المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جسور قسنطينة من هنا تنتهي الحياة..!



علجية عيش
22/07/2010, 03:13 PM
"نجمة داوود" الوجه الخفي لسيرتا العريقة

مدينة "الجسور المعلقة" نقطة للثبات و أخرى للتحوّل




في قسنطينة أشياء جميلة جـِدًّا و مُشَرِّفـَةٌ جدًّا ، و في قسنطينة أشياء مشوهة جدا جدا.. كل من يزور مدينة الصخر العتيق تحاصره جسورها السبعة، و بين الجسر و الآخر يقف الزائر عند لوحة ديالكتيكية يحتضر فيها عالم بكامله و يتهيأ للولادة آخر، كما يلتحم فيها الاغتراب و الهوية ، فلا فرق بين جسر و آخر إلا بالموقع فهذا هو ذاك و ذاك هذا طالما يتقاسمان صراعا واحدا هو ثنائية الذات و الآخر



نبذة تاريخية عن مدينة الصخر العتيق



تقع مدينة قسنطينة فلكيا على خط 36.23 شمالا و خط 7.35 شرقا، و تتوسط إقليم شرق الجزائر حيث تبعد ب|ت: 245 كلم عن الحدود الشرقية الجزائرية التونسية، و حوالي 431 كلم عن الجزائر العاصمة غربا، هذه المدينة التي أطلقت عليها أسماء عديدة: ( مدينة الصخر العتيق، مدينة الهوى، و مدينة العلم و العلماء وأم الحضارات) م زاد من أهميتها موقعها حيث أنها تتربع فوق الصخر العتيق على جانبي وادي الرمال، تحفها الانحدارات من كل جهة، و تبلغ مساحتها حوالي 2300 كلم مربع، كما تعرف بمناخ بارد شتاءً و حارًا صيفًا..

و نشأة مدينة قسنطينة يعود إلى الفترة ما بين القرن الرابع و القرن الثالث قبل الميلاد، و حسب المؤرخين و منهم محمد المهدي بن الشنب فقد كانت المدينة موجودة منذ القرن العاشر قبل الميلاد أي على زمن يعود قبل إبراهيم الخليل عليه السلام، قال عنها الرحالة الإدريسي المتوفي سنة 5902 هجرية من القرن الثاني عشر للميلاد و صاحب كتاب " نزهة المشتاق في افتراق الآفاق" أنها من أحصن بلاد الله، حيث تعاقبتن عليها عدة حضارات في عهود تاريخية مختلفة ابتداءً من العهد النوميدي، الروماني ثم البيزنطي، لتصبح قسنطينة ولاية إسلامية بعد سبعين سنة من محاولات الفتح العربي الإسلامي لمنطقة بلاد المغرب، و ظلت قسنطينة محافظة على إسلامها منذ عهد أبي مهاجر دينار ( 55 هـ - 675 م ) ، كما كانت تابعة إداريا و سياسيا للقيروان عاصمة المغرب الإسلامي، بعدما قدم العثمانيون للمدينة عام 1517م و كان لتواجدهم الأثر الهام في تطورها إلى أن أصبحت عاصمة لبايلك الشرق، حكمها أكثر من 40 بايا..


"كيرطن" هو الاسم القديم لمدينة قسنطينة


اختلفت الكتابات التاريخية في أصل تسمية قسنطينة، بعضهم من يرجع التسمية نسبة إلى قسطنطين، هذا الأخير كانت له أخت بهذا الاسم فسمى المدينة على اسمها، و الاسم مركب من كلمتين: " قصر طينة " و مع التطور الزمني تحولت الكلمتين و امتزجتا لتصير بحكم النطق المتغير قسنطينة بتبديل الصاد سينًا و الرّاء نونًا،أعاد بناءها قسطنطين الأكبر ( 274م – 337م) بعد أن خربتها الثورات البربرية على عهد الملك الغاضب دومنتيوس الروماني حوالي 308 م، و ما يزال تمثاله شاهدا عليه إلى اليوم بمحطة السكك الحديدية..

