المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانترنت والحكومات العربية



فؤاد بوعلي
22/01/2007, 10:50 AM
تقديـم: العـرب و(الانترنـت)
بالنسبة لحكومات تعتبر حرية الرأي والتعبير قيماً غريبة وغير مرغوب بها، تُصبح الحاجة لشبكة (الانترنت) أكثر إلحاحا ووسيلة هامة لجمهور تزداد أعداده يوماً بعد يوم يختلفون مع هذا الرأي، ممن شاء حظهم أن يعيشوا في بلدان تُسيطر عليها حكومات وصل أغلبها إلى الحكم بطُرق بعيدة عن الديموقراطية.
ولعل هذا ما يُفسر هذا التوسع الكبير في عدد مستخدمي (الانترنت) في المنطقة العربية؛ حيث كاد الرقم يتضاعف في أقل من ثلاثة أعوام، حيث بلغ في منتصف يونيو 2004 نحو 14 مليون مستخدم، ليصل في نهايات هذا العام ـ 2006 ـ إلى نحو 26 مليون مستخدم كما يُشير شريف إسكندر المدير الإقليمي لمجموعة (جوجول) العالمية في الشرق الأوسط. (1)
ولم تكن الحكومات العربية بحاجة للموجة التي اجتاحت أغلب دول العالم من تقييد حرية استخدام (الانترنت) بزعم "محاربة الإرهاب" حيث أن التقييد هو سمة أساسية لهذه الحكومات، لكنها أيضاً لم تفوّت هذه الفرصة لطرح مزيد من التضييق والتقييد لحرية الرأي والتعبير وضمنه بالطبع حرية استخدام (الانترنت).
في (الانترنـت).. الموقـع بعشـرة أمثالـه!
إلا أنه وبالرغم من آلاف المواقع المحجوبة، والتي كان للسعودية وتونس وسوريا نصيب الأسد منها، فقد ظهر للنور مقابل هذه الأعداد الضخمة من المواقع التي تم حجبها، آلاف من المواقع الجديدة التي يطرح الكثير منها نفس أفكار المواقع المحجوبة، بل وتتجاوزها أيضاً في شدة النقد وغزارة المعلومة. ولعل قيام جماعة الإخوان المسلمين في مصر على سبيل المثال بإطلاق عشرات المواقع التي تُعبر عنها، بعد حجب موقعها الرسمي في مصر وسوريا، يُعطي مؤشراً واضحاً للمهمة الصعبة التي تضطلع بها العديد من أجهزة هذه الحكومات لمحاولة الحد من تدفق المعلومات عبر شبكة (الانترنت) وما تحمله هذه المعلومات من رؤى وأفكار لا ترضى عنها هذه الحكومات، لا سيما حين تجد هذه الأجهزة نفسها مضطرة لرفع الحجب عن بعض هذه المواقع، بعد أن أصبح الحجب غير ذي فائدة بسبب نشأة مواقع أخرى تطرح نفس الموضوعات، وهو ما حدث مع موقع الإخوان المسلمين الذي تم رفع الحجب عنه في مصر، ليُضاف لأكثر من عشرة مواقع تُعبر عن الجماعة.
أجهـزة الكمبيوتـر.. ديكـور جيـد!
لا تدخر حكومة عربية جهداً للإعلان عن دعمها للتقنية الحديثة وتنفيذها لبرامج طموحة لتحديث وتطوير أجهزتها، وعمل قواعد بيانات حديثة إعتماداً على أجهزة الكمبيوتر وشبكة (الانترنت)، ورغم قيام بعض الحكومات لاسيما في منطقة الخليج العربي بقطع شوط كبير في هذا المجال، إلا أن دول أخرى راحت تتوسع في استخدام هذه الأجهزة وتوزعها على هيئاتها ووزاراتها دون أن تُدرب العاملين بتلك الهيئات على كيفية استخدامها تدريب كافي مما جعل الكثير من هذه الأجهزة غير المستخدمة مجرد ديكور على مكاتب هؤلاء الموظفين، الذين استمروا بالعمل بنفس النهج القديم من خلال الأوراق والملفات الكرتونية.(2)
وتُعد هذه الطريقة في التعامل مكلمة لنفس النهج السائد في البلدان العربية التي تُسارع دائماً في اللحاق الشكلي بكل جديد دون وجود الرغبة الجادة في التعامل معه، مثلما هو الوضع بالنسبة للتوقيع على مواثيق حقوق الإنسان أو إعلان الحكومات "الالكترونية" أو سن تشريعات للبيئة دون أن تجد هذه المشاريع الطريق للنفاذ الفعلي على أرض الواقع.
وحـدة أمنيـة حكوميـة.. ووحدة "الكترونيـة" شعبيـة!
لم تستمر أي من مشاريع الوحدة بين الدول التي شهدها العالم العربي بدءاً من خمسينيات القرن الماضي حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، إلا أن وحدة أخرى تمت بشكل جزئي ولكن بنجاح فائق وإن لم تُعلن، وهي الوحدة على مستوى أجهزة الشرطة أو وزارات الداخلية العربية؛ فاجتماعات وزراء الداخلية العرب تتم دون تأجيلات ودائماً ما تُسفر عن تعاون وثيق بين أجهزة الشرطة العربية يصل لحد الاتفاق الكامل على أهمية تداول المعلومات وتوزيعها، حيث يتم استخدام شبكة (الانترنت) بشكل جيد، بما يسمح لأي شرطي في أي مطار أن يُخبرك بتاريخ حياتك وعدد القضايا التي اتُهمت بها، وأي سجن تم احتجازك به وميولك السياسية والمنظمة الحقوقية أو السياسية التي تنتمي إليها، سواء كانت سرية أم علنية.(3)
ولعل لقاء وزراء الداخلية العرب في فبراير 2006 بتونس يُوضح بشدة التوافق الكامل بين هؤلاء الوزراء بشأن أهمية حجب المواقع التي "تُشجع على الإرهاب" دون وضع تعريف محدد حول ماهية هذا "الإرهاب" الذي يقصدونه.(4)
وعلى الجانب الآخر، فقد أتاح (الانترنت) لمستخدميه العرب ليس فقط بأن يتواصلوا مع بعضهم البعض بشكل واسع، ولكن أيضا مع جنسيات أخرى بالطبع، إلا أن تواصلهم مع بعضهم البعض كعرب خلق ما يُشبه "الوحدة الالكترونية"، من خلال المنتديات والمواقع التي تُتيح تفاعل بين زوراها وتبادل الخبرات الواسعة، لاسيما في ظل تشابه الظروف القمعية في الدول العربية؛ فنجد أن نشوء "حركة كفاية" في مصر على سبيل المثال، قد أعقبه حركات شبيهه في كل من اليمن وليبيا وتونس، يحمل بعضها نفس الاسم، ويحمل بعضها الآخر أسماء مختلفة، ولكنها جميعاً تصب في نفس الاتجاه.
فضلا عن المدونات العربية التي رغم حداثة نشأتها فقد ساهمت بشكل فعَّال في وجود كتل متجانسة بين النشطاء العرب وحملات قوية للدفاع عن المستخدمين الذي يتعرضون لانتهاك من الحكومات، وصولاً لأول حالة "لجوء سياسي الكتروني".(5)
قمـة المعلومـات في تونـس.. حيـن ينقلـب السـحر على السـاحر!
ليس هنالك أصدق من هذا العنوان الذي استخدمته قناة الجزيرة على موقعها ليصف ما أسفرت عنه قمة المعلومات التي عُقدت في تونس في نوفمبر 2005.(6)
فهذا الحدث الذي سعت الدول العربية ـ وبخاصة الحكومة التونسية لتحويله إلى بوق دعائي حول انجازات وهمية ـ جاء فرصة أحسنت المنظمات غير الحكومية، وبخاصة دعاة الديموقراطية، استخدامها ليُسلط الضوء على حقيقة الأوضاع المزرية التي تُخيم على حرية الرأي والتعبير لاسيما في تونس، التي شهدت إضرابا عن الطعام لثمانية من النشطاء السياسيين والحقوقيين فيما سُمي بـ "إضراب الجوع" استطاع لفت الأنظار بقوة لحقيقة الأوضاع السياسية المتدهورة في تونس، وهو الأمر الذي جعل الرئيس التونسي يفقد أعصابه منتقداً لهؤلاء الذي فضحوا هذه الانتهاكات ومتهماً إياهم بالخيانة ومشككاً بوطنيتهم.(7)
وكأن الاعتراض السلمي على ممارسات بوليسية قاسية يُعد خيانة وطنية، مما يُعد تطابقاً مع النمط الشائع من الاتهامات التي توجهها الحكومة السورية لمنتقديها سواء في الصحافة المطبوعة أو الالكترونية.
المواقـع الإسـلاميـة مازالـت في الصـدارة
وعلى الرغم من ظهور العديد من المواقع العلمانية أو حتى اللادينية أو التي تنطق بلسان مجموعات دينية غير إسلامية، إلا أن الغلبة مازالت للمواقع الإسلامية، بحيث نجد أنه بين المائة موقع الأكثر شيوعاً باللغة العربية، كانت هناك عشرة مواقع إسلامية متشددة بدرجة كبيرة، وكما يقول (ألبرشت هوفهاينز)، فهذه الظاهرة فريدة من نوعها في العالم، لأنه لا يوجد باللغات الأخرى في المواقع المئة الأولى مواقع دينية على الإطلاق.(8)
بالطبع فإن هذه الصدارة تعكس اهتمامات المستخدمين العرب وقُراء اللغة العربية، إلا أننا لا نستطيع إغفال الدور الذي تلعبه التوجهات الحكومية التي تتحكم بالرقابة والحجب، والذي يتم غالباً ضد المواقع السياسية والعلمانية أو الحقوقية في المقام الأول، حتى أن موقعا مثل "الحوار المتمدن"والمعروف بعلمانيته ودفاعه عن حرية الرأي والتعبير وحقوق الأقليات والمرأة، قد تم حجبه في أربع دول على الأقل هي السعودية والإمارات وتونس والبحرين مؤخراً. رغم عدم تضمن هذا الموقع الشهير لأي إساءة أو دعاية كراهية موجهة ضد أي حكومة، فقط نقد سياسي وتداول للأفكار العلمانية. مما جعله يُطلق حملة بعنوان "الدفاع عن حرية التعبير على شبكة (الانترنت)، والتضامن مع الحوار المتمدن".(9)
وكذلك العديد من المواقع الحقوقية والسياسية التي تم حجبها في العديد من البلدان العربية إما لتناولها الانتهاكات التي تُمارسها حكومات تلك البلدان أو لنقدها السياسي. وهو ما يكشف بوضوح كذب الادعاء الذي تستمر الحكومات العربية في تقديمه حول أسباب قيامها بحجب هذا الموقع أو ذاك، ولعل قيام الحكومة البحرانية على حجب نحو 17 موقعاً في الشهور الأخيرة، تناولت ما عُرف بـ "فضيحة البندر"، بينها موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، يُعطي مثالاً إضافياً على هذه الادعاءات الكاذبة. لتُصبح الادعاءات بحجب المواقع المغايرة للقيم والأعراف والمناهضة للدين الإسلامي بمثابة إشارة غير صريحة موجهة للمواقع العلمانية والسياسية.

الهوامش
1 ـ جريدة الوطن السعودية في 25 نوفمبر 2006
2 ـ زيارة لبعض المكاتب في وزارة العدل في مصر قام بها جمال عيد مدير الشبكة العربية، وكذلك زيارة أخرى لوزارة الإعلام في اليمن.
3 ـ لقاء مع بعض النشطاء الحقوقيين والسياسيين حول توقيفهم في بعض المطارات العربية. فضلاً عن تجربة شخصية لكاتب هذه السطور في مطار إحدى الدول العربية ومنعه من دخولها بحجة عمله في مجال حقوق الإنسان الذي يُمثل "خطرا" على الأمن.
4 ـ وزراء الداخلية العرب يسعون لإحكام سيطرتهم على الانترنت؛ بيان لـ 17 منظمة حقوقية منشور على موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بتاريخ 19 فبراير 2006.
5 ـ سامى بن غربية، حق اللجوء، مدونة فكرة،
http://www.kitab.nl/2005/12/28/haq-alloujou
6 ـ قمة المعلومات في تونس.. حين ينقلب السحر على الساحر: موقع "الجزيرة" في 17 مايو 2006.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/169EED60-F7BD-4BA3-869C-C9DCC2351251.htm
7 ـ المصدر السابق
8 ـ الانترنت في العالم الإسلامي. حوار في موقع قنطرة بتاريخ 11 مايو 2005.
http://qantara.de/webcom/show_article.php?wc_c=471&wc_id=101
9 ـ الحوار المتمدن
http://www.rezgar.com/camp/i.asp?id=29
عن موقع : الحوار المتمدن

عامر العظم
22/01/2007, 11:20 AM
الإنترنت خطاب جماعي!

الأخ الدكتور فؤاد،
قد تستغرب إن قلت لك بأنني أعتقد أن العلة ليست في الحكومات العربية بل في موظفين ومسؤولين ومدراء صغار، مخابرات، استخبارات، يحاولون أن يظهروا لوزرائهم أو رؤسائهم، الذين قد يكونون أكثرا وعيا من هؤلاء المسؤولين، أنهم يتابعون ينجزون، ويا له من إنجاز!

إنها عقدة الخوف التي تسيطر على الجميع، مواطنين ومبدعين ومسؤولين مفلسين أو جبناء أو منافقين!
الجميع خائف وكل يخاف من نفسه وظله ومصدر الخوف غير معروف في أكثر الحالات وهذه هي المشكلة!

لو كنت مسؤولا في الدول العربية، لعقدت دورات محو الأمية الإلكترونية للعقول العربية وأساتذة الجامعات ووفرت لهم خدمات الإنترنت والظروف المعيشية الطيبة ودعوتها إلى الإنتشار لإحداث قوة عربية!

غبي من يعتقد أنه يستطيع وقف هذا الطوفان الهائل من المعلومات! التطور التقني الهائل والبريد الإلكتروني لا يمنعك من الوصول إلى أي كان وايصال ما تريد إلى عقر دماغه! الجمعية مثال! أنت في كبسة زر قادر على إرسال رسالة بالمضمون الذي تريد إلى عشرات آلاف العقول! أنت قادر على إحداث ثورة أو إعلان حرب عالمية على أي جهة أو دولة! إنها كرة الثلج العملاقة والويل لمن يحاول التفكير بالاقتراب منها أو الوقوف أمامها!

لهذا أعتقد أن على الهيئة العربية لاجتثاث الخوف مسؤولية هامة في المرحلة الحالية:)

تحية استعمارية كاسحة للألغام والجليد وعابرة للقارات والمحيطات والعقول:)

فؤاد بوعلي
22/01/2007, 12:45 PM
أخي عامر
أتفق معك في جزء كبير من حديثك وأظن أن المسألة هي أعمق من الأنترنت وعلاقته بالمواطن ، بل الأمر يرتبط في جوهره بالحالة السياسية التي تعيشها الأمة العربية والتي تعرف شكلا مبتكرا من النماذج السلطوية التي تفرض حصارا على المعلومة ... وأنت تعرف أن هناك دولا لا تمنع نشاطات جمعيات ثقافية كجمعيتنا ـ على الأقل رسميا ـ لكنها تتخوف من مثل هذه التجمعات ومن هذه الإرادة القوية في الإبداع ، لذلك تستعمل أساليب أخرى في التضييق والتحذير و"لقمة العيش" ...لأن الإبداع في جوهره حرية .... والحرية لا يمكنها أن تلتقي مع التسلط ...
فهل سينجحون ؟ ....لا أعتقد في زمن العولمة والقرية الإعلامية يصعب على امم منغلقة أن تعيش إذا لم تساير زمن النهوض والثورة التقنية
تحية ثائرة
ودي وتحياتي

عامر العظم
22/01/2007, 01:05 PM
أخي فؤاد،
جميعنا يبحث عن الحرية ولهذا نتعلق بهذا الوطن الحر...وطن الأوجاع والمقهورين والفارين من عبث الأرض!
لم أتعرض لمضايقات والحمد لله لكنني مستعد للموت لأجل حريتي وتهون علي الشدائد لأنني إنسان بسيط مؤمن بأن الأعمار والأرزاق بيد الله!

كنت طيبا نقيا في البداية عندما جلست عاما كاملا أحشد المترجمين وأصرخ أين مأمون هذا العصر وكنت أعتقد بأنه سيأتي ويؤسس لنا موقعا ومقرا ولهذا لم ننشئ موقعا من البداية! كنت حالما بريئا!

كنت ولا أزال أصاب بالجنون لعدم تفاعل مئات أو آلاف الأعضاء برغم أنهم يعرفونني ويراسلوني ويستنزفونني في الجبهات الخلفية ويثقون بي..ومن خلال متابعتي للرسائل والتجاهل من الأغلبية، وصلت لقناعة بأنه الخوف اللعين من رب العمل والجامعة والدولة!

