المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من مهازل إقتتال الزمرة الحاكمة لاختيار مرشحهم الهزيل لمنصب وزير العدل ... حقائق وخفايا من داخل وزار



صباح البغدادي
25/07/2008, 01:56 AM
من مهازل إقتتال الزمرة الحاكمة لاختيار مرشحهم الهزيل لمنصب وزير العدل ... حقائق وخفايا من داخل وزارة الداخلية ( العراقية )



وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ـ قراّن كريم

العدل أساس الملك , والعدل أسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته عز وجل , والعدل بين الناس أمر واجب وفرض عين بين الحاكم والمحكوم , ودون تفريق بين الحكام ورعيتهم حيث كلهم سواسية أمام عدالة القانون والقضاء لا فرق بين هذا أو ذاك .
والعدل أساس الملك : هي تلك الحكمة البليغة القديمة التي توارثتها الشعوب والمجتمعات على مر العصور والأزمنة , والتي ثبتها لنا التاريخ والواقع وأثبتت لنا مدى مصداقيتها إلى حد بعيد في نشأة المجتمعات وتطورها الحضاري , فإذا ساد العدل في أي من المجتمعات المدنية فإن المواطن يشعر بدوره بالأمان في عيشه وعلى أهله وماله وممتلكاته , وبدوره يتم ترجمة مثل هذه المنجزات العظمية وشعوره بانتمائه الحقيقي للوطن الذي يعيش على أرضه , فأن هذا الانتماء الوطني سوف يتم ترجمته تلقائيآ من قبل المواطنين المنتمين للإوطانهم , بأن سوف يكون حتمية الدفاع عنه , وعن هذه المنجزات التي حققتها هذه الشعوب والمجتمعات وشعور المواطن بدور حيوي ومهم للدفاع عن أي اعتداءات خارجية قد تهدد كيان هذا الوطن من الوجود . لذلك نرى المجتمعات والشعوب المتحضرة التي ناضلت وكافحة طوال عقود زمنية عديدة لأجل أن يكون لها دور متميز في عملية البناء والتنمية المتسارعة للإوطانها تهب للدفاع عنه ضد أي غزو خارجي قد يتعرض له , بغض النظر عن من يحكمهم أو من يخالفهم بالرأي والرأي الأخر , وبغض النظر عن العرق والدين والطائفة المنتمي لها حكامهم ما دام يحقق لهم العدالة الحقيقية في طريقة الحكم حتى أن الخلافات فيما بينهم تنحى جانبآ لغرض توحيد الصفوف لغرض مواجهة مثل تلك الأخطار .

فلا قيمة حقيقية تذكر للشعوب والمجتمعات إلا بتحقيق العدالة الحقيقية فيما بينهم , وهذه العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود قضاء عادل ونزيه وغير مسيس لجهة ما ضد جهة أخرى , أو طرف حكومي ضد مواطن , والمؤسسات القضائية تحرص الدولة دائمآ على أدارتها وتفعيل دور عملها بصورة مهنية , ولا يوجد عدل في أي نظام حكم إلا بوجود قضاء نزيه يكفل بصورة جوهرية المساواة بين المواطنين بغض النظر عن العرق أو الطائفة أو القومية أو المذهب وكل من يقيم على أرض الوطن , ووزارة العدل في أي دولة تعتبر اليوم من أهم الوزارات التي تكفل بدورها الحفاظ على حياة المواطن وتشعره بالأمان في بلده للوصول معه إلى بناء الدولة المدنية الحديثة المتحضرة , وكذلك تقوم الدولة برفع القدرة العلمية الأكاديمية للموظفين المنتسبين لوزارة العدل والجهاز القضائي المرتبط به وتوفير سبل العيش الكريم لهم ولو بالحد الأدنى وخصوصآ للقضاة في سبيل عدم ميلهم إلى الرشوة أو المحسوبية أو الضغوطات من جهات سياسية وحزبية معينة لتحقيق مكاسب سياسية بخسة على حساب المواطن, وكذلك من اجل القيام بمهامهم القضائية المنوط بهم بكل نزاهة وحيادية , وبالتالي تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بكل كفاءة وفعالية ومهنية عالية .

