنى اعتراض؟ وهل يمكن قانونا أو عرفا أو خلقا أن تتدخل دولة فى دين شعب آخر دون أن يطلب منها هذا الشعب أو ممثلوه الشرعيون مثل ذلك التدخل؟ والجواب : أن أمريكا إنما تتدخل هنا بحق قوة السلاح. نعم بحق قوة السلاح، وهذ حقيقة لا يمكن أحدا أن ينكرها، فلو لم تكن أمريكا قوية بقنابلها ومدافعها وطائراتها وبوارجها ودباباتها وصواريخها ومدرعاتها وأجهزة اتصالاتها ومخابراتها وميزانياتها ومواردها الاقتصادية وعلومها واختراعاتها وصرامة نظامها وتخطيطها وصبرها الطويل وطموحها لسيادة العالم ومثابرتها على تحقيق ما تصبو إليه وتجهيز البدائل المختلفة مقدما وعدم الانتظار إلى الوقت الضائع على طريقتنا، حتى إذا ما سُدَّ فىوجهها طريق استطاعت أن تجد فى الحال أو فى الوقت المناسب على أقل تقدير طريقا آخر...

نعم، لو لم تكن أمريكا قوية بهذه الطريقة وإلى هذه الدرجة لما استطاعت، بل لما فكرت مجرد تفكير، بل لما خطر لها أصلا أن تتدخل فى حياتنا وفى أخص خصائص أمورنا على هذا النحو العارى الجلف الوقح الذى لا يدور فى ذهنه أن يتجمل أى قدر من التجمل. وعلى هذا الأساس فلو أردنا أن نكفّ أمريكا عن مثل هذا التدخل فليس أمامنا إلا أن نكون أقوياء : أقوياء إلى الحد الذى يردعها عن هذا التصرف حيالنا والاستهتار بنا وبشؤوننا وبديننا والاحتقار الهائل لنا. وليس شرطا أن نكون فى نفس قوة أمريكا الآن، فهذا، كما لا أظنه يخفى على أحد، من الاستحالة بمكان، وإنما يمكن أن نردعها ونلزمها حدودها لو رأت أن مثل هذه التصرفات التى تمارسها معنا سوف تكلفها غاليا. وذلك عن طريق الاستغناء عنها قدر المستطاع، وعن طريق الاستعصام بعزة النفس وعزة الدين، وعن طريق الصلابة والقدرة على الصمود فى وجه مخططاتها، وعن طريق المقاومة المسلحة، وعن طريق تلاحم الشعوب مع حكوماتها وغيرة الحكومات على مصالح شعوبها واحترامها لها، وعن طريق الشورى، وعن طريق العلم والثقافة والعمل الجاد والإنتاج والإبداع فى كل المجالات، وعن طريق الإقلال من الكلام الفارغ الذى لا يُجْدِى أىّ جدوى والإكثار من العمل، وعن طريق التنبه للعملاء الذين ينتقيهم أعداؤنا من بيننا كى يبثوا التخذيل فى صفوفنا ويدعونا إلى الاستسلام لهم ويعملوا على نشر أفكارهم وقيمهم ويشككونا فى ديننا وتاريخنا ورموزنا، وكذلك عن طريق الوحدة بين الأمم العربية والإسلامية.

وهذه النقطة الأخيرة فى منتهى الأهمية، فالغرب إنما يرمينا عن قوس واحدة مهما بدا الأمر لنا أحيانا غير ذلك، إذ هو يتصرف نحونا بوصفنا أعداءه الألداء الذين لا يمكن له أن يمارس السيادة القاهرة على العالم إلا إذا محانا لو استطاع، أو على الأقل قهرنا ومسح بنا الأرض مسحا. وإيانا أن ننخدع بموقف بعض الدول الغربية حينما يبدو من هذا السياق أو ذاك أنها تعارض سياسات بعضها الآ خر تجاهنا، فليس مَثَلُها فى هذا إلا كاللص الذى يعادى لصا آخر حين يراه يعتدى على ضحية من الضحايا، وهو لا يقصد أن يكفّه عن هذا العدوان بوصفه ظلما لا يجوز، بل يعاديه لأنه يرى نه أجدر منه بسرقة هذه الضحية، وبقتلها كذلك إذا لزم الأمر كى يستمتع بما يسلبها إياه! هذا هو وضع الغرب معنا، وهذا هو السبيل الذى يجب أن ننتهجه إذا أردنا أن تكون لنا قيمة فى سوق العلاقات الدولية ولا نكون هَمَلا كالبهائم التى ليس لها صاحب يسأل أو يدافع عنها. إذن فالقوة هى السند الذى يركن إليه الأمريكان فى تدخلهم فى أخص شؤوننا. ومنذ قديم الزمان، والقوة فى عالم العلاقات البشرية هى التى تقرر ما يمكن وما لا يمكن. أما ما يقال من أن الحق يغلب القوة فهو كلام فارغ لا قيمة له فى دنيا البشر.

إن الحق فى حد ذاته لا يمثل شيئا فى عالم الصراع، اللهم إلا إذا ألهم أصحابه الصمود والكفاح ودفعهم إلى بذل الجهد من أجل الحفاظ عليه أو استرداده إذا كان قد اغتصبه منهم مغتصب. أما بدون ذلك فقيمته صفر، وإلا فهل أغنى مثلا حقُّ الهنود الحمر عنهم شيئا أمام عوامل القوة الكثيرة التى تفوَّق عليهم بها الأوربيون عندما غَزَوْهم فى عُقْر ديارهم من وراء بحر الظلمات؟ وذلك رغم أن الهنود الحمر لم يتقبلوا مصيرهم دون أن يقاوموا ويقاتلوا بشراسة، إلا أن ميزان القوة كان فى صالح الأوربيين، ولم يستطع أصحاب الحق أن يعدلوه لصفهم، فما بالنا لو أن أصحاب الحق قد استسلموا منذ أول الأمر للباغين دون أن يثبتوا أنهم رجال ذوو كرامة وكبرياء كما وقع من كثير من المسلمين فى هذا الزمن العجيب؟ ومع ذلك فالحق فى هذه الحالة ليس إلا عاملا واحدا من عوامل القوة، ومن ثم فإذا رفدته عوامل أخرى كان بمكنة أصحابه أن يحرزوا أهدافهم كلها أو بعضها حسب الظروف، أما بغير ذلك فكلا وألف كلا! ولهذا لم يقل المولى سبحانه وتعالى فى قرآنه المجيد : "كم من فئة ضعيفة غلبت فئة قوية" بل قال : "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة". ولعل هناك من ينبرى قائلا : ألا تغلب البعوضة، على ضعفها، الإنسان بل الأسد نفسه رغم قوته وبطشه؟ والجواب هو أن البعوضة أمام ضربة كف من الإنسان مثلا ضعيفة أشد الضعف، إذ تستطيع ضربة الكف أن تقضى عليها فى غمضة عين ليس إلا، لكنها تنقلب قوية غاية القوة إذا تمكّنت من صاحب الكفّ ونقلت إليه مكروبا أو فيروسا عن طريق لدغة من لدغاتها القاتلة! وكيف لا تكون القوة هى الفيصل فى الغلبة والتفوق، ومن صفات الله " القوى المتين "؟ ثم أليس لله سبحانه المثل الأعلى فى السماوات والأرض مما يوجب علينا أن نسعى نحن أيضا لامتلاك عناصر القوة حتى نكون على صورته عزَّتْ قدرَته كما أراد لنا أن نكون حين خَلَقَنا؟

وعلى هذا فإذا أردنا فعلا، لا مجرد شقشقة لسان، أن نكون مالكين لمصائرنا وأن تكون القرارات التى تتعلق بمستقبلنا ومستقبل بلادنا من صنع أيدينا، فليس من سبيل أمامنا إلا القوة : نكتسبها إذا لم تكن متاحة لنا، أو نحافظ عليها إذا كانت فى حوزتنا. ولا شك أن الناظر فى أحوال العرب والمسلمين فى هذه اللحظة التاعسة البائسة من تاريخهم لن يسره بحالٍ ما يراه من هذه الأحوال : فالكسلُ والبلادة والكذبُ والنفاق وقلة الصبر وكراهيةُ العملِ والعجزُ عن الإتقانِ والشعورُ بالهوان والرضا بالمذلة والانسحاقُ أمام الغرب هو سيد الموقف، كما أننا لا نحاول صادقين الخروج من هذه الدائرة الجهنمية أبدا، بل نبذل كل ما نستطيع وما لا نستطيع من حجج واهية من أجل الدفاع عن أنفسنا والاعتذار بالظروف غير المواتية وقلة الإمكانات، وكأن الظروف تصنع نفسها بنفسها، أو كأن الإمكانات تهبط على البشر من الفضاء الخارجى فى ظلام الليل، ناسين أو بالأصح متناسين أن البشر إنما هم الذين يصنعون فى العادة إمكاناتهم إذا شاؤوا أو يفرّطون فى هذه الإمكانات حتى لو كانت السماء قد وهبتهم إياها فى غفلة من الزمان كما هو الحال فى حالتنا الآن، إذ أفاض الله على العرب من خيراته وألطاف كرمه ما لم يكونوا يحلمون به ولا فى المنام، ومنه نعمة البترول التى لم نستطع أن نستغلها كما ينبغى أن يكون الاستغلال، بل كانت فى غير قليل من الأحيان وبالا علينا وشرا مستطيرا!

وسبيل القوة، كما يراه المسلمون المتمسكون بدينهم، هو العلم والعمل والإتقان والكرامة والحرية والعدل الاجتماعى والتعاون والمساواة وسيادة القانون والذوق الراقى والحساسية العقلية والنفسية وصلابة الأخلاق، ومن قبل ذلك العبادة من صلاة وصيام وزكاة وحج انطلاقا من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، لا كأساس للجدال والشقاق كما هو مشاهد الآن بين كثير من المسلمين الذين أصبحوا كلهم بقدرة قادر مفتين متضلعين من الفقه وعلم الكلام، بل كأساس للعمل والتجويد والخوف من الله ومن حسابه الشديد الذى لا يفلت شيئا دون أن يؤاخذ عليه، اللهم إلا كان لنا فيه عذر من ضعف قاهر أو ظرف كاسر!

