المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤالان حول الأدب الفارسي وجواب الجواهري وسيد قطب : ثقافة التقريب-



سعيد عبد الرحمن
13/01/2010, 08:32 PM
(( المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ))
سؤالان حول الأدب الفارسي وجواب الجواهري وسيد قطب : ثقافة التقريب- العدد1 التحرير : 1428(( مع إجراء بعض التنقيحات الطفيفة )) .

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الشاعرالعراقي الكبير محمد مهدي الجواهري : (( إيران بأجوائها الروحية لها الفضل في تلطيف روحي وذوقي . إنَّ قصائدي التي أنشدتها في إيران هي أعزّ ما تضمّنه ديواني لقد استطعت في إيران أن أعرف ما هو الشعر الطبيعي .
على الساعين لإنهاض الشعر العربي أن يقرّبوه من روح طهران عوضاً من روح لندن وباريس وموسكو وروما )) .
ويقول الناقد والأديب المصري الكبير سيد قطب : (( أشعار حافظ تزيد من رصيد الغناء في الشعر العربي . من يقرأ أشعار حافظ يستروح عطر الشرق البعيد )) . وهنا يُثار سؤالان : الاول : أدبي ، يرتبط بالعطاء الذي يمكن أن يقدّمه الأدب الفارسي اليوم للأدب العربي والثاني: أخلاقي يرتبط بما نراه في الغزل العرفاني من خمر وحانة وسكر وعربدة.
أقف عند شخصيتين أدبيتين مشهورتين من شخصيات الأدب والفكر ليجيب كل منهما على سؤال أو على السؤالين معاً .
الشخصية الأولى : الشاعر محمد مهدي الجواهري ، العراقي النشأة والتربية ، واليمني في جواز سفره ، والعربي في همومه وآلامه وآماله ، والسوري في إقامته الأخيرة ومثواه الأخير.
زار الجواهري إيران في شبابه مرات عدّة كما زارها في أواخر حياته ، وزياراته الأولى أتاحت له أن يتعلم الفارسية ويتقنها ، وأن يتفاعل مع الأدب الفارسي ، وأن يترجم بعض أشعار حافظ الى العربية شعرا . نشرالجواهري ُّ هذه الترجمة أولاً في صحيفة "النجف" تحت عنوان : "كنوز الفرس" ، ثم كتب إليه صديق يبدي إعجابه بهذا المنشور، ويطلب مزيداً من الايضاح عنها ، فكتب يقول: "وبعد… فجواباً عن سؤال صديق عليّ عزيز فيما يتعلق بنشراتي المتوالية على صفحات "النجف" الأغرّ والمعنونة بـ" كنوز الفرس" وطلبه مزيد الإيضاح عنها.. بعد الشكر على عنايته بها وإعجابه فيها مما أعدّه مشجعاً لي على مواصلتها أقول : "لقد كان لوجودي في "طهران" عاصمة الفرس مدة صيف سنة 1343 و 1345 هجرية (1924 و1926 ميلادية) الفضل الأدبي الذي لا ينسى . فقد لطّفت أوضاع هذه المملكة الروحية ، وأذواقها النفسانية من روحي وذوقي بشكل واضح واستطاعت بما أوتيت من صفاء جو ، واعتدال مناخ ، وعذوبة هواء ، وجمال طبيعي ، التأثير في هذه الروح العراقية تأثيراً قرّبها من روح "حافظ" و"سعدي" و"الخيام" و"الفردوسي" و"النظامي" وبالأخير من روح "عارف" و"ايرج"، وعرفانهم لحد المشاركة في الذوق والفن والمشاطرة للعواطف والميول . "وبدافع الإعجاب بهذا الفضل، والاعتراف بهذا التأثير أقول: إن قصائد: ((على العراق العجمي )) و((على كرند )) و(( البادية في ايران)) و(( الطبيعة في فارس )) في الأولى ، و(( فارس الجميلة )) و((شمران العروس)) و(( يوم في دربند)) في الثانية هي أعز ّ ما ضمنته مذكرتي الشعرية ، وأنفس ما عرفته صفحاتها.. في هذه المقاطع ، وقليل من غيرها ، استطعت أن أعرف ما هو الشعر الطبيعي ، وكيف تثور النفس الشاعرة ، وتختلج الفكرة ، ويدبّ المعنى ، ويختلق النفس . "ولما كنتُ مدة بقائي هذين الصيفين هناك مضطراً إلى التحدث عن الأدب العراقي مع شذوذ من أدباء الفرس بصفتي أحد المتطفلين عليه ، وطبعاً كان يجرّ ذلك إلى التحدث عن الأدب الفارسي والمقابلة بينه وبين تريبه ونسيبه الأدب العربي ، فقد عدت وأنا أعتقد ، بالدليل والبرهان، أن أبواب الشعر الخالد من وحي والهام وقريحة ثرة هي مفتوحة في وجه الشعر الفارسي أكثر منها في وجه الشعر العربي ، ومعتقد أيضاً بوجوب انصراف الغيورين على الآداب العربية ، والمتطلبين التوسع والتجدد فيها ، والساعين لإنهاضها من كبوتها ، ولإنعاشها من انقباضها إلى تقريب هذه الروح الشرقية ، (( روح "طهران)) من الروح العربية عوضاً عن جلب ما لا يتناسب وإياه من روح "لندن" و"باريس" و"موسكو" و"روما" وجذبه بالحبال ، خصوصاً أن القرب بين قواميس اللغتين ، واندماج بعضهما في بعض ، ووجود العارفين بهما من كلا الطرفين أكثر من أي لسان آخر.. وتجانس الأمتين في كثير من الأخلاق والعادات ، كل ذلك وغيره مما يشجّع هذه الفكرة ويرغّب فيها . ( وإجابة لهذا الداعي ، وامتثالاً لهذا الواجب ، جرّبت قلمي في هذا العنوان( كنوز الفرس). (1).
ونخلص من هذا إلى أن :
1ـ للأدب الفارسي فضل لاينساه الشاعر عليه ، فقد لطف روحه وذوقه.
2- قصائده التي أنشدها في ايران هي أعزّ ما تضمنه ديوانه، ففيها عرف الشاعر ماهو الشعر الطبيعي ، وكيف تثور النفس الشاعرة ، وتختلج الفكرة ، ويدبّ المعنى ، ويختلق النفس .
3- يعتقد الشاعر بالدليل والبرهان أن النهضة الأدبية في الشعر العربي تتطلب تقريب روح طهران الشرقية الى الأدب العربي.
وهذه شهادة من شاعر العرب الأكبر في القرن العشرين بشأن السؤال الأول.

