المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هى عناصر الشخصية المسرحية ؟



صادق ابراهيم صادق
18/01/2011, 06:12 PM
هى عناصر الشخصية المسرحية ؟



لابد أن نعرف أن الشخصية المسرحية تتكون من أبعاد رئيسية ثلاث هى :



( الكيان المادى – الكيان الاجتماعي - الكيان النفسى )





1 – الكيان المادى



وهو يشمل الجنس والسن والصحة والمظهر والطول والبدانة والنحافة والتشويهات . وهذه تكوّن مزاجنا ونظرتنا للحياة ، وتؤثر على نوع تفكيرنا وطريقته ، ...وعلى تطورنا الذهنى ، وتكون سببا لمركبات النقص والاستعلاء فينا .





2 - الكيان الاجتماعى



ونجد أنه يتكون من الطبقة الاجتماعية التى تنتمى إليها الشخصية ، ونوع العمل الذى تمارسه ، ومكانتها الاجتماعية من حيث تصدرها لأفراد مجتمعها أو تبعيتها لغيرها ، ودرجة التعليم ، ومستوى الحياة المنزلية وظروفها من حيث الزواج ووجود الوالدين والأخوة والعلاقة بهم ، والدين والعادات والميول السياسية ، وغير ذلك من الظروف الاجتماعية التى تحيط بالإنسان وتوجه سلوكه





3 – الكيان النفسى



يكون غالبا نتيجة لكل من الكيان المادى والاجتماعى ، ويشمل المعايير الأخلاقية ، وأهداف الحياة ، والطبع والميول والعقد النفسية والقدرات والمواهب .



فعندما تكتب عن شخصية ما ، لابد أن تبحث عن البواعث التى تضطرها أن تفعل ما تفعل ، ولن نصل إلى هذا ، إلا إذا كنا نعرف كل شئ عن كيانها المادى والاجتماعى والنفسى . فالشخص المريض ينظر إلى الحياة نظرة تختلف عن نظرة الشخص السليم ، ومن يولد فى بيت فقير تختلف نظرته للأمور عمن ينشأ لوالدين ثريين ، والشخص الواثق من نفسه يتصرف بطريقة تختلف تماما عن الإنسان المتردد .





معرفة الكاتب لشخصياته



لابد للمؤلف أن يعايش شخصياته فى خياله معايشة كاملة ، حتى يتمكن أن يقنعنا بتصرفاتها وعباراتها عندما نراها ونسمعها على خشبة المسرح .



فمن واجب الكاتب أن يعرف الشخصيات التى يتناولها معرفة دقيقة تفصيلية ، لكى يعرف كيف تتصرف وكيف تتحدث و ماذا تقول فى كل موقف من المواقف التى تظهر خلال المسرحية . وعليه أن يسأل نفسه دائما :



هل يسلك هذا الطراز من الشخصيات هذا النوع من السلوك ؟ تحت هذا النوع أو ذاك من الظروف ؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب ، يكون قد نجح فى رسم شخصياته . وفى هذا ، على الكاتب أن يراعى أنه لا يوجد شخص كامل الصلاح أو كامل الفساد . فلكل إنسان جوانبه السيئة و جوانبه الطيبة ، واهتمام الكاتب بأحد جوانب الشخصية ، لا يجب أن ينسى إن لها جوانب أخرى تبرر بها لنفسها ولمن حولها تصرفاتها . ومهمة الكاتب هى أن يكشف لنا الدوافع وراء كل تصرف لشخصياته ، دون أن ينحاز انحيازا تاما ضد أو مع إحدى الشخصيات . فيجب الحرص عند رسم الشخصيات السيئة , على ألا نحمل الجمهور على احتقارها أو كرهها ، فالعلاج الفنى السليم لابد أن يجعلها معقولة أو مبررة على الأقل . فإذا قامت شخصية ما بتصرف لا يفهم النظارة دوافعه ، أو لا يقتنعون بهذه الدوافع ، فإن الكاتب يكون قد ارتكب خطأ كبيرا . إن النظارة يجب أن يتفهموا بوضوح لماذا تسعى الشخصيات إلى أهدافها ، فإذا شعروا بالعطف نحو دوافع الشخصيات ، أو على الأقل فهموا تلك الدوافع واقتنعوا بقوتها ، استطاعوا أن يتجاوبوا معها . إن الدوافع التى يفسرها الكاتب تفسيرا مقنعا ، يمكنها أن تجلب عطف النظارة على قاتل ، أو احتقارهم لشئ حسن ، ويجب العناية بكل دوافع العمل المسرحى ، فالدافع القوى هو الذى ينتج عنه عمل ضعيف ، يقدم لنا شخصية ضعيفة . كما أن الدافع غير الملائم لعمل ، يظهر لنا إما شخصية غير ممكنة التصديق ، أو شخصية غير متزنة .



