المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آليات توثيق جرائم العدوان الإسرائيلي علي غزة *



غالب ياسين
06/02/2009, 07:42 PM
لقد أفرز العدوان علي غزة العديد من المتناقضات علي المستوي الدولي والإقليمي والوطني‏,‏ ودلل علي ان عبارات الشجب والإدانة لم تعد وحدها مجدية‏,‏ وأن هناك واقعا مريرا علي الساحة الدولية يجب أن نتعامل معه باستراتيجيات واقعية عملية‏,‏ وإحدي هذه الاستراتيجيات هي الاستراتيجية القانونية الفاعلة‏.‏ لقد اثبتت الأحداث خلال السنوات الأخيرة أن القانون الجنائي الدولي أضحي سلاحا ذا حدين‏,‏ فمن ناحية يمكن استخدامه في إرساء مباديء العدالة الجنائية الدولية‏,‏ ومن ناحية أخري يمكن تطويعه لفرض أشكال السيطرة والهيمنة علي دولة أو دول بعينها‏.‏
ومؤدي ذلك أن سلاح القانون الجنائي الدولي يجب أن يستخدم بطريقة عملية فاعلة بعيدا عن الانفعالات العاطفية والآمال الكاذبة‏.‏ وباديء ذي بدء لابد ان نحدد نقطة الانطلاق في التعامل القانوني مع العدوان علي غزة‏,‏ وذلك بتحديد المصطلحات القانونية المناسبة لوصف هذا العدوان ونتائجه‏.‏ وكما شاهدنا فقد استخدمت وسائل الإعلام العربية عبارة الحرب علي غزة لوصف ما صدر عن جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة‏,‏ بينما كان يجب أن يطلق عليه وصف الحرب العدوانية أو العدوان علي غزة‏,‏ لأن وصف الحرب وفقا لقوانين وأعراف الحروب يطلق فقط علي حالة النزاعات المسلحة وما تنطوي عليه من قواعد للاشتباك والقتال بين جيوش نظامية وما حدث في غزة بطبيعة الحال يخالف ذلك‏.‏ كما شاهدنا في الآونة الأخيرة العديد من المتخصصين وغير المتخصصين في العالم العربي يلوحون بضرورة محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بلاهاي ويطالبون المدعي العام لها بالتحرك للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال أثناء العدوان علي غزة‏.‏ وهذا يشكل مثلا حيا لما قصدته بالآمال الكاذبة التي لا تصادف صحيح الواقع أو القانون‏.‏ فوفقا للمادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ينعقد الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية علي الجرائم التي ترتكب في أقاليم الدول الأطراف في هذا النظام أو من أشخاص يحملون جنسيتها أو إذا قبلت دولة غير طرف الخضوع لهذا النظام‏,‏ ومن ثم فإن المدعي العام لا يملك تحريك الدعوي إلا إذا توافر أي من هذه الشروط لممارسة الاختصاص‏,‏ وبذلك ينحسر اختصاص المحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم التي تم ارتكابها في غزة من قبل القوات الإسرائيلية‏,‏ فإسرائيل ليست طرفا في نظام المحكمة‏,‏ والإقليم الذي ارتكبت به تلك الجرائم لا يخضع أيضا لسيادة دولة طرف لأن السلطة الفسلطينية لم تمنح بعد سلطات الدولة المتطلبة للتصديق علي مثل هذا النظام‏.‏ إلا أنه تجدر الإشارة إلي أن عدم انضمام دولة إسرائيل إلي اتفاقية انشاء المحكمة الجنائية الدولية لا ينفي مسئوليتها الدولية عن تلك الجرائم‏.‏ فجميع الأفعال المتقدمة أضحت مجرمة دوليا ليس فقط وفقا للاتفاقيات الدولية السارية‏,‏ بل أيضا وفقا لقواعد القانون الدولي العرفي الملزم الذي تحرم قواعده المستقرة ارتكاب مثل تلك الجرائم الدولية وترتب المسئولية الدولية علي الدول التي تقترفها والمسئولية الجنائية الفردية للأشخاص المسئولين عن ارتكابها سواء كانوا من ذوي السلطة أو من الأشخاص العاديين‏.‏

