المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اختلاف الأمة نعمة أم نقمة؟



سعيد نويضي
04/09/2008, 06:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأحبة و كل عام و وتا العزيزة بأف خير...

اختلاف أمتي أقرب للنقمة من النعمة و أبعد ما يكون عن الرحمة

الاختلاف الذي خلقه الله عز و جل نعمة لأته آية من آيات الله جل و علا في خلقه و مخلوقاته...
الاختلاف الذي ابتدعه الإنسان نقمة و أبعد ما يكون عن الرحمة...

الاختلاف نقمة...النقمة هي بالتعريف ضد النعمة...النعمة خير و النقمة شر...فكيف و متى كان الاختلاف خير؟

و الحجة في ذلك هو بعثة الرسل و الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لكي يؤسسوا التوحيد على مستوى المعتقد و يؤسسوا الائتلاف على مستوى الواقع... تجاوز الاختلاف إلى الإئتلاف...

هل في النعمة رحمة؟ بكل تأكيد فنعم الله عز و جل لا تعد و لا تحصى و رحمته وسعت كل شيء...و من تم من نعمة الله العظمى رحمته الكبرى المتمثلة في الإسلام...

هل النقمة رحمة؟ بكل تأكيد ليست رحمة ،لأن الرحمة تؤدي إلى التراحم أما النقمة فتؤدي إلى التفاقم فيما هو شر...

أما تنوع الآراء و تعدد الآراء لا يمثل اختلاف ما دام الأساس سليم هو توحيد المعتقد على المستوى النظري و العملي...

حوار افتراضي...

كان المحدث الذي يحاور ضيفه الذي يبدو عليه تعب شديد من كثرة ترديد ما هو مفهوم أصلا...
فقال المحدث:إن اختلاف أمتنا ليس رحمة بل هو من أكبر النقم التي جرت معه الويلات إلى حد تعدد و كثرة و تنوع الانشقاقات داخل الفرقة الواحدة أو الحزب الواحد أو المذهب الواحد... مثل ذلك كمثل فيروس تسرب للجسد و أخذ في التناسل ، فأصبح يتناسل كل منهما كما يتناسل أخطر الفيروسات في الجسد...فأصبحت لدينا كل الألوان التي يستطيع عاقل أو مجنون استخراجها من اختلاط و تركيب كل لون مع العديد من الألوان الأخرى لكي يحصل على مشهد براق في الصورة باهت و غامض في الفكرة...

المحدث: أليست الأمة جسد واحد بدليل حديث الرسول عليه الصلاة و السلام... ( متفق عليه ) وعن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . متفق عليه .
يرد ضيف الحلقة: بكل تأكيد، فحديث الرسول صلى الله عليه و سلم هو حكمة بالغة...
يضيف المحدث: أليست الحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها...[ تخريج السيوطي : (ت هـ) عن أبي هريرة (ابن عساكر) عن علي. تحقيق الألباني : (ضعيف جدا) انظر حديث رقم: 4302 في ضعيف الجامع.‌].
قال الضيف :بلا و الله عز جل يقول :" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) سورة البقرة"
فهل من الحكمة اختلاف أطراف الجسد الواحد؟ فلو على سبيل المثال: الفص الأيمن من المخ يريد الاتجاه شمالا و الفص الأيسر يرد الاتجاه جنوبا، فالأرجل ماذا تتبع هل الفص الأيمن أو الأيسر؟ مثال آخر القلب يريد الطمأنينة و العقل يريد فك ألغاز معادلة الآيات القرآنية و علاقتها بالآيات الكونية؟ فماذا يصنع الوعي هل يتبع القلب فيريح و يستريح أم يتبع العقل و يسبح في ملكوت الله عز و جل بالتأمل و التدبر و يرى السنن في الآفاق و الأنفس و كلام الله جل و علا؟ مثال آخر كيف نعقل بالقلب؟ و كل من أراد أن يشير إلى فكرة أشار بيده إلى الرأس...ألا يعني هذا تناقض على مستوى الوعي؟

رد الضيف : الحقيقة أن الأمة استقرت على الرأي القائل" أن اختلاف أمتي رحمة" في حين أنه ليس حديث بالمرة بل هو قول من الأقوال التي حاول بها البعض في فترة من الفترات أن يدسها في الأقوال المتداولة لكي يبرر حاجة تكريس الاختلاف حتى يبقى الشرق شرقا و الغرب غربا و لن يتحدا ما دامت هذه المقولة و أخواتها يفعلون في لاوعي الأمة ما يفعله الفيروس في الجسد الواحد...فكان في حاجة إلى آليات كي يركز هذا المبدأ على أرض واقع المسلمين حتى لا تظل خير أمة أخرجت للناس و تصبح من الأمم التي تفرقت و أصبحت دويلات...فما كان من اللاوعي إلا أن ولد مقولة أخرى أكثر فتكا بالإنسان المسلم الذي يرى في عقيدة التوحيد ، توحيد لكل بني آدم و لكل البشر إذا ما استعمل عقله و منطقه...لكن أسس فكرة الاختلاف و كأنها ضرورة كالماء و الهواء يجب أن تمارس كينونتها و وجودها فولدت مبدأ آخر "فرق تسد"... و هكذا تحقق قبول التناقض بين أطراف الجسد...و هكذا أصبحنا أمة ينخرها الجهل و التخلف حالمين بغد أفضل...كل على هواه و كل بحسب مقتضيات ظروفه و إمكانياته...

أما حجة "الاختلاف" في الرأي لا يفسد للود قضية...فهو في الأصل ليس اختلاف بقدر ما هو وجهات نظر، يرى كل واحد من زاوية مغايرة للثانية، بدليل أنه لا يفسد الود بين المتحاورين...إن كانوا على مستوى معين من تفهم تعدد الآراء و تنوعها و ليس اختلافها...لأن الأساس لا اختلاف فيه و هذا هو جوهر و لب العملية التفكيرية و الذهنية في تعاملها مع الظواهر موضوع الحوار و النقاش...

"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) سورة آل عمران"

و للحديث بقية إن شاء الله ل و علا...

