المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الليلة التى لم تجد متعة القصة الفائزة بجائزة نجيب محفوظ للأديبة وفاء عبدالرازق دراسة



د. نادر عبدالخالق
11/11/2009, 01:35 PM
الليلة التى لم تجد متعة
قصة قصيرة للأديبة
وفاء عبدالرازق
قراءة وتحليل ودراسة
الدكتور نادر أحمد عبدالخالق
وهى القصة الفائزة بجائزة نجيب محفوظ وتمت مناقشتها بالنادى الثقافى بالقاهرة فى حضور نخبة من المفكرين والنقاد والأدباء منهم الدكتور صلاح فضل والإعلامى صلاح معاطى والإعلامية عطيات أبوالعينين
1- العنوان :
يظل العنوان الأدبى يواصل عطاءاته ومهامه الوظيفية الفنية والموضوعية وهولايبعد عن كونه صورة موضوعية مصغرة تحتوى بداخلها نصا أدبيا يمكن من خلاله أن يفتح طاقات هائلة من الحكى والسرد،حتى يظن القارىء أن هناك قدرا كبيرا من الظلال التى تتوارى خلف جدلية العنوان، ومن بين هذه الطاقات والظلال يمكننا أن نقف على بعض الملامح العامة والخاصة التى يحتويها هذا النص المصغر فى "الليلة التى لم تجد متعة" وهو عنوان إحدى القصص التى تضمها مجموعة "بعض من لياليها" للكاتبة والأديبة العراقية وفاء عبدالرازق .
والوقوف على العلاقات المختلفة فى هذا العنوان من شأنها أن تحيلنا إلى عدة أفكاروقيم تعود على الطرح الاجتماعى والنفسى الذى يطويه النص فى ثناياه، والمتأمل فى التركيبة اللغوية فى هذا النص العنوانى يجد أن العنوان الأصلى للمجموعة "بعض من لياليها" يدور حول مفهومين مختلفين الأول: يدل على المدلول العددى المرتبط بالقلة والتبعيض، والثانى : يرتبط بعلاقة زمنية محددة بنسبة خاصة تعود حقيقتهاإلى"الليل" ورمزيته المتعددة والمتنوعة، والتى يمكنها فتح منافذ من الرؤية التصويرية البعيدة والقريبة التى ترتبط بهذا المنغلق الزمنى، والذى يعود ضمنا إلى ضمير مؤنث "الهاء" والذى يمكن تفسيره بمكان أو مدينة أو بيئة أوامرأة أوأى مدلول أخرهذا فى بداية التكوين النفسى للعلاقة بين القارىء والنص، وسرعان ماتتلاشى هذه التأويلات بعد القراءة الأولى، ويفصح السرد عن حقيقة التأويل، والافتراض اللغوى النحوى ينبىء عن عملية تقديرية فى هذا التركيب الذى يمكن اعتباره خبرا لمبتدأ محذوف يقدر مباشرة باسم إشارة صريح "هذا"،فتصبح " هذا بعض من لياليها" والإشارة إلى القليل تجعله ذات قيمة وأهمية وفائدة وتأثيرمباشر استدعى الإشارة إليه.
وعلى مستوى القص يصبح هناك مجموعة من الأخبار التى ستتحول إلى أحداث ، والأحداث ستتحول إلى سرد وهكذا .. وعلى ذلك فإن العنوان التالى الذى يمكن تحليله اعتماداعلى هذا المنظور يكون إحدى إفرازات هذه الليالى، خاصة أنه معرف بزمن مناسب ومتوافق مع الطرح الزمنى الأصلى الذى أصبح حالة عامة تسيطر على الموضوع، والقصص الأخرى التالية التى تدور فى هذا الفلك الزمنى المهم .
وهذا يفسر سر اختيار "الليل" معادلا زمنيا لطرح الإشكاليات والمتغيرات التى طرأت على الساحة فى المدينة، حتى أنه أصبح قاسما مشتركا بين قصص المجموعة التى منها :
ليلة مثقلة بلاسئلة ليلة اللتتويج
ليلة كاكية ليلة الباحث عن نفسه
ليلة الفقدان
من هنا فإن الليلة التى هى محور الوعاء الزمنى ومحيط الأحداث هى إحدى الليالى التى تغير فيها وجه المدينة والمتأمل فى هذه العناوين، يجد أنها جملا خبرية اسمية يحاصرها الحدث الثابت، ويغلفها الرمز الموضوعى المتعدى إلى مكاشفةالواقع والذات، وإلى نقله مصورا عبر السرد، مما يعنى أن القص ليس للحكى وإنما لتقرير حقيقة اجتماعية رمز إليها بزمن "الليل" ، الذى شاع فى فضاء المجموعة،ونسبة العلاقات إلى الليل تقف على حقيقتها التى تقوم على العملية الإسنادية المسند والمسند إليه:
فالمسند إليه هو ذلك الزمن الموصوف بالليل ورمزيته معروفة تتوافق مع مدلولات الخوف والبطش والانتهاكات التى يواريها الليل، والمسند متعين فى العمليات التى نسبت استعاريا إلى هذا الزمن،وهى كلها إشكاليات وأحداث تصف واقعا ملموسا ينشطر همه بين الرصد والضمير والنقل والتصوير، من ذلك :
ليلة ـــ مثقلة بالأسئلة ليلة ـــ الباحث عن نفسه
" " ـــ التتويج " " ـــ الفقدان
" " ـــ كاكية " " " " " "
الليلة التى لم تجد متعة
فالأسئلة والبحث عن المصير والتتويج مدلولات يقابلها الفقدان والكاكية برمزيتها البعيدة، وتستقر هذه المعانى والدلالات فى وصف هذه الرؤية، بغياب المتعة وغياب الأمل، وانتشار الخوف مقابل الأمن الذى يعد من إحدى مظاهرالمتعة، التى غابت عن الليلة ذات الصلة، لذلك فإن الإسناد يفتح مجالا من التأويل الرمزى المتعدى إلى مابعد الليلة والتى قد فسرتها بعض الليالى مجازيا، واستقرفى تقرير "الليلة التى لم تجد متعة" .