التساؤل الذي يطرح نفسه علينا الآن هو‏:‏ ما الذي يجب أن نفعله من الناحية العملية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين؟ وفي اجابتنا عن هذا التساؤل‏,‏ من خلال الإطار القانوني الذي نلتزم به في هذا المقال‏,‏ نقترح الخطوات الآتية‏:‏

أولا‏:‏ يجب إقامة الدليل أمام المجتمع الدولي علي ارتكاب القوات الإسرائيلية لجرائم دولية‏(‏ جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية‏)‏ في عدوانها علي غزة خلال المحافل الدولية ووسائل الإعلام‏,‏ مع الاستناد في ذلك إلي تصريحات المنظمات الحكومية وغير الحكومية‏,‏ التي أكدت استخدام القوات الإسرائيلية لأسلحة محظورة دوليا‏.‏

ثانيا‏:‏ يجب تعديد الأفعال الإجرامية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة وتحديدها وتوصيفها بدقة مع نسبتها إلي المسئولين عن ارتكابها بدءا ممن نفذوها من أفراد الجيش الإسرائيلي وصعودا إلي القادة الميدانيين والقادة العسكريين والسياسيين الذين خططوا لها وأمروا بارتكابها‏,‏ وفقا لمبدأ القيادة التسلسلية وصولا إلي تحديد المسئولية‏(‏ الجنائية‏)‏ التسلسلية‏.‏

ثالثا‏:‏ يجب سرعة اتخاذ الاجراءات الفورية لجمع الأدلة المادية وأقوال شهود العيان وحفظ الأفلام والصور الفوتوغرافية الدالة علي ارتكاب الأفعال الإجرامية المتقدمة ـ طبقا لأعلي المعايير الدولية المعمول بها أمام المحاكم الجنائية الدولية الحالية ـ مع الاستعانة في ذلك بخبراء محليين ودوليين وأرشفة وتوثيق تلك الأدلة وإنشاء ملفات خاصة لها تبوب بها الوقائع المختلفة تبعا لأنماط الجرائم المرتكبة تمهيدا لتقديمها للمحاكم المختصة‏,‏ علي النحو الذي سوف يرد لاحقا‏.‏

رابعا‏:‏ اللجوء إلي الآليات المناسبة للتحقيق في تلك الجرائم وتحديد المحاكم الدولية المختصة بها‏,‏ ويمكن التعويل في ذلك علي قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان الصادر أخيرا‏,‏ بالمطالبة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لما حدث بغزة‏.‏ كما يمكن ايضا في ذات السياق أن تلجأ الدول العربية والإسلامية إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إستصدار قرار يدين الجرائم الإسرائيلية ويؤدي إلي ملاحقة مرتكبيها‏,‏ وبصفة خاصة في ظل إدانة أمينها العام لما ارتكبته القوات الإسرائيلية في قطاع غزة‏.‏ وسوف يمهد ذلك للجوء إلي مجلس الأمن لمطالبته بإنشاء محكمة جنائية مؤقتة أو خاصة لمحاكمة المسئولين عن تلك الجرائم‏.‏

