المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو خطة إستراتيجية لإنقاذ القدس والمسجد الأقصى (2/2)



د. محمد اسحق الريفي
30/10/2009, 02:57 PM
نحو خطة إستراتيجية لإنقاذ القدس والمسجد الأقصى (2/2)

أ.د. محمد اسحق الريفي

لا يمكن لأمتنا توظيف إمكاناتها العظيمة وطاقاتها الهائلة لإنقاذ القدس المحتلة والمسجد الأقصى دون وضع خطة إستراتيجية، تكون بمثابة العهد الذي يفي به الجميع، والبيعة التي تلتزم بها القوى السياسية العربية والإسلامية، والخطة الهادفة إلى ملء الفراغ القيادي الذي تعاني منه أمتنا، والوسيلة الناجعة لإحياء إرادات الشعوب العربية والإسلامية.

دأب اليهود والصهاينة على تدنيس المسجد الأقصى المبارك، بهدف استفزاز المسلمين، وتهيئتهم نفسياً لتقبل تقسم المسجد الأقصى بينهم وبين اليهود. ودأب المسلمون على التصدي لليهود والصهاينة بشجاعة عند كل محاولة يقومون بها لاقتحام المسجد الأقصى، بالحجارة والأحذية وما يتيسر بين أياديهم من أشياء، لصد المعتدين ومنعهم من تدنيس المسجد الأقصى. أصبحت هذه العملية تتكرر أسبوعياً، وهي مرشحة للتكرار يومياً، وهي عملية مرهقة للمرابطين في المسجد الأقصى، الذين يأتي الكثيرون منهم من الداخل الفلسطيني لنصرة إخوانهم المقدسيين. يوفر جيش الاحتلال الصهيوني الحماية للمقتحمين المجرمين، ويعتدي على المرابطين، ويطلق الرصاص عليهم، ويخطف الكثيرين منهم ويشوه أجسادهم.

يقف أشقاؤنا العرب والمسلمون مع الشعب الفلسطيني في محنته، ويعربون عن تضامنهم معه، ويستجيبون أحياناً لصرخات الفلسطينيين، فيقومون بهبات شعبية وتجمعات محدودة في أماكن مغلقة. وهذه الاستجابة جيدة رغم أنها محدودة ولا تتناسب مع جسامة العدوان. ولكن الهبات الشعبية سرعان ما تنتهي دون نتيجة، ويواصل الصهاينة محاولات اقتحام المسجد الأقصى، ويسقط المصابون والجرحى والشهداء الفلسطينيون. يعبر العرب والمسلمون بهباتهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ولكننا لا نريد فقط التعبير عن التضامن، بل نريد التضامن الفعلي وفق خطة واضحة. وربما يهب العرب والمسلمون لتحذير العدو الصهيوني وتهديده، ولكن هذا العدو لا يأبه كثيراً بالتحذير والتهديد العربي، لأنه يدرك تماماً أن الهبات الشعبية لا أهداف لها سوى التنفيس عن العواطف والانفعالات، وأنها تنتهي في كل مرة بسرعة، ولأنه يثق في قدرة الحكومات على قمعها.

ومهما تكن أهداف الهبات الشعبية، فإنه العقل والمنطق والدين يفرض على العرب والمسلمين وضع خطة إستراتيجية لمواجهة العدوان الصهيوني، بحيث تتضمن فعاليات شعبية تهدف إلى الضغط على الأنظمة العربية التي تلتزم الصمت والقعود إزاء ما يجري في القدس المحتلة، وتحمي الكيان الصهيوني. ويجب أن تهدف الفعاليات إلى إلحاق أشد الأضرار بالمصالح الأمريكية والغربية وإلى ضعضعة النفوذ الأمريكي في منطقتنا، وإرسال مجموعات فدائية لشن عمليات جهادية مسلحة ضد العدو الصهيوني على طول الحدود العربية–الفلسطينية. وهذا هو الحد الأدنى للمطلوب من العرب والمسلمين، ويتحمل قادة الحركات العربية والإسلامية والعلماء المسلمون وكافة القوى السياسية المسؤولية. فهل يستطيع العرب والمسلمون وضع خطة إستراتيجية أم أنهم لا يملكون الإرادة والشجاعة والعقول والإمكانات لمواجهة المشروع الصهيوني في أخطر مرحلة تمر بها قضية فلسطين؟

ولتحقيق ذلك، لا بد من عقد مؤتمر شعبي خاص بهذا الموضوع، بحيث يخرج المؤتمر بجملة من التوصيات التي يجب على جميع القوى السياسية والحركات العربية والإسلامية الالتزام بها، كون هذه القوى والحركات تتحمل مسؤولية ما تتعرض له القدس والمسجد الأقصى من أخطار، وهي مسؤولية قومية ودينية وإنسانية. ويمكن عقد المؤتمر في تركيا مثلاً والاستعانة بتكنولوجيا الاتصالات لإتاحة المشاركة لجميع العلماء المسلمين وقادة القوى السياسية والمفكرين...

هذا المؤتمر مهم لأنه من المتوقع أن يمكن المسلمين من تحديد حجم الأخطار التي تهدد الوجود العربي والإسلامي في القدس، ويوفر فرصة لالتقاء العلماء والمفكرين وقادة القوى السياسية الحية في بلادنا، بهدف وضع خطة إستراتيجية لمواجهة الأخطار الصهيونية، ويمكن أن تنبثق عن هذا المؤتمر هيئة شعبية خاصة بالقدس والمسجد الأقصى، تتحمل مسؤولية توجيه برامج الأنشطة والفعاليات الشعبية، وتطوير الهبات الشعبية وتصعيدها، وتقييمها ومتابعة تطوراتها وتداعياتها، حتى تتصاعد وتحقق الأهداف المنشود منها، وتشكل تهديداً حقيقياً للنفوذ الأمريكي في منطقتنا العربية والإسلامية.

30/10/2009