المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دغدغة العواطف



محمد التهامي بنيس
06/04/2009, 02:28 PM
:emo_m6:
فاي وفأس القهر
دغدغة العواطف
في نهاية الضيافة , وبعد أن ودعت صديقي الذي دخل في متاهة ازدحام بمدخل محطة القطار , واضعا محفظة سفره الصغيرة على صدره ويده على جيبه الخلفي , لأن اختلاط المزدحمين ضم من ليس مسافرا ومن ليس مستقبلا أو مودعا , بل بينهم من يعتمد صناعة الازدحام لممارسة نشاط ومهنة من لا مهنة له يعبر بها عن سخطه من وضع بطالته وضعف الحال وقصر اليد . قائلا : ما باليد حيلة , ولكن بأصابعه ألف حيلة وحيلة , خاصة وأنه لا وجود لقوة رادعة أو منظمة فلا رجل أمن ولا حتى الأمن الاحتياطي أو الخاص بالمحطة . ولا أحتاج لأن أطيل في هذه الأخيرة فشركات الأمن الخصوصي " سوكوريتي " تتعرض لعدة مضايقات , ليس في محطة القطار بل في عدة مرافق ومنها المركب الرياضي لفاس فكلما استعانوا برجال أمن حقيقي , اشترط بعضهم تعويضا ما دامت الشركة تشتغل وفق صفقة مالية وهو نفس المطلب الذي ما فتئ مسئولون من المرفق يحددون نسبه على الشركة بدعوى أنهم من طبخوا لها ملف الصفقة , وفي انتظار القضاء على هذا الفساد وكل أنواع الفساد المستشري يبقى الأمن غائبا والمواطن ضائعا
عدت أدراجي حاملا معي هموم 24 ساعة حالت بيني وبين استراحة قصيرة , بل حالت بيني وبين لحظة استرخاء , وما أن حملت القلم حتى تراءى لي بياض الورق سوادا , وتساءلت كيف أضيف إليه حلكة مشاهد يومي البئيس في مدينة ظاهرها النعمة وباطنها النقمة , وقد كانت جولة الزيارة في ما زرناه سديمية لم توفر لنا إلا الألم , وحيث إن الألم حافز على الكتابة ومقاومة القهر بدون إجبارية أو رغبة في التنفيس , فقد خط قلمي أولى الخلاصات : بالإضافة إلى انتشار المزابل في جل الشوارع غير الرئيسية وجل الدروب والأزقة , ومع انتشار الظلام وتقليص قوة الإنارة في شوارع أخرى مع تجلي البذخ في إضاءة شارع سياحي ,ومع التعدي الصارخ على التراث وتشويه المعمار بالهدم والمخالفات في دور الضيافة كما في العمارات التي تفتقد التناسق والتي جعلت مناطقها وتنطيقها , مقلا جفت دموعها وزفرات لا هواء فيها , فها قد تأكد أن حركة المجتمع المحلي تراجعت عن السير نحو الأفضل , بل أصبحت نكوصا وتقهقرا ... امتنع قلمي واستعصي عليه المزيد وانتابني إحساس بالتوقف , كأني أشعر أني فقط ببغاء لا ألمس لمجهودي تأثيرا فوريا ولا أعثر على من يبلوره عمليا قدر ما أجد من يصوغه في قوالب مشوهة تنفي عنه النسب والمرجعية , وتقدمه كحدث جديد لمبدع جديد , لكن شيئا أقوى مني ومنهم يدفعني للاستمرار في الكتابة لا طمع لي ولا أجر إلا أن تصل الصرخات إلى آذان المسئولين فيكفوا عن الصمت ويستيقظوا من سباتهم , سأكتب لأن الكتابة تساعد على التئام الجراح , ولا أروم تزيين كتابتي ما دامت مواضيعها المرجعية مشاهدة الواقع وكتابة الحقيقة مهما احتوته من عيوب أو أثارته وتثيره من غضب , لأنها أفضل من أي كتابة منمقة , ولو أن الكتابة أثناء اليأس هي ألم ’ فهي أيضا كتابة أمل
فاس . محمد التهامي بنيس
10 / 10 / 2008
انتهى