في أكبر مهزلة تشهدها الساحة السياسية ( العراقية ) لحكومة رئيس الوزراء نوري (المالكي) لغرض تسمية المرشح الذي سوف يستلم منصب وزارة العدل ( العراقية ) لحكومة المحاصصة الطائفية المذهبية البغيضة التي أوجدها المستعمر الأمريكي المحتل بسياسته الرعناء المقصودة لتفريق هذا الشعب الواحد الموحد , حيث دعا رئيس ما يسمى بمجلس النواب ( العراقي ) محمود المشهداني إلى اختيار وزير العدل الجديد لهم , من التيار الإسلامي الكردي لحل الإشكال ـ ونحن نسميه الصراع الطائفي النتن لهذه العصابة الحاكمة ـ حول تسلم الوزارة بين قائمة الائتلاف( الشيعية ) وجبهة التوافق ( السنية ) . وأوضح المشهداني في مؤتمر صحفي عقده يوم السبت 19 تموز 2008 بمنتجع المنطقة الخضراء المحصنة بقوله : أن الشيعة في قائمة الائتلاف لا يرغبون بوزير من الطائفة السنية لوزارة العدل بسبب أن أغلب المعتقلين هم من نفس الطائفة ويخافون أن يعمل الوزير على إطلاق سراحهم حتى المجرمين منهم , أما السنة فيريدون أن يكون الوزير منهم لحل مشكلة المعتقلين في السجون العراقية . إما تحالف البيشمركي الطالباني والبرزاني فقد طلب التأجيل على التصويت لعدة أيام على منصب وزير العدل لحين أن يتم التشاور فيما بينهم . وجدير بالذكر أن منصب وزير العدل ظل شاغرآ منذ بداية شهر نيسان لعام 2007 بعد استقالة هاشم الشبلي بسبب خلافات سياسية مع حكومة المحاصصة الطائفية من جهة والقائمة التي ينتسب إليها سابقآ القائمة العراقية .

من الملاحظ هنا أن محفل عصابة البيشمركي الطالباني والبرزاني سوف يعمل على أن يتم ترشيح وزير يحقق لهم طموحاتهم في عمليات المساواة على المعتقلين العراقيين وإطلاق سراحهم , وفق مبالغ خيالية سوف يتقاضونها من ذوي أهالي المعتقلين من قبل أشخاص مهيئين لهذا الغرض , وخصوصآ إذا كانت حالتهم المادية جيدة جدآ , وسوف تكون قضية هؤلاء المعتقلين العراقيين كذلك عرضة للمساومة في سوق النخاسة الحزبية والمتاجرة المادية , وقد تصل لحد المساومة على إطلاق سرحهم للإنتخابات المزورة سلفآ القادمة ـ بعد أن تقشمرهم المرجعية مرة أخرى وينتخبون السرسرية مرة ثانية ويأتون نفس الوجوه الممسوخة التي نشاهدها اليوم ـ مع العلم أن حسب تصريح الناطق الرسمي بأسم مجلس القضاء العراقي الأعلى عبد الستار البيرقدار قبل أيام أن عدد المعتقلين العراقيين قد بلغ مائة وتسعة ألف وثمانية وسبعون معتقل (( 109087 )) وحسب التصريح نفسه فأن نسبة أكثر من تسعون بالمائة منهم من المذهب السني والبقية من المذهب الشيعي , وأضاف بدوره : أن هناك قانون العفو العام الذي أقره البرلمان (العراقي) والذي لا يشمل المحكومين بجرائم الإبادة الجماعية أو القتل الجماعي ــ وهذه الحسنة إذا تم تطبيقها فيجب أن تشمل كذلك مختلف تنظيمات فيلق بدر الإرهابي وما تسمى بـ سرايا شهيد المحراب الخاصة وهو تشكيل جديد ظهر على ساحة الميليشيات الإرهابية مؤخرآ وهؤلاء مهمتهم تفريغ الأحياء المختلطة في المحافظات الوسطى والجنوبية عن طريق الترهيب والترغيب والتهجير , ومركز عملياتها الحالية الآن محافظتي النجف وكربلاء بصورة أولية , وإذا لم تنفذ تعليماتهم بصورة فورية فمصير الرافضين التصفية الجسدية الفورية ــ ولا يشمل قانون العفو كذلك المتهمين أو المحكومين بقضايا الفساد الإداري والمالي ــ وهذه أحدى السيئات القبيحة في قانون العفو المثلي , فورود عبارة المحكومين بقضايا الفساد الإداري والمالي تخص فقط الموظفين الصغار وليس الحيتان الكبيرة , ومثل هؤلاء الموظفين الصغار يعتبرون هم القاعدة في مختلف وزارات ومؤسسات ودوائر الدولة العراقية , والذي يضطر البعض منهم مرغمآ بأخذ الرشوة أو الإستيلاء على المال العام بطرق ملتوية غير إخلاقية ــ وهو عمل مدان بشدة من قبل الجميع ولا يجوز تبرير مثل تلك الأفعال ــ أو أرغام المواطن على دفع مبلغ من المال لقاء عمل خدمة عامة مسؤول عليها الموظف أو تمشية معاملات الموطنين الرسمية في مختلف الدوائر , وتأتي مثل تلك الأفعال المدانة نتيجة للظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها الموظفين الصغار وقلة الراتب والاحتياجات المعيشية المختلفة , وذلك لعدم توفيرها من قبل الدولة المسؤولة عن توفير العيش الكريم لمواطنيها , من قبيل توفير التيار الكهربائي المستمر , المياه الصالحة للشرب , المحروقات بمختلف أنواعها , البطاقة التموينية , توفير العلاج للمرضى ... ألخ .

