المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها المثقفون والمفكرون ... أنتم قلب الأمَّة النابض ، وأنتم صمام أمانها



عبدالوهاب محمد الجبوري
03/07/2008, 08:26 PM
أيها المثقفون والمفكرون ... أنتم قلب الأمَّة النابض ، وأنتم صمام أمانها
بقلم:سماك برهان الدين العبوشي
تنويه : هذا المقال يتفق مع منهجي ورؤيتي الشخصية فيما يخص دور المثقف والسياسي والاستاذ الجامعي وكل فئات المجتمع العربي تجاه قضايا امتنا والموقف منها وكيفية التعامل معها .. ولهذا تم نقله الى منتدانا تحقيقا للفائدة وتعميمها .. مع الشكر والتقدير ( عبدالوهاب الجبوري )

****
يعتبر المفكرون والمثقفون طليعة الأمة ، فكما انهم قادة فكرها ، فهم ولاريب صمام أمانها عند اشتداد المحن والملمات ، فعلى عاتقهم تقع مسؤولية عظيمة في شحذ همم أبناء جلدتهم وتبصيرهم بمستلزمات اجتياز تلك المحن من أجل تقليل الخسائر واختزال زمن المحنة وصولاً لشاطئ الأمان الذي ينتظره الجميع.

إننا إذ نعيش واقعاً مؤلماً وقاسياً مضى عليه قرابة ستين عاماً مما ترتب علينا جميعاً بمختلف المشارب والألوان والانتماءات مهام جسام ، لاسيما طليعة الأمة من مثقفيها ومفكريها حيث وضعتهم تلك الظروف القاسية تحت مسؤوليات جسام مما يستدعي منهم وقفة تأمل وتدبر وتفكير في كيفية الارتقاء بواقعنا من أجل تجاوزها وعبورها نحو بر الأمان.

لقد تنوعت حربنا على واقعنا وما يحيط بنا من أخطار جسام واتسعت تلك الحرب لتأخذ آفاقاً وأصنافاً شتى حيث تراوحت بين عدو ظاهر أمامنا يتربص بنا ، وبين عدو آخر مستتر عن الأنظار قابع في دواخلنا عمل على تمزيق مشهدنا الداخلي بعدما تمسكنا بأولويات جزئية واعتبارات هامشية ضيقة تاركين خلالها لعدونا الحقيقي حرية التفكير والتخطيط والتدبير وأطلقنا له اليدين ليفعل بنا ما يشاء فكان آن تسبب ذلك لنا بما نتجرعه من آلام وأوجاع ونكبات رغم مرارته!!.

لقد تناسينا قضيتنا الأولى وعدونا الرئيسي المتمثل بالكيان الصهيوني في خضم صراعاتنا وحمى منزلقاتنا واحتراباتنا وخلافاتنا الفكرية الداخلية وتراجعت أولوياتنا ، فركنا عدونا جانباً ورحنا نتقاذف الشتائم والاتهامات والتخوين غير آبهين ولا مكترثين بما يرتب ويخطط عدونا لنا ، وكان لإصرارنا على تمسكنا بجزئيات تافهة لا تغني ولا تسمن وسجالات فكرية هامشية أن احتلت هذه الجزئيات المرتبة الأولى وصارت شاغلنا الأكبر مما تسبب ذلك في ارتفاع وتائر تشوه المشهد الفلسطيني وضبابيته !!.

آن لنا أن نعي وندرك أن للقلم قدسية كبيرة ودوراً عظيماً في الذود والدفاع عن حقوقنا السليبة ، آن لنا أن نعود لوعينا لنواجه المؤامرات والدسائس والمكائد التي يحيكها لنا عدونا الغاشم الجاثم على أرضنا والمنتهك لحرماتنا ومقدساتنا، آن لنا أن نعيد لقلمنا بريقه وسطوته وجبروته ودوره الطبيعي في أن يكون رديفاً مؤازراً ومكملاً للسيف ، فالسيف لوحده في الميدان أشبه ما يكون بطائر فقد أحد جناحيه فراح يترنح يمنة ويسرة ، فليس غريباً إن يشتد الساعد بحضور الفكر والقلم لجنبه ، آن لنا أن نعي أن الأمة تحيا وتسمو وترتقي سلم المجد بالقلم والسيف معاً ... وهما صنوان لا يفترقان.