ومن سبيل القوة أيضا اليقظة والتنبه لما يحيكه لنا أعداؤنا ومن يوالونهم من بين ظهرانَيْنا ممن يشاكلوننا لسانا وسَحْنة وموطنا، لكنهم يخالفوننا قلبا ومنزعا وضميرا باعتزازهم بأعداء البلد والدين والأمة وركونهم إليهم وضلوعهم معهم، وإذا فوتحوا فى شىء من ذلك كان جوابهم: إنما نحن مصلحون. وما هم فى الحقيقة بمصلحين، بل هم المفسدون، وأى مفسدين!

وقد ضَرِىِ المنافقون بيننا هذه الأيام النحسات ولم يعودوا يبالون كثيرا كما كانوا يصنعون من قبلُ أيام َ أن كان لا يزال هناك بقيةٌ من كرامة وعزة فى الأمة، وشىءٌ من الخشية فى قلوب أولئك المنافقين، فهم يرون أن الغلبة قد تمت لأعداء الملة والوطن وانتهى الأمر، وهم لا يستطيعون أن يؤمنوا بشىء أصيل من عند أنفسهم بل يميلون كل مَمِيلٍ مع ريح الأعداء الأقوياء. ويوم تكون لنا الغلبة من جديد فلسوف يدخلون أَوْجِرَتهم كالكلاب الضارعة الجبانة التى فقدت صاحبها والبيت التى كان يكنها فانخلعت قلوبها ولم يعد هناك ما تتحالى به أو أمامه! هذا هو السبيل لامتلاك القوة، أما تضييعُ الوقت والجهد فى التفاهات والشكليات ومحاولة تفصيص الشعرة، واستعراضُ العضلات فى ميدان التقعر والتفيهق الذى حذّرَنا منه وبغّضَنا فيه سيدنا رسول الله، والتباهى بالتشدد فيما لا يقدم ولا يؤخر، فهو عَرَضٌ من أعراض التخلف ودليل على أن أصحابه مرضى يعانون من ضعف فى دينهم وأخلاقهم، وليس من شأنه أبدا أن يرفع أمة من حضيضها أو ينتشل فردا من الوهدة التى تردى فيها، وإن حسب التافهون المتحذلقون أنهم يحسنون بعملهم هذا صنعا. وما مَثَلهم فى أمرهم ذاك إلا كمَثَل رجل ضرب أعداؤه حول بيته حصارا يبغون قتله وتدمير داره، على حين يضيع هو وقته وجهده فى تتبع نملة صغيرة رآها تسير بجوار أحد الجدران الداخلية للبيت والسعى الملحاح لتصنيع مادة سامة للتخلص منها، غافلا عما يدبره له الأعداء المحيطون به لاقتطاف رأسه والقضاء على كل ما يمت إليه من بنيان أو ذرية بصلة! إن مثل هذا الاهتمام بالشكليات فى ذلك الوقت العصيب الذى تمر به أمة الإسلام الآن من شأنه أن يضيع الشكليات والأساسيات تضييعا، فلا يبقى من الدين لا رسم ولا شكل ولا روح ولا مضمون!

وتعترف أمريكا فى هذه الوثيقة بأنها تدعم العلمانيين والحداثيين وترى فيهم رجالها الذين تعلق عليهم آمالها فى تحقيق ما تصبو إليه من ضرب الإسلام فى مقتل حسبما يوسوس إليها شيطانها! والحداثيون، حسبما تعرضهم الدراسة، لا يؤمنون بمحمد ولا بقرآنه، وإن كنت أرى أنه لا فرق فى كثير من الحالات بينهم وبين العلمانيين، إذ إن توزيع الأدوار هو السبب فى تظاهر كثير من هؤلاء الأخيرين بأن كل ما يبغونه هو عدم تدخل الدين فى السياسة والاقتصاد والقوانين المدنية والجنائية وما إلى ذلك، وأنهم حريصون على عبادات الإسلام وقيمه الأخلاقية واستمداد قوانين الأحوال الشخصية من نصوص الكتاب والسنة.

وأمريكا تعترف جهارا نهارا بأنها تغدق على الفريقين الأموال الطائلة وتعمل كل ما فى جهدها لتلميعهم وتسليط الضوء عليهم وإعلاء شأنهم ونشر فكرهم وإصدار كتبهم ومنحهم الجوائز ودعوتهم إلى مؤتمراتها ومؤتمرات من يوالونها ويأتمرون بأمرها... إلخ مما نبهنا ونبه غيرُنا مرارا إليه، فكان هؤلاء العملاء ومن يجرى معهم فى نفس المضمار يجيبوننا قائلين : " يا عجبا لكم ولطريقتكم فى التفكير! ما بالكم لا تريدون أن تتخلصوا من سلطان نظرية المؤامرة "، ثم يذهبون فيتفيهقون علينا ويعطوننا دروسا بليغة فى وجوب إحسان الظن والإقلاع عن الشك السخيف الذى من شأنه أن يُضِلّ صاحبه عن الرؤية الصحيحة! ولا أدرى ماذا يمكن أن يقوله هؤلاء الأوغاد الآن، وقد انكشف المستور، وأصبحت المسألة "على عينك يا تاجر"؟ أَوَقُلْتُ : "لا أدرى"؟ الحق أننى أخطأت خطأ فاحشا حين قلت هذا، إذ الواقع أننى أدرى تمام الدراية ما يقوله هؤلاء الخائنون! ولا يرجع هذا لعبقرية فىَّ بقدر ما يرجع إلى أنهم قد خلعوا، كما أشرت من قبل، برقع الحياء بظنهم أن الكون قد دانت أموره للغرب المجرم وزعيمته أمريكا إلى الأبد، وأن عجلة الزمان لن تدور فى اتجاه غير الاتجاه الذى يسير فيه هذا الغرب على حسب ما يأفك به كتّابه الذين يعملون على تحطيم روحنا المعنوية مؤكدين فى صفاقة فكرية عجيبة أن التاريخ قد توقف عند هذه اللحظة التاريخية التى يتسيد فيها الغرب الدنيا، وأنه سوف يظل متوقفا عندها للأبد! ألا تبارك الله القوى الجبار، وتعسًا ونكسًا لهؤلاء البكّاشين الصُّفَقاء الذين سوف تدهسهم عجلات التاريخ يوما محتوما، على أيدينا نحن إن كُُتِب لنا أن نفيق من غفوتنا وبلادتنا المخزية، أو على أيدى من تختاره الأقدار لقيادة العالم من غيرنا إذا لم نبارح مكان تخلفنا وظللنا نعض على بلادتنا وخزينا بالنواجذ بكل ما فينا من قوة وعزم! إن هؤلاء السفلة المارقين يصفون القرآن بأنه فكر بدوى متخلف، ويتهمون رجال الحديث العباقرة بأنهم وضّاعون كذابون، ويزعمون أن الرسول هو من صنع خديجة وورقة. بل لقد قال عنه عتلٌّ زنيمٌ التقطته أصابع التبشير القذرة وجعلت منه كاتبا بعد أن شارف الستين وهو لم يؤلف فى حياته حرفا إن خديجة قد "صَنْفَرَتْه وقَلْوَظَتْه"! إى وربى هكذا بالنص على طريقة العربجية والحشاشين! وبالمثل سمعتُ آخَرَ من نفس الطراز المنحط فى إحدى الفضائيات يعاير الشرفاء المؤمنين بدينهم بأنه وأمثاله طالما طالبوهم بالاعتراف بصحة ما تدعو إليه أمريكا وتنفيذه دون نقاش فأبى هؤلاء الشرفاء إلا عنادا، حتى وقعت الواقعة وجاءت أمريكا إلى قلب بلادنا تفرض علينا بالحديد والنار ما تريد دون أن نستطيع أن نقول لها : "ثلث الثلاثة كم؟".

وكان، وهو يقول هذا، يتقصّع ويتراقص فى شماتةٍ وتشفٍّ وقح. ومعروف أنه من كبار المدلسين! ثم ها هى ذى الصليبية والصهيونية العالمية تلفق قرآنًا خَدِيجًا سرقته من آيات القرآن ونسجته على منواله وسمَّته " الفرقان الحق " على طريقة المومسات، تشتم فيه سيد النبيين والمرسلين وتصفه بأنه شيطان كافر ضال مشرك منافق زانٍ قاتل، ولا تبخل فى نفس الوقت على صحابته وأتباعه الكرام بمثل هذه الأوصاف الزنيمة التى تدل على مبلغ حقدهم على التوحيد السامى الطهور الذى جاء به نبينا الكريم والسماحة الإنسانية النبيلة التىيتسم بها دينه العظيم، وعلى أنه صلى الله عليه وسلم لا يزال، رغم وفاته منذ أربعة عشر قرنا من الزمان، يؤرق الأوساخ تأريقا مزعجا ويقف، بما يمثله دينه الشريف من مبادئ وقيم، عقبةً فى طريق سيطرتهم الإجرامية على بلاد المسلمين وسرقتهم لمواردهم الاقتصادية، ومحوهم لهم من الوجود إن استطاعوا مثلما فعلوا مع الهنود الحمر، أو على أقل تقدير إخراجهم من دينهم على أمل تنصير العالم كله، جاهلين فى غمرة تعصبهم الغبى الأحمق أن الله، جَلَّتْ حكمته، قد خلق العالم على أساس من الاختلاف فى الدين وفى غير الدين كما ورد فى القرآن الكريم، و أن الإيمان لا ينبغى أن يقوم على الإكراه بأى حال!