من بين هذه الأموروالدلالات والعلاقات التصويرية والأوصاف الزمنية والنفسية يمكن الوقوف على النص المصغر الكامن فى العنوان الذى نحن بصدده وهو "الليلة التى لم تجد متعة" وهو نص ينقسم قسمين الأول: زمنى حقيقى والثانى: رمزى يقوم على استعارة الرمز والتشخيص والإحالات الموضوعية والاجتماعية، التى تعود على ضرورة البجث عن معرفة هذه الحقائق .
الأول: الزمنى الحقيقى فى مظهره العام والمتعدى إلى وجود علاقات خارجية أخرى، ترتبط بهذا المصير، وهذه الإشكاليات التى تتوارى خلف قيم المتعة العامة، وحقيقة الزمن هنا تعود إلى كونه مصرح به ومحدد فى المظهر الليلى، واعتماد الكاتبة عليه كبعد وخلفية نفسية تأثيرية، تتيح عملية الحشد التى ركزت عليها، وكانت عاملا مهما فى عملية التكثيف الموضوعى .
الثانى: ويتعلق بتفسير الرمز والعملية الموضوعية واللغوية التى تكون منها النص الداخلى للعنوان، وعملية البحث الأولى تقوم على حقيقة الإسناد ونسبة المستعار للمستعارله فـ"الليلة" وعاء زمنيا ليس له علاقة بالمتعة وغيرها، مما يعنى أن هناك معادلا خارجيا يدور فى فلك النص ، على مستوى الرمزالاستعارى ، ويرتبط بالرؤية الخارجية للصورة التى تراها الكاتبة وتحاول نقلها، إلى واقع تصويرى إنسانى متعدى إلى وصف الصفة التى تنتمى لها أولا وتعيين البعد الوجدانى الذى يعكس التجربة لديها، على مستوى النفس والشعور والحقيقة رغم وجود الخيال الفنى الذى يؤدى إلى تفعيل الرمز والاستعارة، وهذا يعنى أن نسبة المتعة إلى الليلة كعلاقة أولى ونفيها كعلاقة ثانية، هى مرواغة للمعنى وبحث عن مفهوم وتفسير للمشاهد التى بنى عليها النص المصغر فى العنوان،وهذه التفسيرات يمكن الوقوف عليها من خلال البحث اللغوى، إذا اعتبرنا أن هناك تقدير أخر للمعنى بناء على التركيبة التى عليها الجملة، والتى توحى بأنها حبرا لمبتدأ يمكن تقديره باسم إشارة مناسب "هذه" لتصبح "هذه الليلة التى لم تجد متعة" حالة استثنائية لاتتعدى كونها ظرف طارىء يجب معارضته ومعالجته فنيا وموضوعيا يؤكد ذلك حالة النفى التى تعينت بوجود " لم " التى تقوم بنفى ما مضى من علاقات وأحداث، وهى متعلقة ضمنيا بالضميرالذى يقوم بالوصف، والضمير الذى يمثل حضورا رمزيا، هذا بالإضافة إلى الصلة والترابط البعيد والذى اختص بتنشيط العلاقات الللغوية التى قامت بواسطة اسم الموصول "التى"، مما يعنى أن هناك مواجهة لغوية ذاتية بين أسلوب النفى وبين حقيقة الصلة، وأعتقد أن تلك الحالة هى انعكاس لصورة الكاتبة نفسها والتى يرمز لها النص ضمنيا بضمير النفس،وانعكاس للصورة التى تريد نقلها وفحصها بطريق القص، وهذا يدل على أن المواجهة منذ الوهلة الأولى ويمكن ملاحظتها فى ثنايا النص، وتحاول الكاتبة أن تحاصر القارىء بهذه المواجهة المركبة من الواقع والكاتبة والضمير النفسى الإنسانى العام والخاص .
