المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقائق عن تركستان الشرقية



دكتور عبد الجليل طاش
29/08/2009, 06:36 PM
حقائق عن تركستان الشرقية

أولا: «منظمة شنغهاي».. القبضة الحديدية

توختي آخون أركين**

إن تدهور الأوضاع الإسلامية في تركستان الشرقية وتمادي السلطات الصينية الشيوعية في إجراءاتها الاستبدادية، بدأت عقب انهيار الاتحاد السوفيتي الذي أدى إلى استقلال جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية في عام 1991، وذلك خوفا من أن تهب عليها رياح الخلاص، وتحررها من نير الاحتلال الصيني، كما تحرر جزؤها الغربي تركستان الغربية من الحكم الروسي الشيوعي.
واتخذت حكومة الصين الشيوعية تدابير صارمة في تشديد قبضتها الحديدية على هذا الجزء الإسلامي على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ وقد عملت على منع الدعم السياسي الذي كان يحظى بها اللاجئون التركستانيون في الاتحاد السوفيتي إبان الحكم الشيوعي؛ حيث وقعت اتفاقية إقليمية عرفت باسم اجتماع شنغهاي الخماسي The Shanghai Five مع دول الجوار -وهي قازاقستان وقيرغيزستان وتاجيكستان وروسيا الاتحادية- في 26 إبريل 1996، ثم بعد أن وقعتها أوزبكستان في 15 يونيو 2001 سميت بمنظمة تعاون شنغهاي Organization Shanghai Cooperation ، حيث أعلنت عن تأسيس مركز لمقاومة الإرهاب في بشكيك عاصمة قيرغيزستان. وهكذا نجحت الصين -التي استفادت من الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية في هذه الدول حديثة الاستقلال والتكوين- في فرض إملاءاتها السياسية الخاصة بتركستان الشرقية لتمارس بحرية إجراءات القمع والتنكيل ضد المسلمين التركستانيين.

الوثيقة رقم 7

وأما على الصعيد الداخلي في ذات الوقت، اتخذ المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني -في اجتماعه الطارئ في 28 مارس 1996- قرارًا سريا للغاية في معالجة قضية تركستان الشرقية "شنجانغ" عرف بالوثيقة رقم 7 التي تضمنت تطبيق 10 إجراءات صارمة تبدأ بحظر التعليم الإسلامي، ومنع النشاط الديني، واستعمال القمع والاغتيال والإعدام لمن يعارض الحكم الشيوعي أو يدعو إلى استقلال وانفصال تركستان الشرقية عن الصين.
وبدأت السلطات الصينية في تنفيذ هذه السياسة بحملة "اضرب بقوة" Yan Da في 12 إبريل 1996، وأدت هذه الحملة الجائرة إلى منع المسلمين (من منسوبي وموظفي أجهزة الحكم الصيني والنساء والشباب) من ارتياد المساجد، وحظر التعليم الإسلامي. وكان من ذلك ما حدث في مدينة غولجة في ليلة القدر السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1417هـ، عندما وقف رجال المباحث والاستخبارات والشرطة أمام أبواب المساجد، يمنعون الشباب والنساء من دخول المساجد لأداء صلاة التراويح والتهجد. فاشتبك المسلمون معهم، واندلعت ثورة عارمة في "غولجة" التي تقع في شمال البلاد، وتدخل الجيش الصيني لضرب هؤلاء المسلمين العزل، فقتل منهم أكثر من ثلاثمائة، واعتقل نحو 10 آلاف مسلم.
وقد ذكر وانغ لي جوان Wang Lequan (سكرتير الحزب الشيوعي لمقاطعة "شنجانغ" تركستان الشرقية في جريدة شنجانغ الرسمية اليومية بتاريخ 11/7/1997) أن السلطات الشيوعية اعتقلت 17000 شخص في معسكرات السخرة لجيش التحرير والبناء، كما ذكرت جريدة شنجانغ ذاتها بتاريخ 21/6/1997 أن الأجهزة الصينية هدمت 133 مسجدا وأغلقت 105 مدراس إسلامية؛ وفي بلدة واحدة هي "قراقاش" في محافظة "خوتن" هدمت المساجد التالية:
1- مسجد أوستانغ بويي
2- مسجد أوي واغ
3- مسجد فانغيزن يولي
4- مسجد 17 دادوي
5- مسجد 18 دادوي
6- مسجد مزار باشي
7- مسجد كونغشي يولي
8- مسجد بوجاقجي يول
9- مسجد شهرليك ياغ زاوودي
10- مسجد كويا كوركي


الصين تحررت.. لكنها لم تحرر "شنجانغ"