خامسا‏:‏ سوف يبقي دائما خيار اللجوء إلي المحاكم الوطنية التي تطبق مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي مثل محاكم أسبانيا وبلجيكا ونيوزيلندا وفرنسا وألمانيا متاحا‏,‏ حيث يتيح لها هذا المبدأ بسط اختصاصها القضائي علي مرتكبي جرائم الحرب وجرائم الابادة الجماعية وإن لم ترتكب في أقاليمها أو من مواطنين يحملون جنسيتها‏,‏ اعمالا لنص المادة‏146‏ من اتفاقية جنيف الرابعة لعام‏1949‏ بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب‏,‏ والمادة الخامسة من اتفاقية منع جرائم إبادة الجنس البشري والعقاب عليها لعام‏1948,‏ علما بأن إسرائيل نفسها قد استندت إلي هذا الاختصاص القضائي العالمي عند محاكمتها أحد نازيي الحرب العالمية الثانية المسئولين عن ارتكاب جرائم ضد الانسانية وإبادة جماعية ضد اليهود ويدعي أيخمن وحكم عليه بالإعدام‏.‏ إلا أن التعويل علي هذا المبدأ سوف يستتبع دراسة تشريعات الدول التي تأخذ به لمعرفة قواعد إقامة الدعاوي الجنائية أمامها‏,‏ وتحديد الفئات التي تتمتع بالحصانة من تلك الدعاوي‏.‏

سادسا‏:‏ ضرورة إعداد إحصاءات دقيقة بعدد ضحايا العدوان علي غزة من قتلي ومصابين‏,‏ مع وصف إصاباتهم وما لحق بهم من أضرار أخري مادية ومعنوية بدقة‏,‏ تمهيدا للمطالبة بالتعويضات القانونية أمام المحاكم المختصة‏.‏


--------------------------------------------------------------------------------

مستشار بمحكمة النقض.


*نقلاً عن جريدة الأهرام المصرية.

غالب ياسين
06/02/2009, 07:45 PM
محمد جمال عرفة

في ظل المجازر المتكررة التي شهدها العالم وآخرها الحرب الإسرائيلية الدائرة حاليا في قطاع غزة أصبح من الضروري تعريف المواطن حقوقه القانونية الدولية والصلاحيات التي تعطيه الحق لرفع دعاوى قضائية أمام أية محكمة لرفض الجرائم المصنفة ضمن جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية أو ضد الجنس البشري، وجرائم الإبادة الجماعية.

وهنا من المفيد تقديم دليل للمواطن كي يستفيد منه في التعرف على كيفية القصاص من مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين أبادوا أكثر من ألف فلسطيني، وأصابوا قرابة خمسة آلاف.

وتبدأ هذه العملية الشاقة بتسجيل الوقائع، وتوثيق الجرائم والشهادات للأطباء والضحايا بالصوت والصورة، وتحديد أسماء المجرمين والسلاح المستخدم، ثم معرفة كيفية رفع الدعاوى والأدلة القانونية والمحاكم التي يمكن رفع القضايا أمامها.

وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية أشارت يوم الإثنين الماضي أن المستشار القانوني للحكومة (ميني مازوز) يستعد لـ "موجة من الدعاوى القضائية" في دول مختلفة ضد إسرائيل؛ بسبب الحملة في غزة.

خطوات المحاكمة

ولخص خبراء قانون لـ"إسلام أون لاين.نت" خطوات محاكمة المجرمين الصهاينة في أربع خطوات رئيسية هي:

1- توثيق ورصد أدلة الجرائم، سواء كانت أدلة طبية (آثار استخدام أسلحة محرمة دوليا مثل الفسفور الأبيض أو القنابل) من خلال الأطباء في مستشفيات غزة، أو أدلة مادية بواسطة الخبراء العسكريين والكيماويين (شظايا القنابل، أو تحليل التربة والهواء... إلخ)، أو تصريحات للقادة الصهاينة حول الأهداف في غزة المتصلة بالجرائم.

2- رصد شهادات مسئولي المنظمات الدولية في غزة ممن فضحوا جرائم الحرب والذين سيكونون من أول شهود الإثبات مثل "جون جينج" رئيس عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بقطاع غزة، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر "جاكوب كيلنبيرجر"، وكذلك رصد أنواع الأسلحة المحرمة التي استخدمت في الحرب مثل الفسفور الأبيض، وقنابل الحرارة والضغط الفراغية (thermobaric)، والقنابل الوقودية الهوائية (fuel air bombs)، والقنابل الصغيرة، والمتفجرات المحشوة بالمعادن (DIME).

