المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما تقولش ايه ادتنا مصر وقول هاندي إيه لمصر



عادل ابراهيم عامر
02/07/2009, 11:04 PM
ما تقولش ايه ادتنا مصر وقول هاندي إيه لمصر
الدكتور عادل عامر
عندما سمعت هذا الكلام من السنة الشعراء والكتاب في مصر يرددون ماتقولش اية ادنتا مصر وقول هاندي اية لمصر
والتي حورها إلى (ما تقولش إيه ادتنا مصر علشان مش هاتلاقي حاجة) .. وكلا الأمرين فيه تطرف بالطبع ولكني في الواقع لا أدري ولا أريد أن أعرف من هو ذلك الشوفيني الوطني حتى النخاع الذي يطالب المواطن بالعطاء فقط دون السؤال عن حقوقه التي يفترض أن يمنحها له وطنه .. وهذا ما سنتحدث فيه . الديمقراطية والعدالة .. لا شك لدي في أن غيابهما قد أديا إلى ذلك التدهور الحاد الذي أصاب شخصية المصري وأدى الى تدهورها ووصمها بالسلبية، فالمصري طوال عمره يعيش تحت جناح الحاكم أو الفرعون الإله إلى أن يسقط هذا الحاكم بارتكابه للأخطاء البشرية ولكن في أسوأ صورها ليمتد تأثيرونتائج هذه الأخطاء إلى الشعب كله، ولمن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب شخصية مصر للعلامة الراحل جمال حمدان. والمشكلة أننا تقريباً اعتدنا على - أو استمرأنا - غياب الديمقراطية والعدالة بل وأصبنا بحالة لا علاج لها من السلبية جعلتنا لا نشكو من محيطات الصرف الصحي التي تحيط بنا ونكتفي بوضع عدة قوالب طوب لنمر عليها .. وكفى الله المصريين القتال !! هكذا كان الحل دون أن يفكر أحدنا في تقديم شكوى أو عمل محضر للمسئول عن هذه المشكلة في الحي، ومرد ذلك .. "مافيش فايدة " .. لماذا ؟ السبب بسيط: هل هذا المسئول في الحي منتخب "شرعياً" ؟ بالطبع لا .. فهو كالأغلبية الغير شرعية في مجلسي الحزب الوطني، وبالتالي فبالله عليكم لمن سيكون ولاؤه؟ للسيد أحمد باشا عز الذي بمجرد أن "يزغر" له تكركب بطنه ويصاب بإسهال عنيف يصيبه بالجفاف؟ أم للمواطن البسيط الذي يدخل عليه (ان سمح بدخوله) دون كارت واسطة أو مكالمة هاتفية من شخص ذو حيثية ليقضي له مصلحته؟ . كيف يمكن أن يشعر المواطن بأن مصر هي أمه وهو يضرب بالأكف والأرجل في قسم الشرطة إن كان شخصاً بسيطاً لا ظهر له ويكال لآبائه حتى الفراعنة أسوأ الشتائم في حين يكتفي عضو الهيئة القضائية بكتابة مذكرة إن هو صدم شخصاً في الطريق ليعود إلى بيته ويستمتع بالتكييف مع كوب من النسكافيه وهو يشاهد فيلما كوميديا ممتعا !!. كيف يمكن أن يشعر المواطن أن مصر هي أمه وهو إن أخطأ وطالب من يسأله عن بطاقة هويته في الشارع فقد ينسي اسمه أو يصلي عليه أهله صلاة الغائب؟ وأنا على ثقة من أن هذا الرعب والهلع الذي زرعه الأمن المصري في قلب المواطن هو الذي جعل البلطجية ينتحلون صفة ضباط بالشرطة وأمن الدولة ليقفوا مطمئنين في الشارع "يقلبون" المواطنين في لجان مزيفة او بدون لجان لى الإطلاق ويحصلون منهم الاتاوات في صورة مخالفات دون أن يجرؤ أحد على سؤالهم عن هوياتهم !! . كيف تشعر أنك في وطنك وأن تفخر بأنك تنتمي إليه وأنت حين تحاول الحصول على قطعة أرض بور في الصحراء لتزرعها أو تقيم عليها مشروعاً تواجه بالعشرات من الأكف تنتظر منك أن تملأها بالمال لتتيسر لك أمورك وقد تقوم برهن منزلك ومنزل أهلك وربما ملابسك الداخلية لتحصل على قرض فيما يقترض البعض بضمان نظارته الطبية أو فردة جزمته الايطالية !! . جمال بخيتكيف تشعر أنك في وطنك الذي تتمتع فيه بحقوق مواطنتك وأنت ترى شخص مثل هشام طلعت مصطفى يحصل على 8 آلاف فدان بسعر 10 جنيهات للمتر، فيما يقول البعض أنه لم يدفع فيها مليماً واحداً، في حين لو بيع متر الأرض بألف جنيه لوصل سعرها إلى حوالي 34 مليار جنيه مصري .. وسلم لي على شعار الثورة المجيدة "القضاء على الاقطاع"!! بل وتشير بعض الاستجوابات بمجلسي الحزب الوطني إلى أن سعر أراضي الدولة المنهوبة لو تم تحصيله بالفعل لوصل الرقم إلى تريليون جنيه!! بل هل يعرف القارئ الكريم أن عدداً من أسر الإقطاع القديم قامت برفع دعاوى قضائية لاستعادة أراضيها التي قامت الثورة بتوزيعها على الفلاح المصري المعدم وأنهم قد استعادوها بالفعل وطردوا منها الفلاح "الخرسيس" لتعود أملاك "جدو" الباشا اليهم ؟.هل يعرف القارئ الكريم أن مساعد أول وزير المالية يتقاضى ربع مليون جنيه شهريا، وأن إحدى الموظفات تكتفى بمائة وخمسين ألف جنيه فقط وأن هناك 62 ألف مستشار فى الوزارات يتقاضون أكثر من مليارى جنيه سنويا، وأن مصاريف الحكومة على رحلات سفر المسئولين للخارج وتكاليف علاجهم مليار وخمسمائة وواحد وسبعين مليونا، وأن 53 مليونا تُصرف على المهرجانات، وأن 72 مليونا تصرف للتهانى والتعازى فى الصحف - بحسب ما نقل استاذنا الدكتور محمد المخزنجي في إحدى مقالاته !. هل سألت نفسك لمذا شعر المصريون بالشماتة وهم يرون أثراً من آثار بلادهم "مجلس الشورى" وهو يحترق بل وتصيبهم هستريا الضحك وهم يرون الطائرة المروحية تحمل "كوزاً" حديدياً تملأه من نهر النيل لتلقي المياه على الحريق؟ هل سألت نفسك لماذا قال الناس : "أهي بلدهم" .. "واحنا مالنا" .. "اياكش تولع" .. "عقبال اللى جنبه" وغيرها من التعبيرات التي سمعتها بأذني ونقل لي بعضها أصدقائي في هذا اليوم الحزين .. فلابد أنهم شعروا أن داخل هذين المبنيين تحاك ضدهم المؤمرات بشتى الطرق لتحصيل ما تبقى في جيوبهم والإمعان في إذلالهم وقهرهم أليس أدل على أن مصر ليست أمنا ولا بلدنا وليس لنا نصيب في خيراتها أن القابضين على رقبتها ورقابنا نجحوا في تمرير 13 اتفاقية متعلقة بالتنقيب عن البترول في مصر في جلسة واحدة وأنهم يبيعون الغاز لإسرائيل بأبخس الأسعار، والجديد ما كشفه عدد من نواب المعارضة والمستقلين عن وجود اتفاقيات سرية مع شركات إسرائيلية بالاتفاق مع شركات السيد حسين سالم على التنقيب عن البترول .. علشان يبقى غاز وبترول واسمنت