كنت أبث فيهم روح العزم وأكرر "بأن الجمعية ستدافع عنكم برا وبحرا وجوا" و "أبناء وبنات الجمعية أعزاء عليها وعلى قلبها وهي معهم في السراء والضراء" "الكلمة للجمعية حتى إشعار آخر" لكن عبثا! إنه الخوف اللعين!

أعتقد أننا كنا أذكياء، نبني وننجز ونعرف العالم بإنجازاتنا وكنت أدرك شخصيا منذ البداية بأن بناء قوة عظمى لا يأتي من خلال العمل الشاق خلف الكواليس فحسب، بل من خلال مراكمة الإنجازات والتعريف بها ولهذا بنيت يوميا مجموعة إخبارية قوية وجمعت عشرات العناوين الإلكترونية بأصابعي هذه!
لو استسلمنا لخذلان الأمة والمترجمين، لما قامت جمعية!

إنهم جميعا يهابون الجمعية ولهذا لا أتوقع أن يدعمها ماديا أحد!

تحية حرة

فؤاد بوعلي
22/01/2007, 08:38 PM
أخي عامر
وطننا رائع وقوي بدعم أو بدونه .... فيه وجدنا هويتنا المتناثرة على أبواب السلاطين ....وفيه أحببنا أناسا فرقتنا عنهم حسابات الفقه العبثي .... عشقناه حتى التيه ...غضبنا .... ثرنا ....لكننا لم نفقد أبدا التعلق به .... فهل تظن أن أحدا يمكنه أن يدعم وطنا يحبه أبناؤه حتى الجنون ؟ ... هم يدعمون اشكالا ليقال عنهم مثقفون .... يؤسسون لمؤتمرات حتى يحكى أنهم مفوهون .... يجمعون حولهم تجار الكلمات ليروى أنهم مفكرون ....فهل يا ترى نقبل أن نعيد ما هو موجود في أرض كل سلاطينها منافقون ؟ ... نحن ثوار جمعنا البحث عن الحقيقة في زمن التيه ... وأدباء نؤسس لكلمة غاب عنها رونق الشعور ... ومترجمون يكملون حلم المأمون .... ومبدعون لا يتخلفون عن قضيتهم ... فكيف ننتظر دعم السلاطين ؟
تحية ثائرة بدون دعم
ودي وتحياتي

بنت الشهباء
22/01/2007, 11:06 PM
الجنرال الحرّ
الدكتور فؤاد بو علي
وسيد المحاورين الشرفاء
الأستاذ عامر العظم

ما أجمل أن تلج ابنة الشهباء صفحة الأحرار الشرفاء , والرجال الأشاوس
الذين لم نعهد منهم إلا حسن القول , وشجاعة الرأي , وجرأة الكلمة دون خوف ولا وجل إلا من الله خالقهم فهو حسبهم وكافيهم ...
وحقّا والله إن هذا الوطن الذي جمعنا من كل حدب وصوب , ووحد بين قلوبنا وأفكارنا ليجعل منّا وحدة كاملة لا يمكن لأي خائن وجبان مراوغ , ومنافق لئيم أن يخترق صفوفنا العنيدة الصلدة ...
ولن نسميها هذه كما يسميها البعض بأنها وحدة الكترونية , بل وحدة فكرية منظمة قويّة عتيدة برجالها وفرسانها الأبطال ...
مع أننا نجد أن هناكَ من يحبّ أن يقف ويسمع صوت الأحرار من وراء الأسوار , ولا يكلّف نفسه ويحاول أن يخترق الحواجز المصطنعة التي وضعها أمام طريقه .. لأنه يخاف بالأصل من نفسه قبل أن يخاف ممن هم حوله ....
ومع هذا فإننا نجد من واجبنا أن يعلو صوتنا ونعلنها صرخة مدوّية في الآفاق :
نحن الأحرار أتينا من كل مكان , وقررنا أن نسكن هذا الوطن الكبير والصرح الشامخ , وسنلتزم معه بأمانة الكلمة التي استخلفنا الله عليها , ولن نستكين ونستسلم لأننا نعلم بحق أن كلمتنا لن تموت .... بل ستبقى حيّة وسيرددها الأجيال من بعدنا ...
هذا هو عهدنا مع الوطن , ومن أراد أن يلتزم بهذا العهد فليعلن معنا كلمة شرف أنه لن يخون العهد , وسيدفع عن كاهله ثقل الخوف والجبن ..

تحيّة شرف

عامر العظم
23/01/2007, 03:37 AM
الجنرال فؤاد بوعلي..اللواء أركان حرب ابنة الشهباء،

أعتقد أن التوازن الاستراتيجي قد تحقق الآن! فلدينا بحمد الله زر نووي:) ، مثل بوش وبوتين، نستطيع أن نضغط عليه لشن أي حرب إقليمية أو عالمية، لكن عادلة!

قنابل وصواريخ واتا النووية والعنقودية والبالستية تختلف في أنها مشحونة بالفكر المستنير المترجم إلى عدة لغات المقذوف من منصات عالية التقنية بعيدة المدى عابرة للقارات والمحيطات ولا تخترق إلا العقول وهنا تكمن خطورتها التدميرية الفائقة!

تحية بدون ضغط على الزر النووي:)

فؤاد بوعلي
23/01/2007, 05:39 PM
أخي الفاضل عامر .... أختي بنت الشهباء
في زمن القمع الأنترنيتي يظل وطننا علامة على شموخ عربي بكل المقاييس ...نصدع بالحق وبسشرف الإبداع دون موالاة أو مواربة أو وجل ....
لكن حذار من الضغط على الزر فالأمر جلل :) :) :)
تحية بدون خوف

محمد أسليم
26/01/2007, 12:57 AM
أميل بالأحرى إلى الظن بأن إدراك الحكومات العربية شعوريا أو لا شعوريا للخطر الذي يشكله الأنترنت عليها هو ما يكمن وراء عدم اختيارها الرقمية رهانا استراتيجيا للتنمية رغم ارتفاع العديد من الأصوات هنا وهناك، في الغرب بالخصوص، التي تنبه العرب والمسلمين وعموم دول العالم الثالث بأن الثورة الرقمية تمنح هذهالشعوب الآن فرصة ذهبية لاستدراك ما فاتها - أو فوتته على نفسها - مع الثورة الصناعية.
وجه الخطر يكمن في التماثل القائم إلى حد ما بين ما يُحدثه الأنترنت الآن وما أحدثه ابتكار المطبعة في القرنالخامس عشر:
بظهور المطبعة، خرج الكتاب من حيز الممتلك الثمين الذي لا يقوى على شرائه إلا الأثرياء، ومن ثمة ندرته، إلى شيء عادي في متناول الحشود، ومن ثمة تضاعف أعداده.
في زمن المخطوط كانت القراءة تتم بصوت جهوري، كان الكتاب الواحد يُقرأ على جموع المنصتين، ومن ثمة كان مُحتواه يدخل ضمن القدسيات التي لا يجب أن تتجاوز مهمة المرء فيها الحفظ والفهم.. بمجيء المطبعة، ظهرت القراءة الصامتة، فتولد عنها القكر النقدي، وهو ما أدى إلى ظهور حركة الأنوار والنزعة الإنسانية في أوروبا، ومن ثمة يؤكد العديد من المؤرخين أن ابتكار المطبعة كان وبالا على الكنيسة وملوك أوروبا آنذاك في وقت واحد، إذ أبعدت القراءة النقدية للكتاب (الذي صار في متناول الحشود) المؤمنين عن الكنيسة وجعلت الرعايا يشقون عصا الطاعة عن ملوكهم (الذين كانوا يُعتبرون ممثلين لسلطة الله في الأرض طبعا).. يمكن افتراض عدم تحمس الحكومات العربية على امتداد القرنين السابقين لمحو الأمية من مجتمعاتها، بل وإمعانها في تجهيل شعوبها، إجراء وقائيا ضد هذه «الآفة»..
الأنترنت والنشر الإلكتروني عموما، يمضي إلى أبعد بكثير مما أنجزته المطبعة. نحن الآن نعيش انفجارا تواصليا حقيقيا، ناهيك عن أن مجرد التوفر على جهاز حاسوب متصل بالشبكة ومعرفة أبجديات وضع النصوص على الشبكة صار الآن يُعادل امتلاك دار نشر بكاملها تضع المؤلف في علاقة مباشرة مع قرائه المفترضين دون المرور بأي من الرقابات التي ظلت لقرون طويلة تعيق رواج النصوص والأفكار ..
محبتي

عامر العظم
26/01/2007, 11:27 AM
نحن نملك زمام المبادرة!
الأخ الدكتور محمد أسليم،
أحييك على مداخلتك القيمة وأدعو الجميع إلى قراءتها بتمعن.
يبدو أن السلطات الأرضية العربية فقدت جزءً كبيرا من قوتها وهيبتها وقدرتها على التأثير ومنع التواصل والتجمع والتجمهر.
نحن بحمد الله نملك أسلحة خطيرة لا يملكها غيرنا في هذا التجمهر العربي العظيم، منها على سبيل المثال:
حشد عظيم من المترجمين واللغويين والكتاب والأدباء والمتابعين أصحاب الفكر التواقين إلى الحرية.
القدرة على التواصل في أي وقت مع شرائح لا محدودة بدون جدران عازلة. نحن منتشرون في جميع أصقاع الأرض ونتقن جميع لغاتها!
قوة إعلامية خطيرة متمثلة بمجموعة واتا الإخبارية (5000 عقل) وبريد رسمي يصل مداه الآن إلى 48000 عقل!
القدرة على التأثير طويل المدى.

ولهذا:
لا يجب أن نلتمس القوة ممن لا يملكها وأعني بها الحكومات العربية. نحن أقوى منها بحمد الله ونملك زمام المبادرة!
لا يجب أن نتوقع منها الدعم لأننا نشكل خطرا عليها، في نظرها على الأقل، بما أننا نملك أسلحة الفكر والترجمة والتقنية.
يجب على الجميع التركيز ووضع ثقلهم وقوتهم في هذا الكيان الحضاري العربي العظيم.
يجب أن يشعر الجميع أننا قوة عظمى في العالم ويتصرفوا على هذا الأساس!

عباس النوري
26/01/2007, 01:26 PM
نحن نملك زمام المبادرة!
الأخ الدكتور محمد أسليم،
أحييك على مداخلتك القيمة وأدعو الجميع إلى قراءتها بتمعن.
يبدو أن السلطات الأرضية العربية فقدت جزءً كبيرا من قوتها وهيبتها وقدرتها على التأثير ومنع التواصل والتجمع والتجمهر.
نحن بحمد الله نملك أسلحة خطيرة لا يملكها غيرنا في هذا التجمهر العربي العظيم، منها على سبيل المثال:
صرح عظيم من المترجمين واللغويين والكتاب والأدباء والمتابعين أصحاب الفكر التواقين إلى الحرية.
القدرة على التواصل في أي وقت مع شرائح لا محدودة بدون جدران عازلة. نحن منتشرون في جميع أصقاع الأرض ونتقن جميع لغاتها!
قوة إعلامية خطيرة متمثلة بمجموعة واتا الإخبارية (5000 عقل) وبريد رسمي يصل مداه الآن إلى 48000 عقل!
القدرة على التأثير طويل المدى.

ولهذا:
لا يجب أن نلتمس القوة ممن لا يملكها وأعني بها الحكومات العربية. نحن أقوى منها بحمد الله ونملك زمام المبادرة!
لا يجب أن نتوقع منها الدعم لأننا نشكل خطرا عليها، في نظرها على الأقل، بما أننا نملك أسلحة الترجمة والفكر والتقنية.
يجب على الجميع التركيز ووضع ثقلهم وقوتهم في هذا الكيان الحضاري العربي العظيم.
يجب أن يشعر الجميع أننا قوة عظمى في العالم ويتصرفوا على هذا الأساس!

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
أتفق مع كثير مما كتبتموه وأن كلامكم لعين الصواب بخصوص الأنترنيت وهذا الصرح العظيم والعظمة لله وحده هو القادر على كل شيء.
أما ...مداخلتي بخصوص طلب الدعم ... أو بالأحرى طلب شيء من فاقده...أن أكثر الحكومات العربية تطلب أمور كثيرة من الغريب وتتناسى الأحبة والأهل والأبناء...فالحكومات العربية فاقدة لأهم الأمور في الحياة ألا وهي المصداقية والخوف من كل شيء...فلماذا تدعمكم او تدعمنا إن صح التعبير ...فكلها خائفة من أن نأخذ كراسيها ولهذا السبب أن طال أياديها تحاربنا دون دعمنا...
أتمنى لو كان الطلب لغيرهم لكان أجدر وأنفع والله المستعان

تحياتي وحبي لكل من يكتب جملة مفيدة ملئها الحب والأخاء

محمد المهدي السقال
26/01/2007, 06:00 PM
الإنترنيت و الجمعية و أنا

أما لماذا تأخير ضمير المتكلم المنفصل في العنوان ,
فلأن الذات فانية بالتفرد خارج المجمعة ,
ومن ثم فلا وجود لها بالمطلق , إلا من خلال الارتباط بالجماعة على خلفية ما يشكل علة وحدتها الإنسانية ,
و لأن الدم قديم , و لأن العرق قديم ,
فإنه لم يتبق للإنسان رابط أقوى غير اللغة , بمفهومها و بعدها الإنساني , وحدها أداة تجسيد الكينونة والهوية .
أما لماذا توسط الجمعية بين الضمير والإنترنيت ,
فلأن وجودها بالقوة أو بالفعل , لا يمثل غاية في حد ذاتها ,
باعتبارها في الأصل خلاصة نشاط الأنا ضمن الجماعة ,
تلك الجماعة التي تجاوزت في بنينتها ترابطات الوجود الانتربولوجي , لتشكل قاعدة لها في البناء , الرؤية الكونية والعمق الإنساني , من أجل أن يكون الإنسان المبتدأ والخبر في جملة الحياة .
و أما الإنترنيت , الذي لا أعرف وباء بلغ من الانتشار مثل ما بلغه , حتى صار قاب قوسين أو أدنى , من الهواء الذي لا يكون العيش بدونه,
فإنه يعتبر العلة والمعلول , الوسيلة والغاية , من وجهين ,
أحدهما مبناه المادي بلبوسه التكنولوجي أفقيا , باعتبار التوسع في المكان ,
ويبدو من خلاله أنه مرشح لتطورات يستعصي الآن حتى التنبؤ بآفاقها , وثانيهما معناه الدلالي برمزيته الإنسانية عموديا, باعتبار الامتداد في الزمان ,
أما بعد ,
فإن الجمعية التي تتوسط بين الإنترنيت وأنا ,
مطالبة أكثر من أي وقت مضى للتفكير بإبداع أقوى ,
في التعبير عن دورها الحضاري ,
لرسم معالم قيادة العالم المتجدد ,
لقد بدأت تتكون لدي قناعة شخصية ,
بأن الجمعية قادرة على حمل مشعل الدعوة الجديدة ,
من أجل تلك الرؤية الكونية , غير المحكومة بظرفية التحولات غير الموضوعية ,
لتكون أكبر من التصنيفات ,
أشمل من التحديدات ,
لتكون ببساطة صوت الإنسان وضميره في الحاضر والمستقبل ,
هل أكتب قصة قصيرة ؟
أتمنى ألا يكون الأمر كذلك