الليلة التى لم تجد متعة
2- الصورة الافتتاحية
صورة البداية
الصورة الافتتاحية أوالبداية فى العمل القصصى تمثل مدخلا مهما لمعرفة مدى انطلاقة الكاتب فى عرض نفسه ووجهة نظره، خاصة أن هذه الصورة هى التى تنشأ العلاقة الأولى، بين القارىء والنص وتتعين منها خصوصية الوصف والربط بينها وبين العنوان كدلالة وتأكيد على القيمة النفسية والموضوعية للنص، وهذه الصورة تقوم على عملية التقريب بين الواقع الخارجى والكاتب والنص، وفيها أيضا تتم عملية التكوين الأولى للكاتب وتحديد ثقافته وميوله النفسية والاجتماعية والفلسفية .
وفى الصورة الافتتاحية فى قصة "الليلة التى لم تجد متعة"، تبدو لنا حقيقة الكاتبة ووجهة نظرها وملامح ثقافتها وأهمية تجربتها السردية، حيث بدت لنا الملامح التكوينية لثقافتها، ومحاولتها بناء فكرة فلسفية وتاريخية تنفذ منها إلى العالم الخارجى، تحاكيه وتقدمه وتقف على أوصافه وملامحه الإنسانية،وقد استخدمت فى ذلك وسيلة فنية استعارية مساعدة،حيث بعثت من الماضى البعيد شاهدا يصف ويرى ويقص، بطريقة رمزية استعارية، تعينت فى "تمثال" هرب من حارثه، ليخرج إلى المدينة ويرصد أحوالها، تقول القاصة وفاء عبدالرازق :
بعد قليل سأترك خشبتي الميّتة باحثاً عن جهاتٍ بعيدة عن حجر، قررت أن أترك قدميَّ تمتحنان الدروب وتحتسيان الرمل،عبر الجسور والطرقات. لي رغبة الاستمتاع بشخص آخر وبمصير لم يختره الآخرون لي، مصير بلغ حد الهزيمة،كما لي رغبة شجاعة تقودني لهذا المصير يغمرنى غثيانُ الحماقة، يحاور شكلي مستوضحاً سطحه الأملس.أحذو حذوه وأسال المتحجر: جد نفسك
هذه المحادثة الذاتية النفسية الرمزية الافتتاحية تعكس واقع القاصة الداخلى الذى يبحث عن البوح بالمكنون، ولم تجد أمامهاسوى هذه القطعة الحجرية، التى ستقوم بعملية اكتشاف ورصد لوافع إنسانى واجتماعى خارجى لكنه يتعلق بمفاهيم حياتية بعيدة الأثر والتكوين، فى حياتنا وبلادنا، والمتامل فى المصير الذى يبحث عنه المبعوث الجديد، لايرقى إليه الشك فى أنه نفس المصير الموازى الداخلى الذى تبحث عنه الكاتبة والفقرة التالية تشيرإلى شىء من ذلك تقول وفاء عبدالرازق:
تحاصرني سطوة رعد ورتابة مُملـّة، أستهلُّ يومي، أحوم حول ذاتي، أنظر إلى ثعبان الوقت أنظف نفسي منه، لي مسيرتـــي الخاصة وسخرية المتفرجين.
لا أفضّل المكان، لا أفضّل الزمان، أعني أن كل شيء تورّم حتى أنا والهواء، من العدم تأتيني فجأة حفنة هلوسة تُشعرني بأني سأصاب بنوبة من التفتيت فأتأمل أفكاري وضرورة خروجي من شكلي، أشعر أن حياتي قلقة وحياة العالم مستقرة.
هذه الصورة التشخيصية المجسدة تبحث عن توصيف ومدلول لحالة هذا الكائن الذى هربت إلية الكاتبة لتبحث عن نفسها وعن وطنها وموقعها ومكانتها التى تلاشت وأصبحت فى غير حقيقتها المعنوية والنفسية وتبدو تلك الرؤية التصويرية المقارنة رؤية وواقع نفسى متعدى إلى وصف المشاعر الداخلية التى تعتمد على المنولوج الدرامى الذى أعطى الكاتبة مساحة واسعة، من التعبير والتعمق فى فهم الأشياء، التى قد يصعب فهمها فى التعبير المباشر الصريح الغير مؤول، وكذلك يعد التركيز على العنصر الرمزى الخارجى الوسيط فى محيط الصورة الخارجية،التى تسيطر على محيط الصورة الافتتاحية، هو نوع من الاهتمام والتعمق فى فهم الصورة النفسية لدى القاصة وفاء عبدالرازق، حيث يتحقق أمرين الأول: هو التكثيف منذ البداية للفعل الخارجى والحركة الداخلية التى تتوازى مع دلالة الفعل القصصى العام،الثانى: الفصل المباشر بين الشخصية الخارجية التى تمثلها الكاتبة وبين العناصر الداخلية للعمل القصصى ، رغم وجود حوافز فنية وموضوعية يمكنها أن تضيف إلى العمل بعدا طبقيا واجتماعيا، وهذا جعل الشخصية التمثيلية المستعارة ذات قوة ذاتية انفعالية تحاول التعبير وتحاول القص والرصد من منظورها الرمزى الخاص الذى يتناسب مع كونها مستعارة، وهذا يجعل فضائها يتسع للقص والحكى والتعبير بطريقة مختلفة، لكنها ذات أثر مباشر على واقع النص .
