المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة تاريخية ..



شذى غضية
28/02/2010, 09:56 PM
هذه القصة التاريخية قمت بسردها بطريقتي ..

القابض على دينه كالقابض على الجمر

كان سعيد بن جبير من أفاضل التابعين المؤمنين الثابتين على ايمانهم , القابضين على دينهم بثبات و رسوخ , وكان من انصار الحق , لا يقبل الخضوع لغير الله , كما انه ايضا من الذين نهلوا من علوم الشريعة حتى استفاض منه فأصبح إماما ومعلما لآهل مدينته , لكن رضوان الله عليه استشف من هذه الحياة جرعات من بطش الحجاج , فشاء له القدر ان يبتلى به ليكون الحجاج واليا على دار اقامته
( العراق و بلاد ما بين النهر ) .

كان الحجاج رجلا فظا غليظ القلب , يستبيح دماء الناس دون وجه حق , فقتل عبد الله بن زبير , و اخضع العراق للأمويين , حتى انه اشاع الرعب بين الناس .
و قد وقع عراك بين الحجاج و بين عبد الرحمن بن الاشعث و تحول صدامهما الى معمعة طاحنة انتصر فيها عبد الرحمن بن الاشعث انتصارا ساحقا , فاستولى على اثرها على بلاد ما وراء النهر , و اقبل الى الكوفة و البصرة بغية انتزاعها من واليها.

رأى سعيد بن جبير في الحجاج رجلا فاسدا فانضم الى جيش منافسيه , ودارت رحى حرب هائلة و بدت بشائر النصر واضحة لأنصار الحق , لكن مالت كفة الحجاج و انتصر على عبد الرحمن بن الاشعث , وأُخضعت جيوش ابن الاشعث للحجاج وعلى اثر ذلك امر الحجاج الجنود ان يبايعوه مجددا واليا على العراق .
فكانت النتيجة ان اكثرهم بايع الحجاج خوف على انفسهم من بطشه , اما الذين ذروا انفسهم للجهاد و القضاء على الباطل فقد تواروا عن جند الحجاج و اتباعه ومن بينهم سعيد بن جبير .

وبدأ الحجاج سمع البيعة من افواه الجنود فيقول احدهم : اتشهد على نفسك بأنك كفرت بنقض بيعتك لأمير المؤمنين ؟
ولكن كثيرا ما اعترض من الجنود على رميهم بالكفر بنقضهم البيعة فكان الثمن انفسهم .

وصلت اخبار هذه المجزرة التي قتل فيها الآف المؤمنين الى سعيد بن جبير فبدأ يتملكه شعور انه لا محالة بأن يمثل امام الحجاج يوما ما في ظروف كهذه , فعمل سعيد بن جبير بالأسباب و أخذ بقوله تعالى :" ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة ". و توارى عن الانظار و لجأ بعيدا الى قرية منعزلة و بقي على هذه الحال ما يقرب
العشر سنوات , حتى ذهب عن ذهن الحجاج ما حدث في الماضي , لكن لم يمض هذا الحال الميسور طويلا حيث عُلم مكان سعد بن جبير على يد احد اتباع الحجاج , فأرسل اليه الحجاج قائدا من اهل الشام و معة عشرون رجلا , فما لبثوا ان وصلوا الى مكان سعيد بن جبير حتى وجدوه ساجدا يناجي بأعلى صوته , فألقوا السلام عليه , فرفع رأسه وأتم صلاته ثم رد عليهم السلام , و دعوه الى الإستعداد للرحيل الى الحجاج , فتلقى هذا الخبر هادئ النفس مطمئن القلب , ميقنا الشهادة بإذن الله , وعند خروجه بصحبتهم فإذا بإحدى بناته تنحب باكيةً عليه , فقال لها : يا بنيه , قولي لأمك ان موعدنا الجنة ان شاء الله .
وصل سعيد وأتباع الحجاج الى المكان المزعوم
فقال الحجاج : ما اسمك
قال : سعيد بن جبير
قال له الحجاج متهكما : تقصد شقي بن كسير
قال سعيد : كانت امي اعلم باسمي منك
قال الحجاج : شقيت انت و شقيت امك
قال : الغيب يعلمه غيرك
انتقل الحجاج الى موضوع آخر قائلا : ما قولك في محمد ؟
رد عليه بثقة كاملة : نبي الرحمة امام الهدى عليه الصلاة والسلام , سيد ولد آدم النبي المصطفى
ما لبت سعيد ان انهى اجابته حتى اتبعة الحجاج بسؤال آخر : فما قولك في الجنة هو او في النار؟
قال بملء فمه : لو دخلتها فرأيت اهلها عرفت ما فيها
تنهد الحجاج و عدّل من جلسته قائلا : فما تقول في ابي بكر ؟
فقال : هو الصّديق خليفة رسولنا , ذهب حميداً و عاش سعيداً و مضى على منهاج النبي عليه السلام لم يغير ولم يبدل
ثم سأله الحجاج عن عمر و عثمان و ابن جبير يجيب بثقة العالم الجليل
نزل الملك عن عرشة و راح يمشي في الغرفة ذهاباً و اياباً , و بعد صمت , قال لسعيد : فما تقول فيّ ؟
قال : انت اعلم بنفسك
قال مغتاظا : بل اريد علمك انت
قال : يحزنك ولا يسرك
ابتسم الحجاج قائلا : حسنا فلنسمع منك
قال : اني لأعلم انك مخالف كتاب الله تعالى تفعل الشيء تريد به الهيبة و هي تدفعك الى النار دفعا
نظر الحجاج الى سعيد متفحم الوجة متجمر العينيين و قال : اختر لنفسك اي قتلة تريد ان اقتلك
قال بإيمان قوي : اختر لنفسك يا حجاج فو الله ما تقتلني قتلة الا قتلك الله مثلها في الآخرة
قال : اتريد ان اعفو عنك ؟
قال : ان كان العفو فمن الله , و اما انت فلا براءة لك ولا عذر
عاد الحجاج الى عرشه و أمر اعوانه بقتل سعيد , فخرج سعيد ضاحكا
فقال له الحجاج : ما اضحكك ؟
فأجاب : عجبت من جراءتك على الله وحلم الله عنك
فقال الحجاج مجلجلا : اقتلوه
قال سعيد مناجيا ربه : " وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الارض حنيفا مسلما و ما انا من المشركين
قال الحجاج : وجهه لغير القبلة
قال : فأينما تولوا فثم وجه الله
قال : كبوه على وجهه
قال: منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة اخرى
فصاح قائلا : اذبحوه
نطق سعيد بن جبير الشهادتين ثم دعا " اللهم لا تسلطه على احد يقتله بعدي " , ما لبث ان نطق آخر كلمة فإذا بعنقة تسقط ارضا .
و بعد وفاة سعيد تحولت حياة الحجاج من نعيم الى جحيم , فلم يعرف طعم النوم فابن جبير في احلامه دائما حتى اصبح الحجاج يكلم نفسه قائلا :ما لي و لسعيد بن جبير !
و لم يمض على مصرع سعيد خمسة عشر ليله حتى اصاب الحجاج الحمى و لقي مصرعة .

