المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية الإسكافى والدنيا



ماهر طلبه
10/11/2009, 02:26 AM
حكاية الإسكافى والدنيا
من زمان .... زمان قوى .. بيعيش إسكافى طيب عنده محل صغير جدا قد رجل الطفل إللى لسه ما دس ع الدنيا .. كل يوم الصبح يروح الدكان يكنس.. يرش المية قدام الباب ويبدأ يدق فى الجزم .. فى يوم .. هى دخلت عليه .. ست الحسن يمكن ، ليلى يمكن ، عبلة يمكن ، ويمكن تكون قطر الندى ... حس إن الدنيا داخلة معاها عليه.. فتح دراعاته وحضن الدنيا .
- اتفضلى ...
قعدت .. مدت الرجل.. مرمر يمكن ، لؤلؤ يمكن ، مرجان يمكن ، ويمكن تكون مجرد لحم .
- أمرك
- جزمة
- أى نوع ؟ ..أى شكل ؟ .. أى لون ؟
شاورت ...مد إيده ... رفع الجزمة ....لبستها .. ماس يمكن ، بلور يمكن ، قزاز يمكن .. لكن أكيد مش جلد ...اتمشت ....
- مناسبة ؟
- مناسبة
- عايزة جزمة نفس الشكل ، نفس النوع ، لكن مش نفس اللون ....
- بكرة تكون جاهزة .
خرجت ....خرجت الدنيا معاها .. حس إن صدره فاضى شرب بق المية وسأل نفسه ... "ياترى دى مين ؟"
طول الليل سهران .. دق أول مسمار فى النعل .. شد أول خيط .. عمل أول عقدة ربطت بين النعل وبين الجلد وسرح ..." نفسى.." .. ونسى نفسه فى إيه .. لكن لما عدى أول واحد ورمى عليه السلام .. كان لسه طرف الخيط مشدود فى أول عقدة .. سابه ووقف على الباب مستنى ...
ع الظهر هلت عليه .. ضوء يمكن ، نور يمكن ، نار يمكن ، ويمكن تكون برق ..
سألته ...
- خلاص
مد إيده سلم .. رجع صوتها فى حلقه .. صدم صورتها بعينه وساب الإيد ...
- معلش بكرة بإذن الله
خرجت .. لقى الكرسى وراه وإلا كان مات واقف .. طول اليوم إبرته فى إيده لكن لاشاف وش ولا لمس نعل ، لادق مسمار ولا ربط خيط ..
بالليل خدته أحلام اليقظة لشوارع المدينة وحواريها .. لف كثير .. دخل بيوت كثيرة لحد ما عثر عليها ... وهم يمكن ، سراب يمكن ، حلم يمكن ، ويمكن كمان حقيقة لأنه لما أول واحد رمى فى وشه السلام لقى الحال غير الحال و الهدوم غير الهدوم .. بص لنفسه فى مرايته ومد إيده حاول يخلص جزمتها لكن ما قدرش ... جسمه يمكن ، عقله يمكن ، قلبه يمكن ، ويمكن كمان روحه ...
ع الظهر .. مد إيده وسلم وطوّل السلام ...
- شاى
- شكرا
- استريحى
- شكرا
- خلاص
- معلش إحنا عايزين نعمل حاجة تستاهل الرجل دى .. بكرة وعليكى خير ...
خرجت ... قلبه إللى شافه لسه راجع ... خرج تانى ما حاولش يجرى وراه ولا يعرف طريقه لأنه متأكد إنه هيرجع لإنه ماسكه من رجله ...
كام سنة .. مية ... ألف ... مليون ... عدت ماحسبتش ولا هو حسب ولا هى حسبت .. لكن فى يوم بعد حلم الليل وسلام النهار هو شد الكرسى ولضم الإبرة وربط الفتلة وشد الجلد ع النعل وخزأ الجلد بإبرته وعمل أول غرزة إللى جرت الثانية و الثالثة و الرابعة .. ع الظهر قطع الخيط .. كان الجلد وكان النعل اصبحوا جزمة ... عدت
- خلاص ؟
- خلاص
- سلام عليكم
- هنشفكوا ؟
- لما ربنا يريد
ومشيت .. ليل يمكن ، حريق يمكن ، خراب يمكن ، ويمكن كمان يكون موت
لما جه الليل .. إللى عمره ما جاب له معاه نوم... خدته أحلامه لشوارع المدينة وحواريها .. لف كثير .. شوارع وحوارى .. دكاكين وبيوت .. أسواق ..زحام .. كثير .. كثير ... لكن مالقهاش أبدا فى أى مكان م إللى كل يوم بالليل كان فى حلمه بيقابلها فيه ... بكى يمكن ، صرخ يمكن ، شد الشعر يمكن ، ويمكن كمان قطع الهدوم ونام بردان ...سنة ولا مية ولا ألف ولا مليون ... برضه ماحسبناش لكن عمرها ما عدت وعمره مانسى ....فتح محله يمكن ، اشتغل يمكن ، خرج جزم من تحت إيده يمكن ، ويمكن كمان دخل الليل من غير ما يلف شوارع المدينة وحواريها .. لكن أكيد مانسهاش .. ولسه جواه بحر ندم يمكن ، حزن يمكن ، آلم يمكن ويمكن كمان غضب .. بيخرجه من عينيه دموع كل ما سن إبرته يلمس جلد جزمة ..
عارفين ... غريبة قوى الدنيا دى بقى لما الواحد يعمل إللى عليه تسيبه وتمشى وترفض حتى إنها تديله قلبه إللى أكيد مايساويش عندها فردة جزمة ...

عبدالله بن بريك
09/08/2010, 02:48 AM
الأخ المبدع ماهر طلبة:

حكاية ذات مغزى تعكس الصراع بين الإنسان و الحياة

في بعدها المادي ..خيالك واسع ذكرني بمارك توين..

مسألة الكتابة فيها نظر و تحتاج الى قرار شجاع

و قبله إلى مناقشات مستفيضة..

مع أزكى تحياتي.

ماهر طلبه
10/08/2010, 01:02 AM
الأخ المبدع ماهر طلبة:

حكاية ذات مغزى تعكس الصراع بين الإنسان و الحياة

في بعدها المادي ..خيالك واسع ذكرني بمارك توين..

مسألة الكتابة فيها نظر و تحتاج الى قرار شجاع

و قبله إلى مناقشات مستفيضة..

مع أزكى تحياتي.

أخى الفاضل عبد الله بن بريك
جزيل شكرى على كلماتك الرقيقة وتقديرك للعمل وطريقة فهمه والتعامل معه ، ويسعدنى فكرة المناقشات المستفيضة ، وأرجو ان نستفيد جميعا منها
تحياتى وشكرى
وكل سنة واهل المنتدى بخير وسلام