فأما ما يقوله المستشرقون والمبشرون ومن يتبع خطاهم من بنى جلدتنا الضالين المارقين فى حق القرآن والنبى العظيم فقد رددنا عليه فى عدد من الكتب منها : "مصدر القرآن- دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى" و"المستشرقون والقرآن" و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" و"القرآن والحديث- مقارنة أسلوبية" و"سورة النورين التى يزعم فريق من الشيعة أنها من القرآن الكريم- دراسة تحليلية" و"اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة" و"لكن محمدا لا بواكى له- الرسول يهان فى مصر ونحن نائمون"، إلى جانب الدراسات التى خصَّصْتُها لتفسير طائفة من السور القرآنية على منهج جديد يقوم على المقارنة بين القرآن والكتاب المقدس فى الموضوعات المشتركة وعلى الرجوع لما قاله المستشرقون فى ترجماتهم للقرآن، وكذلك ما كتبه علماء المسلمين من غير العرب فى تفسيرهم لكتاب الله... وغير ذلك من المؤلفات. وأما تلك الحرب الشرسة التى يخوضها ضد الأحاديث النبوية الكريمة فى هذه الأيام أعداءُ الإسلام عبر مقاولى الأنفار من الأذناب المنتسبين لهذا الدين الكريم بالميلاد ممن لا يحسنون إلا ال نباح فى وجه من يغريهم به سادتهم والرقص على النغمة التى يعزفونها لهم شأن كلاب السِّرْك مع مدرببها، فإنها لا تهدف، كما يحاولون أن يخدعوا الأغرار، إلى تنقية عقيدة الإسلام وشرائعه من مصدر غير يقينى والاكتفاء بالقرآن وحده، وإنما هى لون من توزيع الأدوار فى المسرحية المجنونة التى يريدون من ورائها محو القرآن والحديث جميعا محوا نهائيا على سياسة " الخطوة خطوة ". وهو جنون مطبق، إذ إن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وكتابه المجيد، لكن الأوساخ لا يفهمون ولا يتعظون ولا يعرفون أنْ " ليس كل الطير يؤكل لحمه "، وأنه إذا كانت بعض الكتب السماوية قد تعرضت للعبث بها ووقع فيها التحريف فإن القرآن لا يمكن أن يصيبه ما أصاب تلك الكتب بحال! وعبثا يحاول هؤلاء الأنجاس الأرجاس المناكيد إشاعة الزعم بخلاف ذلك، فتراهم يشيرون إلى "سورة النورين" التى تدعى طائفةٌ ضالةٌ من الشيعة أنها كانت فى القرآن الكريم، لكن عثمان حذفها لما تتضمنه من النص على حق علىٍّ كرّم الله وجهه وحق ذريته فى خلافة الرسول إلى أبد الآباد، وهو ما دفعنى منذ عدة أعوام إلى العكوف عليها لأرى ماذا فيها فوجدتُ، بعد الدراسة الأسلوبية الدقيقة، أنها ليست ن نسيج القرآن الكريم بأى وضع من الأوضاع ولا حتى فى جملة واحدة منها. وهى دراسة لا تقوم على الخطابيات بل على المقارنة الصيورة المتأنية بين الأسلوبين فى الألفاظ والصيغ الصرفية والتعبيرية والتراكيب النحوية والسياقات المعنوية والصور البلاغية وما إلى هذا. وبتلك الدراسة نكون قد وضعنا حدا لهذه التقولات السخيفة البلهاء لو كان القوم عقلاء يتوخَّوْن الحق.

وعَوْدًا إلى ما كنا بسبيله نقول إن أعداء الإسلام يحاولون بكل ما لديهم من جهد أن يبثوا فى رُوع المسلم أن الأحاديث النبوية المشرفة كثيرا ما تتناقض فيما بينها بحيث تعطى الرأى وعكسه فى الوقت ذاته، وهو ما من شأنه أن يشيع الاضطراب فى ميدان التشريع والفتوى. والحق أنه ما من شىء فى الدنيا إلا وله سياقه الذى يعطيه دلالته، أو على أقل تقدير يحدد هذه الدلالة تحديدا دقيقا يمنعها أن تلتبس بدلالة له أخرى فى سياق آخر : فعلى سبيل المثال كثيرا ما نقول لأبنائنا الصغار : "لا تحاولوا عبور الشارع وحدكم"، على حين لا نقول ذلك للكبار منهم، فهل يعد هذا تناقضا فى النصح والتوجيه؟ كلا، لأن الكبير من الأبناء يستطيع أن يعبرالشارع دون أن يحتاج لمعونة أحد. وبالمثل فعندما كنا نعيش فى بريطانيا فى السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم لم نكن نخاف هذا الخوف على ابنينا الصغيرين أثناء عودتهما من المدرسة، إذ إن رجل "اللُّولِى بُوبْ" يقوم بتأمين عبور الصغار للشارع فى أول اليوم الدراسى وآخره، وذلك بإيقاف السيارات فى الاتجاهين فتستجيب له فى التوّ واللحظة كأنه قرآن منزل، بخلاف الحال فى مصر حيث الأمور تمشى على كف عفريت، ولا بد أن يضع الإنسان عينه فى وسط رأسه، وإلا فقد حياته رخيصة دون أن يأسى على هذا الفقدان أحد!

كذلك ففى دول الخليج لا يجد الإنسان نفسه فى حاجة للنظر فى الاتجاهين عند عبوره الشارع، لأنه ما من أحد من السائقين يجرؤ على السير فى الاتجاه المخالف، بعكس الأمر فى بلادنا الحبيبة التى لا يحترم فيها سائقو السيارات أى شىء من تعليمات قيادة المركبات إلا تحت سيف الخوف من ضباط المرور. وعلى هذا الأساس فعلى من يريد التعامل مع أحاديث رسول الله أن يضع نصب عينيه الاسترشاد بالسياق الذى وردت فيه واتجاه الإسلام العام ومنطق العقل السليم والتطلعات النبيلة التى لم تَكُفّ البشرية عن الكدح إليها يوما على مدى تاريخها الطويل من عدل ورحمة وتخفيف لأعباء الحياة عن كواهل العباد وتحقيق مستوى ائق من المعيشة لكل فرد وكل أسرة، وكذلك ألا يتعارض الحديث مع شىء فى القرآن الكريم، مع الأخذ قبل ذلك كله فى الاعتبار أن جامعى الأحاديث النبوية الشريفة، على عبقريتهم وجِدّهم وإخلاصهم وتوخِّيهم أقصى درجات الحيطة والدقة فى الجمع والغربلة على أساس من منهجهم العلمى المحكم، هم فى نهاية المطاف بشر من البشر يصيبون ويخطئون ويسهون وينتبهون، ومن ثم فمن الممكن أن يكونوا قد أخطأوا هنا أو سَهَوْا هناك، وهو ما لا يقدح فى إخلاص نيتهم ولا فى عظمة إنجازهم على السواء. ومن قديم كانت نصيحة رسولنا الكريم لنا أنْ " سَدِّدوا وقارِبوا "، كما أنه عليه الصلاة والسلام قد نبهنا إلى أن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ، وإن كان أجره فى حال الإصابة ضِعْف أجره فى حال الخطإ كما جاء فى كلامه الشريف صلى الله عليه وسلم. على أن هناك نقطة تتصل بالسنّة النبوية ذات خصوصية تكفل لها أن نفردها بشىء من التفصيل، ألا وهى أن الأحاديث التى تتعلق بالعلوم والطب وما أشبه ينبغى أن نخضعها للتجربة العلمية للتحقق من صحتها، ومنها الأحاديث التى تصف أدوية معينة لبعض الأمراض كمرض الكبد الوبائى الذى شاع فى الآونة الأخيرة علاجه بأبوال الإبل وألبانها ركونا إلى حديث عن النبى عليه السلام يشير باستعمالها فى التداوى من وجع البطن.

وكان قد حدثنى فى ذلك أحد المصابين بهذا الداء منذ نحو عامين، لكنى لم آخذ الأمر على محمل الجِدّ تماما، وبقيت فيه بين مصدق ومكذب... إلى أن فُتِح الموضوع ثانية منذ أيام بينى وبين قريب من أقربائى الأدنَيْن تعانى زوجته من نفس الداء، فشرع يعالجها بالطريقة الكيماوية المعروفة فوجد أن وزنها أخذ يتناقص حتى فقدت فى نحو ثلاثة أشهر ثلاثين كيلوجراما وأن حيويتها قد تدهورت أيضا تدهورا شديدا أفزعه!. ثم تصادف أن استمع إلى إحدى الطبيبات اللاتى يشتغلن فى مدينته الساحلية تتحدث إلى الأستاذ مفيد فوزى فى برنامجه الشهير "حديث المدينة" وتنصح المرضى بهذا الداء أن يلجأوا إلى أبوال الإبل وألبانها، فأراد أن يتحقق منها شخصيا مما قالته فأكدت له صحة ما سمع. فاشترى ناقة أودعها عند أحد الأعراب على مشارف المدينة ليرعاها لهم ويقوم بتزويدهم ببولها ولبنها. وقد أكد لى تأكيدا شديدا أن حالة زوجته قد تحسنت فى خلال ستة أشهر تحسنا ملحوظا جدا، لا من خلال رؤية العين التى تنبئ بعودة الحيوية والنضارة إلى وجه زوجته فحسب، بل من خلال التحليلات المعملية أيضا، إذ وجدوا أن عدد ا فيروسات قد قل فى خلال هذه المدة من ستمائة وأربعين ألف فيروس إلى مائة وتسعين فقط، ويُنْتَظَر أن تختفى تماما فى حوالى نصف ذلك الزمن. بل إنه أكد لى كذلك أن الشخص المصاب بهذا الداء إن انتقل إلى الصحراء وعاش عيشة البدو فى طعامهم وشرابهم يمكنه أن يُشْفَى تماما من المرض فى أقل من شهرين! وأود أن أصارح القراء أننى قد كتبت ما كتبت هنا بناء على اقتراح قريبى هذا من جهة كى أبصّر الناس بهذا الدواء الناجع حسبما وصفه، ولأتخذ من جهة أخرى هذه القصة مناسبة لطرح رؤيتى الخاصة بالتحقق من صحة مثل هذا اللون من الأحاديث التى تُرْوَى عن النبى عليه الصلاة والسلام. واقتراحى هو أن على الأطباء وعلماء الأدوية والباحثين الكيماويين أن يجتهدوا بكل ما لديهم من قوة وعلم فى التحقق من صدق هذا الذى سمعته، إذ أخبرنى قريبى ذاك أن معظم الأطياء الذين فاتحهم هو أو غيره بهذا العلاج قد ثاروا ثورة عارمة وأَبَوْا أن ينصتوا لشىء مما يقولون. وهذا، فى رأيى المتواضع، يناقض روح العلم ومنهجه، إذ المفروض أن العالم لا يقبل شيئا فى ميدان تخصصه أو يرفضه إلا بعد تمحيص وتجربة، وسبيل التجربة العلمية معروف.