وحديد .. ناقص نعمل لهم فرع من النيل .. ويمكن يكون اتعمل واحنا مش داريين من الساقية اللى بنلف فيها كل يوم علشان نجيب رغيف العيش المليان اعقاب سجاير وحشرات !! وهل أدل على أن المصري لا يعترف بأن مصر هي أمه وأن ما بها ليس ملكاً له ولأولاده من بعده، تلك النزعة التخريبية التي لا يدري هو نفسه لها سبباً والتي تمتد إلى كل تطاله يده من مرافق وخدمات بسبب أو بدون سبب وكأنه ينفث غضباً ونيراناً مكتومة في صدره لمن لا يحترمه ولا يقدر حقوقه كمواطن، بل والأدهى والأمر أنه يستحل سرقة الحكومة في كل شيئ ولو كان مجرد ( قلم جاف ) ناهيك عن سرقة التيار الكهربي -المحمل عليه فاتورة النظافة التي لا نراها في بلدنا- والمياه وغيرها بذريعة أن أسعار هذه الخدمات صارت خرافية ولا تتوازى مع راتبه الشهري بعد أن تم خصخصة كل شيئ في مصر وأصبحت المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها في أيدي شركات لا هم لها إلا مص دماء المواطن بل وتتبعه ولو كان في بطن أمه لتقاضيه وتلقي به خلف القضبان في قضايا لا تقارن بقضايا السادة نواب القروض أو مصدري الغاز لقتلة الأطفال والأسرى المصريين !! أنا لا أعفي من يقوم بمثل هذه التجاوزات ولا اعتقد ان ما يفعله البعض من تعطيل عداد النور او المياه او سرقة اي خدمة من الخدمات دون مقابل من العقاب، ولكن إذا ما وجهت اللوم لأحدهم فستجد الإجابة التلقائية: ياعم ما أنا باتسرق ليل نهار فيها ايه يعني لما اخد حقي من البلد دي .. وهو انتوا جايين على الغلبان وسايبين الكبار ياخدوا الكهربا بالسعر اللى بناخده .. وهما يعني ما قدروش على الكبار اللى نهبوا البلد وهربوا أدام عينيهم (تذكر يوسف عبد الرحمن وراندا الشامي) جايين على الغلابة ؟ ولا اللى مالوش ظهر بيضرب على بطنه ؟!وأخيراً .. أرجو منك أن تتفكر قليلاً في هذه الأسئلة وتتخيل .. كيف يا ترى سيكون حالك ان كنت مواطنا امريكيا او بريطانيا او حتى سعوديا او اماراتيا ؟ وهل كنت ستفعل في بلدك ما تفعله الآن في مصر ؟ وما الذي تحلم به كمواطن مصري تعيش على أرض هذا الوطن؟وفي النهاية أرجو من أصدقائي القراء ألا يطالبوني بإيجاد الحلول، فليس بالضرورة أن كل من يكتب عن سلبية ما وجب عليه أن يوجد الحل وإلا فليصمت، فهذا منطق غير مستقيم وغير مقبول، فليس في يد الكاتب أكثر من قلمه ورأيه وفكره وأفعاله التي تتسق مع هذا الفكر، وليس لديه عصا سحرية يغير بها مجرى الأمور ولا يمكنه الدعوة لإقامة انتخابات نزيهة وشفافة ليتولى الأمر من اختارهم المواطن برأيه الحر، كما أنه يعد تكريساً للسلبية، فلماذا يطالب البعض بعصبية وغضب أن يقترح الكاتب الحل .. ولماذا لا تقترح أنت يا صديقي الحل ؟ ولماذا لا تلزم أنت نفسك بنهج تغير من خلاله أحوالك وأحوال من حولك؟ ألا تعتبر هذه بداية للإيجابية ؟