المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بورنو السياسة....ساتيسفاكشن جارانتيد



وليد الأزهرى
17/11/2008, 10:49 AM
"حلاوتها فى حموتها"......
كان هذا هو الشعار الذى رفعته أمريكا عندما قرّرت طرق الحديد وهو ساخن فور إنتهاء الحرب العالميّة الثانية , إذ قرّرت أن يبدأ تخطيطها لإرساء قواعد إمبراطوريّتها المهيمنة على مقدّرات العالم فى تلك المرحلة الدقيقة من تاريخ هذا الكوكب حتّى وصل الحال إلى مانراه الآن من صعوبة إن لم يكن إستحالة الفلفصة من هذه الهيمنة.
و لهذا... فإنّه ما أن خمدت نيران الحرب العالمية الثانية , وما أن أعلنت القنبلتين الذرّيتين الأمريكيّتين اللتين ألقيتا على هيروشيما و نجازاكى عن نهاية فيلم هذه الحرب العالمية فى مشهد الــ"فيناله" المأساوى و الملحمى الّذى شهد فيه العالم إنصهار و تبخّر مئات الآلاف من اليابانيين فى لمح البصر ليكون هذا المشهد هو النسخة الأمريكيّة النوويّة المحدّثة تكنولوجيّا من لوحة "جورنيكا" الملحميّة المأساويّة لــ"بيكاسو" مؤسس التكعيبيّة و أحد أقطاب السيرياليّة والتى ترجمت مأساة مذابح "فرانكو" على الأراضى الأسبانيّة, وما أن تابع العالم "تترات" نهاية الفيلم و هى تنزل على الشاشة مع مقاطع من محاكمات "نورمبرج" الشهيرة , حتّى بدأت أمريكا فى تصوير فيلمها الإستعراضى الدرامى الكوميدى التراجيدى الغنائى الذى قرّرت أن تكون بطولته المطلقة لها وحدها , والذى تتمحور مشاهده حول عدم جدوى الإفلات من منظومة هيمنتها , وهو ماجعلها تختار أن يكون إسم فيلمها : " تجيبها كده....تجيلها كده.... هوّه كده".
و لأنه إذا أراد منتج أى فيلم لفيلمه أن "يفرقع" فإنه يحتاج إلى أغنية تصبح بمثابة "تيمة" تذكّر الناس به , فقد قرّرت أمريكا أن تضع هذه الــ"تيمة" فى مطلع الفيلم و فى أول مشاهده , وبالفعل..... كان مشهد فيلم الهيمنة الأمريكية الإفتتاحى مشهدا لا ينسى , إذ تم خلاله الإعلان عن قيام حلف شمال الأطلنطى على خلفيّة الموسيقى التصويريّة التى كانت "تيمة" مطلع أغنيتها تقول : "حلقاتووو...برجالاتووووو...وعملنا حلف الناتوووو"
ثم.... تتابعت مشاهد الفيلم... فهاهو مشهد إنشاء مسرح العرائس الشهير بهيئة الأمم المتّحدة , ثم جاء مشهد الصدام مع الإتحاد السوفييتى , وهو المشهد الذى كانت أمريكا تتوق لأن تجعل منه "خناقة الفيلم" ولكنّها عندما وجدت أن العملاق السوفييتى الأحمر كان فى عنفوان فتوّته وعافيته بعد أن وضعت الحرب أوزارها قرّرت أمريكا أن تقوم بتعديل فى "سكريبت" الفيلم ليكون مشهد الحرب الباردة الذى شغل مساحة زمنية لا يستهان بها من فيلمها.
لقد حاولت أمريكا مرارا أن تسيّر أحداث الفيلم فى إتّجاه يجعل إنتصارها على غريمها الأحمر إنتصارا مثيرا فى إطار خناقة و تلاحم مباشر و ..طاااااخ.. طييييييخ , ولكنّها فشلت فى ذلك لأن الإتحاد السوفييتى خرج من مشهد "فينالة" الحرب العالمية و هو أحد نجوم الشبّاك بعد أن كان أحد أكبر الظافرين مما مكّنه من اقتسام كعكة بطولة الفيلم مع أمريكا (فى مشاهده الأولى فقط) والفوز بالكتله الأوروبيه الشرقيّه بعد أن تم تقزيم مساحة الدور الذى يوفّره الــ"سكريبت" لإنجلترا وفرنسا وتحويلهما إلى مجرّد "كومبارسات" و "كمالة عدد"من واقع هامشيّة دوريهما الفعلى فى انتصار الحلفاء ومن منطلق أن مكسب كلاهما الفعلى كان النجاة من الهجمه الهتلريّه على عقر دار كلاّ منهما.