ومن يدرى؟ فقد يستطيع العلماء المسلمون أن يغيّروا من خلال هذه التجارب وجه الطب والدواء على الأقل فى ميدان الكبد الوبائى وينقلوه من حال إلى حال، وبدلا من العلاج الكيماوى الذى يهدّ جسم المريض فى كثير من الحالات قد يتوصلون إلى ضرب آخر من العلاج يشفى دون آثار جانبية ضارة أو على الأقل بآثار ضئيلة لا تمثل ضررا يذكر. أقول هذا، وعُهْدته على من حدثونى به، وأترك الكلمة النهائية فيه للعلماء والأطباء : العلماء والأطباء المفتوحى العقل الواسعى الأفق ممن لم تستعبدهم المدارس الطبية الغربية رغم احترامنا لها وتقديرنا لجهود أعلامها طوال تلك العقود الطويلة من تاريخ الطب والدواء. فإذا ثبت أن ذلك الحديث وأمثاله أحاديث صحيحة من الناحية الطبية كانت هذه أكبر صفعة لأعداء الإسلام ممن يعملون على تكذيب الأحاديث المحمدية وطردها من ميدان التشريع، إذ بدلا من أن يتم طردها من هذا الميدان حسبما يشتهى حقدهم الأسود المدمر، فإنها على العكس من ذلك سوف تدخل أيضا ميدان الطب والصيدلة بكل جدارةٍ تدعمها كلمة العلم وتجارب العلماء! ولكن لا بد فى النهاية من إضافة القول بأنه، فى حالة التبوت التام لنجاعة هذا الدواء، لا بد للعلماء والباحثين المسلمين من تطويره وتحسينه ونقله من حالته الفطرية الأولية إلى حالة يكون فيها سائغا جذابا، أو على الأقل خاليا مما يمكن ان يمازجه من منفرات. ومن المسائل التى تشغل الأمريكان أيضا بل تؤرقهم، كما يتضح من الدراسة التى نحن بإزائها، مسألة " الخلافة "، التى يعملون على وأد التطلع إليها وإلى إعادتها على خريطة العمل السياسى الإسلامى كرة أخرى. وعجيب أن يجهد الأمريكان جهدهم فى إبطال فكرة الخلافة فى الوقت الذى تتكون دولتهم من أجناس وطوائف وأديان وقوميات وألوان شتى، وتتسع رقعتها حتى لتستغرق أكثر من نصف مساحة قارة أمريكا الشمالية. كذلك هناك حلف شمال الأطلنطى بدوله الكثيرة، كما أنهم يدعون إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد بكل دوله وشعوبه خدمة لمصالحهم ومصالح إسرائيل، فكيف يمكن أن نقتنع بحجتهم الداحضة التى يستندون إليها فى الوقوف ضد هذا التطلع المشروع للمسلمين؟ وبالمناسبة فليس تحقيق حلم العودة إلى نظام " الخلافة " بالمستحيل ولا حتى بالصعب إن صدقت النيات وصحّت العزائم.

إننى أعرف أن لدى حكام المسلمين والعرب هَوَسًا بالحكم والسلطان حتى ليثقل على أى منهم أن يتنازل طوعا عن الكرسى الذى يجلس عليه لحاكم مسلم مثله أو ي خضع له مجرد خضوع، رغم أنه يتقبل ما هو أسوأ من هذا الخضوع بل يتلذذ به ويستعذبه إذا كان الأمر يتعلق بتبعيته لإحدى الدول الكبرى التى تختلف معه ومع شعبه فى الدين واللغة والعادات والآمال والمصالح. ولهذا فإنى أقترح على المسؤولين فى بلاد الإسلام أن يعملوا على التوصل إلى صيغة للحكم تحقق الوحدة أو الاتحاد بين الدول الإسلامية، وفى ذات الوقت تضمن لكل حاكم أن يبقى فى كرسيه، كأن يقتصر الارتباط بين تلك الدول على الأمور العامة مع بقاء الأمور الخاصة والتفصيلية من الشؤون الداخلية لكل منها على حدة، وابتكار طريقة لتداول الرئاسة العامة لدولة الوحدة بين الحكام جميعا فى الوقت نفسه : كلٌّ لمدة سنة مثلا أو ما إلى ذلك. وبهذا نخرج من تلك الدائرة الشيطانية التى تطبق على أنفاسنا وأحلامنا فى الوحدة والقوة والرخاء!

ومن تلك المسائل أيضا العمليات الاستشهادية. وواضح أنها تلقى فى قلوب الأمريكان الفزع ولا تتركهم يهنأون بحياتهم، إذ هم قوم يحبون الحياة حبا يملك عليهم كل اهتمامهم وتفكيرهم ولا يعرفون هذا اللون من التضحية الشريفة، كما أنهم بوجه عام لا يحسبون حسابا يُذْكَر لليوم الآخر حيث يتطلع الإنسان إلى نيل الخلود والتقلب فى بحبوحة النعيم والرضا الإلهى السامى. وهم، كما نعرف، يسمون ذلك الضرب من العمليات بـ "العمليات الانتحارية". ولشديد الأسف فقد درج الصحافيون والإعلاميون العرب فى بداية الأمر على ستخدام هذا المصطلح الضال المضلل مما استفزنى منذ أول وهلة حين سمعته عقب قيام الشهيدة سناء محيدلى فى لبنان فى ثمانينات القرن الماضى بتفجير نفسها فى جنود البحرية الأمريكية هناك وقضائها من ثم على أكثر من مائتين منهم فى ضربة واحدة. وكنت أقول دائما إن الانتحار هو من الأمور المحرمة فى الإسلام والتى يبوء مجترحها بإثم عظيم، فكيف نسمى به تلك العمليات البطولية التى يضحِّى فيها منفذها بحياته، وهى أغلى ما يملكه، فداءً لدينه وأهله ووطنه، ودفاعًا عن كرامة أمته بل عن وجودها ذاته، وتقربًا إلى الله وابتغاءً لمرضاته؟ إنها ينبغى أن تسمى بالأحرى : " عمليات استشهادبة ". ثم لاحظتُ بعد فترة ليست بالقصيرة أن هناك تسميات أخرى أخذت تزاحم التسمية المضللة فى ميادين الإعلام منها "العمليات الجهادية" و"العمليات الفدائية"، لينتهى الأمر إلى الاستقرار على مصطلح "العمليات الاستشهادية" كما ناديتُ منذ الوهلة الأولى، وإن ارتدّ بعض الكتاب والمذيعين بآخرة إلى المصطلح الأول المريب خشيةً من أمريكا ومن غضب أمريكا، ويا له من غضب!

ومن الواضح الذى لا يستطيع أى إنسان أن يُشَاحّ فيه أن الحكومات العربية والإسلامية قد بصمت بالعشرة على عدم التفكير فى حرب أمريكا أو إسرائيل رغم استمرارها فى شراء الأسلحة من أمريكا ذاتها، ويا للعجب! ومعنى هذا أنه لم يعد لدينا سوى تلك الوسيلة للدفاع عن أنفسنا وكياننا ووجودنا وكرامتنا وحاضرنا ومستقبلنا، فكيف تسوِّل لبعضنا نفسُه التهجّمَ عليها وعلى أبطالها الذين بلغوا من خلالها مستوى من البطولة لم تعرفه البشرية على هذا النحو من قبل؟ ومما تنم عنه كذلك الدراسةُ التى بين أيدينا أن الأمريكان، والغربيين بوجه عام، يعانون من حساسي ٍ مَرَضِيّةٍ تجاه الإسلام وكل ما يتعلق بالإسلام مهما بدا لنا الأمر تافها. لنأخذ مثلا موضوع الحجاب، والمقصود به فى العرف الحديث تغطية المرأة المسلمة لمفاتنها بحيث لا تنتهبها العيون المتلصصة. إنهم لا يطيقون أن تغطى نساء المسلمين أنفسهن رغم ما يتشدقون به صباح مساء حتى فلقوا دماغنا من كلام معسول عن حرية الفرد فى ممارسة عقيدته وتقاليده والتعبير عن رأيه واختيار طراز ملابسه... إلى آخر قائمة ما يطلقون عليه : " حقوق الإنسان". والغريب أنهم يعلنون بصريح التعبير، ودون أية غمغمة أو مواربة، إنه لا وجه للمقارنة بين "الحجاب" والسارى الهندى أو عمامة السيخ أو صليب النصارى أو طاقية اليهود مثلا، إذ إن للحجاب دلالاته السياسية والديتية التى لا يمكن أن يقبلوها حسبما يقولون! وإذا كان الشىء بالشىء يُذْكَر فإنهم قد ارتكبوا هنا غلطة بلقاء حينما زعموا أن القرآن الكريم قد أمر أمهات المؤمنين بتغطية سائر أجسامهن بالحجاب. يشيرون بذلك إلى ما جاء فى الآية الثالثة والخمسين من سورة "الأحزاب " حيث يأمر سبحانه وتعالى المؤمنين، إذا أرادوا سؤالهن متاعا، أن يكون كلامهم إليهن من وراء حجاب. والمقصود الستائر التى نسدلها فى بيوتنا لنفصل بها بين أهل البيت وبين الضيوف الغرباء، لكن واضعى الدراسة قد أخطأوا فهم الآية كما هو بيّن! وإننا لنسأل هؤلاء الذين يذوبون حبا وهياما وغراما وانتقاما فى دباديب ما يسمى بــ"حقوق الإنسان": أين ما تصدّعون به أدمعة الناس عن الآخر وعن حقوق الآخر وعن خصوصيات الأديان والحضارات؟ أم إن كل ذلك يتبخر فى الهواء من فوره إذا أتى ذكر الإسلام والمسلمين؟ محصَّلة الكلام أنهم يريدون أن يفرضوا علينا رؤيتهم وذوقهم وتقاليدهم ودينهم بالقوة الغشوم! إنهم يرحّبون بالعرى والزنى واللواط والسحاق والخمور، ولا يريدون فى ذات الوقت أن يكون لنا ذوقنا واختيارنا الذى يختلف عن ذوقهم واختيارهم! أى أنهم فى الوقت الذى يزعمون فيه عدم وجود أية مرجعية لأى شىء فى دنيا البشر يعملون بكل قواهم على أن يفرضوا علينا أن نجعل منهم مرجعيتنا الوحيدة. فانظر أيها القارئ الكريم وتعجَّب!