و للوقوف على الحقيقة التقت "المثقف" بالمجاهد و الدكتور محمد الصغير غانم أستاذ التعليم العالي بجامعة منتوري و باحث مختص في التاريخ القديم ، يؤكد الدكتور غانم أن الاسم القديم لمدينة قسنطينة هو " كيرطن" كتبت بالبونية الجديدة و هي تعني القلعة الحصينة التي بنيت على قمة الصخر العتيق، و هذا ما يدل على أن التسمية كانت في فترة المملكة النوميدية، موضحا أن النوميديين هم الذين استعملوا الكتابتين البونية و البونية الجديدة من حيث شكل الحروف ( الباليوغرافية)، و حسب الدكتور محمد الصغير غانم ، فإنه يقال أن " بونة " كانت ملكة أو آلهة و هي بمعنى ابن منظور مشتقة من اللبن و هي تعني العطش، و قد شهدت المنطقة العطشى من تونس إلى مصر جفافا كبيرا و لهذا كان الصراع الليبي المصري قائم طيلة هذه القرون من أجل الماء..

كانت " كيرطن" أول تسمية لعاصمة المملكة النوميدية الموحدة في فترة الملكين سيفاكس و ماسينيسا ، الذي يوجد ضريحه بالمدينة الجديدة ماسينيسا و التي تبعد عن الولاية الأم قسنطينة بحوالي 25 كيلومتر،، و يؤكد الباحث و المؤرخ محمد الصغير غانم أن المملكة النوميدية هي أول دولة جزائرية، كانت تمتد من نهر المَلـُّوشَة malloucha ( المعروف بنهر الملوية حاليا) ، حتى خليج السرب الليبية، فيما عدا أملاك الدولة القرطاجية في شمال تونس الحالية، و من الكلمات البونية يذكر محدثنا عبارة " شَرَمْ بـَطـَمْ " ، و تعني كلمة "شرم" البستان، و "بطم" ثمر يعرف اليوم بالزيتون ، و كانت أشجار الزيتون موجودة بكثرة على حافتي وادي الرمال، و هو الاسم الذي يحمله اليوم شارع بيدي لويزة المعروف بـ: "جنان الزيتون" "، ويستطرد الباحث محمد الصغير غانم حديثه بذكر حضارة البونسيـّين، الذين كان لهم معبد يسمى معبد الحـُفـْرَة، يقع بساحة الأمم المتحدة (الفج) باتجاه جنان الزيتون، في هذا المعبد يقول الدكتور غانم كان ما لا يقل عن 900 حجر منقوشة، فيها نصوص تعود إلى الملوك النومديين، و قمتا فرنسا بالإستلاء على 241 حجرة و هي في متحفها إلى اليوم..




الجسور المعلقة صراع بين التواصل و الانفصال


لم تكن قسنطينة لتحمل لقب مدينة الجسور المعلقة لولا طبيعة تضاريسها الوعرة، و أخدود وادي الرمال العميق الذي يشقها، أقيمت عليها سبعة جسور لتسهل عليها حركة النقل، فاشتهرت بعد ذلك بهذا الاسم و من هذه الجسور المشهورة نجد:

- جسر باب القنطرة : ثنائي الاتجاه يستعمل للراجلين و المركبات ، و يعتبر أقدم جسر في المدينة بناه صالح باي سنة 1792م على أنقاض الجسر الروماني الذي هدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليا و ذلك سنة 1863م و بعد قرن من بناء الجسر و مع حلول 1952م استفاد الجسر على عملية توسيع عرضيا بعد أن تعرض جزء منه إلى السقوط، علما أن جسر باب القنطرة يمتد على مسافة 90 متر طولا، و 11 متر عرضا و يربط بين محطة السكك الحديدية و شارع العربي بن مهيدي و يقود إلى جسر سيدي مسيد باتجاه المستشفى.



