المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما إعراب قوله تعالى "خَوْفاً وَطَمَعاً"؟



جمال الشرباتي
20/08/2008, 07:26 AM
قال تعالى

{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }
بالنسبة لقوله "خَوْفاً وَطَمَعاً " ففي موضع نصب على الحال --أي يريكم البرق وأنتم خائفين من صواعقه طامعين في المطر بعده



ويمكن أن يكون خوفا وطمعا مفعولا لأجله--وقد منعه الزمخشري لكون الفاعل هو الله في " يريكم " وفاعل الخوف والطمع هو ضمير المخاطبين --

وأجاب السّمين في " الدرّ المصون " على هذا الإشكال قائلا

(وهذا يمكن أن يجابَ عنه: بأنَّ المفعولَ في قوة الفاعل، فإنَّ معنى " يُريكم " يجعلكم رائين، فتخافون وتطمعون، )

بالمناسبة--

المفعول لأجله هو "مصدر منصوب يذكر لبيان سبب وقوع الفعل ، أو ما دل على الوقوع ،

. ويكون جوابا مقدرا لسؤال يبدأ بـ : لم ، أو لماذا .

ويشترط فيه أن يتحد مع عامله " وهو ما جاء المفعول لأجله يبين سببه " في الزمان والفاعل .


مثال : آكل رغبة في زيادة وزني .

لاحظ الآكل والراغب نفس الفاعل --

ولاحظ الأكل والرغبة متحدان زمنا --

ولاحظ أنّك لو سألك أحد سؤالا--"لم تأكل" ؟

فجوابك "رغبة ""

مفعول لأجله

منذر أبو هواش
20/08/2008, 04:54 PM
بارك الله فيك أخي جمال،

قوله (هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) في موضع نصب على الحال أي يريكم البرق وأنتم خائفون من صواعقه وغضبه، طامعون في غيثه ورحمته.

ومثلها قوله عز وجل: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا)
أي ادعوا الله وأنتم خائفون من غضبه طامعون في رحمته

ودمتم في رعاية الله،

منذر أبو هواش

:)

الدكتور إلياس عطاالله
20/08/2008, 07:28 PM
أستاذي الكريم
وددت، إتماما للفائدة، أن أشير إلى أنّ النحويّين غير متّفقين في شروط ما سمّاه سيبويه( المفعول له)، وما سمّاه الزجّاجيّ( المفعول من أجله)، وابن هشام( المفعول لأجله)، فإضافة إلى الشروط التي تكرّمت بإيرادها، يذكر بعضهم وجوب كونه قلبيّا حسيّا، وألاّ يكون من جذر الفعل، وأن يكون نكرةً؛ فإن كان مصدرا علاجيّا فلا يجرّ، كقولنا: ركض اللاعب وراء الكرة لركلها( لا ركلا لها)، ودنوت من الباب لفتحه( لا فتحا له)، أمّا في حالة كونه من مادّة الفعل فإنّه سيندرج في المفعوليّة المطلقة، وشرط تنكيره من أراء الجرميّ والمبرّد وبعض أتباعهما، وإن وجدت فيه " أل" فهي زائدة.
حسن أن نعرف أنّ الخليل بن أحمد والأخفش عدّا هذا المسمّى عندنا مفعولا لأجله، منصوبا على نزع الخافض( ينظر العين: 6: 178- في حديثه عن من أجل كذا ومن جرّاء كذا- طبعة 1988)، ومعاني القرآن للأخفش، حيث قال: " ( وأمّا قوله: ابتغاء مرضاة الله)- معذرة لعدم استعمال القوسين المزهّرين-( البقرة: من الآية 207)... كأنّه قال: لابتغاء مرضاة الله، فلمّا نزع اللام عمل الفعل"، 1: 360. أمّا الفرّاء فكان يقرّب أمر المفعول لأجله بصحّة تقدير "من"، معاني القرآن: 1: 17.
أما القول " مفعول لأجله منصوب"، فلا بأس في أن نذكر أن اجتماع الشروط التي أوردها النحويّون في المصدر حتّى يكون مفعولا لأجله، لا توجب النصب، بل تجيزه، ولك أن تجرّه إن شئت.
واقبل تحيّاتي
د. إلياس عطا الله

لطفي منصور
20/08/2008, 08:35 PM
شكرا لكم على هذه الفوائد ...
يريكم البرق خوفا وطمعا ..
أقوى الإعرابات لها هو الحال ..
وهومؤول إى خائفين و طامعين ..
وأعربها النحويون أيضا ( مفعولا مطلقا )
على تقدير فتخافون خوفا
والله أعلم ..
إعراب القرآن الكريم وبيانه
محيي الدين الدرويش
المجلد الخامس .