وفي الوقت الذي انهار النظام الشيوعي، وتخلصت الشعوب التي منيت به في الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية، وحرر الحكم الصيني نفسه نظامه الاقتصادي منه، إلا أنه شدد في تطبيقه على المسلمين -وبخاصة على التركستانيين- بهدف تذويبهم ثقافيا واجتماعيا في البوتقة الصينية. وقد لاحظت ذلك الهيئات الدولية، ونشر مكتب مباحث الأمن الكندي مقالا بعنوان "اضطراب الإسلام في مقاطعة شنجانغ ذات الحكم الذاتي" (كتبه الدكتور باول جورج Dr Paul George باحث مستقل في قضايا التنمية السياسية والأمن العالمي، برقم 73 في ربيع عام 1998) أشار إلى أن بكين تعمل بشكل منظم في التحكم والسيطرة على النشاطات الدينية في كافة أنحاء الصين، بدعوى حماية الوحدة الوطنية والاستقرار، ولكن في "شنجانغ"، حيث الإسلام يبدو بشكل ملحوظ في الهوية الوطنية والثقافية المحلية، فتعده بكين تهديدا مباشرا لسلطانه، وتعتبر المساجد والمدارس الإسلامية مراكز استياء لحكمها، ومن ثم تقوم من وقت لآخر باعتقال رجال الدين ومعاقبتهم بعنف.
ولا يقتصر الأمر على الاضطهاد الديني فقط، بل إن الصينيين المهجرين إليها هم الذين يسيطرون ويتصرفون في هذا البلد المسلم التركستاني، إذ يقول الباحث المذكور: "معظم كبار الموظفين وكل قواد الجيش هم من الصينيين الذين عينتهم بكين؛ فالصينيون يسيطرون على كل الصناعات الرئيسة ومراكز الاستثمار الاقتصادي لتحقيق متطلبات السلطة المركزية؛ وأما أغلب المسلمين المحليين، فهم في مهنهم التقليدية في الزراعة والرعي، وفرص العمل لهم في المجالات الأخرى محدودة جدا؛ علاوة أن الثروات تصدر إلى داخل الصين، ثم تستورد منها مصنوعات غالية الثمن".
وقد عرفت "شنجانغ" بسيبريا الصين؛ لأنها أصبحت معسكرات سخرة لآلاف السجناء السياسيين والمجرمين. وتدير هذه المعسكرات منظمة "بين توان" Bin Tuan ، وتعرف باسم جيش شنجانغ للإنتاج والبناء Xinjiang Production and Construction Corps (XPCC) ، ويبلغ عدد أفراده 2،28 مليون جندي.

** كاتب تركستاني مقيم بالسعودية



ثانيا: الاستيطان الصيني.. التذويب العرقي

توختي آخون أركين**

وفي الوقت الذي يعيش المسلمون في معسكرات السخرة أو على هامش الحياة في مراعيهم ومزارعهم البدائية، فإن السلطات الصينية قد أغرقت مقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) بملايين الصينيين البوذيين المهجرين من أنحاء الصين تحت شعار: "اذهب إلى الغرب أيها الشاب" أو Xibu da kaifa . وقد بلغ عدد الصينيين المهجرين 7.421.992 نسمة (بنسبة 40%) والمسلمون الأويغور 8.506.575 نسمة (بنسبة 45%) من جملة عدد سكانها البالغ 18.761.900 نسمة في عام 2001، حسب التقديرات الرسمية كما جاء في كتاب شنجانغ السنوي الرسمي المطبوع عام 2002. هذا في الوقت الذي كان فيه عدد الأويغور 3.291.100 نسمة يمثلون نسبة 95. 75%، وكان عدد الصينيين 249.202 نسمة بنسبة 71.6% من جملة سكانها البالغ عددهم 400.333. 4 نسمة عند احتلال الصين الشيوعية لها في عام 1949.
المهجرون "يأكلون" المواطنين الأصليين
ولكن خلال نصف قرن من الحكم الشيوعي، تضاعف عدد الأويغور 2.58 مرة فقط، بينما تضاعف عدد الصينيين 29.78 مرة، علاوة أن الرقم الرسمي لعدد الصينيين المهجرين لا يشمل إلا المسجلين في مكتب الإحصاء لمقاطعة تركستان الشرقية؛ لأن جيش شنجانغ للإنتاج والبناء -الذي يتولى مهمة توطين المهجرين الصينيين- لا يعلن إلا عن الأرقام التي يتم توظيفها وتوطينها في الأجهزة والشركات الرسمية؛ ولا يتم الإعلان عن عدد الذين يعملون في مزارعها ومؤسساتها؛ ما أدى إلى أن الباحثين يؤكدون أن عدد المهجرين الصينيين يزيد عن 10 ملايين، وأن كثافتهم حاليا تفوق نسبة المسلمين الأويغور وغيرهم في "شنجانغ" تركستان الشرقية؛ وبخاصة أن جريدة بكين جي فانغ جون Jeifangjun Bao ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 10-3-1989 أن جيش شنجانغ للإنتاج والبناء يشرف على 170 بلدة و2000 قرية، وأن المستوطنين ينتجون 20% من الإنتاج السنوي.
وعلى ضوء ذلك، يؤكد الباحثون أن في كثير من المدن تبدلت النسبة من 9 إيغور وصيني واحد إلى 9 صينيين وواحد أويغور؛ وفي "أورومجي" عاصمة مقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) تحولت النسبة من 80% إيغور و20% صينيين إلى 80% صينيين و20% إيغور، بل بدأ التذويب السكاني الصيني يهدد مدينة "كاشغر" التي كانت تعرف بمكانتها العلمية الإسلامية ببخارى الصغرى؛ فالنظام الشيوعي الصيني، كما جاء في جريدة الشعب اليومية الصادرة في بكين بتاريخ 2-12-1992، أشار إلى نقل مائة ألف صيني إليها من منطقة سد الممرات الثلاثة، مع تنفيذ نقل 470 ألف صيني إليها بالتدريج. فبعد أن كان عدد المهجرين سنويا 250 ألفا في عام 1950، بلغ ذروته 350 ألف صيني مهجر في عام 1965، كما جاء في الجزء الخاص بمقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية).