و أخيرا يجب التأكد من ترابط شتى صفات كل شخصية . فمن غير المعقول مثلا أن يميل لص إلى التدين .



- 4 –



الموضوع المسرحى ينبع من الشخصيات





كل شئ فى المسرحية يجب أن ينبثق مباشرة من الشخصيات ، أى يجب أن تكون أحداث المسرحية مما يمكن عقلا أن تصدر عن الشخصيات التى اختارها المؤلف ورسمها فى عمله الفنى ، وذلك حتى يمكن أن يقنع جمهوره بالموضوع أو الفكرة الأساسية التى تدور حولها مسرحيته . ويجب أن تكون هذه الشخصيات من القوة بما يكفى لإقامة الحجة على صدق الفكرة الأساسية بطريقة طبيعية يقبلها المتفرجون ، لا بطريقة تحكيميه تفرض على المشاهدين فرضا .



إن الكاتب مطالب بأن يبرهن على إنه لم يكن أمام شخصياته إلا أن تسلك السلوك الذى سلكته فعلا فى المسرحية . فإذا شعر المتفرج لأى سبب من الأسباب ، إن الشخصية لم تكن مضطرة أو مدفوعة إلى أن تسلك السبيل الذى رسمه لها المؤلف ، فإن المؤلف يكون قد عجز عن إقناع الناس بعمله الفنى . والشخصيات الضعيفة لا تستطيع أن تعبر عن صراع قوى فى أية مسرحية ، وفى أغلب المسرحيات العظيمة ، نجد شخصياتها تؤمن بأهدافها إيمانا عظيما ، وتندفع إلى نهاية طريقها فإما أن تنهزم أو تصل إلى ما تريد . أما الشخصيات التى لا تعرف طريقها ، فلن تشد المتفرج إليها ، وينتهى بها الأمر أن تصيب العمل الفنى كله بالركود ، و الشخصية الضعيفة هى تلك التى لا تستطيع أن تتخذ فى مشكلة قرارا تلزم به نفسها و تعمل على تنفيذه . هذا فى حين أن المسرحية الناجحة لابد أن يكون فيها صراع قوى ، و لن يوجد مثل هذا الصراع إلا بين شخصيات متناقضة ، تعرف كل منها هدفها و تسعى إليه ، مثلما نجد فى شخصيتى



( اياجو – عطيل ) عند شكسبير .



إن الذى ننشده من المسرح هو مشاهدة إرادة تكافح فى سبيل الوصول إلى هدف معين ، وهى مدركة للوسائل التى تستعملها فى سبيل الوصول إليه . إن المسرحية تجسيم لإرادة الإنسان فى صراعه ضد القوى المحيطة به ، ضد القدر ، ضد الطبيعة ، ضد القانون الاجتماعى ، ضد أطماع أولئك المحيطين به وضد رغباتهم و أهوائهم وحماقتهم و أحقادهم ، بل وضد نفسه إذا لزم الأمر .





