المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيدة الدلال تفعل المُحال ..!!



محمد السنوسى الغزالى
26/02/2009, 06:45 PM
سيدة الدلال تفعل المُحال ..!!

امرأة أربعينية..مكتنزة..ملآنة..عيناها خضراوان ، خداها يقدحان حمرةً ، ترتدي الحجاب المتناسق الألوان مع الجلباب..وتتحدث بصوت رخيم متبتل أشبه بصوت منشدة في باحات الكنائس ( لست ضد الحجاب أو حتى معه!! ليس موضوعنا) تتحدث هذه الفاتنة عن الدواء الناجع للسحر من القران الكريم..وتدعو الناس بلكنة عربية مهشمة إلى الله سبحانه وجل جلاله..وتقرأ القرآن بحروف مكسرة تنصب كما تشاء وترفع كما يحلو لها نكاية في سيبويه العظيم وكل ألسنة العرب!! والله قد انزل محكم الكتاب بلسان عربي ( غير ذي عوج)..وتدعو هذه المكتنزة إلى محكم الكتاب بانتقائية عجيبة!!؟؟...سيدة على هذا القدر من الدلال المستتر متفرغة لعدة ساعات وبجانبها مذيعة نصف عارية وشعرها مسترسل ( لست ضد العرى أيضا أو معه فليس موضوعنا)!! ولكني ضد التدلل بحجاب إسلامي له شروط ( وفق منظور من أوجده)..لعدة ساعات متفرغة تدعو إلى الله سبحانه وتعالى وترسل الوصفات حول أمراض العقم والسحر والشعوذة للمشاهدين!!..وتعرض هذا الإبهار لإقناع المشاهد برهبنتها وتطوعها وخدمتها لوجه الله تعالى!! ونحن المشاهدون المساكين نظن أيضا أن هذا التعب لوجه الله!!.. والحكاية في أصلها لعبة إعلامية مفضوحة وإعلان مدفوع الثمن من قبل محلات العطارة..لكنه مع ذلك لعب إعلامي عربي متخلف وغبي !!مقياسه الاعتماد على إبهار ربات البيوت( خصوصا) لمتابعتهن هذا الهراء بالساعات ..الأمر الذي يهز أركان اقتصاديات أسر محدودة الدخل لا ينقصها غول يلتهم دراهمها تحت رسم دعاية مفضوحة لمحلات الأعشاب التي يزعم أنها طبيعية في بعض أقطار الوطن العربي .. والميزة المضحكة المبكية أنه يبدو أنها دعاية مجانية بالنسبة للعطارين في ليبيا فهم يقبضون على خلفية هذا الهراء ومجانا دون أن يدفعوا..ليس لأنهم لا يريدون الاشتراك في هذه اللعبة السمجة ولكننا في ليبيا والحمد لله ليس للدعاية هذا القدر من الإبهار الذي يستحلب الجيوب..ولذلك فالدعاية في ليبيا من البضائع الكاسدة... المهم هذا آخر ما وصلت إليه وتفتقت عنه العقلية العبقرية الإعلامية العربية في استغلال الفضائيات وفى عصر الانترنت المتسارع والقرية الصغيرة ..هو : تخصيص قنوات فضائية للتعويذات القابلة لعلاج كل الأمراض بما فيها الأمراض التي لم يصل العلم حتى الآن لحلول لها..وكأنه ينقصنا تخلف وأوهام وضحك على الذقون أكثر مما هو سائد من عروض فضائية مقرفة.. وإعلانات بائسة ومدفوعة الثمن سلفا لنساء ورجال برسم البيع أيضا..يرمون الودع ويحلون مشاكل الزواج والتأخر فيه ويستدعون الغيبيات..ويعرفون أكثر مما يعرف الناس..ومع أن الأمراض العربية المستعصية كثيرة في الجانب السياسي والاقتصادي خصوصا..غير أن هذه القنوات المستحدثة تركز على أمراض النساء وتفاصيلهن الاجتماعية والضرب على أوتار حساسة لدى المرأة العربية !! لاستنزاف وارداتها ورميها في فم تنين كبير اسمه ( العطارة!!)...ويبدو أن مجموعة من العطارين هم أصلا مؤسسي هذه القنوات ، فهي دائما لديها الوصفات الطبية الجاهزة..كما لدى السيدة المكتنزة الفنجان الذي تقرأه للمشاهد أيضا..فكل الأمور متاحة وكل الاحتمالات واردة فقط المطلوب الاسم الكريم واسم الأم لكي تنجح التعويذة...وقد يكون بعض المتصلين على اتفاق مع القناة ليقع في الفخ الآخرون الذين يتصلون من بعدهم أو من قبلهم وذلك لإثبات مصداقية قراءة هذا الودع السحري...وليس خافيا أيضا أن لعبة الاتصالات لها نوافذ أخرى فهناك شركات عالمية تدفع عمولات للفضائيات مقابل هذه الاتصالات التي تصل أعدادها إلى الملايين وهى ذات اللعبة التي تمارس على المشاهد في المسابقات التي ترصد لها جوائز بالآلاف وأحيانا بالملايين ويدفع فيها لفائز واحد مقابل ملايين من الدولارات التي تتلقاها الفضائية عمولات للاتصالات...وما يزال هناك الكثير من السذج الذين يصدقون أن الإنفاق على الجوائز هو الآخر لوجه الله تعالى !! فكم من الجرائم ترتكب باسم الصدقات والمنح؟؟؟وكل هذا من أجل تثقيف وتسلية وراحة المشاهد العربي ليس إلا!! وان هناك بعض الأثرياء العرب على استعداد للتضحية بأموالهم من أجل نقل هذا المواطن من التخلف إلى التقدم!! رغم أنف ما يحتاجه أبناء فلسطين في كل مطلع شمس!!! الآن قد اكتشفوا لعبة أخرى للإلهاء..ولعبة ليست ككل لعبة..للشد إلى الوراء...لعبة أمر وأدهى ..هي لعبة ( الودع) ودغدغة القلوب المكلومة التي تراكمت عليها أمراض الزمن وتصاريفه..ساعات يجلسها المشاهد ( خاصة ربة البيت) للبحث عن الحظ السعيد والدواء الناجع للزوج حتى لا يبحث عن مخدع آخر..بالرغم من أن بحث هذا الزوج لا تفلح فيه كل هرطقات العطارين وقراءات الفناجين..فالقصة لها وجه علمي آخر يختلف..لكن على من تقرأ المزامير؟؟ المصيبة الأخرى أن هذه البرامج ( برامج الودع) أصبحت تستقطب الآلاف من المتعلمين أيضا والذين ينبغي أن يكون العلم هو مقياسهم والإيمان أيضا بأن الغيب لا يعلمه إلا صانع الغيب وحده. مؤشر خطير ومحزن لما وصلنا إليه في عصر لم يعد يحتمل وجود مثل هذه العقليات..لكن التعامل مع الأساطير وتصديقها له أسباب ووجوه أخرى ربما نفهمها..أولها الانكسارات والهزائم العربية التي مني بها هذا الوطن...وثانيها أهمها أيضا : عجزنا عن مواجهة أزماتنا الاجتماعية بأساليب علمية ناجعة..هذه الأزمات التي صنعت تربة خصبة لاستقبال هذه الترهات والأوهام..