التهجير بحجة التطوير الاقتصادي

لم يراع النظام الصيني الظروف الجغرافية لتركستان الشرقية التي تغطيها صحراء تكلامكان الشاسعة وسلاسل الجبال، ويعيش السكان في الواحات حول مجاري المياه عند حافات المنحدرات الجبلية التي تمثل فقط 4.5% من مساحة البلاد. وقد ارتفعت كثافة السكان بسبب التهجير من 2.7 نسمة في كيلومتر المربع في عام 1949 إلى 258 نسمة في كيلومتر المربع في عام 2001. وقد حذر لي شانتونغ Li Shantong (مدير قسم التطوير الإقليمي في مركز أبحاث مجلس الدولة الصينية) من العواقب الوخيمة من هذا التهجير والتوطين الكثيف على الأوضاع البيئية، كما جاء في جريدة الصين اليومية الصادرة في بكين بتاريخ 11-6-2000.
وهذا التوطين الصيني يجري تنفيذه بمنح المهجرين إعفاءات ضريبية شاملة، مع توفير المساكن والأراضي التي يتم مصادرتها من الأويغور المسلمين الذين تم طردهم إلى أطراف القرى والأراضي القاحلة. وغدا مثلا ثلاثة أرباع سكان "كاشغر" لا يجدون الماء الكافي، وفي "أورومجي" لم يعد الأويغور يوجدون في مراكزها التجارية إلا متسولين، أو باعة متجولين، أو طباخين يبيعون الأطعمة في أزقتها. ويقول فانغ غوي ليانغ Fang Guiliang (مهندس مؤسسة البترول الوطنية الصينيةCNPC ): إن 80% من العمال في حقل النفط "تاريم" في منطقة "كورلا" هم من الصينيين، أما المحليون فيعملون فقط في الأعمال الثانوية التي تعطى لهم عبر الوسطاء.
ومنظمة العفو الدولية -في تقريرها الصادر في إبريل عام 1999- أكدت أن الحكم الصيني يمارس سياسة التمييز العنصري في التوظيف؛ لأن العدد الساحق من العمال في حقول النفط والمشروعات هم من الصينيين. والأويغور أو المسلمون عموما هم من الفلاحين، و80% منهم يعيشون تحت خط الفقر؛ إذ لا يزيد متوسط دخلهم السنوي عن 50 دولارا، علاوة أن الحزب الشيوعي الصيني يجبر كل واحد منهم أن يعمل لصالح حكومة مقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) بدون أجر لمدة تتراوح من 45 إلى 180 يوما في السنة الواحدة. وتقول لويسا ليم Louisa Lim (مراسلة إذاعة راديو بي بي سي البريطانية في بكين) فيما نشر بتاريخ 19-12-2003: إن ادعاءات التطوير الاقتصادي بالتهجير إلى مقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) لم تعد فائدتها إلا إلى المهجرين الصينيين. فالعاملون مثلا في مصفاة تازونغ Tazho (في وسط صحراء تكلامكان) هم من الصينيين؛ ويبرر ذلك سكرتير الحزب الشيوعي الصيني وانغ لي جوان Wang Li Guan ببساطة أن الأويغور لا يملكون المهارات. ويقول المسن الأويغوري أيتام يوسف: "إنه باع عربته التي يجرها الحمار ويستخدمها لنقل الأغراض؛ لأنه لم يتمكن من إعاشة وتعليم أبنائه الأربعة في المدارس". ومع ذلك يعتبر هذا الرجل الذي يسكن بيتا من الطين نفسه أنه أفضل من غيره؛ إذ يقول: "هناك الكثيرون الذين لا يجدون عملا؛ حتى إن خريجي الجامعات لا يجدون عملا؛ ومناظر المتسولين مألوفة، ومعظمهم من الأويغور الذين هم مواطنون أصلاء.. ولكن من الدرجة الثانية".

اللغة والتاريخ تحت التهديد

إن تدفق هؤلاء المهجرين الصينيين وكثافة توطينهم لم يؤد إلى تدهور الوضع الاقتصادي لمسلمي تركستان الشرقية فحسب، بل إلى ممارسات جائرة ضد المسلمين، حيث مُنع رفع الأذان من مكبرات الصوت بدعوى أنها تزعج هؤلاء الصينيين الدخلاء؛ وترويج الزواج المختلط لزواج الصينيين والصينيات البوذيات بالمسلمين بضغوط اقتصادية وإغراءات مادية. ونظرا لما يشكله هذا الاستيطان الصيني المكثف من ضغط على المدارس المحلية. فمثلا في المدرسة المتوسطة الأولى في "كورلا" -وهي مدينة تركستانية، حيث يختلط 750 طالبا إيغوريا مع 1800 طالب صيني- أمرت الإدارة المدرسية أن يدرس الطلاب الأويغور باللغة الصينية؛ ولم يتمكن من ذلك إلا 75 طالبا فقط؛ وبدلا من أن يطلب من المهجرين الصينيين تعلم اللغة الأويغورية وهي لغة البلاد الأصلية، أصدر وانغ لي جوان Wang Li guan سكرتير الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) قرارا بتاريخ 9 مارس 2002 يتضمن فرض التدريس باللغة الصينية لكافة المواد المدرسية من الصف الثالث وما فوق، مهددا لغة شعب تركستان المسلم وثقافته العريقة إلى الزوال.
وكان قد أعاد صياغة تاريخه بصناعة تاريخ صيني وزور حضارته الإسلامية التركية بحضارة مزيفة لا تمت إليه بصلة؛ وذلك بعد أن اضطهد واعتقل المؤرخين والمؤلفين المسلمين، أمثال تورغون ألماس وتوختي تونياز، بسبب كتاباتهم التي تعكس تاريخ الأويغور الحق قبل الاحتلال الصيني وبعده. وغدا الصينيون هم الذين يكتبون تاريخ وحضارة هذا الشعب المسلم، وتفرض كتبهم على الأويغور الذين ينحصر دورهم على دراستها والقراءة أو الترجمة فقط، ولا يحق لهم النقد والإيضاح وكشف الحقائق. فمثلا محمود الكاشغري -الذي قدم كتابه ديوان لغة الترك إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله في عام 467هـ/1075م- تعتبره الصين مفكرا صينيا؛ وهكذا مثله يوسف خاص حاجب وغيرهما.