الشيخ مصطفى الهادي
04/09/2008, 07:54 PM
حضور الاستاذ سعيد نويضي دام مؤيدا
السلام عليكم وتقبل الله صيامكم وقيامكم
إذا كنت تقصد الحديث المشهور : أختلاف امتي رحمة . فللشيعة تفسير لهذا الحديث يختلف عما جاء عند المذاهب الأخرى .
ولكم الحق في التسائل والقول ، مع ما نراه من قتال ومصائب بين بعض المسلمين بسبب الاختلاف فكيف يكون الاختلاف رحمة ؟

والجواب بيّنه الامام الصادق عليه السلام ، وبيّن المراد من مضمون هذا الحديث النبوي .

فقدروى الصدوق في { علل الشرائع 1: 85 } بسنده عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن قوماً يروون أن رسول الله قال : اختلاف امتي رحمة ..
فقال: صدقوا....

فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب .؟

قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: ( فَلَوْلا نَفَرَ منْ كلّ فرْقَة منْهمْ طَائفَةٌ ليَتَفَقَّهوا في الدّين وَلينْذروا قَوْمَهمْ إذَا رَجَعوا إلَيْهمْ لَعَلَّهمْ يَحْذَرونَ) { التوبة:122 } فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله(ص) ويختلفوا إليه، فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان وليس اختلافاً في دين الله ، إنما الدين واحد.

فالمراد بالاختلاف في الحديث النبوي المذكور هو الذهاب والمجيء إلى حلقات العلم كما في قوله تعالى من معنى الأختلاف أي الذهاب والمجيءـ { وله أختلاف الليل والنهار } سورة المؤمنون: 80 ...
ودمتم

سعيد نويضي
06/09/2008, 05:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الفاضل الشيخ مصطفى الهادي سلام الله عليك و كل عام و أنتم بألف خير...

الواقع أن تفسير الأحاديث النبوية انطلاقا من الآيات الكريمة يجعل القارئ في مأمن من التيه...و لذلك لم أجد ترابطا منطقيا بين الآية الكريمة الت تبين بشكل واضح أن ليس الكل يتفقه في الدين و إنما طائفة من الذين أنعم الله علهم فإذا ما رجعوا إلى قومهم بينوا لهم الصحيح من الخطأ و بينوا لهم دينهم بصفة عامة...[و هنا ما يشير إلى حركة الذهاب ثم الرجوع كما أردت أن تبين] كذلك مسألة اختلاف الليل و النهار كآية من آيات الله عزو جل و هي تعاقب الليل و النهار كآيتين من آيات الله عز و جل و تسخيرهما لفائدة الإنسان لا يمكن في نظري أن نسقط معنى هذه الآية على مسألة الاختلاف التي تبينها آيات الله في كتابه الكريم...

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) سورة البقرة

فالاختلاف المقصود به في الحديث و الله اعلم هو ما نبه إليه الله عز و جل في العديد من الآيات حتى لا يقع الشقاق بين مكونات الأمة و لا علاقة للحديث بمسألة الذهاب و الإياب...

تخريج السيوطي : (نصر المقدسي في الحجة البيهقي في الرسالة الأشعرية) بغير سند وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا. تحقيق الألباني: (موضوع) انظر حديث رقم: 230 في ضعيف الجامع.‌

اختلاف أمتي رحمة. ‌

من كتاب صفة الصلاة للشيخ الألباني رحمه الله...

ذلك ما كنت كتبته منذ عشر سنوات في مقدمة هذا الكتاب وقد ظهر لنا في هذه البرهة أن له تأثير طيب في صفوف الشباب المؤمن لإرشادهم إلى وجوب العودة في دينهم وعبادتهم إلى المنبع الصافي من الإسلام : الكتاب والسنة فقد ازداد فيهم - والحمد لله - العاملون بالسنة والمتعبدون بها حتى صاروا معروفين بذلك غير أني لمست من بعضهم توقفا عن الاندفاع إلى العمل بها لا شكا في وجوب ذلك بعد ما سقنا من الآيات والأخبار عن الأئمة في الأمر بالرجوع إليها ولكن لشبهات يسمعونها من بعض المشايخ المقلدين لذا رأيت أن أتعرض لذكرها والرد عليها لعل ذلك البعض يندفع بعد ذلك إلى العمل بالسنة مع العاملين بها فيكون من الفرقة الناجية بإذن الله تعالى . 1 - قال بعضهم : لا شك أن الرجوع إلى هدي نبينا صلى الله عليه وسلم في شؤون ديننا أمر واجب لا سيما فيما كان منها عبادة محضة لا مجال للرأي والاجتهاد فيها لأنها توقيفية كالصلاة مثلا ولكننا لا نكاد نسمع أحدا من المشايخ المقلدين يأمر بذلك بل نجدهم يقرون الاختلاف ويزعمون أنها توسعة على الأمة ويحتجون على ذلك بحديث - طالما كرروه في مثل هذه المناسبة رادين به على أنصار السنة - : ( اختلاف أمتي رحمة ) فيبدو لنا أن هذا الحديث يخالف المنهج الذي تدعو إليه وألفت كتابك هذا وغيره عليه فما قولك في هذا الحديث ؟ " صفحة58 من كتاب صفة الصلاة.

عنده هو الأصل أو هو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والمذهب الآخر هو دين آخر منسوخ وآخرون منهم على النقيض من ذلك فإنهم يرون هذه المذاهب - على ما بينها من اختلاف واسع - كشرائع متعددة كما صرح بذلك بعض متأخريهم ( 1 ) : لا حرج على المسلم أن يأخذ من أيها ما شاء ويدع ما شاء إذ الكل شرع وقد يحتج هؤلاء وهؤلاء على بقائهم في الاختلاف بذلك الحديث الباطل : ( اختلاف أمتي رحمة ) وكثيرا ما سمعناهم يستدلون به على ذلك ويعلل بعضهم هذا الحديث ويوجهونه بقولهم : إن الاختلاف إنما كان رحمة لأن فيه توسعة على الأمة ومع أن هذا التعليل مخالف لصريح الآيات المتقدمة وفحوى كلمات الأئمة السابقة فقد جاء النص عن بعضهم برده . قال ابن القاسم : ( سمعت مالكا وليثا يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس كما قال ناس : ( فيه توسعة ) ليس كذلك إنما هو خطأ وصواب ) ( 2 ) . وقال أشهب : ( سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتراه من ذلك في سعة ؟ فقال : لا والله حتى يصيب الحق ما الحق إلا واحد قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا ؟ ما الحق والصواب إلا واحد ) ( 3 ) ". صفحة 61 من كتاب صفة الصلاة

و الكتاب موجود في مكتبة الألباني على العنكبوتية...