أما الشخصية الثانية : فلم أخترها من بين الكتاب المتّهمين في تدينهم والتزامهم ، بل هو شخصٌ – قد يختلف الناس في نهجه الحزبي والسياسي والتنظيري – لكنهم لايختلفون في تدينه والتزامه ، وأيضاً في قدرته الأدبية والنقدية ؛ إنه الناقد والأديب المصري المعروف "سيد قطب".
عند صدور "أغاني شيراز" للدكتور إبراهيم أمين الشواربي ، الذي يضم ترجمة منظومة ومنثورة لأشعار حافظ الشيرازي سارع ( سيد قطب ) لاقتناء الكتاب والتعليق عليه ، وأظن ظناً أن إقبال الأدباء والنقاد المصريين على ترجمة ديوان حافظ آنذاك ينطلق من شوق ٍ عميق ٍ لديهم إلى تراث الشرق لخصلتهم الشرقية العميقة ، ولسأمهم من كثرة ما طالعوه من ترجمات الأدب الأوربي التي لا تنسجم في كثير ٍ من نفحاتها مع روح الشرقيين .
وقد تحدث ( سيد قطب ) عن مشاعره مع أغاني حافظ بقوله : (( عشت أياماً جميلة مع (حافظ) أتاحها لي ولقراء العربية الدكتور إبراهيم أمين . لست أدري كيف أشكره ، فهذه الساعات الحلوة التي أتاحها لي لا تقدّر بثمن تكافئ من ينقلك من الأيام الثقيلة الصاخبة الكئيبة ، إلى جو ٍطليق ٍ هادئ ٍرفاف ٍ تشيع فيه الأنداء والأضواء ، وترفُّ فيه الأنسام والألفاظ ، ويستقبلك بالطلاقة والبشر والإيناس! لقد أخلدتُ – مع حافظ – إلى الغناء العذب بروح صادقة ، لا تكدرها شوائب الحياة ، ولا هموم العيش ، ولا أحقاد الناس ، ولا تفسدها كذلك غواشي القلق ، ولا هموم الفكر ، ولا الجدل الذهني العقيم . كأسٌ من الخمر ، ووجه جميل ، ورفاق مسعدون ، وطبيعة باسمة ، وعلى الدنيا السلام..! )) (( أي شيء أجمل من رفقة الأحباب ، والتمتع باللهو والرياض والربيع الجميل ؟ فأين الساقي ؟ قل له : ما هذا الانتظار الطويل ؟ واعتبر ما يتهيأ لك من طيب الوقت فرصة عزيزة وغنيمة كبيرة . فلا علم لأحد بما تكون عليه نهاية الأمور)) (2). ويشير "سيد" إلى أغاني شيراز وما فيها من عطاءٍ للعالم العربي ، ويركز على النقاط التالية :
ــ زيادة ثروة الأدب العربي ، وإثارة ألوان جديدة من التفكير وفنون من الشعور الخصب.
ــ زيادة رصيد الغناء في الشعر العربي .
ــ استرواح عطر الشرق البعيد وبساطته ومرحه ، وغيبيته وتصوفه .
ثروة وألوان جديدة :
يستشهد ( سيد ) بفقرة من مقدمة الدكتور طه حسين حيث يقول : ((… وهذه طرفة أخرى نفيسة رائعة ، يسعدني أن أطرف بها قراء العربية ! لأنها ستمتعهم من جهة ، ولأنها ستزيد ثروة الأدب العربي من جهة أخرى ، ولأنها بعد ذلك ستثير في نفوس الكثيرين منهم ألوانا من التفكير المنتج ، وفنوناً من الشعور الخصب ، ولعلها أن تفتح لبعض الشباب أبواباً في الحس والشعور والتفكير لم تفتح لهم من قبل)) (3). ويعلق على ذلك بقوله : (( وهذه نبوءة تصح من غير شك لو خُلّي بين الأدباء – الشبان خاصة – وهذه المجموعة من شعر حافظ . فإن قلّة النسخ المطبوعة منها ، وارتفاع ثمنها بالقياس إلى مقدرة هؤلاء الشبان ، قد يجعلان الانتفاع بها محدوداً في الوقت الذي يجب أن تكون في متناول الأيدي جميعاً)) .
