المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة بناء كنيسة " السيدة الإفريقية " بالجزائر



عبدالقادربوميدونة
21/08/2008, 06:08 PM
إن الإنسان يشيد الأبنية من حجارة صماء..لكن المغزى الذي أنشئت من أجله بعض هذه الأبنية تجعل الحجر الجلمود كأنه ينطق بقضية و يدافع عنها , وتصبح الجدران داعية إلى فكرة بانيها, لا ريب أن باني كنيسة السيدة الإفريقية كان يعلم هذا الأمر علم اليقين... سأرحل بك أخي القارئ عبر التاريخ لنعرف القصة العجيبة لبناء أكبر صرح للنصرانية في الجزائر, وأحد أعظم رموزها في إفريقيا بل في العالم بأسره, عسى قصتي أن تثير في نفسك حسرة وتجلب لك عَبرة فتفيد فيك عِبرة وتوقظ فيك همة فتَهُم بعمل صالح (ولعلك تفعله!) فتؤجر على همك بالخير (أو فعلك له) وأوجر أنا-معك- لأنني أثرت في نفسك حسرة وجلبت...إلخ..ولنشرع الآن في المقصود
همة امرأة
لما استدعي القسيس (بافي) من مدينة ليون ليعين أسقفا للجزائر عام 1836, اصطحب معه عاملتين فقيرتين وهبتا نفسيهما لخدمة النصرانية :(مرجاريرت بيرجر) و(آنا سانكان), كانت همة (مارجاريت) تفوق همم كثير من الرجال, تركت وطنها وأهلها وهاجرت إلى بلد بعيد غريب لتنشر دينها في القارة الإفريقية كلها !!بدا للأسقف الجديد أن يستقر بمنطقة الزغارة, وينشئ بها ديرا, لكن ضاق صدر (مارجاريت) أن لا يكون في الجزائر كنيسة للعذراء, فراحت تصر على الأسقف ليل نهار أن يشيد للعذراء معبدا في هذه البلاد, ولتخفف من نهمتها الشركية ولشدة كلفها برؤية أصنام العذراء وصورها وضعت غصن زيتون وصنما للعذراء في مكان منقطع يسمى الكهف, وسمت هذا المعبد الذي سيكون أصلا لكنيسة السيدة الإفريقية, بسيدة الكهف. وفي الأخير استجاب الأسقف لطلب (مارجاريت), ولم يجد أفضل من المكان الذي توجد فيه الكنيسة اليوم حتى أنه اشتراه بثمن عظيم, وغرضه أن يراها الداخل إلى الجزائر من البحر, وأن تحمي حسب معتقده الفاسد النصارى الذين يبحرون, وكان الشروع في البناء يوم1855/10/14.
نصارى العالم يساهمون في بناء الكنيسة !
وجه الأسقف نداء للتبرع لتغطية المصاريف الهائلة التي يكلفها بناء الكنيسة, فتهاطلت التبرعات والهبات من فقراء النصارى وأغنيائهم في العالم بأسره, وتهافت أشراف فرنسا من جنرالات وقادة لتقديم هداياهم فقدم الجنرال (بيليسييه) صليبا عظيما وجرسا وسيفا من سيوفه، وكذلك أهدى المرتد الخبيث الجنرال "يوسف" سيفا من سيوفه لتزيين الكنيسة وتبعه قادة آخرون كـ(بيجو) و(سونيس) وغيرهم.
وصول الصنم
ونقصد به صنم العذراء السوداء الذي أخذت منه الكنيسة شهرتها واسمها و"بركتها"، والذي يشد إليه النصارى الرحال, وهو في الحقيقة امتداد للاعتقادات الوثنية لليونان! كان هذا الصنم في مدينة ليون فنقل إلى منارة أحد المساجد الجزائرية المحولة إلى كنيسة ثم نقل إلى كنيسة أخرى بسطاوالي, وأخيرا قرر سدنة الكنيسة الجديدة أن ينصب الوثن فيها حين يكتمل بناؤها، تفاؤلا به وتيمنا ، ذلك أن اللون الأسود لمعدن البرونز الذي صنع منه يوحي بالتنصير القريب للقارة السوداء انطلاقا من الجزائر ،واصطلح القوم على تسمية عُزّاهم بالسيدة الإفريقية.