محمد المهدي السقال
المغرب
*

ابراهيم الداقوقي
27/01/2007, 01:24 PM
اقتباس
و أما الإنترنيت , الذي لا أعرف وباء بلغ من الانتشار مثل ما بلغه , حتى صار قاب قوسين أو أدنى , من الهواء الذي لا يكون العيش بدونه,
فإنه يعتبر العلة والمعلول , الوسيلة والغاية , من وجهين ,
أحدهما مبناه المادي بلبوسه التكنولوجي أفقيا , باعتبار التوسع في المكان ,
ويبدو من خلاله أنه مرشح لتطورات يستعصي الآن حتى التنبؤ بآفاقها , وثانيهما معناه الدلالي برمزيته الإنسانية عموديا, باعتبار الامتداد في الزمان ,
أما بعد ,
فإن الجمعية التي تتوسط بين الإنترنيت وأنا ,
مطالبة أكثر من أي وقت مضى للتفكير بإبداع أقوى ,
في التعبير عن دورها الحضاري ,
لرسم معالم قيادة العالم المتجدد ,
لقد بدأت تتكون لدي قناعة شخصية ,
بأن الجمعية قادرة على حمل مشعل الدعوة الجديدة ,
من أجل تلك الرؤية الكونية , غير المحكومة بظرفية التحولات غير الموضوعية ,
لتكون أكبر من التصنيفات ,
أشمل من التحديدات ,
لتكون ببساطة صوت الإنسان وضميره في الحاضر والمستقبل ,
هل أكتب قصة قصيرة ؟
أتمنى ألا يكون الأمر كذلك
محمد المهدي السقال - المغرب
كلا ... يا سيدي الاستاذ السقال
انت لست بحالم ولا تكتب قصة رومانتيكية من اجل تغيير العالم ، وانما افصحت عن الحقيقة في اجلى مظاهرها . لان الانترنت التي اصبحت ( فانوس علاء الدين السحري ) في تلبية حاجاتنا النفسية - الاجتماعية ، قد حطمت ما يسمى بالحدود التلفزيونية - الجغرافية ، واتاحت للدول المالكة لأقمار البث التلفزيوني المباشر ان تمطر البلدان العربية - واقطار العالم الثالث بعد ان مدّت سلطانها خارج اقاليمها الجغرافية - بالبرامج والاعلانات التي تتعارض ، في كثير من الاحيان ، مع ثقافاتها وتراثها من جهة ، ومع امكاناتها الاذاعية والتجارية والتواصلية من جهة اخرى .مما يشكل تحديا كبيرا لهويتنا وخصوصيتنا .
ولما كانت المصداقية الاعلامية تتطلب توفر هامش كبير من الحرية لتطبيق ديموقراطية الاعلام ، من اجل ان يستطيع الخطاب الاعلامي ممارسة الموضوعية والجدة والحيادية والشفافية ، فان ممارسة الحكومات العربية لوصاية الدولة الفكرية تضيّق من نطاق هامش الحرية من جهة وتحد من حرية الاعلامي في ممارسة مسؤوليته الاجتماعية في اطار اخلاقيات المهن الاعلامية من جهة اخرى . ولذلك فانها عاجزة عن مواجهة التحديات التي تواجه بلادنا العربية - الاسلامية في القرن الحادي والعشرين . حيث تؤكد الدراسات الغربية الحديثة " ان من بين 22 دولة عربية ، هناك دولة عربية واحدة فقط تتمتع بحرية الاعلام وثلاث دول تتمتع بحرية جزئية ، في ما تعيش شعوب 18 دولة في انظمة لا تعترف باي نوع من الحرية الاعلامية " . كما ان تلك الوصاية تعرقل عملية التفاعل بين وسيلة الاعلام وجمهورها ، وتتيح المجال للاعلام المعادي ان يندس بينهما ويهوي بمعاوله على بناء الوعي الجمعي الجاد و الموضوعي لقضايا المجتمع الاساسية : العدالة وحقوق الانسان والديموقراطية ونقد الفساد والسلبيات واساءة الدولة لسلطاتها العامة ، الذي يحاول الاعلامي العربي تشييده بعناية والدفاع عن تلك القضايا بمسؤولية وتفان . غير ان تداخل رغبة القابضين على السلطة مع مسؤولية الاعلامي في الالتزام بقواعد المهن الاعلامية و عدم التوازن بين متطلبات الدولة وتطلعات المجتمع في بناء ذلك الوعي الجمعي لتقوية سلطة المجتمع امام سلطة وجبروت الدولة .
ولما كان جلّ الاعلاميين العرب - إن لم يكن كلهم - موظفين اداريين في المؤسسات الاعلامية الرسمية : رؤساء مجالس الادارة ورؤساء التحرير ، برواتب ضخمة يتقاضونها من الدولة ، مما ادى الى وقوع تناقض - او تضاد - بين العملين الاداري والاعلامي في الخطاب الاعلامي العربي . لان المسؤول الاداري يحاول دوما الدفاع عن مصالح مالك المؤسسة الاعلامية - سواءا اكان دولة ام مؤسسة او شخصا - في حين يفترض ان يقوم المسؤول الاعلامي بالدفاع عن مصالح الجمهور وشفافية ومصداقية العملية الاعلامية في اطار المسؤولية الاجتماعية التي قد تستدعي - احيانا - مخاصمة سلطة الاداري او القابضين على السلطة . وبذلك ابتعد الخطاب الاعلامي عن شجاعة المساءلة والتشكيك ، المؤديان الى اكتشاف الحقيقة . كما ان ذلك الجمع بين المسؤوليتين الادارية والاعلامية ، يؤلف عائقا امام الابداع الاعلامي خوفا من تحمّل المسؤولية او رغبة في ارضاء السلطة .
ان استغلال المسؤولين الاعلاميين العرب - لاسيما المؤدلجين منهم - الظروف التي تواجهها الاقطار العربية - منفردة ومجتمعة - للتضييق على حرية الاعلام بحجج عديدة : حماية الامن القومي ، التحديات الدولية ، عدم اثارة المشاعر ، الحفاظ على مكتسبات الثورة !!! واحترام المحظورات - غير المحددة والتي ضاع بينها المحظور الكبير - من اجل الغاء الديموقراطية وحرية ابداء الرأي والتضييق على هامش الحريات ، بل والغائه احيانا .اضافة الى محاولة تدجين او / واحتواء الراي الاخر ، وكذلك الراي الحر المستقل .
وقد كان من نتائج هذا الاستقطاب الاعلامي وغياب العمل العربي المشترك وازمة النظام السياسي العربي : العجز امام التحديات التي تواجه العرب والمسلمين ، والتشرذم الفكري - السياسي حول القضايا المركزية التي تهمّ الراي العام العربي الاسلامي … ان بات الخطاب الاعلامي العربي في حيرة من امره ، وانعكس الخلل الفادح في حياة العرب السياسية والفكرية عليه ، بحيث اعاقه عن تأدية رسالته وانتهاج افضل السبل للدفاع عن قضايانا العادلة وفي مخاطبة العالم ، فاصبح " وسيلة في ابتعاد الدول العربية عن بعضها ، رغم ما تملكه من عناصر القوة واسباب التضامن وامكانيات التعاون " . بدل ان يكون اداة لوحدة الهدف وتحقيق التكامل وتناول القضايا المركزية للعرب : فلسطين ، الوحدة ، الديموقراطية ، التنمية الحضارية ( تنمية الموارد البشرية ) واحترام حقوق الانسان وتحقيق العدالة الاجتماعية .
ومن هنا كان انشاء ( الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب والمستعربين ) التي تمثل - كما قال رئيس الجمعية الاستاذ عامر العظم - وطن الأوجاع والمقهورين والفارين من عبث الأرض !!!والتي تجمع العديد من الخبرات المعرفية العلمية والتكنولوجية ... قد اصبحت المرتكز الاساس للتطور الكبير والمتسارع في الخطاب الاعلامي العربي ، من جهة . ومن جهة اخرى ، ستكون ركيزة اساسية للتنمية البشرية - المتحققة في دولة القانون والمؤسسات الدستورية والتعليمية والبرلمانية الحرة - في بلادنا . فكانت الخطوة الاولى في هذا المجال هو تأسيس ( الجامعة الدولية الرقمية المفتوحة ) بكليتيها : كلية الترجمة للغات الشرقية والغربية الحية ، باعتبار ان الترجمة اساس التقدم الحضاري . وكلية الاعلام : باقسامها الرئيسية ، الصحافة والسياحة والعلاقات العامة وعلوم الكومبيوتر ... بعد ان اصبح الاعلام ( علم العلوم ) وسلاحا امضى واقوى من الجيوش الجرارة .لان هذا العلم الديموقراطي يجمع اسس التقدم والتطور الحضاري : السلطة والمال والمعرفة . اما الخطوة التحررية الثانية لجمعيتنا المقدامة ، فستكون تأسيس ( البرلمان العربي الحر ) باختيار خمسة اشخاص من كل بلد عربي ، ليكون نواة البرلمان العربي الديموقراطي الحر ، مستقبلا .

عبدالودود العمراني
27/01/2007, 01:59 PM
أستاذنا الموقر ابراهيم الداقوقي،
الأخوات والإخوة الكرام،

السلام عليكم،

فيليب آغران هو مفكر فرنسي، بروفيسور في الرياضيات، وخبير متخصص في المعلوماتية... وهو أيضاً عضو في البرلمان الأوروبي.
أعجبت بمؤلف كتبه اسمه Cause Commune ترجمته إلى العربية بعنوان: "القضية المشتركة" (تحت النشر).
وأقتبس لكم منه هذا المقطع الذي يفسّر بعين خبير ما معنى الثورة المعلوماتية.
تعليقي: إذا لم تدرك الأمة العربية الاسلامية تمام الإدراك حيثيات الثورة المعلوماتية، فنحن داخلون إلى عصر من الظلامية والجهل، نعوذ بالله من عواقبه. فالمعلوماتية لا تقتصر على الانترنت، فهذا لا شيء مقارنة بالرهانات الأخرى. الثورة هي في معالجة المعلومة، والمعرفة، وكل العلوم.
وإليكم الاقتباس:

"ومع ذلك، فإن القطيعة العميقة التي تميز عصر الإعلام وتقنياته هي قطيعة إنسانية حقيقية، تهم الجنس البشري. وفي يوم من الأيام، عندما يصبح الكثير من الأشياء المعلوماتية الحالية مجرد أشياء غريبة تهم علماء الآثار المهتمين بانثروبولوجية التقنيات، سنذكر هذه اللحظة التي امتلكت فيها الإنسانية أدوات تفتح لها طرقا جديدة في التفكير، والتمثّل، والتبادل، والإبداع، والاختزان. إن الثورة الإعلامية، هو ذاك الزمن الفريد الذي تعالج فيه الآلات المعلومة – مهما كان ما تُمثله تلك المعلومة – وتسمح لنا بأن نستعمل تلك المعالجة كوسيلة لإبداع المعارف وتبادلها. وسنرى كيف أن ظهور هذه الإمكانية، لا يمكن مقارنته إلا بالقطيعة التي حصلت في العصر الحجري والعصر الحجري الحديث، عندما ظهرت الآلة، والكلمة، والرمز، وظهرت الكتابة؛ وتعتبر كلها مؤسسة للأزمان التاريخية. نحن نشهد اليوم تعايشا بين بداية نشأة هذا التوسط الأساسي للجنس البشري واستعمالات أدواتية تقليدية أكثر."]

ابراهيم الداقوقي
27/01/2007, 05:42 PM
اخي الاستاذ عبدالودود

اشكركم جدا على هذه المعلومة الجديدة ، حول ثورة المعلومات . واتمنى ان يمعن مثقفونا وسياسيونا ... النظر في هذه العبارات الذهبية ، لتدبرها وللتفاعل مع معطياتها بدل مقاطعتها او رفضها بحجج واهية . وكنت قد كتبت حول لااالموضوع نفسه ، في الفصل الرابع من كتابي الموسوم ( حرية الاعلام : سلطة التغيير الديموقراطي في عصر العولمة ) الذي يطبع الان في بيروت ، ما يلي " فثورة المعلومات المذهلة والمتسارعة الخطى في اجواء الحرية والديموقراطية التي تعيشها المجتمعات المعلوماتية الجديدة ، قد غيرت البنية التحتية للمجتمعات سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً وفكرياً ، والتي تتقدم يومياً خطوة جديدة الى الامام ، حتى كانت الصحف العالمية الكبرى المهتمة بالتقدم العلمي : نيويورك تايمز الامريكية واساهي شينبون اليابانية وتايمز البريطانية وويلت زايتونغ الالمانية لاتخلو من انباء تلك الثورة المعلوماتية يومياً ، بحيث لم يعد بوسع خبراء التقنيات وعلماء المستقبليات في العالم الثالث ، حصر ومتابعة ذلك التقدم العلمي الهائل في مؤلفاتهم ، ولذلك فقد اكتفوا بتدبيج المقالات حولها في الصحف السياسية اليومية او المجلات العلمية المتخصصة . في حين يستدعي الامر ، التفاعل اليومي مع ثورة المعلومات لإبداع معارف جديدة وتبادلها مع الاخر المغرد خارج السرب ، للتطوير الحضاري وتحقيق الامن والسلام في العالم ، من جهة . ولان مقاطعتها – بحجة الغاء هويبنا الثقافية او لانها تغزونا ثقافيا – امر يضحك حتى الغربان الناعقة في البيادر اليباب للسلطات الاستبدادية في بلادنا ، من جهة اخرى .
واليكم المبحث المذكور ، كاملا للتفضل بالاطلاع ، مع الود والتقدير .


المبحث الاول ـ ثورة المعلومات في عصر العولمة :
لم تحدث ثورة المعلومات لتملأ فراغاً تقنياً او علمياً كانت البشرية تشكو منه ، وانما كانت نتيجة تراكم علمي ـ تقني امتد حوالي نصف القرن الماضي حيث تم خلاله انشاء البنى التحتية اللازمة للمجتمع المعلوماتي الجديد من خلال اختراع الكهرباء والهاتف ووسائل الاتصال المقروءة فالاذاعية المسموعة وبعد ذلك المرئية ، ثم تسارع نبض التطور العلمي الرهيب وسباق الاكتشافات العلمية خلال العشرين عاماً الاخيرة من القرن العشرين لينقلا العالم من ضجيج الثورات السياسية المسلحة والهيمنة العسكرية الى ثورة الكومبيوتر ـ الانترنيت ودنيا هندسة الجينات الوراثية ، فثورة المعلومات المذهلة والمتسارعة الخطى في اجواء الحرية والديموقراطية التي تعيشها المجتمعات المعلوماتية الجديدة ، قد غيرت البنية التحتية للمجتمعات سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً وفكرياً ، والتي تتقدم يومياً خطوة جديدة الى الامام ، حتى كانت الصحف العالمية الكبرى المهتمة بالتقدم العلمي : نيويورك تايمز الامريكية واساهي شينبون اليابانية وتايمز البريطانية وويلت زايتونغ الالمانية لاتخلو من انباء تلك الثورة المعلوماتية يومياً ، بحيث لم يعد بوسع خبراء التقنيات وعلماء المستقبليات في العالم الثالث ، حصر ومتابعة ذلك التقدم العلمي الهائل في مؤلفاتهم ، ولذلك فقد اكتفوا بتدبيج المقالات حولها في الصحف السياسية اليومية او المجلات العلمية المتخصصة . في حين يستدعي الامر ، التعايش اليومي مع ثورة المعلومات لإبداع معارف جديدة وتبادلها مع الاخر المغرد خارج السرب ، للتطوير الحضاري وتحقيق الامن والسلام في العالم .
ومع انبلاج فجر التلفزيون الرقمي Digital TV بدمج وظائف الكومبيوتر مع اجهزة التلفزيون واستكمال انشاء طرق المعلومات السريعة من خلال الاقمار الصناعية الامريكية واليابانية والاوروبية لتغطية العالم بشبكة البث الاذاعي الرقمي منذ اواخر العام 1997 ، لاسيما اقطار العالم في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية عن طريق شبكة (وورلد سبايس) الدولية حيث انصت الى برامجها الاذاعية 6ر4 مليار شخص حول العالم منذ منتصف عام 1999 . وتوفر عمليات البث الاذاعي بالتقنيات الرقمية ، ارسالاً ممتازاً للبرامج حيث لاتتدخل معها الموجات الاخرى التي تؤدي الى التشويش لدى استقبال البرامج الاذاعية بالتقنيات الاعتيادية . اضافة الى ان خدمات البث الفضائي تقوم بارسال النصوص ورسائل الفاكس والبريد الالكتروني عن طريق البث التلفزيوني الرقمي المصور ؛ بعد ان غطت الاقمار الصناعية من خلال الشبكة العنكبوتية الدولية (الانترنيت) مساحة 75ر8 مليون ميل مربع حول العالم ، وبسعة 30 الف مكالمة هاتفية في آن واحد وفتح برامج على 54 قناة تلفزيونية وبصورة عالية الجودة ، اضافة الى 240 قناة اخرى للمشتركين واكثر من 250 الف قناة اضافية خاصة بنقل المعلومات منذ عام 1997 .
وقد تحولت مادة السليكون Cilicon الثمينة في نهاية القرن العشرين الى بضاعة رئيسية لانتاج الرقائق الالكترونية ، التي تشكل العقل المفكر لكل جهاز الكتروني حديث . وفي الوقت الذي يقوم فيه الباحثون والمهندسون بتطوير الرقائق والبرامج الموضوعة عليها داخل مؤسسات البحوث ، تجري عمليات انتاجها في مواقع اخرى من العالم ، مثل وادي السليكون Silicon في شمال كاليفورنيا بالولايات المتحدة ، تلك الرقائق التي تلف بضفائر دقيقة من الذهب قبل اتمام عمليات انتاجها النهائي ، والتي ادت الى ثورة المعلومات التي نعيشها اليوم . وقد ادت تقنيات الاتصال بالشبكة العنكبوتية الدولية الى تطوير تقنيات لشبكات مماثلة اصغر حجماً ، تخصص للاستخدام داخل المؤسسات الكبيرة لتأمين احتياجاتها المعلوماتية . ويطلق على هذه الشبكات الاصغر اسم انترانت Intranet بينما تحمل الشبكة الدولية العنكبوتية اسم انترنت Internet . ومع اندماج وتكامل اجهزة المعلومات مع شبكات الاتصالات ، ستتحول طرقات الاعلام السريعة الى دروب مفروشة بالذهب لانها ستقدم المعلومات الغزيرة للمشتركين فيها ، وتحقق الارباح الطائلة للشركات المشرفة عليها ، وهي الحلم الذي راود اصحاب الشركات العابرة للقارات التي ارست معالم النظام الدولي الجديد بعد الحرب العالمية الثالثة ـ حرب الخليج الثانية ـ عام 1990 التي دشنت بدورها ايديولوجية العولمة ذات الابعاد السياسية والاقتصادية والثقافية وبكل الاراء المتناقضة حولها ، التي سنبحثها من خلال المباحث التالية :
1ـ المجتمع المعلوماتي الجديد :
اصدرت وزارة الصناعة والتجارة الدولية اليابانية عام 1990 قائمة بالصناعات والتكنولوجيا التي ستتحكم بثروات الامم صاحبة العلم والتكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين ، ضمت :
أ ـ صناعات الميكرو الكترونيات Nano Electronics والمعالجات المركزية الدقيقة
ب ـ صناعات البيوتكنولوجي
جـ ـ صناعات المواد الجديدة (لاسيما المعادن شبه الموصلة كالسليكون والمعالجات المركزية الدقيقة الجديدة وغيرها)
د ـ تكنولوجيا الاتصالات (ومن ضمنها الكومبيوترات التي تعمل بالذرات او الضوء او بخلايا الاعصاب)
هـ ـ صناعة الطائرات المدنية
و ـ صناعات المعدات الالكترونية الخفيفة والروبوتات
ز ـ صناعات الكومبيوتر الاسرع والارخص (سوفت وير وهارد وير)