أما بخصوص ما جاء في تدخلك الكريم فالواقع أني لم أجد في الصفحة المشار إليها من كتاب "علل الشرائع" الجزء الأول الصفحة 85 كما أني حاولت وجود الحديث الموضوع في الكتاب بين طيات صفحاته لكني فشلت في وجود ما يثبت صحة قولك...

و أعتقد أنه لو اطلعت على كتاب الشيخ الألباني رحمه الله و قد يكون تم ذلك بكل تأكيد فإنك ستجد من الدليل و البرهان ما يوضح لك الحقيقة...

و الله أعلم باليقين و الله المستعان و كل عام و أنتم بألف خير و كل عام و الأمة الإسلامية في اقتراب من ربها حتى يحقق لها أمانيها....

و هذا رابط لكتاب "علل الشرائع" الجزء الأول للاستفادة ...

www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1191

الجزء الثاني من الكتاب

http://arab-unity.net/up/view.php?file=08e7f44a94

و كل عام و أنتم بأف خير

هري عبدالرحيم
05/10/2008, 01:10 PM
السلام عليكم
أرجو التحقق حين الإستشهاد بنصوص من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف.
فحين ذكر الحديث، يجب ذكر مصدره وتخريجه وسنده حتى نكون عمليين في تعاطينا مع النصوص.
ذُكر هنا حديث:أختلاف امتي رحمة
وهو حديث لا أصل له، فلا يجب الإستشهاد به ، ونسبته للنبي صلوات الله عليه.
هذا الحديث تكلم العلماء في أصله فلم يعثروا له على أصل، هو مشهور ولا يجب الإحتجاج به.

سعيد نويضي
05/10/2008, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله عليك الأخ طه و على حضوركم في صفحتي المتواضعة...

و أتمنى أن تجد ما يرضي الله عز و جل و ما يثلج صدرك في البحث عن الحق و الحقيقة...

دمتم في رعاية الله جل و علا...

سعيد نويضي
05/10/2008, 02:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته...

الأستاذ الفاضل هري عبد الرحيم طبت مقاما بين ثنايا هذه الصفحة المتواضعة.

ما من شك أنك قرأت الصفحة من رأسها إلى حد قراءة هذه الأسطر...و استنتجت أن هدفي أصلا هو تفنيد هذه المقولة "إن اختلاف أمتي رحمة"...

و طرحت الفكرة على شكل حوار بين سائل و ضيف في حوار افتراضي مادام العالم الافتراضي هو المحتضن لهذا الحوار و المثمثل في واتا العزيزة علينا جميعا...

و بينت أن هذا القول ليس بحديث أصلا و بالتالي لا يصح نسبته للرسول عليه الصلاة و السلام...و كان الغرض من هذا الحوار بين من يعتقد في صحته و بين من يقبله قولا و يرفضحه حديثا،على الأقل من باب احترام وجهات النظر،هو توضيح أن الرحمة لا يمكن أن تقوم على نقمة، لأن الأصل أن الرحمة نعمة و ليست نقمة.

و الاختلاف كسنة من السنن التي أودعها الله عز و جل في الكون، ليس المراد منها هو تزكيتها و تكريسها و إعادة بناء شروطها، بل هو الابتلاء، من أجل النظر في كيفية التعامل مع الظاهرة. على أساس أن الائتلاف هو الهدف و ليس الاختلاف.

و بالتالي تثبيت السند و المرجع المعتمد في قبول أو رفض أو التحفظ في حالة عدم اليقين. و ذاك ما أوجزته في ردي على الأخ الفاضل الشيخ مصطفى الهادي.

و لك التقدير و الاحترام...دمتم في رعاية الله جل و علا

رنا خطيب
05/10/2008, 04:37 PM
لا شك بأن الاختلاف نعمة مدام أقر الله به في أياته :
قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } [ الروم / 22 ].

وانظر إلى شَيْخَيْ هذه الأمة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقد حظيا من تربية رسول الله  بأوفر نصيب عندما قال  لأصحابه  بعد غزوة بدر: ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟
فقال أبو بكر  : يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله أن يتوب عليهم .
وقال عمر  : يا رسول الله أخرجوك وكذبوك قربهم فأضرب أعناقهم .
قال: فدخل رسول الله  ولم يرد عليهم شيئا فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر وقال ناس: يأخذ بقول عمر .
فخرج عليهم رسول الله  فقال: إن الله لَيُلِيْنُ قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن وإن الله ليَشُدُّ قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة .
وإن مَثَلَكَ يا أبا بكر كمثل إبراهيم  قال: من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم، و مَثَلَكَ يا أبا بكر كمثل عيسى قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .
وإن مَثَلَكَ يا عمر كمثل نوح قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وإن مَثَلَكَ يا عمر كمثل موسى قال: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ .[ مسند الإمام أحمد 1/ 383 ] .

و يحدث الاختلاف نتيجة اختلاف طبيعة البشر من طبائع و فكر و سلوك و بيئة و ميول... و لكي يكون الاختلاف نعمة و محمودا لا مذموما يجب أن يخضع لقواعد و آداب الشرع.. فلا يكون الاختلاف في الاعتقاد و لا في تحريف العقيدة عن منهجها الصحيح. لذا يجب التمسك بكتاب الله و سنة نبيه و حتى منهج الخلفاء الراشدين و علماء الدين المجتهدين في الفقه ضمن اطار القرءان و السنة.
قال رسول الله  في أواخر حياته مودعاً أصحابه في ضمن موعظة بليغة وَجِلت منها القلوب، وذرفتْ منها العيون عن العِرباضِ بن ساريةَ : (( وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَليْكُم بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْها بالنَّواجِذِ )) [ أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ].

أما ما نراه الآن من معارك طاحنة نتيجة الاختلاف الشديد في المذاهب أو النظريات أو الايدولوجيات هو نقمة و وبال على الأمة الإسلامية و هذه النقمة تزيد من شرذمة و تفرق المسلمين و بذلك يتحقق للعدو مأربه " فرق تسد" بإضعاف قوتنا و إرهابنا بفكرة أن العدو عملاق و أنتم لا تملكون السلاح لمقاومته .. طبعا و السبب هو تفرقتنا والتفرق يضعف العزائم و تنقص الموارد البشرية و المالية و بالتالي يسهل الخضوع للعدو.

