المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كأسك يا نصّ ... ( إهداء إلى النصوص المهجورة - وأصحابها - في عالم الحلم الجميل )



راضي الضميري
20/10/2009, 10:41 PM
كأسك يا نصّ ... ( إهداء إلى النصوص المهجورة - وأصحابها - في عالم الحلم الجميل )

وفي صحتك أرصّ الكلام في ضلوع الشكوى، أرسلها إلى فضاء لا حدود له، أرسلها إليّ وإليك ... إلى هناك، حيث أنت وحيدًا إلا من علامات استفهام تسبقها علامات تعجب تعجّ بأنين الفقد وغياب التواصل وبؤس الوحدة والانعزال.

كأسك أيّها الكأس المملوء حبرًا خرج من صميم قلوب أتعبها الحنين، ومزّق أفئدتها شعورٌ بتجاهل مشاعر تئزُّ في محبرة الغياب ألمًا يتوق إلى الانعتاق من جحيم واقع أكل الأخضر واليابس، ونام من فوقه غزاة العصر الجديد، إلى أين المفرّ أيّها النصّ وكأسك يأبى الخضوع لواقع متخم برائحة الفوضى وكسل العقول.

يقتلك النفاق أيتّها النصوص، ويساعدهم في قتلك تلك الألوان والألقاب الكبيرة ... ، فلا يقرؤك إلا من عرف صاحبك - ومن أجله فقط أحيانًا - فتهبط المجاملات على نصّ دون آخر، كأنّها شرار انطلق من نيزك جاهل بأي أرض سيحفر أخدودًا ينام فيه الكسل؛ لتضيع من خلفك نصوصٌ ما كان لها أن تنام فوق أرصفة الضياع ، صحراء مقفرة أرضك لا زارع ينشد الأمل، ولا ماء يروي ظمأ النشيد المعتق بحلم جميل.

كأسك يا نصّ، وفي صحة حبر وورم أمنيات تفجّرت في وجه صاحبها كمنبوذ أصيب بالجذام، يا لحبر كان يأمل بأرض يورق فيها غصن وتخضل عشبة ترنو إلى إشباع شهوة الروح ورغبات الفرح المكبوتة في صدر كلمات كانت تأمل في انبلاج فجر جديد يعمّه الأمن والسلام .

كأسك يا نصّ، أيّها المهجور في زوايا البيت وفي كل مكان ... أنا أسمع شكواك من بعيد ... تشكو من صدأ حروفك وتكلّسها بعد غياب الأهل والأحبة. ألا تشكو من الوحدة ...؟ أتراك تتألم وأنت معزولٌ في ركن شديد الظلام ؟ أسمعك جيدًا ويسمعك غيري، فلا تحزن كثيرًا، سيأتي ذلك اليوم الذي يدرك فيه الجميع أنّ جملة مفيدة قد تقلب كيان عالم بأكمله، وأنّ قصة قصيرة قد تغيّر أنفساً تعبت من اللهو والضياع وفقدان بوصلتها في دروب وعرة ؛ فيها حفر الوهن كمائن لحرف ملتزم وكلمة مقيّدة بمبادئ أمتك وبكل ما هو مفيد ؛ ليحل بدلًا عنها ولتعبر عنها وبأسلوب آخر حروف تدور في فلك مسلسلات مكسيكية وتركية مدبلجة إلى لغة الضاد كي يعمّ الفساد كما ينبغي، ويزداد الجهل في فضاء أمّة بأكملها، ألست معيّ في أنّ لميس هي ملكة جمال القبح في زمن موبوء بالخزي والعار ...؟

في صحة نص لم يقرأه أحد ... في صحة نصوص لم تجد من يقدم لها العزاء، والبقاء لثرثرات لا تغني ولا تسمن من جوع – إلا ما رحم ربي - ولحكايات أشبه ما تكون بالفراغ وبحجم هذا الفضاء المتعب من رائحة رصاص مسيّطر و فارغ من محتواه.