لطفي منصور

جمال الأحمر
21/08/2008, 02:36 AM
دراسة إعرابية قول ربنا سبحانه: "هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال"

تحياتي لأساتذتي الذين سبقوني؛ جمال الشرباتي، منذر أبو هواش، الدكتور إلياس عطا الله، لطفي منصور،
واسمحوا لي بأن أشرككم مراجعتي في هذه المسألة؛


الخوف والطمع أصلان متلازمان في العلاقة الصحيحة مع الله؛ فلا توجد عبادة قائمة على الخوف وحده، ولا عبادة قائمة على الطمع وحده.
وقد جاءت صيغة "خوفا وطمعا" في أربع آيات من كتاب الله؛
1- "وادعوه خوفا وطمعا" (سورة الأعراف، الآية 56)
2- "هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال"(الرعد:16)
3- "ومن آياته يريكم البرق خوف وطمعا"(الروم 24)
4- "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا"(السجدة 16)
والآية الثانية هي موضوع المدارسة النحوية؛
ولكن قال الفراء (أبو زكريا يحيى بن زياد) في تفسير هذه الآية: "خوفا على المسافر وطمعا للحاضر"، ولم يذكر غير هذا [الفراء، معاني القرآن، بيروت، عالم الكتب، ط 3 ، 1403-1983، ج 2، ص 60]
وقال النحاس (أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل) في تفسيره "إعراب القرآن": "ابتداء وخبر (خوفا وطمعا) على المصدر. وقول أهل التفسير خوفا للمسافر وطمعا للحاضر على الأكثر. وحقيقته على العموم لكل من خاف أو طمع (وينشئ السحاب الثقال)..." [النحاس، إعراب القرآن، تحقيق: د. زهير غازي زاهد، بيروت، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية، ط 2، 1405-1985، ج 2، ص 354]
وقال فيه الزمخشري (أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الخوارزمي) عليه رحمة الله: "(خوفا وطمعا) لا يصح أن يكونا مفعولا لهما لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف أي إرادة خوف وطمع، أو على معنى إخافة وإطماعا. ويجوز أن يكونا منتصبين على الحال من البرق كأنه في نفسه خوف وطمع، أو على ذا خوف وذا طمع، أو من المخاطبين أي خائفين وطامعين. ومعنى الخوف والطمع أن وقوع الصواعق يُخاف عند لمع البرق ويُطمع في الغيث. قال أبو الطيب [قال ج الأحمر هنا: لاحظ كيف لم يلقبه بالمتنبي]:
"فتى كالسحابِ الجَـوْنِ تخشى وترتجى ***يرجى الحيا منها ويخشى الصواعق
"وقيل يخاف المطر من له فيه ضرر كالمسافر، ومن في جرينه التمر والزبيب، ومن له بيتٌ يَكِف، ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، ويطمع فيه من له فيه نفع ويحيا به. (السحاب) اسم الجنس، والواحدة سحابة...". [الزمخشري، الكشاف، وبذيله 4 تعقيبات، بيروت، دار المعرفة، د.ذ.ط.، د.ت.، ج 2، ص 282]. ولم يتعقبه ابن حجر العسقلاني، ولا ابن المنير المالكي، ولا محمد عليان الشافعي، بشيء في هذه المسألة.
قال ابن الأحمر: ولم يتعقبوه رحمهم الله في كل مسائل العقيدة، فسكوتهم لا يعني الموافقة. ومسألة الخوف والطمع من مسائل الاعتقاد، ولذلك لا بد من الرجوع فيها إلى التفاسير المأثورة، فكل ما تفسير خالف عقيدة الصحابة خاطئ نحويا ولغويا بالضرورة عندنا.
ولذلك رجعت إلى "عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير: مختصر"، لأبي الأشبال أحمد شاكر، نظرا لتنبيهاته الماتعة، فوجدته قد أورد تفسير قتادة (أحد تلاميذ الحبر ابن عباس؛ ترجمان القرآن)، قال: "قال قتادة: خوفا للمسافر؛ يخاف أذاه ومشقته، وطمعا للمقيم؛ يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله".[أحمد شاكر، عمدة التفسير، أعده: أنور الباز، دار الإبداع ودار الوفاء، ط3، 1425هـ-2005م، ج 2، ص 280-281 ]
وهكذا جاء تفسير الصحابة والتابعين موافقا لتفاسير الفراء والنحاس والزمخشري –الذين ثبتت عنهم تأويلات خاطئة لمسألة أسماء الله تعالى وصفاته-، وعليه فإن تخريجاتهم النحوية في هذا المجال صائبة. والله أعلم.
ولم ترد هذه الآية كشاهد في كتاب سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر) سقاه الله شآبيب رحمته. [سيبويه، الكتاب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، عالم الكتب، ط 3، 1403هـ-1983م، ج 5، ص 9، 10، 13، 17، 19، 28 ]
ولا في المسائل التي تعقبها عليه المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد)(ت 285 هـ) عليه رحمة الله في المقتضب، بتحقيق العلامة محمد عبد الخالق عضيمة عليه رحمة الله الواسعة. [المبرد، المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة، بيروت، عالم الكتب، د.ر. ط، د. ت.، ج 4، ص 240]
ولا في شواهد المسائل التي نافح بها ابن ولاد رحمه الله عن سيبويه.
وراجعت المسألة على عجل في "الأصول في النحو" للسراج، و"شرح المفصل للزمخشري" لابن يعيش، و"أوضح المسالك" و"شرح شذور الذهب" كلاهما لابن هشام الأنصاري، و"النحو الوافي" لعباس حسن، فلم أظفر بطائل...