حافظ والغناء في الشعر العربي :
يرى سيد أن "أغاني شيراز" ستعمل على تغذية الشعر العربي بالروح الغنائية بعدما غرق الشعر العربي الحديث في موجة فكرية، يقول: (( إن هذه الأغاني تجيء في وقتها المناسب – والشعر العربي يعاني أزمة يحتاج فيها إلى مثل هذا الزاد – فقد آن للشعر أن يكون غناء بحتاً ، بعدما طوّح بنفسه في مجالات لم تعد له ، أو لم يعد يبدو فيها بأجمل ألوانه.. طوّح بنفسه في مجال الفلسفة ، وفي لجج الفكر ، كما أخذ يطوّح بنفسه كذلك في مجال القصة والمسرحية وما إليها ، بعد أن رأى أنّ روح العصر لا تهش للقصة، ولا للمسرحية الشعرية))(4). ويرى أن سبب طغيان الموجة الفكرية في الشعر العربي المعاصر يعود إلى اهتمام الشعراء المعاصرين بمواجهة موجة الأسلوب اللفظي أو الإيقاعي التي اهتمت بالمحسنات البديعية الجوفاء والإيقاع الموسيقي الذي لا يتسم بالحياة ولا بالجدية. يقول: (( والموجة الفكرية الفلسفية في الشعر العربي الحديث ، كانت ضرورة في وقت من الأوقات ، لأنها كانت رد فعل طبيعي لموجة أخرى سبقتها . موجة الأسلوب اللفظي ، أو الأسلوب الإيقاعي . فكانت مهمة الموجة الجديدة أن تدخل القصد والمعنى إلى الأدب ، وأن تمد الشعر بروافد نفسية وفكرية حية ، لتنقذه من ذلك العبث بالمحسنات البديعية الجوفاء ، ومن الإيقاع الموسيقي الذي لا يحمل وراءه حياة ولا جداً. وقد استطاعت أن تحيي الشعر العربي وتجدد مجده ، وتزيد عليه متاعاً قيماً من صور الحالات النفسية الصادقة. عبرت عنها بدقة بالغة فأوجدت في الشعر العربي لوناً جديداً حقاً. ولكنها وقفت بالشعر الحديث حيث لا يجوز الوقوف ، قصّت من أجنحته المرفرفة. وغضّت من غنائيته المنغمة ، وأقلّت فيه من السبحات والومضات ، وجعلت عنصر الوعي الفكري بارزاً فيه )) (5). وما هي مهمة الشعر إذن ؟ يقول (( سيد قطب )) إن الشعر: (( يجب أن يكون تعبيراً عن لحظات الإشراق والتهويم ، ولحظات التوهج والانطلاق في النفس الإنسانية ، تلك اللحظات التي يستحيل فيها الشاعر روحاً أكثر ما تكون تجرداً ، أو حساً أشد ما يكون توهجاً . تلك اللحظات التي ينطلق فيها التعبير كأنما يكوّن نفسه - وإن كان الوعي يعمل فيه – وهي لحظاتٌ يعرف مثلها كل شاعر ملهم في حياته الطويلة. وما عداها من اللحظات والحالات فغير جدير بالشعر في اعتقادي ، أو أنه من الدرجة الثانية أو الثالثة في حياة الشاعر الفنية )) (6).