رحم الله سعيد بن جبير فقد كان رجلاً راسخ الايمان قويّة

* شذى غضية *

د.محمد فتحي الحريري
28/02/2010, 10:04 PM
* شذى غضية *
بخير وود وتقديـــــــــــــــــــــــــر
قصة جميلة مشهورة تاريخيا صيغت باسلوب جديد ، فكانت ابداعأ جديدا
بوركتِ ايتها المبدعــة وأحييكِ بقوة
وفقكم الله ...

شذى غضية
28/02/2010, 10:51 PM
* شذى غضية *
بخير وود وتقديـــــــــــــــــــــــــر
قصة جميلة مشهورة تاريخيا صيغت باسلوب جديد ، فكانت ابداعأ جديدا
بوركتِ ايتها المبدعــة وأحييكِ بقوة
وفقكم الله ...

اشكرك استاذي الغالي ..
هل يحق لي أن أفخر
أو أفتخر .؟
نعم ابتداء و كـلا اقتداء ..
أم كليهما وكيفما أتـفق ..


ومـا مـنـْا ومنكم إلى غصن
من التي أصلها
ثابت وفرعها في السماء

مودتي ..

معروف محمد آل جلول
01/03/2010, 12:40 AM
بوركت ابنتي ..شذى ..
في إعادة صياغة هذه السيرة العطرة لرجل اعترف له التاريخ الإسلامي بالأفضلية ..
والثّبات على الحقّ ..
وبمثله فلنقتدي..
واتّضحت العبرة من الحادثة جلية ..
طاغية يحاسب بفعله ..والجزاء من جنس العمل..
عابد صابر..يجاهد نفسه في الاستقامة على سيرة حبيبنا المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
بالغ تقديري..
سأعود..