- جسر سيدي راشد: ثنائي الاتجاه و يستعمل للراجلين و المركبات كذلك، يقف جسر سيدي راشد على 27 قوسا مبني بالحجارة المربعة، يبلغ طوله حوالي 500 متر، و 12 متر عرضا، أما علوه فهو يقدر بـ: 105 متر، شرع الفرنسيون في بنائه سنة 1907م و تم تدشينه في 19 أفريل سنة 1912 و هي نفس السنة التي تم فيها تدشين جسر سيدي مسيد، و مع دخول 2012 يكون جسر سيدي راشد قل بلغ قرنا من العمر، يطل جسر سيدي راشد على وادي الرمال و المدينة القديمة - السويقة - ، كما يطل على زاوية سيدي راشد ، و قد بنيت هذه كذلك على صخرة كبيرة أو بالأحرى على جبل، و هو يربط وسط المدينة و محطة السكك الحديدية، و رغم أنه يعد أطور جسر حجري في العالم و أصلبه فإنه يعرف بعض الاهتزازات و الانهيارات بفعل الإنزلاقات التربة من مدخله الشرقي دون أن تفكر السلطات المحلية في ترميمه..



- جسر سيدي مسيد: جاءت فكرة إنجاز جسر سيدي مسيد في 1903 من طرف المهندس الفرنسي مورينو، لكنه نتج عن المشروع مشكلات عديدة ، و لكنه لم يتوقف المشروع حيث أنجزت عليه دراسة من طرف المهندس رابي RABY و سولاير SOULEYRE ، و أكلت مهمة إنجازه إلى شركة آرنودان ARNODEN و التي قامت بإنجاز les transbordeurs مرسيليا و نانت و روان ROUEN ، حيث بدأت ألأشغال في 1909، مع ضمانه تحمل حمولة تزيد عن 17 طن، و الجسر يربط بين نهج دامريمون و مستشفى ابن باديس الجامعي، و يستعمل جسر سيدي مسيد للراجلين و المركبات ، أحادي الاتجاه أي انه لا يسمح للمركبات إلا الذهاب في اتجاه المستشفى ، كما يعتبر أعلى جسور قسنطينة على الإطلاق بعلو 175 متر فوق وادي الرمال، كما يبلغ طوله 160 متر و عرضه 06 أمتار، و يخضع الى صيانة دورية كل 05 سنوات، و هو اليوم في أبهى حلة بعد إدخال عليه ألإنارة بالألوان الوطنية الثلاثة.



- جسر ملاح سليمان: عبارة عن ممر حديدي خصص للراجلين فقط و يبلغ طوله 125 متر و عرضه 02.5 متر و هو كذلك معلق مثل جسر سيدي مسيد و ذلك على علو 103 متر فوق وادي الرمال يربط الجسر بين شارع العربي بن مهيدي ( طريق جديدة) و محطة السكك الحديدة.



و نذكر هنا بعض الجسور الصغير مثل جسر الشلالات الذي بناه الفرنسيون سنة 1928م و هو يقع على الطريق المؤدي الى مسبح سيدي مسيد طوله 80 متر و عرضه 03 متر، كذلك جسر مجاز الغنم الذي يعتبر امتداد لشارع رحماني عاشور، و هو كذلك أحادي الاتجاه، كما نجد جسر الشيطان و هو اصغر جسور المدينة، و توجد بعض الجسور التي ليس لها اسم ، كما هو الشأن بالنسبة للجسر الواقع بالتجاه جامعة منتوري قسنطينة ، حيث تعرض هذا الأخير الى سقوط الجزء الأمام منه منذ أكثر من 04 سنوات دون أن تدخل عليه السلطات المحلية أي عملية ترميم.




كان عضوا في المنظمة السرية الـ: OS
رشيد الحلواني الاسم المستعار للشهيد ملاح سليمان