وفي البداية أود فقط أن أوضح أن الأمر لا يتعلق بالتعميم على الإطلاق كما اتهمني البعض في مقالات سابقة كنت قد كتبتها منتقدا بعض السلوكيات الخاطئة في المجتمع المصري، وهذه نقطة أخرى تؤلمني بشدة هي أننا جميعا نعرف مواطن الضعف والخلل التي أصابت مجتمعنا ولكننا نهاجم و بشدة كل من حاول ان يتكلم في هذا الشأن ونحاول ان نتكتم على هذه الامور، وكأن العالم من حولنا أو من خالطنا كمصريين يعصب عليه اكتشافها حاولت في المقالات السابقة أن اجمل بعض الأمور التي أرى انها أصبحت سلبيات رهيبة تحط من قدرنا وشأننا بين الأمم ونحن أبناء حضارات متعددة أثرت العالم كله وأنارته بمعارفها وعلومها، إلا أن إحدى أشد هذه السلبيات تأثيراً في نفسي هي التدين الشكلي الذي وصم مجتمعنا وأصبح متناقضا بصورة فجة للغاية مع الاخلاقيات السيئة التي نعاني منها يوميا وسأحاول هنا ان أعرض - من وجهة نظري – بعض مظاهر هذا التدين الشكلي لعلنا نقف مع انفسنا ونراجعها عسى ان نتسق مع ما يعتمل بداخلنا وأن يكون ما يظهر للناس هو ما بداخلنا من أقسى مظاهر حالة الازدواجية الدينية والاخلاقية الرهيبة التي يعاني منها مجتمعنا، هو ذلك الارتفاع الهائل في نسبة المحجبات مع وجود اخلاقيات في غاية الانحطاط، قنوات فضائية دينية يشاهدها الملايين وحالات اغتصاب وتحرش لا تعد ولا تحصى .. فهل منع ارتداء الحجاب تلك الاخلاقيات؟ بل هل هو حجاب بالفعل أم مظهر اجتماعي لا بد منه؟في كتابه الرائع "ثقوب في الضمير" قسم الدكتور احمد عكاشة - استاذ الطب النفسي - أنواع ارتداء الحجاب من حيث المنزع الى:
1- انسانة استطاعت ان تتطهر في سلوكها العام وتحتاج الى نوع من الانتماء الى الشعائر الدينية فهي تتحجب وتمارس الشعائر الدينية بمعناها الصحيح وهي الصورة التي نتمنى أن تسود في مجتمعنا.
2-وهناك من ترى انها لن تتزوج الا اذا تحجبت وبالتالي فهي مجبرة على ذلك والدليل ان مثل هذه النوعية تقوم بخلع الحجاب يوم زفافها وربما تعود او لا تعود اليه بعد الزواج .. فقد ادى الغرض وانتهى الأمر.
3-وهناك حجاب التمويه وتهدف صاحبته الى اخفاء سلوكها الحقيقي الذي سيرفضه المجتمع "المتدين" اذا ما عرف عنها ذلك ومثل هذه النوعيات نراها ترتدي قطعة من القماش التي تظهر من الشعر اكثر ما تخفي وترتدي ملابس لا تتناسب مع ما يسمى بالحجاب الموضوع على رأسها.
4-وهناك من تلجأ للحجاب لأسباب اقتصادية مثل ضعف تكاليف ارتدائه وما يستتبعه من ملابس اخرى وليس استنادا الى شعور ديني او قناعة.
5-او ان تكون المرأة قد لجأت اليه تعبيرا عن نوع من صدمة نفسية او عاطفية كانفصال الاب او الام او فقدان احد الاقارب فتبدأ في التقرب من الله وهو امر محمود بدلا من الانحراف والأهم الاستمرار عليه.
6-وهناك من تتحجب عند الإصابة بالمرض - نفسيا كان او عضويا - وما ان تشفى حتى تخلع الحجاب والعكس صحيح ايضا.
7-وهناك من تتحجب رغما عنها بسبب ضغوط عائلية واسرية او بسبب صعوبة تقبل المجتمع الذي تعيش فيه لفكرة وجودها دون حجاب .
