المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيىء من القلب..



عيشونة محمود
26/10/2008, 04:33 PM
شيء من القلب..
1
من نفق في التيه الشارد تأمرني نواياك.. ومن لجة عينيك كنت أبدأ العد لعمر حتما سيمضي.. كنت دائما أقول لنفسي { الوصول إلى البداية أن تبدأ حريتك}.. الليلة مناسبة للتيه والجو ألذ مع سيجارة تشتعل، وضيق ينفتح موالا للانتشاء، ولا أحد له الحق في الخلود إلا خالق الخلــود..أما البقية فهـــــي دائما مجــــرد عـــد، لشـــيء أسمـــه الرحيل ؟
كلنا يمني نفسه بالأفضل والألذ ولكنها الحياة هكذا فجأة، تصير مثل الصدف ، نتوقعها دون أن نعيش لحظاتها..؟
دعني إذن أدخن فوق ركبتيك ، هذا الليل فالشهية أنت، والحياة عبرك غمظة عين.. السماء زرقاء مدهشة ، تغطي كل هذا الأفق، بوشاح من الرهبة، وجو الليل أنعش وأنقى من أي ضياء لنهار ضاج، حيثُ يقتل فيه البشر بعضه ببغضه بعدما صار سلعة، وحقائب سفر لعصر معلب بارد، وكئيب..؟ !
الليل جميل... وروعة الوقت أنت وأنا وهذا الشاطئ الممتد رملا ناعما ينعشنا كلما لامس هبوب البحر حرارة جسدينا ..لاشيء يستحق الحياة، وقد بلى كل شيء؟ !لاشيء على الإطلاق، فالأجواء ونحن بعيدين.. مهترئة، خانقة.. لا مظاهر تفرحك، أو تُدهشكَ إمتاعا.. فقط هناك وأنت طريح نهارك البائس، مشهد هائل.. لبشر بأفواه مشرعة ،يخوض قتالا مريرا {شعب ضد إرادة شعب..؟}
فدعني إذن أكلم حرائقي، وقد أشعلتها أنامل حاسة أجهلها تماما هي لكِ.. وأسندُ رأسي بين تدلي الليل ونمو جيدك الراهب ،وتحفز الليمون الصارخ وهدا النفق المضيء ، المفضي إلى الرعب والدهشة{ سبحان ربي هذي دنيا الغموض ألجها عبرك والبشر في اقتتال، في رواح، في مجيء..ا}
فل أُدخن إذن حزني ومرارتي، وأرثك قلبي تسبحين فيه مثل بحيرة زرقاء، حيث يمكنك التقاط حروفي الشائقة، من أعماق كلمات جملي المتعبة بغيابك،بجمال البوح في عينيك، بالرجاء الذي حورني فيهما سرمدا.. دعني وفقط فأنت الفاكهة التي أشتاق إليها، بأزمنة من الجوع العضال..؟؟ا
ولا يهم بعدها أن أُعلن في الناس ،أنك من جعلتني أسبح حيث ينعدم الماء والأجواء، وأن في عينيك صراحة طليقة تكسبني الحيرة كما شردني فيك نظرة الواثق من النصر.. فأنت امرأة مديدة القلب والشوق.. وهذا البحر، كأنه وطن اللجوء، وأنا مذ وعيت أحببتك بحرا وودا.. ليس لأنك أنثاي ولكن لتشابه غموضنا ولبحر..؟؟ا
فأنت..أنت وحدك شريكتي في البحر، موطني دنياك.. ورمال الشاطئ منفى لحظة لا أكثر، إنما العمر ها كما ترين ، كثرة من الشرود واللحظات الهائفة.. لكل هذا و أكثر أحببتك وأدمنت القسم ، أن أفي بكلي لدنياك وأنت تتوجين قلبي بشرخ رقيق يوجع، ليمنحني لذة الغوص والانتعاش..؟

2

أنت.. لم تيئس يوما لتجعلينني أشقى.. قلتِها بإشراقة عينيك حدائق اللوز، كذلك لم أخلق لأجعلك حرائقي، إنما آنا فقط موصول بهذا الخفي من الحنين، والجذب والطلاقة في دنياك ،أعبرها كل حين فألتقيكِ ، وأقرأ أسفار فمك السريالية، ثم نتجاذب أطراف الحديث ، كلما أتعبتنا الغربة.. ونحن نخلد للراحة، روحان وحدائق ريحان، على دوحة أجوبتك الراسية في هدوء فوق كل صمت أنت مانحته، لكل عشايانا الرائعة..؟



