المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدب الفلسطيني..



عمرو زكريا خليل
27/12/2006, 03:25 PM
حول سؤال النكبة في الأدب الفلسطيني/ أنطوان شلحت
المحرر: أنطوان شلحت
التاريخ: 5/25/2005
لا يزال سؤال النكبة في 1948 يشكّل أحد أهم الدوافع الرئيسة وراء العودة المستمرة من جانب الأدب الفلسطيني، جيلاً جيلاً ومرحلة مرحلة، إلى الماضي.



هذا الماضي بالنسبة للمبدع الفلسطيني، كائناً من يكون، هو بكيفية ما مرتكز الرفض للحاضر على مستوى الصيرورة، من جهة، ومتكأ الكشف عن مفهوم المستقبل والجديد على صعيد السيرورة والرؤيا (الحلم)، من جهة أخرى.

ويتحدّد في صلب هذه العودة المستمرة واحد من الأطر العامة، التي تكاد تحمل سمة المرجعية، لحداثة التجربة الإبداعية الفلسطينية مع ما يمكن أن يحمله ذلك من اصطدامات، ليس هنا مكان الخوض فيها، مع المفهوم النظري المتداول لمصطلح الحداثة.



وكما يتجلى الأمر في الأدب الفلسطيني عموماً، فإن هذه العودة عادةً ما تحفل بتصوّر للماضي، ليس من المبالغة القول إنه يتمظهر في مناح مغايرة تماماً عن تمظهرات الماضي في إبداعات شعوب أخرى. وحسبنا، للتدليل على هذه المغايرة، أن نتوقف ولو إشاريًا عند مفهوم "العودة إلى الماضي" في الكتابة الأدبية الإسرائيلية نظراً لكونها، هي أيضاً، موغلة في تقنيات التقاطع ما بين الأزمنة والتواريخ، في موازاة الكتابة الأدبية الفلسطينية وبمناقضة لها. إن هذا المفهوم الأخير، حسبما سبق أن أكدنا مرات عديدة، يقوم على مقاربة للماضي تعتمد في ميكانيكيتها وتقنياتها على ذاكرة "شديدة الوطأة" (حسب تعبير يسرائيل شاحك)، لعل أقرب نقطة زمنية لها هي "الكارثة النازية" (الهولوكوست)، بمقدار ما إنها تعتمد في الوقت نفسه على "رؤيا" للمستقبل تمثل عليها، أكثر شيء، عبارة "السنة المقبلة في القدس" الرائجة جدًا. ولهذا فان المقاربة للماضي هنا تتمظهر في مناحٍ تعبر عن مماشاةٍ مع الحاضر بصفة ايجابية. بينما نستطيع القول إن المبدع الفلسطيني في لا وعيه، إن لم يكن في وعيه التام، يرفض التماشي الإيجابي مع الحاضر الذي يتعامل معه، على الرغم من تصوره للماضي ومقاربته له. فإن الحاضر، هنا والآن، ليس حاضرًا مرغوبًا بمقدار ما هو "حاضر حتى إشعار آخر" أو "حاضر بالوكالة" مقطوع عن الماضي، وإن شئنا التحديد متجه نحو مستقبل لا مهرب من أن يشكل ذلك الماضي آصرةً عضوية في سياق استشراف واستشفاف هوية محددة له.



في حالة "حداثة" الأدب الفلسطيني، ارتباطًا مع "سؤال النكبة"، نصادف عنصرين متصلين مبنىً ومعنىً:

* الأول- عنصر بناء الذاكرة الوطنية.

* الثاني- عنصر بناء المكان، وعادة ما يتم ذلك عبر تفنين السيرة الذاتية أو تصعيد السيرة الذاتية إلى مستوى الأثر الأدبي.

وبهذين العنصرين في الأدب الفلسطيني، في الشعر مثلما هو الشأن في القصة القصيرة والرواية والسينما والمسرح والفنون التشكيلية الخ...، يبني المبدع الفلسطيني ذاكرة وطنية حكائية تجمع شتات الشعب الفلسطيني في أرجاء المعمورة كافة. وبتكوينه هذه الذاكرة يبلور الأدب الفلسطيني لنفسه كثافة وجدانية ويعطي ذاته حقّ تأطير هويته من خلال منظور وتصور يقاربان، في الآن نفسه، أحلام الفلسطيني وهواجسه وبالأساس مفهوم الشعب الفلسطيني لمستقبله وتصوره لهذا المستقبل.



"فكرة الذاكرة الوطنية إن أصابها الخراب أعطبت المهزوم إلى الأبد، وألقت به إلى حياة مبتذلة، هي صورة أخرى عن موت مبتذل ولا كرامة فيه".