وعن دور ترجمة شعر حافظ في مواجهة الموجة الفكرية في الشعر العربي المعاصر يقول: (( و(أغاني شيراز) تأتي في حينها المناسب لتساعد على انحسار الموجة الفكرية عن الشعر الحديث. وقد لا تلبّي هذه الأغاني كل مطالب الشعر في هذه الفترة ، لأن الحس يغلب عليها والأشواق الروحية الخالصة تقلّ فيها – على الرغم من طابعها الصوفي – ولكنها على كل حال تزيد من رصيد الغناء في الشعر العربي زيادة لها قيمتها. وحسبها أنها تجعل الشعر غناء خالصاً لا تبهضه أثقال الفلسفة إلا حيث تعرض في سرعة وتختفي سريعاً ، ولا تبرده ثلوج الفكر – وإن كان فيها على ما سيجيء – لعب بالألفاظ والصور والمعاني ، ولكنه لعب لطيف حلوٌ لا يغض من حلاوة الغناء الطليق"(7).
استرواح عطر الشرق :
بعد انتشار موجة التقليد للآداب الغربية في الأدب العربي الحديث ، ظهر لدى كثير من دعاة "الأصالة" حنين إلى الروح الشرقية ، ووجد المرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام ضالته في الأدب الفارسي فاهتم به ، وألفت الأنظار إليه ، وتوالت الترجمات العربية للشعراء الإيرانيين تظهر للقارئ العربي ، ويتناولها الأدباء والمتأدبون بشوق كبير يدل على وحدة الجذور بين الأدبين العربي والفارسي ، ووحدة الروح بين العرب والإيرانيين . وفي هذا الشأن يقول "سيد" عن أغاني شيراز: (( ثم إن لها عندي مزية أخرى : فقارئ هذه الأغاني يستروح فيها عطر الشرق البعيد ، وبساطته ومرحه ، وغيبيته وتصوفه ، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى استرواح هذا كله، حين تغمرنا موجة العقلية الغربية، وهي موجة قوية طاغية، لا نجد لها في حاضرنا الروحي كفاء.
وفي أغاني حافظ، كما في رباعيات الخيام الفارسيين، وكذلك في أشعار تاجور الهندي – على بعد ما بينهم في الإحساس والاتجاه – ذلك الروح الشرقي العميق، الذي يستطيع اليوم أن يسعفنا، ويحفظ تراثنا الشعوري في وجه التيار. وهذا هو ما أعنيه باسترواح الشرق البعيد، فليس نموذجاً واحداً ما أريد، ولكنها نماذج شتى، تجمعها سمات أصيلة، تعبّر عن الموروث والمذخور في نفس الشرق من رصيد"(8).
خصائص شعر حافظ :
يستعرض ( سيد قطب ) بعض خصائص شعر حافظ ونلخّصها فيما يلي :
1ـ تكرار دون ملل :
في شعرحافظ أو غزلياته كما تسمى بالفارسية ظاهرةُ التكرار وظاهرة اللعب بالنكات اللفظية والتعبيرية التي تكثر في الديوان. وهذا التكرار مشهود في شعر البديعيين في اللغة العربية ، غير أنه هنا مملّ يبعث على السأم ، وهناك في شعر حافظ "لا يدعك تسأم أو تمل ، وهو يكرر ويكرر إلى غير نهاية أوصافُ طرّة الحبيب التي هي تارة شباكٌ لصيد المحبين ، أو سلسلة يأوي إليها العشاق راضين ، وتارة نافجةُ مسكٍ يفوحُ منها الطيب ، أو صولجان من العنبر يسحبه الحبيب على جبينه المشرق في وجهه الجميل.. إلى آخر هذا الحشد المكرور من التشبيهات"(9).
2ـ الجوّ الموحَّد :
