المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعرف على الأقصى/الحلقة الثانية-باب الرحمة والتوبة



سماهر مسحل
22/04/2009, 10:13 AM
باب الرحمة وباب التوبة

هـذا الجمال ، وهـذا الإبـداع الرائـع فـي عمـارة هـذا الباب أثارت جميـع من زار هـذا الباب ودخلـه من جميع الأمم ممّـا دعا الشـيخ " أحمد بن محمد المقري التلمساني " ليستشـهد بقـول ابن حجـر العسقلانـي رحمـه اللّـه تعالـى : ـ

إلـى البيـت المقـدّس جئت أرجـو جنـان الخلـد نـزلاً من كريـم

قطعنـا فــي مسـافتـه عقابــاً ومـا بعد العقـاب سـوى النّعيم


إنّهـا بوّابـة النّعيم حيث تدخـلك إلـى نعيـم القـدس ، ثـمّ إلـى مدينـة القدس فبـاب الرحمـة والتوبـة ، يعتبـر مـن أهـم أبواب الحـرم الشّـريف ومدينـة القـدس فـي آن واحـد ، وقـد اختلف المؤرخـون حـول تاريـخ بنـاء هـذا الباب ، فمنهم مـن قال هـو رومانـي ، ومنهم مـن قال هو بيزنطي ولكنّ الحقيقـة مغايـرة لذلك فقـد أجمع علمـاء الآثـار والباحثين فـي هـذا القرن على أنّ تاريـخ هذا البنـاء يعـود للفترة الأمويّـة ، الروايـة التي أوردهـا ابن كثيـر تشيـر إلـى أنّ عبـد الملك بن مـروان قـد أمر ببنـاء هـذا الباب .

والعناصـر المعماريّـة القائمـة وأسلوب البنـاء ومـادّة البنـاء دلّـت بفضل اللّـه على أنّـه بنـاء إسـلامي عـريق .

وفـي بـاب الرّحمـة يـا مـن تطلبـون المعرفـة تجـدون الرّحمـات وإليكـم ذلك :

ـ فـي كتـاب " سـفر نامـه " لناصـر خسـرو ، يصـف الباب قائـلاً ( … وحين السّـائر هـذا الرواق متّجهـاً ناحيـة الشرق ، فالأيمـن مـن هـذين البـابين هـو " بـاب الرّحمـة " والأيسـر هـو " بـاب التوبـة " ، وعلـى هـذا الرواق مسجد جميـل كـان فـي وقت مـا دهليـزاً فصيّروه جامعـاً وزينـوه بأنـواع السـجّاد ، ولـه خـدم مخصّصـون ، ويذهـب إليـه كثيـرون مـن النّاس ، ويصلّـون فيـه ويدعـون اللّــه …. ) .

ـ فـي كتـاب " معجم البلـدان " لياقـوت الحموي يصف البـاب ( … مسـجد باب الرّحمـة ، وطولـه من الشرق إلـى الغرب ثـلاثون ذراعـاً ، وعرضـه قبلةً وشمالاً أربعـة عشـر ذراعـاً ونصف ، وسـعة محرابـة ثلاثـة أذرع وربـع . يصلّـي فيه إمـام مفـرد ، وهـو معقـود بالحجـر المنحوت سـتّ قبـاب : اثنتان مرتفعتان ، وأربعـة منبسطة علـى عاموديـن صوّان بيض في الوسط وساريتين فـي وسطه … ) .

ـ فـي كتـاب " الأنـس الجليـل " لمجيـر الدين يصف البـاب ( … وكان علـى علوّ هـذا المكان الذي هو بـاب الرحمـة زاويـة تسـمّى الناصريّـة ، وكان بهـا الشـيخ نصـر المقدسـي يقريء العلـم مـدّةً طويلة ، ثـمّ أقام بهـا أبو حامد الغزالي فسميت الغزاليّـة ، ثـمّ عمرهـا الملك المعظم بعد ذلك … ) .