لافيجري "شخصيا" يدشن الكنيسة :
لم يفرح (بافي) بكنيسته ولا اكتحلت عيناه برؤيتها,إذ أهلكه الله في16نوفمبر1866,وخلفه في منصب الأسقفية (لافيجري) المنصر الخبيث الحاقد على الإسلام صاحب الصليب والخبز. وفي1872/07/02 احتفل النصارى بكنيستهم الجديدة في حفل مهيب ذرفت فيه العيون وخشعت القلوب فرحا بعودة النصرانية إلى إفريقيا بعد قرون من الغياب, ونقل الصنم إلى داخلها يوم الأحد 1873/05/04.
ترقية الكنيسة إلى رتبة بازيليكية
وفي 1876/4/30 وبطلب من أسقف الجزائر ( لافيجري) ذي الحظوة والمكانة عند البابوات لحسن بلائه في نشر النصرانية, منح البابا (بيوس الخامس) تاجا يحلى به صنم السيدة الإفريقية, جاعلا من الكنيسة بازيليكيةbasilique ،وهو لقب شرفي يمنحه البابا خصيصا لبعض الكنائس ذات القيمة الكبيرة عندهم.
طريقة الآباء البيض
وأنا أقصد بالطريقة المعنى الصوفي للكلمة, إذ سنتطرق بإيجاز إلى حدث تاريخي آخر يبرز الأهمية الكبيرة لهذه الكنيسة بالنسبة للنصارى عامة, والمنصرين منهم خاصة ,وهو إنشاء جمعية الآباء البيض وفرعها النسوي الأخوات البيض.
من هم الآباء البيض ؟
أنشأ (لافيجري) سنة 1868 جمعية تنصيرية تتكفل بتنصير إفريقيا انطلاقا من الجزائر, واختاروا في بداية دعوتهم ارتداء البرانس البيضاء لتسهيل اختلاطهم بالمسلمين, فسموا بجماعة الآباء البيض, لكن هل تعلم أنهم يسمون أيضا بإخوة السيدة الإفريقية نسبة إلى كنيستنا التي كانت مقرهم آنذاك؟, وكان صنمها ملاذهم يجأرون إليه أن يعينهم في "هداية" المسلمين إلى النصرانية. واليوم صارت هذه الجماعة بفرعها النسوي أكبر منظمة تنصيرية في العالم تفتن المسلمين عن دينهم وتنشر هذا الدين الباطل بين القبائل النائية في إفريقيا وآسيا وأمريكا ولا يزالون إلى يومنا هذا في بلدنا-الجزائر- يغرون جهال المسلمين بالنشاطات الاجتماعية والثقافية التي يقدمونها في مراكزهم ليستميلوا قلوبهم ويفتنوهم عن دينهم
شيوخ الطريقة وأورادها ومزاراتها
لا تعجب أخي القارئ من هذه العناوين, فإن النصارى وبالأخص الكاثوليك منهم لا يقلون سذاجة وسخفا في الاعتقاد عن غلاة الصوفية, فكما أن للصوفية أولياؤهم وكراماتهم وأربطتهم وأورادههم وأضرحتهم التي يشدون إليها الرحال، فإن للنصارى مثل ذلك؛ فمن أولياء الآباء البيض العذراء عليها السلام -وهي منهم براء-وصنمها يعبد في الكنيسة-كما سبق-, ومنهم أيضا (مارجاريت بيرجر) التي أوحت ببناء الكنيسة كما ذكرنا ويذكرون لها كرامات وخوارق، ومنهم الأسقف (بافي) الذي وضع له ضريح داخل الكنيسة, ومنهم (لافيجري) الذي نصب له صنم في ساحة الكنيسة، وغيرهم من أقطاب النصرانية وأوتادها, أما الأوراد فإنهم يفخرون بأن الآلاف من النصارى حول العالم يرددون دعاء السيدة الإفريقية التي اخترعه الأسقف "سيدي"(بافي), واعلم أن الكنيسة وصنمها يزاران ويتمسح بهما إلى يومنا هذا ويقدم لهما النذور والقرابين ويستشفى بهما! حتى من بعض جهال المسلمين!!!
وقفات
الوقفة الأولى...ألا همة كهمة مارجاريت!!
ألا همة كهمة تلك الكافرة!, تخيل أخي مقدار الإثم الذي باءت به هذه المرأة التي أوحت ببناء هذه الكنيسة, ثم تخيل مقدار الأجر الذي يناله مسلم تكون له مثل هذه الهمة في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام, بالمساهمة في بناء مسجد أو مكتبة, في التوزيع الخيري للأشرطة والمطويات, بل وبالأفكار,وماذا تكلفك فكرة أو نصيحة تساهم بها في هذه المهمة النبيلة مهمة الأنبياء والرسل :الدعوة إلى الله. فلا تحقرن عملا تقدمه لدينك فعسى أن يبارك الله تعالى فيه فتنتفع بأجره وتنفع إخوانك.