واذا كانت الشبكة العنكبوتية الدولية (الانترنيت) قد دشنت عصر الثورات العلمية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والميكروبايولوجي والهندسة الوراثية والمعالجات المركزية الدقيقة في مجال الكومبيوتر ، فانها قد حققت قيام المجتمع المعلوماتي الجديد ذي الخصائص التركيبية السياسية والاقتصادية والثقافية المتميزة عن المجتمعات التقليدية بنظامه القائم على تعاون الشعب ـ بكل فئاته ومنها المعارضة ايضاً ـ مع الحكومة وفق مباديء الحرية الفكرية والابداع والمصلحة العامة في ظل الاخلاص والعدالة والحق والامن والاستقرار ، مع توفر ارادة التغيير للجميع نحو الافضل والاجود والاكثر تقدماً . ومن هنا يشعر الفرد في المجتمع المعلوماتي الجديد بكرامته وانسانيته ، فيتحمل مسؤوليته في المشاركة باجراء التغيير المطلوب لمصلحته ولمصلحة الوطن وصولاً الى الاهداف المشتركة رغم التضحيات .
ان عصب المجتمع المعلوماتي الجديد ، هو الانترنت التي حققت خلال الخمسة عشر عاماً الماضية طفرة معلوماتية ، لم تحققها البشرية منذ ميلاد ادم وحتى ذلك التاريخ ، بحيث انها قلبت كافة موازين التقدم العلمي والبنية الفكرية والاخلاقية للمجتمعات التقليدية ، ووضعت دعائم اكثر قوة لمبدأ المعلوماتية الاصيل من خلال دخولها ـ أي الانترنيت ـ الى البيوت والقرى والحواضر في مختلف انحاء العالم . وقد اشارت احصائيات عام 1990 الى استخدام مليون شخص للانترنيت ، في حين بلغ هذا العدد 50 مليون شخص عام 1996 حيث ارتفع الى 90 مليون عام 2000 وارتفع العدد الى نصف مليار شخص عام 2003 في العالم . بينما لن يبلغ عدد المستخدمين العرب حتى التاريخ الاخير اكثر من مليوني شخص ، في وقت يؤكد فيه خبراء الالكترونيات ، ان قوة الكومبيوتر تتضاعف كل ثلاث سنوات . بل ان اولئك الخبراء يعتقدون بان "سرعة تطور الانترنيت اسرع من الضوء" حيث يعتقد بيل غيتس صاحب شركة ويندوز "ان التلفزيون الرقمي سيكون عماد المستقبل ويحتوي في مكوناته على الكثير من اجزاء الكومبيوتر . وهو ما شجع على الاستثمار في تطويره وتحسين ادائه ، حيث سيتسع نشاط التلفزيون الرقمي ليكون القاسم المشترك بين العديد من القطاعات كالاعلام والخدمات الترفيهية والاتصالات اضافة الى وظائف الكومبيوتر" . كما شهدت خدمات الكيبلات المتداخلة الفعاليات ، توسعاً كبيراً حيث تجاوزت اعداد القنوات 500 قناة تشمل خدمات الهاتف والفيديو والستيريو والعاب الفيديو ومداخل الانترنيت المتعددة ، لتحقيق شعار "كل شيء لكل الناس" . ويجد مهندسو شركة AT&T الذين قاموا بفحص جهاز DTC - 500 الرقمي الذي انجزته مايكروسوفت "انه ابتكار مثير وصندوق سحري ، لاحتوائه على العديد من خطوط الاتصال والارتباط بخدمات لاتحصى ولاتعد ، كارتباطه بالكابلات وشبكة الطاقة ونظم التحذير من الحرائق والاشعة تحت الحمراء والبطاقات الذكية وشاشة الكومبيوتر وغيرها . وقد جاء هذا الابتكار نتيجة جهود بيل غيتس في ايجاد توازن بين صناعة الكومبيوتر والخدمات المتفاعلة للتلفزيون الرقمي لاعادة بناء القواعد الاساسية لمايكروسوفت . وبذلك اصبح في استطاعة مجهز واحد ، توفير كل منزل او مؤسسة بخدمات التلفزيون الرقمي والهاتف ومنافذ للانترنيت بسرعة قصوى في الوقت الحاضر .
وكان ال جور ، نائب رئيس كلينتون قد كشف النقاب "عن ان ادارة بيل كلينتون خصصت 366 مليون دولار اضافية لايصال ثورة المعلومات والكومبيوتر الى مستويات غير عادية من التقدم في السنوات القليلة المقبلة ، ومنها انشاء شبكة اتصالات اكثر تطورا باسم (انترنيت 2) وابلغ جور ، المؤتمر الوطني للعلوم المنعقد في مدينة اتاهايم بولاية كاليفورنيا عام 1999 ، بان تلك الزيادة الحكومية لثورة المعلومات بنسبة 28 بالمئة ، من شأنها ان تجعل التكنولوجيا في عام 2005 اقوى الف مرة مما هي عليه اليوم" (2) .
واذا كان اندماج تقنيات العرض على الشاشة مع تقنيات الكومبيوتر والاتصالات اهم ملامح العصر المعلوماتي ، فان شركة "كايوسيرا" اليابانية ، قد انتجت اواخر العام 1999 الهاتف المرئي VP - 210 ووضعته في التداول مع بداية الالفية الثالثة ، حيث انه مجهز بشاشة بلورات سائلة رقيقة ويرسل ويستقبل الصور بتقنيات العرض الرقمي . وبحلول عام 2000 اصبحت الكومبيوترات بحجم ساعة اليد وذي قدرات تكفي للتحادث والفهم ، كما يقول جاستون باستيانس رئيس شركة "ليرناوت اند هوسباس" في ماسا شوسيتس ، التي تطور منتجات التواصل مع الكومبيوتر بتقنيات التعرف على الاصوات" اننا نبتعد عن طريق التفكير بالكومبيوتر على انه جهاز كومبيوتر " . ويضيف باستيناس الى ذلك قائلاً "ان كومبيوترات المستقبل ستتواصل بالصوت وخطوط الكتابة وتقنيات رصد اليدين وحركات العينين . ولكن جميع هذه التطورات الكومبيوترية تظل خاضعة لقانون جوردون مور J. Moor المؤسس المشارك لشركة انتيل Intel للرقائق الالكترونية ، القائل منذ عام 1965 بان قدرة المعالجة لدى الكومبيوترات تتضاعف كل 18 شهراً ، وفي نفس الوقت يقل ثمنها الى النصف . وهو القانون الذي لم يخفق تقديراته حتى اليوم" .
ويبدو بيتر كوشران ، رئيس قسم الابحاث في مؤسسة "بريتيش تليكوم British Telecom للاتصالات ، عظيم التفاؤل بامكانات تصغير الاجهزة الالكترونية خلال 30 عاما القادمة "حيث لن يكون ثمة فاصل بين الهاتف والكومبيوتر والحاسبة اليدوية ، او أي جهاز الكتروني آخر ، فسوف تتوحد جميع تلك الاجهزة في جهاز واحد ضمن وحدة اندماجية تتكامل فيها كل الوظائف المطلوبة . كما انه يتوقع ان تكون هذه الاجهزة سهلة الاستخدام ورخيصة الثمن ، وتصمم على شكل زر من ازرار الثياب مثلاً وتحتوي على كومبيوتر يعمل بالاوامر الصوتية ، يحتوي على وحدة لمعالجة المعلومات اكبر بعدة مرات في قدرته من قدرة افضل الكومبيوترات الشخصية حالياً" . ويقول كوشران بثقة "ان العالم سيجد نفسه ـ عند ذلك ـ في زمن اصبح فيه ضخ المعلومات وانتقالها من كومبيوتر الى اخر يزيد عن كل المعلومات المنتقلة بين افراده من ايام آدم وحواء . وسوف تساعد الطفرة الكبرى في تصميم نظم اتصالات جديدة الى تحويل القنوات التلفزيونية الرقمية وشركة الانترنيت الى وسيلة اعلامية ـ معلوماتية واحدة . وسيتمكن الناس في شتى اقطار العالم ، التعامل بلغتهم مباشرة عبر هذا الوسط (الوسيلة) المندمج بفضل برامج مطورة للترجمة الآلية الفورية . وقد يتحول هاتف الغد المنظور الى جزء من جسم الانسان ، حيث يتمكن ان يزرع في البدن ، وتتلاشى الاختلافات تدريجياً بين الانسان والآلة" . وستقوم تلك الكومبيوترات باجراء 000ر100 مليار عملية حسابية في الثانية الواحدة . وقد اعلنت شركة نوكيا الفنلندية في يونيو (حزيران) 2002 عن اختراع هاتف خليوي جديد برقم 7650 ، اطلق عليه اسم MMS يجمع بين جهازي الهاتف الخليوي (النقال) وآلة التصوير لانه يمكن عن طريق هذا الجهاز الجديد ارسال الرسائل الصوتية والصورية معاً ، لاسيما وان الاحداث الآنية ستجد في MMS اسلوباً مناسباً لدعمها . لان هذا الجهاز الجديد يقدم خدماته في اربعة مجالات اساسية : الاتصال بين الاشخاص ، المعلومات والتسلية ، التحويلات المالية وتطبيقات الاعمال . وهي الخدمات التي تطلق عليها تسمية "خدمة الرسائل القصيرة بالوسائط المتعددة Multimedia Message Service " . حيث تتوقع شركة نوكيا ان يبلغ عدد مستخدمي اجهزة الهاتف الجوالة اكثر من مليار ونصف المليار مالك مع حلول عام 2005 وان تبلغ موارد الهاتف الجوال حتى نهاية عام 2006 حوالي 262 مليار دولار . بل ان مثل هذه الهواتف الجوالة المصورة ، يمكنها ان تقوم بـ 90 بالمئة من كل عمليات الاتصالات عام 2010 اضافة الى ان الولايات المتحدة ستطلق خلال العامين القادمين اقماراً صناعية الى الفضاء الخارجي بحجم الهامبرغر فقط . كما يسعى خبراء الالكترونيات الى تحويل فكرة الانتقال عن بعد الخيالية Teleportation التي تعني تفكيك الشيء ـ او الشخص ـ الذي يراد نقله الى دقائق صغيرة ثم اعادة تركيبه في المكان الذي ينقل اليه ، وهي الفكرة الخيالية التي اخذت بها افلام المغامرات الفضائية ، مثل فيلم Startrick وغيرها ، وبذلك يمكن تحويل العالم الافتراضي الى العالم الواقعي خلال العقود الثلاثة القادمة كما قال كوشران .
واذا كان مجتمع المعلومات قد تحقق في الدول الصناعية التي يبلغ عدد سكانها 15 بالمئة من نفوس العالم ، لانه يوجد فيها 88 بالمئة من مستخدمي شبكة الانترنت من خلال خطوط هواتفهم ، فان مستخدمي الانترنيت في افريقيا مثلاً لايزيدون عن المليون نسمة ، لانه ليس في قارة افريقيا التي يسكنها 740 مليون نسمة ـ بحسب تقارير اليونسكو لعام 2001 ـ اكثر من 14 مليون خط تليفون فقط . في حين يبلغ عدد مستخدمي الانترنيت في الولايات المتحدة وحدها اكثر من 150 مليون مستخدم ـ بحسب احصائيات عام 2001 ـ وخطوط الهواتف فيها ضعف ذلك العدد تقريباً . وكان كوفي عنان ، السكرتير العام للامم المتحدة ، قد نبه منذ عام 1999 ، في كلمته التي القاها في مؤتمر الاتصالات بجنيف ، الى "خطورة استبعاد الدول الفقيرة من مجتمع المعلومات ، لان ذلك يؤدي الى نوع من التفرقة الاتصالية التي لاتقل خطورة عن التفرقة العنصرية التي تحاربها الامم المتحضرة " . بل ان هذه التفرقة الالكترونية قد ظهرت في دولة الانترنيت نفسها ، عندما اكد ميتشيل موسى الباحث في مركز "تاوب" للابحاث الحضرية بجامعة نيويورك "ان كل الغرب الاوسط [من الولايات المتحدة] لايشكل الا جزءاً بسيطا من مجموع طرقات الاعلام السريعة … وتظهر هذه الانقسامات المعلوماتية على جغرافية المدن ، حيث تنطلق نسبة 86 بالمئة من كافة التجهيزات عبر الانترنيت من 20 مدينة كبرى ، وتتعرض مناطق امريكا الريفية اكثر من غيرها الى مخاطر التخلف بسبب الانقسام المعلوماتي" (3) . ويشير الكاتب العربي السيد ولد اباه الى اوهام الايديولوجية المعلوماتية بالقول "وتشير الارقام المنشورة حول استخدام شبكات الانترنيت ، الى زيف الاعتقاد السائد بحرية التبادل المعلوماتي التي تروجها الايديولوجية الالكترونية الجديدة … لان 60 بالمئة من الاجهزة الموصلة بالانترنيت ، يمتلكها امريكيون ، وان اللغة الانجليزية هي اللغة المستخدمة لاكثر من 70 بالمئة من الطاقة الكلية للاستخدام . ومن هنا فان الغزو المعلوماتي اضحى ينظر اليه بصفته خطراً ثقافياً يتهدد اللغات والثقافات الاخرى ، ومن بين الاشارات التي ترددت كثيراً في الاشهر الاخيرة ، صيحات الخطر التي اطلقها الرئيس الفرنسي الحالي (جاك شيراك) داعياً الاقاليم الحضارية المختلفة الى التكاتف من اجل الحيلولة دون هيمنة الثقافة الامريكية واللغة الانجليزية ، من خلال تقنين استخدام شبكات التواصل المعلوماتية" (4) ويضيف ولد اباه الى ذلك قائلاً "ان العصر المعلوماتي ـ وكما يقول (ريتشارد فولك) من مركز الدراسات الدولية في جامعة برنستون [الامريكية] ـ ان العصر المعلوماتي يضعنا امام ثلاثة احتمالات متباينة ، هي :
اولاً ـ تركيز الهيمنة الجيوستراتيجية بحسب النمط الموروث من التشكيلة الدولية السابقة .
ثانياً ـ خلق مجتمع الكتروني متميز ومنسجم .
ثالثاً ـ انشاء سوق عالمية ضخمة ذات قدرات واسعة ، لا مكان فيها للشعوب الفقيرة ، ولاتقيم شأنا للتوازنات البيئية .
ان ما يجمع هذه الاحتمالات الثلاثة هو تجاوز مفهوم السيادة الاقليمية ، والحيلولة دون ترتيب وتقنين الفضاء الالكتروني وتنظيمه وفق معايير الشرعية الاخلاقية والقانونية" .
ويؤكد علماء المستقبليات وخبراء التكنولوجيا الذين ساهموا في اقامة المجتمع المعلوماتي الجديد : بيل غيتس ، رئيس شركة ميكروسوفت الانترنيتية واغنى رجل في العالم ومؤلف كتاب (الطريق الى الامام) وصاحب موقع (إسأل بيل ask bill @ microsoft. Com ) الانترنيتي الخاص بتكنولوجيا المعلومات ، الذي تعيد نشر محتوياته صحيفة نيويورك تايمز احياناً ، والفين توفلر ، عالم المستقبليات المعروف والعالم الفرنسي جون بري بارلو في موقعه الانترنيتي الاشهر www.eff.org/~barlow/Declaration-Final.html المعارض للهيمنة الامريكية على تكنولوجيا المعلومات ومنظرو الموجة الثالثة التي خلقت ثورة المعلومات وتقنيات الاتصالات الفائقة الجودة في تحليلاتهم المنشورة بمجلة (المستقبلي Futurist ) بان الولايات المتحدة ، هي التي تقود هذه الموجة الجديدة التي فتحت افاقاً رحبة امام البشرية في تأمين عمليات الاتصالات وتبادل المعلومات دون عوائق ، للولوج الى عالم التكنولوجيا المتطورة . وبانها ستسعى لجعل القرن الحادي والعشرين ، قرنا امريكيا من خلال نظام عولمي جديد يستجيب لاسلوب الحياة الامريكية ويرضخ له . ومن هنا يوضح جان جاك شرفان شرايبر ، في كتابه (التحدي العالمي) مدى التلاحم القائم بين المستقبل وثورة المعلوماتية ، اذ يؤكد ان في هذا الميدان بدأت تتجلى للعيان ملامح (ثورة في الثورة) وان التقدم الهائل الذي تحقق في عالم التصغير المتناهي [للتكنولوجيا] قد فتح باب الصراع واسعاً بين نوعين من المعلوماتية . ويشرح ( برونو لو ساتو ) مؤلف كتاب (تحدي المعلوماتية) ذلك النوعين من المعلوماتية ، بالقول : ان عالم الامس قد قام على المعلوماتية المركزية ، في حين ان الالكترونيات الرقمية والعقول الالكترونية ونظام اللامركزية ، فهي سمات عالم المستقبل . لان مجتمعاً بالغ التطور ، مجتمعاً انسانياً ، هو الذي ينتظرنا في الغد" (5) . وفي مقابل هذا التفاؤل الوردي لعالم المستقبل ، فان خبيرا التكنولوجيا الفرنسيان فرانسيس بال وجيرار ايمري ، مؤلفا كتاب (وسائط الاعلام الجديد) يؤكدان "بان المتشائمين في نظرتهم الى مستقبل الثورة المعلوماتية ليسوا اقل عدداً من المتفائلين . واذا كان لايمكن التهرب من تقدير التأثير الخاص لاولئك وهؤلاء فلابد من الاقرار ان تكون رؤيا الذين يتوقعون مستقبلا اسود ترتبط بتكاثر وسائل الاعلام الجديدة وما يرافق ذلك من خوف عن احتمالات القضاء على الهوية الثقافية خلال هذا التقدم الذي لايقاوم لثقافة التقنية الالكترونية ، ووضع نهاية للحياة الخاصة والحرية الفردية ، او الامكان غير المحدود تقنياً للبعض لمراقبة واخضاع الاكثرية" (6)
