المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهيمنة الثقافية الغربية تهديد للثقافات الأصلية للشعوب



د. تيسير الناشف
11/09/2008, 11:27 PM
الهيمنة الثقافية الغربية تهديد للثقافات الأصلية للشعوب

د. تيسير الناشف


تسعى جهات سياسية وعقائدية واقتصادية وعسكرية غربية قوية رسمية وغير رسمية إلى الهيمنة على بلدان وشعوب في مختلف أنحاء العالم. ومن متضمنات الهيمنة السيطرة والتحكم والتوجيه والتقييد وفرض قيم وأساليب وطرق في الحياة يحلو لتلك الجهات إملاؤها على تلك البلدان والشعوب. وحينما تنجح تلك الجهات في تنفيذ سياساتها الخارجية الرامية إلى تحقيق الهيمنة فإن ذلك يعني تسييد قيم وأساليب وطرق تلك الجهات على قيم البلدان والشعوب الضعيفة وتهميش قيم تلك البلدان والشعوب والحيلولة دون إشاعة قيم تلك البلدان والشعوب في العالم.
وتسييد قيم الجهات القوية على قيم البلدان والشعوب الضعيفة إحدى طرق إشاعة طريقة الحياة التي تأخذ بها الجهات المهيمنة على حساب طريقة حياة البلدان الشعوب الضعيفة.
وما تبدو أنها مفاهيم واحدة قد تكون في الواقع مفاهيم ذات معان أو دلالات مقصودة مختلفة. وثمة أمثلة كثيرة جدا على أن ما تبدو أنها مفاهيم واحدة هي في الواقع ذات معان أو دلالات مقصودة مختلفة. إن مفاهيم السيادة والحياة والموت ووجود الإنسان على ظهر الأرض والهناء والسعادة والغنى والرضاء والبلوى مفاهيم موجودة في مختلف الثقافات ومختلف اللغات، غير أن لتلك المفاهيم معاني أو دلالات مختلفة تعرفها وتحددها الثقافات التي تشيع في صفوف شعوب معينة وتسود فيها. وللثقافة تعاريف مختلفة. ومن هذه التعاريف أن الثقافة هي كيفية معاملة الفرد والجماعة للأفراد الآخرين والجماعات الأخرى وكيفية معاملتهما للأشياء. وتتعلق الدلالات المقصودة لمفاهيم معتمدة لدى شعب معين وشائعة في صفوفه وسائدة فيه بصميم الفلسفة الاجتماعية الدينية والروحية والقيمية والقومية والإنسانية التي يأخذ بها ذلك الشعب. معنى "الموت" في الثقافة الغربية ليس معنى "الوفاة" في الثقافة العربية-الإسلامية، ومعنى "حياة الإنسان على وجه الأرض" و"البلوى" في الثقافة العربية-الإسلامية ليس معناه في ثقافات أخرى. وهذا الاختلاف قائم في كثير من المفاهيم الأخرى.
عن طريق إشاعة مفاهيم غربية في صفوف شعوب أخرى وعن طريق تسييد تلك المفاهيم على مفاهيم تلك الشعوب تُفرض على تلك الشعوب المعاني أو الدلالات المقصودة لتلك المفاهيم الغربية على تلك الشعوب. وفرض دلالة مقصودة لمفهوم على شعب آخر انما هو مساس بثقافته وهو بالتالي مساس بوجوده وكيانه ورؤيته ورؤياه الاجتماعيتين والثقافيتين والانسانيتين.
ولتكون لدى البلدان والشعوب النامية القوة على مواجهة الغزو الثقافي الغربي يجب أن تكون ثقافتها مستجيبة، في إطار الاجتهاد، لمتطلبات الحياة في الوقت الحاضر. وهي ليست كذلك. تشيع في صفوف تلك الشعوب الذكورية-الأبوية والحمائلية والقبلية والطائفية والإقطاعية وتظلم فيها النساء والمعوقون وسائر الفئات الضعيفة. وما دامت هذه الظواهر منتشرة على هذا النحو فلا قبل لشعوبنا بالتصدي للغزو الثقافي الغربي.