ورغم محاولة الكاتبة حشد الصورة الافتتاحية بالعديد من الأنواع التصويرية إلا أن الصورة المسيطرة على النص الافتتاحى هى الصورة النفسية الفلسفية التى تعتمد على المواجهة والمقابلة بين واقعين مختلفين لكنهما ليسا أحسن حالا من بعضهما البعض يؤكد ذلك قول القاصة وفاء عبدالرازق فى ما يلى:
ربما ميولي ورغبتي في أن أصبح شيئاً مختلفاً، لذلك أجد نفسي دائما في فرن، لو فرضتُ أني الآخر الذي أحلم هل سأتكلم أنا أم هو؟ تـُرى ما الذي أكون عليه وكيف أترك ثلجي؟
ماذا أصنع وكم من الوقت أستغرق في المدينة؟
حجمي صغير قد تواريه الأتربة، والشوارع المكتظة بمرايا مَن عبروا، ومَن أوجعته الوهلة الأولى في السير، ماذا أقول له؟ - هل أردفُ راجعا بأحلام ما زالت في الظل؟
- هل أخبره أنه صغير لا يستحق الحلم؟ أكره صلصالا لم ينضج بمتاهاته الأربعين كعانس تتعرّى للهواء. أشعر أن الطرقات شوكة في لحم رخو،والهواء يُنذر بالشؤم.
أرى الأسواق زانية، الرجل مشطور والمرأة مشلولة .
وتنتهى هذه الصورة بهذه المقابلة الحوارية التى تعتمد على الذاتية والمواجهة النفسية، وقد حاولت الكاتبة أن تقدم نفسها من خلال هذه المقابلة وتشرح كثيرا من أوصافها الحسية والمعنوية،فى محاولة لاستبصار معالم التجربة الإنسانية لديها،وذلك بواسطة محاكاتها لنفسها من واقع السرد وواقع المواجهة التى تسير وفق القص على مستوى الصورة الخارجية والداخلية وانعكاس الأحداث عليها، وانصهارها تماما فى تجربة مركبة من داخلها وخارجها الممزقين، من هذا المنظور التحليلى لمركبات الصورة الافتتاحية يمكن الوقوف على مظاهر ومعالم الصورة الخارجية كما يلى :
1- الكاتبة :
تمثل المسند إليه الذى يحكم عليه بالمسند :
"النص – الواقع -الموضوع"
والعلاقة هنا تجعل الكاتبة فى مركز" الموضوع " المحمول به على الرصد والتأمل والقراءة والاستنباط ومن ثم التعبير بطريقة افتراضية .
2- النص :
وهو المسند المفروض مسبقا على الضمير العام الذى كان سببا فى استعارة الرمز التعبيرى، الذى ناب عن الكاتبة .
" الكاتبة – الواقع – الموضوع" .
والعلاقة هنا تفنح أمام النص مرحلة من الاستيعاب الموضوعى لصور الواقع مع اختلاف أنواعها وميولها وتناقضها أحيانا، مما يجعل محيط الصورة الخارجية أكثر تأثيرا وحضورا وتعبيرا .
3- الواقع :
وهو الصورة أوالنسبة التى تربط بين النص والكاتبة " المسند والمسند إليه" بطريقة ذات أثرعلى الفكرة والتجربة العامة، التى كانت دافعا أمام الكاتبة للتعبير واستنطاق هذا المجهول الجديد الذى غير وجه الحياة .وهو كما يلى :
" الكاتبة _ النص _ الموضوع "
والعلاقة تجعل من الواقع موردا هاما للكاتبة والنص مهما كانت التخيلات الذهنية، فالواقع هو الذى يمد النص والكاتبة بمستوييها الخارجى الحقيقى والداخلى الذهنى بالقضايا والأفكار التى ترقى إلى درجة التعبير الحر الموازى لفكر الكاتب وفى حالات كثيرة يتعدى هذا الدور إلى مابعد رؤية الكاتب .
4- الموضوع :
وهو الحقائق الفكرية والذهنية التى يترجمها الكاتب والنص والواقع، وذلك حتى تتم عملية الإضافة وتستخرج المعانى والعلاقات الموضوعية التى تربط بين النص والكاتب والواقع، ويتم كذلك فى الموضوع الجمع بين العناصر السابقة التى تمثل البعد الخارجى ، وأيضا العناصر الداخلية التى يتكون منها النص، والتى تساعد فى فهم الفكرة الرئيسية ويتعين فى ما يأتى :
" الكاتبة – النص – الواقع "
العلاقة الإسنادية بين هذه العناصر تجعل من الموضوع تجربة ومدخلا مهما ينفذ من خلاله الكاتب إلى ضميره النفسى الداخلى، ليوازن بين تكوينه وفكره وما يريد أن يطرحه، ويكون عنه عدة علاقات وافكار تترجم بواسطة الموضوع إلى رؤى تصويرية ينعكس فيها الواقع الذى يريد الكاتب معالجته، ويستدعى لها النص المناسب، وتكون هذه الأمورهى من دلالات الشخصية الفنية الإبداعية التى تعبر وتنشأ الفكرة والنسبة التى تقيد هذه الأفكار والعناصر مع بعضها البعض .