الوقفة الثانية...كيف نتصرف تجاه الكنيسة وأصحابها؟
قد علمت أخي القيمة العظيمة التي تمثلها هذه الكنيسة للنصارى، وأنها من أعظم كنائسهم وأنها مهد أكبر جمعية تنصيرية في العالم, فالحذر الحذر! إياك أن تعظم مكانا يكفر فيه بالله,أو أن تتكثر به مفاخرا أهل الأحياء الأخرى ، ومن تعظيمه تكثير سواد أصحابه وإعمار ساحته,وإياك ودخول الكنيسة متنزها متفرجا, ولا يخلو من يفعل ذلك من محادثة سدنة الكنيسة الحاذقين في فن الغواية, ثم إياك أن تسجل نفسك أو أولادك في النشاطات التي يقدمها المنصرون, واعلم أنك -إن فعلت ذلك- على قاب قوسين من الكفر والعياذ بالله, واجتنب التودد والتملق لأصحاب الكنيسة أو الثناء عليهم بعد أن عرفت قصدهم وتاريخهم, وهذا لا يعني أن نؤذيهم أو نظلمهم فإن الله تعالى ينهانا عن ذلك.
الوقفة الثالثة ...حقيقة دين النصارى
لقد علمت مما سبق أن في النصرانية بقايا من الوثنية , ورأيت كيف يمجد النصارى القبور والأصنام وينذرون لها النذور ويتمسحون بها ويدعونها من دون الله, وينسبون الكرامات والمكاشفات إلى أوليائهم وغير ذلك من الدروشة والشطحات , فهذه هي النصرانية الحقيقية التي يخفيها المنصرون, ويظهرون دينهم بأنه دين العلم والتنوير، فليعلم من تنصر أنه قد تصوف شاء أم أبى!
الوقفة الرابعة ...أعيدوا الحياة إلى جامع السيدة!
دخل المستعمر البغيض بلادنا فعاث فيها فسادا نصب الصلبان في السماء على رؤوس الكنائس الشاهقة وسوى بالأرض مساجد وزوايا ومدارس صرنا اليوم نطؤها بأقدامنا ونحن لا نشعر، تكلمنا عن كنيسة "السيدة" ولنتكلم الآن عن جامع "السيدة" يذكر المؤرخون أن جامع السيدة كان من أقدم الجوامع في العاصمة(كان مقره ساحة الشهداء حاليا) وأجملها،بنته سيدة مسلمة عقيلة أحد ملوك بجاية في القرن الثاني عشر من الهجرة وبها سمي، وجدده أحد الباشاوات بعد أن هدمه الإسبان بمدافعهم (تاريخ الجزائر الثقافي 1/253 الهامش)،وبقي هذا الجامع مرفوعا يذكر فيه اسم الله تعالى إلى جاء المستعمر البغيض فاغتصب زرابيه وثرياته وأعمل فيه المعاول والفؤوس سنة 1830حتى جعله دكا بحجة توسيع المجال لأحد المخازن (تاريخ الجزائر الثقافي5/10 و13-14، 8/359) ،فإنا لله وإنا إليه راجعون،كان جامع السيدة الأول في قائمة طويلة من الجوامع والمساجد والمدارس والزوايا التي هدمها الاستعمار،تنتظر من يبعث فيها الحياة من جديد
الوقفة الخامسة...هل أدلكم على تجارة..
قذف بعض إخواننا المسلمين فلذات أكبادهم في حضانة المنصرين التي مقرها كنيسة السيدة الإفريقية،والحجة التي تلوكها ألسنة الكثير منهم أن لم يجدوا خيرا من تلك الحضانة من السعر والجودة وأن الحاضنات المسلمات شرسة أخلاقهم مرتفعة أسعارهم وما نملك إلا أن نقول لهؤلاء لحاضنة مسلمة خير من مشركة ولو أعجبتكم أولئك يدعون إلى النار! ،أما أصحاب الدثور فهل لكم في تجارة رابحة في الدنيا والآخرة-إن شاء الله تعالى-، اكفوا المسلمين بحضاناتكم عن حضانات الكفار ،واستثمروا أموالكم في مشاريع الحضانات ، وفوقوا الكفار في ما أنتم أولى به من حسن المعاملة وإتقان العمل ،وسوف ترون كيف تنهال عليكم الطلبات ويلهج لكم بحسان الدعوات،أكسدوا تجارة الكفار بتجارتكم مع الواحد القهار،وليهنكم حينئذ يا أهل الدثور الذهاب بالأجور! بقلم مهدي الجزائري