المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هلوَسات قاتل



محمد مزكتلي
10/01/2009, 10:03 PM
هلوَسات قاتل
فتح أبو عارف الباب وابو عارف هذا كهل تخطى مرحلة الشباب.
يحمل لفة صغيرة بين يديه,ويرسم أبتسامة عريضة على شفتيه,ليخفي بها توتراً كان بادياً عليه.
صباح الخير ياأستاذ باكير,الطقس اليوم بارد ومطير .
قاطعه الاستاذ بكلمات غير سخية,حتى أنه لم يرد عليه التحية.
دعنا من الطقس وتحدث,هل احضرت معك المسدس؟.
ولو معلوم ياأستاذ باكير.أنت غالي علينا كتير.
وفتح أبو عارف اللفة التي في يده,وأخرج منها مسدساً دفعه إلى سيده.
إنه جاهز ومحشوا وجديد,ماعليك ياسيدي سوى التسديد.
لم يستطع الأستاذ أن تيمالك نفسه,فمد يده وختطفه بلهفة.
ثم ناول أبو عارف نقودا في لفة,وامره بالخروج ويغلق الباب خلفه.
اعتدل الاستاذ في جلسته والصق فوهة المسدس على رقبته,وتهيأ لان يفعل فعلته.
أحس.بسبابته التي على الزناد تترتجف,وبأن ريقه قد نشف.
أنزل بسرعة من يده المسدس,متضايقا من أنه خاف وتوجس.
في هذه اللحظة بالذات لن أكون جباناً أو متهالك,يكفي أنني قضيت عمري كله كذلك.
لم أنا خائف!؟.ومن من أنا خائف!؟.وعلى من سأخاف!؟.ومن علي سيخاف!؟.
أمي !هي لن تحمل همي,وسيبقى لها أربعت أبناء غيري.
قادرون على العيش إلى يوم الفناء,ذلك لانهم قبلوا أن يكونوا جبناء.
زوجتي!ستنساني هي أيضا بسرعة دون عناء,حالما تنتهي مراسم العزاء.
وستتزوج رجلا غيري,عمره أطول من عمري.
يشاركها الفراش في بعض الاحيان,ويقاسمها أياهُ في أغلب الاحيان.
أصدقائي!؟البعض منهم سيفهمني,وأغلبهم سيتهمني.
سيتهمونني بالكفر, وبأنني كنت في حالة سكر.
هه هه لن يهمني أبدا هذا اللغوا,فأتهامهم هذا لا معنى له.
ففي ظل زمان أنعدم فيه الفكر, لا فرق أبداً بين الإيمان و الكفر.
إن كلمة الكفر منحوته من عبارة كف الرأي,وقتل العلم وخنق الوعي.
فمن كُفَّ رأيه فقد كفر ومن تمرد فقد ظفر.
هناك رجل فيلسوف تمرد على مئات الالوف .
عاش منذ زمن بعيد,ومات وهو قانع سعيد.
قال في لحظة تضج بأحساسه بالحياة ملخصاً بها كل ما عبرة عنه الايات.
أنا أفكر,إذاً أنا موجود,وقوله هذا أبقاه للأن حياً و موجود.
لقد قضيت جل عمري,ولا يزال مبلغ همي.
أن استقيظ ولو للحظة من حالة السكر, لادرك تحت أي منطق أنساني برروا أغتيال الفكر.
لن يفطن لموتي احد قَط,ففي الطبيعة لا فرق بين موت إنسان و موت قط.
ناهيك على ان الاموات لا يشعرون وبمعنى الحياة الحق لا يفقهون.
إن لم انقذ حياتي بالموت واتصرف بسرعة قبل ان يفوتني الفوت.
سيجتاحني رغماً عني تيار العولمه,وسأتخبط مذعورا بين امواج العولبة.
وسأ ُحول الى علبة او لعبة,توضع خلفها لصاقة,هي في الحقيقية بطاقة.
يدون عليها تاريخ صلاحيتي ,وارقام اخرى تحدد ما قيمتي.
سنصبح جميعاً بضائع ادمية نباع و نشترى ونحتكر,وسيعود سوق النخاسة من جديد بعد ما إندثر.
وأشعر بالقرف من نفسي وبالأنسلاخ,حينما أفكر بعلم الاستنساخ ومؤكد بأني سأفقد السيطرة على بولي حينما ارى خمسة أمساخ من حولي.
يشاركونني أبوّتي وزوجتي ومالي,بحجة أنهم أنا وخالهم خالي.
لن أفوت على نفسي لذة الموت الرائعة,فهي ستصبح فيما بعد نعمه ضائعة.
عندها لن نسمع بان أحدا ولد او مات,بل سنصنف فيه إلى زمر وفئات.
منها ما هو قابل للتطويرأو التجديد,ومنها من سيرسل إلى مصنع التسميد.
ليحول إلى مكعب أدمي في نهاية المطاف,يُفاد منه في تسميد أرض بذورها نطاف,ماسأفعله ليس بالامر الفظيع.
وليس هو تمرداً أو خروجاً عن القطيع ,اريد فقط ان استحضر ثلاث لحظات رائعة,أدفع ثمنها ما بقي من حياتي الضائعة.
أشعر فيها بأنني بحرية فكرت,وبقناعة قررت,وبدون أكراه فعلت.
هيا أستجمع ثلاث لحظات من شتات عمرك الطويل,ستندم طوال حياتك إن تخاذلت أو قررت التأجيل.
أنا لست جبان أو رعديد,بل أنا أول الشجعان والصناديد.
الجبان من يخاف من وخزت إبرة,فما بالك بمن يسير بقدميه نحو قبره.
هيا يا باكيرأفعلها وكن إنسان حراُ ولو لمرة واحدة في حياتك فهذا هو الشئ الوحيد الذي تركوه لك لتمارس حريتك.
هيا يابكير تشجع قبل أن يفوت الاوان,وكفاك ما كفاك من الذل و الهوان.
هيا يابكير هيا لقد أن الاوان,لن يصيبك غضب الله فقد رفع القلم عن الحيوان.
رفع الاستاذ المسدس إلى رأسه من جديد,متسلحاً هذه المرة بعزيمة من حديد.
ترائت له صورة أمه وجدته و العمات.حينما كن يبكين أباه الذي مات.
تذكر أنه أعد لنفسه قبراً,وهو لم يعد يطيق على فراقه صبراً.
أحس بأنفاسه المتلاحقة تلهب أوداجه,وسمع صوت تبخر قطرات عرقه من على جبهته .
حبس دموعه بأجفان حديدية,كيلا تخرج وتفسد له لحظته التاريخية.
تحسس سبابته التي على الزناد,فوجدها هذه المرة تمسك به بعناد.
وفعلها...وعلى رأسه الرصاصة أطلقها,ودوى الرصاص بالصوت,معلناً أنه الموت.
وفيما هو يبارح دنيا العذاب,تهيأ له بأن احدهم قد فتح عليه الباب.
يا لسوء حظ الاستاذ باكير,لقد فتح عيناه من جديد ليرى حوله جمهور غفير.
يتطلعون إليه في عطف وملامة,يقولون له حمداً لله على السلامة.
لأول وهلة لم يدرك الاستاذ ما الذي يجري حوله,فذاك أبن عمه فؤاد وتلك أخته خولة.
هل يعقل أنهم فعلوا مثلما فعل,أم أن في عينيه سراب وزغل.
لكنه سرعان ما أدرك الحكاية وعرف بأنه قد عاد إلى البداية.
حينما رأى وجه أبو عارف من بين الحشود,يتطلع إليه ببشاشة وبرود.
ماذا فعلت بي يا أبن اللئيمة,وكيف أهدرت لي لحظاتي الثمينة, فعاجله أبو عارف بالكلام لينأى بنفسه عن الملام.
لا بأس عليك يا سيدي لابأس,مجرد حروق بسيطة في الرأس.
لقد فكرت يا سيدي في أخر لحظة,حينما رأيتك تعاني من هلوَسات اليقظة.
أن أبدل طلقات المسدس الحقيقية,بأخرى غيرها خلبية.
ولو يأستاذ باكير,أنت غالي علينا كتير.
أختنقت كلمات الاستاذ في فمه,وتمنى في تلك اللحظة أن يشرب من دمه.
لكنه صرخ عالياً في وجه من حوله,يريد ان يسمعهم قوله.
أبو عارف فكر...لقد فكر...إنه فكر...وللحظة واحدة فكر.
ولمجرد أنه فكر وهبني الحياة من جديد,هل تفهمون هذا أيها العبيد.
إن الفكر هو الحياة,وهو السلامة و النجاة.
إنه سيمة الطبيعة الإنسانية الصافية البكر.
فبربكم,قولو لي تحت أي منطق إنسانسي برروا أغتيال الفكر.