من هنا ومن خلال ما سبق يمكن الوقوف على حقيقة الصورة الخارجية فى الصورة الافتتاحية فى قصة " الليلة التى لم تجد متعة" لوفاء عبدالرازق من مجموعة " بعض من لياليها" وهى تتكون من مجموعة من القضايا والأفكار الاجتماعية والإنسانية التى تفسر الواقع وإشكالياته،فالمواجهة النفسية والموضوعية التى رصدتها وفاء عبدالرازق بين الفكرة والموضوع وضميرها كانت سببا مباشرا فى انعكاس الواقع الاجتماعى على الفكرة الرئيسية الخارجية
لأن "الصورة الخارجية هى الصورة الأساسية المركبة من مجموعة من الأفكار الاجتماعية والإنسانية والتى تنقل القضايا العامة وتحيلها إلى واقع فنى متعدد الوجوه والأنماط " (1)
وأعتقد أن ذلك كان دافعا وراء عملية الاستدعاء الاستعارية التى قامت بها القاصة ومظهرا من مظاهرالتكثيف والرمز،مما جعل الحوارالداخلى ينفعل بانفعال الصورة الخارجية والواقع ،ودفع بالنص ووظيفته إلى تأويلات متعددة، وأضاف إلى العملية التكوينية للموضوع بعدا اجتماعيا يبحث فى أصل الواقع،ويفتح أمام البحث فرصة واسعة من الاستيعاب والتحليل لمفهوم النص والصورة والواقع والفكرة واحتواء الكاتبة .
3- الصورة الموضوعية :
" وهى الصورة المجردة من المواجهة الحسية للواقع ، ويقصد بها إعادة تشكيل الطبيعة والواقع ، وانتقال تدريجي من المعنى المفهومي الراسخ الثابت ، إلى المعنى الانفعالي المضطرب ، وبمفهوم آخر ، هي استدعاء للصور المتراكمة في الذاكرة ، و المتناقضة في تكوينها ، بقصد البحث عن مفهوم جديد للعالم " . (2)
وهذا ماحاولت وفاء عبدالرازق القيام به فى قصتها " الليلة التى لم تجد متعة " فقدمت الموضوع من خلال الصورة، وجعلت للصورة مطلق التعبير عن ما يدور فى خلدها، بداية من المكان والشخصيات والأحداث رغم قلتها، بسبب الاعتماد على التصوير، مما جعل هناك اختزالا كبيرا للعديد من الأحداث،والملاحظ أن كل شخصية هى تصوير لموضوع مستقل تنعكس فيه رؤية الكاتبة، وتتعين فيه وجهة نظرها، فالجسر الذى يعد إشارة رمزية لمعالم المكان يؤدى وظيفة موضوعية مهمة تشير إلى أن هناك عالمين يفصل بينهما الجسر، أو يكون حلقة الوصل بينهما، وتلك صورة تعبيرية تجعل عملية المواجهة مستمرة فى القصة لكنها تتشكل حسب التوظيف والتصوير، والكاتبة تحاول أن تجعل منه أداة فقط تقول معبرة عن ذلك :
" وأنا أعدّ ُأولى خطواتي نحو الشارع، مررتُ بأحد الجسور الذي يقسم المدينة ويربطها بريفها أو بنصفها الآخر،نظرتُ إليه متمنياً ألاّ أتوحّش مثلهم، فقد بدا العابرون كأنهم خرجوا من مصارعةُ " .
فالوصف هنا متعدى إلى حالة الجسر التى تربط بين الوظيفة التصويرية ومعالم المكان وصفته، والانتقال إلى وصف المارة وهيئاتهم النفسية وصفاتهم الأخلاقية وصورة المصارعة هنا تعبير عن أحد طرفى الجسر الذى تدور عنده الحلبة والطرف الخر موازيا فى التوظيف الاجتماعى النفسى، حيث يتعلق بالعودة إلى استقرار وهمى غير حقيقى، وذلك لانتفاء الصفة الاجتماعية عن هؤلاء ،وفى النهاية فإن الجسر من المركبات الموضوعية التى يمكن أن تؤدى وظيفة تصويرية ورمزية فى القصة .
وفى موقف أخر ومن خلال الوصف وحركة الشخصية تقدم الكاتبة الصورة الموضوعية الحقيقية وهى معتمدة على التصوير البصرى الذى يعكس الحقائق الخارجية تقول وفاء عبدالرازق :
" إلاّ أن رجلاً واقفاً في نهاية الجسر شدّني أكثر من الجميع كونه يعدّ على أصابعه وعلى ما يبدو للعشرة فقط ثم يتطلع إلى رؤوس فارغة وجماجم جوفاء مبعثرة بشكل عشوائي على مقدمة الجسر.