هذه المقولة للناقد فيصل درّاج (من دراسته المتميزة حول "صور اليهودي الغائمة في مرايا غسان كنفاني"، التي ظهرت أول شيء في مجلة "الكرمل"، العدد 53) فيها ما يحيل إلى مقاربة "سؤال النكبة" في الأدب الفلسطيني.

أن تبني الذاكرة الوطنية الفلسطينية أو لا تكون- هذا هو السؤال. ومن بعد ذلك للغة أن تتفجر وتتشظى، وللتقنيات الفنية أن تصطرع.

وأن تبني الذاكرة الوطنية يعني، من باب أولي، أن لا تكفّ عن العودة إلى الماضي وعن تعيين الأمكنة من قرى ومدن ووديان ومساجد وأديرة وغيرها.

وتتمفصل هذه الأمكنة على محور الزمان الذي مضى، محور الماضي بجراحه التي لم تلتئم. وهذا ما يمنح المشروعية الفنية لأدب السيرة الذاتية.

في كل مكان من عالمنا يعيش الإنسان في المكان. أما الإنسان الفلسطيني فان المكان يعيش فيه.

تحضرني هنا مقولة إن الوعي بالمكان هو أشبه بشاعرية بصرية يستسلم لها المرء بعفوية، دونما تفحص أو نقد، ربما لأنها تزيد من حدّة الملاحظة وحدّة المتعة الحسية بشكل يمكن تعيينه قياسًا إلى متعة الوعي بالزمن، التي تتخطى الحواس والتعيين المباشر.

من هنا تبني الفكرة الفلسطينية حول "وعي المكان" اشتقاقاتها ودلالاتها. من هنا أيضًا تستمد هذه الفكرة مقايستها التي ليس أبسطها إحساس جبرا ابراهيم جبرا بأن "المكان ينبض نبض جسم حيّ تراكم فيه الزمن، ثم انضغط انضغاط النور في الماس".

"ولهذا- أضاف- يغدو إدراكنا للمكان تأكيدًا على وجودنا بأبعاد يستحيل قياسها، في منطقة قد تقع بين الوعي والحلم، ولكنها تقع حتمًا في القلب مما نسميه الحياة أو الكينونة البشرية، كما أنها في القلب من التجربة التاريخية نفسها".

في هذا القول أفكار كثيرة، تبقى أهمها فكرة الذاكرة الوطنية ودلالة خرابها التي أشير إليها في الجملة المقبوسة عن فيصل دراج أعلاه.



وهناك كذلك فكرة الوعي. وفي القلب منه الوعي التاريخي، الذي لا تنفك فكرته الرئيسة توجب مقاربته في محور يتوسط قطبي البحث والذاكرة. ومن نافلة القول إن الوعي التاريخي، في أشكاله كافة، يؤدي دوراً اجتماعياً متقدماً جداً وبالأخص في المجتمعات الحديثة. الوعي التاريخي يزوّد هذه المجتمعات بما تحول الحداثة دون تزودها به، وهو الشعور بالتراص الجماعي وبالدلالة الوجودية الكيانية. وبالانطلاق من هذا فانه يسهم، إلى درجة كبيرة، في بلورة واستنساخ الهوية القومية أو، على النقيض من ذلك، في تغيير هذه الهوية أو تفكيكها (مثل هذا الإجراء حاصل مثلاً في المجتمع الإسرائيلي).



لئن كان كل ما تقدّم ذكره، وهو ما عرضنا له بنظرة طائر، يشي بجانب هام مما تحقق في موضوع الأدب الفلسطيني و"سؤال النكبة" فإن البحث حول ما لم يتحقق يتعين عليه أن يندرج في سياق الملاحظات العمومية التالية:



* التصوّر الذاتي الفلسطيني الإيجابي لا يزال معظمه يستمد مقوماته ومقولاته، إلى حدّ مفرط أحياناً، من مدى تعارضه مع التصور السلبي- للإسرائيلي- سواء كان هذا تصوراً غيرياً في قراءة الفلسطينيين أو تصوراً ذاتياً في قراءة الإسرائيليين أنفسهم أو بعضهم.

وهذا الأمر يحول دون التحليق في فضاءات الإبداع العربي والإبداع الإنساني العالمي الأبعد مدىً والأشمل دلالة. وهذه الملاحظة لا تتغيّا الاستئناف على التصور الذاتي الإيجابي الفلسطيني إلا في حدود انحصاره في نطاق هذا الحقل الدلالي دون غيره من الحقول الدلالية. ولعل دراسة فيصل دراج، التي أشرت إليها في سياق سابق، هي من الدراسات الرائدة التي توسع رقعة التفحص والنقد والحكم حول هذه النقطة بالتحديد.