وعند الأمريكان أمل عظيم أن ينجحوا فى تطوير الإسلام حسبما يشتهون دون أن يثيروا ريبة المسلمين أو يستفزوهم بحيث يمضى الأمر فى هدوء. وهم يشيرون فى هذا الصدد إلى مثال من التاريخ القريب حيث أُلْغِىَ الرق فى الإسلام دون أن يلفت ذلك نظر أحد من أتباعه مع أنه يمثل ركيزة أساسية من ركائزه. والإشارة هنا إلى اختفاء هذا النظام من المجتمعات الإسلامية فى القرنين الماضيين. ولكن أولئك الضالين المضلين قد أخطأوا هنا أيضا خطأ فادحا، لأن الرق لا يمثل نظاما أساسيا فى دين محمد على الإطلاق، بل كل ما هنالك أن الإسلام جاء فألفاه يمارَس فى جميع أنحاء العالم وفى كل الديانات، فعمل بكل سبيل على تجفيف منابعه، إذ جعل مصير أسرى الحرب، وهم أهم منبع من منابع الرق، منحصرا فى الفداء: إما بمقابل وإما بغير مقابل. ثم زاد فاهتبل كل سانحة لتحرير ما يمكن أن يوجد فى المجتمع الإسلامى من رقيق: فالحالف إذا حنث فى يمينه كان من بين ما يكفر به عن حنثه عتق رقبة. والمُظاهِر من زوجته إذا أراد الرجوع عن ظِهاره كان من بين ما يكفر به عن هذا الرجوع عتق رقبة. وأحد مصارف الزكاة الثمانية مصرف عتق الرقبة. وبالمثل فمن بين ما يكفر به مرتكب القتل الخطإ عن ذنبه عنق رقبة. ..

وهكذا. وهو ما يعنى أن دين المصطفى عليه الصلاة والسلام لا يرحب بالرق ولا يعمل على استدامته، بل ينتهز جميع الفرص الممكنة للقضاء عليه حتى إنى لأستغرب غاية الاستغراب من بقاء هذا النظام فى المجتمعات الإسلامية إلى هذا الوقت المتأخر. ومع ذلك كله فإن الإنسان لتأخذه الدهشة حين يريد أن يقارن بين وضع الرقيق عند المسلمين ووضعه فى المجتمعات الغربية التى طالما مارسته وتعيرنا مع هذا به، إذ يجد أنه لا وجه للمقارنة، فقد كان الرقيق فى المجتمعات الإسلامية، رغم كل ما يمكن أن يقال فى هذا الصدد، يعامَلون معاملة أرقى بمراحل وأكثر إنسانية ورحمة مما كانوا يعامَلون به فى أمريكا والمستعمرات الأوربية.

هذا أهم ما أثارته تلك الدراسة فى ذهنى، بَيْدَ أن هناك نقطة لم يتطرق إليها التقرير بما تستحقه على رغم أهميتها الفائقة ومحوريتها الخطيرة، ألا وهى الإجابة عن السؤال التالى: لماذا يكره المسلمون يا ترى الولايات المتحدة الأمريكية؟ إن كتّاب التقرير ينطلقون مما يعدونه مسلَّمة لا تقبل النقاش أو المراجعة، وهى أننا نحن المسلمين نحقد على الأمريكان بالفطرة ونكره ديمقراطيتهم هكذا من الباب للطاق! وهذا فى الواقع مظهر آخر من المظاهر المتعددة التى تنم على وجود مؤامرة خسيسة هنا، فمن الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد أن تقر بخطئها ولا تفكر فى مراجعة مواقفها حيالنا ولا تأخذ مشاعرنا ولا مصالحنا ولا كرامتنا فى الاعتبار. لقد كانت وراء خلق إسرائيل من العدم على أرض فلسطين العربية المسلمة بكل ما يحمله هذا العمل الإجرامى من مآسٍ وآلام للعرب والمسلمين بوجه عام، وللفلسطينيين على وجه الخصوص. كما أنها قد دأبت طوال عمرها على مساندة الأنظمة القمعية المستبدة فى العالم العربى والإسلامى رغم تشدقها ليل نهار بالديمقراطية والحرية. كذلك فأمريكا لا تكف عن استهداف الإسلام والعمل على محوه وتنصير المسلمين. وفضلا عن هذا فإنها قد حتلت فى الفترة الأخيرة بلدين إسلاميين عزيزين هما أفغنانستان والعراق ودمرتهما تدميرا وتهدد فوق البيعة دولا مسلمة أخرى بنفس المصير. وهى أيضا تمد دولة العدو الصهيونى الملفَّقة بكل أنواع السلاح والعتاد لسحق الفلسطينيين وتهديم بيوتهم ومزارعهم، وتَنْصُرها دائما فى المحافل الدولية وتقف فى وجه كل إدانة لها فى الأمم المتحدة، وتعاونها فى حروبها ضدنا. ليس هذا فحسب، بل هى تشتم رسولنا وتحقر من شأن قرآننا. كما أقدمت فى الفترة الأخيرة على تزييف قرآن جديد تريد أن تُحِلّه محل كتاب الله المجيد وأطلقت عليه "الفرقان الحق"، وما هو فى الحقيقة إلا البهتان الباطل والضلال المبين! فهذه وأمثالها هى الأسباب الحقيقية للغضب الذى يشعر به المسلمون تجاه أمريكا. أم تراها تريد منا ألا يكون عندنا أى مقدار من الإحساس أو الكرامة فنصفق لها على ما تفعله بنا ونرجوها أن تزيد من إذلالها لنا وسرقتها لمواردنا واحتلالها لأراضينا كما يدعونا عملاؤها الممالئون لها من أبناء جلدتنا؟

.

د. محمد اسحق الريفي
20/04/2008, 09:46 AM
أخي وأستاذنا الفاضل الدكتور شاكر شبير،

أرجو أن تسمح لي بإضافة ملخص لدراسة مهمة تتعلق بموضوع أمركة الإسلام:

الإسلام المدني الديمقراطي: شركاء وموارد واستراتيجيات
كلفت الحكومة الأمريكية مؤسسة راند Rand (http://www.rand.org) بإجراء بدراسة حول كيفية مواجهة الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط ووضع استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة في هذه المواجهة. قامت بهذه الدراسة الباحثة شيرل بينارد Cheryl Benard وهي زوجة زلماي خليل زاد Zalmay Khalilzad مبعوث الرئيس الأمريكي بوش في أفغانستان وفي العراق سابقا والسفير الأمريكي في العراق حاليا. ولأهمية هذه الدراسة للعالم العربي والإسلامي أقدم ملخصا للمواضيع الهامة فيها. وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها ورقة سياسة Policy Paper قد بدأ العالم الأنجلوأمريكي بتنفيذها بالفعل.

تقول هذه الدراسة بأن العالم الإسلامي يخوض صراعا لتحديد طبيعته الخاصة به وهويته وقيمه ومكانته العالمية، مما له تأثيرخطير وجدي على الغرب وعلى الحضارة الغربية وعلى المستقبل، وتقول هذه الدراسة أن العالم كله مهدد بهذا الصراع ولذا يجب تحديد الدور الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة وباقي العالم حيال العالم الإسلامي. وتوصي شيرل بينارد بمحاولة الفهم الدقيق للصراح الأيديولوجي الذي يدور ضمن العالم الإسلامي، وتحديد شركاء مناسبين وأهداف واقعية ووسائل لتشجيع وتطوير الصراع بشكل أيجابي يخدم مصالح العالم المتحضر.

وتقول الدراسة أن مصيبة الإسلام المعاصر تكمن في فشله في التطور وفقده للتواصل مع الحضارة الغربية والتيار السائد في العالم، وأن العالم الإسلامي قد وُصِم لفترة طويلة بالرجعية والضعف وظهور العديد من الحلول مثل القومية والوحدة العربية والاشتراكية العربية والثورة الإسلامية وفشل كل هذه الحلول، مما أدى إلى الإحباط والغضب، وفي نفس الوقت تخلف العالم الإسلامي عن مواكبة الثقافة العالمية.

ثم تنصح الباحثة الولايات المتحدة بتصنيف المسلمين وفهم طيفهم السياسي والديني بحيث يمكن إيجاد شركاء للتعامل معهم واستخدامهم في المواجهة، وتحثهم على وضع استراتيجية للمواجهة مع الأصولية الإسلامية.