ينفرد جسر سيدي ملاح سليمان بالمعلم الثري المتمثل في نهج ملاح سليمان مدخل المدينة القديمة السويقة و التي أشغال ترميمه جارية من طرف الشركة المختصة، و الثر التاريخي الذي تركه هذا المعلم الذي يعود اسمه الى أحد رموز الثورة ألا و هو الشهيد ملاح سليمان، و يكشف لنا المجاهد السيد بوصبيعات محمد العربي 78 سنة و هو من رفقاء الشهيد ملاح سليمان، يقول عمي العربي أن الشهيد ملاح سليمان كان معروف باسمه المستعار رشيد الحلواني، لأنه كان يعمل حلوانيا عند بولحبال، و كان عضوا في حزب انتصار الحريات، ثم انضم الى المنظمة السرية، و لما اكتشفها المستعمر اعتقل ملاح سليمان مع مجموعة من أعضاء المنظمة و تم سجنه في عنابة، أين التقى بزيغود يوسف، و لكنه تمكن من الهرب رفقة هذا الأخير ، ليلتحق الشهيد ملاح سليمان الى الجبل رفقة بوهالي السعيد من منطقة القبائل ز بقي في الجبل الى أن توفي هناك.






"نجمة داوود " الوجه الخفي لسيرتا العريقة


و لجسر ملاح سليمان علاقة وطيدة بل قصة حميمية مع مقهى "النجمة" المحبوبة عند كل أبناء قسنطينة و حتى زوارها ، و هي تقع بساحة الشهيد محمد الطاهر لعجابي بين "المدرسة"و"الشط" وحارة "الأربعين شريفا"، كانت هذه المقهى قِبْلـَةً للفنانين و منهم محمد الطاهر الفرقاني، فما من شخص مار أو يعبر جسر ملاح سليمان سواء عبر مصعده الكهربائي أو سلالمه الطويلة إلا و يرغب في أن يستريح في هذه المقهى يطلب مشروبا باردا أو فنجان القهوة المميزة، فقد كرست جدران المقهى وواجهتها معرضا فنيا مفتوحا و متجددا، غير أن أهل قسنطينة يجهلون سرّ "النجمة" و لماذا سميت المقهى على اسمها خاصة و هي على مقربة منهم لا تفصلهم عنها سوى بعض الخطوات ، إنها "نجمة داوود" المنقوشة بمدخل "المدرسة" la medersa المعروفة حاليا بندوة الجامعات و هي ملحق تابع لجامعة منتوري قسنطينة، بمدخل المدرسة نقشت نجمة داوود، و توزعت هذه النقوش في سقف المدرسة و على جدران مكتب لحاجب، هذه الأخيرة و لكونها تطل على الشارع فقد عمدت السلطات المحلية الى طلائها بألوان تخفيها عن الأنظار حتى لا تثير الشبهات و تخلق صراعات بين أعيان المدينة المحافظين علة تاريخ المدينة و أصالتها، خاصة أولئك الذي عاشوا ويلات الحرب مع اليهود في أوت 1934، و قليلون جدا من يعتقدون أن هذه النجمة لها علاقة مع النجم الثاقب المذكور في القرآن الكريم..

عن نجمة داوود يكشف لنا المباحث محمد الصغير غانم أن المدرسة قبل الاحتلال الفرنسي كانت مبنى يتسم بالطابع الديني، لكن لا أحد يجزم إذا ما كانت هذه ألأخيرة معبدا يهوديا أي سيناغوغ أم كان كنيسة ، و داوود حسب المؤرخ غانم يعتبر المؤسس الأول للدولة العبرية و هو الملك الثاني للعبريين ، و هو الذي أسس دولة العبرانيين في فلسطين ( البحر الميت) بالقوة و العنف على القبائل الكنعانية التي كانت مستقرة في المنطقة منذ الألف الثالث قبل الميلاد، مما يدل على أن مدينة القدس كنعانية، و هي تعود الى القبائل البابوسيين الذين أسسوا القدس، و لهذا يضيف الدكتور محمد الصغير غانم وجب التفريق بين كلمة "النجم" التي هي مذكر في العربية و بين النجمة التي هي كلمة عبرانية، و يؤكد محدثنا أن القبائل البابوسية فرع من لكنعانيين خرجت من شبه الجزيرة العربية في نهاية الألف الرابع و بداية الألف الثالث قبل الميلاد و ذلك بعد الجفاف الذي دبّ في شبه الجزيرة العربية بخلاف الصحراء الجزائرية التي كانت رطبة و تكثر فيها الوديان و تعيش فيها الفيلة و الزرافات..






