المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يصنع الإرهاب؟



خالد أبو هبة
01/02/2007, 10:30 AM
من يصنع الإرهاب؟

"الإرهاب" مُصطلح حديث النّشأة، تطوّر عبر مراحل مختلفة من الزّمن إلى أنْ اكتسب مدلوله الرّاهن، لذلك فالتعريف اللغوي للإرهاب يختلف من لغة إلى أخرى، وهذا ما يُعيق ويُصعّب مسألة تعريفه وتحديد مفهومه..
وينسب علماء اللغة مدلول لفظة الإرهاب إلى اللغة الفرنسية، حيث تشكّل وتطوّر مدلول مصطلح (Terrorisme)في نهاية القرن 18 إبّان الثورة الفرنسية، عندما اسْتُعمل المصطلح في سياق سياسي بحت، وكلمة الإرهاب (Terrorisme) مشتقة من كلمة الرّهبة (Terreur)، لكنّها قد لا تؤدّي نفس المعنى المقصود في اللغة الفرنسية.
لذلك فقد كانت ترجمة كلمة الإرهاب العربية، كمقابل لكلمة (terrorism) الإنجليزية، ترجمة غير دقيقة لغويا، لأنّ لفظة الرهبة في اللغة العربية تُستخدم للتعبير عن الخوف المشوب بالهالة والاحترام، في حين أنّ الخوف والفزع، النّاجم عن تهديد قوّة ما أو الخوف من القتل أو الإصابة بمكروه، هو خوف مادي يُعبّر عنه بالرّعب وليس بالرّهبة. وبهذا المعنى وردت في القرآن الكريم في الآية 60 من سورة الأنفال: ﴿وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين لا تعلمونهم الله يعلمهم﴾، ومعنى "الرهبة" هنا يختلف كثيرا عن المدلول الحديث لهذا المصطلح، إذ أنّه يُفيد دعوة المسلمين إلى الدفاع عن أنفسهم من خلال المقاومة والجهاد. لذلك فإنّ المصطلح العربي الصحيح الذي يقابل المفردة الإنجليزية (terrorism) هو "إرعاب" لا "إرهاب". ومع هذا فقد أقرّ المجمع اللغوي استخدام كلمة الإرهاب ككلمة حديثة في اللغة العربية، وأسقط عليها المدلول الحديث للكلمة.
ولعلّ ما يُعمّق أزمة تحرير المصطلح، فرض التعريف الأمريكي/ الغربي البراغماتي والمتغيّر على شعوب ودول العالم، والخلط المتعمد بين الإرهاب والمقاومة/ الجهاد، في زمن تشابكت فيه الأوراق، واختلط الحابل بالنّابل، زمن الأحادية القطبية وشعار المرحلة: "من ليس معنا فهو ضدّنا"!..
كان العالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة يبحث عن وجهة جديدة، وكانت النتيجة أنْ تخلّصت الولايات المتحدة الأمريكية من الإمبراطورية السوفياتية، ولكنها دخلت في حلقة مُفرغة بسبب عدم جهوزية العدوّ التاريخي البديل، غير أنّ سرعان ما وجدت ضالّتها في أحداث 11 سبتمبر 2001، التي ألبست الخوف والتّطرّف رداء حق القوة و"الشرعية الدولية" التي تسوّغ إشعال الحروب واحتلال الشعوب بدعوى "الحرب على الإرهاب"، وهو الرّداء الذي لم يكن الحصول عليه منْ قبل ممكنا أبدا.