42 تجربة نووية + "الطريق الأسود"

لم تكتف حكومة الصين بالآثار المدمرة التي تركتها التفجيرات النووية على البيئة والإنسان في منطقة لوب نور بتركستان الشرقية التي جعلتها حقلا لتجاربها النووية منذ عام 1964، واستمرت تلك التجارب تمارس مكشوفة في الفضاء حتى عام 1980، ثم توقفت كما تزعم في عام 1996، وبلغت 42 تجربة نووية وهيدروجينية. وقد أدت إلى تزايد انتشار السرطان والإجهاض وتشوه المواليد؛ ومع أنها حاولت إخفاء ذلك وتبرير ما نتج عنها، إلا أن المنظمات الدولية، مثل السلام الأخضر والأطباء العالميين لمنع الحرب النووية IPPNW أكدت على نتائجها المدمرة على السكان والبيئة، خاصة أن مستوى الإشعاع الذري في لوب نور وصل إلى 239 بلوتونيوم، 90 سترنتيوم، 187 سيسيوم. وفي مؤتمر المرأة العالمي في بكين عام 1995 أثارت الدكتورة قالية كولدوغازيف Kalia Moldogaziava (باحثة من جامعة بشكك بجمهورية قيرغيزستان) قضية ارتفاع نسبة الوفيات إلى 40% في مناطق قيرغيزستان الشرقية على حدودها المتاخمة مع مقاطعة "شنجانغ" (تركستان الشرقية) بالصين، وذلك في أواخر شهر مايو 1994 على أثر تجربة نووية في تركستان الشرقية. وذكرت هذه الباحثة أن نسبة ارتفاع الأمراض في تلك النواحي من قيرغيزستان، تصل إلى 5.8 في الألف، وأن الأطفال يعانون من اضطراب النظام العصبي وقصور في القلب...هذا كله بسبب ارتفاع مستوى الإشعاع الذري في قيرغيزستان المجاورة...كم هي آثارها القاتلة في تركستان المسلمة نفسها؟ وما تحدثت عنها هذه الباحثة هي عن تجربة نووية تحت الأرض، ولكن هذه البلاد وشعبها المسلم لا يزال يعاني من نتائج التفجيرات النووية التي كانت تتم مكشوفة في الفضاء.
وكأن هذه الوسيلة لم تكف لنشر الموت لإبادة المسلمين؛ فاستغلت السلطات الصينية فقدان الوعي الصحي والاجتماعي الذي فرضته على الشعب التركستاني المسلم من خلال ترويج المخدرات والكحول. فمثلا في مدينة قراماي، يوزع الخمر مجانا على الأويغور المسلمين، كما جاء في نشرة البيانات الحرة Free Lists التي توزعها كيستون نيوز سرفرس Keston News Service بتاريخ 10-3-2002. وقد ذكر الباحث جوستين رودلسون Justin Rudelson في مقال له بتاريخ 11-6-2002: إنه في مدينة "إيلي".. عندما حاول الطلاب المسلمون توعية الشباب بمخاطر الكحول وضرره على الإنسان، مطالبين محلات الخمور بالتوقف عن البيع، قامت السلطات الصينية بقمع حملتهم بالقوة؛ فنتج عنها مقتل 200 طالب مسلم في عام 1997.
لقد دخلت تجارة المخدرات سرا من ماينمار (بورما) وتايلاند، وما يعرف بالمثلث الذهبي، عبر مقاطعات يوننان وجنغهاي وكانسو، ومنها إلى "شنجانغ" (تركستان الشرقية)، ثم اتصلت بالمافيا الدولية لتجارة المخدرات في باكستان وأفغانستان وقازاقستان، ومنها إلى أسواق العالم في أوربا وأمريكا. وهذه المناطق الصينية التي يمر منها طريق المخدرات الذي عرف بالطريق الأسود، هي بلاد يسكنها أكثرية إسلامية، حيث يصدر منه مثلا ما بين 80-100 طن من هروين رقم 4Heroin No.4 الذي تنتج ماينمار (بورما) منه 200 طن. وفي الوقت الذي يعاقب مروجو المخدرات بالسجن والإعدام في مناطق الصين الأخرى، فالمرجون لها في مناطق المسلمين يتمتعون بحماية السلطات السرية لنشاطهم. وقد أثبتت التحريات -التي أجريت في مقاطعة يوننان وفي معسكر جانغجي Changji- أن قادة جيش التحرير الشعبي (وهو جيش الإنتاج والبناء في تركستان الشرقية) يتاجرون بهذه السموم القاتلة.
فمثلا في مدينة لينشاLinxia في مقاطعة كانسو التي يسميها المسلمون الصينيون Hui مكة الصغرى لكثرة مساجدها ومدارسها الإسلامية تعتبر أحد المراكز الناشطة لتجارة الهيروين في الصين؛ وهو متوفر في كل مكان، ورخيص جدا مما يستخدمونه في التدخين. وينتهي هذا الطريق الصيني للمخدرات في تركستان الشرقية، حيث تم ترويجها بين الأهالي بدسها في الأطعمة والمشروبات التي تقدم في المطاعم؛ وقد بلغ نسبة من ابتلي بها 20% من جملة السكان؛ كما أن المبتلين بها من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة تبلغ نسبتهم 80%؛ والهروين الذي يباع باسم بايميان Baimian لا يصل نقاوته حتى 30%، ولم يقتصر الترويج لهذا النوع فقط، بل هناك الكوكايين والأفيون والحشيش، والماريجوانا والإفدرين Ephedrine وغيرها.
وهذه المخدرات التي أخذت تتدفق إلى تركستان الشرقية بتشجيع السلطات الصينية منذ عام 1994 جلبت معها مرض الإيدز إلى مناطق المسلمين، حيث تفيد التقارير أن التحاليل الطبية التي أجريت على مسلمي تركستان الشرقية في عام 1995 لم تسجل إصابة واحدة بالأعراض الخاصة بفيروس مرض نقص المناعة HIV، ولكن في نهاية عام 1996 يقول الباحث الصيني زنغ شي وين Zheng Xiwen من الأكاديمية الصينية لدواء المقاومة Chinese Academy of Preventive Medicine: إن واحدا من كل أربعة يتعاطون المخدرات كان إيجابيا بفيروسHIV. وفي السنوات الأخيرة أصبحت "شنجانغ" (تركستان الشرقية) من أكثر المقاطعات الصينية انتشارا بمرض وباء الإيدز، وأن المسلمين الأويغور هم أكثر القوميات التي منيت بهذا الوباء. ففي الأول من شهر ديسمبر 2003 أشار الباحث لي شيانغ Li Xiang (من الوحدة الخاصة بمكافحة الإيدز في مدينة أرورمجي) إلى 303 إصابات جديدة بمرض الإيدز في شهر سبتمبر 2003، وأن عدد المصابين بلغ 3165؛ ويقدر العدد الحقيقي للمصابين بأكثر من 30 ألفا. ويذكر أن 3 من كل 200 شخص في أورومجي يحملون الأعراض الخاصة بفيروس مرض نقص المناعة، بينما تقدر بعض الجهات المحلية نسبة المصابين بنحو 40% في أورومجي و85% في مدينة إيلي بالقرب من حدود قازاقستان. ويمكن القول بأن نسبة الإصابة تصل إلى 30% في مقاطعة شنجانغ (تركستان الشرقية)؛ ما يجعلها المقاطعة الصينية الأولى في نسبة انتشار الإيدز في الصين كلها.