تصنف الدراسة مواطني العالم الإسلامي إلى أربعة أصناف أساسية:
• الأصوليون Fundamentalists الذين يرفضون القيم الديمقراطية والثقافة الغربية المعاصرة ويريدون قيام دولة جبرية متعصبة تحقق لهم نظرتهم المتطرفة للشريعة والأخلاق الإسلامية، ولا مانع عندهم من استخدام التكنولوجيا لتحقيق أهدافهم.
• التقليديون Traditionalists الذين يريدون قيام مجتمع محافظ وهم لايؤمنون بالعصرنة والتحديث والتغيير.
• الحداثيون Modernists الذين يريدون أن يصبح العالم الإسلامي جزء من الحضارة الغربية.
• العلمانيون Secularists الذين يريدون أن يتحول العالم الإسلامي إلى نمط الدول الغربية الصناعية التي تفصل الدين عن الدولة على اعتبار أن الدين هو اعتقادات فردية ومسألة شخصية.

أما بالنسبة لسياسة التعامل مع هذه الأصناف الأربعة فيهي كما يلي:

• دعم الحداثيين أولا
- نشر أعمالهم الأدبية بدعم مالي من الولايات المتحدة
- تشجيعهم للكتابة لعامة الناس وللشباب
- إدخال وجهات نظرهم وآرائهم في مناهج التعليم لإسلامي
- إعطائم الفرصة للعمل والظهور في المجالات العامة
- جعل أرائهم وأحكامهم المتعلقة بالقضايا الإسلامية في متناول عامة الناس في تنافس مع آراء وأحكام الأصوليين والتقليدين الذين يمتلكون مواقع على الإنترنت ومدارس ومؤسسات ووسائل كثيرة أخرى لنشر وجهات نظرهم
- جعل العالمانية والحداثة ثقافة مضادة كخيار أمام الشباب المضللين بالأصولية
- تسهيل وتشجيع التوعية بالثقافة والتاريح الغير إسلامي والسابق للإسلام في وسائل الإعلام والمناهج التعليمية للدول العربية والإسلامية
- المساعدة على تطوير منظمات مدنية مستقلة لتحفيز الثقافة المدنية وتوفير مكان للمواطنين العاديين لتعليم أنفسهم العملية السياسية ولنشر آرائهم

• دعم التقليديين في مواجهة الأصوليين
- تعميم إنتقادات التقليديين للعنف والتطرف الأصولي وتشجيع الاختلاف بين التقليديين والأصوليين
- منع وعدم تشجيع الإتحاد والموالاة بين الأصوليين والتقليديين
- تشجيع التعاون بين التقليديين والحداثيين
- تعليم التقليديين وتزويدهم بوسائل مواجهة الأصوليين ومناظرتهم
- زيادة التواجد للعصرانيين في المؤسسات التقليدية
- التمييز بين قطاعات مختلفة من التقليديين ثم دعم بعضهم وتشجيعهم للتغلب على البعض الآخر

• مواجهة ومعارضة الأصوليين
- تحدي تفسيرهم للإسلام وكشف مواطن ضعفهم
- كشف علاقاتهم بالأنشطة والمجموعات الغير شرعية
- فضح نتائج أعمالهم العنيفة لعامة الناس
- إظهار عدم قدرتهم على الحكم وتطوير بلدانهم ومجتمعاتهم
- توجيه تلك الرسائل خاصة للأجيال الشابة وللمجمتعات التقليدية المتدينة وللأقليات الإسلامية في الغرب وللنساء
- تجنب إظهار الإحترام أو التقدير للمقدرة العنيفة للأصوليين والمتطرفين والإرهابيين وأظهارهم كجبناء مضطربين وليس كأبطال شياطين
- تشجيع الصحفيين للتحقيق في مواضيع الفساد والنفاق واللأخلاقيات في دوائر الأصوليين والإرهابيين
- تشجيع الإنشقاق بين الأصوليين

• الدعم الإختياري للعالمانيين
- تشجيع الاعتراف بالأصولية كعدو مشترك ومنع اتحاد العلمانيين مع التجمعات المناوءة للولايات المتحدة الأمريكية على أرضية الإشتراكية واليسارية
- دعم فكرة أنه يمكن فصل الدين عن الدولة في الإسلام وأن ذلك لا يعرض الإيمان للخطر بل على العكس يقويه

ثم تذكر الدراسة تفاصيل حول كل صنف من الأصناف الأربعة السالفة الذكر، وتذكر أمثلة لمواقع على الإنترنت تعود للأصوليين مثل موقع IslamOnLine وأيضا تذكر حركات إسلامية وشخصيات إسلامية منها ما هو يعيش في الشرق الأوسط مثل الدكتور/ يوسف القرضاوي ومنها ما يعيش في أمريكا مثل الدكتور/ سامي العريان وغيره، وهناك تركيز على الحركات الفلسطينية ذات الطابع الإسلامي والتي تستقطب الشباب بشكل خاص. ثم تذكر الدراسة أمثلة للنماذج الحداثة في كل من المنطقة العربية والباكستان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وتتحدث الدراسة عن ما يسمى الإسلام الأوروبي والإسلام الأمريكي. وأيضا تتحدث الدراسة عن التقليديين مثل أتباع الحركة الصوفية.

وفي الفصل الثالث (الأخير) تحت عنوان "إستراتيجية مقترحة" تحدد الدراسة طرق إيجاد شركاء في العالم العربي والإسلامي للولايات المتحدة وكيفية التعامل مع الأصوليين والتقليديين والحداثيين والعلمانيين، وتحدد هذه الدراسة ثلاثة أهداف للولايات المتحدة للتعامل مع الإسلام السياسي، أولا تحتاج الولايات المتحدة لمنع إنتشار التطرف والعنف الإسلامي، ثانيا بفعلها هذا يجب عليها تجنب الظهور بمظهر المعادي للإسلام، وثالثا على المدى البعيد يجب عليها أن تحدد الأسباب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية العميقة التي تغذي التطرف الإسلامي، وعلى الولايات المتحدة أن تشجع في إتجاه التطور والديمقراطية:
• دعم الحداثيين أولاً وتعزيز وجهة نظرهم حتى تتغلب على وجهة نظر التقليديين وذلك بإتاحة الفرصة لهم لنشر آرائهم عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وعبر مواقع الإنترنت، والتركيز عليهم في مواجهة الإسلام المعاصر بدلا من التركيز على التقليديين
• دعم العلمانيين على أساس كل حالة بحالتها
• دعم البرامج والمؤسسات الثقافية والمدنية العالمانية
• دعم التقليديين بشكل يكفي لوقوفهم في وجه الأصوليين ومنع أي إتحاد بين هاتين الفئتين واختيار الفئة القريبة من الحضارة الغربية من بين التقليديين
• وأخيرا الضرب بحيوية على نقاط ضعف الأصوليين وإظهار فسادهم ووحشيتهم وجهلهم وأخطائهم الواضحة في تطبيقهم للإسلام وعدم قدرتهم على القيادة والحكم

وتحدد الدراسة أنشطة مباشرة بشكل أكبر وضرورية لتعزيز هذه الإستراتيجية مثل التالي:
• المساعدة في كسر احتكار الأصوليين والتقليديين لتعريف وشرح وتفسير الإسلام
• تحديد علماء عصرانيين مناسبين لإدارة موقع على الإنترنت للإجابة على أسئلة حول السلوك اليومي وتزويد الحداثيين بأراء شرعية إسلامية
• تشجيع العلماء الحداثيين على تأليف الكتب والمناهج التعليمية
• نشر كتب تقديمية عن الإسلام بأسعار مدعومة لمنافسة الكتب التي يؤلفها الأصوليون ويوزعونها بأسعار زهيدة
• استخدام وسائل إعلامية محلية مثل المذياع لتقديم أفكار وسلوك المسلمين الحداثيين لتوسيع الرؤية العالمية لمعنى الإسلام ولما يمكن أن يعنيه

نضال سيف الدين خالد
20/04/2008, 09:53 AM
سعادة الدكتورشاكرشوبير و الأستاذ منذر أبوهواش حفظها الله و رعاهما
السلام عليكم و رحمة الله وبركاتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــه
جزاكم الله خيراً على هذه المعلومات و جعل ثوابه في ميزان أعمالكم إنه سميع مجيب .
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام و التقدير
مع تحيات نضال سيف الدين خالد

Dr. Schaker S. Schubaer
20/04/2008, 10:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (01): هم يخططون .. ونحن .. ماذا فاعلون؟ أين وعينا؟

هذا المقال داخل به أخي الكريم الدكتور إبراهيم عوض في مسار آخر، وقد رأيت أنه يستحق أن يأخذ مساراً مستقلاً، فأعتذر من أخي الدكتور إبراهيم عن هذه الخطوة.

وأتوجه بوافر الشكر لأخي الكريم المجاهد الكبير المرابط الأستاذ الدكتور محمد الريفي اليقظ دائماً في الدفاع عن الأمة وسد الثغرات إن بدت له واحدة، فبارك الله فيه، وأقول له هم يخططون لكنهم منحصرون داخل مفاهيمهم، لا يستطيعوا الخروج منها، وهذه نقط ضعف كبيرة في دراساتهم. خذ مثلاً: في تعريف الحداثيين Modernists بأنهم الذين يريدون أن يصبح العالم الإسلامي جزء من الحضارة الغربية! هذه ليست حضارة غربية، وهم يصرون على تزييف التاريخ والادعاء بأنها حضارة غربية! فهل هي حضارة غربية أم هي حضارة إنسانية شاركت فيها كل البشرية، وبها شوائب غربية؟! هذا التمييز والكشف عن هذه الإنغلاقية للفكر الإنساني القادم من الفكر الغربي، يوفر لنا مصباح لرؤية الطريق. نحن الذين علمناهم المسيحية، أم تعتقد أن المسيح عليه السلام كان يعيش في القطب مع بابا نويل؟!