وفي نفس الشأن كذلك أكد قبل أيام في تصريح أدلى به رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود : بأن تطبيق قانون العفو العام يواجه مشاكل وعقبات كثيرة في طريق تحقيقه بين مختلف الكتل السياسية المشاركة بالحكومة , إضافة إلى عدم وجود أي جدية من قبل الادعاء العراقي في متابعة تنفيذ قرارات لجان العفو .

أن مسألة إطلاق سراح الأبرياء من العراقيين والذين تم ألقاء القبض على أغلبهم لمجرد الأشتباه , أو بطريقة الوشاية الرخيصة أو الاتهام بأنهم من البعثيين للتخلص منهم وخصوصآ في دوائر ومؤسسات الدولة , وهي المقولة السابقة التي تم أستنساخها حرفيآ ــ هذا من حزب الدعوة ــ من قبل هذه الزمرة الإجرامية الحاكمة .

مع العلم لا بد لنا من التذكير أن في دستور هذه الزمرة الحاكمة وفي أحدى فقراته تنص على : يجب أن يمثل المعتقل أمام قاض التحقيق خلال مدة 24 يومآ من تاريخ اعتقاله , وأثناء التحقيق يحدد القاضي إذا كانت التهم تستحق التحقيق أم لا ومتابعة الإجراءات القانونية الأصولية بحق المتهم .

أن الفترة الطويلة لبقاء عشرات الآلاف من المعتقلين العراقيين في سجون مسالخ وزارة الداخلية التابعة لهذه الزمرة الحاكمة قد أنشأت طبقة ضليعة في الفساد المالي ولإداري بين مسؤولين وحراس السجون التابعين لوزارة داخليتهم , وذلك بحصولهم على رشوة بمبالغ مالية طائلة من أهالي وذوي المعتقلين مقابل أن يتم تخفيف التعذيب بحق أي شخص يستطيع ذويه دفع هذه المبالغ لغرض تقليل ساعات التعذيب والحرمان من النوم , وغيرها من وسائل إذلال وقتل أدمية المعتقل العراقي , ويجري هذا بتشجيع من قبل كبار الضباط , إضافة إلى غض النظر عن مثل هذه الحالات الإجرامية المدانة من قبل وزير الداخلية جواد البولاني شخصيآ حتى أنه في أحدى اجتماعاته السرية التي جمعته مع بعض من ضباط ومدراء الأقسام التي يسيطر عليها في داخل وزارته تم طرح مثل هذه المشكلة فقد أجابهم * (( بصراحة أنا لا أستطيع عمل شيء بهذا الخصوص لان المسؤولين على هذه السجون لديهم ميليشياتهم الخاصة , ومسنودين بقوة من قبل أحزابهم المشاركة بالحكومة , ولا مانع لهم بأن يتخلصوا مني وبسهولة إذا وقفت في طريقهم , حتى أن بعض الغرف في وزارة الداخلية الموجودة في الطوابق العليا لا أستطيع الدخول لها , ولا اعرف ما يجري بداخلها ولمن تعود هذه الغرف بالأصل , وقد ورد في تعليق لأحد الضباط الحاضرين أثناء الاجتماع بأنه شاهد في أروقة الوزارة من يتكلم اللغة الفارسية ولغته العراقية ثقيلة جدآ , وعندما استفسرت عن هذا الأمر تم تنبيهي بعنف وبشدة , وقد أضاف هذا الضباط بدوره ليس أنا فقط من شاهد هذه الحالة ولكن هناك ضباط آخرين نقلوا له سابقآ نفس الشيء ودائمآ نجابه بعدم التدخل في مثل هذه الأمور, وحتى أن بعض الطوابق محرومين من الصعود لها وهناك معلومات مؤكدة حصلنا عليها تفيد بوجود عمليات ابتزاز واختطاف لأبناء وبنات التجار العراقيين لغرض مبادلتهم بفدية مالية كبيرة )) .