3- تحديد العناصر السياسية أو العسكرية الإسرائيلية التي ستوجه لها الاتهامات؛ باعتبار أن محاكم جرائم الحرب "فردية" تقتصر على محاكمة أفراد لا دول.

4- تحديد الجهات التي سوف تتولى رفع القضايا على مجرمي الحرب (محامون – هيئات قضائية)، والجهات القضائية التي سيجري رفع القضايا أمامها ( المحاكم المحلية – الأوروبية – الجنائية الدولية).

أولا: رصد الأدلة

الخطوة الأولى الهامة على طريق تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحاكمة هي توثيق الأدلة عبر الأطباء الذين واجهوا حالات غريبة لمصابين وشهداء.

وفي هذا الإطار قال الدكتور إبراهيم الزعفراني أمين عام لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب فى خطاب موجه للجامعة العربية 11-1-2009 أن وفد أساتذة طب جامعات مصر وبعض الخبراء العالميين المتطوعين بغزة قد لاحظوا أن معظم الجرحى بهم حروق وإصابات نتيجة استخدام أسلحة محرمة دوليا.

وقد أبلغ أطباء مصريون دخلوا غزة اللجنة بأن إسرائيل تستخدم أسلحة كيماوية محرمة دوليا وفسفورا حارقا، وأن هناك أدلة طبية على ذلك مثل تعرض المصابين بمرض اللوكيميا (سرطان الدم) للنزيف الحاد بفعل الغازات السامة والمسرطنة المستخدمة في الأسلحة المحرمة وهو دليل طبي ملموس، فضلا عن التهابات الرئتين والحروق الكيماوية الناتجة عن غازات مهيجة وسامة في الجو، وهؤلاء مستعدون للشهادة أمام المحاكم الجنائية الدولية على هذه الجرائم الصهيونية.

ورصد أطباء الصليب الأحمر الدولي شهادات عن قصف سيارات إسعاف وقتل قرابة 15 من الأطقم الطبية بغزة بها، علما أن منظمات دولية مثل الأونروا والصليب الأحمر طالبوا بتشكيل لجان تحقيق دولية في الأسلحة المحرمة.

كما صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 12 يناير الجاري على قرار يدين الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة، واتهم إسرائيل بارتكاب انتهاكات "خطيرة" لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، مطالبا بتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق فى الانتهاكات الإسرائيلية.

ومن بين شهود العيان الطبيب النرويجي "مادز جيلبرت" ويعمل متطوعا في مستشفى الشفاء بغزة الذي قال: "إن شكل الإصابات التي تصل إلى المستشفى يشير إلى احتمالية استخدام إسرائيل لقنابل الكثافة المعدنية الخاملة دايم (DIME) والتي تحدث ثقوبا في الأوعية الدموية وإصابات قاتلة لا ترى بالعين المجردة، ولا يكتشفها الأطباء، وتسببت في ارتفاع عدد حالات بتر الأرجل".

أما الطبيب النرويجي "مادس غيلبرت" الذي أمضى 10 أيام في غزة فقال: إن قوات الاحتلال الاسرائيلي "ربما تختبر أسلحة جديدة في القطاع"، مشيرا إلى دراسات تؤكد أن هذه الأسلحة تتسبب بسرطانات قاتلة خلال أشهر.
الدكتور باولا ماندوكا أستاذ علم الوراثة بجامعة جنوة بدوره قال: إن "شهادات الأطباء والخبراء الواردة من غزة تشير إلى تشابه في جروح أطفال غزة وأطفال لبنان في حرب يوليو 2006، بالإضافة إلى ظهور أسلحة جديدة في حرب غزة لم يسبق استخدامها في لبنان".