فيما يشكل سيدي راشد لغزا عند الباحثين و المهتمين بشؤون الزوايا
مصحة "بنات البايلك " صور مشوهة للزوايا


و تعتبر زاوية سيدي راشد من الزوايا القديمة بمدينة قسنطينة و يرجع تاريخ إنشاؤها الى القرن التاسع، و المعروف عن سيدي راشد هو أنه من الأولياء الصالحين، لكن لا أحد من أبناء المدينة أو أعيانها أو حتى نخبتها يعرف جذور هذا الرجل أو أصله و فصله ،، فما تشير إليه المصادر هو أن سيدي راشد ولي صالح متوفي بمدينة مكناس بالمغرب، و ما يزال قبر هناك الى اليوم، و يكشف لنا المجاهد بوصبيعات محمد العربي في هذا الصدد قصة الزاوية و كيف بدأت تتعرض صورتها للتشوه ، يقول عمي العربي، أن عائلة بوقفة كانت هي التي تتولى تسيير هذه الزاوية و الإشراف عليها و استقبال زوارها و السهر على خدماتهم، و قد كان لهذه العائلة ابن مصاب باضطرابات عقلية اسمه رشيد ، حيث قام هذا ألخير بقتل فتاة و ألقى بها من أعلى الزاوية.. غير أن السبب الرئيسي الذي عرض الزاوية الى الشبهات هو وجود "مصحة" بنتها فرنسا خصيصا لبائعات الهوى اللاتي كان يطلق عليهن آنذاك اسم " بنات البايلك" ، و كن يخضعن الى العلاج و الفحوصات الطبية كل أسبوع..

الدار ما تزال قائمة الى اليوم دون أن تفكر السلطات المحلية بهدمها و القضاء على هذه الظاهرة اللاأخلاقية مما جعل الزاوية مشبوهة ، حيث انقطع عنها زوارها خاصة و هي جاءت في منطقة معزولة جدا و تحول الطريق المؤدي إليها عن طريق السلالم الحديدية الى فضاء لتعاطي الكحول و المخدرات و أشياء أخرى، و أصبح محل خطر حتى بالنسبة للرجال، و نشير هنا أنه في عهد "الفيس" قام الحزب المحظور في بداية التسعينيات بغلق إحدى بيوت الدعارة الموجودة بوسط مدينة قسنطينة و لكن (...؟؟؟ !!)..




الجسر "العملاق" مشروع جديد يضاف
الى جسور المدينة السبعة

يرتبط مشروع الجسر الرمال العملاق بوادي الرمال، و هو مشروع يمتد على طول 1150 متر و عرض 25 متر ، و ما يميز هذا الجسر عن باقي جسور المدينة السبعة هو أنه رباعي الاتجاهات : ( طريقين ذهابا و آخران إيابا) بالإضافة الى سكة الترامواي في وسط الجسر و على ارتفاع أكبر من 100 متر، يربط هذا الجسر مرتفعات حي المنصورة وصولا الى ساحة الأمم المتحدة (الفج)، و يشرف على إنجازه المجمع البرازيلي أندرادي غوتيراز،حيث من المتوقع أن يمتد الجسر عبر طريق مزدوج نحو جبل الوحش و من ثم يرتبط بالطريق السيار شرق غرب على مستوى أعالي جبل الوحش، و تجدر الإشارة هنا أن الجسر العملاق يعتبر أول جسر يشيد بعد الاستقلال ليضاف الى جسور المدينة لاسيما و المشروع كلف ما لا يقل عن 1000 مليار سنتيم و هذا من شانه أن يكون إضافة عمرانية يغلب عليها الطابع الحضاري و الجمالي، كما من شانه أن يختصر بين الضفتين الشرقية و الغربية في مدة زمنية قصيرة، فقسنطينة تستحق أن تكون "مدينة المدائن" لما تختزنه من موروث ثقافي حضاري و يكفي أنها أنجبت من رحمها علماء و أدباء و مفكرين متوقدي الفكر و على رأسهم مالك بن نبي، عبد الحميد ابن باديس، مالك حداد و كانت رمزا للعطاء و التقدم من اجل بعث حياة جديدة و لكن...؟؟