زاهية بنت البحر
05/05/2009, 12:39 AM
مقالة رائعة بكل مافيها أخي المكرم أستاذ محمد
جزاك الله الخير ونفع بك الأمة
أختك
زاهية بنت البحر

يمامة
06/05/2009, 04:07 PM
صدقت والله أستاذي الكريم

وقد وضعت يدك على الجرح تماماً ، ولكن المؤلم في كل الموضوع ، هو أن زبائن هذه السيدة - المبروكة - في ازدياد مطرد وكأن ما تقوله بالفعل حقيقة لا جدال ولا مراء فيها - والعياد بالله -

أشكرك أستاذي لقد استمتعت بقرآتي لهذا المقال .

يمامة
06/05/2009, 04:08 PM
صدقت والله أستاذي الكريم

وقد وضعت يدك على الجرح تماماً ، ولكن المؤلم في كل الموضوع ، هو أن زبائن هذه السيدة - المبروكة - في ازدياد مطرد وكأن ما تقوله بالفعل حقيقة لا جدال ولا مراء فيها - والعياد بالله -

أشكرك أستاذي لقد استمتعت بقرآتي لهذا المقال .

محمد السنوسى الغزالى
24/05/2009, 06:55 PM
مقالة رائعة بكل مافيها أخي المكرم أستاذ محمد
جزاك الله الخير ونفع بك الأمة
أختك
زاهية بنت البحر

زاهية..شكرا لقلبك الجميل..اسعدني حضورك الجميل

محمد السنوسى الغزالى
24/05/2009, 06:58 PM
صدقت والله أستاذي الكريم

وقد وضعت يدك على الجرح تماماً ، ولكن المؤلم في كل الموضوع ، هو أن زبائن هذه السيدة - المبروكة - في ازدياد مطرد وكأن ما تقوله بالفعل حقيقة لا جدال ولا مراء فيها - والعياد بالله -

أشكرك أستاذي لقد استمتعت بقرآتي لهذا المقال .

صدق الله اقوالك بإذن الله تعالى..شكرا لمرورك الكريم