د. محمد اسحق الريفي
12/09/2008, 12:16 AM
الأخ الدكتور تيسير الناشف،

مقال مهم وجميل، وكل أبناء أمتنا بحاجة للانتباه إلى ما تفضلت به حول محاولات الهيمنة الثقافية الغربية وما تمثله هذه المحاولات من تهديد لثقافتنا وهويتنا ومن ثم وجودنا.

بارك الله فيك وشكرا جزيلا لك.

حسين راشد
12/09/2008, 01:36 AM
بوركت.. هيا للعمل

آداب عبد الهادي
12/09/2008, 03:56 AM
سيدي الفاضل الدكتور تيسير الناشف المحترم

(ولتكون لدى البلدان والشعوب النامية القوة على مواجهة الغزو الثقافي الغربي يجب أن تكون ثقافتها مستجيبة، في إطار الاجتهاد، لمتطلبات الحياة في الوقت الحاضر. وهي ليست كذلك. تشيع في صفوف تلك الشعوب الذكورية-الأبوية والحمائلية والقبلية والطائفية والإقطاعية وتظلم فيها النساء والمعوقون وسائر الفئات الضعيفة. وما دامت هذه الظواهر منتشرة على هذا النحو فلا قبل لشعوبنا بالتصدي للغزو الثقافي الغربي.)

دام قلمك سيدي الكريم

إضافة إلى ما تفضلت بذكره وكي تكون البلدان والشعوب النامية قاردة ولديها القوة على مواجهة الغزو الثقافي الغربي لا بد من جهود كبيرة تقوم بها الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان وعند تلك الشعوب، وأن تكون الأنظمة الحاكمة بحد ذاتها تملك القوة لمواجهة مد الغزو الثقافي الغربي،لكن ما نراه اليوم هو أن الأنظمة ذاتها من خلال مؤسساتها وهيئاتها وقنواتها المختلفة هي من يسهل مهمة هذا الزحف ومهما بلغت القوة في المواجهة عند الشعوب والمجتمعات فجزء بسيط من مثل هذه القوة عند الانظمة كفيل بتسهيل الغزو ملايين المرات مضاعفة.
المجتمعات وحدها لا تستطيع المواجهة في الزمن الحاضر وقوتها محدودة وعلى الأنظمة والدولة برمتها التكاتف معاً لضمان نجاح إيقاف الغزو.
شكرا جزيلا
احترامي وتقديري لشخصكم الكريم

الحاج بونيف
12/09/2008, 08:08 AM
السلام عليكم
لعل هذا خير ما يتمثل في البلدان التي كانت مستعمرة ورزحت لفترة طويلة تحت الاحتلال، فهي لا تستطيع التخلص بسهولة مما تركه الاستعمار وزرعه من ثقافته قبل رحيله. وبخاصة في من يسيرون في ركابه ويتأثرون ويضعفون في فترة من فترات الاحتلال، وهؤلاء ممن كانت لهم القابلية على حد قول المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله.. فنراهم يستسلمون له ويعملون على تبني أفكاره ولغته وعاداته وتقاليده.
ولدينا في العالم العربي الكثير من الدول التي تأثرت بالمستدمر كما يسميه (مولود قاسم نايت بلقاسم) رحمه الله. فلئن رحل الاحتلال لكنه ترك عملاءه الذين يؤدون المهمة التي جاء من أجلها وأكثر، فلغته تبقى سائدة وعاداته، حتى الاقتصاد يبقى تابعا فلا يتحرك شئ إلا بعلمه.
ولن يستطيع الوطنيون الصادقون من أبناء الأمة التغيير لأنهم يبقون مبعدين وعن قصد من دوائر السلطة الحاكمة؛ لأن المفاتيح بيد الذين مكنهم الاحتلال قبل رحيله، وللأسف الشديد لا يكون التغيير لهؤلاء سهلا، فهم كالمرض الخبيث الذي يستشري في الجسم فهو ينهكه ويتعبه قبل القضاء عليه..
على مجتمعنا أن يتكاتف ويتراص ليقف في وجه هذه الطغمة المؤثرة، والعمل على الحد من نفوذها، وزحزحتها ليتسلم المخلصون زمام المبادرة لبناء ثقافة أصيلة وحضارة تقومان على أسس صلبة متينة مستمدة من تراثنا ومسايرة لمقتضيات المرحلة.