نمو الشخصية و تطورها





لابد أن يهتم المؤلف المسرحى بوجوب استمرار تنمية شخصيات مسرحيته ، وعدم وقوفها عند نقطة معينة . فتطور الشخصية خلال المسرحية هو الذى يكسبها الحياة والحركة ، و المسرحية التى لا تتطور شخصياتها تصاب بالركود ويمل منها المتفرج . و كل شخصية يصورها الكاتب المسرحى ، لابد أن تشمل على بذور تطوراتها المستقبلية . فيجب ألا نفاجأ بتصرفات تقدم عليها شخصية ما بغير أن يكون هنالك تمهيد أو إيضاح يبرر إمكان أقدام تلك الشخصية على تلك التصرفات . إن تطور الشخصية أو نموها هو رد الفعل الطبيعى الذى يحدث فيها نتيجة الصراع الذى تخوضه ، والشخصية تنمو سواء قامت بالخطوة الصحيحة أو الخطوة الخاطئة ، لكنها يجب أن تنمو و أن تتطور حتى تكون شخصية مسرحية سليمة ، فالحب يمكن أن يتطور إلى الغيرة ثم إلى الريبة والشك مثلما نراه فى ( عطيل ) كما أن الطمع قد يتطور إلى الجريمة ثم يؤدى إلى الندم أو إلى الانهيار كما هو الحال عند ( ماكبث ) وجميع صور الكتابة الأدبية ، من قصة أو تمثيلية أو غيرهما ، هى فى الواقع أزمات من بدايتها إلى نهايتها ، تنمو وتتطور ، حتى تصل



إلى نتيجتها المحتومة .





الشخصية المحورية





لابد فى كل مسرحية جيدة من وجود شخصية محورية ( أساسية ) ، تتولى قيادة الأحداث وتوجيها ، ويجب ألا تقف هذه الشخصية عند مجرد الرغبة فى شئ ، بل يجب أن تكون هذه الرغبة جامحة ، تجعل صاحبها مستعدا لأن يهلك فى سبيلها أو يبلغ هدفه . ولكن يلاحظ أن تطور الشخصية المحورية ، يكون أحيانا أقل تطورا من الشخصيات الأخرى ، لأن المفروض إنها قد وصلت إلى قرار حاسم قبل أن تبدأ المسرحية ، كما أنها الشخصية التى تجبر الآخرين على النمو والتطور . والبطل فى هذه المأساة شخص يرتكب خطأ بسبب من أسباب الضعف الإنساني ، فهو و إن كان ذا سجايا نبيلة ، يقع فى خطأ ينشأ عنه صراع تدور حوله المسرحية .



- 5 -





فهناك البطل الذى يتصرف تصرفا خاطئا بسبب غلطة تحدث عفوا ، وهذا هو الضعف الإنسانى الناشئ عن عدم العلم .



فالبطل هنا يخطئ عن غير عمد مثل ( أوديب ) الذى قتل أباه وتزوج أمه ، دون أن يعرف أن من قتله هو أباه و أن التى تزوجها هى أمه . وهناك البطل الذى يتردّى فى الخطأ عامدا إليه واعيا به ، مثل ( ماكبث ) الذى قتل ملكه و هو ضيف عليه فى منزله . وهنا تعرض المسرحية آثار الرعب و الاشمئزاز التى تثيرها الجريمة فى نفس البطل وزوجته .



وهناك البطل الذى يواجه عمل أكثر من طاقته ، مثل هاملت . وهناك بطل لا يوجد أى عيوب فيه ، ولكن سوء الطالع كتب عليه أن يمر بظروف من المحال أن يغالبها ، مثل روميو . وهناك أخيرا البطل الذى يتردد بين واجبين لا مفر له منهما ، وليس بينهما واجب خبيث . وهنا تدور المسرحية حول النضال الداخلى بين رغبتين فى ذهن البطل أو نفسه .



مثل ( أنتيجونا ) فى صراعها بين الخضوع للقانون الذى يمنعها من دفن أخيها لأنه خان وطنه ، ويعاقبها بالموت إن فعلت ، وبين الخضوع لعاطفتها نحو أخيها والتى تدفعها إلى دفنه ، و إقامة الشعائر الدينية له . قد يكون البطل فردا ، ومن الممكن أن يكون مجموعة من الناس ، وفى المسرحيات الحديثة التى تعالج المشكلات الاجتماعية ، ونضال طوائف خاصة من الناس فى سبيل بلوغ أهداف عامة ، يكون البطل غالبا مجموعة من الناس . ونجد أن كثير من المسرحيات قد نجحت لأن مجموعة الناس فيها تمثل طبقة أو فكرة كانت فى حاجة إلى من يعبر عنها فنيا .





