المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للكلمة أبراجها



أحمد الرجواني
02/08/2009, 12:39 AM
يسعدني أن أقدم لقراء واتا كاتبا متمكنا له عدد من المؤلفات المهمة خاصة في الرواية، كما له مجموعة قصصية، ويكتب اساسا في صنف من الرواية غير معروف لدى القراء وهو ما يسميه سيدي عبد الغني سيدي حيدة ب " الرواية الأطروحة"
"للكلمة أبراجها" عمود كان الكاتب ينشر من خلاله أفكاره النيرة على صفحات مجموعة من الجرائد المغربية، وبعد تقاعده من وزارة الإتصال التي كان يعمل بها رئيسا لمصلحة الشؤون القانونية، ومندوب جهويا لجهة مكناس تافيلالت، أصبح ينشره بجريدة وطنية شهرية اسمها "البيئة".
إليكم ما كتبه في آخر عدد من الجريدة:
للكلمة أبراجها
للأستاذ: عبد الغني سيدي حيدة (كاتب صحفي وباحث)

عن أية هوية تتحدث ، وأنت لاتتغنى الا بليلى ولولو وبريجيدا وحب الغاز ، ولا تكاد تعرف حتى أن هناك للوطن نشيد .
تبحث عن مرجعية تقنع بها نفسك ، وربما الآخرين ، عن معنى الهوية وحب الوطن .
بل وتتساءل في داخلك هل ما يزال لهذا المعنى موقع في عالم أصبح قرية صغيرة .
ولأنك تعلم بأن الطيور لا تحن الا لأعشاشها سرعان ما يسرح ذهنك في رحلة سيزيفية تحت لفح الشمس وغزارة المطر ، وتنسى أنك تستظل بنشيد الوطن .
الدرس الأول:
حدثني (س.د) وهو من اصل مغربي ، يعتنق الديانة الاسلامية ويقطن حيا راقيا باحدى المدن الأوربية ، قال :
״ بينما هو ذات ليلة ببيته أخذت بانتباهه أصوات كهزيز النحل ملأت فجأة فضاء غرفة نومه . وعندما أصاخ السمع انتبه الى أن الأصوات تنبعث عبر أرضية الغرفة . انبطح أرضا وهو يضع احدى أذنيه ملاصقة للأرض وأصاخ السمع، ثم لم يلبث أن ايقظ زوجته وابنتيه الصغيرتين وانبطحوا جميعا وآذانهم الى الأرض يستمعون وأنفاسهم مشدودة الى كلمات النشيد الوطني المغربي تخترق في القاء جماعي سقف الغرفة التي تحتهم في رقة وخشوع وجلال .
في صباح اليوم الموالي طرق (س.د) باب بيت جاره (ع.ل) ذي الديانة اليهودية والأصول المغربية . قال:
- لقد أيقظتني في عز الليل يا صديقي .
أجابه جاره :
- هل لي أن أعتذر . لقد كنت القن حفيدي ذي الست سنوات.
قال :
- ما جئت الا لأشكرك لأنك ذكرتني بنشيد الوطن .
الدرس الثاني:
حدثني (ح) وهو اطار في سلك التربية والتعليم أنه حضر في احدى اللقاءات الدراسية التوجيهية التي نظمت مؤخرا لفائدة أطرعليا جهوية تابعة لسلك التربية والتعليم ، وأنه بعد ساعات من الطروحات والنقاش فاجأهم المشرف على تأطير اللقاء برفع جلسة النقاش الى وقت محسوب ، وأنه بدل أن يتركهم يغادرون القاعة اقترح عليهم (امام اندهاش الجميع) شيئا ما عهدوه طيلة حياتهم المهنية .
سألته :
- وماذا كان الاقتراح .
أجاب :
- لقد طلب من الجميع أن يقلدوه في ما يفعل ، حيث شرع يقوم بحركات تسخينية ككشاف شاب يدخل مجاهل غابة يغطي ارضيتها الجليد .
سألته :
- ثم ماذا .
قال:
- ثم شرع يردد النشيد الوطني والجميع يردده معه .
سألته:
- هل قلت الجميع .
أجاب :
- قلة كانت لا تحفظه عن ظهر قلب . لقد كان درسا لا ينسى لمن هم يقدمون الدروس ويشرفون على وضع المناهج واعداد الأطروحات .
لاشك انك بحدسك الرفيع أدركت أنه مقام من برج شموس افلاكه بعدد حروف نشيد الوطن .
عبد الغني سيدي حيدة