لقد بات واضحا أنّ تداعيات الحادي عشر من سبتمبر، وطرق التعاطي معها التي توشك على حرق الأخضر واليابس، والتي تخلق المزيد من بؤر التّوتر في العالم، لم تخضع بعد للتحليل والنقاش الموضوعي الهادئ، في أفق تشخيص الأسباب الحقيقية واستخلاص الدروس والعبر اللازمة، دون حاجة إلى الاندفاع والتهوّر وخوض الحروب العبثية والمغامرات الطائشة، على أساس أنّ تهييج العواطف وشحن النفوس بالهواجس والكوابيس الأمنية للتعبئة الشاملة ضدّ ما سمّاه البعض"الفاشية الإسلامية"، قد شغلت المجتمعات والدول بقضايا وهمية، وأهملت التّحديات الحقيقية التي تهدّد وجود واستقرار البشرية، مثل آفات الفقر والأمراض والأوبئة والأُمّية والفوارق الاقتصادية والاجتماعية والجريمة المُنظّمة والتلوث والفساد، واستحقاقات التّنمية والتربية والتعليم والرعاية الصحية..
في هذا الإطار، يشهد شاهدان من أهل الدار، هما كين بوث وتيم ديون في كتاب: (عوالم متصادمة- الإرهاب ومستقبل النظام العالمي)، بقولهما: "إنّ معرفة الذات لا تتيسّر بسهولة، ويحول دون توصّل الأمركيين إلى فهم أفضل لحكومتهم، معرفتهم القليلة بتاريخهم وبتاريخ الشعوب الأخرى، ويصبح الافتقار إلى المعرفة أشدّ سوءا عندما يقترن بالأساطير التاريخية التي تطلقها هوليود سعيا للربح والتّرفيه، إنّ الجهل والأسطورة قد يدفعان إلى نشوء حالة يسود فيها الاعتقاد بأنّ المرء على حقّ دائما، وهي قاعدة خطيرٌ استخدامها في التعامل مع العالم."
إنّ البحث عن حرب يكون الانتصار فيها سهلا قد لا يكون في الحقيقة أكثر من حملة انتخابية.. قد تتحقّق بعض المكاسب الشخصية بصفة مُؤقتة، بيْد أنّه نجاح وهمي يدفع العالم كلّه نحو الهاوية السحيقة والمجهول الغامض، بسبب غياب البوصلة وبعد النظر، وافتقاد الحنكة الضرورية المفترض وجودها فيمن يدّعي أحقية قيادة العالم، والأكيد اليوم أنّه مع الجدل الواسع الدائر في الأوساط الغربية والأمريكية على الخصوص، فإنّ ثمّة قناعة بدأت تترسخ وتتبلور بين عموم الأمريكيين أنفسهم، تُؤكّدها الأحداث اليومية وتقارير مخابراتهم، مفادها أنّ "الحرب على الإرهاب" فرّخت الإرهاب ووسّعت دوائر العنف وإراقة الدماء البريئة.. وأنّه حان الوقت لتصحيح المسار وإيقاف العبث بمصائر الشعوب، والمقامرة بأمن واستقرار العالم.
تحية بدون إرعاب أو إرهاب! ودمتم آمنين مُطمئنين..

عزت التونسى
17/07/2009, 03:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : والله ياأخ خالد مقالتك رائعة ومفصلة عن الارهاب واحب ان اوجه نواظركم الكريمة الى اننا نعيش فى عالم اقل مايوصف انه ارهابى وهمجى وظالم يكيل بمكيالين الامريكان والاوروبيون يتركون بلادهم لغزو وقتل الشعوب الآمنة ونهب خيراتها وتدمير ثقافاتها مثل العر اق وافغانستان وفيتنام وكوبا فاذا ما هب القتيل والمنهوب للدفاع عن دمه وعرضه ووطنه اصبح هو الارهابى والبلطجى والهمجى . والامم المتحدة والمنظمات العالمية
تدينه ويجمعون له الجموع . والحكومات فى الدول الديكتاتورية تسمح لنفسها بقتل مواطنيها فااذا ماصرخ المواطن من الالم اصبح هو الارهابى يااخوان العالم تعفن وسيهلكه الله او يبعث اليهم عبادا له يملئون الارض عدلا واحسانا . متعكم اله بالامن