شخصية الخصم



الإنسان الذى يعارض الشخصية الرئيسية ويقف فى مواجهتها ، يسمى الخصم أو المعارض . فهو ذلك الشخص الذى يكبح جماح البطل ، والذى لا يعرف فى هجومه رحمة ولا هوادة ، إذ يجب أن يكون شخصا قويا لا يلين . فالنضال لا يكون مثيرا إلا عندما يكون المتناضلون متساويين فى القوة التى يناضل بها كل منهم الآخر ، أى عندما يتساوى كل طرف فى إصراره على أن يبلغ هدفه الذى يتعارض مع هدف الآخر . و كثيرا ما تكون الشخصية المحورية والخصم عدوين لدودين يقف كل منهما للآخر بالمرصاد . وشخصية الخصم يجب أن يحركها شئ جدّى معرض للخطر ، وإلا فقد المتفرج اهتمامه بالصراع الذى يدور أمامه على خشبة المسرح . إن الخصم يجب أن يكون مهددا فى حياته أو شرفة أو ماله أو أطماعه أو عقيدته أو نفوذه . و إلا أى صراع سيبدو مفتعلا غير جدير بالاهتمام .



إن المسرحية تنشأ عندما ينشب صراع بين شخص أو أشخاص ، وهم مدركون لهذا الصراع أو غير مدركون له ، وبين شخص معاد أو ظروف . وتظل المسرحية قائمة طالما نحن نشاهد رد الفعل فى شخص أو أشخاص ، جسمانيا كان هذا الرد أو عقليا أو روحيا ، وهم يصارعون القوى المضادة من إنسان أو ظروف ، إلى أن يتم رد الفعل . ويكون رد الفعل الناشئ فى شخص بسبب عقبة من العقبات فى أشد حالاته ، و أعنف صورة عندما تأخذ العقبة صورة إرادة إنسان آخر فى اصطدام متوازن تقريبا .





ارتباط البطل بالخصم



يجب أن تكون هناك رابطة قوية تربط بين الخصم والبطل ، رغم ما بينهما من خلاف ، مدفوعين إلى الاستمرار فى الصراع حتى نهايته . فإذا أحس المتفرج أن هناك فرصة يمكن أن يتهاون فيها الخصمان ويصفيان فيما بينهما من حساب ، أو يفترقان كل منهما إلى طريق ، أصبحت المسرحية مفتعلة غير مقنعه . فلابد أن يكون وضع كل شخصية من الأخرى بحيث يستحيل على كل منها أن تتسامح أو تقبل التصالح أو أنصاف الحلول . ويجب أن تكون الشخصيات مرسومة بحيث تمضى فى موقفها إلى آخر الشوط ، والتباين بينها يجب أن يكون بالغ القوة ، حتى لا يمكن حسم ما بينهما من خلاف إلا إذا أنهك أحد الطرفين ، أو هزم ، أو قضى عليه قضاء مبرما .





تنوع الشخصيات وقوتها



لابد من تنوع شخصيات المسرحية حتى لا تكون على نمط واحد ، و إلا ركدت المسرحية وفشلت . إن شخصيات المسرحية إذا تساوت فى مزاجها و نظرتها للحياة ، فلن يكون هناك صراع ، ولن تكون هناك مسرحية .



إن المسرحية الناجحة تتطلب شخصيات متعارضة واضحة السمات ، صلبة لا تضعف ، تسير من موقف إلى موقف فى





-- 6 --



صراع ينمو بالعمل الفنى إلى نهايته . و تنوع الشخصيات يساعد على تباين حوارها و تصرفاتها ، مما يكسب المسرحية



حيوية وحركة . فالحوار مثلا ، يجب أن يكون ناتجا عن نظرة و طبيعة كل شخصية ، فإذا لم تكن الشخصيات مختلفة و متعارضة بعضها عن البعض ، فلن يكون الحوار معبرا عن صراع قوى حقيقى .



إن الكاتب إذا كان مخلصا لشخصياته ، مراعيا أن يوفيها حقها وهو يرسم خطوطها العامة وفقا لكيانها الجسماني والاجتماعي و النفسى ، جاءت شخصياته مخلصة لنفسها فى حوارها وتصرفاتها ، مما يؤدى إلى إقناع المتفرجين بما تعبر عنه ، أى بموضوع المسرحية أو فكرتها الأساسية .