وقد ادت ثورة المعلومات والانتقال الى الاتصالات الرقمية ، الى حرب معلومات على صعيد الانترنيت والفضاء ، ونشوء اخطار الكترونية نتيجة ارتكاب الجرائم الانترنيتية والارهاب الالكتروني ، الامر الذي بدأ يقلق ارباب الاسر واصحاب القرار السياسي وعلماء الالكترونيات ، فاخذوا يتكاتفون جميعا لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية الفرد والاسرة والنظام الاجتماعي من تلك المخاطر .
ثانياً ـ اخطار التكنولوجيا :
اطلقت الحاسبات الالكترونية المتناهية في الصغر ، ثورة تكنولوجية لايستطيع احد ان يتنبأ بمستقبلها ، او ان يقرر ماذا سيكون عليه ذلك المستقبل : سعادة البشرية ام شقاؤها . غير ان الامر المؤكد في هذا التطور التكنولوجي المذهل هو تكامل انظمة الكومبيوتر مع اجهزة الاتصالات في الحركة والتغير والسرعة من جهة وصعوبة متابعة تلك التطورات المتشابكة والمتداخلة والمتصلة على كافة المستويات من جهة اخرى . فقد كان سعر الحاسبة يونيفاك ـ1 عام 1960 مليون دولار ، في حين اصبح سعر حاسبة الجيب عام 1981 حوالي 200 دولار وتنجز عمليات اكثر بكثير من تلك الحاسبة وبسرعة تصل الى الف مرة نسبة للحاسبة يونيفاك ـ 1 ، بينما انخفض سعر حاسبة الجيب الالكترونية المدمجة مع اجهزة الاتصالات والتي تستطيع اجراء مليارات العمليات الى اقل من خمسين دولاراً . بل ان الحاسبات الالكترونية التي دخلت نطاق التسارع التقني المذهل ، تستطيع استيعاب محتويات المكتبة الوطنية في باريس بعناوينها البالغة عشرة ملايين ختماً . ومن هنا يعتقد معظم خبراء المعلوماتية ـ وعلى رأسهم اليابانيون ـ بان قوى العالم في هذا القرن الحادي والعشرين تتألف من التكنولوجيا والمعلوماتية والاقتصاد والمعرفة ، وبان ما "سيحصل في السنوات العشر القادمة يمثل انفجاراً حقيقياً على مستوى جميع ما استخدمه الانسان حتى اليوم من ادوات وتجهيزات" . ولذلك فاننا نتساءل مع ( برونو لو ساتو ) خبير الميكرو ـ معلوماتية الفرنسي "اين يجري التحضير لهذا المستقبل ؟ الجواب : هو انه يجري في مايسمى بالحرب الحقيقية المعلنة بين خطين اثنين للمعلوماتية : خط الانظمة الكبيرة ذات الاحجام الضخمة وخط انظمة الاحجام المتناهية في الصغر … واذا كان الصراع لم تحتدم بعد بين خطي المعلوماتية ، فهذا عائد الى الائتلاف القائم بينهما ، والذي تم بفضل تلاقي المصالح العليا لكبار المجموعات الصناعية والمالية ذات النفوذ الكبير . هذه المجموعات رات ان مصالحها تهتز وبالتالي ، تكون في خطر ، اذا ما تصارع الخطان . وما نراه اليوم من تعاون بين صانعي الحاسبات وصانعي شبكات الاتصالات ، ليس سوى الصورة العملية لتلاقي هذه المصالح . وقد توسع خط الانظمة الكبير ليشمل شركات الخدمات المتخصصة من صيانة الانظمة الكبرى المعلوماتية ومصممي انظمة المصارف ورجال الادارة ، العامة والخاصة ، وعدداً لايستهان به من الجامعيين" (7) . ولكن يبدو ان هذا الصراع قد بدأ فعلاً ، ليس بين خطي المعلوماتية الكبيرة والصغيرة ـ كما قال ساتو ـ وانما من خلال الحرب التكنولوجية ـ الاعلامية على صعيدي القابضين على السلطة في معظم بلدان العالم الثالث الذين يحاولون الحد من تدفق المعلومات بحجة حماية الامن والنظام والاداب العامة ، من اجل توسيع نطاق سلطتهم من جهة ، وعلى صعيد الدول الكبرى ذات الايديولوجيات المسيطرة ، مالكة التكنولوجيا فائقة التطور ، التي تستثمر شبكة الانترنت في غزوها الثقافي باسم الحرية والتقدم والديموقراطية من جهة اخرى . في حين تقف مجموعة ثالثة من الدول ـ وهي تكاد ان تكون الاغلبية ـ بين الاتجاهين وتدعو الى التعاون الدولي في مجال التكنولوجيا ـ المعلومات لتوظيفها في عمليات التغيير ولمنع اساءة استعمال تكنولوجيا ـ المعلومات للاغراض التجارية اللااخلاقية او الاجرامية ومعالجة خطر القرصنة والهجمات الارهابية التي يمكن لها ان تحطم مواقع التواصل المعرفي وتشل شبكات الكومبيوتر وانظمة الاتصالات على الشبكة العنكبوتية الدولية ، او تدمر مراكز الاتصالات الالكترونية او المعالم الصناعية والتجارية والاستخباراتية في الدول الاخرى . فقد واجهت وسائل الاعلام الامريكية حرباً الكترونية بسبب اتهامات لها بالانحياز في تغطيتها لاحداث الشرق الاوسط ، بعد احداث 11 سبتمبر 2001 ، حيث استخدم الناشطون السياسيون ، شبكة الانترنيت للكشف عن وسائل الاعلام المهتمة بالانحياز لهذا الطرف او ذاك . بل ان ثمة مواقع انترنيتية لمراقبة وسائل الاعلام على شبكة المعلومات العالمية تقدم تقارير انتقادية للتغطية وخلفيات عن شركات ووكالات الانباء والصحفيين الذين يعتبرون منحازين وتدعو القراء لاتخاذ اجراءات بدءاً بارسال احتجاجات عبر البريد الالكتروني ومروراً بالمقاطعة وانتهاءاً بتنظيم تجمعات احتجاجية (8) . بل ان موقع صحيفة (نيويورك تايمز) لم يسلم من هجوم قراصنة الانترنيت والمتسللين الذين يسعون لسرقة المعلومات والوثائق . اضافة الى تسلل مجموعة من المراهقين لم تتجاوز اعمارهم الثامنة عشرة من الدخول الى الملفات الالكترونية والشبكة الكومبيوترية التابعة الى مركز (بها بها) الهندي للابحاث النووية في بومباي ، وحصلوا على الاف الوثائق ومعظم رسائل البريد الالكتروني الذي يتضمن مراسلات العلماء ليتركوا مكانها "رسالة موجهة ضد التفجيرات النووية وشجب مساعي الحكومة الهندية في هذا الصدد" . كما ان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) قد تعرضت يومياً منذ عام 2000 الى مابين 60 و 80 هجوماً من المتسللين الذين تم ردعهم من قبل دفاعات البنتاغون الالكترونية .
واذا كانت عمليات غزو الانسان للفضاء الخارجي تتسم بالسرية والكتمان الشديد ، فان فشل المجتمع الدولي في التوصل الى مجموعة قوانين متماسكة حول استخدامات الفضاء ، قد اطلق العنان للدول ذات التقنيات الفائقة التطور والايديولوجيات السائدة في عسكرة الفضاء . حيث يتوقع المراقبون ان تطلق تلك الدول حتى نهاية العام 2006 اكثر من 800 قمر صناعي لتأمين تغطية كاملة للكرة الارضية بالهواتف الجوالة ، بعد ان تم الفراغ من انشاء محطة الاقمار الصناعية الدولية عام 2004 مما سيمنح الانسان اول قاعدة ثابتة له في الفضاء الخارجي من اجل القيام ببناء المستعمرات في هذا الكون المترامي الاطراف . ومن هنا فقد شهدت الانترنيت كافة انواع الحروب : حروب الحفاظ على استقلالية الشبكة الدولية بدل وضع الوصاية الخارجية عليها ، والحروب الداخلية بين المجموعات والشركات العاملة على مواقعها الالكترونية ، او حروباً ثقافية بين ثقافات التزييف والهيمنة وترويج الغرائز وبين ثقافة العقل والدقة العلمية والحكمة الانسانية للتقارب بين الشعوب او حروباً توسعية تهدف الى منع الحكومات من ارغام الشبكة الدولية للمعلومات " على كشف نظم ترميز المعلومات فيها ، وهي نظم الشفرات التي توفر السرية المطلوبة لحماية المعلومات الحساسة والدقيقة والمهمة او ارغامها على وضع رقابة صارمة على وثائقها" . غير ان خبراء الانترنيت يعتقدون ان التقنيات الثورية الجديدة سوف تستطيع دحر اية محاولة لوضع الرقابة على المعلومات فيها ، لان البرامج الجديدة والمتطورة تستطيع الالتفاف على كافة انواع الرقابة في المستقبل . لاسيما وقد تحولت الانترنيت ـ اليوم ـ الى سوق عكاظ خيالية واسعة ، تضم ملايين المنابر والحوانيت والازقة ، بلا جندرمة او درك ـ حتى ان بعض خبراء الالكترونيات بدأوا الحديث عن الغاء دور الدولة في المستقبل غير البعيد ـ حيث يستطيع المجرمون والاخيار من مستخدمي الانترنيت وعلى مختلف اختصاصاتهم ، الاجرامية والانسانية ، انجاز عملياتهم فيها دون اثر يمكن اقتفاءه للدلالة عليهم . ومن هنا ينبع الخطر الكامن وراء انتشار الانترنيت في ارتكاب الجرائم وتوسيع نطاق شبكات الدعارة وتسويق المجرمين والمخدرات وتجارة الاسلحة والتحريض على الجنس والتجسس والخيانة الوطنية من جهة وصعوبة القضاء على مواقع القرصنة والسطو والتسلل والموبقات المرتكبة عن طريق الانترنيت من جهة اخرى . لان القضاء على موقع ـ او مواقع ـ انترنتي او تخريبه اوسرقة محتوياته ، يؤدي به الى فتح مواقع جديدة بديلة عنه ، لاسيما وان حارس بوابة Gate Keaper الانترنيت ، الالكتروني يستطيع الوصول الى عنوان المتسلل او العدو بكل سهولة . فقد اذاعت قناة ORF2 التلفزيونية النمساوية مساء يوم الاربعاء 5 يونو / حزيران 2002 خبر اتصال انترنيتي بين الشاب النمساوي G.S وبين البنتاغون ، طلبوا مراجعته ـ أي الشاب النمساوي ـ للسفارة الامريكية في فيينا للادلاء بالمعلومات التي حصل عليها من الوثيقة السرية الخاصة بالبنتاغون بعد ان استطاع فك رموزها . ولكن السلطات النمساوية نصحت الشاب المذكور بعدم تنفيذ الامر الصادر اليه "لان النمسا دولة ديموقراطية ولكل مواطنيها الحق والحرية في استخدام الانترنيت بالشكل الذي يرغب فيه" . ولكن يمكن القضاء على المواقع الانترنيتية من خلال الغائها من الشبكة العنكبوتية الدولية بالتفاهم مع الشركة الوطنية او الدولية التي اقامت ذلك الموقع ، او بالغاء حصة دولة من الانترنيت نتيجة اتهامها ـ أي الدولة ـ بالارهاب او بحماية وايواء الارهابيين او بممارسة الدعارة وتجارة الجنس او المخدرات . فقد قامت الولايات المتحدة ، بالغاء كافة المواقع الانترنيتية الصومالية بعد احداث 11 سبتمبر 2001 ، باتهامها للصومال بايواء الارهابيين ، وقيام مواقعها بحملة ضارية ضد الولايات المتحدة وحربها المعلنة ضد الارهاب .
ولعل من اخطر الجرائم المرتكبة عن طريق الانترنيت ، تلك الرواية التي تداولتها وكالات الانباء العالمية ونشرتها كبريات الصحف في العالم اواخر عام 2000 حيث تعرف البريطاني باول كلارك (33) بالامريكية برادي ارنيت عن طريق المحادثة Chat الانترنيتية ، ثم تبادلا صورتيهما ، وبدأت العلاقات بينهما تتوثق يوماً بعد يوم ، الى ان صارح كلارك ، صاحبته ارنيت بحبه لها وبانه يريد الاقتران بها وبانه مستعد لترك لندن والاستقرار في الولايات المتحدة "لانه يعشقها" غير ان ارنيت فاجأت كلارك بالقول "انها متزوجة منذ سنوات ، ورغم حبها ـ هي الاخرى ـ له ، فانه لذلك لايستطيع الاقتران به" . فاصيب كلارك بصدمة نفسية ، وبعد ان فكر في الامر ملياً ، قرر التخلص من زوج ارنيت لكي يستطيع الاقتران بها . وفتح ـ لهذا الغرض ـ موقعاً انترنيتياً ، اعلن فيه ـ بعد نشره صورة ارنيت وزوجها في حفل الزفاف ـ بانه سيدفع مئة الف دولار لكل من يستطيع قتل زوج ارنيت ، بعد ان نشر ـ كلارك ـ عنوان الزوج المسكين في موقعه المذكور لتسهيل مهمة العثور عليه لقتله ، فتقدم اكثر من عشرة اشخاص للقيام بالمهمة المذكورة لقاء المبلغ المذكور . غير ان كلارك شعر بوخز الضمير ـ عندما وصل الى هذه المرحلة ـ فقرر مصارحة ارنيت بالامر ، فما كان منها الا ان حضرت الى لندن واقامت دعوى قضائية ضد كلارك امام محكمة وينشيستر اللندنية "بتهمة محاولة اغتيال زوجها" . وقد تقابل العاشقان المفترضان Vertual مع بعضهما لاول مرة امام المحكمة الذي طالب المدعي العام فيها بالحكم على كلارك ، بالسجن لمدة عشرة اعوام (9) .
واذا كانت اوروبا تطمح لمواكبة الخدمات الانترنيتية الامريكية ، بل وتجاوزها في المدى القريب ، فان خدمات الانترنيت الاوروبية متخلفة ـ وكما يعترف بيرنارد بيكواير ، الناشر الفرنسي لخدمات الانترنيت الاوروبية ـ بثلاث سنوات عن الولايات المتحدة ، لان الاوروبيين مازالوا في مراحل انترنيتية تتطلب الكثير من التجارب والتطوير . لاسيما وان نسبة المشاركين الفرنسيين في الانترنيت ، بلغت واحداً بالمئة من سكان فرنسا ، بينما بلغت تلك النسبة في كل من بريطانيا والمانيا 3 بالمئة عام 1996 ، لتبلغ مجموع مستخدمي الكومبيوتر الاوروبي حوالي النصف مليون شخص . وقد شهد عام 1997 ظهور اول موقع باللغة الفرنسية على الانترنيت الاوروبي والذي قام بنشر توقعات نتائج كاس العالم في كرة القدم لعام 1998 في مختلف بقاع العالم . اضافة الى ان مختبرات سيمنس Siemens الالمانية ، باشرت بتطوير ابحاثها الالكترونية في مجالي الكومبيوتر والانترنيت ، ورصدت لذلك خيرة الباحثين والعلماء والخبراء لتحقيق هدفها الاستراتيجي باللحاق بالامريكيين ومنافستهم في ميدان هذه الصناعة الالكترونية الجديدة ، اضافة الى استخدام اللغة الالمانية في مجالات الانترنيت . وبذلك انهت اوروبا احتكار اللغة الانجليزية للخدمات الانترنيتية ، وهو الهاجس الذي كانت اوروبا تتهيب منه "خوفا من احتمالات استغلال اللغة الانجليزية في الانترنيت من قبل الولايات المتحدة ليكون الاستعمار الجديد الذي سيغزو عقول الناس في المستقبل" . غير ان الخطر الانترنيتي الثقافي اللغوي ـ رغم سيطرة امريكا على 80 بالمئة من صناعة المعرفة في العالم ـ قد زال عن اوروبا بعد سيادة اللغة الفرنسية في انترنيت مجموعة البلدان الفرنكفونية ، واللغة الالمانية في انترنيت المجموعة الالمانية والناطقين باللغتين الاوروبيتين عبر العالم ، اضافة الى ان اختراع المترجم الآلي ووضعه موضع الممارسة الانترنيتية مع بداية القرن سوف يقلل من اخطار وهيمنة اللغة الانجليزية على الانترنيت ، الامر الذي طالما تهيبت منه دول العالم الثالث ، فوضعت القيود على تدفق المعلومات ـ رغم حاجتها الى معظم تلك المعلومات لاجراء التحولات المطلوبة ـ خوفاً من الغزو الفكري الاجنبي لبلادها ، وحفاظاً على خصوصيات هويتها الوطنية .