حافظ في رأي "سيد" درويش "يخطرف" في حديثه ، ويلقي كلمة من هنا وكلمة من هناك حتى ليخيل إليك في بعض الأحيان أنه لا توجد في "الظاهر" رابطة بين الإشارات والإيماءات. غير أنها تربطها في "الباطن" رؤى درويش متصوف ، تطالعه من وراء "الغيب" فيرمز لها ولا يبين . أسلوب حافظ إذن غير مفكك (( فوراء هذه الإشارات والإيماءات جوّ موحّد تعيش فيه الغزلية الواحدة ، بل تعيش فيه الغزليات جميعاً ، ذلك هو جوّ "الشهود" في اصطلاح الصوفية )) (10). ويذكر "سيد" أمثلة من شعر حافظ ، ويرى فيها أنها جميعاً أصداءٌ لطيفةٌ لانفعالاتٍ شاردةٍ ، تتوالى على حسّ مرهف ، في "حضرة" الحبيب ، ويربطها جميعاً ذلك الرباط اللطيف الدقيق (أي رباط جوّ الشهود).
3ـ الراحة اللذيذة السالبة :
يرى (( سيد )) أن هناك تشابهاً بين شعر ( حافظ ) و( الخيام ) فكلاهما يستجليان السرّ الأعظم للكون ، هذا السرّ الذي أوصدت دونه الأبواب ، غير أن ( الخيام ) يدقّها دقّاً عنيفاً متواصلاً ، حتى كلّت يداه ، وأدركه الإعياء وغشاه الملال ، فجلس يُغرقُ أشجانَه في كأسٍ من الشراب ، ويتسلّى لحظة ريثما يعاودُ الدقَّ على الأبواب من جديد ، لكن ( حافظ ) يواجه الموقف في وداعة ٍ واستبشارٍ، لا ليغرق همّاً ولا ليسكت حيرة ، بل لينتشي ويثمل ويتملّى محاسن الحبيب . لقد يئس هو الآخر من استجلاء سرّ الغيب ، ولكن هذا لا يعنيه ، يطلب كأساً ليرى فيه وجه الحبيب ، فربما تفتحت له فيها أسرار الغيوب : "الآن ونسيم الجنة يهبّ من البستان ، إليّ بالخمرة المفرحة وبالحوراء التي قامتها كحور الجنان . ولم لا يفخر السائل المسكين بأنه أضحى اليوم سلطان الزمان ، وقد عقد له السحاب خيامه ، وبسطت له الحقول مائدة الخوان؟ وهذا الربيع الجميل يحكي لي حكايته الجميلة. فيقول : ليس عاقلاً من يفضّل النسيئة ويترك النقد . فعمّر قلبك بالشراب ، فلا همّ لهذه الدنيا الخربة إلا أن تحيل ترابنا إلى لبنات وآجرّات.." الخ.
لعلّ ماكتب "سيد" عن حافظ لا يحتاج الى تعليق فهو قد فهم بعمق مافي شعر "حافظ " من ثروة أدبية وفكرية ونفسية وتربوية.
إن دعوة ( الجواهري ) و (سيد قطب ) لعودة التفاعل بين الأدبين العربي والفارسي لها ما يشابهها عند الأدباء العرب في مختلف العصور، وفي عصر النهضة الحديث ، وهي دعوات آن الأوان أن نأخذها بمأخذ الجدّ ، ونحن نتطلع – بإذن الله – الى عودتنا الحضارية.
الهوامش :
1 - انظر ديوان الجواهري، ج 1 ، ط وزارة الاعلام العراقية، ومن المؤسف أن هذا النص حُذف من الطبعات التالية ، بسبب موجة التنافر القومي التي شاعت زمناً في العالم الاسلامي، ومعها طبعاً موجة التنافر الطائفي.
2 - كتب وشخصيات/ 68.
3 - مقدمة ديوان حافظ، ترجمة إبراهيم الشواربي.
4 - كتب وشخصيات / 69.
5 - كتب وشخصيات / 70.
6 - نفس المصدر.
7 - كتب وشخصيات/ 71.
8 - نفس المصدر السابق.
9 - نفس المصدر / 72.
10 - كتب وشخصيات / 77.