* إذا كانت الملاحظة السالفة تمس بالانتقاد، ضمن أشياء أخرى، فكرة معرفة الذات في الأدب الفلسطيني عموماً وبالأخص في هيئة اشتقاقها الحصري من معرفة الآخر، فإننا مطالبون ترتباً على ذلك بأن نفّرق بين مستويين من التفكير المعرفي: مستوى "عنصر المعرفة" ومستوى "صورة المعرفة". وربما يستدعي البحث التاريخي- الاجتماعي التعامل وفق هذا التفريق أكثر مما تستدعيه الكتابة الإبداعية. أقصد بذلك الرؤية "القديمة" أو "التبريرية" مقابل الرؤية "الجديدة" أو "الانتقادية". غير أن استبعاده، في الكتابة الإبداعية الفلسطينية، من شأنه التأدية إلى ثنوية فجائعية تتراوح بين حدّين لا أكثر: الأول فلسطين الضائعة والثاني القوة التي اغتصبتها (الصهيونية). بينما يشتمل المشهد على حدود أخرى ليست اقل أهمية ودلالة.

ونجافي الحقيقة إذا لم نقل إن هناك اتجاهاً في الأدب الفلسطيني لا يحصر نفسه عامداً في شرنقة هذه الثنوية.

* هل يشكّل مصطلح "سؤال النكبة" أصلاً معرفياً "طاهراً" بحيث يمكننا أن نحتكم إليه في سبيل عقد المقارنات وتكوين إجابات محددة على التساؤل حول ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق في مقاربة الأدب الفلسطيني له؟

يحيلنا هذا إلى التاريخ بين نطاقي مذهبين هما الموضوعية والنسبية والمتضادات بينهما مثل: الأصل والإعادة، الكتابة والوقائع، الواقع والتمثيل. ولا بدّ من تعميق الجدل حول البحث التاريخي غير أن المطلوب، فيما يختص بالأدب الفلسطيني، تأسيساً على هذا الجدل، هو الاستيعاب الجديد للتاريخ أكثر مما هو إعادة تمثيل هذا التاريخ.

أبوبكر خلاف
22/01/2007, 01:02 PM
ضع مساهمتك هنا..
نحتاج للتبصير بالمبدعين الفلسطينيين الذين لم تر ابداعاتهم النور رغم مافيها من قيم ابداعية..
ساهم معنا في التعريف بقضايا الادب الفلسطيني وأعلامه..

خالص التقدير والتحية

لبنى الفتياني
22/01/2007, 01:16 PM
ضع مساهمتك هنا..
نحتاج للتبصير بالمبدعين الفلسطينيين الذين لم تر ابداعاتهم النور رغم مافيها من قيم ابداعية..
ساهم معنا في التعريف بقضايا الادب الفلسطيني وأعلامه..

خالص التقدير والتحية


الأستاذ أبو بكر خلاف المحترم،،،

لم أقرأ مساهمة الأستاذ عمرو كاملة لأن تعليقكم استوقفني

أشكرك على هذه المبادرة الرائعة

و لكن اسمح لي أن أبدي استغرابي من الدعوة إلى وضع المساهمات التي تعرف بقضايا الأدب الفلسطيني في المنتدى العبري، لا أدري ما المقصود من ذلك، هل هذا نوع جديد من التطبيع؟

أرجو التوضيح

تحياتي لك

لبنى الفتياني

أبوبكر خلاف
22/01/2007, 02:17 PM
الاخت الفاضلة/ لبنى الفتياني..
حفظك الله ورعاك وثبت على الحق خطاك..
المنتدى العبري نفسه بكامل مشاركاته موجود في استضافة ارض الاحرار وموطن المبدعين العرب( واتا) ..وهو يهدف بالاساس الى التبصير باللغة العبرية و فكر اهلها من خلال عرض ماتم ترجمته الى العربية وهو ما يفتح المجال بالضرورة للنقد الموضوعي والدراسه الواعية من جانب المتخصصين والمهتمين بما يطرح -كل في مجال تخصصه.

اما بالنسبة لوضع الادب الفلسطيني على المنتدى العبري.. فلحكمة مرجعها الى ما نجده لدى المختصين بالدراسات الأدبية العبرية من العرب او مصر تحديدا ..فهم لا يجدون خلال دراستهم بالجامعة مايعرفهم على الادب الفلسطيني وقضاياه ومراحله واشكالياته بقدر مايجدون ويدرسون وينكبون على قضايا الادب العبري وشخصياته ..
فقط هي فرصة للفت انظار هؤلاء الى هذا النوع من الابداع..فربما تخرج لنا مستقبلادراسات نقدية مقارنة بين كلا الادبين الفلسطيني والعبري

خالص التقدير والتحية