وبناء على ما تقدم يسهل علينا ان نعرف سبب انتشار الحجاب في مصر، فهو ليس جهد الجماعات الاسلامية في مصر ولا الفضائيات وشيوخها وانما هي عادة مجتمعية جعلت كل من لا ترتدي الحجاب آثمة وخاطئة رغم انها قد تكون افضل خلقا من بعض المحجبات – اقول بعض!! أعاني أشد المعاناة كلما ركبت المترو لعدة اسباب – بغض النظر عن همجية العديد من الركاب من تدافع وممارسة لهواية هرس الاقدام طبعا – منها انك ترى البعض يرفع صوته عاليا بالقرآن الكريم وغالبا ما يقرأه بطريقة خاطئة او ان يكون صوته سيئاً، او ان يشغل البعض تليفونه المحمول ليسمع الجميع التلاوة .. دعونا نحسب من يفعل ذلك على خير ولا نزكيه على الله ابتداء .. ولكن اليس ذلك تعديا على حق الآخرين في القراءة او الذكر او غيره؟ هل أمر الدين بذلك التعدي؟ اليس هذا تعارضا مع اخلاق الاسلام ويخالف كل في القرآن من احترام لحق الآخرين. أمر آخر يغيظني بشدة وهو ان تسمع البعض يضعون على تليفوناتهم المحمولة "رنات" لجزء من دعاء او آيه بصوت شيخ او غيره .. وعادة ما تكون "الرنة" عالية للغاية وطويلة ويصر صاحب التليفون الا يغلقه او يرد الا اذا سمع الجميع "الرنة" الى آخرها .. ولن أعلق على من يفعل ذلك .. فقط ارجوكم ان تراقبوا بعضهم اذا ما صعدت الى السيارة او المترو فتاة او امرأة!! وليس معنى هذا أني أشجع من يستمعون إلى الأغاني في المواصلات العامة بصوت مرتفع ومزعج او من يضعون رنات صاخبة يصرون على إسماعها للجميع "بالعافية".. فهذا أيضا تعدٍ على حريات وحقوق الآخرين الى الآن لا افهم سر ربط المصريين بين سرعة الغضب والذي قد يتطور الى سباب بالدين وعراك رهيب - خاصة في المواصلات العامة - خلال شهر رمضان بدعوى ان "البيه صايم" .. اليس هذا تناقضا غريبا؟ كيف يصوم شخص ما عن الحلال - فضلا عن الحرام– ويثور لأقل شيء خلال صيامه؟ هل هذا صيام؟ هل يقبل الله مثل هذا النوع من الأعمال؟ واذا كان الامتناع عن التدخين سبب ذلك الغضب .. اليس من الأجدى ان نحاول قهر هذه العادة الغبية او حتى على الأقل ان نكظم غضبنا ليخلص صيامنا .. لقد تحول هذا الأمر أيضا الى عادة صارت لصيقة بنا كمصريين. لا يخفى على أحد في مصر ما قد يفعله أصغر فرد أمن في وزارة الداخلية بمواطن لو اشتم فقط انه ضعيف او "مالوش ظهر" وقد يصل الأمر الى ضرب المواطن وسحله في الشارع بل قد يكون المضروب امرأة وقد تسحب من شعرها الى سيارة مسروقة بها بلطجية لا يجرؤ أحد على مقاومتهم - اعتقادا بأنهم من الأمن في زي مدني - دون ان يتدخل أحد خوفا من ان يناله من الحب جانب. الكل خائف ومرتعد وتصطك اسنانه فرقا ورعبا، فيما نستطيل على بعضنا البعض ونتطاول على بعضنا البعض ويكاد احدنا يفتك بالآخر لأقل شيء وكلٌ يقول للآخر "انت ما تعرفش انا مين" او "انت عارف انا ممكن اعمل فيك ايه" وكلاهما اضعف من ذبابة ولا يقوى على شيء ولكننا "فنجرية بق" وكل هذا الصوت العالي والعيون المحمرة تزول تماما أمام الباشا "حضابط "خوفا من العصاية إياها – طبعا كلنا فاهمين !