** كاتب تركستاني مقيم بالسعودية

ثالثا: النظام الصيني: أنت تقاوم إذن أنت إرهابي!!

توختي آخون أركين
هذه الممارسات الجائرة لا شك أنها تثير امتعاضا وسخطا في أي مجتمع إنساني، مهما تدنى تخلفه الحضاري أو فقد مشاعره وأحاسيسه.. فهو لن يفرح بالموت والإبادة والقتل، فهل يستطيع شعب تركستان الشرقية المسلم أن يدافع عن نفسه؟! أو أن يعرب عن آلامه وأحزانه وهمومه؟! بالطبع لا!! فالكل يعرف الدبابات التي سحقت المتظاهرين في ميدان تيان مين في بكين في ربيع عام 1988، إذا لم يكن يعرف ما حدث للمتظاهرين في مدينة غولجة في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1417هـ (1997)، هذه هي ديمقراطية النظام الشيوعي الصيني! إن السلطات الصينية تريد إبادة الشعب التركستاني بصمت، ولا تريد من الضحية أن يتألم.. وإذا تألم فهو إرهابي.
هكذا وصفت الأجهزة الصينية التركستانيين الرافضين لإبادتهم بالإرهابيين، وانتهزت دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ذريعة لاعتقال وقتل التركستانيين الرافضين للإبادة. وقد سبق أن أشارت الصحف الصينية نفسها بأن ما تدعيه الصين بمحاربة الإرهاب إنما هو تبرير لسياستها الجائرة، حيث ذكرت جريدة أخبار جنوب الصين الصباحية South China Morning Post في عددها الصادر بتاريخ 2-9-1998: "إن الصين تتخذ هذه الذرائع لتبرير قمع المناشط الدينية للأفراد والجماعات في مقاطعة شنجانغ".

كشف المستور

كما كشفت الهيئات الأمريكية والأوربية والباحثون المتخصصون بالدراسات الصينية هذه الفرية المفضوحة التي وصمت التركستانيين الرافضين بالإرهابيين، ومن ذلك ما يلي:
1- مراقب حقوق الإنسان Human Rights Watch ذكر في نشرة له بتاريخ 17 أكتوبر 2001: إن الدعم القوي الذي تقدمه الصين لواشنطن في حربها ضد الإرهاب، إنما هو محاولة منها لكسب الدعم العالمي، أو على الأقل السكوت عما تمارسها ضد الأقلية الأويغورية في مقاطعة شنجانغ.
2- منظمة العفو الدولية بتاريخ 19 ديسمبر 2003 قالت: إن الحكومة الصينية لا تفرق بين المقاومة المسلحة والمطالبة السلمية بحق حرية العبادة والاجتماع والتعبير، فهي تعتبر أية مطالبة بحكم ذاتي أوسع أو استقلال حركة انفصال عرقية، وتصف النشاط السلمي للمعارضين بالإرهاب، طلبا لدعم دولي لقمع كل أشكال المعارضة.
3- كتب فيليب فان Philip P.Pan في جريدة واشنطن بوست بتاريخ 15 يوليه 2002 مقالا بعنوان: "في غرب الصين المقاومة العرقية تصبح إرهابا". فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 مباشرة، بدأت الصين تنشر معلومات كثيرة عن الحركات الانفصالية في مقاطعة شنجانغ، وذلك كي تظهر أنها شريكة لأمريكا في حربها ضد الإرهاب، وحتى تبرر حربها لقمع المعارضة الأويغورية.
4- الدكتور جون إيسبسيتو John Espisito مدير مركز التفاهم الإسلامي - المسيحي في جامعة جورج تاون قال: "من المفيد لحكومة الصين أن ترمي اللوم على الأجانب، وليس على الأحداث الداخلية؛ فالمشاكل الداخلية تفاقمت من الاستياء الناجم من تدفق المهاجرين الصينيين إلى البلاد وتخلف الأويغور، وحرمانهم من ثروات بلادهم". كما جاء ذلك في مقال لمراسل نشرة أ.ب .س الإخبارية ABCNEWS بار سيتز Barr Seitz بعنوان: "الصين تسحق الإسلام"، عدد فيها الكاتب الأحداث التي أدت إلى انتفاضة الأويغور.
5- الجنرال الأمريكي فرانسيس تايلر Francic Taylor المنسق الأمريكي لمحاربة الإرهاب الذي زار الصين، في تصريح له من بكين بتاريخ 6-12-2001 قال: "لم تصنف الولايات المتحدة الأمريكية منظمات التحرير لتركستان الشرقية بالإرهاب؛ فالقضايا الاقتصادية والاجتماعية ليس من الضرورة أن توصف مقاومتها بالإرهاب، ولا بد أن تعالج سياسيا".
6- المفوضية الدولية لحقوق الإنسان السيدة ماري روبنسون في تصريح لها في بكين بتاريخ 8 نوفمبر 2001 حذرت الصين من استخدام الحملة الأمريكية لمحاربة الإرهاب ذريعة لقمع الأقليات العرقية، وأبدت عن مخاوفها بخاصة على الأويغور، وقالت: "إن من الصعب الموازنة بين محاربة الإرهاب وممارسة سياسة التمييز العنصري؛ لأن الإرهاب نفسه لم يعرف بعد".
7- الباحث الصيني جين -بينغ جونغ Chien-Peng Chung كتب بعنوان: "حرب الصين على الإرهاب" في مجلة فورين أفاريز Foreign Affairs الأمريكية في عددها الصادر في شهري يوليه/أغسطس 2002، يقول: "في الواقع أن عنف الانفصاليين في شنجانغ (تركستان الشرقية) ليس جديدا، ولا تحركه القوى الخارجية... وما تحتاج إليه بكين هي أن تعترف أن سياستها نفسها هي سبب استياء الأويغور، وبدلا أن تستعمل القوة والقمع التي تؤزم المشكلة، على حكومة الصين أن تعالج الظروف التي تغذي مشاعر الانفصاليين".
8- أما الكاتب المسلم الأستاذ فهمي هويدي، فقد كتب في مجلة "المجلة" العدد 1144 بتاريخ 13 و19-1- 2002 بعنوان "أحلام ألأقليات المسلمة ضمن ضحايا سبتمبر": حين شنت سلطات بكين حملة القمع ضدهم وصفتهم في البداية بالانفصاليين، وحين أصبحت كلمة الإرهاب لاحقا صفة يتم بها الاغتيال المعنوي للفرد والجماعة، وتسوغ السحق والاغتيال، فأطلق الصينيون على الناشطين التركستانيين وصف "الإرهابيين".