زهره بورشبان
14/01/2010, 09:30 AM
ز شعر دلكش حافظ كسى بود آگاه
كه لطف طبع و سخن گفتن درى داند


إلى الأستاذ سعيد عبد الرحمن
تحياتي إليك

و إلى إخوتي و إخواني
روابط من ديوان حافظ الشيرازي

أرجو لكم جميعا الاستمتاع بكنوزها
........................................



بالعربية



http://search.4shared.com/network/search.jsp?sortType=1&sortOrder=1&sortmode=1&searchName=%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8+%D8%A7%D9%84%D 8%B4%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A&searchmode=2&searchName=%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8+%D8%A7%D9%84%D 8%B4%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A&searchDescription=&searchExtention=&sizeCriteria=atleast&sizevalue=10&start=0



بالفارسية


http://tarmoo.activebb.net/forum-f53/topic-t1605.htm
http://www.aryabooks.org/article123.html
http://www.farsiebook.com/ebook/1202.htm
http://www.farsiebook.com/ebook/379.htm

قصائد صوتية

http://ketabkhaneyegooya.blogspot.com/2005/10/blog-post_26.html

للجوال


http://www.farsiebook.com/ebook/7384.htm
http://www.farsiebook.com/ebook/9334.htm

exe :


http://www.farsiebook.com/ebook/6052.htm
http://www.persiangig.com/pages/download/?dl=http://adabeyatir.persiangig.com/Adabeyat/hafez_setup.exe

سمير عبد الله
14/01/2010, 10:26 AM
شكرا لكما فقد أثريتما الموضوع وفقكم الله

د.محمد فتحي الحريري
14/01/2010, 03:07 PM
اخي الدكتور سعيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم على الحث الجميل الجديد النافع فقد حدثتنا عن جانب مهم في حياة الشهيد سيد قطب ، الجانب الابداعي الادبي ورغم بون المسافة فكريا وحضاريا بينه وبين طه حسين الا ان هناك قَدرا مشتركا ، صاغته اناقة الادب ان جاز لي الاسم !
اكرر الشكر والتجلة مولاي والله يحفظكم ...

سعيد عبد الرحمن
14/01/2010, 06:44 PM
اشكرك اخي الدكتور محمد فتحي الحريري وتقبل تحياتي .

سعيد عبد الرحمن
14/01/2010, 06:50 PM
الى الاستاذة الفاضلة زهرة بورشبان والاستاذ الفاضل سمير عبد الله : شكرا لكما وبارك الله فيكما .

نسرين اسامه
15/01/2010, 04:07 AM
شكرا لك على ذلك الموضع المميز

رشيد يلوح
20/01/2010, 09:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله
نحن في حاجة للسير في اتجاه تقريب المسافة بين الضفتين العربية والفارسية..بذل السابقون جهودا قيمة في هذا الاتجاه..نرجو العلي القدير أن يمد الصادقين بالعون والثبات لتكريس ثقافة الجمع والحب والسلام ..