المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسلمون في فنلندا.. بين الإنعزال والإسلاموفوبيا



أيمن محمد أبو صالح
02/01/2011, 09:51 PM
المسلمون في فنلندا.. بين الإنعزال والإسلاموفوبيا

http://sites.google.com/site/kotisivusto/general/moslimsinfi

قالت صحيفة "هيلسينجين سانومات" الفنلندية إن الجيل الثاني من المسلمين في فنلندا يشعرون بالمرارة ويفضلون الانعزال لأسباب كثيرة، منها: أنهم لا زالوا يٌعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، فضلا عن النظرة العنصرية التي يلاقونها في هذا البلد.

كما هرب الكثير منهم من مظاهر الحياة الغربية – بحسب ما ذكرته الصحيفة الفنلندية في تقرير نشرته مؤخرا - إلى عيش حياة إسلامية متدينة، وهذا كله دفع بعض الكتاب والباحثين في فنلندا إلى وضع الأقلية المسلمة هناك - التي يقدر عددها بـنحو 45 ألف شخص ومعظمهم من السنة - في خندق "التهديد المحتمل"، واعتبارهم "خطرا كبيرا على جميع أنحاء أوروبا الغربية".

ففي شهر فبراير الماضي ربط "كيول جوك"، الباحث في جامعة هلسنكي، بين حركة الشباب الصومالية وبين الشباب الصومالي الذي يعيش في فنلندا.

وفي بدايات هذا العام طالب جهاز الأمن الفنلندي البرلمان بإنشاء محطة بقيمة 1.7 مليون يورو للعمل بشكل دائم في أفريقيا والعالم العربي للحيلولة دون سفر "إرهابيين محتملين" إلى فنلندا.

وفي السياق ذاته غالى "توم كانكونن"، مؤلف كتاب "الإسلام في أوروبا"، في توصيف الالتزام الديني بين الشباب المسلم في فنلندا باعتباره "خطرا وتهديدا" آخذ في الانتشار، وقال إن "المجتمعات السلفية في جميع أنحاء أوروبا تعتقد أنه من الضروري "إنشاء جزيرة للإسلام معزولة عن بقية المجتمع".

في المقابل ظهرت أصوات بعض الباحثين والكتاب المنصفين، ومنهم ماركو جونتيون"، الباحث في الشؤون الإسلامية بجامعة هلسنكي، الذي قال إن السبب الأول الذي يمنع التطرف في فنلندا هو: عدم وجود مجموعة واحدة مسيطرة، ففي بريطانيا توجد سيطرة من الجالية "الهندية والباكستانية"، وفي ألمانيا يسيطر الأتراك، وفي فرنسا ينتشر المسلمون من شمال أفريقيا.

وأضاف أن غالبية المسلمين في فنلندا يرغبون في تحسين أوضاعهم، وتحقيق الاندماج والتكامل، وأنهم على استعداد لتقديم تنازلات، وهو "ما يقضي على التطرف" ـ على حد قوله ـ. كما أصر "جونتيون" على عدم الربط بين انتشار السلفية وبين فكرة التهديد الأمني.

صحيفة "هيلسينجين سانومات" وصفت من جانبها الشباب المسلم في فنلندا بـ"الاعتدال" ورأت أن "لدى هؤلاء الشباب أسبابهم التي تدفعهم على الانعزال والشعور بالمرارة، فقد ولد العديد منهم في أوروبا وعاشوا حياتهم كلها هنا، لكننا مازلنا نعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية، وأبرز مثال على ذلك ما يحدث في سوق العمل، فمعدل البطالة بين السكان عموما 9% حسب تقديرات عام 2005، ولكن البطالة بين الصوماليين تصل إلى 58%".

نماذج للشباب المسلم

وفي ختام تقريرها.. قدمت الصحيفة نماذج لبعض الشباب المسلم في فنلندا من أبناء الجيل الثاني وهم على النحو التالي:

"هوند أسيفا"

يعبر "هوند أسيفا" البالغ من العمر 23 عاما عن الالتزام بالإسلام لدى معتنقيه الجدد في فنلندا، فعند النظر إليه بلحيته الخفيفة، وردائه الأبيض وإلى جواره زوجته المحجبة وابنه ذي السنوات الأربع، يتضح أن تعمقه الديني يفوق المتوسط لدى المسلمين في هذا البلد.