محمد خلف الرشدان
01/03/2010, 01:34 AM
الحجاج بن يوسف الثقفي حاكم ظالم غاشم ارتكب الفظائع وقتل من المسلمين أعداد كبيرة لا تحصى ولا تعد وكان يقتل على الظنة ، وهو فظ غليظ القلب سفاح ، مجرم لا يرعوي ، بطش بالمسلمين بلا رحمة وانسانية ، كل ذلك لينال الحظوة عند من نصبوه ، أفعاله تدل على اجرامه فقد كان لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، فاسق أرعن عندما دعى للطواف حول قصر أمير المؤمنين بدلاً من الطواف حول الكعبة المشرفة وكان يقول تطوفون برمة ويقصد الرسول ص ولا تطوفون بقصر أمير المؤمنين ، قصف الكعبة بالمنجنيق ودمرها وأشعل النار بها وكان هو يتولى الرمي عليها ، تاريخه يجلب الهم والحزن ، بعد موته وجد في سجونه عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء وتعدى ذلك لسجن آلاف النساء ، ماذا نقول والقول به كثير ، انه سيئة من سيئات عبد الملك بن مروان الذي أطبق القرآن الكريم عندما تبلغ بالخلافة وقال هذا فراق بيني وبينك ، والذي قال من قال لي اتق الله علوت رأسه بهذا السيف ، ومنهم من وضع القرآن الكريم هدفاً للرماية ، ومنهم من مزق القرآن الكريم وقال مخاطباً ربه كفراً وجحوداً أتهددني بكل جبار عنيد . رحم الله العالم الفقيه المجاهد الجريئ سعيد بن جبير فقد قتل ظلماً وزوراً وبهتانا ، فقد لفه بحصير وتم دحرجته حتى قتل ، هكذا هم حكام السوء والبطش في كل زمان ومكان ، وهكذا هم العلماء المخلصون المؤمنون بربهم وبرسالتهم سلام الله عليهم .

آمنة أورباي
01/03/2010, 01:55 AM
أحسنت الاختيار و الصياغة يا شذى و أنا في انتظار المزيد من عندك, فلا تبخلي ...
بارك اللّه فيك
و السلام

شذى غضية
04/03/2010, 07:26 PM
بوركت ابنتي ..شذى ..
في إعادة صياغة هذه السيرة العطرة لرجل اعترف له التاريخ الإسلامي بالأفضلية ..
والثّبات على الحقّ ..
وبمثله فلنقتدي..
واتّضحت العبرة من الحادثة جلية ..
طاغية يحاسب بفعله ..والجزاء من جنس العمل..
عابد صابر..يجاهد نفسه في الاستقامة على سيرة حبيبنا المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
بالغ تقديري..
سأعود..

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
اشكرك استاذي على هذا الرد الجميع ..
انتظر عودتك ..
مودتي ..

شذى غضية
04/03/2010, 07:28 PM
الحجاج بن يوسف الثقفي حاكم ظالم غاشم ارتكب الفظائع وقتل من المسلمين أعداد كبيرة لا تحصى ولا تعد وكان يقتل على الظنة ، وهو فظ غليظ القلب سفاح ، مجرم لا يرعوي ، بطش بالمسلمين بلا رحمة وانسانية ، كل ذلك لينال الحظوة عند من نصبوه ، أفعاله تدل على اجرامه فقد كان لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، فاسق أرعن عندما دعى للطواف حول قصر أمير المؤمنين بدلاً من الطواف حول الكعبة المشرفة وكان يقول تطوفون برمة ويقصد الرسول ص ولا تطوفون بقصر أمير المؤمنين ، قصف الكعبة بالمنجنيق ودمرها وأشعل النار بها وكان هو يتولى الرمي عليها ، تاريخه يجلب الهم والحزن ، بعد موته وجد في سجونه عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء وتعدى ذلك لسجن آلاف النساء ، ماذا نقول والقول به كثير ، انه سيئة من سيئات عبد الملك بن مروان الذي أطبق القرآن الكريم عندما تبلغ بالخلافة وقال هذا فراق بيني وبينك ، والذي قال من قال لي اتق الله علوت رأسه بهذا السيف ، ومنهم من وضع القرآن الكريم هدفاً للرماية ، ومنهم من مزق القرآن الكريم وقال مخاطباً ربه كفراً وجحوداً أتهددني بكل جبار عنيد . رحم الله العالم الفقيه المجاهد الجريئ سعيد بن جبير فقد قتل ظلماً وزوراً وبهتانا ، فقد لفه بحصير وتم دحرجته حتى قتل ، هكذا هم حكام السوء والبطش في كل زمان ومكان ، وهكذا هم العلماء المخلصون المؤمنون بربهم وبرسالتهم سلام الله عليهم .


استاذي الفاضل محمد خلف الرشدان ..
اشكرك لك هذه الاضافة العطرة ..
احترامي ..

غريب رضا
04/03/2010, 07:36 PM
بارك الله فيك أختي الفاضلة

أسال الله أن يخلص الأمة الإسلامية من أبناء الحجاج في عصرنا!!

شذى غضية
04/03/2010, 07:41 PM
أحسنت الاختيار و الصياغة يا شذى و أنا في انتظار المزيد من عندك, فلا تبخلي ...
بارك اللّه فيك
و السلام

عزيزتي آمنة ..
اشكرك على اضافة لمسة جميلة على صفحتي ..
تقبلي كل ود واحترام ..

شذى غضية
05/03/2010, 02:17 PM
بارك الله فيك أختي الفاضلة

أسال الله أن يخلص الأمة الإسلامية من أبناء الحجاج في عصرنا!!


آمين يا رب ..
استاذي الغالي ..
اشكرك على جمال ردك ..
تحيتي لشخصك الكريم ..