التحرش الجنسي والاغتصاب
وهو ما لن أمل من تكرار الحديث فيه، في دولة يدعى أغلب أهلها انهم قوم متدينون ويتابعون فضائية الناس او غيرها، فيما نسمع ونقرأ كل يوم عن حادثة اغتصاب بشعة وصلت الى اغتصاب الاطفال والحوامل !! وارجو منكم ايضا –لمن لا يزال يستخدم مواصلاتنا العامة غير الآدمية- ان يراقب عيون من حوله اذا ما وقف أحدهم الى جانب امراة ما، والله إني لأشعر ان الكل يحسده ويتمنى ان يقف مكانه واذا ما صدرت منه اي حركة او اشتكت منه المرأة، و تشعر وكأن الركاب "المتدينون" يكادون يقتلون الرجل انتقاما منه على انه اخذ مكانهم بجانب الفتاة، لماذا لا نغض ابصارنا عما حرم الله ؟ لماذا نقول وننصح وننهى ونحن داخلنا خرب يحتاج الى قرون للإصلاح؟
كيف يمكن ان يقول الاخوان المسلمون مثلا اننا نمر حاليا بجيل الصحوة ؟ اي صحوة وأي مجهود ذلك الذي يبذل ولا يوجد له أي نتاج في مجتمع اصبح الحصول على البانجو فيه وتدخينه في سهولة الحصول على سيجارة؟ مجتمع لا تأمن فيه على زوجتك او ابنتك ان تسير وحدها في الطريق دون أن تسرق مصوغاتها او يتحرش بها احدهم؟ اي صحوة في مجتمع ازادت فيه معدلات الجريمة من كل نوع ؟ أي صحوة في مجتمع يهرب افراده من دفع تذاكر المترو او المواصلات العامة ليعود ليصلي العشاء في منزله؟ أي مجتمع متناقض هذا؟اشعر بغيظ شديد وانا اشاهد البعض –خاصة الشباب- وهم يستعملون ألفاظا اجنبية في معرض حديثهم باللغة العربية وكأنما أصبح التحدث بالعربية - وهي لغة القرآن الكريم - او حتى العامية المصرية عيبا وسبة. هل لا يحوز الاحترام الا شخص لا يستخدم هذه الطريقة العجيبة في لي اللسان او ترقيق بعض الحروف واضافة بعض الكلمات الاجنبية "وياريته بينطقها صح".لماذا لا نكون مثل الفرنسيين مثلا واللذين لا يتخاطبون مع احد الا بلغتهم فقط اعتزازا بها واكبارا لحضارتهم وتاريخهم –والذي لا يقارن بالطبع بالحضارة والتاريخين العربي والاسلامي .. ندعي أننا احفاد حضارة كانت تحكم أكثر من نصف العالم في وقت ما ونفخر بالرازي وابن النفيس وابن فرناس وغيرهم ونحن نشعر داخلنا بالخجل اذا لم ننطق بكلمة اجنبية خلال حديثنا مع بعضنا؟وقرأت لأحد الزوار مثالا آخر يوضح لنا حجم التناقض الذي يعيشه مجتمعنا وانقله بالنص حفظا لحقه "فها هو الاب الذى يعترض على زواج ابنته من شاب بسيط ومؤهله متوسط لأنه لا يملك سوى عمل متواضع وبعض النقود القليلة، وهو نفسه -أي الأب- الذي يذهب من أجل أن يخطب فتاة ذات مؤهل عال لابنه الذي يحمل مؤهلاً متوسطاً ولا يملك شيئا سواه!!! وها هي الأم التي تعترض على الشبكة التى قدمها خطيب ابنتها لان ثمنها لا يتعدى الخمسة الاف جنيه، هى نفسها التى تناهض وبقوة جشاعة واستغلال اهل خطيبة ابنها لاتهم يبالغون فى طلباتهم المادية دون مراعاة للظروف السيئة للشباب والغلاء المستمر للمعايش !!! ونفس الاخ الذى يعارض خلوة خطيب اخته بها خيفة ان يمسك يدها او ان يسرق منها قبلة - هى ليست طبعا من حقه – هو نفسه الذى ما يلبث ان يختلى بخطيبته او صديقته حتى يفعل معها ما يشاء !!!" ولماذا نذهب بعيدا، فحكومتنا نفسها مصابة بالداء نفسه حيث تناقض ما تدعي انها قوانين صيغت لحفظ المجتمع .. الم يدعو شيخ الأزهر الى الذهاب للانتخابات مؤكدا أنه واجب ديني وان من لا يفعله يأثم في وقت دعت فيه قوى المعارضة الى المقاطعة .. اليس هذا هو نفسه استخدام الدين في السياسة والذي اعتقل بموجبه عدد من جماعة الاخوان المسلمين لاستعمالهم الشعارات الدينية خلال انتخابات مجلس الشعب؟