نعـم لقـد كتب عـن هـذا البـاب العـديد مـن الباحثيـن فمنهم مـن زوّر مثـل شـلوميت جيـرا مـن جامعـة تـل أبيب والتي نسبت هـذا الباب إلـى عصـر الهيكـل الثّانـي ، ومنهم مـن صـدق فلـه من الله الأجـر والمثوبـة أمثال الأسـتاذ " أحمد طـه " حيـث كتـب رسـالة ماجسـتير فـي هذا الباب ونسب هـذا الباب إلى عصر الأمويين .

ـ بقـي البـاب مفتوحـاً حتّـى اعتدى عليـه الصليبيون لاعتقادهم أنّ المسيح دخل فيه ، وأنّـه هـو الذي سيفتحـه فـي المستقبل ، ولذلك يشغل هذا الباب حيّـزاً كبيراً فـي معتقداتهـم وهـم الذيـن سـمّوه بالبـاب الذهبـي ، وهـي تسـمية خاطئـة .

ـ بمجـيء صـلاح الديـن تـمّ إغـلاق البـاب مـن الخارج ومن الداخـل فتشكلت قاعـة استخدمت للصّلاة والذّكـر والدّعاء ، وبقي الأمر كذلك حتى الوقت الحاضر .

ـ فــي حـرب 1967 م حـاول " موشـيه ديـان " فتـح البـاب إلاّ أنّـه فشــل .

ـ قامـت دائـرة الأوقـاف ولجنـة إعمـار الأقصـى فـي السبعينات بترميمـه ومـد الكهربـاء لـــه .

ـ يسـتخدم حاليّـاً مـن قبل لجنـة التراث لإدارة نشـاطاتهـا فـي المسـجد الأقصـى المبـارك ، والمكـان عامـر ومفتـوح للمسـلمين طيلـة أيّـام الأسـبوع .
أهـل هـذا البـاب يبكـون وينـادون : ـ
عبـادة بـن الصّـامت ، شـدّاد بـن أوس ، صحابـة رسـول الله يبكـون علـى أحـوال الأمّـة وقـد أبـو إلاّ أن يحتضنهـم تـراب " بـاب الرّحمـة " ، هـم وبقيّــة الصّحابـة ومـن جاورهـم حتّـى نشـأت هناك مقبـرة بـاب الرّحمـة الّتي جرف اليهود قسـمهـا الجنوبـي ولم يراعـوا حرقـة حـيّ ولا ميّـت ، بـل زاد بهـم الأمـر أنّهـم فـي كثيـر مـن الأحيـان يأتـون للصـلاة فـي تلـك الجهـة ، ويقومون برسم بعض الشّـعارات علـى البـاب مـن الخـارج .

أهـل هـذا البـاب سـلخت جلودهـم فبانت عظمـاً ، وذرفـت عيونهـم فبانـت دمـاً ، وهـم يبنون ويحصنـون وينقشـون حباً فـي الأقصـى واسـتقبالاً لزوّار الأقصى وختامـاً أقـول سـلمت يمناكـم فهنيئـاً لكـم نومكـم فـي قبوركـم ، هنيئـاً لكـم جهادكـم ، ورغـم دمـوع المصيبـة إلا أنّهـا رحمـة فتحت طريـق التوبـة فـي بـابهـا ، فلهـذه الأبـواب فـي النّفـس الكثيـر الكثيـر …

ولا يعرفهــا إلاّ مـن عـاش فيهـا ، تعـال إلـى بـاب التوبـة وعـش فيـه لحظـات إن لـم تكـن سـاعـات كـي تنقل قدمـك إلـى بـاب الرّحمـة وتتأمّـل فتصعـد بنفسـك فـي عالـم الروح والطّهـر .

لتشـعر فـي جنباتـه بـرودة الدفء فـي عالـم محـروق لاهـب ، وبمعـزل عـن الضوضـاء يكفيـك الاعتكاف فإنّ سـماكة جدرانـه وعظمـة ارتفاعه تنبئـك عـن أمــر عظيـم : إذا كـان هـذا هـو بـاب الأقصـى فكيـف بالأقصـى ذاتـه ؟؟؟ .

فاطمة باوزير
23/04/2009, 12:29 AM
بــــــــــــــارك الله فيك ياأخيتي سماهر ...........بارك الله فيــــــــك ......أسعدتني كتاباتك والله !!