كان المسلمون يعيشون مع بقية الطوائف في انسجام وسلام، إلى أن أتى الاستعمار الإنجليزي البغيض، ومعروف مبدأه:
فرق تسد! فأخذ يزرع الفتن والفرقة بين المسلمين والهندوس وبقية الطوائف. وعندما خرج الإنجليز من شبه القارة الهندية حرصوا على استقلال باكستان! الإنجليز - ماشاء الله، عيني عليهم باردة - حريصون على إقامة دولة إسلامية!!! لليوم للأسف الشديد تغيب هذه الحقيقة عن الاستراتيجيين الباكستانيين أن عدوهم رقم 1 هي الصهيونية؛ إسرائيل ومن وراء إسرائيل ..
وليست الهند. وعندما كنت أرى بعض الإخوة المسلمين من الهند أشجعهم على تأسيس جمعيات صداقة: جمعية الصداقة الكيرلية (الهندوسية الإسلامية)، جمعية الصداقة البنجابية (السيخية الإسلامية)، وهي علاج للحساسية التي خلقها الإنجليز بين المسلمين والطوائف الأخرى. فالشعب الهندي شعب صديق، ويجب على المسلمين في الهند وفي باكستان أن يتجاوزوا أحداث الفتنة التي أحدثها الإنجليز.

عندما يقول كروكر إن دور إيران سلبي في العراق، فأفهم أنا كمستمع: أن دورها سلبي على الاتجاه الصهيوأمريكي، فنفس الإدارة تقول إن دور حماس سلبي في عملية السلام؟!! ومن ثم أدرك بأن دور إيران إيجابي. الهجوم على إيران ليس هدفه تصحيح عقائد كما يفهم بعض السذج. فهل المسؤول العربي الذي يحذر من الهلال الشيعي يستطيع قراءة الفاتحة دون أن يقول الرهمن الرهيم في البسملة؟ عندما يعرف كيف يقرأ البسملة صحيحاً، نتناقش في الأمر!

وبالله التوفيق،،،

عبدالقادربوميدونة
20/04/2008, 02:08 PM
تطوير الإسلام على الطريقة الأمريكية
د.إبراهيم عوض


وعلى هذا فإذا أردنا فعلا، لا مجرد شقشقة لسان، أن نكون مالكين لمصائرنا وأن تكون القرارات التى تتعلق بمستقبلنا ومستقبل بلادنا من صنع أيدينا، فليس من سبيل أمامنا إلا القوة : نكتسبها إذا لم تكن متاحة لنا، أو نحافظ عليها إذا كانت فى حوزتنا. ولا شك أن الناظر فى أحوال العرب والمسلمين فى هذه اللحظة التاعسة البائسة من تاريخهم لن يسره بحالٍ ما يراه من هذه الأحوال : فالكسلُ والبلادة والكذبُ والنفاق وقلة الصبر وكراهيةُ العملِ والعجزُ عن الإتقانِ والشعورُ بالهوان والرضا بالمذلة والانسحاقُ أمام الغرب هو سيد الموقف، كما أننا لا نحاول صادقين الخروج من هذه الدائرة الجهنمية أبدا، بل نبذل كل ما نستطيع وما لا نستطيع من حجج واهية من أجل الدفاع عن أنفسنا والاعتذار بالظروف غير المواتية وقلة الإمكانات، وكأن الظروف تصنع نفسها بنفسها، أو كأن الإمكانات تهبط على البشر من الفضاء الخارجى فى ظلام الليل، ناسين أو بالأصح متناسين أن البشر إنما هم الذين يصنعون فى العادة إمكاناتهم إذا شاؤوا أو يفرّطون فى هذه الإمكانات حتى لو كانت السماء قد وهبتهم إياها فى غفلة من الزمان كما هو الحال فى حالتنا الآن، إذ أفاض الله على العرب من خيراته وألطاف كرمه ما لم يكونوا يحلمون به ولا فى المنام، ومنه نعمة البترول التى لم نستطع أن نستغلها كما ينبغى أن يكون الاستغلال، بل كانت فى غير قليل من الأحيان وبالا علينا وشرا مستطيرا!

وسبيل القوة، كما يراه المسلمون المتمسكون بدينهم، هو العلم والعمل والإتقان والكرامة والحرية والعدل الاجتماعى والتعاون والمساواة وسيادة القانون والذوق الراقى والحساسية العقلية والنفسية وصلابة الأخلاق، ومن قبل ذلك العبادة من صلاة وصيام وزكاة وحج انطلاقا من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، لا كأساس للجدال والشقاق كما هو مشاهد الآن بين كثير من المسلمين الذين أصبحوا كلهم بقدرة قادر مفتين متضلعين من الفقه وعلم الكلام، بل كأساس للعمل والتجويد والخوف من الله ومن حسابه الشديد الذى لا يفلت شيئا دون أن يؤاخذ عليه، اللهم إلا كان لنا فيه عذر من ضعف قاهر أو ظرف كاسر!

ومن سبيل القوة أيضا اليقظة والتنبه لما يحيكه لنا أعداؤنا ومن يوالونهم من بين ظهرانَيْنا ممن يشاكلوننا لسانا وسَحْنة وموطنا، لكنهم يخالفوننا قلبا ومنزعا وضميرا باعتزازهم بأعداء البلد والدين والأمة وركونهم إليهم وضلوعهم معهم، وإذا فوتحوا فى شىء من ذلك كان جوابهم: إنما نحن مصلحون. وما هم فى الحقيقة بمصلحين، بل هم المفسدون، وأى مفسدين!

وقد ضَرِىِ المنافقون بيننا هذه الأيام النحسات ولم يعودوا يبالون كثيرا كما كانوا يصنعون من قبلُ أيام َ أن كان لا يزال هناك بقيةٌ من كرامة وعزة فى الأمة، وشىءٌ من الخشية فى قلوب أولئك المنافقين، فهم يرون أن الغلبة قد تمت لأعداء الملة والوطن وانتهى الأمر، وهم لا يستطيعون أن يؤمنوا بشىء أصيل من عند أنفسهم بل يميلون كل مَمِيلٍ مع ريح الأعداء الأقوياء. ويوم تكون لنا الغلبة من جديد فلسوف يدخلون أَوْجِرَتهم كالكلاب الضارعة الجبانة التى فقدت صاحبها والبيت التى كان يكنها فانخلعت قلوبها ولم يعد هناك ما تتحالى به أو أمامه! هذا هو السبيل لامتلاك القوة، أما تضييعُ الوقت والجهد فى التفاهات والشكليات ومحاولة تفصيص الشعرة، واستعراضُ العضلات فى ميدان التقعر والتفيهق الذى حذّرَنا منه وبغّضَنا فيه سيدنا رسول الله، والتباهى بالتشدد فيما لا يقدم ولا يؤخر، فهو عَرَضٌ من أعراض التخلف ودليل على أن أصحابه مرضى يعانون من ضعف فى دينهم وأخلاقهم، وليس من شأنه أبدا أن يرفع أمة من حضيضها أو ينتشل فردا من الوهدة التى تردى فيها، وإن حسب التافهون المتحذلقون أنهم يحسنون بعملهم هذا صنعا. وما مَثَلهم فى أمرهم ذاك إلا كمَثَل رجل ضرب أعداؤه حول بيته حصارا يبغون قتله وتدمير داره، على حين يضيع هو وقته وجهده فى تتبع نملة صغيرة رآها تسير بجوار أحد الجدران الداخلية للبيت والسعى الملحاح لتصنيع مادة سامة للتخلص منها، غافلا عما يدبره له الأعداء المحيطون به لاقتطاف رأسه والقضاء على كل ما يمت إليه من بنيان أو ذرية بصلة! إن مثل هذا الاهتمام بالشكليات فى ذلك الوقت العصيب الذى تمر به أمة الإسلام الآن من شأنه أن يضيع الشكليات والأساسيات تضييعا، فلا يبقى من الدين لا رسم ولا شكل ولا روح ولا مضمون!

وتعترف أمريكا فى هذه الوثيقة بأنها تدعم العلمانيين والحداثيين وترى فيهم رجالها الذين تعلق عليهم آمالها فى تحقيق ما تصبو إليه من ضرب الإسلام فى مقتل حسبما يوسوس إليها شيطانها! والحداثيون، حسبما تعرضهم الدراسة، لا يؤمنون بمحمد ولا بقرآنه، وإن كنت أرى أنه لا فرق فى كثير من الحالات بينهم وبين العلمانيين، إذ إن توزيع الأدوار هو السبب فى تظاهر كثير من هؤلاء الأخيرين بأن كل ما يبغونه هو عدم تدخل الدين فى السياسة والاقتصاد والقوانين المدنية والجنائية وما إلى ذلك، وأنهم حريصون على عبادات الإسلام وقيمه الأخلاقية واستمداد قوانين الأحوال الشخصية من نصوص الكتاب والسنة.