القمامة و غيرها لا يمكن ان نكون متدينين بالفعل ونحن نعيش وسط هذا الكم الهائل من القمامة والتي لا تتزايد الا بسبب سوء تسيير البعض لأمور حياته، فلا نزال نلقي ببواقي الطعام في القمامة ولا نزال نسرف في استهلاك رغيف الخبز ولا نزال نستكثر على جامع القمامة عدة جنيهات بسيطة شهريا ونفضل ان نراها تتراكم من حولنا جالبة لنا و لأولادنا عشرات الأنواع من الحشرات والأمراض .. ونعود لنقول انها مسئولية الدولة فقط .. بالطبع لا .. هي مسئولية مشتركة .. فلو ان كل ام علمت ابناءها الا يلقوا القمامة او اكياس الساندويتشات في الشارع والا يبصقوا والا يقضوا حاجتهم في الطرقات لما اصبحت بلدنا من اقذر الدول واكثرها تلوثا بين الدول العربية - وربما الافريقية. وقبل ان يرد البعض ويقول أني لا ادرك قيمة الجنيهات الثلاثة التي يأخذها جامع القمامة بالنسبة لأسرة فقيرة أقول ان هناك حلاً آخر بأن ياخذ كل منا قمامته ويلقيها في اقرب صندوق قمامة لمنزله .. اليس هذا افضل من ان تلقى في المراحيض او من نوافذ المنازل او من السيارات ؟وختاما .. فهل هي بلدنا التى يمكن أن نفخر بها ؟.. هل هذه هي مصر الحبيبة ؟ مصر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وامتدح رسوله الكريم اهلها .. كيف لنا ان نرضى ان تصبح بلدنا بهذا السوء والانحطاط .. عندي يقين لا يتزعزع ان ما نعانيه من استهتار الحكومات المتعاقبة بقيمتنا الانسانية ما هو الا مردود لتصرفاتنا وأفعالنا .. فمن أعمالنا سلط الله علينا هذه الحكومات المتعاقبة التي أذاقتنا الهوان وعرفنا معها معنى الذل وجعلت الشباب يفقدون انتماءهم لبلدهم ويشعرون انها ملك لأمثال تجار الحديد والاسمنت والسلاح والمواد الغذائية .. ولو ان كل منا بدأ بنفسه واهل بيته لانصلح الحال ولكن .. هل من مجيب ؟كانت المرة الاولى حين كنت في تركيا حين غادرت العالم العربي لأول مرة، وخلال المرتين شعرت باحترام الجميع للآخر .. لا أحد ينظر الى لونك .. إلى ما ترتدي .. الى طريقتك في السير الى آخر تلك الاشياء التى اعتدنا في عالمنا العربي ان نلتفت اليها. كلما سرت في شوارع القاهرة أو أي من مدن مصر المحروسة أشعر بأن الناس تراقب بعضها بعضا وتعلق على أي شيء في الآخرين حتى ولو كان تافها .. ولا أعرف بأي ذريعة نعطي لأنفسنا هذا الحق في اختراق مساحة خصوصية الآخرين ولو بالنظر .. لماذا نتطفل على الآخرين ؟ لماذا نتحرش بكل ما هو انثوي ؟ لماذا لا ندع الناس و شأنهم و نهتم نحن بشئوننا و سلوكياتنا و التي هي بالطبع في حاجة الى تعديلات هائلة. الجميع بتعامل بهدوء واحترام .. لم أسمع أصواتا تتعالى بالشتائم القذرة التي اعتدت سماعها يوميا .. اذا دخلت المصعد في اي مكان ترى من فيه يرحبون بك وهم لا يعرفونك .. تجد من امامك يظل ممسكا بباب المحل او المبنى حتى تمر انت وهكذا عليك ان تفعل مع من خلفك .. لا يوجد تدافع في مترو الانفاق .. اذا كانت المحطة مزدحمة فيمكنك الانتظار لتستقل القطار التالي لا ان تدفع من امامك ليسقط على