المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ايران في مرمى "القوة الناعمة"



د.مسلم المياح
15/07/2009, 02:10 PM
ايران في مرمى "القوة الناعمة"
بقلم: فهد الريماوي
هل اتاكم حديث "القوة الناعمة" التي حلت، منذ مجيء الرئيس اوباما، محل "القوة الخشنة" التي افلست امريكا، واوردتها موارد التهلكة، على ايدي اركان ادارة الرئيس بوش، وعصابة المحافظين الجدد ؟؟
هل رأيتم تطبيقاتها العملية، وتجلياتها العلنية، وتكتيكاتها الميدانية، خلال الانتخابات النيابية اللبنانية التي خسرتها قوى المعارضة الوطنية، ثم خلال الانتخابات الرئاسية الايرانية التي خسرتها ايضاً قوى المعارضة المشبوهة ؟؟
هل لاحظتم كيف تعاملت المراكز الاعلامية والدبلوماسية الامريكية والاوروبية والاسرائيلية والرجعية العربية مع الانتخابات اللبنانية كما لو انها عرس يليق به الفرح، واعتبرت غلاماً غراً وغشيماً من فصيلة سعد الحريري كما لو انه "علم في رأسه نار"·· بينما تعاملت مع الانتخابات الايرانية كما لو انها جنازة يتعين فيها لطم الخدود وشق الجيوب، واعتبرت الرئيس الشجاع احمدي نجاد كما لو انه "رجس من عمل الشيطان" ؟؟
هذه - اذن - بعض مظاهر وتجليات واساليب "القوة الناعمة" التي سيكون لها ما بعدها في قادمات الايام، والتي دشنها اوباما مؤخراً، عبر انقرة والقاهرة، بخطابين ناعمين وحافلين بالعبارات المؤثرة والموجهة الى العالم الاسلامي، فيما يمكن اعتباره "حق اريد به باطل"، او تشبيهه بواقعة رفع المصاحف على اسنة الرماح في يوم صفين·
لا لزوم بعد اليوم "للقوة الخشنة"، ولا حاجة للجيوش الجرارة، والاسلحة الفتاكة، والخطط الحربية، والرتب والاوسمة والنياشين العسكرية، فقد هل زمان "القوة الناعمة" التي تحقق اهدافها عبر قوى واسلحة جديدة، قوامها المال السياسي، والاعلام الموجه، والاجهزة الاستخبارية السرية التي تعمل تحت الارض، وتوزع الادوار بدقة وحذر، وتحرك الناس والمجاميع عبر الريموت كونترول·
لا داعي، في قاموس "القوة الناعمة"، ولا ضرورة للقتال الضاري، والغزو الخارجي، والدماء الغزيرة ما دام في مقدور المال السياسي ان يشتري الولاءات، وفي امكان الاعلام الموجه تغيير القناعات، وفي استطاعة الاجهزة الاستخبارية تجنيد العملاء وعناصر الطابور الخامس القادرين على زرع الفتن المحلية، وضرب الجبهات الداخلية، وشق الصفوف الوطنية، والنيابة عن الاعداء في تنفيذ المخططات التخريبية والانقسامية·
المهم، في فلسفة "القوة الناعمة"، هو استنزاف الدول المستهدفة من داخلها، وتقويض أمنها واستقرارها بايدي ابنائها، وتشويه وعيها وبلبلة خواطرها ومشاعرها عبر اشرس حملات التضليل الاعلامي، وتحريك شعوبها ضد مصالح اوطانهم، ولكن من خلال اقناعهم بان هذه هي ارادتهم الحرة، وتوجهاتهم الذاتية الخالصة، وليست استجابة لمؤامرات الاعداء، او رقصاً على انغام الآخرين·
طوال الانتخابات الايرانية وتداعياتها، حضرت "القوة الناعمة" بشدة، وكان اللعب على المكشوف، وانداحت المناورات السياسية والدبلوماسية والاعلامية بالذخيرة الحية، ورأينا كيف اصطفت المحافل الامريكية والاوروبية والصهيونية والرجعية النفطية خلف هدف واحد محدد، هو اغتنام فرصة التنافس الانقسامي بين المرشحين الرئاسيين لهذه الانتخابات، لكي تجهز على الدولة الايرانية، وتزلزل الحكم الاسلامي فيها، من خلال ضرب المعتدل بالمتشدد، وتشجيع المظاهرات الاحتجاجية العمياء، والتشكيك في نزاهة الانتخابات، والتدخل الوقح في ادق الشؤون الداخلية الايرانية، خلافاً لكل الاعراف والمواثيق الدولية·
وهكذا، ما ان دق الكوز في الجرة، واندلعت ازمة الانتخابات الايرانية، حتى ذاب الثلج وبان المرج، وتأكد مجدداً ما كان معروفاً ومؤكداً، الا وهو ان الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا الا في صيغة مهزلة او مأساة، وفقاً لما قاله الشاعر الانجليزي رديارد كبلنج قبل قرنين، ولما كتبه المفكر الامريكي هنتنغتون في كتابه "صراع الحضارات" منذ عقدين، خلافاً لكل وعود اوباما البراقة، وخطاباته الوردية التي ثبت، في محك التجربة الايرانية، انها مجرد ذر للرماد في العيون !!