تفاقم التهديد الشيوعي

وقد تمادى الصينيون في ممارساتهم الجائرة ضد المسلمين الأويغور، مستغلين الظروف الدولية التي أثارتها الصهيونية المسيحية ضد الإسلام والمسلمين، وشغلت أحداثها العالم الحر عن متابعة ما يحدث لهم. وقد كثفت السلطات الصينية من محاربتها للإسلام في تركستان الشرقية بصفة خاصة؛ لأنها تميز المسلمين الصينيين الذين يتمتعون بحرية دينية أكبر عن إخوانهم التركستانيين في مقاطعة شنجانغ، وطبقت فيها مؤخرا الإجراءات، حيث تناولتها الهيئات والشخصيات العالمية الإسلامية بالتفصيل؛ ومن أهم ذلك النقاط التالية:
1- منع جميع منسوبي الأجهزة الحكومية والحزبية الشيوعية الصينية من ممارسة أي نشاط ديني؛ فالقانون يحرم على من ينتسب إلى الحزب الشيوعي أو إلى الأجهزة الحكومية أن يؤمن بالإله أو بالآخرة أو يمارس شعائر دينية؛ لأن هذا يعتبر مخالفة صريحة بالمبادئ المادية والشيوعية والاشتراكية (التوضيحات الخاصة بقضايا الدين والقومية في القانون = ميلله ت دين مه سليلري وه ئونكغا ئائت قانون- نيزام بيلملري ئوقوشلوقي - ئورومجي 1997، ص 133).
2- منع الشباب الإسلامي، ممن دون السن القانوني 18 عاما، من التعليم الديني بأي شكل من الأشكال، ومعاقبة الدارس والمدرس بالاعتقال والجزاءات المالية (التوضيحات الخاصة بقضايا الدين والقومية في القانون = ميلله ت دين مه سليلري وه ئونكغا ئائت قانون- نيزام بيلملري ئوقوشلوقي - ئورومجي 1997، ص151).
3- منع الشباب والنساء المسلمات من ارتياد المساجد والجوامع لأداء الصلاة والتعلم وحفظ القرآن الكريم، مع ملاحظة أن ذلك مسموح للمسلمين الصينيين في غير تركستان الشرقية. فالسيدة "محببت" مثلا اعتقلت مع تلاميذاتها اللاتي يدرسن مبادئ الإسلام في مدينة خوتن في 10 ديسمبر2001، وعوقبت كل فتاة بمبلغ 300 يوان، والمعلمة بمبلغ 7000 يوان.
4- إجبار الشباب وطلاب المدارس والمعاهد على عدم الصوم في شهر رمضان المبارك، بتقديم الوجبات الغذائية لهم خلال النهار، ومن ثم طرد وتغريم وحبس من يثبت صيامه، وحرمانه من العمل أو الدراسة. كما فرض على الفلاحين الذين يضبط عليهم صيام مبلغ 30 يوانا؛ فإذا لم يتمكن من الدفع يجبر على العمل في معسكرات السخرة لمدة شهر.
5- هدم المساجد المجاورة للمدارس خشية من تردد الطلاب أو المدرسين إليها، أو الالتقاء بمن يصلون فيها، فيحتكون بهم وتنتقل عدوى الصلاح والإيمان إليهم. فمثلا في 5-4-2002 أغلقت السلطات الصينية ثلاثة مساجد لقربها من المدارس في بلدة ينكي باغ في محافظة خوتن. وفي بلدة قراقاش بمحافظة خوتن أغلق مسجد دونغ، وتم تحويله إلى مصنع سجاد بتاريخ 9 أكتوبر 2001؛ وفي 15 أكتوبر 2001 أوردت وكالة الأنباء الدولية رويترز تصريحا لمسئول الشئون الدينية لمدينة خوتن، يبرر إغلاق المسجد لقربه من مدرسة يخشى على طلابها من التأثير السيئ عليهم.
6- منع التعليم الإسلامي في غير المعاهد الحكومية التي يلتحق بها الطلاب الذين تختارهم السلطات الشيوعية بعد التخرج من المدارس الثانوية، ومعاقبة كل عالم أو طالب يدرس العلوم الإسلامية أو يحفظ القرآن الكريم في مسجد أو في منزل. فقد أعلن جيانغ جين Jiang Jien (مساعد سكرتير الحزب الشيوعي) في اجتماع في كاشغر بتاريخ 4-3-2002: "هؤلاء الذين يدرسون -طلاب المدارس التعاليم الدينية- سيعاقبون عقابا شديدا، وإذا اشترك الطلاب في ممارسة الشعائر الدينية فسيعاقبون هم وأولياء أمورهم وأساتذتهم".
7- إلزام أئمة وخطباء المساجد بقراءة خطبة الجمعة من كتاب بعنوان: "الوعظ والتبليغ الجديد"، قامت بوضعه الهيئة الصينية للإشراف على الشئون الدينية الإسلامية برئاسة جين خونغشينغ، وطبع ونشر في بكين بتاريخ 1-7-2001، ولا يسمح لأي إمام كان أن يخرج عن نصوصه. وقد نشرت وكالة الأنباء الفرنسية من بكين خبرا بتاريخ 24-1-2002: أن 253 من الأئمة أنهوا دورات تأهيلية في السياسية الأيدلوجية في عام 2001، كما أجبروا على الالتحاق في دورات تأهيلية لمدة ساعتين بعد عصر كل يوم جمعة في بعض المناطق.