المراجع:
سيبويه، الكتاب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، عالم الكتب، ط 3، 1403هـ-1983م، ج 5، ص 9، 10، 13، 17، 19، 28
المبرد، المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة، بيروت، عالم الكتب، د.ر. ط، د. ت.، ج 4، ص 240
الفراء، معاني القرآن، بيروت، عالم الكتب، ط 3 ، 1403-1983، ج 2، ص 60
النحاس، إعراب القرآن، تحقيق: د. زهير غازي زاهد، بيروت، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية، ط 2، 1405-1985، ج 2، ص 354
الزمخشري، الكشاف، وبذيله 4 تعقيبات، بيروت، دار المعرفة، د.ذ.ط.، د.ت.، ج 2، ص 282
أحمد شاكر، عمدة التفسير، أعده: أنور الباز، دار الإبداع ودار الوفاء، ط3، 1425هـ-2005م، ج 2، ص 280-281
الأصول في النحو، للسراج،
شرح المفصل للزمخشري، لابن يعيش،
أوضح المسالك، لابن هشام الأنصاري
شرح شذور الذهب، لابن هشام الأنصاري
النحو الوافي، لعباس حسن،

تقبلوا مرور أندلسي شريد

الدكتور إلياس عطاالله
21/08/2008, 04:49 PM
الأستاذ جمال الأحمر، يا ابن الأندلس المعشّشة في قلوبنا،
نسيما كان مرورك، وجزلا كان عطاؤك،

أورد الإمام جلال الدين السيوطيّ الآية الكريمة شاهدًا في المبحث الذي أفرده للمفعول له، وذلك وهو يتناول شرطَ اتّحاد المصدر والفعل في الفاعل كما رأى الأعلم، قال: " ولم يشترط ذلك سيبويه، ولا أحدٌ من المتقدّمين، فيجوز عندهم: أكرمتك أمسِ طمعًا غدا في معروفِكَ، وجئتُ حذَر زيد، ومنه: ﴿ ... يريكم البرق خوفا وطمعا...﴾ ( الرعد: 12)، ففاعل الإرادة هو الله، والخوف والطمع من الخلق". همع الهوامع في شرح جمع الجوامع( 1998): 2: 98- 99 ( تح. أحمد شمس الدين، بيروت: دار الكتب العلميّة).
ولك المحبّة خالصة
إلياس عطا الله

جمال الشرباتي
19/09/2008, 08:14 AM
السلام عليكم

من دواعي فخري أن يثري الموضوع أساتذة كبار مثلكم