فجأة وعلى حين غرة، تجندت كل الدوائر اليهودية والصليبية لتفريغ احقادها على الاسلام الايراني، والحاقها عبر "القوة الناعمة" بركب الخراب الذي لحق العراق وافغانستان وباكستان عبر "القوة الخشنة"، ومنعها من دخول النادي الذري بمثل ما تمنع تركيا المسلمة من دخول الاتحاد الاوروبي - الصليبي، وتكبيد الرئيس الشجاع احمدي نجاد ثمناً باهظاً، لقاء انكاره خرافة المحرقة اليهودية، ودعواته لازالة الكيان الصهيوني الغاصب والدخيل من خارطة الشرق الاوسط·
لم ولن يغفروا لاحمدي نجاد عزمه على تزويد بلاده بالقوة الذرية، ودعمه لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، ومجاهرته بالعداء لليهود الصهاينة الغاصبين لتراب فلسطين، فيما رفع عرب الاعتدال اغصان الزيتون والليمون، وقدموا مبادرات السلام والوئام، واسقطوا خيارهم العسكري الى يوم يبعثون، وتزعموا حوارات الاديان التي شكلت، منذ بضعة اشهر في نيويورك، مظلة للقاء سياسي سافر ومباشر بين قادة العدو الصهيوني ونواطير النفط العربي·
نعلم ان "القوة الناعمة" ليست بدعة جديدة، بل كانت رهن المعرفة وقيد التداول منذ زمن بعيد، وتحديداً خلال فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، غير ان الجديد والخطير فيها هو شمولية المخططات، وضخامة الامكانات، وعمق الاختراقات، وبراعة توزيع الادوار، وتعدد الاطراف المشاركة، وتنوع الاساليب المتبعة، واعتماد الحد الاقصى من التكامل والتنسيق والتناوب بين المال السياسي، والاعلام الموجه، والاجهزة الاستخبارية·· وهو الامر الذي كان الرئيس بوش قد فضحه علناً قبل عامين، حين اوعز للمخابرات المركزية الامريكية وتوابعها الشرق اوسطية بزعزعة استقرار ايران، وقرر وضع اكثر من مئتي مليون دولار تحت تصرفها، من اجل انجاز هذه المهمة الخبيثة·
ومع مجيء الرئيس اوباما، او مسيلمة الكذاب، فقد تكرس نهج "القوة الناعمة"، واتسعت ميادين تطبيقها وتحقيقها، ورأيت الدول التابعة تدخل في رحابها افواجاً، وتضع ذاتها وامكاناتها في خدمة الاهداف الامريكية، واولها شن "الحروب النفسية" التي حلت، ضد الدول المستهدفة، محل الحروب العسكرية وباقي مشتقات "القوة الخشنة"·
اما اغرب واخطر ما تكشفت عنه تجليات "القوة الناعمة" على الصعيدين اللبناني والايراني، فهو فداحة حجم العمالة والتبعية والانخراط العربي في هذه القوة الافعوانية السامة، حيث رأينا بأم العين كيف تجند المال الحرام، والاعلام النفطي، والطابور الخامس، لتقزيم وتصغير المعارضة اللبنانية، مقابل تعظيم وتكبير المعارضة الايرانية·· والآتي افدح واقبح !!
وعليه، فبعد اليوم، وبفضل بركات "القوة الناعمة"، علينا توقع الانهيارات والاختراقات بالجملة، وترقب انقلاب سلم القيم، ومسطرة القياس، وميزان المعايير، وبوصلة الاتجاهات، ومنطق الاشياء، الى حد اختلاط الحابل بالنابل، وتحكم الطالح بالصالح، وملاحقة الفاسد للمجاهد، وتطاول العملاء على الشرفاء، والاشرار على الاحرار والاخيار

نجوى النابلسي
15/07/2009, 10:09 PM
الدكتور مسلم المياح المحترم

المهم، في فلسفة "القوة الناعمة"، هو استنزاف الدول المستهدفة من داخلها، وتقويض أمنها واستقرارها بايدي ابنائها، وتشويه وعيها وبلبلة خواطرها ومشاعرها عبر اشرس حملات التضليل الاعلامي، وتحريك شعوبها ضد مصالح اوطانهم، ولكن من خلال اقناعهم بان هذه هي ارادتهم الحرة، وتوجهاتهم الذاتية الخالصة، وليست استجابة لمؤامرات الاعداء، او رقصاً على انغام الآخرين·

صدقت أولاً. وأشكرك ثانية لعل شعوبنا تعي هذا الخطر.

د.مسلم المياح
15/07/2009, 11:54 PM
الاخت العزيزة نجوى النابلسي المحترمة
يحسبوننا كالفئران يجربون علينا مايحلو لهم من وصفات
شكرا لمرورك واضافتك