المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جزء”من رواية قلب العدو” //حسين راشد



حسين راشد
14/01/2009, 04:16 AM
من رواية قلب العدو
حسين راشد
http://www.arabswata.org/forums/imgcache/5385.imgcache.jpg?v=0
ابتسم الجميع وتأبط القائد ( شريف) الطبيب حتى ركبا السيارة .. والطبيب يلحظ تغير طباع القائد و بساطة تعامله التي لم يتعود عليها ولم يسمع بها عنه .. ثم قال في نفسه ربما تكون تلك من سيناريوهات العمل السري.

أوصلهم الكهل إلى المنزل وعاد لينام في المسجد ..وضع الطبيب رأسه على مسند الأريكة في مدخل المنزل ناظراً إلى السقف .. فجاذبه القائد الحديث ضاحكاً ..

- أتدري هوية هذا الرجل ؟

- لا سيدي .. لكنه من الواضح أنه عميل لكم

- ليس بالضبط .. ولكنه كالحرباء بارع في تقمص الشخصيات .. يتلون ويتشكل حتى أننا لا نستطيع أن نصدقه أو نكذبه .. المهمة السابقة كان قساً في كنيسة بمدينة . يدعو للتسامح ويجذب حوله من يؤمنون بهذا التسامح ويهبط عزائم من استفزتهم الأحداث بوعود الجنة و لقاء المسيح المخلص الذي سيخلص العالم من شرورنا.. و اليوم شيخاً وإماماً لمسجد وحتماً سيفعل بمثل هذا .. و يقول الإسلام دين سلام .. و يذكر لهم من قرآنهم ما يؤكد على هذا السلام ودعوته بين البشر - تتعالى ضحكاته ويتابع - ألا يثير ذلك الضحك .. هؤلاء العرب عندهم عيب خطير ..

- ما هو يا سيدي

- يأمنون لمن لبس رداء الشرف وكأن الرداء يصنع الشرف و يولد الأفكار ويطرح الإيمان .وينسون سريعاً. مشكلتهم تكمن في الإفراط بالعاطفة ..واعتمادهم على رمز لا يعرفون من يصنعه , هي نقطة الضعف الحقيقية التي نتلاعب بها ونرتكزعليها

- كيف سيدي

- العاطفة يا صديقي ( ماهر) هي الحب والكره ..لا علاقة لها بالفكر .. بل على العكس تماماً فهي توقف هذا العقل ..- ويشير إلى رأسه .. ويكمل - إذا أحببت أصبحت ذليلاً لمن تحبه تابعاً لا متبوعاً وإذا خاصمت فجرت و مهمتنا تكمن في أن نتلاعب بهذه العواطف حيثما كانت .. فحبهم لوطنهم يجعلهم دائماً لا يتنازلون عنه .. فنتمسك نحن . فيثورون فيخطأون ..يصدقون أي داع .. فيدافعون بشتى الوسائل السلمية الكلامية العاطفية التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. نستدرجهم بالكلام فيثورون ..فيرى العالم همجيتهم .. ثم يحاولوا أن يكونوا مثلنا نستدرجهم.. فيأتون ليتفاوضوا .. فنأخذ ما نريد منهم من تنازلات .. ثم نقول لهم أن هذه الأرض تاريخياً لنا وسنترك لكم تلك . فيغضبون ..نأخذ نحن الأرض وهم يتناطحون ..من كان يتفاوض معنا يلعنه من رفض . و يتنابزون بالخيانة فيسقطون في شرك العداء .. نتدخل نحن كمصلحين .. ونأخذ أرضاً جديدة لنفك أواصرهم و اتصالهم ببعضهم حتى لا يتحدون .. وهكذا ..نمجد بعضهم فيزحفون إليه مهرولين مستنجدين .. فنسحقه .. تعود الكرة .

- لم أفهم جيداً سيدي .. أقصد يا شريف

- هأ .. هأ . هأ .. من الأفضل أن تكون أخرس كي لا تفضح أمرنا .

- لن أكررها .. سأتذكر أنني أخرس .. سأضع على لساني مادة تعيقه عن التحدث حينما يكون الأمر ملزماً .. لدي عقاقيري .. فلا تقلق سيدي ..

- حسناً فلتأخذها من الآن .. حتى لا تشتت تفكيري تصبح على خير.

ينقبض قلبه وينبسط … فيبتسم .. ويقول : مجرد تفسير منطقي لا اكثر .. غداً سترى ..

- حسناً سأخلد للنوم سيدي فاليوم كان يوماً مرهقاً .

- حسناً أذهب للغرفةالمجاورة , وكن مستعداً.

- دائماً تحت أمرك سيدي

ذهب الطبيب و بقى القائد في ذهول وترقب .. يحاول فك طلاسم اليوم وما آلت إليه احداثه بهذه السرعة الفائقة.

زاغت عينيه لتحتضن صورة صباح بكامل تفاصيلها , يقبض على صورتها برموشه, تتسرب الذكريات من القلب وتتدفق المشاعر بأوردته في صعودها إلى الذاكرة الجديدة , تنحني أوردته لجلال المشاعر الطائرة المغيرة عليه في استسلام ورضاء,

تبتسم مسام وجهه فتفرد كسراته التي عتقتها مشاعره الجامدة وصرامة عقد من الزمن لم يُحمل تلك المسام سوى الأوامر العسكرية والعمليات القتالية العنيفة حتى تجعدت .

نسماتها العابرة تنعش بوصيلات شعره من رأسه إلى إخمصه يشعر وكأن رياح باردة سالمة اجتاحته , يسلم نفسه للغوص بها , يبتسم ويصرح بلسانه لنفسه - هذه أولى اعترافاتي بهزيمة- , عينيها التي تشبه إلى حد كبير ثمار شجرة الزيتون التي رآها عندها , تتلألأ داخله , تسحبه لعالم لم يكن ليصدق - أنه واقع - , يشعر بنسمات الهواء من حوله تعزف ألحاناً كلاسيكية رقراقة . يتمايل معها حتى تغفو عيناه تتوحد اعضائه في مرونة الرياح وتموجها , يشعر بالسكينة التي لم يعرفها من قبل . تُغلق عيناه لأول مرة مطمئنة.

خليف محفوظ
17/01/2009, 08:56 PM
مررت من هنا ، كان مقطعا جميلا ، عميقا في طرحه .

بعض العبارات تحتاج إلى مراجعة لغوية

منها " نتدخل نحن كمصلحون " ... كمصلحين ...


" أن تكون أخرسا " ... أخرس ...


في انتظار البقية

تحيتي و تقديري

حسين راشد
18/01/2009, 06:38 PM
أخي الروائي الأستاذ خليف محفوظ
أشكرك على هذه القراءة .. كما أشكرك على تفاعلك مع النص و لفتاتك اللغوية الصديقة
عميق شكري واحترامي