بحثتُ عن أشياء تخصني في هذا المكان الغريب، إذ لا أحد يعرفني أو يُشعرني بقيمتي وتريحه هيأتي، لا أدري هل شاخوا أو تعبوا،أم في قلوبهم مرضٌ أدى إلى شحوبهم إلى هذا الحد".
والصورة الموضوعية هنا تقوم على تفعيل المكان وما يحتوى عليه من صور جزئية داخلية تشرح كثيرا من أوصاف المكان وما تسيطر عليه من غربة نفسية وموضوعية حقيقية والرمز الموضوعى يقوم بوظيفة انتقالية فى النص ويعبر عن الأمراض والمتغيرات التى أصابت الواقع الاجتماعى، وهذا ما تحاول الكاتبة التعبير عنه وتقديمه فى عدة صور وأشكال مختلفة .
الصورة الموضوعية الشخصية وتتعين فى العلاقات التى تدور حولها الشخصيات على اختلاف نوعيتهم وهيئاتهم وما يرتبط بدلالتهم النفسية والموضوعية وقد حاولت الكاتبة أن تأتى بنماذج مختلفة فى المظهر والصورة لكنها كانت تدور حول معانى واحدة المتغيرات الجديدة التى أصابت المجتمع الجديد،من ذلك شخصية المرأة العجوز المتسولة المصورة بدقة وعناية شديدة تقول وفاء :
" دنت مني عجوز متسوّلة متكئة على عكازها، منثورة الشعر رثة الثياب بدت أسنانها الطويلة الصفراء مثل كوخٍ خربٍ وغابة تعتصر العمر بحرائقها" .
والمتأمل فى هذه الصورة المشخصة يجد أن الموضوع والصورة والفكرة والقاصة قد امتزجوا فى نموذج المرأة التى تعكس وجه الأشياء كلها والتى منها المدينة ، والكاتبة هنا تجعل من الاستعارة التمثيلية عنصرا فعالا يؤدى وظائف تشخيصية عديدة، وأيضا التشبيه الضمنى والرمزالمباشر، من الدلالات التى تجعل الصورة الضمنية حقيقة تواجه الصورة الحقيقية، التى تحاول الكاتبة أن تنقلها وتقدمها كنموذج انفعالى مركب .
وقد تكرر هذا التصرف الموضوعى فى مواقف أخرى كثيرة تسير فى هذا الاتجاه التصوير كصورة " المرأة التى عبرت لجسر" وبقية الأشخاص المساعدة، الذين يشكلون محيط الصورة الموضوعية " كالرجال السكارى" و" الشاب المرافق" و " الصبية الصفر الوجوه " الذين يمثلون حالة موضوعية رمزية من كونهم بكما لايتكلمون ولا ينطقون ، والنماذج الأخرى التى تصور حال المجتمع وتعكس وقع التردى الاجتماعى على ضمير الكاتبة من ذلك صورة المرأة الخجلى التى تتلفت وتبحث عن طفلتها التائهة ، والتى تحاول الكاتبة أن تضيف لها معادلا رمزيا موازيا لها فى الفكر والضمير .
وفى المقابل تبدو صورة الموضوع فى ناحية أخرى تتعلق برؤية الكاتبة بواسطة الرمز الاستعارى وتصويرها للأحوال العرضية العادية التى تواجه المراقب عادة تقول وفاء :
" وددت لو أعود لذاكرة الصمت وخشبتي السوداء، لكن الحلم الشاسع في عيني عادت له تجلياته، فتساقطت النجوم أرغفة شهيـّة ساخنة أشعرتني بجوعي" .
الأمنية هنا دلالة عرضية تعود ضمنا على رغبة الكاتبة فى نقل الشعور والأحاسيس من الواقع الداخلى إلى الواقع الخارجى، فى صور تتفق مع العملية النفسية ، التى تحاول القاصة أن تقدمه فى صور جاهزة تبدو وكأنها "كليشيهات" جاهزة لكنها تعبر عن مرارة الحاضر من منظور الماضى المنتهى .
وتقول فى نفس المعنى :
" وقفتُ أراقب الوجوه عند أول الجسر لأكون قريبا من القادمين والغادين، أتكاشف معهم، بين وجهي وبينهم ثمة فاصل، رأيت عينين مبتسمتين معلنتين عن نظرة قلقة، ثم غاب الطفل الذي يقضم خبزه على مهل دون أن يتفوّه بكلمة واحدة مما جعلني أتساءل:هل كانت نظرته لئيمة؟ هل هي ضدي أم معي؟"
ورغم أن المقارنة الضمنية ليست بين نموذجين متساويين أو متلازمين إلا أن الصورة الضمنية لهذه المقارنة هى صورة القاصة الحقيقية التى ترى بعيون الأخرين ، وكذلك يبدو فى المقابل بعض التفسيرات التى تكررها الكاتبة من حين لأخر فى صور مختلفة ومتباينة لكنها تتعين فى نقد الواقع وشرح أبعاد هذا النقد.