هذا ما يحدث الآن... الاختلاف المذهبي هو وليد فكرة العدو أطلقها في العالم الإسلامي الكبير لكي يزيد من خلافاتنا و يشعل الحروب الداخلية بيننا و نفرق في بحر من الدماء و بذلك نكون قد وفرنا لهم خدمة كبيرة و هي القضاء على بعضنا البعض محن المسلمون بدون تكبد خسائر من قبل العدو.

الأخ الفاضل
بعدنا عن ديننا و تشريعه أدى الى جهلنا بعظمة هذا الدين و بالتالي جهلنا هذا أدى إلى جهل كبير في فهم تشريع هذا الدين و الاستفادة منه فوقعنا في مستنقع الجاهلية فتكالبت علينا الأمم و اخذت تنال منا.
نحن أمة الإسلام ..أمة محمد عليه أفضل الصلاة و السلام أصبحت تسير في طريق مظلم بسبب جهل هذه الأمة بقيمة إسلامها فلا بد من تعثرها و وقوعها في حقر مليئة بالألغام صممها العدو لينال من الإسلام.

فما دمنا على اختلاف بما أنزل الله فلن تقوم لنا قائمة.

أشكرك من القلب على هذا الطرح القيم

مع تحياتي
رنا خطيب

هري عبدالرحيم
06/10/2008, 12:16 AM
أخي الكريم سعيد:
بالفعل لقد تتبعتُ كل ما جاء في الموضوع حرفا حرفا، وأُعجبتُ بتفنيدك اعتبار قولة "إختلاف الأمة رحمة" حديثا، ولم أكن أنوي التدخل لولا تعليق الشيخ مصطفى الهادي الذي فهمتُ من تدخله أنه يعتبر القولة حديثا، لذلك قمتُ بتذكير نفسي والقاريء الكريم بعدم اعتبار القولة حديثا لإعتبارات شرحها العلماء.
أحييك أخي سعيد على موضوعك، وعلى تحليلك القيم.

حضور الاستاذ سعيد نويضي دام مؤيدا
السلام عليكم وتقبل الله صيامكم وقيامكم
إذا كنت تقصد الحديث المشهور : أختلاف امتي رحمة . فللشيعة تفسير لهذا الحديث يختلف عما جاء عند المذاهب الأخرى .
ولكم الحق في التسائل والقول ، مع ما نراه من قتال ومصائب بين بعض المسلمين بسبب الاختلاف فكيف يكون الاختلاف رحمة ؟

والجواب بيّنه الامام الصادق عليه السلام ، وبيّن المراد من مضمون هذا الحديث النبوي .

فقدروى الصدوق في { علل الشرائع 1: 85 } بسنده عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن قوماً يروون أن رسول الله قال : اختلاف امتي رحمة ..
فقال: صدقوا....

فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب .؟

قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: ( فَلَوْلا نَفَرَ منْ كلّ فرْقَة منْهمْ طَائفَةٌ ليَتَفَقَّهوا في الدّين وَلينْذروا قَوْمَهمْ إذَا رَجَعوا إلَيْهمْ لَعَلَّهمْ يَحْذَرونَ) { التوبة:122 } فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله(ص) ويختلفوا إليه، فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان وليس اختلافاً في دين الله ، إنما الدين واحد.

فالمراد بالاختلاف في الحديث النبوي المذكور هو الذهاب والمجيء إلى حلقات العلم كما في قوله تعالى من معنى الأختلاف أي الذهاب والمجيءـ { وله أختلاف الليل والنهار } سورة المؤمنون: 80 ...
ودمتم

سعيد نويضي
07/10/2008, 03:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخت العزيزة رنا الخطيب سلام الله عليك و رحمته و بركاته...

أسعدني مرورك و مداخلتك القيمة و التي أغنت الموضوع و أضافت إليه الكثير...فسيرة الرسول الكريم عليه افضل صلاة و ازكى تسليم حافلة بالمواقف التي تفند المقولة المزعومة و التي تنسب إليه...كما أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ما كانوا ليحيدوا عن النهج القويم الذي غير مجرى حياتهم من ظلمات إلى نور و يتبعوا السبل فتفرق بينهم عن سبيل الله...

يقول الحق جل و علا: " {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11
لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه, يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه, وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم, فيجلب لهم المحبوب, ويدفع عنهم المكروه.[ التفسير الميسر].

و ما أصاب الأمة الإسلامية هي انحرافها عن النهج القويم فتم تغيير ما بأنفسها، فاختلطت المفاهيم الصحيحة السليمة بالمفاهيم المغلوطة المدسوسة ، ففقدت أسسها و انهارت أعمدتها...و الحل دائما في نفس الآية فلو أرادت الأمة بعد مشيئة الله عز و جل أن تغيير من ضعفها لقوتها و أن تستعيد مجدها وتبني حضارتها من جديد لغيرت مما في نفسها و من تركيبتها المعرفية و استبدلت الخطأ بالصواب...

دمت بألف خير و في رعاية الله عز و جل...

سعيد نويضي
07/10/2008, 03:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الفاضل عبد الرحيم هري سلام الله عليك و رحمته و بركاته...

أعلم يقينا أنك قرأت الموضوع من ألفه إلى يائه...و ان مداخلتك التي أعتز بها في صفحتي المتواضعة هي تذكير بالفعل لمال قمتَ به و لما قمت به من كون الحديث لا وجود له من بين الأحاديث لا الصحيحة و لا الضعيفة بل هو حديث موضوع كما بين ذلك الشيخ الألباني رحمه الله...

و كلمتي للشيخ مصطفى ما هي إلا من باب إثبات حقيقة علمية لا يمكن الاختلاف حولها...ذلك أن الحديث لا يمكن إطلاقا أن يكون مناقضا لقول الحق جل و علا...

بدليل قوله عز و جل: " {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال63.

فالأصل في خير أمة أخرجت للناس هو الائتلاف و ليس الاختلاف...و الكل من عند الله جل وعلا...فأمة الرسول الكريم الف بين قلوبها برحمته و أمة بنو اسرائيل اختلفوا فيما بينهم...

{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }آل عمران105
ولا تكونوا -أيها المؤمنون- كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم العداوة والبغضاء فتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا, واختلفوا في أصول دينهم من بعد أن اتضح لهم الحق, وأولئك مستحقون لعذابٍ عظيم موجع.[التفسير الميسر].