في الفرجة.. تدور في الكعب خلاخلها، تحدث رنة كموسيقى سمعتها قصيا ،كإحساس فطري باليتم الشرس ..{ تدور أم السعد..} راقصة هي ومحترفة إغراء، لذتها ذلك الخجل المستتر، تحت طبقات الثوب الراعش، تدور وتلتف حولنا والمكان ، فيهتز جسدها الراقص النشوان.. تنخلع قلوب البشر، الرجال شوقا لرعب الشهوة المسعورة والنساء {لظى} غيرة تحرق القلوب..في الفرجة والجو ليل وبرد وخلاء يتحرق الناس ويوحوحون، أمام عراء اللحظة ومشهد التحدي ، تصنعه حركة البطن والردفين الهائلين، إنها تدقق عن قصد وترمق الجميع بحدة وانتقام، متواطئة ورغبتها في الثأر من الجميع.. !
فقبل عام وعام، ومن عهد الأسرة المتواضعة تهالكا في العوز والفاقة، مند أن شبت ولم تجد مأكلا ومشربا ، وهي تحترف الإغراء الراقص وتجني الخبز المر، ممزوجا بيأس والدها، الذي أراد تزويجها قسرا لشيخ الأغنياء الجدد ، ولأنها مالكة جسدها وجدت أن الأمر سيان ،مادام الجسد هو رغبة الكل ، وأن لاشيء يمكنه الوقوف أمام إرادة الوالد الذي أراد بها خيرا كما يقول ، من خلال منحها لرجل المال والسلطان سوى تمردها بعدما تهاوى جميع من في الأسرة ، وغطس كل فرض على حدى، في بئر بسبعة أغوار ، مشدودين بقوة رهيبة إلى حلم بالثراء، راودهم على حساب امرأة، كانت إلى وقت قريب متمسكة بالفضيلة، لم ترحمها الأسرة والمجتمع وأعيان العشيرة، فراحت تراقص الكل، وتمسح جيوبهم سرا،كي تشتمهم علنية بحركات رد فيها، وسهام نظراتها الثاقبة.. !
والجو رقص ، ترقب وحسرة،ألتقط إشارات صوتك المبحوح، تأتيني من بعيد، عبر تموج شعرها ،فأهتف باسمك وسط أجواء الفرجة .سماح...سماح.. يغور الصوت، وينطفئ رويدا في ضوضاء الناس ، ألتفت من حولي، فأرى العيون وقد استحالت إلى سهم هائل من نار، يصيب الروح ، وينغرز في اللحم الراقص بجنون هستيري..؟
أنفض من العرس المقام على شرف عروسين، سيتيهان إلى نقاش مفجع وعقيم، بعد انقضاء السهرة وبزوغ فجر الغد..
لا لشيء فقط لأنهما في بلد لا أفراح فيه للروح..؟؟ أمشي وأمشي ، ولأن للمشي أيضا أقدار، أستريح عند أول جملة قلتها، ونحن في أولى مراحل تعارفنا، وكنتُ لحظتها قد واجهتك بسؤال ، عن مستقبل الزواج في أمة لا ُموَاطِنَ فيها على الإطلاق.. ولأنك أحجمت حيينها عن الإجابة، تركتُ لحريتك سبيلهاومضينا في تعاسة الأجوبة غير الممكنة ،كمن عَلِقَ بشباك هائلة من التيه والإرباك.. ؟

لذلك أريدك الآن.. أن تحدثيني فقط: عن أجواء الربيع ونحن نمضي إلى الشمس، عبر طريق كله حقيقة ،تُقْت أن أستمع لروعة صوتك أكثر ، وأجلس بشهية مفرطة إلى أنفاسك وأفيون عينيك نبع كل حقيقة تقولان لشراهتي ، شهية الحكي وحديث المكان..؟؟

