المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموت يبدأ من هنا..



حفيظة طعام
06/01/2009, 05:05 PM
الموت يبدأ من هنا.....





الموت يبدأ من هنا
من تحت حذائي
و من فوق قبعتي
....................
المدينة تنام خائرة القوى
في عتمة الليل.... يركبها ألف رجل
و هي لا تحدث إلا خوارا و شخيرا و استسلاما
الشوارع مغمضة العينين
يعميها العمش
بلا أشكال هي...
...................
بلا أضواء بلا أبواق سيارات
وحدي امشي تائها
أقرع الأبواب الموصدة
ووحده صوت الموت كان يرد علي ساخطاغاضبا:
"لا أحد هنا غيري عد من حيث أتيت و إلا خطفتك"
؟؟؟؟؟؟؟؟
ماذا يجني الموت من جسد كجسدي؟؟
و من روح مبهورة كروحي؟؟
أجيبه:
" أريد أن أشرب"
فيرد:
لا يوجدعندنا سوى أقداح من دم
أريد ماء
قلت:
لا يوجد غير الدم
أعود أدراجي منحيث لا أدري أنني أتيت
وفي نفسي:
يتردد ألف سؤال و سؤال:
ألا يعلم أني أبحث عن أهلي؟؟ هل أخبره أنني عطشان؟؟
هل أخبره أنني خائر القوى مسروق الصوت؟؟
أكيد هولا يفهمني
إنه لا يعلم من أكون؟؟
أكيد انه لا يعلم ...
أتدحرج نحو شوارع مدينتي...
أخرق بخطايا المبعثرة أفواهها المشرعة
التي تفوح منها روائح العفن والنتانة
أتوقف لحظة
....................
تجذبني اللافتات
بأي لغة كتبت؟
من غير خط العربية؟
أنا لا أفهم بأي لغة كتبت اللافتات؟؟
في الركن المقابل لي،
أقف عند زاوية لمحل كتب على بابه بالبند العريض وباللغة العربية:
"ادفع و ادخل مجانا"
فأدفع و أدخل
فأرى...........
" العجب العجاب"
وحدهم العساكر يحتسون شرابااحمرا
يقهقهون،
يتغنون
و يمرحون،
تفرس أحدهم في وجهي
و صوب نحوي رشاشه
ثم سرعان ما رجع إلى مكانه مقهقها ساخرا:
*انه بقايا عرب
..........................
في الركن المقابل تقبع امرأة تكشف عن نهديها
و قد التم العسكر حولها كل يرضع حسب دوره
كانت امرأة بملامح عربية
و لكن الموقف كان غربيا
الموقف كان غربيا
جافا من حياء العروبة
(...............)

الموت يبدأ من هنا.....
من صلب العربية
من موقف الغربي
و على يساري يجلس طفل على صندوق قديم
بحركات آلية يمسح الأحذية
في عينيه نار
و لكن في حركته غبار
الموت يبدأ من هنا...........
من حركات طفولتنا
المسلوبة/لجبورة/المبتورة
و على يميني يجلس شيخ،
بوقار
في يده يحرك ُسبحة
و يردد بجهار :
أنا لست عربيا
أنا لست عربيا...
و حوله شلة من رجال الدين
يرددون بعده:
صدقت
صدقت






من هنا يبدأ الموت.....
أتدحرج من جديد
أتلمس جسدي
أفتش عن ملامحي
و أصرخ :
أنا عطشان
و يرد الموت لا نملك ماء
تتطاير أحداق الدم وشظايا الزجاج وشراب الموتى وووووووو
أسمع وقع أقدام العسكر
أصرخ من جديد
فلا يسمعني إلاصوتي و أنا و الموت
لا نملك ماء
الموت يبدا من هنا
.....................
.
حفيظة
من مذكرات غرفتي
يوم 4/4/2008