فالحق جل و علا ينبهنا و يحذرنا أن نكون مثل الأمم التي سبقت من قبل فتفرقت و اختلفت...

و لك اخي الفاضل كل التحية و التقدير...

نظام الدين إبراهيم أوغلو
07/10/2008, 06:27 PM
موضوع هام في الدين الإسلامي، قيل بعض المحدثين أنه صحيح وقيل البعض الأخر أنه ضعيف، وأنا أؤيد على صحته لأنه لا يعارض الدين الإسلامي.

وحديث إختلاف أمتي رحمة. متى يكون نقمة؟ ومتى يكون نعمة؟

للجواب على ذلك يمكن أن نأخذه على وجهين:
الوجه الأول: إختلاف العلماء والفقهاء عند تحليل أوتفسير المسائل الفقهية: فيكون نقمة عندما لم يتفق العلماء على تطبيق الأحكام والمسائل الفقهية العقائدية أي الرئيسية على سائر الأمة الإسلامية كشريعة موحدة على سائر المسلمين. والمسائل العقائدية (الأصول) لا يمكن تجاوزه من أي جماعة أو شيعة كان وعندعدم الإتفاق عليها يكون نقمة.
وكذلك عند عدم قبول الأراء المختلفة في المسائل والأحكام الفرعية (الغير العقائدية والمهمة) من قبل المذاهب والجماعات المتطرفة، وإعتبار هذه الأراء من ضمن المسائل العقائدية ولا يمكن الإجتهاد فيها فيكون أيضاً حديث إختلاف أمتي بدل الرحمة نقمة. وهؤلاء المتطرفون لا يفهون أن الدين الإسلامي دين يسر ولا دين عسر. والإسلام لايقبل كل من يستعمل هذا الدين لآمال سياسية أو منافع شخصية..
أما كيف يكون نعمة؟ يكون عندما يتفق العلماء والفقهاء على ما ذكرته أعلاه وعلى قبول الإختلافات في المسائل الفقهية الفرعية.
والذين لا يلتزمون بهذا الأمر فهم مسؤولون أمام الله تعالى.

مثال على ذلك عند إختلافهم في حج المرأة مع غير زوجها أو أقاربها من الدرجة الأولى، أو إختلافهم عند خروج مقدار الدم لأجل الوضوء، أو إختلافهم في مقدار مسح الرأس عند الوضوء أو في مسح الخفين أو في جمع الصلاة عند السفر والحروب وفي الحج والضرورات (صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب والعشاء) ومثل ذلك مواضيع أخرى كثيرة، فلأجل مصالح الأمة الإسلامية، يمكن إفتاء الفقهاء على شرط أن يطبقوا أصول الفقه في فتاويهم. وهذا الإختلاف لا يؤثر على العقائد الإسلامية الإساسية، على عكس ذلك العقيدة الإسلامية تستفيد من ذلك وتسهل أمور المسلمين، وهذا ما فعله الرسول محمد (ص) مع المسلمين. ومن الذي يحرم جواز تطبيق فتاوى العلماء والفقهاء لأمور فرعية؟ الجواب: هم المتفيقهون والمتشددون والمتطرفون ويدّعون بأراء مختلفة غير الذي ذكرناه، ويرون كل من يخرج عن شيعتهم أو جماعتهم أنه كافر أو ليس منهم ولا يمكن إعتبارهم مسلمون.

ويمكن القول هنا أن الهدف الأساسي من كافة الأحاديث النبوية تفسير لآيات القرآن الكريم، وأن خلق الرسول (ص) هو القرآن المنزهة من الأخطاء وما قيل في الأحاديث الصحيحة يجب إعتباره.
كما نعلم أن الإسلام لا يريد تعقيد الأمور على المسلمين بل يقول لهم على لسان نبينا محمد ى(ص) "يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا " متفق عليه . وقول الله تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج :78 .هذا هو الدستور الإلهي
ومن الدستور الإسلامي عدم قبوله الخبائث والمنكرات فيقول الله تعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة : 4 .
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف : 156 . فما أحلى من يطبيق كل هذا الطيب واليسر في الإسلام!


أما الوجه الثاني: إختلاف الناس إزاء الصنوف والعقول والمذاهب والفلسفات والألوان ودرجة العلوم والتقوى واللهو والترفيه، والممارسات المختلفة باختلاف الأقطار والبيئات ، وحتى في اختلاف الحضارات والتمدن والثقافات ونحو ذلك. كلها زخارف متنوعة في بودقة واحدة تعطي معالم جميلة ويجعل المسلمين أن يستفيدوا ويفيدوا الناس جميعاً وهذه نعمة ورحمة من رب العالمين على المسلمين، وإختلافهم في ذلك لا يعني أن يكونوا في عداء بينهم لأن أساس القسطاس هنا هو (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) .... وآيات وأحاديث كثيرة على ذلك..

سعيد نويضي
08/10/2008, 06:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ الأستاذ نظام الدين ابراهيم أغلو سلام الله عليكم ورحمته و بكاته...

سعدت كثيرا بمداخلتك و بتحليلك و يبقى اختلاف وجهات النظر لا يفسد بين الاحبة حبل الأخوة في الله جل و علا...

الواقع أن ما أثارني للحديث عن هذا القول المنسوب زورا للرسول الكريم عليه الصلاة و السلام هو الآثار التي يتركها من خلفه في الفرقة و التشتت و تمسك كل طرف برايه حتى ولو قدمت له جبل من الأدلة و نهرا من البراهين...فكيثرة هي الخلافات بين الأمة الواحدة نتيجة الاختلافات في الأسس التي يقوم عليها المعتقد...فالأمة تتفق على الأصول نظريا و تختلف عليها تطبيقيا...أما الاختلاف في الفروع فأعتقد أن ذلك لا يعد اختلافا بقدر ما يمكن أن نسميه تعدد و جهات النظر في مسألة معينة لا تفسد في اصل الحكم شيئا...

فالقرآن الكريم و الأحاديث النبوية الصحيحة منها هي كلها من أجل سعادة الإنسان و من أجل تيسير حياته الدنيا قبل حياته الآخرة...

أما مسألة اختلاف الألسن و الألوان و الاجناس فتلك اية من آيات الله عز وجل في خلقه: " {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22
ومن دلائل القدرة الربانية: خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد, وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها, واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم, إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.[التفسير الميسر].

و للحديث بقية إن شاء الله...