ويعد "هوند" من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين، فقد ولد في فنلندا أواخر عام 1980، وعاش حياته كلها فيها وسط عائلة جميع أفرادها من المسيحيين الإثيوبيين، لكن عندما يسأله أحد عن هويته يؤكد أنها ليست فنلندية، ويقول: "هويتي الأساسية هي الإسلام، ولدى حس دولي، فجذوري إثيوبية، وولدت في فنلندا، وتعلمت في المدارس الدولية".

وحول قصه اعتناقه الإسلام يقول إنه اعتنق الإسلام وهو في الثامنة عشرة، وأحد أهم الأسباب التي جعلته يفكر في الإسلام هو أنه كان يمضي وقتا طويلا مع المهاجرين الصوماليين، فمع قدوم الأعداد الكبيرة منهم إلى فنلندا شعر "هوند" أنه واحد منهم.

ويقول المسلم الجديد "هوند" إنه يحاول الالتزام بمظاهر الإسلام مع عدم إغفال الجوانب الروحية وتنقية النفس، ويشير إلى أهمية الصلاة في حياته بقوله: "عندما يصلي الشخص خمس مرات في اليوم في أوقات محددة، فإن هذا يجلب النظام إلى حياته".

ويؤكد الشاب المسلم على أنه لا يتبع الثقافة الشعبية الغربية، فهو لا يستمع إلى الموسيقى الشعبية لأنها تحتوي على كلمات غير لائقة، كما أنه لا يشاهد التلفاز كثيرا لأنه "يؤثر على الروح" ـ على حد تعبيره ـ.

ويأمل "هوند" أن يدرس ذات يوم في إحدى الجامعات الإسلامية، لأن هذا سيجعله قادرا على تقديم العديد من الأشياء الجيدة لمجتمعه المحلي.

"عبد الله فرح محمد"

عاش"عبد الله فرح محمد" من مدينة فانتا، السنوات الست الأولى من حياته في عائلة بدوية في الصومال، وفي عام 1996 فر من الحرب مع أسرته إلى فنلندا، وكانت المرة الأولى في حياته التي يرى فيها البحر والثلوج، ويسمع أصوات الحافلات.

ويقول "عبد الله" إنه كان يواجه تعليقات مؤلمة في المدرسة لا يستطيع نسيانها، فالطلاب كانوا يطلقون عليه "الأسود القبيح"، وكانوا يسخرون منه بسؤاله إذا ما كان "قرصانا، أو"سارق قوارب".

وفي سن المراهقة حاول الانخراط في الثقافة الفنلندية بالانغماس في الشراب، وتعاطي المخدات، والتسكع في الشوارع ليلا، حيث تعرض في إحدى الليالي إلى تهديد بالقتل من قبل 3 مجرمين.

ويضيف "عبد الله" إنه تعرف على فتاة روسية الأصل ولكن والدها هدده بالبندقية وتوعده بالقتل غير عابئ بأي عقوبة، وكان لكل هذه الحوادث أكبر الأثر في نفس الشاب الذي سافر عام 2007 إلى ألمانيا لقضاء الوقت مع أخت له، وتغيرت حياته في هذه الرحلة ، حيث ساق الله له الهداية.

وبدأ "عبد الله" الذي تصفه الصحيفة بـ"المهذب جدا" يفهم الإسلام من جديد ويحرص على تلقي العلم الشرعي، وعند عودته إلى فنلندا توجه إلى النشاط الاجتماعي ليعمل في مركز للرعاية النهارية بفانتا.

"محمد مختار عبدي"

يعد "محمد مختار عبدي" - البالغ من العمر 25 عاما - نموذجا للشباب المسلم الملتزم من ذوي الأصول الصومالية. كما يعد نموذجا للعمل الاجتماعي المثمر، ويقول إن لديه مهمة واضحة في فنلندا وهي: "التوجيه والمحافظة على الشباب الصومالي، وإبقائهم بعيدا عن القات، والكحول، والعادات السيئة الأخرى"، وذلك من خلال عمله في جمعية "كانافا" التي تقدم يد العون للمهاجرين.

ويقول "عبدي": "الكثير من أبناء الجالية الصومالية على وشك التسرب من المدارس، والكثير منهم ضعفت روابطه بأسرته، إن القات يجعلهم مستيقظين طوال الليل ولا ينامون إلا نهارا".

"محمد عبد الله"

شاب آخر من أصول صومالية، فيقول إنه مهما تشابهت سلوكيات الفرد المسلم مع نمط الحياة الفنلندي، فسيظل ينظر إليه باعتباره صوماليا وكأنها "علامة"، ومن المستحيل أن يُعامل كمواطن فنلندي