المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدرسة و الموهبة



يسين عرعار
24/09/2009, 03:42 PM
المدرسة و الموهبة
**********************


1- المدرسة كلمة في أسمى معانيها و أرقى درجاتها و أشهى مراميها فهي غاية المتعلمين وراية المثقفين ومورد المتعطشين للعلم و المعرفة و المبادىء القويمة و التربية السليمة . حيث تنعم علينا قريحتها بالفضيلة و العفاف في بناء الشخصية الحقيقية قبل توجيه العقل. وتنمية الفكر. إذ تجمع بين عنصرين هامين هما الروح و العقل . فلا يمكن إدراك الهدف دون التركيز عليهما والاعتناء بجوهرهما منتخبين أفضل الطرائق و أحسن السبل في التهذيب و التربية و التدريس. وهذا لا يتأتى إلا عن طريق توظيف عصارة جهود الباحثين و الدارسين و أهل الاختصاص . الذين اعتمدوا على التجربة و الملاحظة و التحليل و التعليل و التفسير ثم الاستنباط لمناهج تسدي منفعة في تحقيق رسالة المدرسة.


2- إن التربية أساس التحصيل العلمي لأنها قوة الاستعداد و الإرادة و الاستجابة لخوض غمار البناء الروحي وتهذيبه تهذيبا مؤسسا ومتدرجا فيه آخذين بعين الاعتبار مقياس العمر ومعيار العقل في المقدمة مع تمحيص مدى الاستيعاب و القابلية للأساليب المعتمدة قصد غرس فضائل التربية . من صقل للذوق الجمالي و القيمي وتوظيف للمعارف. حيث يكون هذا الغرس في أول الحياة الدراسية حتى نستطيع قطف الثمار وحصد القيم الخالدة التي تمثل الارض الخصبة للبيداغوجيا. من تدريس بطرائقه المثلى موازاة مع مناهج التربية و أسسها. وبذلك نحقق مقصدا عظيما من مقاصد المدرسة للأمة.حيث يظل التعليم حاصل الجمع بين التدريس و التربيةمشكلا علاقة متينة وقوية بين المعلم و المتعلم قائمة على نوعية محتوى ودرجة مستوى برنامج المادة التعليمية.


3- غير أن الخالق كرم مخلوقاته بفضائل عدة وعلى اختلاف العمر و الجنس .فالجدير بنا أن نهتم بعنصر الموهبة كونها قبسة من نور الله. إذ يجب مراعاة القدرات الفائقة و العجيبة عند بعض الناشئين . الناتجة عن قوة الفطرة وسرعة الاكتساب للمعارف و الفنون . بالإضافة إلى تجارب الحياة .حيث نجد الأديب الفيلسوف "عباس العقاد" على سبيل الذكر لا الحصر موهوب . وفاقت عبقريته جميع طرائق التدريس ومناهج التربية ليتخلى عن مقعد المدرسة في سن مبكرة. ويفوز بأبهى أسرار الكتب علما وفكرا وذوقا ومعرفة. وينشأ نشأة عصامية محققا روائع الأدب و الفكر بأسلوب جعله من أبرز المفكرين و الأدباء حيث شغل عصره ولا يزال فهو الملقب بالرجل العصامي و المفكر الحر.


إن الأمم التي حازت مقعدا للشمس في حركة الحضارة مباشرة اكتشاف علامة النبوغ المبكرة لدى الاطفال. لم يثنها عزم عن سعي دؤوب لتوفير كل الأسباب المعنوية منها و المادية لخلق مناخ خاص متلائم ومتطلبات هؤلاء الذين ظهرت عليهم سمات النبوغ و العبقرية حسب طبيعة كل ميول ورغبة حيث رصدت الكثير لتوظيف بيداغوجيا مسايرة ومواكبة إذ لجأت إلى إعداد مدارس خاصة تحوي هؤلاء الشواذ –Les Surdoués – و الذين عليهم مدرار رقي أمتهم إن عاجلا أم آجلا.

********************

بقلم / يسين عرعار / الجزائر


----------------------------------------
الهامش
******

الشواذ: العباقرة الذين لديهم درجة ذكاء عالية جدا
الشواذ: Les Surdoués
ملاحظة
******
المقالة منشورة بجريدة البصائر الجزائرية. ( جريدة أسبوعية )
الأثنين06 ربيع الثاني1423 هجرية الموافق ل 17 جوان 2002 ميلادية

العدد 101
الصفحة 14