8- مصادرة الكتب الإسلامية الواردة من البلدان الإسلامية مهما كان نوعها وإتلافها وحرقها، منها ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الأويغورية التي طبعت في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في عام 1415هـ/1995م، وكان قد تم إرسال 200 ألف نسخة منها هدية من خادم الحرمين الشريفين إلى الجمعية الإسلامية لمقاطعة شنجانغ؛ إلا أن السلطات الشيوعية صادرتها وأتلفتها بدون تقدير لعلاقتها مع المملكة العربية السعودية؛ ومما نشرتها أجهزة الشيوعية مؤخرا عن إتلاف الكتب الدينية كان في تاريخ 12-11-2003، حيث أذاعت أخبار شنجانغ (شنجاك خه وه ر ليري) أن إدارة الأمن العام لمنطقة تومور يول في أورومجي أحرقت في محطة القطار الجنوبية... (367) كتابا دينيا، ويمكن أن يشاهد في الخبر المنشور صفحات من القرآن الكريم وهي تحترق.
وإلى جانب هذه الإجراءات الجائرة ضد المسلمين اتخذت الصين الأساليب القانونية التي تجيز لها اعتبار أي ممارسة دينية أو ثقافية أو اجتماعية مخالفة لسياستها العنصرية والفاشستية ضد الأويغور المسلمين جرما؛ وأدخلت مثلا تعديلات في المواد 114 -115- 120 -125 -127 -191- 291 من القانون الجزائي. وقد نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا عن ذلك بعنوان: التشريع والقمع الصيني لمناهضة الإرهاب في مقاطعة شنجانغ أويغور الذاتية الحكم China`s anti terrorism legislation and repression in the Xinjiang Uighur Autonomous Region ..



رابعا: تهديد المهاجرين وملاحقتهم فى تركستان الشرقية

توختي آخون أركين**

ولم تكتف السلطات الصينية الشيوعية بالأساليب الصارمة التي نفذتها ضد المسلمين في كل مجالات الحياة في بلادهم، بل أخذت تمارس ضغوطها السياسية بالقوة على الدول المجاورة لمنع أي نشاط سياسي أو علمي أو اجتماعي، حتى المساكن الوقفية التي يلجأ إليها الفقراء والحجاج في روالبندي بباكستان تم إغلاقها؛ وكذلك الجمعيات الأويغورية (التركستانية) وهي جمعيات ثقافية في قازاقستان وقيرغيزستان، بل اغتالت بعض رؤسائها مثل حاشر واحدي ونعمت بوساقوف ودلبر سماسقوفا، وطردت الطلاب الذين يدرسون فيها، بل تسلمت بعض الطلاب واللاجئين من باكستان ونيبال وقازاقستان وقيرغيزستان وأعدمتهم حال دخولهم إلى الصين بدون محاكمة أو قضاء. وقد أثبتت ذلك الهيئات الدولية التي طالبت وقف مثل هذه الممارسات الغاشمة، ولكن إذا كانت دولة الجوار باكستان-وهي دولة إسلامية- قد رضخت لمطالب الصين مع قازاقستان وقيرغيزستان، وهما دولتان ذات وشائج وقربى في الدين والدم.
وفي سوريا نشرت جريدة الحياة بتاريخ 13-1-2004 أن السلطات السورية أبعدت الشاعر الصيني أحمد جان عثمان.. بسبب مجهول؛ والواقع أن هذا الشاعر لم يكن صينيا، بل هو إيغوري مسلم، وهذا هو السبب. ولكن وجدت الصين نفسها بعيدة عن الدول الأخرى التي يعيش فيها اللاجئون التركستانيون والمهاجرون، فعملت على تشويه سمعتهم بالادعاء زورا أنهم إرهابيون.
وفي يوم الإثنين 15-12-2003 اتهمت الحكومة الصينية أربع منظمات تركستانية بالإرهاب، كما اتهمت 11 إيغوريا (تركستانيا) مهاجرا بالإرهاب. وطالب زاو يونغ جنZhao Yongchen (المدير المساعد لمكتب محاربة الإرهاب في وزارة الأمن العام الصينية) تعاون دول العالم وهيئاتها على إغلاق ووقف مناشط هذه المنظمات الأربع، وقطع المساعدات المالية عنها، وتجميد أصولها، وإلغاء ما توفر لها من تسهيلات. كما طالب بتسليم من أسمتهم بالإرهابيين إلى الصين؛ ولم تتوان الهيئات الدولية والباحثون المختصون بالتنديد بهذا الإعلان كما فعلت وكالة الأنباء الدولية رويترز بتاريخ 15-12-2003 التي نشرت الخبر، إذ قالت: "إن بعض الدبلوماسيين الغربيين والعلماء يشكون أن يكون للأويغور حركة استقلالية متحدة؛ ويعتبرون أن معظم الأويغور يقاومون سياسات غير عادلة ثقافيا واقتصاديا؛ ويعيشون تحت القمع العسكري؛ ولا يجدون تعاونا لممارسة عنف مدعوم؛ وهذا ما جعل منظمة العفو الدولية تطالب المجتمع الدولي ألا يسمح لحكومة الصين أن توصف وتعامل الفعاليات السياسية السلمية بالإرهاب في نشرتها المؤرخة في 19-12-2003".