ثالثاً ـ الانترنيت في العالم العربي :
يقوم اكثر من 150 قمراً صناعياً بمساندة مراكز الانترنيت والهواتف الجوالة في اداء المهام الحساسة عبر العالم ، بعد ان اقامت الولايات المتحدة اضخم مركز للتنصّت الالكتروني على المكالمات السلكية واللاسلكية فوق احدى قمم فرجينيا الشاهقة قرب واشنطن ومن خلال شبكة (اوكوس Ukus ) التابعة لمؤسسة الفضاء الامريكية NSA حيث يمكن للولايات المتحدة استثمار شبكة الانترنيت لالتقاط ادق المعلومات والرموز والشيفرات لتحليلها من اجل معرفة اسرار العقود التجارية والصفقات الاقتصادية المشبوهة وتحركات شبكات الجرائم المنظمة (المافيا) في تجارة المخدرات والاسلحة وغسل الاموال وارتكاب مختلف انواع الجرائم مجهولة الفاعل .
واذا كان خبراء تكنولوجيا ـ المعلومات ، يؤكدون بان عدد مستخدمي الانترنيت سيبلغون خلال الربع الاول من القرن الحادي والعشرين حوالي خمسة مليارات شخص ، فان علماء الاتصالات يعتقدون "بان شبكة الانترنيت سيف ذو حدين : حيث يمكن استخدام الانجازات التكنولوجية لتحقيق اهداف تدميرية او لقرصنة المعلومات او للسطو على الحسابات المصرفية السرية ـ بعد فك رموزها ـ لسحب كميات من الاموال المودعة فيبها اضافة الى اخطارها الاخرى على المجتمع من جهة ، كما يمكن للانترنيت ان تصبح اداة لاجراء التحولات الاقتصادية والاجتماعية ووسيلة لاسعاد وتقدم البشرية من جهة اخرى . لاسيما وان شبكات الانترنيت ستحل تدريجياً محل البريد والهاتف والفاكس والمكتبات العامة والراديو والتلفزيون والاجهزة السمعية والبصرية الاخرى" كما ازدادت الحاجة الى المهندسين والمبرمجين والتقنيين وغيرهم من الاختصاصات التكنومعلوماتية في العالم بمقدار الضعف عام 2003 ، وان نصف الوظائف التي ستظهر في الدول الصناعية المتقدمة حتى نهاية العقد الاول من القرن الحالي ، ستكون مرتبطة بالتكنولوجيا والمعلوماتية . ومن المنتظر ان تتنافس الشركات على استقطاب اصحاب الكفاءات من الدول النامية لتغطية حاجتها اليهم ولتزيد من نزيف هجرة الادمغة منها ، وجذب المستهلكين من جميع انحاء العالم بعد عولمة الاعلان ونشر قيم المجتمع الاستهلاكي على النمط الامريكي في مختلف انحاء العالم .
وهنا يتبادر الى الذهن السؤال الوجيه التالي : وماذا نحن فاعلون ـ في العالم الثالث بعامة والعالم العربي بخاصة ـ حول تحديات الانترنيت والخطر القادم من الفضاء الخارجي ؟!
قد يكون من نافلة القول ، التأكيد هنا ـ مرة اخرى ـ بان النهضة العلمية ـ الديموقراطية هي التي تصوغ عالم اليوم المتقدم في مضمار الصناعات الالكترونية والثورة المعلوماتية المواكبة للالفية الثالثة التي ينتظم العالم فيها تكتلات جديدة ، يؤلف الاقتصاد والتجارة والمعلومات عمودها الفقري في اطار القرارات العلمية الشجاعة والمبدعة .
فاذا كان طريق الحرير قد حمل العلم والحرير والفلفل والبهاروالبخور ، من الشرق الى الغرب ـ عبر اسيا الوسطى والشرق الاوسط ـ في القرون الوسطى ، فان طرق المعلومات السريعة تعبد اليوم طرق السليكون الجديدة الممتدة من الغرب الى الشرق من خلال النهضة العلمية ـ التكنولوجية التي تشهدها بعض اقطار اسيا والمحيط الهادي ، والشرق الاوسط حيث جرى العمل لمد شبكات الاتصالات الجديدة من اوروبا الى استراليا منذ عام 1997 من خلال الاتفاقية التي عقدتها الحكومة الاسترالية مع مؤسسة الاتصالات البريطانية لوضع برنامج يستغرق سبع سنوات للتعاون المشترك في هذا المجال ضمت ميزانية البرنامج مبلغ 293 مليون جنيه استرليني . وقد استطاعت مؤسسة Telsetra الاسترالية توصيل 96 بالمئة من منازل السكان بشبكة الاتصالات ، كما انها قامت بتنفيذ العديد من مشاريع طرق السليكون في اندونيسيا والصين وفيتنام . ومن جهة اخرى ، فان دول الشرق تتصل بشبكات الالياف البصرية ، باوروبا عبر المحيط الاطلسي فالولايات المتحدة الامريكية لتكتمل بذلك شبكة الاتصالات التي تلف الكرة الارضية . وفي كوريا الجنوبية تزداد وتائر النمو في ميدان شركة الاتصالات الكورية بنسبة 15 بالمئة سنوياً منذ الثمانينيات "لانها تستثمر 80 بالمئة من مواردها في عمليات الابحاث والتطوير ، اضافة الى توسيع اعمالها خارج كوريا الجنوبية" . وقد نجحت سنغافورة في تطوير شبكات الاتصالات لسكانها ، واستثمار الاموال في المعدات الالكترونية من خلال توظيف النساء في لف ضفائر الذهب الصغيرة ، بدقة ومهارة ، على الرقائق الالكترونية المنتجة محلياً بحيث غدت الدولة الثانية ـ بعد الولايات المتحدة ـ على صعيد اقتصاديات المعلومات عام 2002 . اما تايوان (الصين الوطنية) فانها تهيمن على 80 بالمئة من سوق الاجهزة الملحقة بالكومبيوتر وهي تسعى اليوم لاستثمار اموالها ـ مثل الفلبين ـ في توسيع شبكات الهواتف الجوالة . في وقت تسعى فيه الهند والصين الى فتح اسواق جديدة وهائلة في اقتصاديات الانترنيت.
اما في الشرق الاوسط ، فان اسرائيل تأتي في مقدمة دولها في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة ومجالات الفضاء لخدمة اهدافها العسكرية والتوسعية . فقد اسست مفاعل (ديمونا) الذري منذ بدايات الستينات لانتاج القنابل الذرية تحت مظلة امريكية وبالمساعدات والمساهمات التكنولوجية الفرنسية ، بالاضافة الى التمويل والحماية ، وانتجت العديد من الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية والمشعة والقنابل العنقودية والفسفورية الممنوعة دولياً ، وقامت بخزن الكثير من فيروسات الامراض المعدية خرقاً للمواثيق الدولية ، مما ادى ذلك بمنظمة الصحة العالمية للاعراب عن قلقها من "خزن اسرائيل لفيروس الجدري مهددة حياة الملايين من البشر داخل اسرائيل وحولها" (10) .
واذا كانت اسرائيل تعد اليوم الدولة الالكترونية الخامسة في ميدان الكومبيوتر في العالم ، فانها تعد ايضاً الدولة الثانية ـ بعد الولايات المتحدة ـ في امتلاك اجهزة التوجيه الالكتروني الفائقة التطور التي تستطيع عن طريق المحطات الارضية توجيه الطائرات المحلقة في الجو ـ رغم ارادة ملاحيها الجويين ـ نحو الاهداف المحددة ، الارضية او الجوية في الزمان والمكان المحددين من قبل تلك المحطات الارضية . فقد اكد الرئيس المصري محمد حسني مبارك وهو الطيار العسكري الخبير بشؤون الكترونيات الطائرات ـ بعد اسبوع من الهجوم الارهابي الانتحاري على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر 2001 لقناة (سي . إن . إن) الامريكية "اننا لو افترضنا جدلاً بتوجيه تلك الطائرات الاربع نحو اهدافها الكترونيا ، فان مثل هذه التكنولوجية الموجهة لاتمتلكها غير دولتين في العالم ، هما : الولايات المتحدة واسرائيل" .
ورغم قلة مستخدمي الانترنيت من الاسرائيليين ، حيث تشير التقديرات غير الرسمية لعام 2001 بانهم يبلغون حوالي ثلاثة ارباع المليون ، فان صادرات اسرائيل من التقنيات العالمية قد بلغت عام 1998 "حوالي 8 مليارات دولار ، أي اقل من النصف بقليل من الناتج الاجمالي . وتشير الاحصائيات الى ان هناك اربعة الاف مؤسسة اسرائيلية تتعاطى حالياً ، الاعمال الكومبيوترية والانترنيت ، 70 بالمئة منها مطروحة اسهمها في اسواق وول ستريت ، حيث يبلغ مجموع رساميلها مليار دولار" (11) اضافة الى وجود عشرات الشركات الالكترونية الامريكية التي تقيم صلات وثيقة او شراكة تكنولوجية مع اسرائيل بحكم الحاجة الى الخبرة الاسرائيلية العاملة في ميدان الكومبيوتر في اسرائيل او بوادي السليكون بفلادلفيا الامريكية ، مع عدد كبير من الخبراء والعلماء الاسرائيليين في علوم الكومبيوتر والبرمجة . حيث اكد جون ماركوف في صحيفة نيويورك تايمز "بان احد العلماء الاسرائيليين قد قام بتطوير جهاز الكتروني يستطيع ان يفك وبسرعة كبيرة الشيفرات التي ينتجها الكومبيوتر ، والتي كان يعتقد حتى هذه اللحظة انها منيعة بما فيه الكفاية ، بحيث يمكن ان تستعمل بامان تام في الاتصالات السرية للمؤسسات المالية والحكومية" (12) . لان اسرائيل متقدم تكنولوجيا على بلدان المنطقة ، اضافة الى ان بعض شركاتها "ساهمت في تطوير وصنع كثير من البنى الاساسية والآليات التقنية والفنية التي تتألف منها شبكة المعلومات العالمية ، ومن ضمنها نظم وبرامج تتعلق بالاتصالات اللاسلكية وصيانة امن الشبكة العنكبوتية العالمية (الانترنيت) تكنولوجياً" . لاسيما وان اسرائيل تعد الدولة الخامسة من حيث براءات الاختراع من بين 12 دولة متقدمة تكنولوجيا ، حيث بلغ عدد براءات الاختراع فيها (80) لكل مليون شخص ، بعد المانيا (85) وكندا (86) واليابان (184) والولايات المتحدة (245) براءة اختراع . اضافة الى ان لمعظم الشركات التكنولوجية العالمية فروعاً رئيسية في اسرائيل ، حيث افتتحت شركة موتوريلا Motorela فرعاً لها فيها منذ عام 1964 تبعتها شركات IBM و Intelو Microsoft فيما بعد . بل ان اسرائيل "قد اصبحت ومنذ عام 1976 دولة متقدمة غير مستحقة لقروض البنك الدولي . حيث وصل معدل الناتج الاجمالي للفرد في اسرائيل عام 1995 الى 16000 دولار امريكي وهو رقم مقارب لبريطانيا البالغ 18700 دولار . وفي عام 1997 ـ وحسب تصريحات وزير المالية الاسرائيلي ـ فقد وصل ذلك الناتج الاجمالي الى 17000 دولار بعد فترة نمو كبيرة خلال الفترة 1990 ـ 1996 والذي وصل الى 6 بالمئة بسبب التوسع في المجالات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات العالية التقنية اجمالا والالكترونيات بشكل خاص" (13) .
وكان من اكثر مظاهر التفوق التكنولوجي الاسرائيلي اثارة ، قيام اربعة شبان اسرائيليين بتأسيس شركة "ميرابيليس" لانتاج برامج "أي . سي . كيو" الكومبيوترية عام 1998 وتهافت شركة "اون لاين" الخاصة بالانترنيت ـ وهي من اكبر الشركات الامريكية في هذا المجال ـ بشراء "ميرابيليس" بمبلغ 278 مليون دولار ، ثم تلقوا مبلغ 120 مليون دولار اضافي عام 2000 عن حقوق تطوير وتحسين اداء النظام المذكور . ومن جهة اخرى اطلقت اسرائيل ـ ومنذ ثمانينيات القرن الماضي ـ مجموعة اقمار صناعية تجسسية ، بقدراتها التكنولوجية الذاتية وخبرة علمائها ، الى الفضاء الخارجي ، كان اخرها ـ وليس أخيرها ـ القمر الصناعي التجسسي (افق ـ 5) في حزيران عام 2002 بصاروخ ( يريحو ) الاسرائيلي "حيث تحدث ناطق باسم الحكومة الاسرائيلية عن قيام القمر الصناعي المذكور بارسال صور بالغة الوضوح لبعض عواصم المنطقة " (14) . ومن هنا تتزاحم الاستثمارات الغربية واليابانية والصينية في اسرائيل ، اضافة الى تشجيع المؤسسات الاسرائيلية ـ وعلى رأسها الجيش ووزارات العلم والصناعة والتجارة والاقتصاد بالاضافة الى معهدي تخنيون ووايزمن للعلوم ـ لمبادرات الشباب الابداعية في مجالات الاختراع والابتكار .
اما الانترنيت العربي ، فانها لاتزال طفلة تحبو رغم وجود العديد من المؤسسات التكنولوجية والمعلوماتية والكومبيوترية عربياً (المركز الهندسي الاقليمي لبرامج الحواسب وتكنولوجيا المعلومات RITSEC ) و ( الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ) في القاهرة ، ودولياً (المكتب الاقليمي للاتحاد الدولي للاتصالات) و (مكتب اليونسكو الاقليمي في القاهرة للعلوم والتكنولوجيا للدول العربية ROTAS ) واقليمياً ( المعهد القومي للاتصالات) و (الاتحاد العربي لتقنية المعلومات) التي تستهدف النهوض بصناعة تقنيات المعلومات وتوجيهها لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية . لاسيما وان عدد مستخدمي الانترنيت في العالم العربي لايزيد بحسب التقديرات العربية عن المليون شخص ، في حين تقدرها المصادر الغربية بنصف مليون شخص أي بنسبة نصف في المئة تقريباً ، نسبة الى سكان المنطقة العربية ، في حين انها في اسرائيل 15 بالمئة وفي الولايات المتحدة 57 بالمئة . لان تخلف العرب في ميدان التقنية الحديثة ، فعالية وبرمجة وصناعة واقتصاداً ، ادى الى امية شبة كاملة بتكنولوجيا الكومبيوتر الضرورية لاستخدام الانترنيت من جهة والاستفادة من ثورة المعلومات من جهة اخرى . ومن هنا فان الدول العربية غائبة تماماً عن المشاركة في وضع المواصفات القياسية العالمية ، رغم التقدم الذي شهده قطاع الاتصالات في العالم العربي" وهو الامر الذي اكده احمد الشربيني ، رئيس مؤتمر ( الملتقى العربي الثاني لسياسات الاتصالات) الذي عقد في القاهرة خلال 19ـ21 مايو (ايار) 2002 عندما طالب "بضرورة الخروج برؤية موحدة لاهمية المواصفات القياسية اقليمياً وعالمياً ، حيث تغيب الدول العربية عن هذا المضمار ، ويكاد ينعدم دورها فيه ، لان كل دولة عربية تعمل بمعزل عن الدول الاخرى ، الامر الذي سيحرم الدول العربية من مواكبة التطورات الهائلة في هذا القطاع الذي يشهد نمواً سريعاً يوماً بعد يوم . كما سيزيد التكلفة التي يتحملها كل بلد على حدة لمواكبة التطور" واضاف الدكتور عبد الفتاح ابو قياس ، رئيس مركز التمييز العربي للاتصالات بسورية في تصريحاته لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية حول المؤتمر "ان المحاور التي ناقشها المؤتمرون تدور حول ثلاث نقاط اساسية : الاولى هي (التقييس والمعايير) حيث يبحث وضع معايير موحدة لسياسات الاتصالات العربية ، خاصة ان لكل دولة معاييرها الخاصة بها ، لذلك فان المؤتمر يهدف الى وجود معايير اقليمية على الصعيد العربي في سياسات الاتصالات من حيث نظم الترخيص والتعريفة وتنظيم الاتصالات ، وكل ما يتعلق بهذا القطاع . اما المحور الثاني فهو محاولة الوصول الى اعتماد موحد للانظمة والتجهيزات في الدول العربية ، حيث توجد في كل دولة معايير محددة للترخيص لاستخدام بعض الاجهزة ولاتسري هذه المعايير في دول اخرى . لذلك فهناك اتجاه للوصول الى توحيد هذه التراخيص بحيث يمكن لصاحب جهاز ما حصل على ترخيص استخدام له بالقاهرة ان يستخدمه في الاردن او اية دولة عربية اخرى من دون ان يتطلب ذلك الحصول على تراخيص جديدة . اما المحور الثالث فهو الفجوة الرقمية القائمة بين دول العالم الثالث والدول المتقدمة وكيفية تضييق وسد هذه الفجوة خلال فترة زمنية محددة لكل القطاعات ، خاصة في مجال الانترنيت واستخدام السبل والوسائل الملائمة لسد هذه الفجوة" (15) .