عطية زاهدة
09/10/2008, 10:43 AM
موضوع هام في الدين الإسلامي، قيل بعض المحدثين أنه صحيح وقيل البعض الأخر أنه ضعيف، وأنا أؤيد على صحته لأنه لا يعارض الدين الإسلامي.

وحديث إختلاف أمتي رحمة. متى يكون نقمة؟ ومتى يكون نعمة؟

للجواب على ذلك يمكن أن نأخذه على وجهين:
الوجه الأول: إختلاف العلماء والفقهاء عند تحليل أوتفسير المسائل الفقهية: فيكون نقمة عندما لم يتفق العلماء على تطبيق الأحكام والمسائل الفقهية العقائدية أي الرئيسية على سائر الأمة الإسلامية كشريعة موحدة على سائر المسلمين. والمسائل العقائدية (الأصول) لا يمكن تجاوزه من أي جماعة أو شيعة كان وعندعدم الإتفاق عليها يكون نقمة.
وكذلك عند عدم قبول الأراء المختلفة في المسائل والأحكام الفرعية (الغير العقائدية والمهمة) من قبل المذاهب والجماعات المتطرفة، وإعتبار هذه الأراء من ضمن المسائل العقائدية ولا يمكن الإجتهاد فيها فيكون أيضاً حديث إختلاف أمتي بدل الرحمة نقمة. وهؤلاء المتطرفون لا يفهون أن الدين الإسلامي دين يسر ولا دين عسر. والإسلام لايقبل كل من يستعمل هذا الدين لآمال سياسية أو منافع شخصية..
أما كيف يكون نعمة؟ يكون عندما يتفق العلماء والفقهاء على ما ذكرته أعلاه وعلى قبول الإختلافات في المسائل الفقهية الفرعية.
والذين لا يلتزمون بهذا الأمر فهم مسؤولون أمام الله تعالى.

مثال على ذلك عند إختلافهم في حج المرأة مع غير زوجها أو أقاربها من الدرجة الأولى، أو إختلافهم عند خروج مقدار الدم لأجل الوضوء، أو إختلافهم في مقدار مسح الرأس عند الوضوء أو في مسح الخفين أو في جمع الصلاة عند السفر والحروب وفي الحج والضرورات (صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب والعشاء) ومثل ذلك مواضيع أخرى كثيرة، فلأجل مصالح الأمة الإسلامية، يمكن إفتاء الفقهاء على شرط أن يطبقوا أصول الفقه في فتاويهم. وهذا الإختلاف لا يؤثر على العقائد الإسلامية الإساسية، على عكس ذلك العقيدة الإسلامية تستفيد من ذلك وتسهل أمور المسلمين، وهذا ما فعله الرسول محمد (ص) مع المسلمين. ومن الذي يحرم جواز تطبيق فتاوى العلماء والفقهاء لأمور فرعية؟ الجواب: هم المتفيقهون والمتشددون والمتطرفون ويدّعون بأراء مختلفة غير الذي ذكرناه، ويرون كل من يخرج عن شيعتهم أو جماعتهم أنه كافر أو ليس منهم ولا يمكن إعتبارهم مسلمون.

ويمكن القول هنا أن الهدف الأساسي من كافة الأحاديث النبوية تفسير لآيات القرآن الكريم، وأن خلق الرسول (ص) هو القرآن المنزهة من الأخطاء وما قيل في الأحاديث الصحيحة يجب إعتباره.
كما نعلم أن الإسلام لا يريد تعقيد الأمور على المسلمين بل يقول لهم على لسان نبينا محمد ى(ص) "يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا " متفق عليه . وقول الله تعالى (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج :78 .هذا هو الدستور الإلهي
ومن الدستور الإسلامي عدم قبوله الخبائث والمنكرات فيقول الله تعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة : 4 .
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف : 156 . فما أحلى من يطبيق كل هذا الطيب واليسر في الإسلام!


أما الوجه الثاني: إختلاف الناس إزاء الصنوف والعقول والمذاهب والفلسفات والألوان ودرجة العلوم والتقوى واللهو والترفيه، والممارسات المختلفة باختلاف الأقطار والبيئات ، وحتى في اختلاف الحضارات والتمدن والثقافات ونحو ذلك. كلها زخارف متنوعة في بودقة واحدة تعطي معالم جميلة ويجعل المسلمين أن يستفيدوا ويفيدوا الناس جميعاً وهذه نعمة ورحمة من رب العالمين على المسلمين، وإختلافهم في ذلك لا يعني أن يكونوا في عداء بينهم لأن أساس القسطاس هنا هو (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) .... وآيات وأحاديث كثيرة على ذلك..

جميل ومفيد.

نظام الدين إبراهيم أوغلو
13/10/2008, 11:56 AM
الأخ سعيد نويضي

وعليكم السلام ورحمته و بركاته...

أنتم تقولون:

"الواقع أن ما أثارني للحديث عن هذا القول المنسوب زورا للرسول الكريم عليه الصلاة و السلام هو الآثار التي يتركها من خلفه في الفرقة و التشتت و تمسك كل طرف برايه حتى ولو قدمت له جبل من الأدلة و نهرا من البراهين...فكيثرة هي الخلافات بين الأمة الواحدة نتيجة الاختلافات في الأسس التي يقوم عليها المعتقد..."

وأنا أقول هناك كثير من المسائل الفقهية تختلف بها العلماء والفهاء والمذاهب وقسم منهم يثيرون الفرفة والتشتت هذا صحيح. وهل هذا يعني أننا نبطل كل حديث قابل للتحليل والتفسير ويمكن ويمكن إستعماله في أسألة المسلمين.... ولماذا بدلاً من أن نقول هذا الحديث روأمثاله ليس منطقي وليس من قول الرسول (ص)، أن نبدل أذهان وعقول هؤلاء العلماء (المتعلمون) والفقهاء (المتفيقهون) أو المنافقون والإنتهازيون.

وتقولون أيضاً:

"فالأمة تتفق على الأصول نظريا و تختلف عليها تطبيقيا...أما الاختلاف في الفروع فأعتقد أن ذلك لا يعد اختلافا بقدر ما يمكن أن نسميه تعدد و جهات النظر في مسألة معينة لا تفسد في اصل الحكم شيئا..."