وجهه او على القضبان او أن تتصارع مع الباب لتفتحه عنوة بعد إغلاقه وكأنك هرقل لتلحق بهذا القطار تحديدا والا ستتأخر عن موعدك وهو الأمر الخطير الذي سيعطل الكرة الارضية عن الدوران !! الشرطة تعامل الناس باحترام .. لا يوجد من يظهر لك من تحت الارض ليسألك عن اوراقك .. اذا تواجدت في مكان غير آمن مثل اماكن البناء او الحفر او مكان يحظر دخوله على العامة تجد شرطيا بتجه اليك بكل هدوء ويقول لك : سيدي .. هذا المكان غير آمن او يمنع التواجد داخله.. من فضلك توجه الى المكان الآخر ويشير الى المكان المقصود . اذا اشتريت شيئا يعاد لك ما تبقى من مال ولو كان اصغر واتفه من تلتفت اليه .. لا يوجد شيء اسمه "يبقى لك" او "ما فيش فكة" او "انزل من العربية فك من البنزينة" او "ابقى فك قبل ما تركب يا بيه" او "الشاي بتاعنا" وليس عيبا ان تسأل عما تبقى لك من مال فهو حقك وليس لأحد ان يأخذه منك بسيف الحياء ولا ان تتركه تأكيدا منك على انك اغنى راكب في ... الميكروباص !! طفت وحيدا في شوارع تلك العاصمة التي لا تتبع اي ولاية وتسمى شوارعها باسماء الولايات وقد صممها شخص فرنسي على هيئة مربع ضخم .. طفت وانا اكاد ابكي .. كيف تدهورت بلادي الى هذا الحد ؟ ما الذي حدا بأهل بلادي ومن يديرون شئونها الى التردي بنا الى هذه الدرجة ؟ ألا نستحق ان نشعر نحن ايضا بكرامتنا ؟ الا نستحق ان نشعر بالأمان ونحن نمر بجوار ضابط الشرطة او عسكري المرور دون ان نتوقع ان يسألنا : جاي منين ؟ رايح فين ؟ بطاقتك يا فندي ؟ طلع اللى في جيبك .. قلب نفسك. وبلغ غيظي وشعوري بالحنق المدى وانا اقف الى جوار مبنى البنتاجون وبل والمباحث الفيدرالية الامريكية والبيت الأبيض ومبنى الكابيتول و التقط الصور التذكارية لتلك المباني التى لم أرها الا في الافلام .. و وقف غيري العشرات يفعلون المثل دون ادني شعور بالقلق سواء منا او من جانب القائمين على حراسة هذه الاماكن، وانت الذي لا تستطيع ان ترفع كاميرا في أي مكان بمصر لتلتقط صورة ولو لمحل تافه في شارع جانبي بميدان التحرير دون ان يظهر احد افراد الامن السريين او من يرتدون الملابس الرسمية من تحت الارض ليسألك من انت وماذا تصور ولماذا تصور واين تصريح التصوير وكان هذه الاماكن أخطر من البنتاجون او غيره !! الأطفال هنا أطفال بحق .. أبرياء وادعون .. تحب ان تراهم وهم يلعبون ويمرحون .. ليست لديهم تلك النزعات التدميرية والقتالية التي تملأ نفوس تلك الشياطين الصغيرة في بلادنا والتي لم تترك شيئا الا وامتدت اليه أيديهم العابثة بالتدمير والإهلاك .. أذكر في مرة -والله تعالى على ما أقول شهيد- اني كنت اركب اوتوبيس نقل عام .. هل تعرفون ماذا كانت متعة ومرح اطفالنا ؟ ان يضربوا نوافذ الاوتوبيس بالــ "بمب" وهم يتضاحكون ويفرحون بشدة كلما رأوا نظرات الفزع في أعين الناس. كل ما رأبت وشعرت به هو سلوكيات شعب .. مجرد سلوكيات لا تحدد او تقرر أغلبها أية قوانين .. ثقافة نمت وتطورت يوما بعد يوم لتضاف الى تقدم علمي هائل وليس مجرد تفاخر اجوف بحضارة علمت العالم يوما ما دون ان يقدم الاحفاد اي جديد او اضافة لعبقرية اجدادهم . ترى .. هل يمتد بي العمر لأرى تغير عادات وسلوكيات وطبائع الشعب المصري .. ام أقضي نحبي و أنا يحدوني الأمل في ذلك؟