"الرّيميس" RIMIS لغة تخاطب القسنطينيين
جسور قسنطينة من هنا تنتهي الحياة

لم تعد قسنطينة اليوم تلك المدينة الهادئة الجميلة و المسالمة في قلب الجزائر، كما لم تعد قسنطينة اليوم فوق الشبهات، فرغم الإيجابيات التي تميز هذه المدينة العريقة التي تضرب أعماقها في التاريخ الحضاري عن باقي ولايات الوطن كونها عاصمة الشرق الجزائري و مدينة العلم و العلماء و منارة الدين و الهدى من خلال الوفود ألأجنبية التي تستقبلها من طلاب و علماء و دعاة ، لكنها اليوم تقدم لوحة مشوهة و هو الجانب السلبي الذي لا يمكن إغفاله أو السكوت عنه حيث برزت ظاهرة "الانتحار" ، ولقد سهلت الجسور هذه المهمة على أبنائها المتشائمين ، فمن أراد أن يضع حدا لحياته لا يجد من وسيلة إلا بإلقاء نفسه من فوق جسر من جسورها التي كانت تمثل خطوة للتواصل و خطوات للانفصال، لأن السلطات كانت و ما تزال غير قادرة على حل القضايا الاجتماعية و منها أزمتي البطالة و السكن، فضلا عن تفشي المحسوبية في منح هذه الحقوق، فكانت الجسور تأشيرة سفر للانتقال الى حياة أخرى لا صلة لها بالاغتراب و الضياع و الانفصام..

" الرّيمِـيسْ " و تعني (الهاوية) تلك هي اللغة التي يتخاطب بها أبناء سيرتا الميؤوسين من الحياة و الباحثين عن الموت عندما يتعلق الأمر بحالة انتحار و هم يرددون: ( الريميس هو الحل) أما العجائز فهم يرددون: ( مسكين شاب صغير أرمى روحو على الرّيميس) ، و هي حالات تعبر على أن وضع الشخص المنتحر وصل الى الطريق المسدود..

لقد تحول وادي الرمال الى تنين يفتح فاه ليبتلع المئات من الضحايا الذين اختاروا الموت السريع، لم تشهد هذه الجسور انتحارات البطالين أو المشردين أو من جرح العشق قلوبهم فحسب، بل كل من أظلمت في عيونه نوافذ الحياة حتى النخب منهم، بين الجسر و قاع البحر لوحة للبؤس تقرأ فيها قصصا عجيبة جدا، عن أناس يئسوا من الحياة.. أناس لا يأبهون النظر الى الغصن الذي يزهر.. و من الجسور تقرأ عن الانتقال الجذري من الحياة الى الموت للتشويه ألإنساني و الروحي الذي يرى بأن العالم الذي يفيض حبا و جمالا ما هو إلا أسطورة من الأساطير لا تمت للواقع في شيئ.




تحقيق علجية عيش

أمينة ناصري
22/07/2010, 05:05 PM
بارك الله فيكِ أختي العزيزة علجية عيش على هذه المعلومات القيّمة ....عن مدينة العلم والعلماء ...مدينة الجسور المعلّقة....قسنطينة......
تحيّتي

كرم زعرور
22/07/2010, 05:36 PM
الفاضلة علجيه عيش
تحية ًواحتراما ً
الشكرُ موصولٌ للمعلومة ِالجديدة
قسنطينة وكلُ الجزائر تاريخٌ
لا ينمحي!!

محرز شلبي
22/07/2010, 06:28 PM
بارك الله فيكِ أختي العزيزة علجية عيش على هذه المعلومات القيّمة ....عن مدينة العلم والعلماء ...مدينة الجسور المعلّقة....قسنطينة......
تحيّتي

قسنطينة كلما ذكرت ذكرى الشيخ عبد الحميد بن باديس والباي والجسور...
شكرا لكما علجية وأمينة ..
تحيتي وودي

صالح رعبوب
26/06/2012, 12:41 AM
معلومات غنية شكرا اختي علجية