ثانيا: شهادات المنظمات وأنواع الأسلحة

هذه المرحلة مطلوب فيها -لضمان قدر أكبر من المصداقية والتوثيق- تسجيل شهادات مديري ورؤساء المنظمات الدولية في غزة والأطباء الأجانب مثل "الأونروا" و"الصليب الأحمر" و"مجلس حقوق الإنسان" العالمي، وشهادات جهات طبية أوروبية ووفود برلمانية أوروبية دخلت غزة لفترة قصيرة؛ لأنها دليل محايد يعزز شهادات الجرحى والأطباء العرب أو الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، من المفيد التعاون مع حوالي 90 منظمة معظمها فرنسية أعلنت اعتزامها تقديم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم الحرب الإسرائيلية خلال العدوان على قطاع غزة، والتواصل مع معد الدعوى "المحامي جيل دوفير"، وكذا المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة.

وبالإضافة إلى ذلك، من المهم توثيق أنواع الأسلحة المستخدمة كي يمكن مطابقتها بالمقررات الدولية، وإثبات أن هناك خرقا للاتفاقيات والقوانين الدولية، وأبرز هذه الأسلحة وفق الأطباء والخبراء:

1ـ الأسلحة الكهرومغناطيسية أو أسلحة المايكروويف (أسلحة الطاقة المباشرة):

فالتشوهات والإصابات التي رصدها أطباء المستشفيات في غزة أظهرت أنها عوارض لهذا السلاح المحرم تظهر في صورة تشويهات غير طبيعية للجثث وحرقها وإذابة الجلد مخترقة العظام، وهذا النوع من الأسلحة يتسبب في تقطيع أوصال الأشخاص المستهدفين وظهور حروق في أجزاء مختلفة من أجسادهم.

2 - قنابل الحرارة والضغط الفراغية (thermobaric) والقنابل الوقودية الهوائية (fuel air bombs):
هذا النوع من الأسلحة يظهر أثره في انهيار الرئتين وتوقف في القلب من دون أسباب واضحة، بالإضافة إلى نزيف في الدماغ، وتفتت أو تفجر أعضاء الجسم الداخلية.

3- الفسفور الأبيض:

وهذه القنابل تظهر في هيئة جروح مختلفة وحروق من الدرجة الثالثة تمتد من الجلد نحو الأعضاء الداخلية ويصبح من المستحيل علاجها في بعض الأحيان، وهناك اعتراف رسمي إسرائيلي باستخدامها.

4ـ القنابل الصغيرة والمتفجرات المحشوة بالمعادن (DIME):

وهي عبارة عن قنبلة صغيرة القطر، عدلت لإدراج مركب في حالة كثيفة ومعادن خاملة متفجرة (DIME) في داخلها؛ مما يجعلها قادرة على الوصول بدقة قاتلة والانفجار ضد الأهداف السهلة مع انخفاض مذهل للأضرار الجانبية، وهي تحدث جروحا غريبة تتمثل في بتر للرجلين واليدين ووفيات غير مفهومة بعد أن يكون الأطباء قد عالجوا الجروح الظاهرة.

ثالثا: تحديد أسماء المجرمين

وهذه الخطوة تستهدف تسجيل أسماء مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين الذين سيجري مطاردتهم قضائيا في العالم، سواء كانوا قادة سياسيين أو عسكريين، باعتبار أن محاكم جرائم الحرب "فردية" تقتصر على محاكمة أفراد لا دول.

وهنا يمكن رصد وتحديد بدقة شديدة أسماء المسئولين، سواء السياسيون المسئولون عن إصدار قرار الحرب مثل رئيس الوزراء المستقيل إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك.

رابعا: المحامون والهيئات القضائية

وتأتي هنا الخطوة الأخيرة وهي عملية رفع الدعاوى، سواء من الضحايا أو من حكومات عربية أو من محامين أو هيئات قانونية ودولية سجلت اعتراضها على هذه الجرائم، ثم تحديد المحاكم التي يمكن رفع القضايا أمامها، وينصح الخبراء القانونيون بالتحسب لازدواجية المعايير الغربية بشأن معايير حقوق الإنسان والتواطؤ الغربي تجاه جرائم الحرب الإسرائيليه، والذي سمح سابقا في إفلات رئيس الوزراء السابق إريل شارون من المحاكمة في بلجيكا.

