المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النظام الدولي الرسمي فقد أهليته، والمجتمع المدني مطالب بأخذ زمام المبادرة



أحمد أبورتيمة
11/06/2010, 06:11 PM
لم تكن الجريمة الصهيونية البشعة ضد نشطاء السلام على متن أسطول الحرية في المياه الدولية سوى فرصةً إضافيةً أتاحت لنا إدراك مدى لا أخلاقية السياسة وعدم تقديرها لقيم العدالة وحقوق الإنسان إلا بالقدر الذي يلبي مصالحها وأطماعها..
فهذه الجريمة رغم شدة وضوحها وتبين المجرم فيها إلا أنها لم تكن كافيةً لاستفزاز ما يسمى المجتمع الدولي لمعاقبة المجرم فيها، ولم تكن كافيةً على الأقل لتنبه هذا المجتمع الدولي لجريمة حصار مليون ونصف مليون إنسان منذ ثلاث سنين، ودفعه لرفع الحصار عنهم..
كل ما شاهدناه من ردود فعل هي محاولة لامتصاص غضب الشعوب وتقديم مقترحات تضليلية ظاهرها تخفيف الحصار وباطنها استمراره وشرعنته..
رغم ألمنا للدماء التي امتزجت بمياه البحر إلا أننا أملنا بأن هذه الدماء لن تضيع هباءً وستثمر تحقيق الهدف الذي قتل النشطاء من أجله وهو كسر الحصار..
إلا أنه سرعان ما خاب أملنا وصدمنا بحجم البلادة وقسوة القلب من قبل السياسيين..
مهما سيق من مبررات لإبقاء الحصار أو الاكتفاء بتخفيفه فهي مبررات واهية لا يقرها شرع ولا عرف ولا قانون.فمهما كانت خلافات الدول والحركات السياسية فإن هذا لا يبرر معاقبة المدنيين كوسيلة للضغط على جماعة سياسية..
لكن العنصر الإيجابي في كل هذه التطورات هو بروز دور المنظمات الشعبية ومدى قدرتها على التأثير في المعادلة السياسية..
إن كل هذه العواصف التي أعقبت المجزرة لم تكن لتحدث لولا مبادرة مجموعة من المنظمات الشعبية لتسيير قوافل لكسر الحصار عن غزة..
وهذا يؤشر على إمكانية قيام هذه التجمعات الشعبية بدور مؤثر على القرارات السياسية للدول والمنظمات الرسمية..
إن تفعيل دور منظمات المجتمع المدني هو ضرورة لإحقاق الحق والعدالة, وذلك لأن هذه التجمعات الشعبية هي أكثر صدقاً في التعبير عن ضمير الشعوب، وأكثر تحرراً من الحسابات والتعقيدات السياسية.
النظام الدولي الرسمي لا يؤمن إلا بلغة المصالح، وهو لن يطبق العدالة إلا إلجاءً حين يدرك أن تطبيقها مصلحة له..
وهنا يأتي دور المنظمات الشعبية في ممارسة مزيد من الضغوط الشعبية لدفعه لتطبيق العدالة..
من السذاجة أن ننتظر عطف السياسيين أو نحاول استرقاق قلوبهم فالسياسة خالية من العواطف ولا قلب لها وهي لا تعرف لغة الاستجداء، ويجب تشكيل قوة ضغط شعبية هائلة على السياسيين لدفعهم للانصياع للعدالة..
إن الدور منوط بكم أنتم الآن على اختلاف مواقعكم لأخذ زمام المبادرة والمساهمة بكل الوسائل السلمية في تشكيل تيار شعبي ضاغط للتأثير في القرار السياسي.
في هذا السياق فإن مؤتمر لبنان الأخير لمؤسسات المجتمع المدني والذي خلص إلى ضرورة تكثيف إرسال القوافل الهادفة إلى كسر حصارغزة هو مؤشر على إدراك المجتمع المدني لمدى قوة الدور الذي يستطيع القيام به..
إننا نرقب ذلك اليوم الذي تأخذ فيه المنظمات المدنية زمام المبادرة بشكل كامل، وتكون لها الكلمة الفصل في قضايا الشعوب لأنها الأصدق تعبيراً عنها..
وحينها نكون قد تقدمنا خطوات نحو إقامة العدل في الأرض..