المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية خلايا النحل الإسرائيلية



محمد بن سعيد الفطيسي
19/03/2010, 06:43 PM
( نود أن نؤكد بان الحكومة الإسرائيلية ستستمر في تقوية المستوطنات اليهودية وبنائها على طول خطوط المواجهة ) – هكذا تحدث اسحق رابين , رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي الأسبق 0
ومنذ احتلال الأراضي الفلسطينية العربية في العام 1967م , وحكومة المستعمرة الإسرائيلية الكبرى تقوم بخطوات متسارعة لبناء المستوطنات الصغيرة في جل الأراضي العربية الفلسطينية المغتصبة , وتحت أسماء وذرائع وأعذار واهية لا حصر لها , كالمبررات الأمنية والسياسية والديموغرافية وغيرها , مع أن ذلك ليس أكثر من مجرد لعبة صهيونية قديمة متجددة يقصد من وراءها التوسع والاحتلال والاستيطان لا أكثر , فيما يعرف في الجغرافيا السياسية بمصطلح أو نظرية خلايا النحل , ولا نتصور شخصيا أن لها ما يبررها بالنسبة للصهاينة , سوى أنها عقبة لا يمكن تجاوزها في وجه إقامة دولة فلسطينية مستقلة , ومحاولة لترسيخ نظام يقوم على السلب والتمييز والفصل العنصري 0
وبالرغم من أن بناء هذه المغتصبات يعتبر خرقا للقانون الدولي وتحديدا الفقرة رقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة ، ويظهر ذلك على وجه الخصوص بتبني مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 448 في مارس 1979 م , والذي اعتبرها غير قانونية وشرعية , واتفاقية جنيف المبرمة في 12 / أغسطس / 1949 م في مادتها التاسعة والتي تقول : انه لا يجوز لسلطة الاحتلال نقل جزء من سكانها المدنيين الأصليين إلى الأراضي التي تحتلها 0
وبالتالي فان بناء هذه المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ونقل الصهاينة الإسرائيليين إليها يعد جريمة دولية واضحة , كان من المفترض على مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والدول التي تدعى الحرية والعدالة وتبني حقوق الإنسان الوقوف بقوة وصرامة في وجهها , لا مجاملة الحكومة الصهيونية والتستر على جرائمها على حساب الشعب العربي الفلسطيني الأعزل , والاكتفاء بمجرد التعليقات الخجولة والمخزية0
والحقيقة إن إسرائيل بالرغم من كل تلك المناشدات الدولية المستمرة لها للتوقف عن بناء هذه المستوطنات والمستعمرات التي تعد انتهاكا لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية , إلا أن حكومة هذه المستعمرة الكبرى لم تعر أي اهتمام بكل تلك الأصوات الدولية والأممية المبحوحة , واستمرت في بناء المزيد منها على كل رقعة ارض فلسطينية داست أقدامها القذرة عليها , وآخرها ما كشفه وزير شئون القدس السابق حاتم عبد القادر يوم الخميس الموافق 11 / 2 /2010 م , من أن الكيان الصهيوني قد شرع في بناء مستوطنة جديدة في القدس المحتلة في "معاليه هزيتيم" , والتي تبعد بدورها مسافة قصيرة عن المسجد الأقصى المبارك 0
ونقلت وسائل الإعلام الفلسطينية عن المسئول الفلسطيني قوله أن هذا المشروع يؤكد استمرار الكيان الصهيوني في مشاريعه الاستيطانية في هذه المدينة وقريبا من المسجد الاقصي المبارك ، موضحا أن الحي الاستيطاني الجديد يقع في قلب الأحياء العربية الفلسطينية في المدينة التي تريد سلطات الاحتلال الصهيوني أن تخلق من خلالها واقعا يجعل من الصعب مستقبلا إعادة القدس إلى السيادة الفلسطينية 0
والغريب في الأمر بان المحكمة الإسرائيلية العليا قد قضت في حكم صادر لها في العام 1979م بان الاستيلاء على ارض فلسطينية لكي تصبح موقعا لمستوطنة يهودية ليس له ما يبرره من الناحية الأمنية أو غيرها من المبررات , وهو ما يعني أن المستوطنات لا تشكل قيمة أمنية كافية لتبرير مصادرة الأراضي الفلسطينية بسببها كما يتعذر البعض من الصهاينة الاستعماريين اليوم , وقد استند قرار المحكمة في ذلك الوقت إلى العديد من الأدلة والبراهين , على رأسها شهادة قدمها إلى المحكمة رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية سابقا حاييم بارليف 0
يقول حاييم بارليف ( ليس في المستوطنات اليهودية في المناطق المأهولة من يهودا والسامرة ما يساهم بأي شكل من الأشكال في مجرى الأمن الإسرائيلي , بل على العكس من ذلك , فإنها تعيق الأمن , وأي محاولة تنسب فيها دوافع الأمن إلى هؤلاء المستوطنين هي محاولة مظللة ومشوهة , إن هذه المستوطنات تقوض دعائم الأمن ) , - انظر في هذا السياق كتاب الخداع لبول فندلي عضو الكونجرس الأميركي السابق , ص 209 - وبالطبع ليس حاييم بارليف وحده من يتبنى هذا الاتجاه , بل هناك الكثيرون في إسرائيل من القيادات الأمنية والسياسية والعسكرية من يؤكد وجهة النظر سالفة الذكر 0
وهو ما يؤكد وجهة النظر القائلة بان تبني إسرائيل لخيار بناء المستوطنات والتوسع بها هو تأكيد على أن هذه المستعمرة لا ترجو السلام مع العرب بشكل عام ولا مع الفلسطينيين على وجه الخصوص , بل تسير في مسار توسعي استيطاني يعارض خيار قيام دولة فلسطينية عربية تتمتع بحكم ذاتي , كما يجعل إرساء السلام مستقبلا أمرا مستحيلا مع استمرار الاحتلال والتوسع والاستيطان وبناء المغتصبات 0