علينا أن نعيد حساباتنا فيما نصرفه من جهد فكري ووقت نستنزفه في كتابة مالا يخدم الأمة ولا يصب في صالحها ، علينا أن نراجع أنفسنا بعد أن أصابنا الإعياء الفكري وتقهقرت قضايانا نتيجة دأبنا وبحثنا عن مفردات وصيغ نتلذذ فيها باتهام أحدنا الآخر بشتى التهم والصفات التي لا تصب إلا في صالح عدونا ، ففي دأبنا ذاك ملهاة كبيرة ومضيعة للوقت والجهد والطاقة، آن لنا أن نعي حقيقة أن للمثقف دوراً رئيسياً في إخراج الأمة من كبوتها وإنقاذها مما تلبست فيه من قيود وأصفاد التخلف والتشرذم والانقسام.
علينا أن ندرك أننا شركاء في هذا الوطن وكلنا مسؤولون عن حمايته والارتقاء به وتخليصه من براثن المحتل الغاشم ، علينا أن ندرك أننا لا نقل أهمية أو دوراً عن المقاتل المتمنطق بسلاحه دفاعاً عن الوطن السليب ومقدساته وتاريخه التليد، فنحن مقاتلون وسلاحنا يتمثل بالفكر والقلم حيث نجابه فكر عدونا ونرد على افتراءاته ومحاولات تزييف حقيقة صراعنا معه ، ولعل أجمل ما قاله أحد الكتاب بهذا الخصوص (( المفكرون وأصحاب الأقلام الطاهرة الشريفة، اليَوم هم أصحاب الحَسم في المَعارك والحُروب فهم جِنرالات الحرب المقبلة وقادتها ومحددو نتائجها، ويَقع عَليهم دَور كَبير وهَام في الدِفاع عن الأمة وحَضارتها )).

وكي نكون معاً ويداً بيد ، فإنه لزام علينا أن نعتاد على فكرة ثقافة تقبل الآخر وسماع وجهة نظره فلا نتطير منها أو نحاول الانتقاص من أهميتها ، وأن نضع في حسباننا أن في اختلافات وجهات نظرنا قوة ومنعة لنا ... هكذا كان يردد الرسول الكريم ( ص ) حيث قال (( إختلاف أمتي رحمة )) ... فالاختلاف بحد ذاته لا يفسد للود قضية ... فالقضية واحدة لا تتجزأ وهي التصدي للعدو وإفشال مخططاته وإعادة الحق لأهله ، ولكن الاختلاف يكون في جزئيات تطبيقها ... وكلنا نسعى من أجل حماية قضيتنا وصون مرتكزاتها وأسسها ، آخذين بنظر الإعتبار عدم تجاوز الخط الأحمر المتمثل بفكرة مساومة عدونا على ثوابتنا الوطنية أو التراجع عن بعضها بأي شكل من الأشكال!!.

فيا أيها المثقفون والمفكرون ... أنتم قلب الأمَّة النابض ، وأنتم صمام أمانها ... فلا تستصغروا من شأنكم في مهاترات وسجالات عقيمة ... ولا تستسهلوا دوركم ... وأيقظوا ضمائركم ... وتذكروا أن التاريخ يسجل عليكم كما يسجل لكم ... والتاريخ قاس لا يرحم ...أبداً ... أبداً!!.

وما من كاتب إلا سيفـنى
ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شىء
يسرك في القيامة أن تراه

سماك برهان الدين العبوشي
عضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب
simakali@yahoo.com