واذا كان هذا المؤتمر قد استطاع تشخيص بعض معوقات الاخذ بالتكنولوجيا المتطورة في البلاد العربية ، فان الدكتور رأفت عبد الباقي رضوان ، امين عام الاتحاد العربي لتقنية المعلومات مدير مركز معلومات مجلس الوزراء المصري ، كان اكثر صراحة واعظم دقة في تشخيص تلك المعوقات المتمثلة في الامية الحضارية في البلاد العربية والافتقار الى الوعي الثقافي ـ العلمي بسبب انتشار الروتين والعشوائية في العمل وعدم توافق التشريعات العربية مع عصر الصناعة بله عصر ثورة المعلومات اضافة الى عدم وجود خطط وبرامج تكاملية بين الدول العربية "للانطلاق الى عالم جديد لايقتنع بفكرة تسلسل الاجراءات والعمليات ولكنه يقتنع بفكرة الابتكارات وسياسة (تخريمة المستقبل) التي تقتضي برامج وخطط عمل وقياساً مستمراً . ولذلك فان ثمة صعوبة كبيرة للدخول الى صناعة اجهزة الكومبيوتر او حتى الى عملية تجميعها في العالم العربي ، لان اكبر الاسواق العربية ـ وهي السوق السعودية تليها السوق المصرية - لاتستطيع بيع مليون جهاز مثلاً نظراً لانتشار الامية في البلاد العربية ، التي قد تصل في بعضها الى ما فوق 67 بالمئة من عدد نفوسها" (16) .
فاذا كانت مشاريع الوحدة بين الدول التي شهدها العالم العربي بدءا من خمسينيات القرن الماضي حتى تاريخ كتابة هذا التقرير ( تقرير القاهرة الصادر في 13 ديسمبر 2006 ) لم تتحقق ولم تستمر ، إلا أن وحدة أخرى تمت بشكل جزئي ولكن بنجاح فائق وإن لم تعلن ، وهي الوحدة على مستوى أجهزة الشرطة أو وزارات الداخلية العربية . فاجتماعات وزراء الداخلية العرب تتم دون تأجيلات ودائما ما تسفر عن تعاون وثيق بين أجهزة الشرطة العربية يصل لحد الاتفاق الكامل على أهمية تداول المعلومات وتوزيعها ، حيث يتم استخدام شبكة الانترنت بشكل جيد ، بما يسمح لأي شرطي في أي مطار أن يخبرك بتاريخ حياتك وعدد القضايا التي اتهمت بها ، وأي سجن تم احتجازك به وميولك السياسية والمنظمة الحقوقية أو السياسية التي تنتمي اليها ، سواء كانت سرية أو علنية. ولعل لقاء وزراء الداخلية العرب في فبراير 2006 بتونس يوضح بشدة التوافق الكامل بين هؤلاء الوزراء بشأن أهمية حجب المواقع التي "تشجع على الإرهاب" دون وضع تعريف محدد حول ماهية هذا الإرهاب الذي يقصدونه . وعلى الجانب الأخر ، فقد أتاح الانترنت لمستخدميه العرب ليس فقط بأن يتواصلوا مع بعضهم البعض بشكل واسع ، ولكن أيضا مع جنسيات أخرى بالطبع ، إلا أن تواصلهم مع بعضهم البعض كعرب خلق ما يشبه الوحدة الإليكترونية ، من خلال المنتديات والمواقع التي تتيح تفاعلا بين زوراها وتبادل الخبرات الواسعة ، لاسيما في ظل تشابه الظروف القمعية في الدول العربية . فنجد أن نشوء حركة كفاية في مصر على سبيل المثال ، قد أعقبه حركات شبيهه في اليمن وليبيا وتونس ، يحمل بعضها نفس الاسم ، ويحمل البعض الأخر أسماء مختلفة ، ولكنها جميعا تصب في نفس الاتجاه . فضلا عن المدونات العربية التي رغم حداثة نشأتها فقد ساهمت بشكل فعال في وجود كتل متجانسة بين النشطاء العرب وحملات قوية للدفاع عن المستخدمين الذي يتعرضون لانتهاك من الحكومات ، وصولا لانشاء اول مدونة اليكترونية لحق اللجوء السياسي .
ولكننا نعتقد بان المعوق الرئيس لانتقال العرب الى عصر التكنولوجيا ـ المعلومات ، هو عدم توفر المناخات الديموقراطية وحرية وتشجيع البحث العلمي ـ الذي لاتزيد ميزانيته ، في معظم الاقطار العربية ، عن 3ـ9 في الالف من اجمالي انتاجها السنوي ـ والافتقار الى المعاهد التكنولوجية والكوادر العلمية المتخصصة ، التي هاجرت معظمها الى الغرب هرباً من الاستبداد والملاحقة او حفاظاً على الكرامة والعزة النفسية فنالوا هناك جوائز نوبل علمية او عملوا في المؤسسات الكبرى العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية او اغتالتهم الاجهزة الخفية للايديولوجيات المسيطرة التي لا تريد تقدم بلدان العالم الثالث بعامة والعرب بخاصة ، في مضمار العلم والتكنولوجية . فقد نال العالم المصري (احمد زويل) المقيم في الولايات المتحدة ، جائزة نوبل للفيزياء عام 1999 لاكتشافه "زمن فمتو ثانية" كما تلقت الطالبة السعودية (حياة سندي) عرضاً للعمل في مؤسسة (وكالة الفضاء الامريكية ناسا NSA ) وهي لما تزل تعد درجة الدكتوراه في التكنولوجيا الحيوية بجامعة كامبرج البريطانية ، بعد تفوقها في دراستها ونيلها لافضل التقارير من اساتذتها والعلماء الخاضرين في المؤتمر العلمي الذي ساهمت فيه . ومن هنا ، فقد اكد احدث تقرير صادر عن ( الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ) بعنوان " خصم عنيد : الانترنت والحكومات العربية " الذي اعلن عنه في مقر نقابة الصحافيين المصرية يوم الاربعاء الموافق 13 ديسمبر / كانون الاول 2006 ، بان " السياسات التي تتبعها ثمانية عشرة دولة عربية ، للتعامل مع الانترنت ، هي سياسات تشبه تكتيكات التعامل مع عدو أو خصم أجمعت أغلب الحكومات العربية على محاربته ، لكنه يتعافي بعد حجب أي موقع أو حبس ناشط ، ليرد الصاع صاعين ، عبر نشأة مواقع جديدة أو كسب مناصرين جدد لحرية التعبير على الانترنت " . كما يتضمن التقرير فصلا عن نشأة المدونات العربية ونشاط المدونين العرب الذين برزوا بقوة كمناصر قوى ليس فقط لحرية استخدام الانترنت، بل لحرية التعبير وحقوق الإنسان بشكل عام في الفترة الأخيرة . وقال ( جمال عيد ) المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، ان " ما نراه من الصراع بين الحكومات العربية وبين الانترنت هو جزء صغير من جبل الجليد الذي يمثل صراعا حقيقيا بين هذه الحكومات وحرية التعبير كملمح من ملامح الديمقراطية التي طال غيابها عن العالم العربي ، ونحن لسنا طرفا محايدا في هذا الصراع ، نحن داعمين لحرية التعبير وحرية استخدام الانترنت ومن ثم نحن حليف قوي للانترنت في هذا الصراع " . ثم يضيف التقرير الى ذلك معلومات دقيقة عن حدود مستخدمي الانترنت في المنطقة العربية ، بالقول " لقد اصبح الانترنت بالنسبة لحكومات تعتبر حرية الرأي و التعبير قيما غريبة وغير مرغوب بها ، في حين اصبحت الحاجة لشبكة الانترنت أكثر إلحاحا ووسيلة هامة لجمهور تزداد أعداده يوما بعد يوم ... وهم يختلفون مع هذا الرأي ، ممن شاء حظهم أن يعيشوا في بلدان تسيطر عليها حكومات وصل أغلبها للحكم بطرق بعيدة عن الديمقراطية .
ولعل هذا يفسر التوسع الكبير في عدد مستخدمي الانترنت بالمنطقة العربية ، حيث كاد الرقم يتضاعف في أقل من ثلاثة أعوام ، حيث بلغ في منتصف يونيو 2004 نحو 14 مليون مستخدم ، ليصل في نهايات هذا العام -2006 - إلى نحو 26 مليون مستخدم كما يشير شريف اسكندر المدير الإقليمي لمجموعة غوغل العالمية في الشرق الأوسط .
ولم تكن الحكومات العربية بحاجة للموجة التي اجتاحت أغلب دول العالم من تقييد حرية استخدام الانترنت بزعم ( محاربة الإرهاب ) حيث أن التقييد هو سمة أساسية لهذه الحكومات ، لكنها أيضا لم تفوت هذه الفرصة لطرح مزيد من التضييق والتقييد لحرية الرأي والتعبير وضمنه بالطبع حرية استخدام الانترنت . وتلعب الرقابة الرسمية دورا مهما في حجب العديد من المواقع الحقوقية والسياسية في العديد من البلدان العربية إما لتناولها الانتهاكات التي تمارسها حكومات تلك البلدان أو لنقدها السياسي . وهو ما يكشف بوضوح كذب الادعاء الذي تستمر الحكومات العربية في تقديمه حول أسباب قيامها بحجب هذا الموقع أو ذاك ، ولعل قيام الحكومة البحرينية بحجب نحو 17 موقعا في الشهور الأخيرة من عام 2006 ، تناولت ما عرف بفضيحة البندر ، بينها موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، يعطي مثالا إضافيا على هذه الادعاءات الكاذبة ، و لتصبح الادعاءات بحجب المواقع المغايرة للقيم والأعراف والمناهضة للدين الإسلامي بمثابة إشارة غير صريحة موجهة للمواقع العلمانية والسياسية ".
اما ردم الفجوة التقنية مع الدول المتقدمة ، فلا يتم باستيراد التكنولوجيا ـ لان الدولة التي تمتلك اسرار التكنولوجيا المتطورة لاتمنحها للدول الاخرى ، لاسيما المنافسة لها او المعادية ـ وانما بتصنيعها وتطويرها في البيئات المحلية بالاعتماد على القدرات الذاتية بعد خلق اجواء البحث العلمي الحر واصلاح الواقع التشريعي والتعليمي والاقتصادي والسياسي ومحو الامية الحضارية للمواطن العربي لايجاد مناخ ملائم للتفكير الخلاق والابتكار الابداعي مع تشجيع المبادرات الفردية في مجالات الاختراع والاكتشافات العلمية واحترام العلم والعلماء والصرف ببذخ على ميزانيات البحث العلمي ، من اجل تطوير التكنولوجية المتوفرة محلياً والعمل على ازدهارها بمساعي الخبراء والعلماء العرب الذين لاينقصهم الذكاء والنبوغ ، بعد ان اثبتوا جدارة في ملاذاتهم الآمنة بجامعات ومعاهد ومؤسسات الغرب ، للافصاح عن مكنونات عقولهم ابداعاً واختراعاً وتفوقاً . لان صنع المستقبل "يعتمد الى ابعد حد على الثقافة السياسية ، ان كانت قد تطورت الى مرحلة بحيث يقرر الخطاب العقلاني ، السياسة والاهداف التي لم يعد يمليها حكام مستبدون يعملون بوحي رغبتهم الانانية في التحكم بالمجتمع واستصفاء امواله . لانه من المحال على أي مجتمع انشاء نسق علمي وتقاني فعال اذا كانت القوانين النافذة في اقتصاده ومنظماته لاتقوم على معايير الانجاز . ومادامت الفاعليات الاقتصادية والسياسية في اية دولة عربية لاتقوم على معايير الابداع ، فمن المستحيل على هذه الدول ان تهيء نفسها تهيئة فعالة للقرن الحادي والعشرين … لان القطر الذي لاينشىء لنفسه ، في عالم اليوم ، نظام اتصال رخيص الثمن من الياف بصرية مرقمة ، انما يحكم على نفسه بالانتحار . فالهدف من التطورات الراهنة في تقنية الاتصال هو تخفيض تكاليف شبكة الاتصال الى مستوى يمكن المواطنين من الانتفاع بالمعرفة التي تحملها الشبكة ، بصرف النظر عن موقع تلك المعرفة مع حذف كل العقبات من طريق توصيل المعلومات وتعبئتها وبثها" (17) .
وقد تنبه بعض العرب الى اهمية القدرة الذاتية في خلق وتطوير التكنولوجية المحلية بمساعدة الدول الصديقة ، من خلال الاهتمام بابحاث الفضاء وتكنولوجيا الاتصالات ، فاطلقت مصر ـ وهي اكثر الدول العربية تقدماً في مضمار بحوث وتكنولوجيا الاتصالات غير الانتاجية ـ اول قمر صناعي الى الفضاء الخارجي بصواريخ (اريانا) الفرنسية ، كما اطلقت دولة الامارات العربية المتحدة التي منحت جامعتها طلبة كلية الطب والعلوم الصحية اشتراكاً مجانياً في الانترنيت مدى الحياة لتعزيز مسيرتهم العلمية (18) ـ وهي تتنافس مع السعودية للاستحواذ على المرتبة الثانية في التكنولوجية التطبيقية ، بعد مصر ـ لاطلاق قمر صناعي اقتصادي خلال عام 2002 في وقت تجاهد فيه كل من مدينة السادس من اكتوبر الاعلامية في القاهرة ومركز التكنولوجيا في مدينة دبي الاعلامية للاستفادة من تراكم الخبرات التكنولوجية المحلية والعناصر البشرية الخبيرة بناء نسق علمي ـ تقني من خلال مؤسسات البحث العلمي . ويقدر انطوان زحلان ، الخبير العربي في العلوم والتكنولوجيا المعرفية " الخبرة العلمية والتقانية المتوفرة الان في الوطن العربي بحوالي 10 مليارات دولار تقريباً وهذه الخبرة نتيجة تراكم الجهود في البحث العلمي . ويقدّر معدل التوسع في الهيئة القائمة للبحث والتطوير بحوالي عشرة بالمئة ، وهذه الخبرة العلمية مفيدة للتطبيق كما للتوسع في الاقطار العربية ، بالاضافة الى المعرفة التي يمكن ان تكون مصنفة على الرفوف توجد ايضاً قوة بشرية محترفة جاهزة لاجراء ابحاث جديدة . هذه القوة البشرية ذاتها يمكن استخدامها من اجل تنظيم وترتيب انتقال التقانة ، مثلما يمكن الاستفادة منها لزيادة فعالية استثمار الموارد المحلية . والخبراء موجودون لانقاص نسبة المدخلات المستوردة وقطع الغيار الاجنبية في المشاريع الجديدة . القوة البشرية المحترفة يمكن ان تكون جسراً يفضي الى الجماعة العلمية الدولية" (19) اذا ما توفرت لها المناخات المناسبة للابداع والابتكار من جهة ، وتم انشاء مركز عربي موحد لتجميع الخبرات والمعلومات من مؤسسات البحث والتطوير المحلية ، ثم تحضيرها واتاحتها لفائدة كل الاقطار العربية من جهة اخرى .