ولهذا..... توجّب حينها على انجلترا وفرنسا أن يقبلا حضور حفلة تقسيم الكعكه ككبار مدعوّين وليس كأصحاب فرح حتّى ولو أسبغت تلك الصفة الأخيرة عليهما من قبيل المجاملة ليس إلا.....ففى واقع الأمر لم يكونا نجمى شبّاك , أو صاحبى دور بطولة , بل كانا ضيفى شرف الفيلم ولمّا كانت هذه النوعية من الأفلام التاريخيّة أفلاما ضخمة تستلزم توافر عدد مهول من المجاميع البشريّة و من الكومبارسات فى تصوير مشاهدها , ولمّا كانت هذه الكومبارسات تسبب صداعا فى رأس مخرج الفيلم , ولمّا كانت هذه الكومبارسات و المجاميع فى هذا الفيلم ليست سوى الدول الصغيرة والشعوب النامية والناهضة , ولمّا كانت هذه الدول تمر بمرحلة تغيير تاريخيّه أفرزتها تداعيات فيلم الحرب العالميه الثانيه , فقد كانت هذه الدول والشعوب أرضا خصبه للأفكار الاشتراكيّه (النظريّة) ومثاليّات نظريّات العداله الاجتماعيّه والمساواه بين الطبقات وشيوع الملكيّه (الحماسيّة) وغيرها من الشعارات الرنانه التى لعب عليها النظام السوفييتى فى جميع إجتماعات نقابة السينمائيين العالميّة فاستطاع استقطاب نسبه لايستهان بها من كومبارسات النقابة الى معسكره الشيوعى (سواءا وهو يؤدّى دور "شيوعيّه هانم" أو بعد إطلاق يد الماكيير ليتقمّص شخصيّة "مدموازيل إشتراكيّة" .
ولهذا.... إرتأت أمريكا أن الحكمة تقتضى وضع علاقتها مع السوفييت فى الثلاّجة و فى اطار اللاحرب واللاسلم المعروف باسم الحرب البارده من أجل إنهاء تصوير مشاهد فيلمها حسب السيناريو الذى وضعته , فكان أن إعتبرت مشهد الحرب الباردة كفترة هدنه يتم فيها العمل الصبور وبسياسة النفس الطويل على تقويض دعائم الاتّحاد السوفييتى وتحيّن الفرصة المناسبة لتصوير الــ"ماستر سين" والوثوب عليه من الداخل بحيث يتحلل ذاتيّا وبالتدريج كما تتساقط أوراق الخريف المتهادية فى مشهد دراماتيكى , وبهذا لن يكون على أمريكا أن تقلق من الكومبارسات إذا ما سقط "شجيعها" , فكيف تقوى الفروع على الصمود إذا تم تبوير الجذر الّذى يمدّها بالحياه, واذا سقط السيّد فمن ذا الّذى سيحمى تابعه.
وبالفعل ....كان مشهد الحرب الباردة هو المشهد المحورى فى الفيلم , وكان الــ"ماستر سين" الذى حصدت بواسطته أمريكا أوسكار أحسن سيناريو رغم أن كثيرا من النقاد كانوا يقولون عن هذا المشهد أنه كان ذو إيقاع ممل و "ريتم" واقع.....ولكنّه كان المشهد الذى مكّن السيناريست و المخرج من أن يبرز لمتابعى الفيلم مشهد تفكّك لحام الكتلة الشرقيّة أولا,ثم تحلل أوصال الاتّحاد السوفييتى, وانفتاح طريق أحاديّة القطبيّه المعبّد كالحرير لأمريكا على مصراعيه لتصبح نجمة الشبّاك و نجمة العالم الوحيدة و صاحبة أول فيلم تاريخى للــ"مونو دراما السياسيّة", فبدأت فى بلورة استراتيجيّتها العالميّه الجديدة بعد إنتهاء الحرب البارده باختفاء غريمها وتلاشيه من على مضمار السباق كفص الملح الذى ذاب, وكانت هذه الاستراتيجيّه الجديده تهدف الى بقاء أمريكا منفرده على رأس النظام العالمى والغاء امكانيّة ظهور أى " شجيع سيما " جديد أ و أى قوّة مناوئة لها أو على أقل تقدير ابطاء وتأخير ظهور هذه القوّه قدر الامكان حتّى تقوم بحصد إيرادات جميع دور السينما قبل دخول المدارس, وهو ما تم عن طريق قيام أمريكا بلعب دور السيّد الآمر الناهى المانع المانح المسيطر المهيمن المتكبّر المتجبّر الرافع الخافض المعز المذل.....ولك الأمر يا من كانت لك الأسماء الحسنى الحقّة.