وأنا أقول:
هذا صحيح أيضاً، بالإضافة إلى إختلافهم في الفروع كذلك يختلفون في أصول الأحكام وهي الطامة الكبرى. وأقلا أن الشيء الذي لايمكن تبديله في أصول العقيدة يبدل ومن قبل المسلمين سواء نظرياً أو تطبيقياً، وأنا لا أؤمن أيضاً على إتفاقهم نظرياً، وهم يتظاهرون هكذا إما يستعملون في تظاهرهم هذا التقية أو الخداع مع خصمهم ـ وأقول خصمهم لآن كل مذهب يرى المذاهب أو الأحزاب أو الفرق الأخرى أعداءه.
وأقول الإختلاف حاصل سواء في التطبيق فقط أو في النظرية والتطبيق، هنا النية هي أهم عامل في جعل إختلاف أمتي رحمة أو نقمة....

وتقولون كذلك:

"أما مسألة اختلاف الألسن و الألوان و الاجناس فتلك اية من آيات الله عز وجل في خلقه: " {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22
ومن دلائل القدرة الربانية: خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد, وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها, واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم, إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.[التفسير الميسر]."

وأنا أقول:
ما قلتم في إختلاف الألوان والألسن......وأنا أقول بالإضافة إلى كونه آية من آيات الله فيها عبر و رحمة للعالمين فلا فرق عندي في إستعمال الكلمات..

وإن لم توافق معي في الرأي فأنا أعتقد أن الحديث صحيح ولكن قلوب الإنسان غير أصحاء، وإختلافنا على شرح الحديث يأتي بسبب الإختلافات الشيطانية الموجدودة في عقولنا، ولو بدلناها إلى إختلافات رحمانية يهدف من وراء الإختلافات اليسر والسعادة، و لا يهدف من وراءه الشقاق والنزاع..

سعيد نويضي
13/10/2008, 08:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأخ الفاضل ابراهيم نظام الدين أوغلو...

لما ذكرت أن كل قول يحدث اثرا قد تترتب عليه نتائج ليست في صالح الائتلاف ، كان الهدف هو الوصول بالقارئ إلى فكرة مفادها أن قول الله عز و جل لا يمكن إطلاقا أن يختلف مع من أرسله رحمة للعالمين ، و هو قول الرسول عليه الصلاة و السلام و كل ما صح من الأقوال مما رويت عن الأنبياء و المرسلين...

الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام هم بشر و لاصطفائهم معنى هو عدم الوقوع في حبائل الشيطان المريد حتى لا يقولون على الله عز و جل إلا الحق. و مع ذلك يحاول الشيطان اللعين أن يزل قدمهم بعد ثبوثها فيوحي للبعض ما يوحي حتى يفتري على الله غير الحق لكن الله عز و جل و هو الحكيم الخبير يمحي و ينسخ ما نفث به الشيطان و يثبت الحق بقوله و قدرته...

يقول الله عز و جل: " {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52.

وما أرسلنا من قبلك- أيها الرسول - من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ كتاب الله ألقى الشيطان في قراءته الوساوس والشبهات؛ ليصدَّ الناس عن اتباع ما يقرؤه ويتلوه، لكن الله يبطل كيد الشيطان، فيزيل وساوسه، ويثبت آياته الواضحات. والله عليم بما كان ويكون, لا تخفى عليه خافية, حكيم في تقديره وأمره.[التفسير الميسر]

فإذا كانت النية هي الفيصل في الأعمال فأين الإنسان العادي و منهم العلماء الأجلاء من مكانة الأنبياء و الرسل حتى لا يتعرضون لتأثير الشيطان و مكائده...فالأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام جميعا دعوا إلى توحيد الصفوف، دعوا إلى الائتلاف و ليس إلى الاختلاف...فالدعوة إلى الائتلاف شيء محمود و رحمة و تكريس الاختلاف بأية حجة هو نقمة...و الدليل على ذلك هو الاختلاف الخاصل بين السنة و الشيعة؟ ألا يعتقدون برب واحد و يتجهون إلى قبلة واحدة و يؤمنون بالنبي الأمي عليه أفضل الصلاة و السلام...فهل اختلافهم رحمة؟ ألا ينتسبون إلى أمة واحدة كانت خير أمة أخرجت للناس تـامر بالمعروف و تنهى عن المنكر؟

فالمقصود من كونهم يتفقون على المستوى النظري و يختلفون في التطبيق ، كونهم يؤمنون برب واحد و بشهادة لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و يختلفون في تطبيقها على أرض الواقع...

فالاختلاف الذي شرعه الله عز و جل بين البشر في الشكل و ليس في المضمون..." إن أكرمكم عند الله أثقاكم" فهل في التقوى اختلاف بين المؤمنين من حيث الجوهر؟ بالطبع ليس هناك اختلاف إلا بحسب درجة القرب من الله عز و جل.

يقول الحق جل و علا: " {وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ }الأنعام98.

والله سبحانه هو الذي ابتدأ خلقكم أيها الناس من آدم عليه السلام; إذ خلقه من طين, ثم كنتم سلالة ونسلا منه, فجعل لكم مستقَرًا تستقرون فيه, وهو أرحام النساء, ومُستودعًا تُحفَظُون فيه, وهو أصلاب الرجال, قد بينا الحجج وميزنا الأدلة, وأحكمناها لقوم يفهمون مواقع الحجج ومواضع العبر. [التفسير الميسر].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1.

يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.[التفسير الميسر].

فالنفس هي النفس ليس فها اختلاف، إلا ما زرع فيها من قيم و أفكار و مبادئ، فإن كانت التقوى هي المعيار الفاصل في سلوك البشر كما هو الحال في سلوك الرسل و الأنبياء عليهم الصلاة و السلام، لما كان هناك اختلاف، بل سيكون ائتلاف و تطابق وجهات و آراء البشر إلى حد التشابه الكبير...لكن من سنة الله عز و جل أن جعل الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام ليسوا كباقي البشر باعتبارهم يحملون رسالة التوحيد في المعتقد...أما ختلاف الناس معهم و هذا واضح على مر التاريخ و واقع لا ينكره أحد، هو من فعل الشيطان اللعين الذي لا يريد لهم الائتلاف بل يريد لهم الاختلاف...

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }يونس19.

كان الناس على دين واحد وهو الإسلام, ثم اختلفوا بعد ذلك, فكفر بعضهم, وثبت بعضهم على الحق. ولولا كلمة سبقت من الله بإمهال العاصين وعدم معاجلتهم بذنوبهم لقُضِيَ بينهم: بأن يُهْلك أهل الباطل منهم, وينجي أهل الحق.[التفسير الميسر].