3


طلع الفجر .. أشعلت سيجارة ونفثت دخانها في المرآة، وحدقت في وجهي ينعكس عليها بكل ذلك الحزن والألم الليلي، تعبت فتراجعت إلى الخلف وتساءلت ،كيف لي أن أقضي ليلي ساهرا كانتا فيه عيناي مصوبتين ،نحو ذكريات مضت وبإصرار دخلتِ علي، فانفتح الصباح والشهية للعيش والقول، ودحض ما يسقونه من مجون وتشوه.. انطلقت دون أن أفكر في انشغالات رجل، فرض عليه قهرا أن يعيش وحيدا ، وتفصلك عنه أشياء تافهة، علبوها بأسماء جاهزة ..فقالوا..
{عاداتنا.. وقالوا .الأمر الواقع.. وقالوا. الظروف. و.. و.. و.. تـفــــــوه..}
سئمت الأسماء والمسميات، وكرهت أسمال الأفكار البائدة لهذا تجدني أشياؤك دائما في تنهد عسير.. محاولا عيش عمري دون الحاجة إليه ،لأنك وهذا إنصافا .. كلُ شيء فيه....؟؟



إنه وقت انتظارك الآن وقد هدأت حركة الناس وانحسر المد، واستوى السكون جالسا يرقبنا في هدوء.. لاشيء ينقص الآن .. عدا الحضور الرشيق لجسدك الأسطوري ، يعزف موسيقاه عند حافة الموج الرقيق، وهو يغمر أصابع القدمين في مده ، ليعريهما في استحياء جزره، ونحن نألف الشاطئ والماء، صرت قادرا على فك بعض رموزك وادخارها لهذي السنين العجاف..؟
أن تألف الشيء ؟. يعني أن تصير متيما به ،كما حدث لي معك والبحر والانتظار..أحيانا أتعب .. وتارة أسترد كل قواي ومعارفي، وتسعفني الذاكرة بإشراقات كثيرة لانتظار طال ولقاءات تمت وسويعات توق وخوف وارتعاب.. في بلاد كثيرة يتكلمون عن المرأة كسلعة تباع وتشترى، تماما مثل الرجل، ولكنني هنا حيث ما وُجدتُ، وحيث ما ألفتكِ لا يمكنني أن أبيعك أو أعرضك كسلعة يمكنها أن تصدر لا.. أبدا ما يمكنني فعله هنا، هو أن أحبك وفقط كي أظل أستمد منك قوتي ورفضي لما يساق عن المرأة.. والحب.. والجنس ، فلاشيء أبدا أروع من جلوسنا مع من نحب، والتنفس على شواطئهم بهدوء وممارسة حكينا معهم. والإنصات بروية، إلى دفئ ما تقوله أحاسيسهم، لحظة يتكلمون بعفوية وطلاقة صريحة..؟
الحياة محطة عبور .. لذلك يجب عبورها بوعي وحذر واقتناع ، وقناعتي أننا يمكن أن نلتقي في هكذا لحظة، فتمطر وفتنبت على شفاهنا ثمة قناعات ، لتضيء للعالم والدين لا يقدرون إلا إن يحبوا على طريقتهم ، ممرات آمنة نحو ما يعتقدون أتذري.. وأنا أمنحك هذا الداء أتساءل ؟.. لماذا نما كل هذا البعاد بيننا ونحن أقرب إلينا من همسة ذات ..؟؟
لماذا الحب جهاد وصوم وترقب؟!! . ينفتح المكان أكثر، لأسئلة أعمق وأمر وينطلق النداء الخفي ، لصوت التمازج في كل المكان الممتد فراغا ورملا وبحرا، لماذا يموت كل هذا الشعب وقد كان آمنا وراض بالنصيب؟.. هذا السؤال المرعب كلما طرق أقاصي الذات،أصاب بالفزع ويرتعش القلب خوفا من اليأس ، وأنت امرأة لم يصب شساعتها القحط والجفاف فانزويت في منفاك الاختياري ، قلتِ أنكِ هناك فقط ريثما تمر العاصفة وتهدأ الأعاصير ، وتيبس الأسئلة المعلقة سهاما في الروح ،أنت محقة في بعض المنفى ورغبتي الأكثر ، أن تمنحني اللجوء بحضور أنيق،من يدري ، قد نصير أكثر تجدرا وأ قد ر
تأثيرا في كل هذا النماء ، الوطن يبرعم وحاجته أنت؟ .. فقط أن تمسحي عنك بعض جروح الهامش وقليل من صقيع المنافي، فأنت التي رغبتك أن يتدفق كل ذلك النور ويغمر دهاليز النفوس المظلمة.؟
يتبع..