ويؤكد الخبراء أن قوانين 125 ?دولة من دول العالم تسمح بمحاكمة مجرمي الحرب الدوليين وعلى رأسها دول أوروبية كبرى مثل بريطانيا والسويد وألمانيا وفرنسا، وأن أركان جرائم الحرب كما وردت في القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الأربعة متوافرة في قادة تل أبيب من حيث القتل المتعمد للأطفال والنساء وضرب أهداف مدنية عمدا مثل سيارات الإسعاف والمساجد ومخازن الطعام والوقود وغيرها من الأهداف المحمية بالقانون الدولي الإنساني ويشكل استهدافها جرائم حرب، فضلا عن قصف مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة نفسها واستخدام أسلحة محرمة.

والجهات التي يمكن تقديم مذكرات محاكمة واعتقال عن جرائم الحرب الإسرائيلية أمامها هي: المحاكم المحلية العربية، والمحاكم الأوروبية، والمحكمة الجنائية الدولية عبر تحريك المدعي العام للمحكمة (أوكامبو) الدعوى ضد القادة الإسرائيليين بناء على شكاوى عربية، ولأن أوكامبوا رفض دعاوى قدمت له بشأن غزة، كما أن المحاكم العربية عليها ضغوط من السلطة، فالأنسب هو محاكم الدول الأوروبية، بحسب الخبراء.

ويؤكد د.السيد مصطفى أستاذ القانون الدولي أن الدول التي لها حق تحريك الدعوى الجنائية ضد إسرائيل هي: (الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الأربعة 1949) والتي يبلغ عددها 141 دولة و(الدول الأطراف في البروتوكول الأول 1977) والتي يبلغ عددها 146 دولة، و(الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها 1948)، و(الدول الأطراف في اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية 1968)، و(الدول الأطراف في اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بقوانين وأعراف الحرب 1907)، و(الدول الأطراف في ميثاق الأمم المتحدة 1945)، و(الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998)، بحيث يمكن لأي من هذه الدول أن تحرك الدعوى الجنائية ضد قادة وأفراد الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية.

أما المحاكم المختصة بمحاكمة قادة إسرائيل فهي: محاكم الدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف -المحاكم الدولية الخاصة- المحاكم الوطنية - المحكمة الجنائية الدولية.

وتسمح القوانين الوطنية في العديد من الدول الأوروبية بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان بغض النظر عن المكان الذي ارتكبت فيه، مع تفاوت في الدول وفق ارتباط مصالحها بإسرائيل، وهو ما ظهر عند التصويت على قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي دان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واتهم تل أبيب بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الفلسطيني والذي امتنعت ??? دولة أوروبية عن التصويت عليه.

وهناك سوابق مشجعة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة؛ حيث استفاد ناجون من مذابح صبرا وشاتيلا من القوانين الأوروبية، ورفعوا دعوى ضد رئيس وزراء إسرائيل السابق "إريل شارون" أمام محكمة بلجيكية عام ? ????? لمحاكمته على جرائمه، ولكن الضغوط الأمريكية والصهيونية انتهت لرفض محكمة الاستئناف البلجيكية القضية في يونيو ?????? بحجة أن قانون المحكمة لا يجيز محاكمة شخص لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، إلا إذا كان هذا الشخص وقت رفع الدعوى متواجدا على الأراضي البلجيكية، وهي نفس الحجة التي أخذت بها محاكم ألمانية.

أيضا قررت محكمة بريطانية إلقاء القبض على الجنرال "دورون الموج" القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي إثر دعوى رفعها ضده المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اتهمه فيها بارتكابه جرائم حرب في غزة، خلال مجزرة حي "الدرج" في 15 يوليو ?????؛ ما دفعه لإلغاء زيارته للندن.