وفى أحيان أخرى تخرج الكاتبة من حصارها الكبير إلى تلمس خبرات ومعانى أخرى لكنها تدور فى نفس الفلك الإنسانى الذى يبحث عن الأمل المفقود ويبحث عن إمكانية تحقيقه فى ظل الأوضاع السائدة حاليا تقول الكاتبة وفاء فى معرض حديثها عن المقابلة بين الطفل والشمس مقدمة الموضوع الداخلى من وجهة نظرها التى اختتمت الصورة النفسية بالخيط المربوط بقفل كدلالة واستعارة على تفعيل الحقيقة رمزيا وجهريا طالما أن المصارحة لم تعد تبدى شيئا :
الشمس تشرق باتجاه الأطفال، أخذتْ اتجاه طفلة تقلـّدت قلادة من حجر أبيض اللون، حين ابتسمتُ لها اقتربت وناولتني قرصاً من الخبز لـُفّ بخيط مربوط بقفل .
وتقول :
رميتُ القفل في النهر، اتكأتُ على سياج الجسر متلذذا ًبأول قضمة، أحرق اللعاب فمي بحموضته ، لكني بلعتها وحدثتُ نفسي:
- جميلة مبادلة المعدة جوعها باللعاب وطعم الخبز.
تذكرتُ أصلي الطيني، أنا أول مرة أتمتع بإحساسِ إنسان. بلعتُ اللقمة والتهمت الأخرى، تذكرتُ لعنتها لي، ليتها تدرك المسمار وتدرك معنى الجلوس على مسمار.
والصورة هنا تتنوع مابين كونية وطبيعية وتذوقية ونفسية وإنسانية معنوية وحسية ورمزية ، اجتهدت الكاتبة فى رسمها واستعارتها المركبة، وقد اعتمدت على المقارنة الموضوعية للصورة وأعتقد أن ذلك توظيف جديد، ليس للصورة فحسب وإنماللفكرة التى تتضمنها الصورة، حتى أن الصورة الخارجية لهذه الأشكال النفسية المرسومة، هى نفس الصورة الخارجية للفكرة التى تدور فى فلكها القصة عموما ، من هنا يمكن أن نوضح مجموعة العلاقات التى قامت على أساسها الصورة الموضوعية ، والتى عبرت عن ضمير الواقع والكاتبة، والتى يمكن أن توضح معالم الصورة الخارجية فى ما يأتى :
الكاتبة ــ التعبير والإحساس والتصوير والنقل .
التمثال ــ الرمز الموضوعى المعبر عن الكاتبة والواقع .
الواقع ــ هو الذى قام بترجمة الفكرة فى ضمير الكاتبة وأحالها إلى نص
قصصى يعتمد على الرمز وعلى الخيال والعاطفة .
الكاتبة
الواقع ـــــ التمثال ــــ الموضوع
الرمز ـــــــ النص
الحياة الماضية ــــ القاصة ــــــ الحياة الحالية
الصورة = الأمنية الخاصة
= وفـاء عبدالرازق
هذا التقسيم الفنى يوضح العناصر التى قامت على أساسها الصورة الخارجية كما حاولت الكاتبة أن تؤكدعلى ذلك فى محيط الصورة الموضوعية الداخلية، التى تشكلت من العناصر الداخلية، الممثلة فى الشخصية والمكان والزمان الذى لم يتجاوز الساعات القليلة نظرا للاعتماد على خاصية التصوير البصرى والنفسى فى أنحاء السرد ، واللافت للنظر أن هذه العناصر والأركان يصعب فصلها ودراستها مستلقة نظرا للتداخلات الكثيرة التى اتسمت بها هذه العناصر مع بعضها البعض، ففى بعض الأحيان كانت تمتزج الفكرة بالشخصية بالتعبير عن المكان والزمن ويرجع ذلك إلى عملية التكثيف التى لجأت إليها الكاتبة، وتلك خاصية من خصائص القصة القصيرة عامة .
4- الصورة الختامية
النهائية الأخيرة
الصورة النهائية هى أخر ما يعلق بذهن القارىء، وهى الرؤية الخاصة التى يتشبث بها القاص عموما لينفذ منها إلى عقل ووجدان المتلقى "(لذا فإن هذه الصورة النهائية ليست حدثا عاديا ، وليست عملية تشويقية ، تستهدف استنزاف القارئ إنما هى فى الأغلب الأعم ، عود على بدء ونتائج لمقدمات ، وضميرا خاصا ، وعلاقات حسية ومعنوية ، فى غاية الأهمية ، وتتصف بالموضوعية و الجدة و الإيجاز وتأتى أهميتها من حيث أن الكاتب لا يستطيع أن يضع من خلالها ، حدا فاصلا للفكرة بل دائما ما يتركها على حالها مستدعيا عوالم ، وفضاءات و إيقاعات ، تختلف باختلاف المتلقى ، مما يعطى للفكرة غناء وحضورا ذهنيا طويلا ، يجعله يُقر بما هو بعيد أو محال أحيانا، أو بما ليس له تفسير فى ضميره ووجدانه ، خاصة أن الفن القصصى و الروائى ، بات يعتمد على الحقائق و القضايا الاجتماعية ، و التى تمثل وجهات متباينة ، وتحدث صخبا عاما ، من شأنه أن يثير خيال القارئ )" (3) .