وأمريكا تعترف جهارا نهارا بأنها تغدق على الفريقين الأموال الطائلة وتعمل كل ما فى جهدها لتلميعهم وتسليط الضوء عليهم وإعلاء شأنهم ونشر فكرهم وإصدار كتبهم ومنحهم الجوائز ودعوتهم إلى مؤتمراتها ومؤتمرات من يوالونها ويأتمرون بأمرها... إلخ مما نبهنا ونبه غيرُنا مرارا إليه، فكان هؤلاء العملاء ومن يجرى معهم فى نفس المضمار يجيبوننا قائلين : " يا عجبا لكم ولطريقتكم فى التفكير! ما بالكم لا تريدون أن تتخلصوا من سلطان نظرية المؤامرة "، ثم يذهبون فيتفيهقون علينا ويعطوننا دروسا بليغة فى وجوب إحسان الظن والإقلاع عن الشك السخيف الذى من شأنه أن يُضِلّ صاحبه عن الرؤية الصحيحة! ولا أدرى ماذا يمكن أن يقوله هؤلاء الأوغاد الآن، وقد انكشف المستور، وأصبحت المسألة "على عينك يا تاجر"؟ أَوَقُلْتُ : "لا أدرى"؟ الحق أننى أخطأت خطأ فاحشا حين قلت هذا، إذ الواقع أننى أدرى تمام الدراية ما يقوله هؤلاء الخائنون! ولا يرجع هذا لعبقرية فىَّ بقدر ما يرجع إلى أنهم قد خلعوا، كما أشرت من قبل، برقع الحياء بظنهم أن الكون قد دانت أموره للغرب المجرم وزعيمته أمريكا إلى الأبد، وأن عجلة الزمان لن تدور فى اتجاه غير الاتجاه الذى يسير فيه هذا الغرب على حسب ما يأفك به كتّابه الذين يعملون على تحطيم روحنا المعنوية مؤكدين فى صفاقة فكرية عجيبة أن التاريخ قد توقف عند هذه اللحظة التاريخية التى يتسيد فيها الغرب الدنيا، وأنه سوف يظل متوقفا عندها للأبد! ألا تبارك الله القوى الجبار، وتعسًا ونكسًا لهؤلاء البكّاشين الصُّفَقاء الذين سوف تدهسهم عجلات التاريخ يوما محتوما، على أيدينا نحن إن كُُتِب لنا أن نفيق من غفوتنا وبلادتنا المخزية، أو على أيدى من تختاره الأقدار لقيادة العالم من غيرنا إذا لم نبارح مكان تخلفنا وظللنا نعض على بلادتنا وخزينا بالنواجذ بكل ما فينا من قوة وعزم! إن هؤلاء السفلة المارقين يصفون القرآن بأنه فكر بدوى متخلف، ويتهمون رجال الحديث العباقرة بأنهم وضّاعون كذابون، ويزعمون أن الرسول هو من صنع خديجة وورقة. بل لقد قال عنه عتلٌّ زنيمٌ التقطته أصابع التبشير القذرة وجعلت منه كاتبا بعد أن شارف الستين وهو لم يؤلف فى حياته حرفا إن خديجة قد "صَنْفَرَتْه وقَلْوَظَتْه"! إى وربى هكذا بالنص على طريقة العربجية والحشاشين! وبالمثل سمعتُ آخَرَ من نفس الطراز المنحط فى إحدى الفضائيات يعاير الشرفاء المؤمنين بدينهم بأنه وأمثاله طالما طالبوهم بالاعتراف بصحة ما تدعو إليه أمريكا وتنفيذه دون نقاش فأبى هؤلاء الشرفاء إلا عنادا، حتى وقعت الواقعة وجاءت أمريكا إلى قلب بلادنا تفرض علينا بالحديد والنار ما تريد دون أن نستطيع أن نقول لها : "ثلث الثلاثة كم؟".

ما دامت هذه الدراسات العلمية الهامة والبحوث القيمة المشخصة للداء الدالة على الدواء..منشورة على عديد المنتديات الاكترونية..فهل من قرأها ممن بيدهم مفاتيح الحلول لمشاكل الأمة.. ويتوفرعلى قوة الاقتراحات في المجالس البرلمانية وفي مجالس " الشورى "العربية والإسلامية يعملون بها وبما ورد فيها ؟ أم أن هؤلاء ليسوا في حاجة لأحد..؟ ماداموا هم الفاعلون المفعلون لتكريس القابلية للاستدمارووتهيئة الأرضية للسلخ من الجلود؟
وهل صحيح أن السياسي في الوطن العربي والإسلامي يحتاج في وقتنا الحالي إلى ثقافة المثقف وإلى فكرالمفكر؟
المقال تشخيص علمي دقيق يستحق أكثرمن شكر ..أكثر من إطراء واعتراف ..بارك الله فيكم أيها المفكران الكبيران.
ابراهيم عوض
و شاكر شوبيرالمحترمين

نصر بدوان
20/04/2008, 05:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

" يريدون أن يطفئووا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون"

وفي معنى آية أخرى , أنهم ينفقون أموالهم للصد عن سبيل الله, فسينفقونها ثم تكون عليهم

حسرات. هذه هي حالهم وحال من يدور في فلكهم ويأتمر بأمرهم.

فهذا الدين له رجاله المخلصون, الواعون, الباذلون المضحون, المستنيرون, عقيدة وفكرا

وسياسة, لا تنطلي عليهم الألاعيب والأحابيل, وهم يعرفون هؤلاء أكثر من أنفسهم, ويعرفون

مخططاتهم بحذافيرها.

ثم إن هذه الأمة من الله عليها بالحصانة, من واقع ايمانها البسيط الفطري,الذي يميز بين الغث

والسمين, بدون حذلكة ولا فذلكه.وهل ننسى قول المصطفى عليه السلام " لا تجتمع أمتي على

ضلالة" دائما ستكون هناك فئة قائمة على الحق, لا يهمها من خالفها, عددا وعدة وعتادا.

هم الذين إذا قيل لهم إ، الناس قد جمعوا لكم, يقولون حسبنا الله ونعم الوكيل.

وهل ننسى قول الله تعالى" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"

أبعد كلام الله ورسوله كلام, أليست هي البشرى.

وبعد فإنه لشرف لهذه الأمة أن تكون الأمة التي تذود عن حق البشرية في الحرية,

بتصديهاللطاغوت الأكبر وأعوانه , برغم التضحيات الجسام, نعم هم أنشؤوا إسرائيل

ودعموها ولا زالوا وسيظلوا يدعمونها, ولكن لا زال مشروعهم يتخبط ولا يستقر له قرار, ما

دام هناك طفل فلسطيني يقول لا, وطفل عربي يقول لا,وطفل مسلم يقول لا, وانسان حر يقول

لا.اسرائيل كما أراها كذبة نيسان لم تكتمل ولن تكتمل, إنها السراب الذي لا زالت الصهيونية,

وأعوانها وأتباعها من المتصهينين الجدد, وفرسان الهيكل ومالطة.وكل من لف لفهم من خليل

زادة, وجون أبي زيد وووووو.نقول لهم ستقبضون السراب,

وأما العراق وافغانستان فدونكم الميدان, نعم دمرت أفغانستان والعراق, ولكن في المقابل, إذا ما

استمرت المقاومة , وأحسبها ستستمر لن يكون مصير أمريكا أفضل. وها هي تشرب من نفس

الكاس,قتلى وجرحى ومعوقين, واقتصاد يعاني,وكرامة تمرغ في الوحل.

الثمن باهض, ولكن الرجال والأمم إذا ما ابتليت وامتحنت لا بد لها أن تصمد.

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا = إن الحياة عقيدة وجهاد

وللحرية الحمراء باب = بكل يد مضرجة يدق

ولا يبني الممالك كالضحايا= ولا يدني الحقوق ولا يحق

لمطلوب كما قال الأخوة الوعي والإعداد والاستعداد والمواجهة بدون تردد, حين تفرض علينا.

د. محمد اسحق الريفي
20/04/2008, 05:41 PM
أستاذنا الفاضل الحكيم الدكتور شاكر شبير،

بوعينا والتزامنا بديننا نستطيع أن نتجاوز كل مؤامرات الغربيين والصهاينة. ولكن مع الأسف الشديد، وكما تفضلت في مشاركتك القيمة، فإننا لا نزال نقع في شرك "فرِّق تسد" الذي نصبه لنا الإنغليز، ولا نزال نعاني من قابليتنا للتطاحن والاحتراب على شاكلة ما أحدثه اليهود بين الأوس والخزرج قبل قرون عديدة، وأنا ألوم العرب والمسلمين على هذه القابلية، فقد ترك لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ما إن تمسكنا به لن نضل بعده أبدا: القرآن الكريم والسنة.

عشت في الولايات المتحدة (للدراسة والبحث والتدريس) لمدة ثمان سنوات على ثلاث مراحل منفصلة، وقد لاحظت أنه لا يوجد قسم في جامعة أمريكية إلا وفيه أساتذة عرب ومسلمون وهنود وصينيون وغيرهم، ولا يوجد قسم في مستشفى أمريكي إلا وفيه أطباء عرب ومسلمون وهنود وغيرهم، ولا يوجد مصنع أمريكي للتكنولوجيا المتطورة إلا وفيه مهندسون من كل بلاد العالم ولا سيما العرب والمسلمين... وهكذا، فعن أي حضارة أمريكية يتحدثون؟!! الأمريكيون لا توجد لهم ثقافة حتى يزعموا أن لديهم حضارة.

أذكر أنني في زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، ذهبت إلى إحدى الأسواق الكبيرة في ولاية وسكانسن Wisconsin، وتعاملت مع أحدى الموظفات في ذلك السوق وكانت من أصل شرقي، فأخبرتني أنها عاشت في الولايات المتحدة أكثر من خمسة عشر عاما، ولكنها رغم كل هذه المدة كانت تذهب إلى الولاية المجاورة Minnesota لشراء الطعام والبهارات والخبز والمعلبات الفيتنامية، لأنها ببساطة متمسكة بثقافتها ولا ترى لها بديلا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الظاهرة يلمسها كل من يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن ما يدفع الولايات المتحدة إلى الاستيلاء على الحضارة الإنسانية هي الأنانية الكبيرة too much ego التي يتسم بها الفرد الأمريكي، فهم يرون أن كل الدنيا ملك لهم، وأنهم أجل وأعلى وأعز وأعلم من غيرهم من البشر. لكن غزوهم للعراق وأفغانستان ربما كسر من أنانيتهم وأصاب مئات الألوف من الجيش الأمريكي المهزوم بأمراض نفسية لا شفاء لها سوى التواري تحت الثرى في باطن الأرض، وكذلك البريطانيين وغيرهم من حلفاء الولايات المتحدة.

تحية إنسانية!