وفي الأخبار الواردة ألينا من العاصمة الدنمركية كوبنهاجن الجمعة الماضية تفيد بأن الأجهزة الأمنية الدنمركية صادرة مبلغ وقدره عشرون مليون دولار كانت محولة باسم اللواء الدعوجي عدنان فليفل ( الأسدي ) حمل دار إبراهيم الأشيقر ( الجعفري ) بدون أي سندات مصرفية أصولية وقانونية إلى مكتب صرافة وتحويل عملة مسجل باسم أحد أقربائه وقد تم التحفظ على المبلغ وفتح تحقيق ودفع غرامة وقدرها أثنان مليون دولار .

إضافة إلى أن هناك مسألة في غاية الأهمية تتعلق بنوعية الطعام الرديئة جدآ المقدمة للمعتقلين , والتي تتكون من مواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية لما تحتويه من عفونة ظاهرة , ويجدون المعتقلين دائمآ في الأكل المقدم لهم بعض من الحشرات والنمل .

المسألة الأهم كذلك في هذا السياق لا بد لنا من ذكر المافيا سرية والتي لم تظهر إلى سطح الأحداث لغاية الآن والتي تتكون هذه المافيا بين مسؤولين وزارة التجارة التي يقودها الدعوجي فلاح السوداني , ومسؤولين من وزارة الداخلية المرتبطين بزمرة حزب الدعوة ومنظمة بدر وذلك بأن تقوم وزارة التجارة بتوريد مختلف المواد الغذائية المنتهية الصلاحية لمختلف السجون التابعة لوزارة الداخلية ووزارة العدل , والتي يتم أستيراد هذه المواد الغذائية بأسعار عالية جدآ من قبل وزارة التجارة وعمل أوراق رسمية لها ومختومة بأختام الوزارة الرسمية على أنها مواد غذائية صالحة للاستهلاك , ومن منشأ أصلي معترف به عالميآ وشركات تجارية معتمدة لدى وزارة التجارة , وتحدث في هذه العملية القذرة فروق هائلة بالأسعار وبالعملة الصعبة ويتم تقاسم هذه الأموال فيما بينهم وأي شخص يحاول الاعتراض على هذه الأفعال يتم تصفيته في اقرب فرصة سانحة .

إذا أردنا أن نعمل بجد لخلق مجتمع واعي متحضر يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه يجب علينا تفعيل دور النخب المثقفة العراقية بجميع توجهاتها ومكوناتها , وإخراجها من حالة الجمود الفكري والعقلي المصابة به , وعدم الركون والخنوع لسطوة زمرة الفساد السياسي الحاكمة بفضل استقوائهم على الشعب العراقي المغلوب على أمره , لان هؤلاء الفاسدين يستمدون قوتهم من سطوة ميليشياتهم وكذلك الدعم الخفي اللامحدود من قبل قوات الاحتلال الاستعمارية الأمريكية البغيضة , ويتم كذلك بتفعيل دور منظمات المجتمع المدني المهنية غير المسيسة ومشبوهة التمويل والتوجهات التي تكثر الأن كالفطر المسموم والسرطان المميت في كافة أرضي الدولة العراقية وكذلك العمل الجاد لمختلف صحفي ومثقفي وسياسي العراق على فضح زمرة الفساد الحاكمة الذين ينهبون ثروات الوطن والشعب ومقدراته في العيش الحر الكريم في بلدهم وتقديم هؤلاء وأدواتهم الذين لهم دور مشهود في عملية المساعدة على السطو على أموال وأملاك الدولة العراقية وهذه الأدوات هم الوزراء الفاسدين وكافة المتواطئين معهم الذين يسهلون لهم أفعالهم الإجرامية الدنيئة ... وأن غدآ لناظره قريب ...


سياسي عراقي مستقل
باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني
sabahalbaghdadi@maktoob.com

* المعلومة الصحفية الموثقة وردتني في فترة سابقة من حماية احد النواب في المنطقة الخضراء سمعها بوضوح أثناء جلسة نقاش بين مجموعة من النواب وكان هناك تقرير مكتوب يتناقشون فيه ورد من خلاله هذه المعلومات وما قاله وزير الداخلية جواد البولاني شخصيآ للحضور .