وفى قصة وفاء عبدالرازق " الليلة التى لم تجد متعة" نجد توظيفا رمزيا مختلفا، هذا التوظيف يقوم على النزعة التاملية الفلسفية التى تقلب الأشياء على جهات مختلفة من الفكر والتأويل، فالصورة عبارة عن حديث نفسى لصلصال هارب من متحفه، يفكر فى العودة،وفى أثناء ذلك يطرح عدة أمور عند تحليلها وتأويلها ندرك تماما أنها تعود على الكاتبة ضميرا وفكرا ورغبة .
تقول وفاء عبدالرازق :
" شممتُ رائحة الصلصال الأول، تنفـّسته، أحسست بتكسر كائن في جسدي، ترنحتُ، رغم هيئتي الحجرية تحاملت على وجعي وقررت العودة لخشبتي، ربما صحا حارس المتحف وبحث عني كثيراً وخشية أن يـُتهم بالسرقة عليّ إنقاذه، مسكين لا يدري شيئاً عن منغولي دخل مع أسرته المتحف وسرق تمثالا من الفخار مربوطاً إلى خشبة بمسمار،أهداه لأول طفلة شاهدها في باب المتحف.
وأنا بيدها الصغيرة تفقدتُ تكويني، لم أجد عرقاً على جسدي، حمدتُ صانعي فهو لم ينحتني لأعيش بين هؤلاء الأغبياء، شعرت بشيء يشبه المعدن في باطن كفي، كان له شكل مفتاح، تحسستُه، لهوتُ، رميته أرضاً وتجمّدتُ ، بينما طفلة جميلة تلهو بتمثال مربوط إلى خشبة قديمة،شربتُ ندمي وتمنيتُ لو أني لم أفكِّر بتجربة الخريطة.بهذه الأمنية نصّب نفسه زعيماً على نفسه.
- لكنه مجرد تمثال.قلت له بدلال:
- دع قلبك يرتاح واترك لي أمل التلذذ بصورة جديدة تلهو بذاكرة طفلة علّها تسعفني ليلة الغد وتتركني أتحسس رقبتي، مَن يدري، ربما سيصبح هذا التمثال قدوة لكل التماثيل "
والمتامل فى دلالة النص التصويرى الختامى يدرك أهمية الفكرة النقدية التصويرية التى تريد الكاتبة أن ترسلها فى محيط الصورة النهائية،ويقف على كثير من معالم التجربة لديها وهى تجربة تبدو عميقة ومركبة من عدة أفكار بعيدة فى تأويلها، حيث ترتبط بالذات وبالوطن وبالمتغيرات التى أصابته وحولت مساره، حتى انعكس ذلك على أشخاصه وثقافتهم، واتجاهاتهم الاجتماعية والسياسية ، والكاتبة إحدى إفرازات هذا الواقع، وإحدى منجزاته الثقافية والأدبية.
والصورة الختامية تأخذ أشكالا عديدة حسية ومعنوية تتنوع فى التوظيف والإدراك، وتربط بين دلالة الصورة الافتتاحية والموضوعية، وفى النهاية فإنها تعبير عن ملامح ذاتية تعود على الكاتبة وتمس باطنها وثقافتها وفى النهاية وبشكل عام ، إن هذه الصورة الختامية ، للنص القصصى ، تمثل إشارة إلى حقيقة السارد ، وشرح علاقاته التكوينية ، بصفته الشخصية الرواية ، التى تنطبق عليها الصورة الأصلية الحقيقية ، التى يريد النص تصوير ملامحها ، ومواقفها ، وحياتها الأدبية ـ التى تحولت ، إلى صورة متناقضة ، تسخر من الفكر و العقل و المنطق و العرف بشكل عام ، وقد استخدمت الكاتبة وفاء عبدالرازق رموزا فكرية فى محاولة منها لكشف عرى الواقع المتعدى إلى خارج النفس والشعور، والذى كان دافعا لمثل هذه الإبداعات .
الدكتور
نادر أحمد عبدالخالق
ألقيت بالنادى الثقافى بالقاهرة أثناء مناقشة الأديبة العراقية وفاء عبدالرازق فى حضور نخبة كبيرة من المفكرين والإعلاميين العرب منهم الدكتور صلاح فضل والإعلامى الكبير الأستاذ صلاح معاطى وغيرهم
الهوامش :
* النص الأصلى للقصة أرسل أليكترونيا بواسطة الأديبة وفاء عبدالرازق .
(1) الصورة والقصة بحث فى الأركان والعلاقات د. نادر أحمد عبدالخالق صـ 45 .
(2) إيقاع الصورة السردية د. نادر عبدالخالق صـ 29 .
(3) إيقاع الصورة السردية د. نادر عبدالخالق صـ 24 .