4 منظمات "إرهابية"

وأما المنظمات التركستانية الأربع التي اتهمتها حكومة الصين بالإرهاب، وطلبت إغلاقها وإيقاف مناشطها وتسليم رؤسائها فهي:
1- الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية ETIM؛ وهي المنظمة التركستانية الوحيدة التي اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية إرهابية لاعتقال بعض أفرادها وزعيمها المطلوب الشيخ حسن مخصوم الذي قتل قبل هذا الإعلان في أفغانستان بتاريخ 2-10-2003، وكانت السلطات الصينية قد انتزعت أقوالا من بعض الشباب الأويغوري اعتبرتها اعترافا بصلتهم بالقاعدة وطالبان. ولعل شعبا مثل الأويغور يواجه خطر الإبادة وضراوة الظلم، لا يعاب حتى ولو تعاون مع الشيطان أو غيره؛ ما دام هدفه حول الخلاص من عدوه هو، لا من عدو غيره. ولم يثبت أن الأويغور استهدف أو اشترك في عملية في غير الصين، ومع ذلك فكل المسلمين الأويغور يرفضون الإرهاب والاعتداء على المدنيين في أي مكان.
2- مؤتمر شباب الأويغور الدولي WUYC تأسس في ميونيخ بألمانيا في 9-11-1996، ويرأسه حاليا الأستاذ دولقون عيسى؛ وهو أحد المطلوبين في البيان الصيني الأخير؛ وهو خريج قسم الكيمياء بجامعة شنجانغ في أورومجي في عهد الحكم الشيوعي، وقد هاجر منذ 10 أعوام من بلاده. وهذه منظمة شبابية أكثر أعضائها من الطلاب والشباب المهاجرين من تركستان الشرقية من بعد 1985.
3- المركز الإعلامي لتركستان الشرقية ETIC، ومقره في ميونيخ بألمانيا؛ ويديره الأستاذ عبد الجليل قراقاش، وهو من أوائل من التجأ إلى ألمانيا، وفتح موقعا في الإنترنت (شبكة الاتصالات الدولية) لتعريف العالم بالأحداث الفاجعة في بلاده بعنوان: WWW.UYGUR.COM؛ وذلك باللغات الأويغورية والتركية والإنجليزية والعربية؛ كما نشر جريدة أسبوعية باللغتين الأويغورية والتركية باسم أوجقون.
4- منظمة تحرير تركستان الشرقية ETLO أسسها بعض الشباب الأويغوري في عام 1999، وترأسها الأستاذ محمد أمين حضرت، وهو مؤلف ومخرج سينمائي معروف اشتهر في أوائل ثمانينيات القرن العشرين في أورومجي والصين، ثم هاجر مع من هاجر إلى تركيا في عام 1995، والمعروف أن النظام الشيوعي يحرم تدريس الدين في المدارس والمعاهد؛ ولم يكن لمثله أن يقود حركة أصولية أو إرهابية تكون ذات صلة وثيقة بالحركات الإسلامية. ولكن الحكم الصيني يغالط نفسه ويتعامى عن سوء سياسته التي أثارت سخط المسلمين.
والعامل المشترك لهذه المنظمات الأربع أن رؤساءها هم من الشبان الدارسين في تركستان الشرقية والمهاجرين منها منذ عام 1985؛ وما عدا الأول، فالباقون لم تكن لهم دراسة إسلامية ومعرفتهم الدينية محدودة، ولا تؤهلهم لقيادة جماعات دينية أصولية، ولم يمارس أحد منهم الإمامة أو العمل الدعوي أو المشيخة الدينية؛ وحتى التهمة التي وجهتها السلطات الصينية لهم لم تكن واضحة ومحددة، بل وصفت هذه المنظمات كلها بالإرهابية (قامت بكل الأعمال الإرهابية التي مارستها المجموعات الانفصالية). وهذا ما دعا منظمة العفو الدولية أن تقول عن مؤتمر شباب الأويغور الدولي والمركز الإعلامي لتركستان الشرقية: إنهما مجموعتان سياسيتان تعملان من ألمانيا على تعميم التقارير التي تفضح الانتهاكات الصينية لحقوق الإنسان ضد الأويغور، وتطالبان بالحكم الذاتي أو الاستقلال للمقاطعة، وأن الحكومة الصينية لا تفرق بين المعارضة العنيفة والتعبير السلمي لممارسة حرية التعبير (لندن، النشرة رقم 288، وتاريخ 19-12-2003).

** كاتب تركستاني مقيم بالسعودية