ويمكننا هنا أن نقسّم مشاهد نهاية فيلم الهيمنة الأمريكيّة إلى ثلاثة مشاهد رئيسيّة وهى :
المشهد الأول :
وهو المشهد مابين مشهد انهيار الاتّحاد السوفييتى وحتى مشهد نشوب حرب الخليج الثانيه , وهو المشهد الذى قامت فيه أمريكا بتثبيت دعائم هيمنتها عن طريق تسلّلها الى جميع مناطق العالم الاستراتيجيّه تحت عبائة حلف الأطلنطى , وهى تلك العبائه التى وفّرت لها تغلغلا معلوماتيا واستخباراتيا حول العالم يغذّى قواعد عسكريّه أرضيّه تستمد امداداتها من قواعد عسكريّه أخرى محموله بحريّا وتسيطر على المسطّحات المائيّه ذات المواقع الجيو-استراتيجيّه المختاره بعنايه فائقه والمحميّه بغطاء جوّى يستطيع بسط سيطرته على أى أجواء بسرعة انتشار فائقه انطلاقا من شبكة قواعد أرضيّه وبحريّه يتوارى الأخطبوط منها خجلا ويشعر العنكبوت بشباكه أمامها بالوضاعه والتقزّم, ناهيك عن المنظومه الباليستيّه الأمريكيّه التى لافكاك منها,ليصب كل هذا فى غرف صنع القرار بحلف الأطلنطى وهى تلك الغرف التى تفتح كل أبوابها ونوافذها على غرف صنع القرار الأمريكيّه دون وجود مداخل أو مخارج أخرى....وظلّت هذه المرحله فى اطار نظرى لم ترقى تجاربه العمليّه الى الدرجه التى تطمأن أمريكا الى نجاحه الباهر عمليّا حتى حرب الخليج الثانيه.
المشهد الثانى :
ويقع مابين مشهد حرب الخليج الثانيه و مشهد أحداث سبتمبر.....وهو المشهد الذى قامت أمريكا فيه بوضع هذا الاطار المتكامل نظريّا تحت الاختبار للتأكّد من فعاليّته عمليّا وقدرته على بسط هيمنه عالميّه لاراد لقضائها وابرامها.... وكان ذلك الاختبار العملى هو حرب الخليج الثانيه التى تحرّكت فيها أمريكا تحت غطاء دولى , فقد إرتدت عبائة حلف عالمى مطرّزه وموشّاه بالشرعيه الدوليه التى أضفت على نجاح التجربه العمليّه بعدا دعائيا لم يستسيغه العالم, ولكن عدم استساغة العالم لأداء أمريكا لشخصيّة "فتوّة الغلابه" الذى فشلت فيه فشلا ذريعا إذ قامت بأدائه وهى تحمل إكسسوار "نبّوت البلطجى" الذى لا يتماشى مع الشخصيّة ,و رغم ذلك , فلم يكن لهذا الأداء التمثيلى السخيف تأثير يذكر على حصول أمريكا على أوسكار الهيمنة العالمية حيث إنتقلت من مرحلة اختبار منظومتها العالميّه المرتديه لكساء الشرعيه والشراكه الدوليّه المحتشم الى مرحلة الاختبار العملى لمنظومتها عندما ترتدى الميكروجيب والبيكينى كمرحلة نصف تعرّى (مبدئيّة)من ثقل رداء الشراكه فى اتخاذ القرارات وتنفيذها مع الآخرين حتّى ولو كانوا من حلفائها وذلك عندما خاضت حرب البلقان بصوره أكثر انفراديّه مع ذر الرماد فى العيون ببعض فتات الشراكه مع حلفاء تقلّص عددهم عن أيّام حلفاء حرب الخليج الثانيه , وحيث أن النجاح لهذه التجربه العمليّه كان حليفها فقد قرّرت أمريكا ادخال استراتيجيّتها العالميّه الى المشهد الثالث. المشهد الثالث: وهو مشهد الفيناله مــشــهــد الاستريبتيز السياسى والتعرّى الأحادى الكامل بغض النظر عن آراء مرتادى دور السينما السياسية العالمية فى العروض والشوهات التى ستجعلهم أمريكا يشاهدونها قصرا و بالعافيه ... مع الوضع فى الاعتبار أن من لايعجبه هذا العرى السياسى لن يكون بإمكانه مغادرة دار السينما والاّ تم اعتقاله عند باب الخروج بتهمة الارهاب والمروق وتخريب النظام العالمى و...و...و....