فاطمة عبيدات
10/01/2009, 10:14 PM
قولواااااااااا لي:تحت أي منطق إنساني قرروا وبرروا إغتيال الفكر،
أحزن على نصكَ،وعلى نفسي،وعلى كل موقنٍ لهذه الحروف،
عندما قال:ديكارت،انا أفكر إذاً أنا موجود،إنطلق من كونة شيخ الفلسفة العصرية،القائمة على رفض كل ما جاء به غيره من تراجم وكتب وفرضيات والنهو

فاطمة عبيدات
10/01/2009, 10:19 PM
قولواااااااااا لي:تحت أي منطق إنساني قرروا وبرروا إغتيال الفكر،
أحزن على نصكَ،وعلى نفسي،وعلى كل موقنٍ لهذه الحروف،
عندما قال:ديكارت،انا أفكر إذاً أنا موجود،إنطلق من كونة شيخ الفلسفة العصرية،القائمة على رفض كل ما جاء به غيره من تراجم وكتب وفرضيات والنهوض بالفكر والعقل البشري على أساس مبدأ التشكيك.
(انت تفكر،أنت كافر) شعار هذا العصر،
أنت تهزُ الرأس كالشاه المنساقةِ وراء سالخها،أنت سيد الفهم والفهمانين.
أعلمُ بأن الموتَ يشفقُ علينا،
فنحنُ نموتُ أمام ناظريه ترليونات المرات،
واللهي إن كان الأدب الساخر ساخراً،
ماذا بقي لدينا لنخبر الواقع،على أنه واقع؟!.
أو لعلَّ سقراط،في مبدأه الشهير،الأكثر ذكاءً هو الذي يعرف بأنه لا يعرف.
لعلَّ سقراط،يحتذي بنا،
لبنى لنا قصوراً من الفذلكات الفارغة،فهو لا يحتاج للتفكير
كحال الكل الآن
هو الملك
ولكنه غير هذا،هو الفيلسوف
تحيتي

نادية حسين
20/01/2009, 11:59 AM
لله درك ياأخي محمد ابدعت
ولاعدمناك