فالإسلام في مستواه النظري ليس فيه اختلاف...لأنه من عند الله عز و جل.لكن درجة استيعابه من قبل الفكر الإنساني هي موضع الاختلاف...فالأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام ليس بينهم اختلاف على امتداد التاريخ لأن الدعوة واحدة هي الإسلام و ليس غير الإسلام و إن تمت تسميته بعدة ألقاب تبعا للقوم الذي نزل فيهم ، فالجوهو واحد بكل مكوناته"الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر"" و اتباع الهدى و الإعراض عن الهوى"...

فإذا كان في اختلاف الهدى رحمة فمن الضروري أن نجد اختلاف بين الأنبياء و الرسل في دعوتهم لله عز و جل...و هذا ما لا يقبل المنطق السليم و الفكر القويم...و ما أنزل به الله عز و جل من سلطان...

فالائتلاف من الله عز و جل و الاختلاف من النفس و الشيطان...

يقول الله عز و جل:" {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }الأنفال63.

وجَمَع بين قلوبهم بعد التفرق, لو أنفقت مال الدنيا على جمع قلوبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولكن الله جمع بينها على الإيمان فأصبحوا إخوانًا متحابين, إنه عزيز في مُلْكه, حكيم في أمره وتدبيره.[التفسير الميسر].

ففعل ألف من الائتلاف فالحكمة من الاختلاف هي الابتلاء ليرى الله عز و جل هل الإنسان سيسعى للإئتلاف أم سيكرس ما يريد الشيطان من تفرقة...

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2.

الذي خلق الموت والحياة؛ ليختبركم - أيها الناس-: أيكم خيرٌ عملا وأخلصه؟ وهو العزيز الذي لا يعجزه شيء, الغفور لمن تاب من عباده. وفي الآية ترغيب في فعل الطاعات, وزجر عن اقتراف المعاصي.[التفسير الميسر].

{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48.

وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن, وكل ما فيه حقّ يشهد على صدق الكتب قبله, وأنها من عند الله, مصدقًا لما فيها من صحة، ومبيِّنًا لما فيها من تحريف، ناسخًا لبعض شرائعها, فاحكم بين المحتكمين إليك من اليهود بما أنزل الله إليك في هذا القرآن, ولا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهوائهم وما اعتادوه, فقد جعلنا لكل أمة شريعة, وطريقة واضحة يعملون بها. ولو شاء الله لجعل شرائعكم واحدة, ولكنه تعالى خالف بينها ليختبركم, فيظهر المطيع من العاصي, فسارعوا إلى ما هو خير لكم في الدارين بالعمل بما في القرآن, فإن مصيركم إلى الله, فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون, ويجزي كلا بعمله.[التفسير الميسر].

لذلك أعتقد أن الشيخ الألباني رحمه الله و أسكنه فسيح جناته لما فند الحديث على اساس أنه حديث موضوع كان و الله أعلم يريد أن يوضح على المدى البعيد ان أثر الحديث و زيادة تداوله بين الناس و التمسك به لن يزيد الامة إلا تفريقا...كما جاء في الآية الكريمة...

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }الأنعام159.

إن الذين فرقوا دينهم بعد ما كانوا مجتمعين على توحيد الله والعمل بشرعه, فأصبحوا فرقا وأحزابا, إنك -أيها الرسول- بريء منهم, إنما حكمهم إلى الله تعالى, ثم يخبرهم بأعمالهم, فيجازي من تاب منهم وأحسن بإحسانه, ويعاقب المسيء بإساءته.[التفسير الميسر].

و أستغفر الله إن أخطأت أو نسيت...فإن أصبت فبفضل من الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان...

و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...

نظام الدين إبراهيم أوغلو
14/10/2008, 05:50 PM
أخي الكريم سعيد نويضي

جواب واضح جداً، جزاك الله ألف خير، ولكن بالنسبة لي لا أرى في أي حديث صحيح أي تعارض لعقيدتي لأنني أفسرها دائماً بالخير وبشكل إيجابي ولا أفكر في نية سوء كأن أشكل مذهباً خاصاً لأشتت وأفرق صفوف المسلمين، لأن ديني الحنيف أمرني على ذلك. كما نعلم أن طاعة الله والرسول فرض على كل مسلم.
وإذا كما تفضلتم أن الشيخ الألباني يذكر الحديث من ضمن الأحاديث الضعيفة، فما علينا إلاّ أن نحترم رأي العلامة والمحدث المعاصر الشيخ الألباني.

وفقكم الله

سعيد نويضي
15/10/2008, 03:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الدكتور الفاضل الأخ ابراهيم نظام الدين أغلو...

لا أعتقد إطلاقا أن أي إنسان يخاف الله عز و جل و يخشاه يريد سوءا لنفسه أو لغيره...و لكن الحق حق...و إذا أجمع الفقهاء و العلماء على صحة الحديث فإن خالف رأيي فسأتبع الحديث لأنه قول الصادق المصدوق و لا أتبع هواي...لأن الهدى ما أتى به كتاب الله الكريم و قال به من قال فيه الله عز جل "و ما ينطق عن الهوى"...

ففي هذا الحديث بالضبط كما هو الحال في غيره من الأحاديث الموضوعة ليس هناك مجال للشك لأن آثاره السلبية أكثر من منافعه...كما هو الحال في الخمر على سبل المثال..."إثم كبير و منافع للناس"...فلو اكتفينا بهذه الآية دون الأخذ بما نزل من بعدها لبقي الحال على ما هو عليه...

تخريج السيوطي : (نصر المقدسي في الحجة البيهقي في الرسالة الأشعرية) بغير سند وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا. تحقيق الألباني: (موضوع) انظر حديث رقم: 230 في ضعيف الجامع.‌


و هذا لا يعني أن الفكر البشري لم يأت بالخير، بل هناك العديد من الأشياء الخيرة قد أتت من قوم لا يدينون دين الحق و لا يؤمنون باية عقيدة...و لقد سخرها الله لينتفع بها ابن آدم...فتزيد من إيمان المؤمن...و قد تكون سببا لهداية من يرغب في الهداية...و قد تزيد الضالين ضلالا...

فهدانا الله جميعا لما يحبه و يرضاه لنا...

و دمت أخا عزيزا في الله و في رعايته...