bla bla bla bla bla bla bla bla
وبهذا...إتّجه السيناريو لأن يجعل العالم يجد أنّه من الحكمة أن يعود للجلوس على مقعده ويشاهد مشهد الفيناله مع إجباره على دفع ثمن التذكره مضاعفا ودفع ثمن الزجاجات التى ستفتحها له ساقطات و عاهرات الملهى السياسى الأمريكى , ناهيك عن أن من لن يلهب أكفّه من التصفيق عندما تظهر كلمة "النهاية" على الشاشة سيعتبر تلقائيا ليس مع أمريكا وبالتالى فهو ضد أمريكا أى مع الارهاب وضد السلام العالمى وسيتم ضمّه لقائمة زبائن جهنّم التى تقوم أمريكا باعداد قائمه بأسمائها( إمّا بنفسها أو عن طريق تسريحها لمجموعه من الموظّفين والمندوبين والأجريّه والأرزقيّه من مختلف الجنسيّات تحت مسمّيات وظيفيّه تنتمى لكوادر دوليّه مركزها الأمم المتّحده بعد أن تم وضع عروسة ماريونيت على قمّتها دون اغفال أن تكون العروسه من موديل "بربرى الصالون" امعانا فى التمويه وادّعاء التحضّر والمساواه bla bla bla bla bla) , بينما تكون فروعها هى هيئاتها ومنظّماتها المتشدّقه بالعدل والسلام وحرّية الشعوب وحقوق الانسان....الخ الخ الخ الخ الخ.....
وفى مشهد الفيناله...هذا المشهد الإستريبتيزى...تبدأ تجربة أمريكا عمليّا لمنظومتها العالميّه بصورة انفراديّة تحررها من عبء إسترضاء المجتمع الدولى .....فــــ....لماذا تنشد استرضاء المجتمع الدولى اذا كانت قادره على تنفيذ استراتيجيتها دون شراكته؟؟؟!!!!
وبهذا.....انطلقت أمريكا دون عائق ولا رادع الى قلب المنطقه التى مافتئت تحلم باختراقها , كيف لا وأفغانستان هى قلب وسط آسيا المزروع كالخازوق وسط كل القوى النوويه القائمه بالفعل والمحتمله مستقبليّا .... روسيا,الهند,باكستان, ايران, والأهم بالطبع الصين التى ستكون بذلك أمريكا تمرح فى فنائها الخلفى لتكون لزقه أمريكانى بالفعل للصين,ناهيك عن نفط بحر قزوين وما أدراك مانفط بحر قزوين ,واختراق آسيا الصغرى...و...و...و...و....بالمختصر المفيد : وليمة هيمنه حتى التخمه وشراب تسلّط حتّى الثماله.
وبذلك نجحت أمريكا فى هذا المشهد فى أن ترمى بحلف الاطلنطى فعليا فى مزبلة التاريخ بعد ان أعلنت رسميّا عن أنها هى الحلف والحلف هو أمريكا وهو ماكان معلوما سلفا ولكن دون الاعلان عنه ولكنّها الآن أصبحت "رسمى" وأفاق العالم على استراتيجيّة أمريكا العالميّه وهى تأخذ القرار من عقلها بناءا على مرئياتها ثم تنفّذه بيدها دون تشاور أو تنسيق مع أحد. و نظرا لتخطّى أمريكا مرحلة الستربتيز السياسى إلى مرحلة العهر السياسى فى مشهد الفينالة الأخير فى فيلم هيمنتها المعروف بإسم "تجيبها كده....تجيلها كده.....هيّه كده" فقد صنّفه التاريخ على أن أوّل (وربّما آخر) فيلم "بورنو" يتم عرضه علنا على شاشات جميع دور السينما السياسيّة فى نفس الوقت
و.... و..... و..... هل كنا بالأساس نطالب بالكثير !!! كل ما كنا نطلبه من أمريكا هو أن"تتشاور" معنا و تقول لنا بعد التصوير :
"ما رأيكم.... نذيع ؟؟!!"

وبالطبع –بما أننا كومبارسات مؤدّبة و تطيع المخرج الذى هو فى ذات الوقت المنتج - , فبالتأكيد كنا سنقول :

ذيييييييييع

وكل أوسكار و إنتم بخير