رحاب حسين الصائغ
04/08/2007, 03:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي لجميع المشاركين في هذا الموضوع
احتلامي وتقديري لهم لماقدموه من آراء جليلة وقيمة واحب ان اعبر عن رأي بهذه المقال التي كتبتها عن الانترنت.


رحاب حسين الصائغ




الصديق الوفي (الانترنت)

الابحار في جو من الرؤية على ذاكرة الصراع شبه اسطورة محفورة على حجارة الألم، ولكل أزمة صفة حيث نهاية الطريق ابتداؤه.
في ضحى ذلك النهار، بهدوء انسحبت من جلسة ثقافية، كنا لفيف من المثقفين كتاب اعلاميين، اتجهت نحو باحة الفندق الذي احتوى مؤتمر ثقافي بمناسبة عيد المرأة، جو الجلسة كان مشحون بشيء من الأوهام، الوقت بالنسبة لي مهم، لذا وجب عليّ تحاشي قواعد الانفعال، خرجت للشلرع أبحث عن مقهى للأنترنت، تعجبني دهاليزه المظلمة، التعامل معه يفلتك من حالة التحول لأكياس قمامة تبتلعها الظلال، يبعد اليأس عنك ألف ميل، تنتصر الابتسامة الموؤدة، الانترنت يجعلك مستمر في جمع أوصال تكدست خلف باب الاحباط، متسائلاً:
- لماذا الاستسلام؟!؟.
لذا لابد من التعرف بهذا الصديق السينوغرافي* الثر والمخلص، لكل طالب علم ومعرفة ( الانترنت) دائماً تجده قابع في زاوية من زوايا النفس عند كل باحث تعود صداقته الأليفة، غذاؤه التيار الكهربائي، ما ان تجالسه حتى تبحر من خلاله إلى كل العالم، شخصية مدهشة، هو متهم بريء، هذا الذي يسمى نت( NET ) عبارة عن شبكة حاسوبية عملاقة قد تتكون من شبكات أصغر بحيث يمكن لأي شخص متصل بالانترنت أن يتجول في هذه الشبكة وأن يحصل على جميع ما يرغب من معلومات، أهم عناصر ( النتNET) الشبكة العنكبوتية( WWW ) لنقل المعلومات، والبريد الالكتروني( FTP ) ، والميل ( MIAL ) مجموعة الأخبار، السؤال الملح دائماً: ماذا يقدم لنا هذا الصديق عندما نبحث في ماهية قدرته على اعطائنا الفائدة التي نرجوها من وجوده؟، أولاً _ كم هائل من المعلومات المتجددة والمتنوعة، ثانياً_ فرصة لقاء عشرات الملايين من الاشخاص ذو المستويات المختلفة في الوعي والفهم والمقامات الاجتماعية والعلمية، ثالثاً _ الحصول على الاخبار والمعلومات في جميع المجالات وبلغات مختلفة، رابعاً _ التسوق وشراء البضائع ومعرفة اسعارها وأنت جالس في مكانك،
* السينوغرافي: ( مصطلح يمثل جانب من المعرفة يعنى بالمعنى الدقيق لمنظور الذوق في فن المسرح، مرتكز على جمالية الاضاءة والحركة ومتابعة الديكور، وتوزيع الاكسسوار، بصورة أدق كل ما يشمل جمالية المظهر الخارجي للشيء).


متطلبات التعرف على هذا الصديق، جهاز كمبيوتر يحتوي على نظام تشغيل، موديم، خدمات الشبكة، كيف تستفاد من هذا الصديق؟، جاء في الحديث الشريف: ((الحكمة ضالة المؤمن يطلبها حيثما وجدت))، ومن خلال اللغة تعرف من انت ( عربي أم عجمي).
كؤوس المطر المنزلقة على أرض تثمل حين تجدها مجدبة، تتكور على ذاتها في دائرة مفرغة، تقتل التوسع المفروض الذي يعمل على توحيد المشاركة في دائرة المعنى المعرفي لثقافتنا العربية، من موروث ومتوارث، إذا اردنا أن تشع حضارتنا وتسبغ عتبات العالم بعطور معارفنا وعلمنا وأفكارنا العربية وجعلها في قائمة الحضور الاول، فكل ثقافة لأي أمة تعرف من لغتها، هي منجزها وعناصرها الحية، ولا يوحدنا غير لغتنا العربية، ما اجده في ثقافتنا العربية من الانغلاق على ذاتها مما يكثف فشلها، التعارض في التنوع لإنماء أي ثقافة وزجها في عالم الثقافات الاخرى ليس معناه انصهارها، بل التعمق والتغلغل في كل جوانب الآخر، لكي يمكننا فك أدق التفاصيل، مثلاً بعد النهضة الاوربية أخذ الغرب يعمل بدقة على تحليل الشخصية العربية، بحثاً عن نقاط ضعفها، لكي يقدر على تذويب المفاهيم العربية واستغلالها أبشع استغلال، بحث في مكمن الذات المتعالية التي تسكنه، محاولاً كسر شوكتها من خلال السيطرة عليها بشتى الطرق، ومحاصرته من كل الجوانب، أولها عروبته ولغته، أسأل هنا العروبة واللغة هوية أم ثقافة؟! ، الرد هنا : ان الهوية العربية تمثل توحدنا باللغة، لأنها أساساً هي لغة القرآن، ومن ثمة هي لغة الضاد. التقرب من الآخر والتجديد لا يعني التشتيت، بل التحليل المنطقي، والتخلص من عقد الصراع، بين قبول الثقافات الاخرى، وبين فهم ثقافتنا، الحذر ضروري في عدم الانسياق للتقليد، لذا علينا شد أزر بعضنا للتوصل إلى مصاف العالم المتقدم، ما دمنا نبحث عن طرق النجاح في الاستفادة من هذا المتهم ذو الدهاليز المظلمة، علينا أولاً تجاوز الأنا بأوهامها المختلفة في البحث عن الأنا الواعية التي تساهم في بناء شخصية صاحبها، بالطبع الانسان ليس آلة، ولكنه مخترع الآلة، إذا لم يكن قادر على تجاوز العمل الآلي بقوة العقل الذي يملكه، والسيطرة على هذه الآلة وتلبية متطلباتها بالاستفادة منها ومنافسة الآخر، في عصر تصارع الآلة الانسان، لنعمل على فهم نقاط ضعفنا وقوتنا من اجل تجاوز الضعف بتنمية القوة لكسب المنافسة بالاستنباط الذي من خلاله يقدر الانسان ان يكون في حالة تحول لفهم تجاوز واقع مشحون بالمعاني المستطرقة الخارجة عن الحاجة، منذ عهد ارسطو استخدمت وسائل للتعبير، وايجاد البراهين ودراستها، ويعتمد البرهان على تركيبته أو صورته المنطقية، والمنطق يجعلنا عن طريق التجربة، نستدل على الصحيح منها، وأعلى أشكال الوعي التجربة، لأننا لانستبعد أن انساننا العربي في أكثر الاحيان ضحية مرحلة، قولبت فيه العقل والفهم والمعنى للأشياء، مما دعا إلى تفجير التأويلات لوجود هذا الصديق بيننا، وطرح مناظرات عدة، جعلته محط أنظار حالتين ( احداهما) ما فائدته؟؟؟؟، من يجهل فوائده يمقته لدرجة الكره والحقد عليه، خاصة وان بعض مستعمليه أساؤا استخدامه كأداة نافعة، لكنهم قلة لا نعتمدهم في محور الفائدة المرجوة التي هي محط أنظارنا، والثانية: اعتبر الانترنت نتاج فكر غربي، وهوجم دون التفكير الصح في استخدامه، وبغض النظر لهذه الحالة، أفكر دائماً لو يوحد التعليم في الوطن العربي خاصة مراحل الابتدائية، وتوضع مناهج تعمم ويكون الانترنت الواسطة في التواصل وتوصيل المعلومات لجميع المدارس، ويضاف للتدريس مادتي القانون والموسيقى.
أكثر العلوم تحمل القصور الادراكي الكامل لمعرفة مزياها، من هنا ننطلق لوضع نظريات تخص ثقافتنا، علينا خلقها وأن نجمع على وضع رمز يكون شعلة لأفكارنا، وقدوة لمسيرة ثقافنتا في التعامل مع هذا الصديق نصوغ طرق حديثة لعلومنا ومعارفنا بتجديد الحاضر المستقبلي، وايجاد مؤسسات عربية تساند الافكار والطاقات الخلاقة، استحداث مواقع مثل موقع الحوار المتمدن، الذي يسهل عملية الاتصال والتواصل التعامل معه، الاقتناع الكامل بأن الانترنت وسيلة من وسائل الاتصال المعرفي التي تعتبر أ صدق من غيرها في خدمة العلم ، الابتعاد عن التزمت تجاه هذا الجهاز الذي هو الصديق الثر، هناك مثل يقول:(من الصعب ان تجمع بين حنكة الثعبان وبراءة الحمام)، عليه ان لا نتجاهل بقدر ماهو ذو حدين في استعماله، من الضروري توجيه الشباب الذي هو أكثر طموحاً وقدرة على الابتكار ويعتمد في تحريك أفكاره طروحات دافعها الحيوية والطاقة والاحساس بالقوة، مع تشابك ودمج أفكار ذوي الخبرة لحاجة الشباب اليها، والقادرين على التربية والتوجيه الجيد والصحيح الخالي من المصالح النفعية، أو الشخصية، ليولد لدينا شباب يشعر بذاته، ولا ننسى انهم جيل المستقبل، امنيتي أن يكون في كل بيت، وعند كل فرد من أفراد الاسرة علاقة ودية مع الانترنت، يتبعها التوجيه الحكيم وليس السلطوي، أجد الانترنت كشجرة وارفة الاغصان خضراء طرية يحجب عنك حرارة صيف قارض واشعة شمس لاهبة، بدونه كأنك في صحراء رمالها كجمر النار لا أثر لحياة ناعمة فيها، وأحب أن أذكر أن الانسان مهما تعلم فهو عاجز عن الوصول لمعرفة كل شيء، لكن بالعمل يحصل على علاقة تفاعلية لوجوده المعاش.

رحاب حسين الصائغ
04/08/2007, 03:41 PM
وارسل مقال آخي ضمن نفس الموضوع


رحاب حسين الصائغ
الانترنت ظاهرة عقلانية
في هذا العالم المعتوه، كل شيء فيه فوائد وأضرار، الانترنت هو ظاهرة متميزة في عالم منصهر بين العقلانية والتخلف، ظاهرة تشبه الحركة السريالية، لم ينجوا منها المتشككون في عقولهم ونفوسهم، ساعد على تخطي معانات العربي من مثقف طامح / وسياسي حاقد / سائل ومتسائل، في عالم الفرد فيه مزهو بقدراته، كسرَ الأواني الطبقية داخل المجتمع، عمل على إزالة الرصيف السلطوي، كأباريق الشعر العربي القديم ( شعر القافية) يجتذبك بحلاوته التي تعجز عن الهروب من ذائقتها، أما قصيدة النثر، جعلت الفكر حر، مثل الانترنت، ابتذل الرائحة أمات اللون، اعتمر النهار واحتوى كل ساعاته، أبعد مسافات الليل عن كنائس غارت بحارها، وجوامع تغيرت مفاهيمها، حمل ثورته بلا أي مساومة، ما عليك سوى الحصول على جهاز وبعض البرمجيات، حتى تطير عبر سحبه بدون قوة نفاذة من وسائل النقل المعروفة، تبحر بلا خوف من قرصان يترصدك، أو سقوط على سفح جبل مجهول الهوية، تبصم هوسك من غير أن تنتظر أشارة من أحد، أو تصلب كالمسيح، أو تجاهد كالمسلم، أو تجلس تحت شلال بوذا وهو ينتظر لحظة كشف إلآهي، أو كنيتشه تصرخ في أبعاد السنين، من أجل التوصل للمعرفة، ما دمت تتنفس وقادر على ضغط زر كلمة السر تفتح لك المغارة، وتصبح مالك الفانوس السحري، وبساط الريح، وطاقية الاخفاء، فقط أنت من يطيعه المارد ( الانترنت) تأمره عجافاً وتسرد عليه أوامرك، وتصبح موجود بلا سلاطين أو جلاوزة أو طغاة، منذ أول عصور التاريخ، الإنسان يحلم أن يكون شيء مهم أو مفيد أو يعلم ما يجهل، لديه عدة دوافع/ أولها الخوف من المجهول، عندها أخذ يبحث عن صانع هذا الكون، ومن خالقه، رسم، فكر، فلسف تفكيره، وجد الكلام مع وجود الفلسفة والمنطق لا يدعم كل محاولاته للتخلص من الخوف، أخذ يدمج الفكر بالعمل إلى أن توصل للعلم، أوجد النظريات والقواعد الثابتة، مع مر الزمن، علم أن لا شيء ثابت على هذا الكوكب، لكنه أمتلك سلاح التجربة، هكذا هو مستمر، سن القوانين، شرع الشرائع، فكر في الاقتصاد، عندها توصل إلى علم الحروب، وأصبح مهووس بها، ومازال حتى ينظم في ظنه الكون، واستمر يخطط لجعل العالم على هذا الكوكب تحت سيطرته، ساعياً بجنون لجعله(( قرية صغيرة )) لخدمة مصالحة، قد يكون توصل إلى بذرة من مصالحهِ، ومنها الانترنت، نسي أن عملية تنظيم الكون خارجة عن قدراته، لأن الطبيعة أدرك منه بمصالها، ومن هذا الكائن الذي هو بعض منها، هي تستغفله لوقت، لكنها لن ترحمه لفترة، لذا أقول أن الانترنت عالم وحد مستويات البشر على هذا الكوكب، الكل يستطيع الكلام والمارد موجود( الانترنت) السلطان يتكلم، المجنون يتكلم، الضعيف يتكلم، ينفذ صوت الجميع دون عائق، وحال الجميع بين الظاهر والباطن فيما يحدث، كالعهود الغابرة، والظن الملازم، بين المادي والروحي، لأننا نعيش على مسرح الحياة حالتين، الظاهر لنا على مستوى إدراكنا، والباطن، أي المخفي على مستوى إطلاعنا، بل الكل يحمل القصور لما يعيش، لكن هناك من يفكر ويسعى ويعمل، وصولاً لهدف، قد يكون كبير، وهناك من بهذي ويهدد ويطبل ويطمع، وصولاً لمصالح وقتية ليس الهدف منها غير إسكات الخوف التي تتمثل بحالة الجبن، وعدم إدراك تبعية الأضرار، فيكون مصيره بالضبط كالمثل التالي: (( ما طار طير وارتفع إلاّ كما طار وقع)) لأن طريق المصالح الشخصية مسدود، محمل بالقصور والعنة، أما السعي من أجل مصالح عامة، يصيبها النجاح ( 50 0/0) ، ومع الأيام تكون الخمسون مع الخمسون الأخرى والخمسون الأخرى، أكثر من مئة، لذ علينا بعد النظر في كل الخطوة، كي لا يتعثر مسارنا في مشروع الحياة، أما النظر بين الأقدام فقط، هذا هو خطأنا الكبير، فاعذرني جداً...

عبدالقادربوميدونة
06/09/2008, 12:30 AM
هل تملك فكرة عن الأنترنت والحكومات العربية ؟
الرجاء إعادة نشرهذا الموضوع الهائل ذي الفوائد الطوائل ..والحدائق ذات الخمائل ..ولاسيما وأن مجموعة من الأساتذة الكبارقد أدلوا بدلوهم فيما جاء فيه ..وسوف أعود - إن شاء الله - لأصحح وأصوب ما جاء فيه من أخطاء لغوية ملفتة للنظرومؤسفة.. غير أن ذلك لا ينقص مما جاء فيه من فوائد جمة أبدا ..لا غنى عنها لكل طالب وأستاذ ..